الصحفي الطائر
08-03-2010, 02:47 PM
مميز، وليس من ذوي الإحتياجات الخاصة
مميز، وليس من ذوي الإحتياجات الخاصة
شاهر النهاري
2010 الثلائاء 3 أغسطس
في لقطة مؤثرة من فيلم أجنبي يسأل الطفل المعاق والدته وهي تحتضنه عن كنه شعورها بأن الله قد وهبها طفلا معاقا؟. فترد عليه ببسمة وسعادة غامرة إنه أفضل شعور حصل لها طوال عمرها، وأنها تشعر بعظيم حظها بأن يكون إبنها متميزاً!. وهذه (إجابة حنونة عظيمة تُختصر فيها ثقافات أمة). وإن لم تكن هذه الإجابة أنموذجا دائما لديهم، ولكنها تصور لنا الشق التثقيفي الإعلامي لمن يمتلك مثل هذه الثقافة.
ولقد تمنيت في لحظتها أن أسمع الرد من أمهات عربيات وأباء عرب!. ولا أحد يستطيع الجزم عن كنه الإجابة المحتملة، ولا في مدى حدتها، ولا في قسوتها من عدمه. فمما لا شك فيه أن بيننا عددا كبيرا من الآباء والأمهات ممن هم على هذه الشاكلة من اليقين والرضا بالواقع والمقسوم. أولائك اللذين يعدون إعاقة أبنائهم نوعا من التميز، ونعمة من الخالق أنعم بها على الأباء ليزاولوا مع أبنائهم المميزين حياة متكافلة متفانية مليئة بالحب والصبر والمغامرة والتسامي على الصور والأشكال والأقوال التراثية، وعلى الصعوبات التي قد تواجههم بسبب تلك الإعاقة، وعلى تحمل ردود فعل المجتمع ونظرته القاسية. ولكن وللأسف الشديد يبقى لنا على الجانب الآخر نوعية معينة من الأباء والأمهات القاصرين في ثقافتهم، والمتحجري القلوب والمعميين عن حكمة الله، ممن يعتقدون بأن ما في أبنائهم المعاقين عيبا وذنبا وقصورا يجب إنكاره ومداراته عن أعين وأسماع الآخرين. وتعذيل الطفل وتهديده وزجره والقسوة عليه رغبة في أن يبدل ما به، أو حتى لا يظهره للآخرين!. بل إن الكثير منهم لا يتعامل مع المعاق إلا بشعور خزي ما له من حدود، ومحاولات شديدة لإبعاده عن عيون المجتمع وعزله حتى ينساه الناس، وينسوا معه معضلته. أضف إلى ذلك الوضع الأكثر قسوة وهو سطوة المجتمع الجاهل الذي لا يزال يتعامل مع المعاق وكأنه حيوان أعجم لا شعور له. فتطلق عليه الألقاب القميئة، والنعوت المنتقصة، ويسخر منه البعض بتعريضه لمواقف محرجة همجية لا إنسانية فيها. ويقسوا عليه البعض بإستغلال ضعفه جسديا أو نفسيا لتحقيق بعض تطلعاتهم غير المشروعة.
ولسنا هنا، في حاجة إلى التذكير بعدد كبير من عظماء التاريخ القديم والحديث ممن تغلبوا على إعاقاتهم وبلغوا مناصب ومراتب تأبى وتستحيل وتمتنع على أكمل الناس عقلا وجسداً. فراوي الحديث صاحب السنن الإمام الترمذي كان أعمى منذ طفولته، والقائد العربي موسى بن نصير كان أعرجا، والموسيقار الألماني (بتهوفن) الذي بلغت موسيقاه العالم أجمع كان أصما، والرحالة البرتغالي (ماجلان)، الذي اكتشف كروية الأرض كان أعرجا شديد العرج هو الأخر، ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية الثاني والثلاثين (فرانكلين روزوفلت) كان مصابا بشلل الأطفال في نصفه الأسفل منذ طفولته. وغيرهم الكثير الكثير ممن رسموا للإنسانية صوراً عظيمة لقهر العاهات والتغلب عليها.
والإعاقات قد تكون في الحركة، أو في السمع، أو في البصر، أو في القوى العقلية. وقد تكون إعاقة خلقية يولد بها الجنين، وقد تكون مما يحدث بعد ذلك لسبب خارجي. وهنا تظهر أهمية التشخيص السليم في بداية ظهور الأعراض. والأهل المثقفين هم من لا ينكرون الأعراض، ولا يدارونها، ولا يحاولون تأخير قناعتهم بإستشارة الجهات المختصة للقيام بالتشخيص المبكر السليم، وإتخاذ الوسائل اللازمة لمنع تفاقم الإعاقة وتأخرها. كما أنه وأثناء العلاج المبكر يسهل تعريف المعاق ومحيطه بطرق التعايش مع المضعلة و كيفية الحد من خطورتها. وعندما يكون الطفل ضحية لإعاقات متعددة، يصبح وضعه أكثر صعوبة وخطورة، و ينبغي أن يعيش وفق نظام يتوافق مع تطوره، وأن يُكافأ على تقدمه مهما كان بطيئا أو ضئيلا. وأن يتم تعويده وتدريبه على حياته اليومية ( اللباس،الطعام،الاغتسال). وأن يتم تزويده بالمساعدات الطبية المتخصصة.
وليحتسب الأهل الآجر والثواب لما يعانون منه، ولما يبذلونه، ومن يدريك فلربما يكون في يوم من الأيام معاقهم مميزا!.
إيلاف
مميز، وليس من ذوي الإحتياجات الخاصة
شاهر النهاري
2010 الثلائاء 3 أغسطس
في لقطة مؤثرة من فيلم أجنبي يسأل الطفل المعاق والدته وهي تحتضنه عن كنه شعورها بأن الله قد وهبها طفلا معاقا؟. فترد عليه ببسمة وسعادة غامرة إنه أفضل شعور حصل لها طوال عمرها، وأنها تشعر بعظيم حظها بأن يكون إبنها متميزاً!. وهذه (إجابة حنونة عظيمة تُختصر فيها ثقافات أمة). وإن لم تكن هذه الإجابة أنموذجا دائما لديهم، ولكنها تصور لنا الشق التثقيفي الإعلامي لمن يمتلك مثل هذه الثقافة.
ولقد تمنيت في لحظتها أن أسمع الرد من أمهات عربيات وأباء عرب!. ولا أحد يستطيع الجزم عن كنه الإجابة المحتملة، ولا في مدى حدتها، ولا في قسوتها من عدمه. فمما لا شك فيه أن بيننا عددا كبيرا من الآباء والأمهات ممن هم على هذه الشاكلة من اليقين والرضا بالواقع والمقسوم. أولائك اللذين يعدون إعاقة أبنائهم نوعا من التميز، ونعمة من الخالق أنعم بها على الأباء ليزاولوا مع أبنائهم المميزين حياة متكافلة متفانية مليئة بالحب والصبر والمغامرة والتسامي على الصور والأشكال والأقوال التراثية، وعلى الصعوبات التي قد تواجههم بسبب تلك الإعاقة، وعلى تحمل ردود فعل المجتمع ونظرته القاسية. ولكن وللأسف الشديد يبقى لنا على الجانب الآخر نوعية معينة من الأباء والأمهات القاصرين في ثقافتهم، والمتحجري القلوب والمعميين عن حكمة الله، ممن يعتقدون بأن ما في أبنائهم المعاقين عيبا وذنبا وقصورا يجب إنكاره ومداراته عن أعين وأسماع الآخرين. وتعذيل الطفل وتهديده وزجره والقسوة عليه رغبة في أن يبدل ما به، أو حتى لا يظهره للآخرين!. بل إن الكثير منهم لا يتعامل مع المعاق إلا بشعور خزي ما له من حدود، ومحاولات شديدة لإبعاده عن عيون المجتمع وعزله حتى ينساه الناس، وينسوا معه معضلته. أضف إلى ذلك الوضع الأكثر قسوة وهو سطوة المجتمع الجاهل الذي لا يزال يتعامل مع المعاق وكأنه حيوان أعجم لا شعور له. فتطلق عليه الألقاب القميئة، والنعوت المنتقصة، ويسخر منه البعض بتعريضه لمواقف محرجة همجية لا إنسانية فيها. ويقسوا عليه البعض بإستغلال ضعفه جسديا أو نفسيا لتحقيق بعض تطلعاتهم غير المشروعة.
ولسنا هنا، في حاجة إلى التذكير بعدد كبير من عظماء التاريخ القديم والحديث ممن تغلبوا على إعاقاتهم وبلغوا مناصب ومراتب تأبى وتستحيل وتمتنع على أكمل الناس عقلا وجسداً. فراوي الحديث صاحب السنن الإمام الترمذي كان أعمى منذ طفولته، والقائد العربي موسى بن نصير كان أعرجا، والموسيقار الألماني (بتهوفن) الذي بلغت موسيقاه العالم أجمع كان أصما، والرحالة البرتغالي (ماجلان)، الذي اكتشف كروية الأرض كان أعرجا شديد العرج هو الأخر، ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية الثاني والثلاثين (فرانكلين روزوفلت) كان مصابا بشلل الأطفال في نصفه الأسفل منذ طفولته. وغيرهم الكثير الكثير ممن رسموا للإنسانية صوراً عظيمة لقهر العاهات والتغلب عليها.
والإعاقات قد تكون في الحركة، أو في السمع، أو في البصر، أو في القوى العقلية. وقد تكون إعاقة خلقية يولد بها الجنين، وقد تكون مما يحدث بعد ذلك لسبب خارجي. وهنا تظهر أهمية التشخيص السليم في بداية ظهور الأعراض. والأهل المثقفين هم من لا ينكرون الأعراض، ولا يدارونها، ولا يحاولون تأخير قناعتهم بإستشارة الجهات المختصة للقيام بالتشخيص المبكر السليم، وإتخاذ الوسائل اللازمة لمنع تفاقم الإعاقة وتأخرها. كما أنه وأثناء العلاج المبكر يسهل تعريف المعاق ومحيطه بطرق التعايش مع المضعلة و كيفية الحد من خطورتها. وعندما يكون الطفل ضحية لإعاقات متعددة، يصبح وضعه أكثر صعوبة وخطورة، و ينبغي أن يعيش وفق نظام يتوافق مع تطوره، وأن يُكافأ على تقدمه مهما كان بطيئا أو ضئيلا. وأن يتم تعويده وتدريبه على حياته اليومية ( اللباس،الطعام،الاغتسال). وأن يتم تزويده بالمساعدات الطبية المتخصصة.
وليحتسب الأهل الآجر والثواب لما يعانون منه، ولما يبذلونه، ومن يدريك فلربما يكون في يوم من الأيام معاقهم مميزا!.
إيلاف