معلم متقاعد
07-01-2010, 03:30 AM
اعتداء الطلاب على المعلمين.. گيف نوقفه؟!
تحقيق: فوزية المحمد
الكثير من المعلمين يشتكي من فقدان الهيبة والشخصية أمام الطلبة وذلك يختلف مع سنوات التعليم القديمة كان المعلم له احترامه ومكانته وقد باتت تتردد في الأوساط الاجتماعية عبارات حول تدني درجة هيبة المعلمين أمام طلابهم ذكوراً وإناثاً، فهناك من يرى أن المعلم في السنوات الماضية كان يمتلك خاصية أمام طلابه لا يمتلكها معلمو الوقت الحاضر، فإذا كان الأمر كذلك فمن وراء سقوط هيبة المعلم؟ وأين اختفى وقع وتأثير قصيدة (قم للمعلم..) من نفوس طلابنا، بل ومن مجتمعنا؟ وما أهمية هيبة المعلم أما طلابه؟
90 حادثة اعتداء
بحسب مصادر تعليمية مطلعة شهدت في الثلاثة أعوام المنصرمة أكثر من 90 حادثة اعتداء على المعلمين، تفاوتت ما بين الإصابات الجسدية الخطيرة والمتوسطة، وتركزت جلّ الاعتداءات كذلك على سيارات المعلمين وتهشيمها وإعطاب عجلاتها وملء وقود سياراتهم بالحجارة والرمل ناهيك عن رسائل الاستفزاز والتهديد للمعلمين، خاصةً في المرحلة الثانوية.
بداية تحدث الدكتور محمد كرم الله الحاج أستاذ علم النفس في جامعة الطائف الذي يرى في العلاقة بين الأسرة والمدرسة علاقة تكامل وانسجام لا علاقة تنافر واختلاف، فنفس ما تحمله الأسرة من قيم، وما تهدف لغرسه من سلوكيات وأخلاق ومعرفة في أبنائها، هو ذاته ما تحمله المدرسة هذه المعادلة نفسها هي التي ينبغي أن تكون سائدة في العلاقة ما بين المعلم والطالب، ويؤكد الدكتور على أهمية عنصري الثواب والعقاب في العملية التربوية، مبيناً “أننا نحزن لحالنا كثيراً ونحن نستقرئ بعض الاتجاهات الحديثة في العالم العربي التي ترى ضرورة إلغاء العقاب كلية وبمختلف أنواعه وأشكاله من العملية التربوية، مما يدعو إلى الشفقة والخوف في آن واحد معاً، ونحن نعلم علم اليقين بأن العملية التربوية، إن لم تكن معادلة الثواب والعقاب فيها معادلة موزونة وبنفس الميزان المتفق عليه بين التربويين فإنها تفقد أهم مقوماتها إن لم تفقد مقوماتها جميعاً”. وأشار إلى أن ما يشهده المجتمع من انفلات واضح في السلوك يعد أحد إفرازات الخلل البيِّن في استخدام معادلة الثواب والعقاب في المدارس، مبيناً أنه عندما نستصحب معنا منهجنا الإسلامي في معالجة السلوك المشكل، نستطيع أن نرى بوضوح أن مما أقره الدين، بل وأمر به، العقاب، وذلك عند ما لا تجدي الأساليب التربوية الأخرى باعتبار أن طبائع البشر تختلف اختلافاً واسعاً جداً، وأكَّد على أن العقاب ضرورة تربوية لا ينبغي التخلي عنها، وفق الضوابط الشرعية والتربوية.
إعادة العقاب البدني
الدكتور عبدالمجيد الشعيل أستاذ علم الاجتماع قال: إن المدرس وإلى وقت ليس بالبعيد كان يمثل مجموعة من القيم والأخلاقيات وله حضور وهيبة في نفوس الطلاب أن للمدرس دوراً أساسياً في رسم شخصيته لدى الطالب ويفترض فيه أن يكون مرن لا صلب ولا هشّ ليتمكن من التعامل مع كافة النوعيات.. إن المدرس هو العمود الفقري للعملية التعليمية وعلى كليات التربية أن تهتم أن تركز على إعداد الجوانب الشخصية للمعلم علمياً ومادياً واجتماعياً ونفسياً.. وطالب بأن يلجأ المدرس للضرب بعد أن يستنفد كافة وسائل العقاب.
مضيفاً: أن فقدان المدرس لاحترامه أحدث خللاً في منظومة التعليم جعلها على وشك الانهيار وطالب بتفعيل العقاب البدني إنقاذاً لهيبته ويضيف: كان الضرب من العناوين الأساسية للمدرسة والتعليم، وبالطبع على تفاوت بين مدرس وآخر، ففيما كان صوت بعضهم القادم ولو من بعيد ينشر الخوف والذعر بين الطلبة، كان بعضهم الآخر أقل هيبة، لكن الجرأة على المعلمين كانت حالات نادرة “إذا سلك المعلم شعباً، سلك الطالب شعباً آخر” كان ذلك الأثر هو عنوان التعامل بين الفريقين، فقد كنا نخشى أن يرانا المعلم في الشارع، حتى لو كنا ملتزمين بآدابه، فضلاً عن أن ينطوي الموقف على غير ذلك من عناوين الشقاء. سيقول البعض هنا إن وسيلة الضرب والتخويف لم تكن مفيدة، وهو قول خاطئ في واقع الحال، إذ تقتضي الأمانة القول إن هذه الوسيلة لم تكن عبثية بحال من الأحوال، بل كانت هادفة.
منافع العقاب البدني
كان الضرب في واقع الحال فرعاً عن أصل يتمثل في الحرص على تحصيل علمي أفضل للطلبة، بعضه بسبب الرقابة من الموجهين والإدارات العليا، وبعضه بسبب الحرص الحقيقي على الطلبة هذه الهيبة التي تمتع بها المعلم، وهذا الحرص الذي اتسم به على نحو استثنائي لم يلبث أن أخذ يتبدد شيئاً فشيئاً بمرور الوقت. إن قرار منع الضرب في المدارس، وذلك بدعوى أن الضرب ليس من الوسائل الحديثة في التعليم بل اتبع نموذج الإسلام، ذلك الذي أجاز الضرب في حالة المرأة الناشز بعد تجربة الوعظ والهجر، ولا يمكن أن يكون ضد استعمال بعض أشكال الضرب مع الأولاد في البيت أو المدرسة، مع العلم أن لغة البيت ستعتمد بالضرورة على طبيعة الولد، إذ يتفاوت الأبناء بين من تكفي معه الكلمة أو التوبيخ، وبين من لا تردعه إلا العقوبة الجسدية.
بغياب الضرب كوسيلة عقوبة، وفي ظل تشديد العقوبات على المدرسين الذين يمارسون الضرب انقلبت الآية وها نحن في هذا الزمن لا نسمع إلا قصصاً عن ضرب المعلمين من قبل الطلبة بين حين وآخر فضلاً عن الشتائم داخل الصفوف وفي أروقة المدرسة!
نتحدث هنا عن الضرب والشتائم كأسوأ تجليات الانحدار في الحالة التعليمية، أما الهيبة والاحترام فقد ضاعت قبل ذلك، وكثيراً ما نسمع قصصاً عن مدرسين ومدرسات تشعرنا بالقهر؟ إنها الهيبة الضرورية للمدرس، (لا أعني عقدة الخوف منه)، تلك التي تضيع الآن وتضع العملية التعليمية في مهب الريح، لكن الأسوأ أنها تجعل مهنة التعليم مهنة مكروهة لا يذهب إليها سوى الفاشلين في أكثر الأحيان، فيكون المنتج النهائي للعملية التعليمية في غاية البؤس.
احترام المعلم ومنحه دور محترم هو جزء من إنتاج الأجيال المحترمة، وهؤلاء الذين ينزعون من المدرس أدوات القوة والاحترام لا يتجنّون عليه وحده، وإنما يتجنّون على العملية التعليمية برمتها.
عندما يتحول وقت المدرس بين الطلبة إلى واجب ثقيل يجري التخلص منه في وضع نفسي بائس بين أولاد أشقياء لا يقيمون وزناً لا للعلم ولا للمعلم، عندما يحدث ذلك فلا يمكن إلا أن نعاقب شريحة واسعة من المجتمع، ونعاقب معها المجتمع برمته. من المؤكد أن ما كنّا عليه ليس نموذجياً نأمل بالعودة إليه، فالعلاقة بين المعلم لا ينبغي أن تقوم على الخوف وحده، لكن شطب الهيبة لا يمكن أن يكون حلاً أيضاً، لأنه يحرم مهنة التعليم من الأذكياء كما يحرم المجتمع من عملية تعليمية راقية تساهم في رقي المجتمع وتقدمه. التوازن هو الحل، والتوازن هو شعار ديننا في كل الأمور.
الأسرة.. سبب
أما الدكتور علي الخليفة أستاذ في جامعة الملك سعود يقول: لقد كان للمعلم امتيازات ومكانة اجتماعية وتربوية كبيرة ما قبل ومما لا شك فيه أن مكانة المعلم الاجتماعية والتربوية قد اهتزت وتغيرت في أيامنا فلم يعد المعلم الملك في صفه ولا ذاك المحترم في مجتمعه ففي زماننا حدث تغيير للأسوأ في مكانة المعلم هناك عدة عوامل ساهمت في اختفاء هيبة المعلم وأذكر منها القوانين التي سنتها الوزارة والتي قيدت المعلم، وخفضت من صلاحياته، حتى الطالب في الابتدائية يعلم بهذه القوانين التي تمنع معاقبته، وهناك سبب مهم أود أن أذكره أن عقوق الوالدين وعدم احترام الكبير كثر بشكل عام، حتى إنه طال المعلم فالابن الذي يتطاول على والديه ما المانع لديه أن يتطاول على معلمه ناهيك عن ظاهرة العنف المنتشرة في المجتمع، والتي أثرت بشكل مباشر على هيبة المعلم ومن الأسباب أيضاً وسائل الإعلام التي والتي تعرض المعلم بصورة مبتذلة غير محترمة وبذلك تقدم صورة سلبية عن المعلم، بالإضافة إلى أن اليوم معظم أولياء الأمور متعلّمون والكثير منهم على درجة عالية من الوعي، حيث يساهمون في تعليم أبنائهم.
وهناك نقطة وهي دور الأهل والذي في كثير من الأحيان قد تحول من دور إيجابي إلى دور سلبي، حيث إن الأهالي في الماضي كانوا يحترمون المعلم كثيراً ويعلمون أبناءهم أهمية احترام المعلم بينما اليوم يشارك الأهل أبناءهم بالهجوم والوقوف على أي زلة تصدر من المعلم والسبب هو كثرة الدلال الزائد للأبناء.
ضعف المعلم علمياً
وقد يكون المعلم أحد الأسباب الرئيسة لسقوط هيبته نحن لا ننكر أن هناك بعض المعلمين غير المؤهلين تم تعيينهم أيضاً عدم وجود رؤية تربوية وتعليمية في المدارس فلا يوجد تخطيط واضح بين المعلم والطلاب أو بين المعلمين أنفسهم أو بين المعلمين والأهل، كذلك لا يوجد رؤية تربوية وتعليمية توضح سياسية وبرامج المدرسة، حقوق وواجبات الطالب، حقوق وواجبات المعلم بمعنى هناك مسافات بين هذه الأجسام الأمر الذي قد يولد شكوكاً بين الأهل والمعلمين أو بين الأهل والمدرسة وهذا بدوره يولد النظرة السلبية تجاه المدرسة ومن ثم يقلل من مكانة المدرسة ومكانة المعلمين. بعض المعلمين من يستغلون الطلاب لخدمتهم في أمور شخصيه وهذا باعتقادي يقلل من قيمة المعلم، كذلك بعض المعلمين من يدخلون الصفوف دون تحضير مسبق فيبدأ بدروسه ويلاحظ الطلاب أنه غير مستعد للدرس فيأتي بموضوع من هنا وموضوع من هناك لإنهاء حصته فيشتت أذهان الطلاب ولا يأتي بفائدة تذكر، بل يجعل من الطلاب لا يعيرون للحصة اهتماماً، وكذلك الأمر بالنسبة للمعلم.
إن العالم في تقدم وتطور دائمين والمعلم باق مكانه لا يواكب تكنولوجيا التعلم المعلم في المركز والطالب مجرد وعاء لاستقبال المعلومات عدم استعانة المعلم بوسائل التدريس الحديثة من أجل تحبيب الطلاب في الموضوع وتفهيمهم إياه فنجد أن الطالب يتعلّم عن طريق الحاسوب أضعافاً مضاعفة عن ذلك الذي يتلقاه من أستاذه. اتساع رقعة الثقافة لتشمل أوساطاً واسعة في المجتمع دعا الكثيرين للتطاول على المعلم والنظر إليه نظرة مغايرة. سهولة التزوّد بالمعلومات التعليمية والتربوية والثقافية المختلفة عن طريق الحاسوب عبر شبكة الإنترنت بعد أن كان المعلم هو مصدرها الوحيد.
مما لا شك فيه أن المعلم هو أحد الأسباب الرئيسة التي أدت إلى سقوط هيبته أمام تلاميذه وبالذات إذا لم يكن يملك الأسلوب في التدريس ولم يكن متمكناً من المادة. إننا بأمس الحاجة إلى ذاك المعلم الناجح الذي أحب مهنته واختارها بكامل إرادته انطلاقاً من إيمان أنها مهنة مقدسة سبقه إليها الأنبياء والمرسلون. المعلم الناجح الذي يعرف كيف يدير صفه ويضبطه. المعلم الناجح الذي يعرف كيفية التعامل مع المنهاج. المعلم الناجح الذي يعرف كيفية التخطيط للتدريس. المعلم الناجح الذي يعرف كيفية تجهيز واستعمال الوسائل التعليمية. المعلم الناجح هو الذي يعرف كيفية تنفيذ الدرس. المعلم الناجح هو الذي يعرف كيفية التعامل مع طلابه.
ويضيف: هيبة المعلم أمام طلابه هي: أن يكون للمعلم تأثير ونفوذ مشروع على الطلاب وهي تختلف عن السلطة لاحتوائها على عنصر أخلاقي فهي لا تتضمن القسر وهي تكتسب وتتراكم. والهيبة تتطلب مراعاة قدر من الرسمية في العلاقة بين المعلم والطالب. ومن الأهمية بمكان إدراك الفارق بين منزلة المعلم ومنزلة الطالب فلا يجب إسقاط جميع الحواجز بينهما وعلى المعلم أن لا يقيم علاقة شخصية مع الطالب أو ينحاز لأحد الطلاب. همّ زيد بن ثابت رضي الله عنه بركوب دابته فوقف عبد الله بن عباس رضي الله عنه بين يديه وقفة العبد بين يدي مولاه وأمسك له ركابه وأخذ بزمام دابته فقال له زيد: دع عنك يا ابن عم رسول الله. فقال ابن عباس: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا. قال ابن المبارك: من استخف بالعلماء ذهبت آخرته ومن استخف بالأمراء ذهبت دنياه ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته. وقال الحسن بن ذكوان لرجل تكلم عنده على أحد العلماء: مه، لا تذكر العلماء بشيء فيميت الله قلبك. وكان الإمام الشافعي رحمه الله يقول: كنت أصفح الورقة بين يدي مالك صفحاً رقيقاً هيبة لئلا يسمع وقعها. وقال الإمام أحمد بن أحمر لخلف الأحمر: لا أقعد إلا بين يديك، أمرنا أن نتواضع لمن نتعلم منه. وقال الربيع: والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إليّ هيبة له.
مسؤولية الوزارة
وقال الدكتور عبدالعزيز الجار الله، المتحدث الرسمي السابق بوزارة التربية والتعليم، إن الوزارة تشدد على أن المعلم والمعلمة، هما ركنان من أركان العملية التربوية والتعليمية، وإن المساس بهما يعد مساساً بالعملية التربوية والتعليمية ومكوناتها الرئيسة، مؤكِّداً في الوقت نفسه، أن وزارة التربية والتعليم لا تدخر جهداً في رعاية المعلم والمعلمة وتوفير كل ما من شأنه استقرارهما الوظيفي والنفسي لأداء تربوي وتعليمي يواكب تطلعات قيادتنا بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين. وأضاف: أن ذلك يأتي في ظل متابعة دقيقة من مسئولي وزارة التربية والتعليم لما يتعرض له بعض المعلمين من اعتداءات داخل مدارس التعليم العام أو خارجها، وتؤكِّد وزارة التربية والتعليم أن المساس بالمعلمين أو المعلمات بأي شكل من أشكال الإساءة هو استهتار وعدم تقدير لدورهم الكبير. وأشار إلى أن وزارة التربية والتعليم تدعو الأسر للقيام بدور الشريك الفاعل في تربية الأبناء والاهتمام بهم والتواصل مع مديري المدارس ومعلميها فيما من شأنه ضمان تربية جادة وتعليم فاعل يسهم في نهضة هذه البلاد بإعداد رجال المستقبل وقياداته، كما يتطلع مسئولو الوزارة إلى مشاركة وسائل الإعلام جميعها وبكافة مستوياتها وأنواعها في تهذيب الأخلاق ونشر ثقافة الحوار والتوعية بأهمية العلم والتعليم، كما أن للمجتمع بكافة مؤسساته الرسمية والأهلية دوراً بارزاً في نشر ثقافة التسامح والحوار والاحترام المتبادلين وذلك من خلال المساجد والأندية والملتقيات الثقافية.
مساندة حقوق المعلم
وأكَّد أن الوزارة تقف مع المعلمين والمعلمات في المطالبة بكل ما من شأنه حفظ حقوقهم التي كفلتها أنظمة الدولة، في دائرة ما يتاح لها من إمكانات في داخل المدارس أو في الأجهزة الأمنية والقضائية، إن تطلب الأمر ذلك من خلال إداراتها القانونية، مشدداً أن المعلم والطالب هما مدار العملية التربوية والتعليمية، وليس هناك تجاهل لطرف لصالح طرف آخر وهو ما تضبطه الأنظمة والإجراءات المرعية في وزارة التربية والتعليم. وتجدد وزارة التربية والتعليم ثقتها في الجهاز التعليمي والتربوي في مدارس التعليم العام، والمتمثل في المعلمين والمعلمات والطاقم الإداري الذين قدموا للتعليم من وقتهم وجهدهم الكثير، والذي تقدّره لهم قيادة هذه البلاد ومواطنوها متطلعين إلى المزيد من الجهد منهم لصالح الوطن ومواطنيه. واختتم أن العمل التربوي هو عمل بشري تضبطه قوانين وأنظمة ومصالح مرعية، ولا يخلو أي عمل بشري من جوانب تنظر الوزارة إلى أهمية تقويمها وتعزيزها في إطار ضبط المناخ التعليمي في مدارس التعليم العام، وقد تحقق منها الكثير الذي يلبي حاجة الميدان التربوي في كافة المجالات، وتسعى الوزارة إلى تطويره في ظل التعاون الملموس من القائمين على العمل التعليمي والتربوي في مدارس التعليم العام. وتكررت حوادث الاعتداء على المعلمين في بعض المدارس الفترة الأخيرة، مما دفع أمراء المناطق إلى اتخاذ إجراءات حاسمة ضد الطلاب المعتدين، ومن أبرزها جلدهم.
المعلمون يشتكون
( ن. ش) وكيلة مدرسة قالت: بصفتي إدارية في المدرسة أرى أن حقوق المعلمة مهضومة وأن الطالبات تجاوزن حدودهن وتخطّين الخطوط الحمراء التي لا نمتلك الوسيلة في كبحها بسبب اللوائح التي تصدر إلينا فنحن لا نملك سوى تنفيذ ما يرد إلينا ولو أننا لا نشعر بالقناعة فيه البتة وعلى الوزارة التحرك الميداني لا التحرك الورقي!
تربية التدليل
المعلم ياسر قال: اللوائح جعلت الطالب يتطاول على المعلم، فهي لم تفرق بين الطالب المجتهد والطالب المُهمل، مما جعل جميع الطلاب غير مبالين وغير مكترثين بما سيعاقبون به عند إساءتهم للمعلمين، منوهاً في الوقت ذاته بالدور الكبير الذي يقوم به المعلمون في سبيل إيصال أصواتهم للمسؤولين في التربية للعمل على إصلاح وتطوير التعليم بإعادة هيبة المُعلم التي غابت. وأبدى أسفه إن امتدت وتطورت هذه الاعتداءات لأعمال تخريبية أو إرهابية في المستقبل إن لم تستيقظ الوزارة من سباتها وتعمل بإخلاص في سنّ قانون تعليمي يحكم لغة العقل والتعليم.
أعيدوا للمعلم حقوقه.. ثم حاكموه!
المعلم حمد العتيبي قال: اعتبر أن وزارة التربية والتعليم تأخرت كثيراً في اتخاذ موقف إيجابي يعيد للمعلم، وكذلك المعلمة، هيبتهما المفقودة التي سقطت كأوراق التوت ورقة ورقة حتى أصبح المعلم يخشى اعتداء طلابه في أي وقت. أرى أن تراخي الوزارة في التعامل بحزم مع قضايا تربوية مختلفة وتحيزها في كثير من التعاميم ضد مربيي الأجيال، وسع الهوّة بين المعلم والطالب، بل أعطى ذريعة للطلاب بأن يكرروا اعتداءاتهم غير آبهين بالقيم والمثل.
إرخاء الوثاق
خالد أباحسين (مدرس لغة عربية) “كنا إبان تخرجنا في الجامعة نخشى ونحن معلمون أن نعبر شارعاً يقطن فيه معلم قد درسنا، أما الآن فإننا نخاف عبور شارع توجد فيه مجموعةٌ من الطلاب الذين ندرسهم” واتهم وزارة التربية والتعليم بأنها أرخت وثاق التربية، وساعدت الطلاب بشكل غير مباشر على التهجم على بناة الأجيال بإصدار تعاميم شديدة اللهجة تقتضي عدم المساس بأي حالٍ من الأحوال بالطالب، الأمر الذي أضعف مكانة المعلم وأصبح مكان استهجانٍ عند الطلاب.
هيبة المعلم الخاطر كسير!
الأستاذ علي العقيل مرشد طلابي يقول:
فقدان المعلم لهيبته قضية ملموسة كلنا بحاجة إلى حلها فالمعلم يعود من مدرسته بخاطر كسير وقلب امتلأ جراحاً لأن تلاميذه لا يقدرونه ولا يحترمونه، نحن بحاجة إلى معرفة أسباب فقدان الهيبة لنتمكن من معالجتها. وأسباب فقد المعلم هيبته قد تكون: مدرسية: ومن ذلك: كثرة الحصص، ضغط المنهج، عدم الاستقرار، عدم الراحة النفسية سوء المبنى، تعسف الموجه والمدير، التعاميم الواردة من الإدارة، خصوصاً جبر الدرجات، مما يوهم التلميذ بأنه لا حاجة له إلى شرح المعلم، أمور تتعلق بأولياء الأمور: فبعض الآباء هداهم الله ينتقصون المعلم ويحقّرونه خصوصاً عندما يأتي الابن شاكياً من المعلم، وهو لا يعلم من المخطئ، وكان الأولى بهم تهدئة الابن وحل المشكلة بعقل وتفهم حتى لا تمس كرامة المعلم أمام الابن الذي هو تلميذ، وهذا الأمر علاجه بيد ولي الأمر. شخصية، تتعلق بالمعلم: انحيازه لبعض التلاميذ، سوء ألفاظه، قلة صبره، سرعة الغضب، التساهل في جميع الأمور، بخس التلميذ حقه من الدرجات ظلماً وزوراً، عدم تمكنه من مادته، الانتساب إلى التعليم من أجل المال لا حباً للمهنة، عدم تطبيقه لما يأمر التلاميذ به، مع أنه قدوتهم في كل الأمور.
تحقيق: فوزية المحمد
الكثير من المعلمين يشتكي من فقدان الهيبة والشخصية أمام الطلبة وذلك يختلف مع سنوات التعليم القديمة كان المعلم له احترامه ومكانته وقد باتت تتردد في الأوساط الاجتماعية عبارات حول تدني درجة هيبة المعلمين أمام طلابهم ذكوراً وإناثاً، فهناك من يرى أن المعلم في السنوات الماضية كان يمتلك خاصية أمام طلابه لا يمتلكها معلمو الوقت الحاضر، فإذا كان الأمر كذلك فمن وراء سقوط هيبة المعلم؟ وأين اختفى وقع وتأثير قصيدة (قم للمعلم..) من نفوس طلابنا، بل ومن مجتمعنا؟ وما أهمية هيبة المعلم أما طلابه؟
90 حادثة اعتداء
بحسب مصادر تعليمية مطلعة شهدت في الثلاثة أعوام المنصرمة أكثر من 90 حادثة اعتداء على المعلمين، تفاوتت ما بين الإصابات الجسدية الخطيرة والمتوسطة، وتركزت جلّ الاعتداءات كذلك على سيارات المعلمين وتهشيمها وإعطاب عجلاتها وملء وقود سياراتهم بالحجارة والرمل ناهيك عن رسائل الاستفزاز والتهديد للمعلمين، خاصةً في المرحلة الثانوية.
بداية تحدث الدكتور محمد كرم الله الحاج أستاذ علم النفس في جامعة الطائف الذي يرى في العلاقة بين الأسرة والمدرسة علاقة تكامل وانسجام لا علاقة تنافر واختلاف، فنفس ما تحمله الأسرة من قيم، وما تهدف لغرسه من سلوكيات وأخلاق ومعرفة في أبنائها، هو ذاته ما تحمله المدرسة هذه المعادلة نفسها هي التي ينبغي أن تكون سائدة في العلاقة ما بين المعلم والطالب، ويؤكد الدكتور على أهمية عنصري الثواب والعقاب في العملية التربوية، مبيناً “أننا نحزن لحالنا كثيراً ونحن نستقرئ بعض الاتجاهات الحديثة في العالم العربي التي ترى ضرورة إلغاء العقاب كلية وبمختلف أنواعه وأشكاله من العملية التربوية، مما يدعو إلى الشفقة والخوف في آن واحد معاً، ونحن نعلم علم اليقين بأن العملية التربوية، إن لم تكن معادلة الثواب والعقاب فيها معادلة موزونة وبنفس الميزان المتفق عليه بين التربويين فإنها تفقد أهم مقوماتها إن لم تفقد مقوماتها جميعاً”. وأشار إلى أن ما يشهده المجتمع من انفلات واضح في السلوك يعد أحد إفرازات الخلل البيِّن في استخدام معادلة الثواب والعقاب في المدارس، مبيناً أنه عندما نستصحب معنا منهجنا الإسلامي في معالجة السلوك المشكل، نستطيع أن نرى بوضوح أن مما أقره الدين، بل وأمر به، العقاب، وذلك عند ما لا تجدي الأساليب التربوية الأخرى باعتبار أن طبائع البشر تختلف اختلافاً واسعاً جداً، وأكَّد على أن العقاب ضرورة تربوية لا ينبغي التخلي عنها، وفق الضوابط الشرعية والتربوية.
إعادة العقاب البدني
الدكتور عبدالمجيد الشعيل أستاذ علم الاجتماع قال: إن المدرس وإلى وقت ليس بالبعيد كان يمثل مجموعة من القيم والأخلاقيات وله حضور وهيبة في نفوس الطلاب أن للمدرس دوراً أساسياً في رسم شخصيته لدى الطالب ويفترض فيه أن يكون مرن لا صلب ولا هشّ ليتمكن من التعامل مع كافة النوعيات.. إن المدرس هو العمود الفقري للعملية التعليمية وعلى كليات التربية أن تهتم أن تركز على إعداد الجوانب الشخصية للمعلم علمياً ومادياً واجتماعياً ونفسياً.. وطالب بأن يلجأ المدرس للضرب بعد أن يستنفد كافة وسائل العقاب.
مضيفاً: أن فقدان المدرس لاحترامه أحدث خللاً في منظومة التعليم جعلها على وشك الانهيار وطالب بتفعيل العقاب البدني إنقاذاً لهيبته ويضيف: كان الضرب من العناوين الأساسية للمدرسة والتعليم، وبالطبع على تفاوت بين مدرس وآخر، ففيما كان صوت بعضهم القادم ولو من بعيد ينشر الخوف والذعر بين الطلبة، كان بعضهم الآخر أقل هيبة، لكن الجرأة على المعلمين كانت حالات نادرة “إذا سلك المعلم شعباً، سلك الطالب شعباً آخر” كان ذلك الأثر هو عنوان التعامل بين الفريقين، فقد كنا نخشى أن يرانا المعلم في الشارع، حتى لو كنا ملتزمين بآدابه، فضلاً عن أن ينطوي الموقف على غير ذلك من عناوين الشقاء. سيقول البعض هنا إن وسيلة الضرب والتخويف لم تكن مفيدة، وهو قول خاطئ في واقع الحال، إذ تقتضي الأمانة القول إن هذه الوسيلة لم تكن عبثية بحال من الأحوال، بل كانت هادفة.
منافع العقاب البدني
كان الضرب في واقع الحال فرعاً عن أصل يتمثل في الحرص على تحصيل علمي أفضل للطلبة، بعضه بسبب الرقابة من الموجهين والإدارات العليا، وبعضه بسبب الحرص الحقيقي على الطلبة هذه الهيبة التي تمتع بها المعلم، وهذا الحرص الذي اتسم به على نحو استثنائي لم يلبث أن أخذ يتبدد شيئاً فشيئاً بمرور الوقت. إن قرار منع الضرب في المدارس، وذلك بدعوى أن الضرب ليس من الوسائل الحديثة في التعليم بل اتبع نموذج الإسلام، ذلك الذي أجاز الضرب في حالة المرأة الناشز بعد تجربة الوعظ والهجر، ولا يمكن أن يكون ضد استعمال بعض أشكال الضرب مع الأولاد في البيت أو المدرسة، مع العلم أن لغة البيت ستعتمد بالضرورة على طبيعة الولد، إذ يتفاوت الأبناء بين من تكفي معه الكلمة أو التوبيخ، وبين من لا تردعه إلا العقوبة الجسدية.
بغياب الضرب كوسيلة عقوبة، وفي ظل تشديد العقوبات على المدرسين الذين يمارسون الضرب انقلبت الآية وها نحن في هذا الزمن لا نسمع إلا قصصاً عن ضرب المعلمين من قبل الطلبة بين حين وآخر فضلاً عن الشتائم داخل الصفوف وفي أروقة المدرسة!
نتحدث هنا عن الضرب والشتائم كأسوأ تجليات الانحدار في الحالة التعليمية، أما الهيبة والاحترام فقد ضاعت قبل ذلك، وكثيراً ما نسمع قصصاً عن مدرسين ومدرسات تشعرنا بالقهر؟ إنها الهيبة الضرورية للمدرس، (لا أعني عقدة الخوف منه)، تلك التي تضيع الآن وتضع العملية التعليمية في مهب الريح، لكن الأسوأ أنها تجعل مهنة التعليم مهنة مكروهة لا يذهب إليها سوى الفاشلين في أكثر الأحيان، فيكون المنتج النهائي للعملية التعليمية في غاية البؤس.
احترام المعلم ومنحه دور محترم هو جزء من إنتاج الأجيال المحترمة، وهؤلاء الذين ينزعون من المدرس أدوات القوة والاحترام لا يتجنّون عليه وحده، وإنما يتجنّون على العملية التعليمية برمتها.
عندما يتحول وقت المدرس بين الطلبة إلى واجب ثقيل يجري التخلص منه في وضع نفسي بائس بين أولاد أشقياء لا يقيمون وزناً لا للعلم ولا للمعلم، عندما يحدث ذلك فلا يمكن إلا أن نعاقب شريحة واسعة من المجتمع، ونعاقب معها المجتمع برمته. من المؤكد أن ما كنّا عليه ليس نموذجياً نأمل بالعودة إليه، فالعلاقة بين المعلم لا ينبغي أن تقوم على الخوف وحده، لكن شطب الهيبة لا يمكن أن يكون حلاً أيضاً، لأنه يحرم مهنة التعليم من الأذكياء كما يحرم المجتمع من عملية تعليمية راقية تساهم في رقي المجتمع وتقدمه. التوازن هو الحل، والتوازن هو شعار ديننا في كل الأمور.
الأسرة.. سبب
أما الدكتور علي الخليفة أستاذ في جامعة الملك سعود يقول: لقد كان للمعلم امتيازات ومكانة اجتماعية وتربوية كبيرة ما قبل ومما لا شك فيه أن مكانة المعلم الاجتماعية والتربوية قد اهتزت وتغيرت في أيامنا فلم يعد المعلم الملك في صفه ولا ذاك المحترم في مجتمعه ففي زماننا حدث تغيير للأسوأ في مكانة المعلم هناك عدة عوامل ساهمت في اختفاء هيبة المعلم وأذكر منها القوانين التي سنتها الوزارة والتي قيدت المعلم، وخفضت من صلاحياته، حتى الطالب في الابتدائية يعلم بهذه القوانين التي تمنع معاقبته، وهناك سبب مهم أود أن أذكره أن عقوق الوالدين وعدم احترام الكبير كثر بشكل عام، حتى إنه طال المعلم فالابن الذي يتطاول على والديه ما المانع لديه أن يتطاول على معلمه ناهيك عن ظاهرة العنف المنتشرة في المجتمع، والتي أثرت بشكل مباشر على هيبة المعلم ومن الأسباب أيضاً وسائل الإعلام التي والتي تعرض المعلم بصورة مبتذلة غير محترمة وبذلك تقدم صورة سلبية عن المعلم، بالإضافة إلى أن اليوم معظم أولياء الأمور متعلّمون والكثير منهم على درجة عالية من الوعي، حيث يساهمون في تعليم أبنائهم.
وهناك نقطة وهي دور الأهل والذي في كثير من الأحيان قد تحول من دور إيجابي إلى دور سلبي، حيث إن الأهالي في الماضي كانوا يحترمون المعلم كثيراً ويعلمون أبناءهم أهمية احترام المعلم بينما اليوم يشارك الأهل أبناءهم بالهجوم والوقوف على أي زلة تصدر من المعلم والسبب هو كثرة الدلال الزائد للأبناء.
ضعف المعلم علمياً
وقد يكون المعلم أحد الأسباب الرئيسة لسقوط هيبته نحن لا ننكر أن هناك بعض المعلمين غير المؤهلين تم تعيينهم أيضاً عدم وجود رؤية تربوية وتعليمية في المدارس فلا يوجد تخطيط واضح بين المعلم والطلاب أو بين المعلمين أنفسهم أو بين المعلمين والأهل، كذلك لا يوجد رؤية تربوية وتعليمية توضح سياسية وبرامج المدرسة، حقوق وواجبات الطالب، حقوق وواجبات المعلم بمعنى هناك مسافات بين هذه الأجسام الأمر الذي قد يولد شكوكاً بين الأهل والمعلمين أو بين الأهل والمدرسة وهذا بدوره يولد النظرة السلبية تجاه المدرسة ومن ثم يقلل من مكانة المدرسة ومكانة المعلمين. بعض المعلمين من يستغلون الطلاب لخدمتهم في أمور شخصيه وهذا باعتقادي يقلل من قيمة المعلم، كذلك بعض المعلمين من يدخلون الصفوف دون تحضير مسبق فيبدأ بدروسه ويلاحظ الطلاب أنه غير مستعد للدرس فيأتي بموضوع من هنا وموضوع من هناك لإنهاء حصته فيشتت أذهان الطلاب ولا يأتي بفائدة تذكر، بل يجعل من الطلاب لا يعيرون للحصة اهتماماً، وكذلك الأمر بالنسبة للمعلم.
إن العالم في تقدم وتطور دائمين والمعلم باق مكانه لا يواكب تكنولوجيا التعلم المعلم في المركز والطالب مجرد وعاء لاستقبال المعلومات عدم استعانة المعلم بوسائل التدريس الحديثة من أجل تحبيب الطلاب في الموضوع وتفهيمهم إياه فنجد أن الطالب يتعلّم عن طريق الحاسوب أضعافاً مضاعفة عن ذلك الذي يتلقاه من أستاذه. اتساع رقعة الثقافة لتشمل أوساطاً واسعة في المجتمع دعا الكثيرين للتطاول على المعلم والنظر إليه نظرة مغايرة. سهولة التزوّد بالمعلومات التعليمية والتربوية والثقافية المختلفة عن طريق الحاسوب عبر شبكة الإنترنت بعد أن كان المعلم هو مصدرها الوحيد.
مما لا شك فيه أن المعلم هو أحد الأسباب الرئيسة التي أدت إلى سقوط هيبته أمام تلاميذه وبالذات إذا لم يكن يملك الأسلوب في التدريس ولم يكن متمكناً من المادة. إننا بأمس الحاجة إلى ذاك المعلم الناجح الذي أحب مهنته واختارها بكامل إرادته انطلاقاً من إيمان أنها مهنة مقدسة سبقه إليها الأنبياء والمرسلون. المعلم الناجح الذي يعرف كيف يدير صفه ويضبطه. المعلم الناجح الذي يعرف كيفية التعامل مع المنهاج. المعلم الناجح الذي يعرف كيفية التخطيط للتدريس. المعلم الناجح الذي يعرف كيفية تجهيز واستعمال الوسائل التعليمية. المعلم الناجح هو الذي يعرف كيفية تنفيذ الدرس. المعلم الناجح هو الذي يعرف كيفية التعامل مع طلابه.
ويضيف: هيبة المعلم أمام طلابه هي: أن يكون للمعلم تأثير ونفوذ مشروع على الطلاب وهي تختلف عن السلطة لاحتوائها على عنصر أخلاقي فهي لا تتضمن القسر وهي تكتسب وتتراكم. والهيبة تتطلب مراعاة قدر من الرسمية في العلاقة بين المعلم والطالب. ومن الأهمية بمكان إدراك الفارق بين منزلة المعلم ومنزلة الطالب فلا يجب إسقاط جميع الحواجز بينهما وعلى المعلم أن لا يقيم علاقة شخصية مع الطالب أو ينحاز لأحد الطلاب. همّ زيد بن ثابت رضي الله عنه بركوب دابته فوقف عبد الله بن عباس رضي الله عنه بين يديه وقفة العبد بين يدي مولاه وأمسك له ركابه وأخذ بزمام دابته فقال له زيد: دع عنك يا ابن عم رسول الله. فقال ابن عباس: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا. قال ابن المبارك: من استخف بالعلماء ذهبت آخرته ومن استخف بالأمراء ذهبت دنياه ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته. وقال الحسن بن ذكوان لرجل تكلم عنده على أحد العلماء: مه، لا تذكر العلماء بشيء فيميت الله قلبك. وكان الإمام الشافعي رحمه الله يقول: كنت أصفح الورقة بين يدي مالك صفحاً رقيقاً هيبة لئلا يسمع وقعها. وقال الإمام أحمد بن أحمر لخلف الأحمر: لا أقعد إلا بين يديك، أمرنا أن نتواضع لمن نتعلم منه. وقال الربيع: والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إليّ هيبة له.
مسؤولية الوزارة
وقال الدكتور عبدالعزيز الجار الله، المتحدث الرسمي السابق بوزارة التربية والتعليم، إن الوزارة تشدد على أن المعلم والمعلمة، هما ركنان من أركان العملية التربوية والتعليمية، وإن المساس بهما يعد مساساً بالعملية التربوية والتعليمية ومكوناتها الرئيسة، مؤكِّداً في الوقت نفسه، أن وزارة التربية والتعليم لا تدخر جهداً في رعاية المعلم والمعلمة وتوفير كل ما من شأنه استقرارهما الوظيفي والنفسي لأداء تربوي وتعليمي يواكب تطلعات قيادتنا بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين. وأضاف: أن ذلك يأتي في ظل متابعة دقيقة من مسئولي وزارة التربية والتعليم لما يتعرض له بعض المعلمين من اعتداءات داخل مدارس التعليم العام أو خارجها، وتؤكِّد وزارة التربية والتعليم أن المساس بالمعلمين أو المعلمات بأي شكل من أشكال الإساءة هو استهتار وعدم تقدير لدورهم الكبير. وأشار إلى أن وزارة التربية والتعليم تدعو الأسر للقيام بدور الشريك الفاعل في تربية الأبناء والاهتمام بهم والتواصل مع مديري المدارس ومعلميها فيما من شأنه ضمان تربية جادة وتعليم فاعل يسهم في نهضة هذه البلاد بإعداد رجال المستقبل وقياداته، كما يتطلع مسئولو الوزارة إلى مشاركة وسائل الإعلام جميعها وبكافة مستوياتها وأنواعها في تهذيب الأخلاق ونشر ثقافة الحوار والتوعية بأهمية العلم والتعليم، كما أن للمجتمع بكافة مؤسساته الرسمية والأهلية دوراً بارزاً في نشر ثقافة التسامح والحوار والاحترام المتبادلين وذلك من خلال المساجد والأندية والملتقيات الثقافية.
مساندة حقوق المعلم
وأكَّد أن الوزارة تقف مع المعلمين والمعلمات في المطالبة بكل ما من شأنه حفظ حقوقهم التي كفلتها أنظمة الدولة، في دائرة ما يتاح لها من إمكانات في داخل المدارس أو في الأجهزة الأمنية والقضائية، إن تطلب الأمر ذلك من خلال إداراتها القانونية، مشدداً أن المعلم والطالب هما مدار العملية التربوية والتعليمية، وليس هناك تجاهل لطرف لصالح طرف آخر وهو ما تضبطه الأنظمة والإجراءات المرعية في وزارة التربية والتعليم. وتجدد وزارة التربية والتعليم ثقتها في الجهاز التعليمي والتربوي في مدارس التعليم العام، والمتمثل في المعلمين والمعلمات والطاقم الإداري الذين قدموا للتعليم من وقتهم وجهدهم الكثير، والذي تقدّره لهم قيادة هذه البلاد ومواطنوها متطلعين إلى المزيد من الجهد منهم لصالح الوطن ومواطنيه. واختتم أن العمل التربوي هو عمل بشري تضبطه قوانين وأنظمة ومصالح مرعية، ولا يخلو أي عمل بشري من جوانب تنظر الوزارة إلى أهمية تقويمها وتعزيزها في إطار ضبط المناخ التعليمي في مدارس التعليم العام، وقد تحقق منها الكثير الذي يلبي حاجة الميدان التربوي في كافة المجالات، وتسعى الوزارة إلى تطويره في ظل التعاون الملموس من القائمين على العمل التعليمي والتربوي في مدارس التعليم العام. وتكررت حوادث الاعتداء على المعلمين في بعض المدارس الفترة الأخيرة، مما دفع أمراء المناطق إلى اتخاذ إجراءات حاسمة ضد الطلاب المعتدين، ومن أبرزها جلدهم.
المعلمون يشتكون
( ن. ش) وكيلة مدرسة قالت: بصفتي إدارية في المدرسة أرى أن حقوق المعلمة مهضومة وأن الطالبات تجاوزن حدودهن وتخطّين الخطوط الحمراء التي لا نمتلك الوسيلة في كبحها بسبب اللوائح التي تصدر إلينا فنحن لا نملك سوى تنفيذ ما يرد إلينا ولو أننا لا نشعر بالقناعة فيه البتة وعلى الوزارة التحرك الميداني لا التحرك الورقي!
تربية التدليل
المعلم ياسر قال: اللوائح جعلت الطالب يتطاول على المعلم، فهي لم تفرق بين الطالب المجتهد والطالب المُهمل، مما جعل جميع الطلاب غير مبالين وغير مكترثين بما سيعاقبون به عند إساءتهم للمعلمين، منوهاً في الوقت ذاته بالدور الكبير الذي يقوم به المعلمون في سبيل إيصال أصواتهم للمسؤولين في التربية للعمل على إصلاح وتطوير التعليم بإعادة هيبة المُعلم التي غابت. وأبدى أسفه إن امتدت وتطورت هذه الاعتداءات لأعمال تخريبية أو إرهابية في المستقبل إن لم تستيقظ الوزارة من سباتها وتعمل بإخلاص في سنّ قانون تعليمي يحكم لغة العقل والتعليم.
أعيدوا للمعلم حقوقه.. ثم حاكموه!
المعلم حمد العتيبي قال: اعتبر أن وزارة التربية والتعليم تأخرت كثيراً في اتخاذ موقف إيجابي يعيد للمعلم، وكذلك المعلمة، هيبتهما المفقودة التي سقطت كأوراق التوت ورقة ورقة حتى أصبح المعلم يخشى اعتداء طلابه في أي وقت. أرى أن تراخي الوزارة في التعامل بحزم مع قضايا تربوية مختلفة وتحيزها في كثير من التعاميم ضد مربيي الأجيال، وسع الهوّة بين المعلم والطالب، بل أعطى ذريعة للطلاب بأن يكرروا اعتداءاتهم غير آبهين بالقيم والمثل.
إرخاء الوثاق
خالد أباحسين (مدرس لغة عربية) “كنا إبان تخرجنا في الجامعة نخشى ونحن معلمون أن نعبر شارعاً يقطن فيه معلم قد درسنا، أما الآن فإننا نخاف عبور شارع توجد فيه مجموعةٌ من الطلاب الذين ندرسهم” واتهم وزارة التربية والتعليم بأنها أرخت وثاق التربية، وساعدت الطلاب بشكل غير مباشر على التهجم على بناة الأجيال بإصدار تعاميم شديدة اللهجة تقتضي عدم المساس بأي حالٍ من الأحوال بالطالب، الأمر الذي أضعف مكانة المعلم وأصبح مكان استهجانٍ عند الطلاب.
هيبة المعلم الخاطر كسير!
الأستاذ علي العقيل مرشد طلابي يقول:
فقدان المعلم لهيبته قضية ملموسة كلنا بحاجة إلى حلها فالمعلم يعود من مدرسته بخاطر كسير وقلب امتلأ جراحاً لأن تلاميذه لا يقدرونه ولا يحترمونه، نحن بحاجة إلى معرفة أسباب فقدان الهيبة لنتمكن من معالجتها. وأسباب فقد المعلم هيبته قد تكون: مدرسية: ومن ذلك: كثرة الحصص، ضغط المنهج، عدم الاستقرار، عدم الراحة النفسية سوء المبنى، تعسف الموجه والمدير، التعاميم الواردة من الإدارة، خصوصاً جبر الدرجات، مما يوهم التلميذ بأنه لا حاجة له إلى شرح المعلم، أمور تتعلق بأولياء الأمور: فبعض الآباء هداهم الله ينتقصون المعلم ويحقّرونه خصوصاً عندما يأتي الابن شاكياً من المعلم، وهو لا يعلم من المخطئ، وكان الأولى بهم تهدئة الابن وحل المشكلة بعقل وتفهم حتى لا تمس كرامة المعلم أمام الابن الذي هو تلميذ، وهذا الأمر علاجه بيد ولي الأمر. شخصية، تتعلق بالمعلم: انحيازه لبعض التلاميذ، سوء ألفاظه، قلة صبره، سرعة الغضب، التساهل في جميع الأمور، بخس التلميذ حقه من الدرجات ظلماً وزوراً، عدم تمكنه من مادته، الانتساب إلى التعليم من أجل المال لا حباً للمهنة، عدم تطبيقه لما يأمر التلاميذ به، مع أنه قدوتهم في كل الأمور.