المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأطفال والمراهقين ذوي الإحتياجات الخاصة - المُعاقين


معلم متقاعد
07-01-2010, 03:15 AM
الأطفال والمراهقين ذوي الإحتياجات الخاصة - المُعاقين

ناهده محمد علي

إن الإعاقة هي مرض عضوي يصيب الفرد في سن الطفولة أو سن المراهقة أحياناً ,وقد يكون المرض ولادي , وقد ينتج عن حادث طارئ كحوادث الطرق أو حوادث الحروب , وقد يأتي من خلال) فايرس( لشل حركة الجسم كشلل الأطفال , والإعاقة نوعان : -
1 – إعاقة بدنية كعدم إستخدام اليدين أو الرجلين أو كلاهما , أو فقدان لإحدى الحواس كألبصر والنطق .
2 - إعاقة ذهنية , وهذه الإعاقة تتراوح ما بين التخلف العقلي وإنخفاض مستوى الذكاء وإلى عدم القدرة على التركيز والحركة المستمرة الغير منضبطة ( Hyperactive ) , وهناك أيضاً أنواع مختلفة من الـ ( Disorder ) , كعدم السيطرة على الجهاز العصبي والتشنج العصبي المستمر ( Stress ) , والتلعثم في الكلام والتأتأة , وهناك أيضاً أمراض عصبية خطرة مثل الصرع وكذلك مرض ( التوحد ) الذي إنتشر مؤخراً بين الأطفال والذي يفصل الطفل عن العالم الخارجي وعن إكتساب المعرفة من خلال حواسه , ويعاني الطفل المصاب بمرض التوحد من عدم القدرة على التركيز في موضوع أو شيء محدد ويتقوقع في داخل الذات . إن هؤلاء المرضى يحتاجون الى نوع من الرعاية الصحية والمعالجة الطبية مع العلاج النفسي المستمر المتزامن مع العلاج الطبي .

كيفية التعامل مع المُعاق جسدياً أو عقلياً .
أ – المُعاق جسدياً –
إن الطفل أو المراهق المُعاق جسدياً يُعاني من جملة أمراض نفسية قد تُعيق عملية العلاج الطبيعي الـ ( Physiotherapy ) , وقد تُشكل عامل أساسي في إبتعاد الفرد عن مجتمعه وإنغلاقه خجلاً مُحبطاً غير قادر على إستخدام اليَّد الإصطناعية لقضاء حاجاته الخاصة , أو الساق الإصطناعية للسير , أو الذهاب للمدرسة أو العمل , أو لقيادة السيارة , علماً بأن النوع المستعمل في الدول العربية من هذه الأطراف الإصطناعية هي أنواع بدائية لا تساعد على الحركة الطبيعية أو على الإمساك بألمواد أو أدوات الطعام أو فتح صنبور الماء ... إلخ , غير أن الأنواع المستعملة حالياً في الدول الأوربية لديها القدرة على الحركة والإقتراب من أوضاع الأطراف الطبيعية.
إن انواع المخاوف وعدم الثقة بألنفس والخجل من المظهر الخارجي هو أهم الأمراض النفسية التي تدفع بألمُعاق إلى الوراء وتجعله غير راغب وغير قادر على تخطي أوضاعه الجسدية , لذا قد يبقى ولسنوات فرداً هامشياً بداخل عائلته أو في المجتمع , وكذلك عدم الثقة بالآخرين أو الإحساس بألغضب للفرق المحسوس بين وضعه وأوضاع الآخرين والمعاناة التي يلاقيها لتلبية إحتياجاته من قِبل نفسه وعدم قدرته على الإحساس بألكفاءة لإي شيء , فتتعطل رغبته في الدراسة أو في العمل , ويبقى عنصراً معتمداً على المعونة من قِبل الآخرين , ويشمل هذا أيضاً فاقدي البصر وفاقدي النطق والسمع , حيث يعيش المُعاق منعزلاً عن العالم لا يُؤثر ولا يتأثر وغير قادر على القراءة أو التعبير عن نفسه , غير أن المدارس الخاصة والتي تُعلم فاقدي البصر بطريقة (Braille ( , أو عن طريق الكومبيوتر الناطق لحل مشاكلهم لأجل الكتابة والطباعة وسماع الـ (Encyclopedia ) , كما يستطيع فاقدي النطق الكتابة وتبادل المعلومات وإكتسابها عن هذا الطريق , وتساعد التكنولوجيا الحديثة على تعزيز الثقة بألنفس لدى المُعاق جسدياً , كما يدخل الكومبيوتر كعامل مهم في تطوير الكفاءة المهنية, وبألتالي تطوير الصحة النفسية لدى المُعاقين , كما نلاحظ إستخدام الحيوانات لمساعدة الإنسان وخاصة فاقدي البصر , حيث يستعين بـ ( Guidedog ) لقيادته وإبعاد مخاطر السير عنه وعلى المحيطين بألمُعاق واجبات لدعم الصحة الجسدية والنفسية له لفتح آفاق المعرفة والعمل ووضعه في داخل المجتمع وعدم إبعاده عنه , ويستجيب الطفل المُعاق للتعامل النفسي السليم منذ البداية حيث تتشكل إفكاره وتصوراته عن نفسه وعن مجتمعه وعن العالم , وقد يتصور البعض أن وضع الأشياء في متناول المُعاق يُعزز ثقته بنفسه ويمنع عنه الإنهيار العصبي , إلا أن الحل هو عكس ذلك , إذ أن صلابة شخصية المُعاق هو ما سيعتمد عليه في المستقبل , وهذا لا يتوازن مع سهولة الحصول على الأشياء بل بتكرار المحاولة حتى يكتسب المُعاق المهارة وصلابة الشخصية الكافية , وينطبق هذا على فاقدي القدرة على البصر والنطق , إذ أن السِمة التي يجب أن تُزرع منذ الطفولة هي ( الثبات حتى الوصول إلى الهدف ) , وتساعد كثيراً في تخطي النقص الحاصل في جسد المُعاق وتمنحه الثقة بألنفس , أما مسألة الغضب ومقارنة الذات بألآخرين فأعتقد أن هذه المشكلة النفسية تتلاشى أيضاً كلما إقترب المُعاق من أبواب المعرفة أكثر من خلال قنواتها وتكنولوجيتها وكلما إقترب من وضعية الإنسان الغير مُعاق حيث يوفر العلم العمل المناسب وهو أهم العلاجات النفسية لرفع الغُبن الطبيعي عنه ويضع البدائل للإعاقة البدنية .

ب – الإعاقة الذهنية : -
كثيراً ما يُصاب الأطفال بأمراض الإعاقة الذهنية ولهذا أسباب ولادية ووراثية وأحياناً اُخرى لإسباب طارئة , مثل الحوادث أو بسبب الـ ( Stress ) , أو التشنج والإرهاق العصبي وظاهرة التلعثم , ونستطيع أن نلاحظ أن السِمة المشتركة لكل أمراض الإعاقة الذهنية أنواع من الـ ( Phobia ) , والإنطواء على الذات والإحساس بألنقص وعدم الكفاءة , مع الرغبة الشديدة في الوضع الطبيعي والتفوق أحياناً , ويأتي حُب التفوق لدى الإنسان المعاصر ليس فقط ذهنياً ولكن مادياً وصحياً وجمالياً , إذ إن الرغبة في الإنسان المتكامل هو ماخلقته الحضارة الحديثة والجري السريع المتلاحق نحو القمة في كل شيء وهو ما يخلق التشنج العصبي لدى العوائل أولاً والأطفال والمراهقين بألتبعية , وهذه العوائل المتشنجة تنتج أطفالاً مصابين بنفس المرض , ويأتي هنا الخوف من الفشل ومن السقوط ومن الإفلاس ومن المرض فيُدخم الطفل بمعلومات فوق قدرته , كما تمتلإ صيدلية البيت بألفيتامينات خوفاً من المرض , وتتهافت الفتيات على وسائل تخفيف الوزن ( الجم ) لأجل النحافة والجمال , وقد خلق كل هذا أطفالاً ومراهقين مصابين بمرض التشنج العصبي ( Stress ) , والحل هو الطبيعية في تنفيذ كل الحقوق والواجبات , وفي إعطاء الطفل حق طفولته وخلق النموذج الأمثل للإنسان من خلال قنوات المعرفة ووسائل الإعلام وخلق نموذج الإنسان الأفضل وليس الأقوى , ويخص هذا المصابين بمرض الشراسة والتي تعاني منه الكثير من المدارس الغربية ولا غرابة فألشاشات والأسواق مليئة بأفلام الشراسة والذي اصبح مرض منتشر حتى في الدول العربية من خلال إنتقال الثقافات .

إن أمراض التلعثم والتأتأة تأتي كنتائج ظاهرة لفقدان الطفل والمراهق لثقته بنفسه ولخوفه من الخطأ في النطق والرغبة في سرعة التفكير وسرعة النطق , ويتطاحن في عقله الشيء وضده كألرغبة في الكلام السليم والسريع والخوف منه والرغبة في السلوك السوي وعدم الثقة بألقدرة عليه وحب الوصول والظهور وعدم الثقة في الإمكانيات المتاحة لديه , ولو فتحنا عقل المراهق لرأينا بركاناً متطاير الحمم .
وهناك أمراض عصبية مثل ( الصرع ) والذي يحتاج المصاب فيه الى الهدوء والطمأنينة , وهذا ما يجب أن توفره العائلة والوسط المحيط مع الإختيارات الأسهل في الحياة وفي الدراسة والعمل لصعوبة وضع المريض , كذلك يجب توفير جو الرعاية النفسية والحنان والذي يساعد كثيراً هؤلاء المرضى على تخطي أزماتهم الصرعية .
وهناك أمراض اُخرى أخذت في الإنتشار حالياً في العالم وفي العالم العربي مثل مرض التوحد , حيث يولد كثير من الأطفال مصابين بهذا المرض وهو مُسبب من خلل في أداء المخ لوظائفه ولادياً , ويُعالج بألرعاية النفسية والحسية , وقد تجد العائلة وخاصة الأم صعوبة في مساعدة هذا النوع من الأطفال بسبب عدم قدرته على التركيز وعدم قدرته على الإنتماء الى محيط العائلة أو المجتمع المحيط ويحتاج هذا الطفل الى رعاية مدرسية مُكثفة وإلى مدارس خاصة ومدرسين مَهرة في مجال تعليم هؤلاء الأطفال ومحاولة تنشيط عمل الحواس لديهم وجعلهم مجاميع يُنظم لها اللعب والحركة المستمرة لتنمية عامل الإرتباط والإنتماء الى الجماعة , وقد لاحظت أن كثير من الدول العربية تفتقد الى المدارس الخاصة والمراكز لمرض التوحد ما عدا سلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية , وقد يُصاحب هذا المرض الطفل طوال حياته , وقد يتطور بشكل نسبي وتتطور قدرته على التركيز والملاحظة .

إن الكثير من الأطفال وبعض المراهقين قد يُصابون بعدم القدرة على التركيز لكنه مترافق مع الحركة المستمرة غير المنظمة ومع الكثير من الشراسة ويطلق على هذا الطفل تسميـة ( Hyperactive ) وهو مُتسم بكثرة الحركة والضوضاء وحب الإعتداء على الأطفال والطلاب الآخرين ومحاولة تمزيق كتبهم وأوراقهم , والكتابة عليها مع الكثير من الصراخ والضجيج , وقد يُعطى هؤلاء الأطفال حبوب ( الريتالين ) المهدئة لكنها تؤدي الى الأدمان , وقد إنتقد الكثير من علماء النفس إستعمالها ووُصفت بأنها تُعطى من قِبل العوائل الكسولة والمدرسين غير المهرة للتخلص من ضوضاء الأطفال , لكن العلاج الأنسب هو وضع الطفل في صفوف خاصة وتَلَقي معاملة خاصة ومدرسين خاصين وفق أساليب نفسية مؤهلة وصحيحة لتهدئة هؤلاء الأطفال وإمتصاص طاقاتهم الحركية والنفسية , وقد يكون منهم أذكياء جداً لكن قدرتهم على التركيز ضعيفة تقف حائلاً دون إبراز طاقاتهم العقلية , وهناك طرق نفسية كثيرة وآراء متناقضة , فمن علماء النفس من يُشجع إستخدام القوة والسيطرة على هؤلاء الأطفال لضبط حركتهم , ومنهم من يُشجع على إمتصاص حركتهم وحيويتهم بألنشاطات الرياضية والعلمية المسلية مع إستخدام مدرسين أقوياء الشخصية وشديدي الإتزان والهدوء .

إن مرض العصر الحالي يُشكل خطين متزامنين ألا وهو الشراسة – التلاشي القِيَمي التدريجي ’ ونلاحظ ومع الأسف أن التطور التكنولوجي يخلق اعاقة حقيقية لدى الفرد مع صحة جسده , فهو يدعو إلى الكسل العضلي حيث كل شيء سهل ومُوَفَر , وإختصار الوقت هو ما يطمع إليه كل فرد وهذا يؤدي إلى إحتلال الآلة محل عضلات الجسم ويديه وقدميه , وهذا يشمل أدوات التنقل وأدوات الطبخ وأجهزة الصناعة , ولست طبعاً ضد التطور الصناعي إلا أنه سبب إعاقة حقيقية لدى الإنسان تظهر في شيخوخته المبكرة .
أما عن الشراسة والتلاشي القِيَمي فهي أساس قوي لكثير من الأمراض النفسية لدى الأطفال والمراهقين , ثم يتبعها إعاقة حقيقية في الأساليب والسلوك وعدم القدرة على السلوك الطبيعي للمراهق مع عدم القدرة على الإنتماء لمجتمعه والدليل على هذا وجود الحركات العُنفية والجماعات المتعصبة والعنصرية والنازية الجديدة والجماعات المتطرفة , والتي نرى دعاياتها في شبكات الإنترنيت , وهذا هو التلاشي القِيَمي والذي لا يشكل إعاقة ذهنية للفرد بل للمجتمع بأكمله .

أما عن مرض التخلف العقلي وإنخفاض مستوى الذكاء , وهو مرض عضوي ولادي له مردودات نفسية كثيرة على الفرد المصاب والمحيطين به أيضاً , ومن المعروف أن المدارس المخصصة لهم والمُيَسرة , حيث يُقدم لمراهق في الثالثة عشرمثلاً المعلومات التي تُقدم لطفل في السادسة مع التدريب على المهن السهلة والمسلية كألحياكة والتطريز ونسج السجاد , علماً بأن الوقت الذي يستغرقه المصاب في إكتساب المعرفة والمهارة هو ضعف الوقت المستهلك للطفل العادي السوي , ولهذا يجب أن يتسم مدرسي وأولياء هؤلاء الأطفال بألصبر وبألقدرة على إحتوائهم وخاصة أن طبيعة معظم هؤلاء الأطفال هو الهدوء والسكينة , لكن المردودات النفسية الخطرة قد تأتي من سوء المعاملة أو قلة الصبر أو إستهزاء الطلاب الأصحاء بهؤلاء الأطفال المتخلفين , وقد إطلعت على أوضاع بعض المدارس الأوربية والأسترالية ولاحظت أن مشاكل البعض منها تنحصر معظمها في إعتداء الطلاب الأقوياء على الضعفاء والأكثر ذكاءً على القليلي الذكاء والمتخلفين , كما يتعرض هؤلاء الطلاب للسخرية ولسرقة النقود والغذاء , لهذا إتجهت كثير من الدول إلى مسألة الصفوف الخاصة أو المدارس الخاصة والتي تسير وفق قواعد مختلفة عن المدارس النظامية الأخرى , وعلى الأولياء أن يُنظموا خطط عمل للتعامل مع هؤلاء الأطفال ولإخراجهم من عزلتهم إلى المجتمع وليكونوا أفراداً قادرين على إعالة أنفسهم مع حماية العائلة والمجتمع والنظام التعليمي لهم .
إن الأمراض النفسية والتي تنتج عن الإعاقة الذهنية قد تساهم كثيراً في خلق مجتمع غير متوازن يكثر فيه مستوى الإجرام والفوضى , حيث تطالعنا وسائل الإعلام كل يوم عن الكثير من منفذي الجرائم والذين يُعانون من إعاقة ذهنية ومن خلل في الجهاز العصبي , ويمكن تلافي هذه الجرائم بوضع العلاج الطبي والنفسي اللازم .