معلم متقاعد
07-22-2010, 03:39 PM
تطوير برنامج تدريبي لإكساب الطلبة الموهوبين ذوي صعوبات التعلم الاستراتيجيات التنظيمية
رنا نادر الحاج عيس
ملخص البحث
شهد العقد الأخير من القرن العشرين اهتمام التربويين وعلماء النفس والباحثين وعلماء التربية الخاصة وأولياء الأمور بموضوع الموهوبين ذوي صعوبات التعلم والذي يعد ظاهرة تربوية ونفسية تتعلق بمفهوم يعكس تناقضاً وتداخلاً بين محدداته ومكوناته، حيث وجد العديد من التربويين والباحثين صعوبة في تقبل واستيعاب أن يحصل هؤلاء الطلاب على نسب مرتفعة في اختبارات الذكاء الرسمية في الوقت الذي يكون تحصيلهم متوسطاً في المدرسة إذ بدا من غير المستساغ لدى الباحثين والتربويين أن يكون الطفل موهوباً ولديه اضطرابات تعلميّة أو صعوبات تجعله من ذوي صعوبات التعلم (Newman& Sternberg,2004)
وقد ترتب على هذا التناقض أن بقيت هذه الفئة خارج نطاق الخدمات التربوية المناسبة التي تقدمها مؤسسات التربية الخاصة، كما ألقت الصعوبات التي يعاني منها هؤلاء الأطفال ظلالاً حجبت الرؤى عن الكثير من جوانب تفوقهم ومواهبهم.
ويؤكد الزيات (2002) أن الاهتمام بالطلبة الموهوبين ذوي الصعوبات التعلميّة بدأ يأخذ شكلاً رسمياً منذ عام (1981) عندما اجتمعت نخبة مشتركة من الخبراء في مجال التربية الخاصة والباحثين في مجال الصعوبات التعلميّة والموهوبين في جامعة جونز هوبكنز وطرحوا تساؤلات مهمة حول هذه القضية منها: مدى إمكانية معاناة الأطفال الموهوبين ذوي صعوبات التعلم، نتيجة لارتفاع مستوى ذكائهم أو قدراتهم أو نتيجة لعدم استثارة نشاطهم العقلي المعرفي إلى المستوى الأمثل للاستثارة(Optimum level of arousal) ، وما هي محكّات تحديدهم والتعرف عليهم و على برامج تعلميهم ورعايتهم، وكيف يمكن تشخيص ومعالجة صعوبات التعلم لدى هؤلاء الأطفال، واستثارة طاقاتهم وقدراتهم وتفعيلها إلى المستوى الأمثل من الكفاءة والفاعلية الذي يسمح به مستوى نشاطهم العقلي المعرفي، وقد اتفق الخبراء على أن الموهوبين ذوي الصعوبات التعلميّة فئة لها خصائص واحتياجات خاصة وأساليب تشخيص وبرامج أكثر تفرداً. وقد استنتج كل من حنا وشور (Hannah and shore, 1995 ) أن الأبحاث والدراسات التي طبقت في مجال الموهوبين ذوي صعوبات التعلم انحصرت في ثلاثة محاور وهي: دراسة الحالة، دراسات المقارنة بين الأداء الاختباري للموهوبين ذوي صعوبات التعلم وعددهم، دراسات تناولت فاعلية البرامج التربوية المتوفرة، كما اتجهت بعض هذه الدراسات إلى دراسة الاستراتيجيات التعويضية التي يستخدمها هؤلاء الطلبة للنجاح في المدرسة وبحثت الدراسات الأخرى في استراتيجيات التنظيم الذاتي.
وبالتالي فإن تعليم الموهوبين من ذوي صعوبات التعلم يجب أن يركز على الأفكار المجردة الواضحة وتعميم المهارات المتعلمة من خلال قيام المعلمين بتدريبهم على آليات تعلم الاستراتيجيات التنظيمية لمساعدتهم على الإنجاز ولتنظيم أنفسهم ولإيجاد البدائل عن الكتابة والقراءة لتسهيل عملية التواصل مع الآخرين.(Bandura, 1997;Zimmerman,1998)
وقد توصل رونلز إلى أهمية الاستراتيجيات التنظيمية التي يستخدمها الطلبة الموهوبون ذوو الصعوبات التعلمية أثناء تعلمهم والتي تصبح نظاماً فعالاً يخفف من مناحي الضعف بتطوير واستخدام المهارات التنظيمية التي يستخدمها الطلبة أثناء العملية المعرفية للتعلم والتي يكتسبونها خلال البرامج التدريبية المنظمة والتي تشكل البناء الأساسي للتعلم الذاتي الذي يحتاجه هؤلاء الطلبة لتطوير الاستراتيجيات التنظيمية .(Bandura,1997, Zimmerman,1989)
لقد أشار عدد من الباحثين إلى أن هؤلاء الطلبة يبدؤون بتطبيق الاستراتيجيات التنظيمية على طرقهم في التعلم والدراسة للنجاح في الحياة بشكل عام. لذلك تقوم هذه الدراسة بإلقاء الضوء على برامج تدريب الطلبة الموهوبين ذوي الصعوبات التعلمية وبالتحديد على برنامج ليوناردو (LeonardoMap) الذي يهتم بتدريب الطلبة الموهوبين ذوي الصعوبات التعلمية ، وقياس أثره على اكتسابهم الاستراتيجيات التنظيمية بتطبيقيه على عينة من طلبة المجتمع الأردني، وهي من الدراسات التجريبية النادرة في المجتمع العربي الأردني
و لابد من الاشارة الى دور المؤتمر العربي الرابع لرعاية الموهوبين -2005 في إثارة هذه القضية من خلال ورشة عمل الموهوبين ذوي صعوبات التعلم والتي طرحتها الدكتورة إلين جريجورينكو والتي دفعتني للبحث في هذا الجانب وأيضاً الملاحظات التي جمعتها الباحثة أثناء تطبيق البرامج العلاجية على الطلبة ذوي الصعوبات التعلمية والتي تشير الى سرعة بعض الطلبة في التقدم على الخطط الفردية التربوية واهتماماتهم وقدراتهم المرتفعة في الجوانب اللامنهجية.
الطلبة الموهوبون ذوو صعوبات التعلم:
أشارت بوم (Baum, 1985) إلى أن (33%) من الطلاب ذوي صعوبات التعلم لديهم قدرات عقلية مرتفعة(Superior intellectual abilities) تؤهلهم للتفوق، وأن التقدير أو التقويم غير الملائم لقدراتهم، أو تطبيق اختبارات الذكاء أو القدرات العقلية المحبطة تقود إلى تقدير إمكانات وقدرات هؤلاء الطلاب بأقل مما هي عليه في الواقع، ويبقى هؤلاء الطلاب في عداد ذوي صعوبات التعلم، ويعاملون في هذا الإطار، وتدريجياً تخبو لديهم جوانب التفوق ويتقلص إحساسهم بذلك، ويصبحون أسرى لهذا التقويم القاصر أو غير الملائم.
كما يرى وولف وساتر Suter & Wolf) ( أن المشكلة الرئيسية التي تواجه الموهوبين ذوي صعوبات التعلم هي مشكلة التعرف عليهم داخل كل من مجتمع الموهوبين ومجتمع ذوي الصعوبات التعلمية وحتى داخل مجتمع العاديين، حيث تتبادل جوانب التفوق وأنماط صعوبات التعلم تقنيع أو طمس كل منها الأخرى، ويصبح الطلبة خارج نطاق الاستفادة من الخدمات التربوية والإرشادية التي تقدم لكل منهم.
إن الأبحاث التجريبية التي أجريت حول خصائص واحتياجات هؤلاء الطلبة تعد قليلة نسبياً على الرغم من أنه تم الكشف عن هذه الظاهرة منذ أكثر من ثلاثة عقود وذلك لصعوبة تشخيص أعداد كبيرة منهم، نظراً لصعوباتهم التي تغطى على موهبتهم أو لعدم حصولهم على خدمات التربية الخاصة بسبب القوانين والتشريعات، أو بسبب أساليب القياس والتشخيص المحبطة وغير العادلة، وهذا كله يؤدي في النهاية إلى شعورهم بالإحباط والفشل.
وتشير الأدبيات في التربية الخاصة إلى أن الطلبة الموهوبين ذوي صعوبات التعلم هم الطلبة الذين يظهرون موهبة غير عادية وقدرات مرتفعة على الأداء وفي الوقت نفسه لديهم صعوبات تعلمية تجعل تعليمهم صعباً في إحدى المجالات التعليمية (Donna, et. al, 1997)
كما يعرّف نيو وأخرون (Neu & et.al, 2001) الموهوبين ذوي صعوبات التعلم بأنهم الأطفال الذين يظهرون ذكاءً أو اهتماماً ملحوظاً في بعض المناحي وضعفاً يسبب لهم المشكلات في النواحي الأخرى.
ويعرف (الزيات، 2002) المتفوقين عقلياً ذوي الصعوبات التعلمية بأنهم أولئك الطلبة الذين يملكون مواهب وإمكانات عقلية غير عادية مميزة تمكنهم من تحقيق مستويات أداء مرتفعة، ولكنهم يعانون من صعوبات في التعلم تجعل مظاهر التحصيل أو الإنجاز الأكاديمي فيها منخفضاً، ويعزى انخفاض تحصيلهم الأكاديمي إلى ضعف مفهوم الذات (Poor SelfConcept) الافتقار إلى الدافعية (Lack of Motivation)، انخفاض مستوى الجهد أو النشاط بوجه عام وصعوبات عامة في السلوك الاجتماعي أو الانفعالي.
بناءً على نتائج الدراسات حول الاستراتيجيات التعليمية للطلاب الموهوبين وللطلاب الذين يعانون من صعوبات تعلم هناك ثلاث فرضيات رئيسة وهي:
يستطيع هؤلاء الطلاب أن يتعلموا وأن يراكموا المعرفة بطرق غير تقليدية.
وبسبب وجود صعوبات لديهم فإن آليات التعويض تعتبر مصادر أساسية للتعلم.
يمكن لصعوبات التعلم أن تسبب الإحباط للفرد والفشل في مجالات محددة لأن متطلبات النجاح الأكاديمية تتحقق فقط عند الأفراد ذوي أنماط التعلم العادية (Brody & Mills, 1997).
كما أشارت بوم (Baum, 1995) إلى أن الطلبة الموهوبين ذوي الصعوبات التعلمية هم أولئك الطلبة الذين يظهرون موهبة أو تفوقاً غير عادي أو لديهم المقدرة على الأداء المرتفع ولكن صعوباتهم تؤدي إلى تدني تحصيلهم في بعض المواد الأكاديمية، وقد وزعت بوم الطلبة الموهوبين ذوي الصعوبات إلى ثلاث مجموعات،هي:
المجموعة الأولى: هم الطلبة الموهوبون الذين يظهرون صعوبات في المواد الأكاديمية في المدرسة وهؤلاء الطلبة غالباً ما يتم اعتبارهم من ذوي التحصيل المتدني والذي يعود إلى انخفاض تقدير الذات وتدني الدافعية، ولديهم بعض الخصائص الشخصية مثل الكسل وهذه الصعوبات قد لا تلاحظ أثناء فترة المهارات الأساسية للتعلم، ولكن عندما تصبح المهمات المدرسية أكثر تحدياً تزداد صعوباتهم بحيث يتدنى تحصيلهم إلى مستوى يقل عن أقرانهم وهنا قد يبدأ الشك بوجود صعوبة عند أحدهم .(Newman &Sternberg ,2004)
المجموعة الثانية: تتضمن هذه المجموعة الطلبة من ذوي الصعوبات التعلمية الشديدة والذين تتم ملاحظتهم وتشخيص صعوباتهم وإحالتهم إلى البرامج العلاجية وعادة لايتم ملاحظة قدراتهم المرتفعة ولا تشخّص هذه القدرات وغالباً ما يعود السبب إلى أساليب التقييم غير العادلة مثل اختبارات الذكاء ذات الدرجات المحبطة، وهؤلاء الطلبة لا يحالون عادةً إلى البرامج الخاصة بالموهوبين، كما أشارت نتائج إحدى الدراسات إلى أن (33 %) من الطلبة الموهوبين يقعون ضمن هذه المجموعة .(Baum, 1985)
أما المجموعة الثالثة: فتضم أكبر فئة من الموهوبين ذوي الصعوبات التعلمية والذين لا يخضعون لأي برنامج من برامج التربية الخاصة والطلبة ضمن هذه المجموعة غالباً ما تغطي قدراتهم المرتفعة على صعوباتهم، إذ يتواجد هؤلاء الطلبة في الصفوف العادية ولا يتأهلون لخدمات التربية الخاصة لأن قدراتهم تقع ضمن المتوسط ولا تلاحظ مشكلاتهم الخاصة، ولذلك فإنهم يستغلون أقل قدر من قدراتهم وطاقاتهم أثناء إنجازهم للمهمات المدرسية وبازدياد المهمات الأكاديمية ودون وجود الدعم التربوي المناسب فإن مهاراتهم الأكاديمية تنخفض وتنعكس سلباً على علاقاتهم بأفراد أسرهم وأقرانهم(Hishinuma,1993) .
بالاعتماد على طبيعة الصعوبات التعلمية ومستواها وطبيعة الموهبة ونوعها قد يظهر هؤلاء الطلبة خصائص محددة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بإحدى الفئتين: (الصعوبات التعلمية أو الموهوبين) وقد يظهرون قدرات مرتفعة على التحليل الإبداعي والقدرات التحليلية واستيعاب المفاهيم المعقدة وإدراك العلاقات. وعلى الرغم من ذلك يظهرون صعوبات خاصة بالمبادئ الأساسية لتعلم اللغة مثل الوعي الصوتي والتهجئة وإعادة الترميز واستدعاء حقائق الرياضيات البسيطة. وقد يلجأ هؤلاء الطلبة إلى استخدام قدرات التحليل الإبداعي لتهجئة المقاطع ولتذكر المعلومات المقدمة شفوياً ويعتمدون على الرموز الموجودة في المحتوى لفهم النص ، إلا أنهم قد يظهرون قدرات محدودة في مواد أكاديمية أخرى. كما قد يساهم الطفل الموهوب ذو الصعوبات التعلمية بفاعلية في النقاش الصفي، ولكن أداءه قد يكون متدنياً في الاختبارات التحصيلية، وقد يكون أداء هؤلاء الطلبة على المهام المعقدة أفضل من أدائهم في المهمات البسيطة، إلا أن أهم ما يميز هؤلاء الطلبة هي الخصائص المرتبطة بالقدرات المعرفية المرتفعة والإبداعية ومفهوم الذات والدافعية والكفاءة الشخصية والسلوك.
(Whimore&maker1985)
وقد ارتكزت معظم الدراسات والأبحاث التي اختبرت المهارات الإدراكية والمعرفية لهؤلاء الطلبة على أبعاد تم اشتقاقها من مقياس وكسلر للذكاء (Wisc–R) حيث ركزت هذه الأبحاث على دراسة احتمالية وجود أنماط معرفية تميز الأطفال الموهويين ذوي الصعوبات التعلميّة كمجموعة من خلال نتائج ثلاث دراسات هامة والتي توصلت إلى نظرة شاملة حول أنماط التعلم لهؤلاء الأطفال. حيث قامت فوكس وزملاؤها من جامعة جونز هوبكنز (1983) بدراسة نتائج اختبار وكسلر لــ 450 طفلاً موهوباً من ذوي الصعوبات التعلمية الذين تراوحت أعمارهم بين (6-15) سنة من ذوي الصعوبات القرائية، وتم تحديد موهبة هؤلاء الطلبة من خلال تطبيق مقياس وكسلر حيث حصل هؤلاء الطلبة على درجة كليه مقدارها (125) كما تم الحصول على المعلومات حول صعوباتهم في القراءة من خلال دراسة الحالة وملاحظة السلوك، والتحصيل القرائي الذي كان أقل بصفين من مستواهم، ثم قام الباحثون بتصميم اختبار فرعي بناءً على مقياس بناتين (Bannatyne) لقياس مهارات المعرفة المكتسبة والمفاهيم والتسلسل والذاكرة البصرية الأدائية.
وتوصلت فوكس وزملاؤها إلى أن الطلاب الذين يعانون من صعوبات تعلم خاصة في مجال القراءة يكون أداؤهم أفضل في المهام البصرية والمفاهيمية ويقل أداؤهم في المهام التي تتطلب الاسترجاع والحفظ للحقائق المجرّدة والتسلسل. كما قام كل من شيف وكوفمان (Schiff & Kaufman ) بفحص مجموعة من قدرات الطلاب الموهوبين لـ 30 طالباً تتراوح أعمارهم بين (9 – 16) سنة تم اختيارهم من العيادات الخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية والذين تم تصنيفهم على أنهم أذكياء حيث حصلوا على أعلى من (120 درجة) كلية على مقياس وكسلر كما تم تحديد صعوباتهم التعلمية من خلال التباين بين القدرة العقلية والتحصيل في مجالات أكاديمية محددة.
أظهرت نتائج هذه الدراسة وجود العديد من السلوكات المرتبطة بصعوبات التعلم مثل النشاط الزائد، والقدرات البصرية الحركية المنخفضة، مهارات حركية دقيقة ضعيفة، عند هؤلاء الطلبة وكان لأولياء الأمور دورٌ بارزٌ في المساعدة على تشخيصهم.
كما توصل الباحثون إلى أن أداء الطلبة على الاختبارات التي تقيس المفاهيم اللفظية والمعرفة المكتسبة كانت أعلى عند هؤلاء الطلبة من أدائهم في الاختبارات التي تقيس المهارات البصرية والتسلسلية، ويعود سبب الاختلاف بين الدراستين إلى الأسباب التالية:
1- اختلاف مجتمع الدراسة في الدراستين، حيث درست فوكس طلاباً ذوي صعوبات تعلميّة قرائية وكان مستوى أدائهم الأكاديمي أقل بعامين من مستوى أقرانهم بينما لم تقم شيف بتحديد المستوى القرائي للطلبة في دراستها.
2- كان مستوى أداء الطلبة في دراسة شيف موازياً أو أعلى من مستواهم الصفي، لذلك حققوا النجاح في المفاهيم اللفظية والمعرفة المكتسبة.
إلا أن كلتا الدراستين أكدتا على أن الطلبة الموهوبين ذوي الصعوبات التعلمية قادرون على الفهم والتفكير المجرد. والسبب في انخفاض أدائهم المدرسي يعود إلى الضعف في مهارات الذاكرة والتعامل مع الحقائق المجردة وإلى الصعوبات في القدرات والمهارات التنظيمية (Baum & Owen, 2004).
خصائص الطلبة الموهوبين ذوي الصعوبات التعلمية
من الأمور الشائعة بين هؤلاء الطلبة تمتعهم بروح الدعابة وامتلاكهم لمجموعة كبيرة ومتطورة من المفردات اللغوية إلا أنه وبالرغم من ذلك يعاني البعض منهم من انخفاض القدرة على فهم الدعابة وتفسير الرموز الاجتماعية مما يؤثر سلباً على تفاعلاتهم الشخصية، كما قد يمتلكون مجموعة واسعة من الاهتمامات في مجالات دقيقة إلا أن تركيزهم ودافعيتهم قد يتشتتا بسهولة في المهمات الأكاديمية البسيطة، ومن الصفات الملاحظة عند هؤلاء الطلبة عدم القدرة على الموازنة بين اهتماماتهم وقدراتهم، ولسوء الحظ يستخدم المعلمون هذا التباين كإشارة إلى أن هؤلاء الأطفال غير موهوبين ويركزون على نقاط الضعف وعلى تشخيص الصعوبات التعلمية لديهم وإهمال نقاط القوة عندهم، مما يؤدي إلى إحالتهم إلى برامج التربية الخاصة غير المناسبة.
عادة ما تعكس خصائص الطفل الموهوب ذي الصعوبة التعلمية مناحي القوة أو الاهتمامات وقد يلجأ هذا الطالب لتوظيف قدراته القيادية المرتفعة ومهاراته الشخصية المميزة لتعويض تشتت انتباهه والذي يعتبر أحد مناحي ضعفه. ومن الناحية الأخرى فإن مشكلات الإدراك ومعالجة المعلومات والذاكرة، أو المشكلات الحركية قد تؤدي إلى انخفاض قدراته على الاستماع والتركيز وإلى الحركة الزائدة أو إلى عدم القدرة على تنظيم المهارات الدراسية وإلى صعوبات التكيف في المواقف الجديدة، ولذلك قد يشعر الطالب بالإحباط أو القلق بسبب صعوبة تأدية المهمات والتي تعد بسيطة مقارنة بأقرانه. وقد يوظف هذا الطالب ميكانزمات دفاعية مثل الشعور بالدونية، والانسحاب، وإثارة الانتباه، وأنماط سلوكية سلبية أخرى مثل التململ، والانتقاد الدائم لبرامج المدرسة، وتجنب ذكي للمهمات الصعبة ورفض أداء المهمات التي تمس نواحي ضعفه، وهذه الخصائص تؤدي إلى عدم انتباه المعلمين والأشخاص الآخرين المحيطين به إلى سلوكاته التي تعكس مناحي القوة وإلى التعامل مع السلوكات الحالية مثل التشتت، عدم التعاون، عدم التنظيم، لذلك يصعب عادة تحديد مشكلاته الاجتماعية، وفي الغالب يتم تشخيصه اجتماعياً من خلال علاقاته بأقرانه في الصف العادي أو بالمقارنة مع أقرانه من ذوي الصعوبة التعلمية حيث لا يجاريه أقرانه في الاحتياجات وفي مناحي القوة ويواجه الطالب صعوبات في مفهوم الذات والحساسية نحو الآخرين، والسلوكات السلبية، وهذا يضاف إلى دائرة الإحباط عنده إلا إذا تم تعريضه إلى أساليب التشخيص والتدخل الصحيح والمناسب .(Gadynik ,Ursula, McDonald ,Linda ,Roper Review, 2005)
برامج الموهوبين ذوي الصعوبات التعلمية
لاحظ وايتمور وميكر (Whitmore & Maker, 1985) أنه عند تقديم الخدمات التربوية لهؤلاء الطلبة لاعتماد البديل التربوي المناسب فإن برامج غرف المصادر عادةً ما تركز على مناحي الضعف بتناول الأساليب العلاجية. وهذا البديل لا يوفر الفرص لظهور المستويات الإبداعية المرتفعة من اهتمامات الطلبة الموهوبين، من هنا فإن برامج الصف العادي قد تكون الأفضل في توفير خدمات تثير الاهتمامات والقدرات العقلية المرتفعة بدلاً من توفير برامج علاجية محددة لتلبية احتياجات الطلبة ذوي الصعوبات التعلمية أو توفير برامج خاصة للموهوبين تسمح بظهور المستويات المرتفعة لقدراتهم بتفاعلهم مع الطلبة الموهوبين الآخرين، ولكن هذه البرامج غالباً ما تشجع المهارات القرائية المرتفعة والتي قد تكون أكثر تقدماً من قدرات الطلبة الموهوبين بسبب صعوباتهم التعلميّة، والبديل الأكثر شيوعاً هو تشكيل صفوف للطلبة ذوي القدرات المزدوجة، (وهذا البديل يحد من الانتقال من صف إلى آخر ومن معلم إلى آخردون تقديم الخدمات التربوية المناسبة) . حيث يتم في هذه الصفوف تقديم الخدمات بشكل متوازن من برامج منظمة للموهوبين وبرامج تربية خاصة في نفس الوقت والمكان. وبالتالي لابد من أن تركز أساليب التعليم على تكييف مناحي القوة ومناحي الضعف عند هؤلاء الطلبة باستخدام استراتيجيات بديله للتقييم والتعليم كاستخدام محاضرات مسجلة، العروض الشفوية..... الخ (Rosner & Seymour, 1983).
كما أشار كل من كرونشاك، مورس، جونز، دانيال، وولف وجاي إلى أن البرامج الناجحة يجب أن تبنى على الاحتياجات الفردية لكل طفل وعلى البديل التربوي المناسب الذي يركز برامجه على تعلم الاستراتيجيات التعويضية والمفاهيم ذات المستويات المرتفعة وتوفير برامج إرشادية للطلبة وأولياء أمورهم (كرونشاك، مورس، جونز، 1980، دانيال، 1983، وولف وجاي، 1981)
وقد اقترح الزيات (2002 ) عدداً من الاستراتيجيات في ضوء طبيعة مجتمع هؤلاء الطلبة:
تفريد (Individualized) برامج تربية وتعليم هؤلاء الطلاب.
تخصيص فصول خاصة للطلاب المتفوقين عقلياً ذوي صعوبات التعلم.
استخدام أو تكييف الخدمات التربوية والبرامج القائمة أو المتاحة.
استخدام وتكييف استراتيجيات وتقنيات تدريسية ملائمة.
كما أشار كل من سيلفرمان وباسكا وتاسل(Silverman, Tassel, Baska, 1991) إنه عند تصميم البرامج التربوية الملائمة لهؤلاء الطلاب أن يؤخذ في الاعتبار نقاط القوة ونقاط الضعف، فتستثير الأولى وتدعمها وتنميها وتتجنب الثانية وتعالج قصورها أو الصعوبات الناشئة عنها أو المترتبة عليها وعلى نحو أكثر تحديداً يحتاج الطلاب الموهوبون ذوو صعوبات التعلم إلى ما يلي:
برامج دراسية ذات مستوى عال أو على الأقل برامج للمتفوقين تبنى على جوانب التفوق أو المواهب.
برامج تدريسية لتنمية الجوانب التي يكون مستوى هؤلاء الطلاب فيها متوسطاً.
تدريس علاجي (remedial teaching) يتناول جوانب القصور أو العجز أو الصعوبات التي يعاني منها الطلاب ( Fox, Brody & Tobin, 1983).
ويجب أن تقوم هذه البرامج على مشاركة فعّالة لفريق عمل مكون من:
أخصائي أو متخصص في التفوق العقلي أو الموهبة.
الأبوين.
أخصائي أو متخصص في صعوبات التعلم.
ممارس أو خبير قياس أو تقويم تشخيصي.
الطالب أو الطالبة ( Baska, 1991, Silverman, 1989, Tassel ).
كما يقترح الزيات (2002) بعض الأساليب للمعلمين في التعامل مع هؤلاء الطلبة وهي:
أ. بالنسبة للمشكلات الأكاديمية:
تقدّيم المادة العلمية بأساليب متنوعة تستثير معظم الحواس بصرياً وسمعياً ولمسياً مع تكليف هؤلاء الطلاب بكتابة المادة العلمية وإعدادها.
أعطاء الطلاب الفرص الملائمة لتوظيف ما لديهم من معارف ومعلومات وتقديمها بأساليب متنوعة: تقارير مكتوبة، تقارير شفهية، اختبارات سريعة ومختصرة، تطبيقات عملية.
تقديم بدائل خبرات التعلم والتي لا تعتمد على الورقة والقلم أو القراءة مثل: المتاهات، الألعاب المنطقية أو العقلية، الرسوم، المعالجات الحسابية أو الرياضية.
جلوس الطالب في مكان يمكنك أن تراه وتتابعه بسهولة.
أعطاء تكليفات واقعية مع استخدام التعاقدات وتواريخ محددة ومعقولة، لإكمال الواجبات المدرسية و التي غالباً ما تكون أقصر لهؤلاء الطلاب.
ب. بالنسبة للمهارات التعويضية:(compensatory skills)
تعليّم الطالب وتدريبه على استخدام الآلات الكاتبة والكمبيوتر، وتشجيعه على استخدام الآلات الحاسبة وأجهزة التسجيل كمعينات أو وسائل تعليمية مدعمة.
تعليّم الطالب و تدريبه على النواحي التنظيمية واستراتيجيات حل المشكلات مستخدماً تكنيكات تعديل السلوك المعرفي.
ج. بالنسبة للحاجات الوجدانية أو الانفعالية:
تخفيف الضغوط الأكاديمية كأسلوب من أساليب تجنب الإحباط والافتقار إلى الدافعية.
استخدام جوانب القوة لدى الطالب والأنشطة الأخرى التي يحقق فيها تفوقاً، وتعزيز التقدم الذي يحرزه الطالب في جوانب الضعف.
استخدام الألعاب الجماعية التي تشجع الطالب على التحدث، وعقد لقاءات أو اجتماعات دورية بين الطلاب للتعرف على مشاعرهم ومناقشة مشكلاتهم.
استخدام التعلم بالنمذجة عن طريق دمج الطلاب المتفوقين عقلياً ذوى صعوبات التعلم مع إقرانهم من المتفوقين عقلياً ذوي التحصيل المرتفع كي يكتسبوا منهم ما يمكن اكتسابه وتعلمه.
شرح وتفسيّر النواحي الايجابية المترتبة على كون الفرد متفوقاً عقلياً مع تخفيف الآثار السلبية بسبب أن لديه صعوبة أو أكثر من صعوبات التعلم.
أما البرامج المختلفة الذي تؤسس للعمل مع هؤلاء الطلبة فإنها تقوم على تعزيز قيم التفوق وجوانب القوة المرتبطة به ومنها:
انه متفوق عقلياً.
انه ذكي ذو إمكانات عقلية غير عادية.
انه إنسان لديه جوانب قوة وجوانب ضعف.
كما ذكر كل من شور ودوفر وستيرنبرغ (Shore&Dover, 1987, Sternberg,1981) أن استخدام التفكير حول التفكير ومهارات حل المشكلات لمعالجة المعلومات يكون أسرع وأكثر فاعلية عند تعليم الطلبة الموهوبين ذوي الصعوبات التعلمية.
وانتقدت كل من بوم وأوين(Baum & Owen, 2004) البرامج العلاجية لتعليم المهارات الأساسية القائمة على التكرار لإتقان هذه المهارات ،حيث أثبتت الدراسات عدم فاعلية هذه البرامج. كما أكدا على أهمية تعليم الاستراتيجيات التعويضية عند أداء المهمات المختلفة حيث أثبتت هذه الاستراتيجيات فاعليتها بين طلبة الجامعة ذوي الصعوبات التعلمية.
التربويون باعتبارهم توفير تعليمات على مستوى عالٍِ لحل المشكلات وتوفير برامج تشجع التطور الأكاديمي بناءً على الاستراتيجيات التعويضية مما يؤدي إلى تحسن مفهوم الفرد عن نفسه كفرد قادر على حل المشكلات للتغلب على المشكلات الأكاديمية.
(Hansford 1987, Reisetal, 2000)
حيث يتوجه هؤلاء الطلبة إلى كونهم استراتيجيين ويستطيعون اللجوء إلى أكثر من مصدر عند حل المشكلات التي تواجههم أكثر من الطلبة غير الموهوبين ذوي صعوبات التعلم (Coleman, 1992) ومن خلال مراجعات نيومان (Newman, 2004) للأدب التربوي في مجال تقديم الخدمات لهؤلاء الطلبة لخصت نيومان التدخلات التربوية إلى ثلاثة أنواع مختلفة:
التدخل في الصف العادي.
سحب جزئي من الصف العادي (معظم هذه البرامج هي إثرائية حيث يجد الطالب فيها الفرص لتطوير نواحي القوة والاهتمامات في بيئة داعمة تهدف إلى تطوير موهبة الطلبة).
البرامج الخاصة (صف خاص، مدارس خاصة تصمم لدعم احتياجات الطلبة ذوي الاحتياجات المتعددة).
من خلال استعراض البرامج التقليدية فإن تعليم وتدريب الموهوبين ذوي الصعوبات التعلمية في تلك البرامج لا يساعدهم على تطوير وتدريب إمكاناتهم واحتياجاتهم لعدة أسباب منها:
قد لا تنطلق تلك البرامج من اهتمامات هؤلاء الطلبة والتي تعتبر نقاط قوة عندهم.
تركيز غالبية تلك البرامج على علاج القراءة والكتابة فقط.
3. عندما يحال بعض هؤلاء الطلبة إلى برامج الموهوبين فإن هذا الموضوع غالباً يضيف أعباءً ثقيلة على الطالب بدلاً من تصميم منهج خاص به ينطلق من اهتمامه وقدراته.
4. قد لا تحتوى البرامج الحالية على إرشاد تربوي ونفسي مناسب للحالات المختلفة لتلك الفئة اعتقاداً بأن الموهوب يستطيع العمل باستقلالية.
والتصميم المناسب لبرامج الموهوبين ذوي الصعوبات التعلمية يجب أن يتضمن:
تشجيع الطلبة لاكتساب المعلومات وتبادل الأفكار بطرق إبداعية انطلاقاً من موهبتهم واهتماماتهم الخاصة بهم.
توفير مواد ومناهج متخصصة من خلال محاضرين متخصصين، الزيارات الميدانية، الأفلام.
الاستعانة بالأشخاص من ذوي الخبرات الناجحة كمدربين.
إتاحة الفرص المختلفة للطلبة لكي يتعرفوا على اهتماماتهم المختلفة والتي تنطلق من نقاط القوة لهؤلاء الطلبة.
5. أن تتضمن هذه البرامج المنهاج الفوق معرفي والذي يعكس ايجابياً على هؤلاء الطلبة من خلال استخدام الاستراتيجيات المختلفة التي تساعدهم على النجاح والتغلب على صعوباتهم التعلميّة (Baum& Owen ,2004).
وتالياً عرض لبعض البرامج التي يتم تطبيقها في الولايات المتحدة الأمريكية لمساعدة الموهوبين ذوي الصعوبات التعلمية:
التسريع.
الإثراء.
برامج مصممة بشكل خاص.
الصفوف الخاصة.
1. التسريع:
حيث يركز البرنامج على تسريع موهبة أو اهتمامات محددة لمساعدة الطلبة على تطوير موهبتهم من خلال إدراجهم في دورات ومناهج متقدمة ومحددة( في الرياضيات مثلاً) والتي تمثل تحدياً لقدرات الطالب ذي الاستعداد المرتفع في الرياضيات حيث تصمم المناهج المتقدمة لإثارة الدافعية لتحقيق المنتج الإبداعي انطلاقاً من موهبة الطالب نفسه مع بقاء الطالب في البرامج العلاجية القائمة للتعامل مع مشكلاته في صعوبات التعلم ومثال على ذلك برنامج (Montgemery) في ولاية ميرلاند.
2. الإثراء:
ومن أشهرها برنامج رنزولي الاثرائي (Renzulli & Reis, 1997) والذي صمم خصيصاً للموهوبين ذوي صعوبات التعلم لعدة أسباب:
مرونة التعريفات التي تسمح لهؤلاء الطلبة أن يكونوا مشاركين ضمن مجموعة إثرائية على أساس اهتمامهم.
2. يعرض البرنامج الطلبة إلى مجموعة واسعة من الأنشطة والتي صممت بهدف إثارة دافعية الطلبة وتشجيعهم على الإنتاج المبدع.
ويختلف هذا البرنامج عن البرامج الإثرائية الأخرى، لأنه يتكون من منهاج مصمم لإثارة قدرات الطلبة للتحدي والعمل الذي يرتكز على نقاط قوة واهتمامات الطلبة أنفسهم.
يعد برنامج التلمذة (Mentorship) أحد الأمثلة على تصميم برنامج رنزولي والذي يطبق في جامعة (Connecticut, Stross, CT) حيث يطلب من المشارك عمل ما يلي:
القيام بدور الممارس الماهر أثناء حل المشكلات الحقيقية.
تطوير علاقة تعاونية مع الباحث تنطلق من اهتمامات المشارك.
مساعدة المشارك ليتعرف على نقاط قوته واهتماماته بإتاحة الفرص المختلفة.
قيام الطلبة بتصميم مقال مصور عن بحث يعدونه بمشاركة المعلمين المشرفين.
إتاحة المجال للطلبة للتعاون مع طلبة آخرين من نفس الاهتمامات.
ممارسة الطلبة حياة الجامعة الحقيقية وإجراء البحث في الحقول التي تناسب اهتماماتهم.
تطبيق هذا البرنامج تحت إشراف فريق من الخبراء المتخصصين من معلمي المدارس الثانوية.
حصول المشتركين على شهادة جامعة كنتكت عند إنهاء الطلبة لمتطلبات البرنامج.
3. برامج مصممة بشكل خاص:
مشروع الآمال العليا ( high Hopes Project)
تم تصميم هذا البرنامج تحت قانون جافت (Javits Act Program) للفنانين / العلماء / المهندسين الموهوبين من ذوي الاحتياجات الخاصة وتدريبهم لتطبيق مهارات جديدة ضمن التخصصات والمهن المختلفة، وقد طبّق هذا المشروع في المدرسة الأمريكية للصم في (West Harford\ Connecticut) حيث شارك (27) طالباً في عدد من المشاريع من خلال مساهمة الطلبة في حل مشاكل حقيقية. حيث توفر تلك الخبرة العملية في حل المشكلات فرصة تعليمية نادرة ليصبحوا قادرين على حل مشكلات الحياة الحقيقية، تم توزيع الطلبة إلى فرق متعددة التخصصات انطلاقاً من اهتماماتهم (مهندسين / علماء / فنانين) للتعاون على حل المشكلات ضمن الفريق المتعدد التخصصات. والهدف الرئيسي كان التوصل إلى مقترحات يتضمن حلولاً إبداعية لإعادة بناء بحيرة في مدرسة الصم والتي كانت تعاني من مشكلات مائية متعددة.
تعلم الطلبة المهارات التنظيمية من خلال تجزئة المشكلة الرئيسية إلى مهمات متسلسلة وتحديد مسؤولين عن تنفيذ كل مهمة وتحديد الزمن اللازم لإنهائها والتحدي في حل مشكلة واقعية ضمن زمن محدد كان يتطلب من الطلبة تنظيم جهودهم للتوصل إلى حل فعّال للمشكلة لتحقيق الفائدة والمنفعة وبالكلفة الاقتصادية المناسبة.
4. الصفوف الخاصة:
أسست بعض المقاطعات في الولايات المتحدة الأمريكية برامج الصفوف الخاصة للموهوبين من ذوي الصعوبات التعلمية، ومن أشهرها مدرسة ميرلاند الحكومية (Maryland public school) في مقاطعة مونتجمري والتي تساعد (50) طالباً بثلاثة برامج للمرحلة المتوسطة، وبرنامجين للمرحلة الثانوية، وتقوم هذه البرامج على الموازنة بين متطلبات تطوير الموهبة والاحتياجات الأكاديمية لكل طالب بإعداد مناهج متقدمة لتطوير الموهبة ومع تعديلات ملائمة للتعويض عن الصعوبات التعلمية في صفوف ذات أعداد قليلة وبإتاحة الفرص للتعلم النشط.(Hands-on Learning)
كما تعد مدرسة جرين وود ( Green Wood School) أحد الأمثلة على تلك البرامج والتي تم تصميمها للطلبة من عمر (10-15) سنة من ذوي الصعوبات التعلمية في القراءة والكتابة والرياضيات والذين يتميزون بقدرات عقلية مرتفعة. حقق الطلبة في هذه المدرسة النجاح لأن البرنامج تم تصميمه لتلبية احتياجات كل الطلبة من النواحي: (العقلية / الانفعالية / الإبداع / النواحي الجسدية).
(www.the (http://www.the) green wood school.org/academics/village.cfm)
نظرية الذكاء الناجح
بناءً على ما سبق فإن نظرية ( الذكاء الناجح ) لستيرنبرغSternberg )) تركز عند تدريب الموهوبين ذوي الصعوبات التعلمية على تطوير القدرات العملية التي تؤدي إلى النجاح في الحياة بشكل عام من خلال تطبيقات برنامج ليوناردوماب Leonardomap)) الذي يطبق في جامعة ييل في ولاية كنتكت بهدف إكساب هؤلاء الطلبة الاستراتيجيات التنظيمية بالتركيز على نقاط القوة ، إذ إن معظم البرامج العلاجية للطلبة الموهوبين ذوي الصعوبات التعلميّة تدرب المهارات الأساسية للتعلم بالتركيز على نقاط الضعف، ولذلك فإن فرصهم لإظهار السلوكات التي تدل على موهبتهم هي فرص قليلة.
يشير الدكتور ستيرنبرغ الى أن هذه النظرية هي نسخة مطورة من النظرية الثلاثية في الذكاء الإنساني النظري الذي يزود المعلم بتوجيهات عامة وتفصيلية من جهة ، كما تمتاز بالبحث التجريبي وتوفير الكتب والمواد التي تسهل مهمة المعلم في التدريس من أجل الذكاء الناجح من جهة أخرى،ووجهة النظر الرئيسية لنظرية ستيرنبرغ في (الذكاء الناجح) تقوم على أن المهارات التقليدية التي يتم تعليمها في المدرسة هي ليست المهارات المهمة الوحيدة لنجاح الإنسان في حياته. إذ أن هناك مجموعة من القدرات المتداخلة التي يحتاجها الإنسان لتحقيق هذا النجاح والتي يكتسبها الإنسان من محيطه الثقافي الاجتماعي ومن خلال التركيز والتأكيد على نقاط القوة لتعويض نقاط الضعف.
يعرف ستيرنبرغ وجريجورينكو Sternberg&Grigorenko))الذكاء الناجح بأنه نظام متكامل من القدرات اللازمة للنجاح قي الحياة كما يعرفه الشخص ضمن سياقه الثقافي الاجتماعي ، والشخص الذي يتمتع بالذكاء الناجح يميز نقاط القوة لديه ويستفيد منها قدر الإمكان ، وفي نفس الوقت يميز نقاط ضعفه ويجد الطرق لتصحيحها أو التعويض عنها، كما يتميز هؤلاء الأشخاص بأنهم يتكيفون ويختارون البيئات من خلال التوازن في استخدامهم للقدرات التحليلية والإبداعية والعملية ، لذلك لا يوجد تعريف واحد للذكاء الناجح عند الأفراد لكي يتعرفوا على مناحي قوتهم ويستخدمونها إلى أقصى درجة في حياتهم اليومية ويتعرفوا على مناحي ضعفهم ويحددون الطرق المختلفة للتعويض عنها وبما أن كلا الجانبين ضروري للنجاح في الحياة العملية يحتاج الطلبة ليتعلموا كيف يصححون التوقعات عن أدائهم في الجوانب التي ينخفض فيها عما يتوقعونه، ومن ناحية أخرى عليهم أن يدركوا أنه لا يمكن أن يتفوقوا في كل الجوانب، وتوجه هذه الرؤية الأفراد للبحث عن الطرق والأساليب المختلفة للتغلب على مناحي ضعفهم مثل طلب المساعدة من الآخرين وبنفس الوقت مساعدة الآخرين كرد للجميل، وانطلاقاً من هذه النظرية يستخدم الأفراد طرقهم الخاصة الفردية باستخدام مجموعة من المهارات والقدرات المتداخلة الضرورية لتحقيق النجاح في الحياة (أبو جادو،2006).
وتتضمن النظرية بهذا المفهوم العديد من التطبيقات لتعليم الذكاء الناجح حيث تتّبع المعلمة عدداً من الطرق والأساليب أثناء عملية التعليم إذ لا توجد طريقة واحدة صحيحة للتعليم والتعلم كما لا يوجد طريقة صحيحة واحدة لتقييم إنجاز الطلبة، والتعليم والتقييم يجب أن يطبقا بناءً على الموازنة بين التحليل والإبداع والتفكير العملي. وبالأساس يحتاج المعلمون لمساعدة طلبتهم لمعرفة أساليبهم المعرفية الخاصة ولمعرفة مناحي القوة وبنفس الوقت مساعدتهم للتصحيح أو التعويض عن مناحي الضعف، لذلك يحتاج الطلبة مثل المعلمين إلى تطوير المرونة من خلال تزويدهم بخيارات متعددة ومختلفة عند تقييم أدائهم ، فعندما يفكر الطلبة كي يتعلموا فإنهم أيضاً يتعلمون ليفكروا والطلبة عندما يتعلمون بطريقة التحليل والإبداع والطرق العملية فإن أداءهم يتحسن بغض النظر عن شكل التقييم المقدم إليهم وبما أن نجاح الطلبة يحتاج إلى تعريف المصطلحات المهمة لهم ولحياتهم فإن الطلبة يحبون أن يشاهدوا تلك المعاني إذا قام المعلمون بتوفير عددٍ من الأمثلة والنماذج للمفاهيم التي تقدم من خلال مجموعة كبيرة من التطبيقات العملية. في بعض الأحيان قد تتردد بعض المعلمات الأخريات بالتدريس من أجل الذكاء الناجح لأنهم يؤمنون بأن هذه الأساليب يمكن أن تطبق من قبل بعض المعلمات للطلبة ولكن ليس من قبلهم، وذلك حسب نوع التعليم الذي تفضله المعلمة، وبالتالي فإن أداء الطلبة يتحسن ويصبح أفضل من تعلمهم بطرق التعليم التقليدية. وذلك من خلال استخدامهم لمعارفهم العملية التي تساعدهم على التعلم إذا أتاح لهم المعلمون الفرص لاستخدام تلك المعرفة لتحقيق النجاح، ومن هنا فإنه لابد من تشجيع المعلمين لكي يعملوا ويقيموا ما تم عمله بطرق تمكن الطلبة من التحليل والإبداع وتطبيق معارفهم لأنه عندما يتعلم الطلبة بطريقة التحليل والإبداع والتطبيق العملي فإن أداءهم على الاختبارات يكون أفضل مهما كان نوع هذا الاختبار . (Baum&Owen,2004)
برنامج ليوناردو
من خلال برنامج ستيرنبرغ وزملاؤه والذي يستند إلى نظرية الذكاء الناجح جاء تطبيق برنامج ليوناردوماب نسبة إلى الفنان العبقري ليوناردو دافنشي الذي أبدع مئات اللوحات الفنية وترك ألوف المخططات التي شملت تصميمات معمارية للمدن والمباني والجسور والطائرات والمعدات والروافع بالاعتماد على الأدوات والمعدات الموجودة في عصره (القريطي، 2005) والتي تبناها متحف الوتني في الولايات المتحدة الأمريكية(WWW.eliwhitney (http://WWW.eliwhitney). Org) والذي يعتبر أحد البرامج التي تتناول الاهتمام بتدريب الطلبة الموهوبين ذوي الصعوبات التعلمية على حل المشكلات والتكيف مع البيئات المختلفة والذي صمم ليتم تطبيقه في عشرة أسابيع، ويهدف إلى تدريب الطلبة الموهوبين ذوي الصعوبات التعلمية لإكسابهم مجموعة من المهارات التي تشكل الاستراتيجيات التنظيمية، ويشمل الفئة العمرية من (9 إلى 11) سنة ويقوم على تطوير مجموعة من المهارات لإنجاز عدد من المشاريع وعلى رؤية كل مشروع أنه رحلة يكون قائدها الطفل نفسه، حيث يتحمل الطفل المسؤولية ليدرك ويختار قيادة المشروع بنفسه كما يتعلم الطفل وجود المعيقات التي يجب أخذها بالحسبان ويكون المعلم في بداية العمل على هذه المشاريع هو الموجه الرئيسي للطفل حيث يرشده لوجود العقبات وكيفية التغلب عليها وللبيئة والقيود التي قد تفرض تأثيرها على المشاريع خلال أسابيعه العشرة والتي قد تؤدي إلى التقدم لإنجاز هذه المشاريع أو قد تكون سبباً في التأخر لإنجاز هذه المشاريع وتستخدم النماذج الأصلية للمشاريع حتى يتعرف الطلبة على طريقة جديدة في التفكير حيث يدرب الطالب على طرح عدد من الأسئلة تمكنهم من التغلب على العقبات وصولاً الى المنتج المبدع .
يقوم هذا البرنامج على تعليم مجموعة من مهارات التفكير والتي تعتبر هامة جداً لكل خطوة من خطوات المشروع كالتخطيط، والتحضير والجدولة، والاستكشاف، والمطالبة، وهذه المشاريع هي:( Pinball Machine , Macrochip Controller , Rubber – band Powered car , Automatic Arm , Stage , Arm , Orrery , Marble Stair , Catapult and Castle , Drum) .
(السيارات المدعمة بالمطاط ، آلة الحلقات المتحركة، آلة الجلة المندفعة، المجموعة الشمسية، درج الجلة، السلاح، المسرح، الذراع الآلية، الطبل الآلي، القلعة والمنجنيق)
إن الهدف النهائي من هذا التدخل هو أن يصبح الطالب مستقلاً في تطوير وإكمال المشاريع لهذا السبب تستخدم عملية تدريب الخطوات والاستراتيجيات مع الإزالة التدريجية للدعم، الذي يستخدم بمستويات مختلفة أثناء عمل الطلبة إلى أن يستطيعوا استخدام هذه المهارات بشكل مستقل لإكمال المشاريع.وتكمن أهمية هذه المشاريع في التواصل مع الطلبة منذ بداية المشروع إلى نهايته من خلال الواجبات الصفية اليومية حتى يتمكن الطلبة من تطبيق هذا النموذج العملي على جميع واجباتهم الصفية دون الحاجة إلى وجود النموذج الحقيقي. ومن خلال تعلم مهارات عملية يمكن تكييفها ثم تطبيقها على المشاريع المدرسية في المرحلة الثانوية مما يسمح لهم بالنجاح وباستقلالية و من الممكن أن تكون المشاريع العشرة مصدراً للمتعة وفي الوقت نفسه وسيلة للتذكر وبأدوات تعليمية جديدة يمكن اكتسابها من خلال هذا البرنامج. ويمثل كل مشروع وحده منظمة على النحو الآتي:
اسم المشروع.
الغرض والهدف من المشروع.
الأدوات والوسائل اللازمة للإنجاز.
وصف الإجراءات التي سيقوم بها المدرب والمتدرب لتنفيذ المشروع.
تنفيذ الإجراءات وتطوير المشروع.
واجبات صفية يومية لتحسين مهارات اللغة العربية .
تطبيق الاستبانة الأسبوعية.
إن هذا البرنامج لا يزال قيد البحث والدراسة حالياً في جامعة ييل، وقد اهتمت الباحثة به عند عرضه في أحد المؤتمرات وبادرت إلى تطبيقه في الدراسة الحالية.
المراجع
الزيات، فتحي (2002). المتفوقون عقلياً ذوو صعوبات التعلّم. القاهرة: دار النشر للجامعات.
المؤتمر العلمي الرابع لرعاية الموهوبين (2005). ورشة عمل الموهوبون ذوو صعوبات التعلم. عمان، الأردن.
Baum ,S. & Owen, S. (2004). To Be Gifted &Learning Disabled, Creative LearningPress, Inc.
Hishinuma , E. (1993). Counseling gifted / dyslexic youngsters . Gifted child today, (16 ) 1 , 30-33.
Karnes,F. Shaunessy, A. & Bisland, A. (2004). Gifted students with disabilities are we finding them? Gifted children today, 27 (4), 16-22.
Sternberg, R. Lipka, J. Newman, T. wildfeuer, S. & Grigorenko, E. (2003). Triachially-based instruction and asseassment of sixth-grade mathematics in a yup'ik cultural sitting in Alaska .
رنا نادر الحاج عيس
ملخص البحث
شهد العقد الأخير من القرن العشرين اهتمام التربويين وعلماء النفس والباحثين وعلماء التربية الخاصة وأولياء الأمور بموضوع الموهوبين ذوي صعوبات التعلم والذي يعد ظاهرة تربوية ونفسية تتعلق بمفهوم يعكس تناقضاً وتداخلاً بين محدداته ومكوناته، حيث وجد العديد من التربويين والباحثين صعوبة في تقبل واستيعاب أن يحصل هؤلاء الطلاب على نسب مرتفعة في اختبارات الذكاء الرسمية في الوقت الذي يكون تحصيلهم متوسطاً في المدرسة إذ بدا من غير المستساغ لدى الباحثين والتربويين أن يكون الطفل موهوباً ولديه اضطرابات تعلميّة أو صعوبات تجعله من ذوي صعوبات التعلم (Newman& Sternberg,2004)
وقد ترتب على هذا التناقض أن بقيت هذه الفئة خارج نطاق الخدمات التربوية المناسبة التي تقدمها مؤسسات التربية الخاصة، كما ألقت الصعوبات التي يعاني منها هؤلاء الأطفال ظلالاً حجبت الرؤى عن الكثير من جوانب تفوقهم ومواهبهم.
ويؤكد الزيات (2002) أن الاهتمام بالطلبة الموهوبين ذوي الصعوبات التعلميّة بدأ يأخذ شكلاً رسمياً منذ عام (1981) عندما اجتمعت نخبة مشتركة من الخبراء في مجال التربية الخاصة والباحثين في مجال الصعوبات التعلميّة والموهوبين في جامعة جونز هوبكنز وطرحوا تساؤلات مهمة حول هذه القضية منها: مدى إمكانية معاناة الأطفال الموهوبين ذوي صعوبات التعلم، نتيجة لارتفاع مستوى ذكائهم أو قدراتهم أو نتيجة لعدم استثارة نشاطهم العقلي المعرفي إلى المستوى الأمثل للاستثارة(Optimum level of arousal) ، وما هي محكّات تحديدهم والتعرف عليهم و على برامج تعلميهم ورعايتهم، وكيف يمكن تشخيص ومعالجة صعوبات التعلم لدى هؤلاء الأطفال، واستثارة طاقاتهم وقدراتهم وتفعيلها إلى المستوى الأمثل من الكفاءة والفاعلية الذي يسمح به مستوى نشاطهم العقلي المعرفي، وقد اتفق الخبراء على أن الموهوبين ذوي الصعوبات التعلميّة فئة لها خصائص واحتياجات خاصة وأساليب تشخيص وبرامج أكثر تفرداً. وقد استنتج كل من حنا وشور (Hannah and shore, 1995 ) أن الأبحاث والدراسات التي طبقت في مجال الموهوبين ذوي صعوبات التعلم انحصرت في ثلاثة محاور وهي: دراسة الحالة، دراسات المقارنة بين الأداء الاختباري للموهوبين ذوي صعوبات التعلم وعددهم، دراسات تناولت فاعلية البرامج التربوية المتوفرة، كما اتجهت بعض هذه الدراسات إلى دراسة الاستراتيجيات التعويضية التي يستخدمها هؤلاء الطلبة للنجاح في المدرسة وبحثت الدراسات الأخرى في استراتيجيات التنظيم الذاتي.
وبالتالي فإن تعليم الموهوبين من ذوي صعوبات التعلم يجب أن يركز على الأفكار المجردة الواضحة وتعميم المهارات المتعلمة من خلال قيام المعلمين بتدريبهم على آليات تعلم الاستراتيجيات التنظيمية لمساعدتهم على الإنجاز ولتنظيم أنفسهم ولإيجاد البدائل عن الكتابة والقراءة لتسهيل عملية التواصل مع الآخرين.(Bandura, 1997;Zimmerman,1998)
وقد توصل رونلز إلى أهمية الاستراتيجيات التنظيمية التي يستخدمها الطلبة الموهوبون ذوو الصعوبات التعلمية أثناء تعلمهم والتي تصبح نظاماً فعالاً يخفف من مناحي الضعف بتطوير واستخدام المهارات التنظيمية التي يستخدمها الطلبة أثناء العملية المعرفية للتعلم والتي يكتسبونها خلال البرامج التدريبية المنظمة والتي تشكل البناء الأساسي للتعلم الذاتي الذي يحتاجه هؤلاء الطلبة لتطوير الاستراتيجيات التنظيمية .(Bandura,1997, Zimmerman,1989)
لقد أشار عدد من الباحثين إلى أن هؤلاء الطلبة يبدؤون بتطبيق الاستراتيجيات التنظيمية على طرقهم في التعلم والدراسة للنجاح في الحياة بشكل عام. لذلك تقوم هذه الدراسة بإلقاء الضوء على برامج تدريب الطلبة الموهوبين ذوي الصعوبات التعلمية وبالتحديد على برنامج ليوناردو (LeonardoMap) الذي يهتم بتدريب الطلبة الموهوبين ذوي الصعوبات التعلمية ، وقياس أثره على اكتسابهم الاستراتيجيات التنظيمية بتطبيقيه على عينة من طلبة المجتمع الأردني، وهي من الدراسات التجريبية النادرة في المجتمع العربي الأردني
و لابد من الاشارة الى دور المؤتمر العربي الرابع لرعاية الموهوبين -2005 في إثارة هذه القضية من خلال ورشة عمل الموهوبين ذوي صعوبات التعلم والتي طرحتها الدكتورة إلين جريجورينكو والتي دفعتني للبحث في هذا الجانب وأيضاً الملاحظات التي جمعتها الباحثة أثناء تطبيق البرامج العلاجية على الطلبة ذوي الصعوبات التعلمية والتي تشير الى سرعة بعض الطلبة في التقدم على الخطط الفردية التربوية واهتماماتهم وقدراتهم المرتفعة في الجوانب اللامنهجية.
الطلبة الموهوبون ذوو صعوبات التعلم:
أشارت بوم (Baum, 1985) إلى أن (33%) من الطلاب ذوي صعوبات التعلم لديهم قدرات عقلية مرتفعة(Superior intellectual abilities) تؤهلهم للتفوق، وأن التقدير أو التقويم غير الملائم لقدراتهم، أو تطبيق اختبارات الذكاء أو القدرات العقلية المحبطة تقود إلى تقدير إمكانات وقدرات هؤلاء الطلاب بأقل مما هي عليه في الواقع، ويبقى هؤلاء الطلاب في عداد ذوي صعوبات التعلم، ويعاملون في هذا الإطار، وتدريجياً تخبو لديهم جوانب التفوق ويتقلص إحساسهم بذلك، ويصبحون أسرى لهذا التقويم القاصر أو غير الملائم.
كما يرى وولف وساتر Suter & Wolf) ( أن المشكلة الرئيسية التي تواجه الموهوبين ذوي صعوبات التعلم هي مشكلة التعرف عليهم داخل كل من مجتمع الموهوبين ومجتمع ذوي الصعوبات التعلمية وحتى داخل مجتمع العاديين، حيث تتبادل جوانب التفوق وأنماط صعوبات التعلم تقنيع أو طمس كل منها الأخرى، ويصبح الطلبة خارج نطاق الاستفادة من الخدمات التربوية والإرشادية التي تقدم لكل منهم.
إن الأبحاث التجريبية التي أجريت حول خصائص واحتياجات هؤلاء الطلبة تعد قليلة نسبياً على الرغم من أنه تم الكشف عن هذه الظاهرة منذ أكثر من ثلاثة عقود وذلك لصعوبة تشخيص أعداد كبيرة منهم، نظراً لصعوباتهم التي تغطى على موهبتهم أو لعدم حصولهم على خدمات التربية الخاصة بسبب القوانين والتشريعات، أو بسبب أساليب القياس والتشخيص المحبطة وغير العادلة، وهذا كله يؤدي في النهاية إلى شعورهم بالإحباط والفشل.
وتشير الأدبيات في التربية الخاصة إلى أن الطلبة الموهوبين ذوي صعوبات التعلم هم الطلبة الذين يظهرون موهبة غير عادية وقدرات مرتفعة على الأداء وفي الوقت نفسه لديهم صعوبات تعلمية تجعل تعليمهم صعباً في إحدى المجالات التعليمية (Donna, et. al, 1997)
كما يعرّف نيو وأخرون (Neu & et.al, 2001) الموهوبين ذوي صعوبات التعلم بأنهم الأطفال الذين يظهرون ذكاءً أو اهتماماً ملحوظاً في بعض المناحي وضعفاً يسبب لهم المشكلات في النواحي الأخرى.
ويعرف (الزيات، 2002) المتفوقين عقلياً ذوي الصعوبات التعلمية بأنهم أولئك الطلبة الذين يملكون مواهب وإمكانات عقلية غير عادية مميزة تمكنهم من تحقيق مستويات أداء مرتفعة، ولكنهم يعانون من صعوبات في التعلم تجعل مظاهر التحصيل أو الإنجاز الأكاديمي فيها منخفضاً، ويعزى انخفاض تحصيلهم الأكاديمي إلى ضعف مفهوم الذات (Poor SelfConcept) الافتقار إلى الدافعية (Lack of Motivation)، انخفاض مستوى الجهد أو النشاط بوجه عام وصعوبات عامة في السلوك الاجتماعي أو الانفعالي.
بناءً على نتائج الدراسات حول الاستراتيجيات التعليمية للطلاب الموهوبين وللطلاب الذين يعانون من صعوبات تعلم هناك ثلاث فرضيات رئيسة وهي:
يستطيع هؤلاء الطلاب أن يتعلموا وأن يراكموا المعرفة بطرق غير تقليدية.
وبسبب وجود صعوبات لديهم فإن آليات التعويض تعتبر مصادر أساسية للتعلم.
يمكن لصعوبات التعلم أن تسبب الإحباط للفرد والفشل في مجالات محددة لأن متطلبات النجاح الأكاديمية تتحقق فقط عند الأفراد ذوي أنماط التعلم العادية (Brody & Mills, 1997).
كما أشارت بوم (Baum, 1995) إلى أن الطلبة الموهوبين ذوي الصعوبات التعلمية هم أولئك الطلبة الذين يظهرون موهبة أو تفوقاً غير عادي أو لديهم المقدرة على الأداء المرتفع ولكن صعوباتهم تؤدي إلى تدني تحصيلهم في بعض المواد الأكاديمية، وقد وزعت بوم الطلبة الموهوبين ذوي الصعوبات إلى ثلاث مجموعات،هي:
المجموعة الأولى: هم الطلبة الموهوبون الذين يظهرون صعوبات في المواد الأكاديمية في المدرسة وهؤلاء الطلبة غالباً ما يتم اعتبارهم من ذوي التحصيل المتدني والذي يعود إلى انخفاض تقدير الذات وتدني الدافعية، ولديهم بعض الخصائص الشخصية مثل الكسل وهذه الصعوبات قد لا تلاحظ أثناء فترة المهارات الأساسية للتعلم، ولكن عندما تصبح المهمات المدرسية أكثر تحدياً تزداد صعوباتهم بحيث يتدنى تحصيلهم إلى مستوى يقل عن أقرانهم وهنا قد يبدأ الشك بوجود صعوبة عند أحدهم .(Newman &Sternberg ,2004)
المجموعة الثانية: تتضمن هذه المجموعة الطلبة من ذوي الصعوبات التعلمية الشديدة والذين تتم ملاحظتهم وتشخيص صعوباتهم وإحالتهم إلى البرامج العلاجية وعادة لايتم ملاحظة قدراتهم المرتفعة ولا تشخّص هذه القدرات وغالباً ما يعود السبب إلى أساليب التقييم غير العادلة مثل اختبارات الذكاء ذات الدرجات المحبطة، وهؤلاء الطلبة لا يحالون عادةً إلى البرامج الخاصة بالموهوبين، كما أشارت نتائج إحدى الدراسات إلى أن (33 %) من الطلبة الموهوبين يقعون ضمن هذه المجموعة .(Baum, 1985)
أما المجموعة الثالثة: فتضم أكبر فئة من الموهوبين ذوي الصعوبات التعلمية والذين لا يخضعون لأي برنامج من برامج التربية الخاصة والطلبة ضمن هذه المجموعة غالباً ما تغطي قدراتهم المرتفعة على صعوباتهم، إذ يتواجد هؤلاء الطلبة في الصفوف العادية ولا يتأهلون لخدمات التربية الخاصة لأن قدراتهم تقع ضمن المتوسط ولا تلاحظ مشكلاتهم الخاصة، ولذلك فإنهم يستغلون أقل قدر من قدراتهم وطاقاتهم أثناء إنجازهم للمهمات المدرسية وبازدياد المهمات الأكاديمية ودون وجود الدعم التربوي المناسب فإن مهاراتهم الأكاديمية تنخفض وتنعكس سلباً على علاقاتهم بأفراد أسرهم وأقرانهم(Hishinuma,1993) .
بالاعتماد على طبيعة الصعوبات التعلمية ومستواها وطبيعة الموهبة ونوعها قد يظهر هؤلاء الطلبة خصائص محددة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بإحدى الفئتين: (الصعوبات التعلمية أو الموهوبين) وقد يظهرون قدرات مرتفعة على التحليل الإبداعي والقدرات التحليلية واستيعاب المفاهيم المعقدة وإدراك العلاقات. وعلى الرغم من ذلك يظهرون صعوبات خاصة بالمبادئ الأساسية لتعلم اللغة مثل الوعي الصوتي والتهجئة وإعادة الترميز واستدعاء حقائق الرياضيات البسيطة. وقد يلجأ هؤلاء الطلبة إلى استخدام قدرات التحليل الإبداعي لتهجئة المقاطع ولتذكر المعلومات المقدمة شفوياً ويعتمدون على الرموز الموجودة في المحتوى لفهم النص ، إلا أنهم قد يظهرون قدرات محدودة في مواد أكاديمية أخرى. كما قد يساهم الطفل الموهوب ذو الصعوبات التعلمية بفاعلية في النقاش الصفي، ولكن أداءه قد يكون متدنياً في الاختبارات التحصيلية، وقد يكون أداء هؤلاء الطلبة على المهام المعقدة أفضل من أدائهم في المهمات البسيطة، إلا أن أهم ما يميز هؤلاء الطلبة هي الخصائص المرتبطة بالقدرات المعرفية المرتفعة والإبداعية ومفهوم الذات والدافعية والكفاءة الشخصية والسلوك.
(Whimore&maker1985)
وقد ارتكزت معظم الدراسات والأبحاث التي اختبرت المهارات الإدراكية والمعرفية لهؤلاء الطلبة على أبعاد تم اشتقاقها من مقياس وكسلر للذكاء (Wisc–R) حيث ركزت هذه الأبحاث على دراسة احتمالية وجود أنماط معرفية تميز الأطفال الموهويين ذوي الصعوبات التعلميّة كمجموعة من خلال نتائج ثلاث دراسات هامة والتي توصلت إلى نظرة شاملة حول أنماط التعلم لهؤلاء الأطفال. حيث قامت فوكس وزملاؤها من جامعة جونز هوبكنز (1983) بدراسة نتائج اختبار وكسلر لــ 450 طفلاً موهوباً من ذوي الصعوبات التعلمية الذين تراوحت أعمارهم بين (6-15) سنة من ذوي الصعوبات القرائية، وتم تحديد موهبة هؤلاء الطلبة من خلال تطبيق مقياس وكسلر حيث حصل هؤلاء الطلبة على درجة كليه مقدارها (125) كما تم الحصول على المعلومات حول صعوباتهم في القراءة من خلال دراسة الحالة وملاحظة السلوك، والتحصيل القرائي الذي كان أقل بصفين من مستواهم، ثم قام الباحثون بتصميم اختبار فرعي بناءً على مقياس بناتين (Bannatyne) لقياس مهارات المعرفة المكتسبة والمفاهيم والتسلسل والذاكرة البصرية الأدائية.
وتوصلت فوكس وزملاؤها إلى أن الطلاب الذين يعانون من صعوبات تعلم خاصة في مجال القراءة يكون أداؤهم أفضل في المهام البصرية والمفاهيمية ويقل أداؤهم في المهام التي تتطلب الاسترجاع والحفظ للحقائق المجرّدة والتسلسل. كما قام كل من شيف وكوفمان (Schiff & Kaufman ) بفحص مجموعة من قدرات الطلاب الموهوبين لـ 30 طالباً تتراوح أعمارهم بين (9 – 16) سنة تم اختيارهم من العيادات الخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية والذين تم تصنيفهم على أنهم أذكياء حيث حصلوا على أعلى من (120 درجة) كلية على مقياس وكسلر كما تم تحديد صعوباتهم التعلمية من خلال التباين بين القدرة العقلية والتحصيل في مجالات أكاديمية محددة.
أظهرت نتائج هذه الدراسة وجود العديد من السلوكات المرتبطة بصعوبات التعلم مثل النشاط الزائد، والقدرات البصرية الحركية المنخفضة، مهارات حركية دقيقة ضعيفة، عند هؤلاء الطلبة وكان لأولياء الأمور دورٌ بارزٌ في المساعدة على تشخيصهم.
كما توصل الباحثون إلى أن أداء الطلبة على الاختبارات التي تقيس المفاهيم اللفظية والمعرفة المكتسبة كانت أعلى عند هؤلاء الطلبة من أدائهم في الاختبارات التي تقيس المهارات البصرية والتسلسلية، ويعود سبب الاختلاف بين الدراستين إلى الأسباب التالية:
1- اختلاف مجتمع الدراسة في الدراستين، حيث درست فوكس طلاباً ذوي صعوبات تعلميّة قرائية وكان مستوى أدائهم الأكاديمي أقل بعامين من مستوى أقرانهم بينما لم تقم شيف بتحديد المستوى القرائي للطلبة في دراستها.
2- كان مستوى أداء الطلبة في دراسة شيف موازياً أو أعلى من مستواهم الصفي، لذلك حققوا النجاح في المفاهيم اللفظية والمعرفة المكتسبة.
إلا أن كلتا الدراستين أكدتا على أن الطلبة الموهوبين ذوي الصعوبات التعلمية قادرون على الفهم والتفكير المجرد. والسبب في انخفاض أدائهم المدرسي يعود إلى الضعف في مهارات الذاكرة والتعامل مع الحقائق المجردة وإلى الصعوبات في القدرات والمهارات التنظيمية (Baum & Owen, 2004).
خصائص الطلبة الموهوبين ذوي الصعوبات التعلمية
من الأمور الشائعة بين هؤلاء الطلبة تمتعهم بروح الدعابة وامتلاكهم لمجموعة كبيرة ومتطورة من المفردات اللغوية إلا أنه وبالرغم من ذلك يعاني البعض منهم من انخفاض القدرة على فهم الدعابة وتفسير الرموز الاجتماعية مما يؤثر سلباً على تفاعلاتهم الشخصية، كما قد يمتلكون مجموعة واسعة من الاهتمامات في مجالات دقيقة إلا أن تركيزهم ودافعيتهم قد يتشتتا بسهولة في المهمات الأكاديمية البسيطة، ومن الصفات الملاحظة عند هؤلاء الطلبة عدم القدرة على الموازنة بين اهتماماتهم وقدراتهم، ولسوء الحظ يستخدم المعلمون هذا التباين كإشارة إلى أن هؤلاء الأطفال غير موهوبين ويركزون على نقاط الضعف وعلى تشخيص الصعوبات التعلمية لديهم وإهمال نقاط القوة عندهم، مما يؤدي إلى إحالتهم إلى برامج التربية الخاصة غير المناسبة.
عادة ما تعكس خصائص الطفل الموهوب ذي الصعوبة التعلمية مناحي القوة أو الاهتمامات وقد يلجأ هذا الطالب لتوظيف قدراته القيادية المرتفعة ومهاراته الشخصية المميزة لتعويض تشتت انتباهه والذي يعتبر أحد مناحي ضعفه. ومن الناحية الأخرى فإن مشكلات الإدراك ومعالجة المعلومات والذاكرة، أو المشكلات الحركية قد تؤدي إلى انخفاض قدراته على الاستماع والتركيز وإلى الحركة الزائدة أو إلى عدم القدرة على تنظيم المهارات الدراسية وإلى صعوبات التكيف في المواقف الجديدة، ولذلك قد يشعر الطالب بالإحباط أو القلق بسبب صعوبة تأدية المهمات والتي تعد بسيطة مقارنة بأقرانه. وقد يوظف هذا الطالب ميكانزمات دفاعية مثل الشعور بالدونية، والانسحاب، وإثارة الانتباه، وأنماط سلوكية سلبية أخرى مثل التململ، والانتقاد الدائم لبرامج المدرسة، وتجنب ذكي للمهمات الصعبة ورفض أداء المهمات التي تمس نواحي ضعفه، وهذه الخصائص تؤدي إلى عدم انتباه المعلمين والأشخاص الآخرين المحيطين به إلى سلوكاته التي تعكس مناحي القوة وإلى التعامل مع السلوكات الحالية مثل التشتت، عدم التعاون، عدم التنظيم، لذلك يصعب عادة تحديد مشكلاته الاجتماعية، وفي الغالب يتم تشخيصه اجتماعياً من خلال علاقاته بأقرانه في الصف العادي أو بالمقارنة مع أقرانه من ذوي الصعوبة التعلمية حيث لا يجاريه أقرانه في الاحتياجات وفي مناحي القوة ويواجه الطالب صعوبات في مفهوم الذات والحساسية نحو الآخرين، والسلوكات السلبية، وهذا يضاف إلى دائرة الإحباط عنده إلا إذا تم تعريضه إلى أساليب التشخيص والتدخل الصحيح والمناسب .(Gadynik ,Ursula, McDonald ,Linda ,Roper Review, 2005)
برامج الموهوبين ذوي الصعوبات التعلمية
لاحظ وايتمور وميكر (Whitmore & Maker, 1985) أنه عند تقديم الخدمات التربوية لهؤلاء الطلبة لاعتماد البديل التربوي المناسب فإن برامج غرف المصادر عادةً ما تركز على مناحي الضعف بتناول الأساليب العلاجية. وهذا البديل لا يوفر الفرص لظهور المستويات الإبداعية المرتفعة من اهتمامات الطلبة الموهوبين، من هنا فإن برامج الصف العادي قد تكون الأفضل في توفير خدمات تثير الاهتمامات والقدرات العقلية المرتفعة بدلاً من توفير برامج علاجية محددة لتلبية احتياجات الطلبة ذوي الصعوبات التعلمية أو توفير برامج خاصة للموهوبين تسمح بظهور المستويات المرتفعة لقدراتهم بتفاعلهم مع الطلبة الموهوبين الآخرين، ولكن هذه البرامج غالباً ما تشجع المهارات القرائية المرتفعة والتي قد تكون أكثر تقدماً من قدرات الطلبة الموهوبين بسبب صعوباتهم التعلميّة، والبديل الأكثر شيوعاً هو تشكيل صفوف للطلبة ذوي القدرات المزدوجة، (وهذا البديل يحد من الانتقال من صف إلى آخر ومن معلم إلى آخردون تقديم الخدمات التربوية المناسبة) . حيث يتم في هذه الصفوف تقديم الخدمات بشكل متوازن من برامج منظمة للموهوبين وبرامج تربية خاصة في نفس الوقت والمكان. وبالتالي لابد من أن تركز أساليب التعليم على تكييف مناحي القوة ومناحي الضعف عند هؤلاء الطلبة باستخدام استراتيجيات بديله للتقييم والتعليم كاستخدام محاضرات مسجلة، العروض الشفوية..... الخ (Rosner & Seymour, 1983).
كما أشار كل من كرونشاك، مورس، جونز، دانيال، وولف وجاي إلى أن البرامج الناجحة يجب أن تبنى على الاحتياجات الفردية لكل طفل وعلى البديل التربوي المناسب الذي يركز برامجه على تعلم الاستراتيجيات التعويضية والمفاهيم ذات المستويات المرتفعة وتوفير برامج إرشادية للطلبة وأولياء أمورهم (كرونشاك، مورس، جونز، 1980، دانيال، 1983، وولف وجاي، 1981)
وقد اقترح الزيات (2002 ) عدداً من الاستراتيجيات في ضوء طبيعة مجتمع هؤلاء الطلبة:
تفريد (Individualized) برامج تربية وتعليم هؤلاء الطلاب.
تخصيص فصول خاصة للطلاب المتفوقين عقلياً ذوي صعوبات التعلم.
استخدام أو تكييف الخدمات التربوية والبرامج القائمة أو المتاحة.
استخدام وتكييف استراتيجيات وتقنيات تدريسية ملائمة.
كما أشار كل من سيلفرمان وباسكا وتاسل(Silverman, Tassel, Baska, 1991) إنه عند تصميم البرامج التربوية الملائمة لهؤلاء الطلاب أن يؤخذ في الاعتبار نقاط القوة ونقاط الضعف، فتستثير الأولى وتدعمها وتنميها وتتجنب الثانية وتعالج قصورها أو الصعوبات الناشئة عنها أو المترتبة عليها وعلى نحو أكثر تحديداً يحتاج الطلاب الموهوبون ذوو صعوبات التعلم إلى ما يلي:
برامج دراسية ذات مستوى عال أو على الأقل برامج للمتفوقين تبنى على جوانب التفوق أو المواهب.
برامج تدريسية لتنمية الجوانب التي يكون مستوى هؤلاء الطلاب فيها متوسطاً.
تدريس علاجي (remedial teaching) يتناول جوانب القصور أو العجز أو الصعوبات التي يعاني منها الطلاب ( Fox, Brody & Tobin, 1983).
ويجب أن تقوم هذه البرامج على مشاركة فعّالة لفريق عمل مكون من:
أخصائي أو متخصص في التفوق العقلي أو الموهبة.
الأبوين.
أخصائي أو متخصص في صعوبات التعلم.
ممارس أو خبير قياس أو تقويم تشخيصي.
الطالب أو الطالبة ( Baska, 1991, Silverman, 1989, Tassel ).
كما يقترح الزيات (2002) بعض الأساليب للمعلمين في التعامل مع هؤلاء الطلبة وهي:
أ. بالنسبة للمشكلات الأكاديمية:
تقدّيم المادة العلمية بأساليب متنوعة تستثير معظم الحواس بصرياً وسمعياً ولمسياً مع تكليف هؤلاء الطلاب بكتابة المادة العلمية وإعدادها.
أعطاء الطلاب الفرص الملائمة لتوظيف ما لديهم من معارف ومعلومات وتقديمها بأساليب متنوعة: تقارير مكتوبة، تقارير شفهية، اختبارات سريعة ومختصرة، تطبيقات عملية.
تقديم بدائل خبرات التعلم والتي لا تعتمد على الورقة والقلم أو القراءة مثل: المتاهات، الألعاب المنطقية أو العقلية، الرسوم، المعالجات الحسابية أو الرياضية.
جلوس الطالب في مكان يمكنك أن تراه وتتابعه بسهولة.
أعطاء تكليفات واقعية مع استخدام التعاقدات وتواريخ محددة ومعقولة، لإكمال الواجبات المدرسية و التي غالباً ما تكون أقصر لهؤلاء الطلاب.
ب. بالنسبة للمهارات التعويضية:(compensatory skills)
تعليّم الطالب وتدريبه على استخدام الآلات الكاتبة والكمبيوتر، وتشجيعه على استخدام الآلات الحاسبة وأجهزة التسجيل كمعينات أو وسائل تعليمية مدعمة.
تعليّم الطالب و تدريبه على النواحي التنظيمية واستراتيجيات حل المشكلات مستخدماً تكنيكات تعديل السلوك المعرفي.
ج. بالنسبة للحاجات الوجدانية أو الانفعالية:
تخفيف الضغوط الأكاديمية كأسلوب من أساليب تجنب الإحباط والافتقار إلى الدافعية.
استخدام جوانب القوة لدى الطالب والأنشطة الأخرى التي يحقق فيها تفوقاً، وتعزيز التقدم الذي يحرزه الطالب في جوانب الضعف.
استخدام الألعاب الجماعية التي تشجع الطالب على التحدث، وعقد لقاءات أو اجتماعات دورية بين الطلاب للتعرف على مشاعرهم ومناقشة مشكلاتهم.
استخدام التعلم بالنمذجة عن طريق دمج الطلاب المتفوقين عقلياً ذوى صعوبات التعلم مع إقرانهم من المتفوقين عقلياً ذوي التحصيل المرتفع كي يكتسبوا منهم ما يمكن اكتسابه وتعلمه.
شرح وتفسيّر النواحي الايجابية المترتبة على كون الفرد متفوقاً عقلياً مع تخفيف الآثار السلبية بسبب أن لديه صعوبة أو أكثر من صعوبات التعلم.
أما البرامج المختلفة الذي تؤسس للعمل مع هؤلاء الطلبة فإنها تقوم على تعزيز قيم التفوق وجوانب القوة المرتبطة به ومنها:
انه متفوق عقلياً.
انه ذكي ذو إمكانات عقلية غير عادية.
انه إنسان لديه جوانب قوة وجوانب ضعف.
كما ذكر كل من شور ودوفر وستيرنبرغ (Shore&Dover, 1987, Sternberg,1981) أن استخدام التفكير حول التفكير ومهارات حل المشكلات لمعالجة المعلومات يكون أسرع وأكثر فاعلية عند تعليم الطلبة الموهوبين ذوي الصعوبات التعلمية.
وانتقدت كل من بوم وأوين(Baum & Owen, 2004) البرامج العلاجية لتعليم المهارات الأساسية القائمة على التكرار لإتقان هذه المهارات ،حيث أثبتت الدراسات عدم فاعلية هذه البرامج. كما أكدا على أهمية تعليم الاستراتيجيات التعويضية عند أداء المهمات المختلفة حيث أثبتت هذه الاستراتيجيات فاعليتها بين طلبة الجامعة ذوي الصعوبات التعلمية.
التربويون باعتبارهم توفير تعليمات على مستوى عالٍِ لحل المشكلات وتوفير برامج تشجع التطور الأكاديمي بناءً على الاستراتيجيات التعويضية مما يؤدي إلى تحسن مفهوم الفرد عن نفسه كفرد قادر على حل المشكلات للتغلب على المشكلات الأكاديمية.
(Hansford 1987, Reisetal, 2000)
حيث يتوجه هؤلاء الطلبة إلى كونهم استراتيجيين ويستطيعون اللجوء إلى أكثر من مصدر عند حل المشكلات التي تواجههم أكثر من الطلبة غير الموهوبين ذوي صعوبات التعلم (Coleman, 1992) ومن خلال مراجعات نيومان (Newman, 2004) للأدب التربوي في مجال تقديم الخدمات لهؤلاء الطلبة لخصت نيومان التدخلات التربوية إلى ثلاثة أنواع مختلفة:
التدخل في الصف العادي.
سحب جزئي من الصف العادي (معظم هذه البرامج هي إثرائية حيث يجد الطالب فيها الفرص لتطوير نواحي القوة والاهتمامات في بيئة داعمة تهدف إلى تطوير موهبة الطلبة).
البرامج الخاصة (صف خاص، مدارس خاصة تصمم لدعم احتياجات الطلبة ذوي الاحتياجات المتعددة).
من خلال استعراض البرامج التقليدية فإن تعليم وتدريب الموهوبين ذوي الصعوبات التعلمية في تلك البرامج لا يساعدهم على تطوير وتدريب إمكاناتهم واحتياجاتهم لعدة أسباب منها:
قد لا تنطلق تلك البرامج من اهتمامات هؤلاء الطلبة والتي تعتبر نقاط قوة عندهم.
تركيز غالبية تلك البرامج على علاج القراءة والكتابة فقط.
3. عندما يحال بعض هؤلاء الطلبة إلى برامج الموهوبين فإن هذا الموضوع غالباً يضيف أعباءً ثقيلة على الطالب بدلاً من تصميم منهج خاص به ينطلق من اهتمامه وقدراته.
4. قد لا تحتوى البرامج الحالية على إرشاد تربوي ونفسي مناسب للحالات المختلفة لتلك الفئة اعتقاداً بأن الموهوب يستطيع العمل باستقلالية.
والتصميم المناسب لبرامج الموهوبين ذوي الصعوبات التعلمية يجب أن يتضمن:
تشجيع الطلبة لاكتساب المعلومات وتبادل الأفكار بطرق إبداعية انطلاقاً من موهبتهم واهتماماتهم الخاصة بهم.
توفير مواد ومناهج متخصصة من خلال محاضرين متخصصين، الزيارات الميدانية، الأفلام.
الاستعانة بالأشخاص من ذوي الخبرات الناجحة كمدربين.
إتاحة الفرص المختلفة للطلبة لكي يتعرفوا على اهتماماتهم المختلفة والتي تنطلق من نقاط القوة لهؤلاء الطلبة.
5. أن تتضمن هذه البرامج المنهاج الفوق معرفي والذي يعكس ايجابياً على هؤلاء الطلبة من خلال استخدام الاستراتيجيات المختلفة التي تساعدهم على النجاح والتغلب على صعوباتهم التعلميّة (Baum& Owen ,2004).
وتالياً عرض لبعض البرامج التي يتم تطبيقها في الولايات المتحدة الأمريكية لمساعدة الموهوبين ذوي الصعوبات التعلمية:
التسريع.
الإثراء.
برامج مصممة بشكل خاص.
الصفوف الخاصة.
1. التسريع:
حيث يركز البرنامج على تسريع موهبة أو اهتمامات محددة لمساعدة الطلبة على تطوير موهبتهم من خلال إدراجهم في دورات ومناهج متقدمة ومحددة( في الرياضيات مثلاً) والتي تمثل تحدياً لقدرات الطالب ذي الاستعداد المرتفع في الرياضيات حيث تصمم المناهج المتقدمة لإثارة الدافعية لتحقيق المنتج الإبداعي انطلاقاً من موهبة الطالب نفسه مع بقاء الطالب في البرامج العلاجية القائمة للتعامل مع مشكلاته في صعوبات التعلم ومثال على ذلك برنامج (Montgemery) في ولاية ميرلاند.
2. الإثراء:
ومن أشهرها برنامج رنزولي الاثرائي (Renzulli & Reis, 1997) والذي صمم خصيصاً للموهوبين ذوي صعوبات التعلم لعدة أسباب:
مرونة التعريفات التي تسمح لهؤلاء الطلبة أن يكونوا مشاركين ضمن مجموعة إثرائية على أساس اهتمامهم.
2. يعرض البرنامج الطلبة إلى مجموعة واسعة من الأنشطة والتي صممت بهدف إثارة دافعية الطلبة وتشجيعهم على الإنتاج المبدع.
ويختلف هذا البرنامج عن البرامج الإثرائية الأخرى، لأنه يتكون من منهاج مصمم لإثارة قدرات الطلبة للتحدي والعمل الذي يرتكز على نقاط قوة واهتمامات الطلبة أنفسهم.
يعد برنامج التلمذة (Mentorship) أحد الأمثلة على تصميم برنامج رنزولي والذي يطبق في جامعة (Connecticut, Stross, CT) حيث يطلب من المشارك عمل ما يلي:
القيام بدور الممارس الماهر أثناء حل المشكلات الحقيقية.
تطوير علاقة تعاونية مع الباحث تنطلق من اهتمامات المشارك.
مساعدة المشارك ليتعرف على نقاط قوته واهتماماته بإتاحة الفرص المختلفة.
قيام الطلبة بتصميم مقال مصور عن بحث يعدونه بمشاركة المعلمين المشرفين.
إتاحة المجال للطلبة للتعاون مع طلبة آخرين من نفس الاهتمامات.
ممارسة الطلبة حياة الجامعة الحقيقية وإجراء البحث في الحقول التي تناسب اهتماماتهم.
تطبيق هذا البرنامج تحت إشراف فريق من الخبراء المتخصصين من معلمي المدارس الثانوية.
حصول المشتركين على شهادة جامعة كنتكت عند إنهاء الطلبة لمتطلبات البرنامج.
3. برامج مصممة بشكل خاص:
مشروع الآمال العليا ( high Hopes Project)
تم تصميم هذا البرنامج تحت قانون جافت (Javits Act Program) للفنانين / العلماء / المهندسين الموهوبين من ذوي الاحتياجات الخاصة وتدريبهم لتطبيق مهارات جديدة ضمن التخصصات والمهن المختلفة، وقد طبّق هذا المشروع في المدرسة الأمريكية للصم في (West Harford\ Connecticut) حيث شارك (27) طالباً في عدد من المشاريع من خلال مساهمة الطلبة في حل مشاكل حقيقية. حيث توفر تلك الخبرة العملية في حل المشكلات فرصة تعليمية نادرة ليصبحوا قادرين على حل مشكلات الحياة الحقيقية، تم توزيع الطلبة إلى فرق متعددة التخصصات انطلاقاً من اهتماماتهم (مهندسين / علماء / فنانين) للتعاون على حل المشكلات ضمن الفريق المتعدد التخصصات. والهدف الرئيسي كان التوصل إلى مقترحات يتضمن حلولاً إبداعية لإعادة بناء بحيرة في مدرسة الصم والتي كانت تعاني من مشكلات مائية متعددة.
تعلم الطلبة المهارات التنظيمية من خلال تجزئة المشكلة الرئيسية إلى مهمات متسلسلة وتحديد مسؤولين عن تنفيذ كل مهمة وتحديد الزمن اللازم لإنهائها والتحدي في حل مشكلة واقعية ضمن زمن محدد كان يتطلب من الطلبة تنظيم جهودهم للتوصل إلى حل فعّال للمشكلة لتحقيق الفائدة والمنفعة وبالكلفة الاقتصادية المناسبة.
4. الصفوف الخاصة:
أسست بعض المقاطعات في الولايات المتحدة الأمريكية برامج الصفوف الخاصة للموهوبين من ذوي الصعوبات التعلمية، ومن أشهرها مدرسة ميرلاند الحكومية (Maryland public school) في مقاطعة مونتجمري والتي تساعد (50) طالباً بثلاثة برامج للمرحلة المتوسطة، وبرنامجين للمرحلة الثانوية، وتقوم هذه البرامج على الموازنة بين متطلبات تطوير الموهبة والاحتياجات الأكاديمية لكل طالب بإعداد مناهج متقدمة لتطوير الموهبة ومع تعديلات ملائمة للتعويض عن الصعوبات التعلمية في صفوف ذات أعداد قليلة وبإتاحة الفرص للتعلم النشط.(Hands-on Learning)
كما تعد مدرسة جرين وود ( Green Wood School) أحد الأمثلة على تلك البرامج والتي تم تصميمها للطلبة من عمر (10-15) سنة من ذوي الصعوبات التعلمية في القراءة والكتابة والرياضيات والذين يتميزون بقدرات عقلية مرتفعة. حقق الطلبة في هذه المدرسة النجاح لأن البرنامج تم تصميمه لتلبية احتياجات كل الطلبة من النواحي: (العقلية / الانفعالية / الإبداع / النواحي الجسدية).
(www.the (http://www.the) green wood school.org/academics/village.cfm)
نظرية الذكاء الناجح
بناءً على ما سبق فإن نظرية ( الذكاء الناجح ) لستيرنبرغSternberg )) تركز عند تدريب الموهوبين ذوي الصعوبات التعلمية على تطوير القدرات العملية التي تؤدي إلى النجاح في الحياة بشكل عام من خلال تطبيقات برنامج ليوناردوماب Leonardomap)) الذي يطبق في جامعة ييل في ولاية كنتكت بهدف إكساب هؤلاء الطلبة الاستراتيجيات التنظيمية بالتركيز على نقاط القوة ، إذ إن معظم البرامج العلاجية للطلبة الموهوبين ذوي الصعوبات التعلميّة تدرب المهارات الأساسية للتعلم بالتركيز على نقاط الضعف، ولذلك فإن فرصهم لإظهار السلوكات التي تدل على موهبتهم هي فرص قليلة.
يشير الدكتور ستيرنبرغ الى أن هذه النظرية هي نسخة مطورة من النظرية الثلاثية في الذكاء الإنساني النظري الذي يزود المعلم بتوجيهات عامة وتفصيلية من جهة ، كما تمتاز بالبحث التجريبي وتوفير الكتب والمواد التي تسهل مهمة المعلم في التدريس من أجل الذكاء الناجح من جهة أخرى،ووجهة النظر الرئيسية لنظرية ستيرنبرغ في (الذكاء الناجح) تقوم على أن المهارات التقليدية التي يتم تعليمها في المدرسة هي ليست المهارات المهمة الوحيدة لنجاح الإنسان في حياته. إذ أن هناك مجموعة من القدرات المتداخلة التي يحتاجها الإنسان لتحقيق هذا النجاح والتي يكتسبها الإنسان من محيطه الثقافي الاجتماعي ومن خلال التركيز والتأكيد على نقاط القوة لتعويض نقاط الضعف.
يعرف ستيرنبرغ وجريجورينكو Sternberg&Grigorenko))الذكاء الناجح بأنه نظام متكامل من القدرات اللازمة للنجاح قي الحياة كما يعرفه الشخص ضمن سياقه الثقافي الاجتماعي ، والشخص الذي يتمتع بالذكاء الناجح يميز نقاط القوة لديه ويستفيد منها قدر الإمكان ، وفي نفس الوقت يميز نقاط ضعفه ويجد الطرق لتصحيحها أو التعويض عنها، كما يتميز هؤلاء الأشخاص بأنهم يتكيفون ويختارون البيئات من خلال التوازن في استخدامهم للقدرات التحليلية والإبداعية والعملية ، لذلك لا يوجد تعريف واحد للذكاء الناجح عند الأفراد لكي يتعرفوا على مناحي قوتهم ويستخدمونها إلى أقصى درجة في حياتهم اليومية ويتعرفوا على مناحي ضعفهم ويحددون الطرق المختلفة للتعويض عنها وبما أن كلا الجانبين ضروري للنجاح في الحياة العملية يحتاج الطلبة ليتعلموا كيف يصححون التوقعات عن أدائهم في الجوانب التي ينخفض فيها عما يتوقعونه، ومن ناحية أخرى عليهم أن يدركوا أنه لا يمكن أن يتفوقوا في كل الجوانب، وتوجه هذه الرؤية الأفراد للبحث عن الطرق والأساليب المختلفة للتغلب على مناحي ضعفهم مثل طلب المساعدة من الآخرين وبنفس الوقت مساعدة الآخرين كرد للجميل، وانطلاقاً من هذه النظرية يستخدم الأفراد طرقهم الخاصة الفردية باستخدام مجموعة من المهارات والقدرات المتداخلة الضرورية لتحقيق النجاح في الحياة (أبو جادو،2006).
وتتضمن النظرية بهذا المفهوم العديد من التطبيقات لتعليم الذكاء الناجح حيث تتّبع المعلمة عدداً من الطرق والأساليب أثناء عملية التعليم إذ لا توجد طريقة واحدة صحيحة للتعليم والتعلم كما لا يوجد طريقة صحيحة واحدة لتقييم إنجاز الطلبة، والتعليم والتقييم يجب أن يطبقا بناءً على الموازنة بين التحليل والإبداع والتفكير العملي. وبالأساس يحتاج المعلمون لمساعدة طلبتهم لمعرفة أساليبهم المعرفية الخاصة ولمعرفة مناحي القوة وبنفس الوقت مساعدتهم للتصحيح أو التعويض عن مناحي الضعف، لذلك يحتاج الطلبة مثل المعلمين إلى تطوير المرونة من خلال تزويدهم بخيارات متعددة ومختلفة عند تقييم أدائهم ، فعندما يفكر الطلبة كي يتعلموا فإنهم أيضاً يتعلمون ليفكروا والطلبة عندما يتعلمون بطريقة التحليل والإبداع والطرق العملية فإن أداءهم يتحسن بغض النظر عن شكل التقييم المقدم إليهم وبما أن نجاح الطلبة يحتاج إلى تعريف المصطلحات المهمة لهم ولحياتهم فإن الطلبة يحبون أن يشاهدوا تلك المعاني إذا قام المعلمون بتوفير عددٍ من الأمثلة والنماذج للمفاهيم التي تقدم من خلال مجموعة كبيرة من التطبيقات العملية. في بعض الأحيان قد تتردد بعض المعلمات الأخريات بالتدريس من أجل الذكاء الناجح لأنهم يؤمنون بأن هذه الأساليب يمكن أن تطبق من قبل بعض المعلمات للطلبة ولكن ليس من قبلهم، وذلك حسب نوع التعليم الذي تفضله المعلمة، وبالتالي فإن أداء الطلبة يتحسن ويصبح أفضل من تعلمهم بطرق التعليم التقليدية. وذلك من خلال استخدامهم لمعارفهم العملية التي تساعدهم على التعلم إذا أتاح لهم المعلمون الفرص لاستخدام تلك المعرفة لتحقيق النجاح، ومن هنا فإنه لابد من تشجيع المعلمين لكي يعملوا ويقيموا ما تم عمله بطرق تمكن الطلبة من التحليل والإبداع وتطبيق معارفهم لأنه عندما يتعلم الطلبة بطريقة التحليل والإبداع والتطبيق العملي فإن أداءهم على الاختبارات يكون أفضل مهما كان نوع هذا الاختبار . (Baum&Owen,2004)
برنامج ليوناردو
من خلال برنامج ستيرنبرغ وزملاؤه والذي يستند إلى نظرية الذكاء الناجح جاء تطبيق برنامج ليوناردوماب نسبة إلى الفنان العبقري ليوناردو دافنشي الذي أبدع مئات اللوحات الفنية وترك ألوف المخططات التي شملت تصميمات معمارية للمدن والمباني والجسور والطائرات والمعدات والروافع بالاعتماد على الأدوات والمعدات الموجودة في عصره (القريطي، 2005) والتي تبناها متحف الوتني في الولايات المتحدة الأمريكية(WWW.eliwhitney (http://WWW.eliwhitney). Org) والذي يعتبر أحد البرامج التي تتناول الاهتمام بتدريب الطلبة الموهوبين ذوي الصعوبات التعلمية على حل المشكلات والتكيف مع البيئات المختلفة والذي صمم ليتم تطبيقه في عشرة أسابيع، ويهدف إلى تدريب الطلبة الموهوبين ذوي الصعوبات التعلمية لإكسابهم مجموعة من المهارات التي تشكل الاستراتيجيات التنظيمية، ويشمل الفئة العمرية من (9 إلى 11) سنة ويقوم على تطوير مجموعة من المهارات لإنجاز عدد من المشاريع وعلى رؤية كل مشروع أنه رحلة يكون قائدها الطفل نفسه، حيث يتحمل الطفل المسؤولية ليدرك ويختار قيادة المشروع بنفسه كما يتعلم الطفل وجود المعيقات التي يجب أخذها بالحسبان ويكون المعلم في بداية العمل على هذه المشاريع هو الموجه الرئيسي للطفل حيث يرشده لوجود العقبات وكيفية التغلب عليها وللبيئة والقيود التي قد تفرض تأثيرها على المشاريع خلال أسابيعه العشرة والتي قد تؤدي إلى التقدم لإنجاز هذه المشاريع أو قد تكون سبباً في التأخر لإنجاز هذه المشاريع وتستخدم النماذج الأصلية للمشاريع حتى يتعرف الطلبة على طريقة جديدة في التفكير حيث يدرب الطالب على طرح عدد من الأسئلة تمكنهم من التغلب على العقبات وصولاً الى المنتج المبدع .
يقوم هذا البرنامج على تعليم مجموعة من مهارات التفكير والتي تعتبر هامة جداً لكل خطوة من خطوات المشروع كالتخطيط، والتحضير والجدولة، والاستكشاف، والمطالبة، وهذه المشاريع هي:( Pinball Machine , Macrochip Controller , Rubber – band Powered car , Automatic Arm , Stage , Arm , Orrery , Marble Stair , Catapult and Castle , Drum) .
(السيارات المدعمة بالمطاط ، آلة الحلقات المتحركة، آلة الجلة المندفعة، المجموعة الشمسية، درج الجلة، السلاح، المسرح، الذراع الآلية، الطبل الآلي، القلعة والمنجنيق)
إن الهدف النهائي من هذا التدخل هو أن يصبح الطالب مستقلاً في تطوير وإكمال المشاريع لهذا السبب تستخدم عملية تدريب الخطوات والاستراتيجيات مع الإزالة التدريجية للدعم، الذي يستخدم بمستويات مختلفة أثناء عمل الطلبة إلى أن يستطيعوا استخدام هذه المهارات بشكل مستقل لإكمال المشاريع.وتكمن أهمية هذه المشاريع في التواصل مع الطلبة منذ بداية المشروع إلى نهايته من خلال الواجبات الصفية اليومية حتى يتمكن الطلبة من تطبيق هذا النموذج العملي على جميع واجباتهم الصفية دون الحاجة إلى وجود النموذج الحقيقي. ومن خلال تعلم مهارات عملية يمكن تكييفها ثم تطبيقها على المشاريع المدرسية في المرحلة الثانوية مما يسمح لهم بالنجاح وباستقلالية و من الممكن أن تكون المشاريع العشرة مصدراً للمتعة وفي الوقت نفسه وسيلة للتذكر وبأدوات تعليمية جديدة يمكن اكتسابها من خلال هذا البرنامج. ويمثل كل مشروع وحده منظمة على النحو الآتي:
اسم المشروع.
الغرض والهدف من المشروع.
الأدوات والوسائل اللازمة للإنجاز.
وصف الإجراءات التي سيقوم بها المدرب والمتدرب لتنفيذ المشروع.
تنفيذ الإجراءات وتطوير المشروع.
واجبات صفية يومية لتحسين مهارات اللغة العربية .
تطبيق الاستبانة الأسبوعية.
إن هذا البرنامج لا يزال قيد البحث والدراسة حالياً في جامعة ييل، وقد اهتمت الباحثة به عند عرضه في أحد المؤتمرات وبادرت إلى تطبيقه في الدراسة الحالية.
المراجع
الزيات، فتحي (2002). المتفوقون عقلياً ذوو صعوبات التعلّم. القاهرة: دار النشر للجامعات.
المؤتمر العلمي الرابع لرعاية الموهوبين (2005). ورشة عمل الموهوبون ذوو صعوبات التعلم. عمان، الأردن.
Baum ,S. & Owen, S. (2004). To Be Gifted &Learning Disabled, Creative LearningPress, Inc.
Hishinuma , E. (1993). Counseling gifted / dyslexic youngsters . Gifted child today, (16 ) 1 , 30-33.
Karnes,F. Shaunessy, A. & Bisland, A. (2004). Gifted students with disabilities are we finding them? Gifted children today, 27 (4), 16-22.
Sternberg, R. Lipka, J. Newman, T. wildfeuer, S. & Grigorenko, E. (2003). Triachially-based instruction and asseassment of sixth-grade mathematics in a yup'ik cultural sitting in Alaska .