معلم متقاعد
06-07-2010, 06:57 PM
بعض الاتجاهات الحديثة في تأهيل المعوقين
إن المتتبع للخدمات التأهيلية التي تقدم للمعوقين في السنوات الأخيرة مقارنة بما هو موجود في السنوات الماضية أو في الربع قرن الماضي، يجد أن هناك اختلافات كثيرة وواضحة، ففي السنوات الماضية مثلاً نجد أن التأهيل يتسم بالآتي:
1- الطريقة التقليدية التي يقوم عليها تأهيل المعوق- هذا إن وجدت لدى المجتمعات أو الدول- وعدم قيامها على أساس علمي ومدروس.
2- اقتصار التأهيل-إن وجد- على حالات إعاقة دون حالات أخرى، وعلى الأعمار المرتبطة بالعمل دون أعمار أخرى، وفي هذا استبعاد حالات إعاقة أشد حاجة للتأهيل من غيرها.
3- توجيه التأهيل لفئات معينة من الإعاقة القادرة على الاستفادة من التأهيل أما الفئات شديدة الإعاقة، فتكاد تكون مهملة.
4- اتسام عمل التأهيل بالفردية، والاجتهادات الشخصية، والتلقائية والعشوائية، وعدم التنسيق بين الجهود.
5- اعتماد التأهيل على جهود تطوعية غير منظمة ولايمكن استمرارها وبالتالي عدم ضمان نجاح التأهيل أو استمراره.
6- اكتفاء التأهيل بأي شخص يقوم به من دون الحرص على التخصص والخبرة.
7- إجراء التأهيل في أي مكان في المجتمع بغض النظر عن ملاءمته لعملية التأهيل من عدمه.
8- عادة مايبدأ بالتأهيل مع المعوق بعد حدوث الإعاقة وبعد تفاقمها وبعد أن تصل إلى مرحلة يصعب معها العلاج.
9- استخدام الوسائل والأدوات البدائية في التأهيل، ومن ذلك الطب الشعبي الذي يمارسه أشخاص جهلة غير مدربون.
كل هذا بالطبع كان نتيجة طبيعية للجهل في ذلك الوقت وعدم الوعي الكافي وقلة الإمكانيات العلمية والمادية.
أما واقع التأهيل في السنوات الأخيرة فمختلف تماماً، خاصة مع تلك الدول التي تتمتع بإمكانيات علمية ومادية تؤهلها للقيام بممارسة التأهيل بشكل متطور ومذهل.
بل الأكثر من ذلك، أن أحد مقاييس التقدم للدول في السنوات الأخيرة هو مدى ماتقدمه تلك الدول لمعوقيها من خدمات تأهيلية شاملة ومميزة وتخدم أكبر نطاق جغرافي ممكن لتلك الخدمات التأهيلية في متناول كل معوق بغض النظر عن مكان سكنه أو نوع إعاقته.
وفيما يلي نورد بعضاً من تلك الاتجاهات الحديثة في تأهيل المعوقين والتي توضح لنا الفرق الكبير بين ماكان عليه التأهيل في السنوات الماضية وبين ماهو عليه الآن. وأحب أن أشير أن عرضنا لبعض الاتجاهات الحديثة لايعني انها مرتبة حسب أهميتها من مجتمع لآخر لاعتبارات عديدة.
أولاً:الاتجاه الأول: الاهتمام بالجانب الوقائي من العجز كعنصر مكمل للتأهيل: Focusing on Preventive Aspect of the Disability As a Complementary Element of the Rehabilitation:
إن كثيراً من الإعاقات التي يصاب بها الإنسان وبالذات في السنوات الأخيرة تكون إصابات بسبب التقنية الحديثة والتصنيع الناجمة إما عن سوء الاستخدام كحالات البتر من الأجهزة الصناعية، أو سوء استخدام الأدوية، أو السرعة كحوادث السيارات وحوادث العمل، أو تلك الأمراض الاجتماعية النفسية الشديدة الناجمة عن التوترات والقلق المصاحب للمدنية الحديثة، والأمراض التي يصاب بها الإنسان بعد الأربعين من عمره كالسرطان والجلوكوما، وأمراض الأوعية الدموية وبعض الأمراض النفسية والعقلية وأمراض الشيخوخة، ومايترتب عليها من إعاقات متعددة. وكذلك الأمراض الوراثية التي قد تكون ناتجة من زواج الأقارب مثلاً.
وكثير من تلك الإعاقات الناجمة عن التصنيع، وسوء استخدام المواد التقنية المختلفة، وحوادث السرعة والعمل وغيرها، بالإمكان تلافيها أو تقليلها إلى حد كبير جداً، وذلك عن طريق الوقاية المتمثلة في الوعي الاجتماعي، وضرورة أخذ جوانب الحذر من البداية بكافة الوسائل والطرق، منذ المراحل العمرية الأولى للإنسان ومنذ أن يكون جنيناً في بطن أمه.
مستويات الوقاية:
1- الوقاية في المستوى الأول:
يمكن أن تحد الوقاية إلى حد ما من بعض جوانب القصور باستخدام الأساليب كما يوضح ذلك الشكل رقم (4)
2- الوقاية في المستوى الثاني:
وهي الوقاية من حدوث العجز Disability، فهي تتم عندما يظهر القصور Impairment ويمكن أن تتم هذه الوقاية من خلال ثلاثة أساليب هي:
1) القدرة على التعرف على جوانب القصور التي قد تؤدي إلى أنواع معينة من العجز.
2) الاهتمام المناسب بجوانب القصور في المرحلة الحادة لتفادي حدوث العجز.
3) الاهتمام المناسب بجوانب القصور في المرحلة المزمنة أو القصور المستمر، وذلك لتجنب الآثار المتمثلة في العجز.
3- الوقاية في المستوى الثالث:
عندما ينشأ العجز فإنه ينبغي إعداد الوسائل التي تمنع حدوث الإعاقة. ويمكن تصنيف هذه الوسائل إلى طبية واجتماعية ومهنية وتعليمية.. الخ وهذا التصنيف ينبغي ألا يكون عقبة في سبيل التنسيق الكلي لهذه الخدمات، سواء في التخطيط أو إعداد الأولويات واستخدام القوى البشرية. وبجانب العلاج الطبي المنتظم لتأجيل حدوث الإعاقة لأطول وقت ممكن، والتي قد تنشأ عن حالة العجز الطويل، فإن أساليب الوقاية في المستوى الثالث تشتمل على:
1) التدريب على زيادة الاستقلالية في الرعاية الذاتية.
2) الأساليب التعليمية والمهنية التي تهدف إلى تحقيق الاستقلال الاقتصادي.
3) الأساليب الاجتماعية لضمان الإدماج الكامل والقبول في المجتمع.
ثانياً: الاتجاه الثاني: البيئة المحررة من العوائق: Barrier Free Environment:
يواجه الإنسان العادي- وهو يعيش في بيئته- العديد من المعوقات التي تعوقه عن ممارسة حياته على شكل طبيعي، أما الإنسان المعوق فإنه يواجهه معوقات أكثر تعقيداً من الإنسان العادي، لأن البيئة الطبيعية لاتخلو من عوائق أو صعوبات من نوع آخر، كالعوائق المعمارية وغيرها التي تقف أمام حركة وحرية الأشخاص الذين يعانون من جوانب قصور بدني وتمنعهم من القيام بأنشطتهم الحياتية اليومية، التي هي أنشطة كثيرة ومستمرة.
وليس الحال مقتصر على العوائق المادية الملموسة، ولكن هناك عوائق اجتماعية أخرى لاتقل صعوبة، ومنها مايتمثل في النظرة الاجتماعية القاصرة للمعوق وتعاملات الآخرين الأسوياء معه.
والواقع أن حركة وتنقل المعوقين ظلت منسية لسنوات طويلة، وقد كان أحد أسباب هذا النسيان أو الإهمال هو عزلة المعوقين أنفسهم عن العالم الخارجي وعدم وعي الناس بمالديهم من مشكلات في التنقل، وعدم حديث الناس عنهم أو مطالبتهم بحقهم، إلى أن تبنى الكونجرس الأمريكي بالتعاون مع الجهات والهيئات المهتمة بالمعوقين القيام بحملة مكثفة للتوعية حول هذه المشكلة في الستينات من هذا القرن. وقد تمخض عن هذا التعاون قرار الكونجرس 1965م بتشكيل اللجنة القومية للعوائق المعمارية (Architectural Barriers) وذلك بهدف إعداد برنامج تعليم قومي عام ومتخصص.
والآن تحاول الدول جاهدة تحرير البيئة الطبيعية من العوائق التي قد تعترض طريق المعوق وتحول بينه وبين ممارسة أنشطته أو عمله بشكل طبيعي أسوة بغيره من الأسوياء.
والكثير من الدول الآن أنشأت قوانين وتشريعات خاصة في المباني الحديثة الإنشاء بهدف خدمة المعوقين، وكذلك صممت وسائل للمواصلات العامة وهيأتها لكي يستخدمها المعوقون ممن يستعملون الكراسي المتحركة مثلاً واستخدمت في ذلك وسائل وطرقاً مختلفة وبناءة.
ثالثاً: الاتجاه الثالث: حركة الاستقلال المعيشي: Independent Living:
الاستقلال المعيشي بأبسط صوره هو قدرة الإنسان المعوق على مزاولة أنشطة الرعاية الشخصية اليومية الخاصة واتخاذ القرارات رغم وجود حالة العجز لديه.
إذن فالاستقلالية، هي تحرر المعوق من الاعتماد غير الضروري أو غير المرغوب فيه من الأشخاص الآخرين المحيطين به وعلى البيئة التي يعيش فيها، وهنا فإن المشكلة لاتكمن في الفرد المعوق نفسه ولكن في البيئة المحيطة به لأنها هي أساس المشكلة.
وفي حين ينظر برنامج التأهيل العادي للفرد على أنه هو المشكلة، فإنه في برنامج الاستقلال المعيشي تكون البيئة هي محور المشكلة وهي التي يجب أن يتعامل معها.
فحل المشكلة في البرنامج العادي يكون عادة بتدخل المختصين باختلاف تخصصاتهم لعلاج الوضع بينما في برنامج المعيشة المستقلة يكون العلاج عن طريق إرشاد الآخرين، والدفاع عن المعوقين ومصالحهم، والمساعدة الذاتية، وإزالة العوائق البيئية بكافة أنواعها.
ويلاحظ في السنوات الأخيرة توجه العديد من الأجهزة المعنية بالمعوقين من مراكز وجمعيات ومؤسسات متخصصة، يلاحظ سعيها الجاد المتواصل لإيجاد برامج متخصصة ضمن برامجها لتدريب أسرة المعوق في كيفية تعاملها مع طفلها المعوق وتدريبه على أمور الحياة اليومية كدور مهم بالنسبة لها لتدريب وتعليم طفلها المعوق كيفية الاستقلال المعيشي، على الأقل في أمور الرعاية الشخصية اليومية التي يمكن أن يكون فيها معتمداً على نفسه.
رابعاً: الاتجاه الرابع: التطورات التقنية وأثرها: Technology Advances and its Effects:
لاأحد ينكر ماوصلت إليه التقنية الحديثة اليوم وما ساهمت به بشكل إيجابي في تقديم خدمات تقنية للمعوقين أو تحسين حياتهم، فجميع العوائق المحررة التي يسعى إليها المتخصصون ويسعون لتطبيقها لم تكن لتكون – بعد الله- لولا التقنية الحديثة والتطورات العلمية المستمرة التي ساهمت إلى حد كبير في تقليل تلك العوائق وتخفيف آثارها السلبية على المعوق.
وفيما يلي عرض موجز لأهم ماساهمت به التطورات التقنية في مجال تأهيل المعوقين:
1- أدت التطورات التقنية إلى تطوير الأجهزة التعويضية والأطراف الاصطناعية وأصبحت أكثر كفاءة وقدرة من ذي قبل.
2- ساعدت على سهولة تنقل المعوق داخل المباني والمنازل والمداخل والأبواب، وخاصة تلك التي تتفتح بالاستشعار.
3- كشفت عن إمكانية الكشف المبكر للكثير من الأمراض التي لم يكن بالإمكان معرفتها من قبل، بل ومتابعة تطور الحالة الباثولوجية.
4- من خلال التقنية الحديثة أمكن تطوير الآلات الكاتبة التي يستخدمها المكفوفون للنقل من الطباعة العادية إلى البرايل والعكس. وكذلك استفادة المكفوفين من التطورات السريعة في أجهزة التسجيل التي أصبحت تعمل بسرعات مختلفة وتساعد الكفيف على استرجاع المادة المسجلة بسرعات غير السرعة العادية... الخ.
5- أمكن استخدام الحاسب الآلي لخدمة المعوقين بشكل مذهل جداً ومتطور، ومن ذلك مثلاً أن المعوق المصاب بشلل رباعي بإمكانه أن يستخدم الكرسي المتحرك الذي يعمل ببطاريات ومن ثم يوجهه من خلال توجيهات كلامية محددة، وإن كان هذا مكلف من الناحية المالية ولايمكن توفيره لأي معوق. كما تم الاستفادة من الحاسب الآلي في عمليات التوجيه المهني وذلك بإدخال معلومات مختلفة عن الفرد المعوق، وبالتالي الحصول على بيان بعدد كاف من المهن التي يمكن توجيه الفرد المعوق لها.
6- كما أسهمت في الترويح عن المعوقين عن طريق وجود الفيديو وغيره، والأهم من ذلك أن التقنية الحديثة بتطوراتها المتسارعة قد ساعدت على تقدير الأداء الوظيفي لأجهزة الجسم المختلفة.
خامساً:الاتجاه الخامس: الجهود التطوعية وجهود المتطوعين أنفسهم: Voluntary Efforts and Handicappeds Efforts themselves:
حيث إن عملية التأهيل بكافة أبعادها هي عملية متشابكة وتتطلب تضافر وجهود العديد من التخصصات المختلفة ضماناً للوصول لآكبر قدر ممكن من التأهيل، ونظراً لأن التأهيل يحتاج إلى بعد إنساني من البشر بهدف استيفاء بعض الخدمات المقدمة من المعوقين والتي لايمكن أن تلبي بطرق أخرى لأسباب مختلفة، فقد كان من الضروري أن توجد هناك جهود تطوعية منظمة أو مايسمى بـ{{النشاط الأهلي}} لتقديم خدمات متنوعة للمعوقين.
ولو أمعنا النظر في الكثير من الجمعيات الخيرية لوجدنا أن جزءاً كبيراً من أنشطتها ومصروفاتها مخصصة للمعوقين على اختلاف درجة إعاقتهم وتنوعها، بل إن هناك جمعيات خيرية تطوعية مهمتها تقديم نوعية مميزة من الخدمات لفئة معينة من المرضى.
ففي المملكة العربية السعودية هناك جمعيات خيرية وصلت إلى مستوى العالمية من خلال خدماتها المتميزة للمعوقين ومن تلك الجمعيات المميزة المنظمة- التي يشار إليها بالبنان في خدماتها- جمعية الأطفال المعاقين بالرياض وفروعها بالمملكة، وجمعية النهضة النسائية الخيرية بالرياض، وجمعية الوفاء النسائية بالرياض، وكذلك الجمعية الفيصلية الخيرية النسوية بجدة وغيرها كثير.
سادساً: الاتجاه السادس: زيادة الجهود الدولية الموجهة نحو المعوقين: Increasing the International Efforts Towards the Handicapped:
مع التنامي المضطرد لأعداد المعوقين في العالم والاهتمام بمشكلاتهم في السنوات الأخيرة، فقد زاد الاهتمام بالمؤتمرات والندوات العلمية التي تعقدها هيئات علمية متخصصة والتي تبحث في مشكلات المعوقين وكيفية حلها.
ونظراً لهذا الاهتمام فقد أنشئت عدة منظمات دولية لخدمة المعوقين والدفاع عن حقوقهم ومن تلك المنظمات:
* مكتب العمل الدولي ILO منظمة العمل الدولية، ويهتم أساساً بالجوانب المهنية للتأهيل – الجانب المهني- في حين أن الإدارة الاقتصادية والاجتماعية بالمنظمة تهتم بصفة أساسية بمشكلة المعوقين في شكلها العام وفي جوانبها المختلفة.
* الصندوق الدولي للطفولة UNICEF (يونسيف) ويولي اهتماماً كبيراً لمشكلات الأطفال المعوقين.
* اليونيسكو (منظمة التربية والعلوم) وتهتم بالمعوقين من زوايا التربية الخاصة.
*برنامج الأمم المتحدة للإنماء UNDP ويهتم بمساعدة الدول النامية على إنشاء مراكز نموذجية للتأهيل تعمل في بعض الأحيان على المستوى الإقليمي لتدريب متخصصين في مجال رعاية المعوقين في أقاليم العالم المختلفة.
وقد تم ذكر معظم المنظمات العاملة في مجال المعوقين في الفصل الرابع تحت عنوان ((الهيئات التي تعمل في ميدان المعوقين))
ولعل إعلان الأمم المتحدة عام 1981م عاماً دولياً للمعوقين يتوج تلك الجهود الدولية الرامية لتسليط الضوء على مشكلة الإعاقة والمعوقين والنهوض بالخدمات المقدمة لها.
سابعاً: الاتجاه السابع: التأهيل عن طريق المجتمع: Community Based Rehabilitation:
يدرك العاملون في مجال تأهيل المعوقين جيداً مدى التكاليف الباهظة التي تتكلفها عملية إنشاء خدمات للمعوقين أو مراكز شاملة خاصة بهم، فإنشاء هذه الخدمات قد يكون سهلاً في منطقة جغرافية صغيرة نسبياً أو ذات موارد مالية كافية، ولكننا حينما نتحدث عن مناطق جغرافية شاسعة وموارد متواضعة ، فإن هذا يضاعف الجهد ويقلل من قيمة الكفاءة المقدمة للمعوق، ناهيك عن توفير أخصائيين مهنيين يلبون احتياجات تلك المناطق الشاسعة، وإذا ماعرفنا أيضاً أن هناك نوعية كبيرة من المعوقين مصابة بعجز شديد وتتطلب خدمات شاملة، وإيوائية، ومتابعة مستمرة لأدركنا ذلك حجم الجهد المضني والتكلفة العالية، ولهذا السبب ظهرت بعض الاتجاهات التي تنادي بأن يستقل المعوق بنفسه ويندمج في مجتمعه بعد تدريبه على أمور حياته اليومية، بهدف الاعتماد على نفسه وفي نفس الوقت تقليل العبء على كاهل المراكز المتخصصة بالإعاقة، وبالتالي على الدولة. ومن تلك الأمثلة التي قامت في هذا المجال استخدام وحدات متنقلة تقدم الخدمات التأهيلية Mobile Units للمعوقين في مناطق معيشتهم.
www.gulfkids.com (http://www.gulfkids.com/)
إن المتتبع للخدمات التأهيلية التي تقدم للمعوقين في السنوات الأخيرة مقارنة بما هو موجود في السنوات الماضية أو في الربع قرن الماضي، يجد أن هناك اختلافات كثيرة وواضحة، ففي السنوات الماضية مثلاً نجد أن التأهيل يتسم بالآتي:
1- الطريقة التقليدية التي يقوم عليها تأهيل المعوق- هذا إن وجدت لدى المجتمعات أو الدول- وعدم قيامها على أساس علمي ومدروس.
2- اقتصار التأهيل-إن وجد- على حالات إعاقة دون حالات أخرى، وعلى الأعمار المرتبطة بالعمل دون أعمار أخرى، وفي هذا استبعاد حالات إعاقة أشد حاجة للتأهيل من غيرها.
3- توجيه التأهيل لفئات معينة من الإعاقة القادرة على الاستفادة من التأهيل أما الفئات شديدة الإعاقة، فتكاد تكون مهملة.
4- اتسام عمل التأهيل بالفردية، والاجتهادات الشخصية، والتلقائية والعشوائية، وعدم التنسيق بين الجهود.
5- اعتماد التأهيل على جهود تطوعية غير منظمة ولايمكن استمرارها وبالتالي عدم ضمان نجاح التأهيل أو استمراره.
6- اكتفاء التأهيل بأي شخص يقوم به من دون الحرص على التخصص والخبرة.
7- إجراء التأهيل في أي مكان في المجتمع بغض النظر عن ملاءمته لعملية التأهيل من عدمه.
8- عادة مايبدأ بالتأهيل مع المعوق بعد حدوث الإعاقة وبعد تفاقمها وبعد أن تصل إلى مرحلة يصعب معها العلاج.
9- استخدام الوسائل والأدوات البدائية في التأهيل، ومن ذلك الطب الشعبي الذي يمارسه أشخاص جهلة غير مدربون.
كل هذا بالطبع كان نتيجة طبيعية للجهل في ذلك الوقت وعدم الوعي الكافي وقلة الإمكانيات العلمية والمادية.
أما واقع التأهيل في السنوات الأخيرة فمختلف تماماً، خاصة مع تلك الدول التي تتمتع بإمكانيات علمية ومادية تؤهلها للقيام بممارسة التأهيل بشكل متطور ومذهل.
بل الأكثر من ذلك، أن أحد مقاييس التقدم للدول في السنوات الأخيرة هو مدى ماتقدمه تلك الدول لمعوقيها من خدمات تأهيلية شاملة ومميزة وتخدم أكبر نطاق جغرافي ممكن لتلك الخدمات التأهيلية في متناول كل معوق بغض النظر عن مكان سكنه أو نوع إعاقته.
وفيما يلي نورد بعضاً من تلك الاتجاهات الحديثة في تأهيل المعوقين والتي توضح لنا الفرق الكبير بين ماكان عليه التأهيل في السنوات الماضية وبين ماهو عليه الآن. وأحب أن أشير أن عرضنا لبعض الاتجاهات الحديثة لايعني انها مرتبة حسب أهميتها من مجتمع لآخر لاعتبارات عديدة.
أولاً:الاتجاه الأول: الاهتمام بالجانب الوقائي من العجز كعنصر مكمل للتأهيل: Focusing on Preventive Aspect of the Disability As a Complementary Element of the Rehabilitation:
إن كثيراً من الإعاقات التي يصاب بها الإنسان وبالذات في السنوات الأخيرة تكون إصابات بسبب التقنية الحديثة والتصنيع الناجمة إما عن سوء الاستخدام كحالات البتر من الأجهزة الصناعية، أو سوء استخدام الأدوية، أو السرعة كحوادث السيارات وحوادث العمل، أو تلك الأمراض الاجتماعية النفسية الشديدة الناجمة عن التوترات والقلق المصاحب للمدنية الحديثة، والأمراض التي يصاب بها الإنسان بعد الأربعين من عمره كالسرطان والجلوكوما، وأمراض الأوعية الدموية وبعض الأمراض النفسية والعقلية وأمراض الشيخوخة، ومايترتب عليها من إعاقات متعددة. وكذلك الأمراض الوراثية التي قد تكون ناتجة من زواج الأقارب مثلاً.
وكثير من تلك الإعاقات الناجمة عن التصنيع، وسوء استخدام المواد التقنية المختلفة، وحوادث السرعة والعمل وغيرها، بالإمكان تلافيها أو تقليلها إلى حد كبير جداً، وذلك عن طريق الوقاية المتمثلة في الوعي الاجتماعي، وضرورة أخذ جوانب الحذر من البداية بكافة الوسائل والطرق، منذ المراحل العمرية الأولى للإنسان ومنذ أن يكون جنيناً في بطن أمه.
مستويات الوقاية:
1- الوقاية في المستوى الأول:
يمكن أن تحد الوقاية إلى حد ما من بعض جوانب القصور باستخدام الأساليب كما يوضح ذلك الشكل رقم (4)
2- الوقاية في المستوى الثاني:
وهي الوقاية من حدوث العجز Disability، فهي تتم عندما يظهر القصور Impairment ويمكن أن تتم هذه الوقاية من خلال ثلاثة أساليب هي:
1) القدرة على التعرف على جوانب القصور التي قد تؤدي إلى أنواع معينة من العجز.
2) الاهتمام المناسب بجوانب القصور في المرحلة الحادة لتفادي حدوث العجز.
3) الاهتمام المناسب بجوانب القصور في المرحلة المزمنة أو القصور المستمر، وذلك لتجنب الآثار المتمثلة في العجز.
3- الوقاية في المستوى الثالث:
عندما ينشأ العجز فإنه ينبغي إعداد الوسائل التي تمنع حدوث الإعاقة. ويمكن تصنيف هذه الوسائل إلى طبية واجتماعية ومهنية وتعليمية.. الخ وهذا التصنيف ينبغي ألا يكون عقبة في سبيل التنسيق الكلي لهذه الخدمات، سواء في التخطيط أو إعداد الأولويات واستخدام القوى البشرية. وبجانب العلاج الطبي المنتظم لتأجيل حدوث الإعاقة لأطول وقت ممكن، والتي قد تنشأ عن حالة العجز الطويل، فإن أساليب الوقاية في المستوى الثالث تشتمل على:
1) التدريب على زيادة الاستقلالية في الرعاية الذاتية.
2) الأساليب التعليمية والمهنية التي تهدف إلى تحقيق الاستقلال الاقتصادي.
3) الأساليب الاجتماعية لضمان الإدماج الكامل والقبول في المجتمع.
ثانياً: الاتجاه الثاني: البيئة المحررة من العوائق: Barrier Free Environment:
يواجه الإنسان العادي- وهو يعيش في بيئته- العديد من المعوقات التي تعوقه عن ممارسة حياته على شكل طبيعي، أما الإنسان المعوق فإنه يواجهه معوقات أكثر تعقيداً من الإنسان العادي، لأن البيئة الطبيعية لاتخلو من عوائق أو صعوبات من نوع آخر، كالعوائق المعمارية وغيرها التي تقف أمام حركة وحرية الأشخاص الذين يعانون من جوانب قصور بدني وتمنعهم من القيام بأنشطتهم الحياتية اليومية، التي هي أنشطة كثيرة ومستمرة.
وليس الحال مقتصر على العوائق المادية الملموسة، ولكن هناك عوائق اجتماعية أخرى لاتقل صعوبة، ومنها مايتمثل في النظرة الاجتماعية القاصرة للمعوق وتعاملات الآخرين الأسوياء معه.
والواقع أن حركة وتنقل المعوقين ظلت منسية لسنوات طويلة، وقد كان أحد أسباب هذا النسيان أو الإهمال هو عزلة المعوقين أنفسهم عن العالم الخارجي وعدم وعي الناس بمالديهم من مشكلات في التنقل، وعدم حديث الناس عنهم أو مطالبتهم بحقهم، إلى أن تبنى الكونجرس الأمريكي بالتعاون مع الجهات والهيئات المهتمة بالمعوقين القيام بحملة مكثفة للتوعية حول هذه المشكلة في الستينات من هذا القرن. وقد تمخض عن هذا التعاون قرار الكونجرس 1965م بتشكيل اللجنة القومية للعوائق المعمارية (Architectural Barriers) وذلك بهدف إعداد برنامج تعليم قومي عام ومتخصص.
والآن تحاول الدول جاهدة تحرير البيئة الطبيعية من العوائق التي قد تعترض طريق المعوق وتحول بينه وبين ممارسة أنشطته أو عمله بشكل طبيعي أسوة بغيره من الأسوياء.
والكثير من الدول الآن أنشأت قوانين وتشريعات خاصة في المباني الحديثة الإنشاء بهدف خدمة المعوقين، وكذلك صممت وسائل للمواصلات العامة وهيأتها لكي يستخدمها المعوقون ممن يستعملون الكراسي المتحركة مثلاً واستخدمت في ذلك وسائل وطرقاً مختلفة وبناءة.
ثالثاً: الاتجاه الثالث: حركة الاستقلال المعيشي: Independent Living:
الاستقلال المعيشي بأبسط صوره هو قدرة الإنسان المعوق على مزاولة أنشطة الرعاية الشخصية اليومية الخاصة واتخاذ القرارات رغم وجود حالة العجز لديه.
إذن فالاستقلالية، هي تحرر المعوق من الاعتماد غير الضروري أو غير المرغوب فيه من الأشخاص الآخرين المحيطين به وعلى البيئة التي يعيش فيها، وهنا فإن المشكلة لاتكمن في الفرد المعوق نفسه ولكن في البيئة المحيطة به لأنها هي أساس المشكلة.
وفي حين ينظر برنامج التأهيل العادي للفرد على أنه هو المشكلة، فإنه في برنامج الاستقلال المعيشي تكون البيئة هي محور المشكلة وهي التي يجب أن يتعامل معها.
فحل المشكلة في البرنامج العادي يكون عادة بتدخل المختصين باختلاف تخصصاتهم لعلاج الوضع بينما في برنامج المعيشة المستقلة يكون العلاج عن طريق إرشاد الآخرين، والدفاع عن المعوقين ومصالحهم، والمساعدة الذاتية، وإزالة العوائق البيئية بكافة أنواعها.
ويلاحظ في السنوات الأخيرة توجه العديد من الأجهزة المعنية بالمعوقين من مراكز وجمعيات ومؤسسات متخصصة، يلاحظ سعيها الجاد المتواصل لإيجاد برامج متخصصة ضمن برامجها لتدريب أسرة المعوق في كيفية تعاملها مع طفلها المعوق وتدريبه على أمور الحياة اليومية كدور مهم بالنسبة لها لتدريب وتعليم طفلها المعوق كيفية الاستقلال المعيشي، على الأقل في أمور الرعاية الشخصية اليومية التي يمكن أن يكون فيها معتمداً على نفسه.
رابعاً: الاتجاه الرابع: التطورات التقنية وأثرها: Technology Advances and its Effects:
لاأحد ينكر ماوصلت إليه التقنية الحديثة اليوم وما ساهمت به بشكل إيجابي في تقديم خدمات تقنية للمعوقين أو تحسين حياتهم، فجميع العوائق المحررة التي يسعى إليها المتخصصون ويسعون لتطبيقها لم تكن لتكون – بعد الله- لولا التقنية الحديثة والتطورات العلمية المستمرة التي ساهمت إلى حد كبير في تقليل تلك العوائق وتخفيف آثارها السلبية على المعوق.
وفيما يلي عرض موجز لأهم ماساهمت به التطورات التقنية في مجال تأهيل المعوقين:
1- أدت التطورات التقنية إلى تطوير الأجهزة التعويضية والأطراف الاصطناعية وأصبحت أكثر كفاءة وقدرة من ذي قبل.
2- ساعدت على سهولة تنقل المعوق داخل المباني والمنازل والمداخل والأبواب، وخاصة تلك التي تتفتح بالاستشعار.
3- كشفت عن إمكانية الكشف المبكر للكثير من الأمراض التي لم يكن بالإمكان معرفتها من قبل، بل ومتابعة تطور الحالة الباثولوجية.
4- من خلال التقنية الحديثة أمكن تطوير الآلات الكاتبة التي يستخدمها المكفوفون للنقل من الطباعة العادية إلى البرايل والعكس. وكذلك استفادة المكفوفين من التطورات السريعة في أجهزة التسجيل التي أصبحت تعمل بسرعات مختلفة وتساعد الكفيف على استرجاع المادة المسجلة بسرعات غير السرعة العادية... الخ.
5- أمكن استخدام الحاسب الآلي لخدمة المعوقين بشكل مذهل جداً ومتطور، ومن ذلك مثلاً أن المعوق المصاب بشلل رباعي بإمكانه أن يستخدم الكرسي المتحرك الذي يعمل ببطاريات ومن ثم يوجهه من خلال توجيهات كلامية محددة، وإن كان هذا مكلف من الناحية المالية ولايمكن توفيره لأي معوق. كما تم الاستفادة من الحاسب الآلي في عمليات التوجيه المهني وذلك بإدخال معلومات مختلفة عن الفرد المعوق، وبالتالي الحصول على بيان بعدد كاف من المهن التي يمكن توجيه الفرد المعوق لها.
6- كما أسهمت في الترويح عن المعوقين عن طريق وجود الفيديو وغيره، والأهم من ذلك أن التقنية الحديثة بتطوراتها المتسارعة قد ساعدت على تقدير الأداء الوظيفي لأجهزة الجسم المختلفة.
خامساً:الاتجاه الخامس: الجهود التطوعية وجهود المتطوعين أنفسهم: Voluntary Efforts and Handicappeds Efforts themselves:
حيث إن عملية التأهيل بكافة أبعادها هي عملية متشابكة وتتطلب تضافر وجهود العديد من التخصصات المختلفة ضماناً للوصول لآكبر قدر ممكن من التأهيل، ونظراً لأن التأهيل يحتاج إلى بعد إنساني من البشر بهدف استيفاء بعض الخدمات المقدمة من المعوقين والتي لايمكن أن تلبي بطرق أخرى لأسباب مختلفة، فقد كان من الضروري أن توجد هناك جهود تطوعية منظمة أو مايسمى بـ{{النشاط الأهلي}} لتقديم خدمات متنوعة للمعوقين.
ولو أمعنا النظر في الكثير من الجمعيات الخيرية لوجدنا أن جزءاً كبيراً من أنشطتها ومصروفاتها مخصصة للمعوقين على اختلاف درجة إعاقتهم وتنوعها، بل إن هناك جمعيات خيرية تطوعية مهمتها تقديم نوعية مميزة من الخدمات لفئة معينة من المرضى.
ففي المملكة العربية السعودية هناك جمعيات خيرية وصلت إلى مستوى العالمية من خلال خدماتها المتميزة للمعوقين ومن تلك الجمعيات المميزة المنظمة- التي يشار إليها بالبنان في خدماتها- جمعية الأطفال المعاقين بالرياض وفروعها بالمملكة، وجمعية النهضة النسائية الخيرية بالرياض، وجمعية الوفاء النسائية بالرياض، وكذلك الجمعية الفيصلية الخيرية النسوية بجدة وغيرها كثير.
سادساً: الاتجاه السادس: زيادة الجهود الدولية الموجهة نحو المعوقين: Increasing the International Efforts Towards the Handicapped:
مع التنامي المضطرد لأعداد المعوقين في العالم والاهتمام بمشكلاتهم في السنوات الأخيرة، فقد زاد الاهتمام بالمؤتمرات والندوات العلمية التي تعقدها هيئات علمية متخصصة والتي تبحث في مشكلات المعوقين وكيفية حلها.
ونظراً لهذا الاهتمام فقد أنشئت عدة منظمات دولية لخدمة المعوقين والدفاع عن حقوقهم ومن تلك المنظمات:
* مكتب العمل الدولي ILO منظمة العمل الدولية، ويهتم أساساً بالجوانب المهنية للتأهيل – الجانب المهني- في حين أن الإدارة الاقتصادية والاجتماعية بالمنظمة تهتم بصفة أساسية بمشكلة المعوقين في شكلها العام وفي جوانبها المختلفة.
* الصندوق الدولي للطفولة UNICEF (يونسيف) ويولي اهتماماً كبيراً لمشكلات الأطفال المعوقين.
* اليونيسكو (منظمة التربية والعلوم) وتهتم بالمعوقين من زوايا التربية الخاصة.
*برنامج الأمم المتحدة للإنماء UNDP ويهتم بمساعدة الدول النامية على إنشاء مراكز نموذجية للتأهيل تعمل في بعض الأحيان على المستوى الإقليمي لتدريب متخصصين في مجال رعاية المعوقين في أقاليم العالم المختلفة.
وقد تم ذكر معظم المنظمات العاملة في مجال المعوقين في الفصل الرابع تحت عنوان ((الهيئات التي تعمل في ميدان المعوقين))
ولعل إعلان الأمم المتحدة عام 1981م عاماً دولياً للمعوقين يتوج تلك الجهود الدولية الرامية لتسليط الضوء على مشكلة الإعاقة والمعوقين والنهوض بالخدمات المقدمة لها.
سابعاً: الاتجاه السابع: التأهيل عن طريق المجتمع: Community Based Rehabilitation:
يدرك العاملون في مجال تأهيل المعوقين جيداً مدى التكاليف الباهظة التي تتكلفها عملية إنشاء خدمات للمعوقين أو مراكز شاملة خاصة بهم، فإنشاء هذه الخدمات قد يكون سهلاً في منطقة جغرافية صغيرة نسبياً أو ذات موارد مالية كافية، ولكننا حينما نتحدث عن مناطق جغرافية شاسعة وموارد متواضعة ، فإن هذا يضاعف الجهد ويقلل من قيمة الكفاءة المقدمة للمعوق، ناهيك عن توفير أخصائيين مهنيين يلبون احتياجات تلك المناطق الشاسعة، وإذا ماعرفنا أيضاً أن هناك نوعية كبيرة من المعوقين مصابة بعجز شديد وتتطلب خدمات شاملة، وإيوائية، ومتابعة مستمرة لأدركنا ذلك حجم الجهد المضني والتكلفة العالية، ولهذا السبب ظهرت بعض الاتجاهات التي تنادي بأن يستقل المعوق بنفسه ويندمج في مجتمعه بعد تدريبه على أمور حياته اليومية، بهدف الاعتماد على نفسه وفي نفس الوقت تقليل العبء على كاهل المراكز المتخصصة بالإعاقة، وبالتالي على الدولة. ومن تلك الأمثلة التي قامت في هذا المجال استخدام وحدات متنقلة تقدم الخدمات التأهيلية Mobile Units للمعوقين في مناطق معيشتهم.
www.gulfkids.com (http://www.gulfkids.com/)