البدوية
05-27-2008, 08:25 PM
النفس تشكو والجسد يعاني: دليل المرأة العربية في الصحة النفسية
الدكتورة عايدة عصمت سيف الدولة
http://www.mrkzy.com/uploads/f90897dff2.jpg
المؤلفة :
الدكتورة عايدة عصمت سيف الدولة ، دكتوراه في الطب النفسي وأستاذة الطب النفسي في جامعة عين شمس في جمهورية مصر العربية. عضو ناشط ومؤسس في جمعيات ومنظمات غير حكومية عديدة نذكر منها:
- مركز دراسات المرأة الجديدة ( 1984 )
- جمعية التنمية الصحية والبيئية ( 1986 )
- مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف ( 1992 )
- قوة العمل المناهضة لختان الإناث ( 1994 )
وقد نالت الدكتورة عايدة سيف الدولة مؤخراً تكريماً خاصاً من مؤسسة "هيومان رايتس ووتش".
مقدمة
النفس تشكو والجسد يعاني
يشكل كتاب "النفس تشكو والجسد يعاني، دليل المرأة العربية في الصحة النفسية" ثاني إصدار " نور - جمعية المرأة العربية". وتسعى الجمعية، عبر هذه السلسلة، للمساهمة في تعزيز وضع المرأة العربية ضمن أسرتها ومجتمعها من خلال مدّها بالمعلومات الحياتية الأساسية المستندة على الأبحاث والدراسات العلمية. وتتوجه " نور - جمعية المرأة العربية" للمرأة في مختلف بلدان العالم العربي ومن مختلف الفئات، ومن خلالها للرجل العربي، بصفته شريك للمرأة في القضايا التي تمس رفاهية الأسرة والمجتمع.
وقد قامت " نور - جمعية المرأة العربية" باختيار موضوع الصحة النفسية لما يشكل هذا الموضوع من أهمية لصحة المرأة والأسرة العربية ورفاهيتها، واستكمالاً لنقص في المعلومات العلمية المتوفرة حولها للفرد في عالمنا العربي، ونظراً للمواقف المتكتمة التي تحيط بهذا الموضوع الحياتي الهام. إن المعرفة هي أولى الخطوات على طريق إزالة القلق والمخاوف: ونأمل من توفير هذه المعلومات الأساسية تبديد المخاوف والتعتيم الذي لا يزال يحيط بالتعامل مع العوارض النفسية. ومتى بدأنا فهم مشاعرنا نكون قد خطونا أول خطوة في مسار الاستفادة من الخدمات المتوفرة في مجتمعاتنا. وفي تطوير هذا الكتاب اعتمدنا في نور نفس الأسلوب الذي اعتمدناه في تطوير الكتاب الأول في هذه السلسلة " بالصحة والهنا، دليل المرأة العربية للتغذية " من حيث اتباع الأسلوب العلمي والمشارك. فقد شارك باعداد هذا الكتاب عدد من النساء العربيات المتخصصات في علوم الصحة النفسية والصحة العامة والاجتماع والإعلام من مختلف البلدان العربية.
هذا واستغرق إعداد الكتاب سنوات ثلاث امتدت من أيار (مايو) العام 2000، تاريخ تشكيل الهيئة الاستشارية وتكليف الدكتورة عائدة سيف الدولة بتأليفه، وحتى أيلول (سبتمبر) العام 2003، تاريخ تسليمه للطباعة. وقد توالت الاجتماعات في المرحلة الأولى بين المؤلفة وبين الهيئة، وفي مسار منتظم، استهدف مناقشة المخطط المقترح للكتاب، ومن ثم مناقشة مسودّات فصوله، وذلك في الفترة الزمنية الواقعة بين أيلول (سبتمبر) 2000 وتشرين الأول (أكتوبر) 2001. في نيسان (إبريل) 2002 أنجزت الكاتبة المسودّة الثانية للكتاب، وقدر أرسلت هذه المسودة الى مجموعة من القارئات في مختلف البلدان العربية، وذلك من أجل أن يقرأنها وأن يبدين الملاحظات عليها. وعلى امتداد أيار (مايو) 2002 خضعت المسودة الثانية للكتاب لاختبارين ميدانيين على مجموعتين من النساء، إحداهما لبنانية والثانية أردنية ممثلتين لفئة النساء العربيات المستهدفات بالكتاب. وذلك لاختبار مدى ملائمة محتوى الكتاب وطريقة تقديمه لهن. وتلا ذلك مباشرة، وفي الشهر نفسه، انعقاد ورشة عمل إقليمية في بيروت حضرتها المجموعة القارئة التي قامت باستعراض نتائج الاختبار الميداني المذكور، ومناقشة فصول الكتاب ( المسودة الثانية)، وتقديم اقتراحات بالتعديلات عليها. في كانون الثاني (يناير) 2003 أنجزت د. عايدة سيف الدولة مراجعة الكتاب على ضؤ المقترحات المذكورة، وقدمته في صيغته النهائية للمراجعة اللغوية والتصميم الفني. وقد أنجزت هاتان المهمتان في الفترة الواقعة بين شباط (فبراير) وتموز (يوليو) 2003 فبات جاهزاً للطباعة النهائية أوائل سبتمبر 2003، بعد إخضاعه للتدقيق النهائي من قبل الهيئة الاستشارية.
تتقدم " نور - جمعية المرأة العربية " بالشكر الجزيل للدكتورة عايدة سيف الدولة التي كان تعاونها مثاليا مع المجموعات المشرفة والاستشارية والقارئة في إعداد هذا الكتاب، كما نود شكر اللجنة الاستشارية للوقت والجهد الذي اعطته للقراءة المسهبة للمسودات المختلفة فصلاً فصلاً، وللملاحظات القيمة التي قدمتها للمؤلفة، كما نود التقدم بالشكر الجزيل للمجموعة القارئة للاقتراحات القيمة التي أمددننا بها، وللنساء اللواتي اشتركن بالاختبار الميداني للكتاب في لبنان والأردن، ولكل من أسهم في تنفيذ هذا الكتاب.
نأمل ان يساهم هذا الكتاب في توعية أخواتنا النساء في جميع البلدان العربية حول موضوع حياتي في غاية الأهمية هو صحتها النفسية، ونتطلع لآرائكن وملاحظاتكن للاستفادة منها في أعمالنا القادمة.
لماذا هذا الكتاب؟
ليس هذا كتابا طبيا للمتخصصين، كما انه ليس كتابا طبيا مبسّطا للجمهور. انه ليس كتابا في الطب، ولكنه كتاب عن الصحة، والصحة النفسية، على وجه الخصوص. والصحة ليست تخصّصاً مقصوراً على المتخصصين والمهنيين، لكنها أمر يهم كل انسان، ولكل انسان دور أساسي في أن يسعى الى أن يعيش في أفضل صحة جسدية ونفسية ممكنة!
لماذا الصحة النفسية؟
يخشى البشر عادة التعب النفسي أكثر مما يخشون التعب الجسدي. صحيح أننا جميعاً نتفق على أن الصحة هي سلامة الجسد والعقل، لكننا حين نتحدث عن الصحة فإننا عادة ما نعني صحة أجسادنا. وجرت العادة ان نسرع الى الطبيب حين تعتلّ أجسادنا في حين أننا نفكر ألف مرة قبل إستشارة طبيب نفسي إذا اعتلّت نفوسنا؛ بل إننا قد نشكو هذا الاعتلال ونفسر الأمر بأننا مرهقات أو مرهقون.
كثيرات منا يعتبرن أن معاناة حالة نفسية ما يعني في حقيقة الأمر معاناة أمر لا شفاء منه. وكم من واحدة منا استشارت الطبيب في بعض أعراضها وشعرت بخيبة أمل حين قال لها: "لست تعانين شيئا وإنما هذه حالة نفسية". وليس غريبا أن يتجنب الناس الكلام على الصحة النفسية، فالأمور النفسية غالباً ما ترتبط في أذهان الناس بالتصوير الاعلامي للمرض العقلي والأطباء النفسيين ومستشفيات الأمراض العقلية، كلها أمور ذات سمعة سيئة، إذ إن الأفلام والمسلسلات التليفزيونية تصورها إما بشكل مضحك يستدعي السخرية أو بشكل شديد الكآبة يجعلنا نخشى أن نكون ضحية هذا "الأمر المخيف غير المفهوم". إنها أمور يفضل الجميع أن يبتعدوا عن طريقها أو أن تبتعد هي عن طريقهم. إنها أمور ارتبطت بتلك الكلمة التي تخيف الكثيرين والكثيرات – الجنون. ونتيجة هذا التصوير المشوه للمرض النفسي، ظلت الصحة النفسية في أغلب الأحيان أمراً مقصوراً على المتخصصين من الأطباء والمتخصصين النفسيين، وظلت المعرفة بالأمور النفسية مرتبطة بأن يمرض شخص ما فيضطر الى اللجوء الى الطبيب النفسي في المصحة أو العيادة النفسية، وكأننا لا نستطيع التعرف الى تكويننا النفسي إلا من خلال المرض.
لكن حقيقة الأمر هي أنه بين الصحة النفسية والمرض النفسي مساحة واسعة جداً. وكما أن للمرض النفسي أشكالاً مختلفة وكثيرة، فإن للصحة النفسية أيضاً أشكالاً مختلفة وكثيرة. فعقولنا تتفاعل في كل لحظات حياتنا ومراحلها بأشكال مختلفة مع الظروف المحيطة بنا والبيئة التي نشأنا فيها، كما تتأثر أيضاً بما نتوقعه من الحياة وما نعيشه فعلياً، وكذلك بما قد نعاني من أمراض جسدية وما نتناوله من أدوية لعلاج تلك الأمراض، وبعوامل أخرى كثيرة سوف نحاول أن نتناول أغلبها في هذا الكتاب.
ما هي الصحة النفسية؟
ينص دستور منظمة الصحة العالمية على أن "الصحة هي حالة من الرفاهة الجسدية والعقلية والاجتماعية وليست مجرد غياب المرض أو العجز. والصحة النفسية هي جزء أساسي ومتكامل من الصحة. وكما أن الصحة ليست مجرد غياب المرض، فإن الصحة النفسية ليست مجرد غياب المرض النفسي أو العقلي، وانما هي حالة إيجابية من الراحة النفسية. ويمكن تفسير الصحة النفسية على أنها التوازن الكامل في تكوين الفرد بجوانبه البيولوجية والاجتماعية والنفسية".
ليست الصحة إذاً مجرد غياب المرض، وانما هي حالة أفضل من ذلك بكثير. فالصحة كما عرّفتها منظمة الصحة العالمية هي حالة من السلامة الجسدية والتوازن النفسي في محيط يوفر للإنسان كل ما يحتاج اليه لتحقيق افضل أداء على المستوى الجسدي والنفسي والروحي. صحيح أن الانسان قد لا يصل الى تحقيق تلك الصورة بشكل كامل، لكنه يسعى طوال الوقت الى تحقيقها، ويكون أكثر صحة وتوازناً كلما اقترب منها.
وإذا كان من السهل أن نتصور معايير الصحة الجسدية، فإن الأمر بالنسبة الى الصحة النفسية أكثر صعوبة، فنحن عادة ما نصف الصحة الجسدية بمعطيات وأرقام محددة: فذلك هو العدد الطبيعي لضربات القلب، وذلك هو المستوى الطبيعي لضغط الدم، وذلك هو المستوى الطبيعي للسكر في الدم، وتلك هي التغذية اللازمة الخ...، لكن الأمر ليس بهذا الوضوح بالنسبة الى الصحة النفسية.
لماذا يختلف الأمر بالنسبة الى الصحة النفسية؟
يختلف الأمر بالنسبة الى الصحة النفسية لأنه ليس ثمة حد فاصل وواضح بين ما هو طبيعي وما هو غير طبيعي في مجال النفس. ذلك أن تعريف ما هو طبيعي واسع، يتضمن اختلافات كثيرة بعدد اختلاف الاشخاص، والمرحلة العمرية، والبلدان، والثقافات، والأعراف، والتقاليد، الخ... كما أنه ليس هناك وصفة واحدة للمرء السليم نفسيا، بل إن أشكال الصحة النفسية الطبيعية تكاد تتساوى مع عدد البشر في العالم. فكل امرئ هو وضفة نفسية خاصة وفريدة في نوعها لها أحلامها وأفكارها وأحزانها ولا يتطابق فيها مع امرئ آخر، وما يسعد امرأً أو يريحه قد لا يسعد امرأً آخر أو يريحه.
كذلك هناك فارق كبير بين أن يشعر المرء بعارض نفسي وبين أن يكون مريضاً نفسياً. ليس هناك شخص على وجه الأرض لا يشعر بأعراض نفسية بين حين وآخر، بل ان هناك من يشعرون بعدد من الأعراض والمعاناة النفسية لفترات طويلة، ومع ذلك فهم ليسوا مرضى نفسيين. كذلك ليس هناك شخص على وجه الأرض لا يتميز بخصال تختلف لدرجات تزيد أو تقل عن الآخر فتجعله متميزاً أو مختلفاً عن الآخرين جميعاً. لكن هذه الأعراض المختلفة وهذه الخصائص المختلفة لا تشكل مرضاً حتى لو كانت في بعض الأحيان مصدر إزعاج وخوف للشخص نفسه أو للآخرين.
إن تعريف الصحة النفسية هو، إذا، تعريف واسع، يتضمن:
- قدرة الانسان على التوازن النفسي
- تعامل الانسان بايجابية مع متطلبات الحياة اليومية سواء الاجتماعية أو العملية
- ثقة الانسان بنفسه وفي نفس الوقت نفسه استعداده لأن يطور تفكيره بما يستجد من معلومات ومعرفة.
- تقبّل الانسان لما هو قائم والبحث طوال الوقت عن طرق يطور بها معرفته فيستطيع أن يطوّر ذلك الواقع، الخ...
- قدرة الانسان على الموازنة بين تلبية رغباته وبين ما يمليه عقله من ضرورة تأجيل بعض تلك الرغبات أو تجاوزها من غير أن يرتب ذلك ألماً نفسياً كبيراً.
كذلك فإن التمييز ما بين الحقيقة والخيال هو من سمات الصحة النفسية، فلا مانع من أن نحلم وأن نسرح بخيالنا شرط ألا يصرفنا ذلك عما هو حقيقة، وشرط ألا يتحول الخيال الى بديل عما هو واقع. من حقنا أن نحلم بواقع مختلف، وأن نسعى الى تغييره شرط أن نستطيع في أثناء ذلك أن نتعايش مع الواقع الذي نعيشه الى أن يتغير.
في كل الأحوال، إن العامل المشترك بين كل هذه السمات هو وجود درجات مختلفة من التوازن الداخلي، والراحة مع النفس، وقبول الذات، وتجاوز الأزمات سواء مع النفس أو مع الآخرين بأسلوب بنّاء وبأقل قدر ممكن من المعاناة النفسية.
وبقدر ما نكون قادرات على التحكم في مجريات أمورنا مع الحياة والآخرين، وقادرات على الحلم دون أن نفقد اتصالنا بالواقع، وقادرات على تقدير الأمور واتخاذ القرارات في توازن بين ما نرغب فيه وبين ما هو ممكن، وقادرات على الحفاظ على التوازن بين ما نأخذ وما نعطي... باختصار، بقدر ما نكون قادرات على التحكم في توازننا الداخلي وتوازن علاقتنا مع من هم حولنا بقدر ما نكون في حالة أعلى من الراحة النفسية.
لكننا في هذه الرحلة التي تستمر العمر كله لسنا وحدنا، فنحن نؤثر في من هم حولنا ونتأثر بهم، ونتفاعل مع الأحداث حسب ما تعوّدنا وتعلمنا واخترنا.
لماذا الاختلاف في التفاعل مع العالم من حولنا؟
نتفق ونختلف في تفاعلنا مع العالم من حولنا لأن هناك عوامل عديدة تؤثر فينا، بعضها بيولوجي والبعض الآخر اجتماعي ونفسي، وأغلبها يبدأ بعد أن نولد، لكن بعضاً منها قد يبدأ قبل ذلك. فهناك أولاً ما ورثناه عن آبائنا وأمهاتنا من صفات وراثية أو أمراض تنتقل عن طريق الوراثة؛ ثم إن هناك العوامل البيولوجية والأمراض التي قد تنتقل إلينا ونحن أجنة في أرحام امهاتنا، أو التي قد نتعرض لها بعد أن نولد؛ كما أن هناك أيضاً الأحداث التي نمر بها في طفولتنا وقد تؤثر فينا في مراحل تالية من عمرنا، مثل تجربة ما مررنا بها ونحن صغار، أو خبرة ما عشناها وتصورنا أنها تافهة لكنها تركت فينا أثراً عميقاً دون أن نشعر، مثل شخص أحببناه بشدة أو كرهناه بشدة في طفولتنا، فأصبح ذلك الشعور نحوه يشكل مشاعرنا ويلونها بالنسبة الى كل ما يذكرنا به. قد نتذكر بعض تلك الأحداث، وقد يبدو لنا أننا قد نسينا البعض الآخر، لكنها تبقى راقدة في ركن ما من ذاكرتنا، تؤثر فينا دون أن نكون مدركات لها تماماً، وتؤثر في مشاعرنا وتصرفاتنا إزاء ظروف وأشخاص لا علاقة لهم بظروف الماضي واشخاصه.
وقبل ان نبدأ بعرض تلك العوامل في الفصول التالية، نود ان نلفت الانتباه الى عدد من النقاط:
- نحن لا نعيش في فراغ، ولسنا الأطراف الوحيدة التي تحدد حالتنا النفسية. فإن ما نشعر به ونفكر فيه ونعيشه في كل لحظة هو نتيجة خبرتنا في الماضي، نتفاعل بها مع الحاضر، ونهدف منها الى مستقبل أكثر راحةً وانسجاماً.
- اذا أردنا أن نفهم السياق الذي نعيش فيه نحن النساء العربيات، والذي يؤثر في إدراكنا لأنفسنا والعالم المحيط بنا، فإنه لا يجوز أن نكتفي بدراسة العوامل البيولوجية التي تؤثر فينا، وإنما يتعين علينا أيضاً أن نتناول العوامل الثقافية المحيطة بنا، فهي التي تشكل الوعي العام لدى البشر، فتحدد الصواب والخطأ، وما يجوز وما لا يجوز، وما هو طبيعي وما هو غير طبيعي، كما تحدد لنا الإطار العام الذي نتحرك فيه.
- ليست العوامل السابقة منفصلة بعضها عن البعض الآخر. فإن كلاّ منها يؤثر في الآخر ويتأثر به، وليس ذلك التقسيم سوى محاولة لتوضيح الأمور وتبسيطها. فالحامل التي لا تحصل على تغذية كافية قد تلد طفلاً معتلاً جسدياً ونفسياً. ورغم أن سؤ التغذية هو عامل بيولوجي إلا أننا إذا بحثنا في أسباب سوء التغذية فقد نجد أنها قد تكون نتيجة الفقر، أو قلة الوعي بالتغذية اللازمة، أو الإجهاد الشديد، وهي جميعاً أسباب بيئية أو اجتماعية.
- كذلك قد تؤثر الثقافة في بعض النواحي البيولوجية في حياة النساء، فالدور الانجابي للمرأة، على سبيل المثال، قد يبدو أنه دور بيولوجي بحت تشترك فيه كل نساء العالم، لكن الحقيقة أن هذا الدور تختلف أهميته في حياة النساء ونظرة المجتمع إليه من ثقافة الى أخرى، ويترتب عليه الكثير من الأدوار الاجتماعية التي تحدد للنساء وضعهن في المجتمع والأدوار والسلوكيات المتوقعة منهن، وسوف نتناول ذلك بالتفصيل في الفصل الثالث من هذا الكتاب.
من باب التبسيط، يمكننا القول إن حالتنا الصحية، الجسدية والنفسية، هي نتيجة لتفاعل عدد من الموامل التي تؤثر فينا في مراحل مختلفة من مراحل حياتنا:
- في مرحلة الطفولة وحتى حوالي سن الثامنة عشرة يتكون لدينا استعداد نفسي ما، بعضه يتأثر بما ورثناه من أبوينا ومن عوامل بيولوجية أخرى، وبعضه يتشكل من خلال البيئة التي نولد فيها ونعيش في السنوات الأولى من العمر، وهو ما نطلق عليه عادة اسم "الشخصية".
- في المرحلة التالية من العمر نتأثر بعدد من العوامل البيولوجية والبيئية التي تتكون في الأساس من المؤثرات الخارجية التي تحيط بنا.
سوف يتعرض هذا الكتاب لمناقشة تلك العوامل منفردة أولاً، ثم في علاقتها بعضها ببعض، فنبدأ بمناقشة السمات التي تكوّن الشخصية، ثم نستعرض العوامل البيئية المحيطة التي تؤثر في المشاعر والأفكار والسلوك في الحياة العملية، ثم نصف الوظائف والأعراض النفسية المختلفة والشروط اللازمة لكي تتحول تلك الأعراض الى اضطرابات نفسية. وفي النهاية سوف نعرض باختصار لمصادر المساعدة التي يمكن أن تلجأ إليها النساء، إضافة الى الحقوق التي يجب أن تكون على دراية بها حين تطلب تلك المساعدة.
لماذا هو كتاب للنساء؟
هذا الكتاب هو كتاب للنساء لأن النساء يشكلن في كل مجتمعات العالم فئة خاصة، لها تكوينها البيولوجي، ودورها الانجابي، وأدوارها الاجتماعية المحددة لها من قبل المجتمع المحيط. وإذا كان الرجال والنساء في مجتمعاتنا وفي كل مجتمعات العالم يتعرضون لعوامل مشتركة تؤثر فيهم إما ايجاباً أو سلباً، إلا أننا نعتقد أن للنساء وضعاً خاصاً بحكم عدد من العوامل التي يمكن أن تكون مصدراً لتميّز النساء وقوتهن في المجتمع، كما يمكن أن تكون مصدراً للحد من حريتهن، فتفرض عليهن شروطاً أشد قسوة من تلك التي تفرضها على الرجال، حتى إن الكثير من الأبحاث الاجتماعية اتجهت الى اعتبار النساء ضمن الفئات المستضعفة في أغلب المجتمعات.
تربيتنا بين " الممنوع والمحرّم "
صحيح ان مجتمعاتنا بدأت تشهد تغييراً في الأدوار التقليدية للرجال والنساء مما يقلّل من الفروق في نمط حياة كل من الجنسين. إلا ان هذا التغيير ما يزال أمراً حديثاً، لم ينجح بعد في تعديل آثار سنوات وسنوات من التقاليد والأعراف التي حكمت السير والسلوك "الطبيعي" لكل من الجنسين. وإذا كان ذلك قد احتاج الى سنوات طويلة من أجل تغيير بعض السلوكيات، فإنه سوف يحتاج الى وقت أطول للتخلص من المشاعر والأفكار التي ولدت نتيجة هذه التقاليد والتربية الاجتماعية لكل من النساء والرجال. إن ما نشأنا عليه يظل يؤثر فينا حتى لو لم نعد مقتنعات به على المستوى الذهني، وحتى لو توقفنا عن ممارسته على المستوى العملي.
ورغم كل ما دار ويدور حولنا من تطور، تظل مجتمعاتنا العربية تحيطنا منذ لحظة الولادة الأولى بالكثير من الممنوع والمحرّم، وتقول لنا أن ذلك الممنوع والمحرّم ليس ممنوعا أو محرماً على الجميع وإنما علينا فحسب لأننا نساء. وإن علينا في الحياة أن نمثل أدواراً معينة ولا نحيد عنها كثراً؛ وإن علينا أن نتصرف بأسلوب معين وأن نحس بمشاعر معينة وأن نقبل بأمور معينة الخ... وإن أي خروج على هذه القواعد يعتبر خطأ وتجاوزاً للحدود. صحيح أن هناك أيضاً معايير وتوضع للرجال كما توضع للنساء، لكن الفرق هو في أن معايير النساء تتميز بفرض القيود ومحاولة التحكم والسيطرة عليهن روحاً وجسداً، في حين أن معايير الرجال تترك لهم مجالات واسعة وفرصاً أكثر ليعبّروا من خلالها عن أنفسهم بحرية.
ونتيجة هذه التنشئة، فإن الكثيرات منا يجدن أنفسهن في مواقف متناقضة بين ما نشعر أنه من حقنا وبين ما يحاول البعض فرضه علينا، سواء على مستوى التصرفات أو حتى أحيانا على مستوى المشاعر. وسوف يحمل هذا الكتاب أمثلة عديدة على هذا التناقض الذي نعيشه نحن النساء في المجتمعات العربية في أكثر من موقف في حياتنا.
سوف يتناول هذا الكتاب أيضاً بعض المشاعر التي قد نشعر بها وبعض الأفكار التي تراودنا أحيانا في فترات متفاوتة من حياتنا، فتؤلمنا أو نشعر أنها غريبة عنا وعمن هم حولنا، فنخاف أو نتردد في الحديث عنها ولا نجد من نستشيره بشأنها.
أسئلة بحاجة الى إجابات
فكّرنا في بعض تلك المخاوف والأسئلة التي قد تتبادر الى أذهاننا نحن النساء في فترات مختلفة من حياتنا. ونتساءل عما إذا كنا على حق أم مخطئات ؟ إذا كنا طبيعات أم إننا على شفا المرض؟ فكّرنا في المحاولات الجاهدة التي نبذلها كنساء لكي نتعامل بصمت وكتمان مع الكثير من المشاعر والأفكار، التي تتصور كل واحدة منا أنها الوحيدة في العالم التي تشعر بها، فتتكتم بشأنها حتى لا تلصق بها صفة "غير الطبيعية". وفكّرنا في مصطلح "الانهيار العصبي" وكثرة استخدامه في وصف النساء وبين النساء، وما يعنيه هذا المصطلح لكل واحدة منا، وكيف أننا نستعمله أحياناً بشكل غير دقيق، وكيف أننا نخشاه أحياناً أكثر مما ينبغي.
إن الشائع عنا نحن النساء أننا نعبّر عن مشاعرنا بسهولة. إلا أننا في الحقيقة كثيراً ما نكبح الكثير من تلك المشاعر والأفكار التي قد تراودنا في فترات مختلفة من عمرنا. قد نتحدث عنها في ما بيننا، ونقدّم فيها النصائح، إحدانا الى الاخرى، بحسب خبراتنا الخاصة وقدرتنا على الانفتاح على الآخرين، لكننا نتردد ألف مرة في أن نستشير بشأنها إختصاصياً أو طبيباً خوفاً من وصمة المرض النفسي. بل إننا قد نتردد في أن نسأل عنها حتى أقرب الصديقات والأصدقاء نظراً لغرابتها، ونخشى أن تكون غرابة تلك الأفكار والمشاعر وخروجها عن المألوف دليلاً على أننا غير سويات، أو أننا شخصيات ضعيفة، وعاطفية، وفوّارة، الى آخر تلك الصفات التي تعودنا ان نوسم بها. وتجنباً لهذا الحكم علينا، قد نعيش مع تلك الأفكار والمشاعر ومع القلق منها، في حين أن معرفة أسبابها قد تزيل الكثير من الألم والخوف المحيطين بها.
أهمية المعرفة
إن تلك المعرفة، مجرد المعرفة، هي أولى الخطوات على طريق إزالة القلق والخوف، وهما أشد العوامل تهديداً للصحة النفسية. فنحن بحاجة الى أن يكون لمشاعرنا منطق نفهمه، وأن تتوازن صورتنا عن أنفسنا مع الصورة التي نرغب في أن نكون عليها، وفي الوقت نفسه أن نكون قادرات على التعامل مع العالم المحيط بنا بأسلوب يميزنا كأفراد دون أن نشعر بالوحدة بين الناس. وهذا ما سوف يحاول هذا الكتاب أن يسهم فيه.
ولكن علينا أن نوضح أن هذا الكتاب ليس وصفة سحرية لراحة البال أو السعادة، إنه يسعى الى نشر المعرفة عن تكويننا النفسي وارتباط ذلك بالمجتمعات التي نعيش فيها، كما يسعى الى كسر جدار الخوف الذي نحيط به الكثير من مشاعرنا وأحاسيسنا.
قلنا في ما سبق إن معرفة أسس الصحة النفسية هي أمر يخصّ كل إنسان، لكن هناك بعض الحالات التي تستدعي أن يطلب الإنسان مشورة متخصص. ولذلك فإن هذا الكتاب سوف يوضح بعض المؤشرات التي قد نحتاج عند ظهورها الى استشارة اختصاصي أو طبيب. إن طلب المشورة والمساعدة من اختصاصي لا تعني أننا قد سلّمنا أمورنا تماماً الى شخص آخر، بل تعني أننا قد أشركنا شخصاً آخر في قراءة المشكلة والبحث عن حلّ لها. كذلك سوف يفرد الكتاب قسماً منه ليوضح لنا حقوقنا في حال احتجنا الى طلب تلك الخدمة من المتخصصين، ومن أهمها حقوقنا في الخصوصية، وفي الاحترام، وفي أن يؤخذ كلامنا على محمل الجد.
صحيح أن كل واحدة منا هي في حد ذاتها قصة متكاملة لها تفاصيلها، وخصوصياتها، وأمورها التي لا تشترك فيها مع إنسان آخر، ولكن ذلك لا يحول دون أن يكون هناك أمور عامة تخصنا جميعاً وتؤثر فينا جميعاً.
أخيراً يجب أن نلفت الانتباه الى أنه ليس المقصود أن تبحث كل واحدة منا عن إطارها النفسي في هذا الكتاب، لكن المقصود أن تجد فيه بعض الاجابات عن الأسئلة التي قد تخطر في بالها في لحظات معينة من حياتها، أو بعض التفسير لخبرات مرّت بها، أو لمشاعر خشيت البوح بها أو التعبير عنها.
إن هذا الكتاب يهدف الى نشر المعرفة بالصحة النفسية واضطراباتها وأمراضها والظروف المحيطة التي تمثل دوراً أساسياً في تشكيلها بالنسبة الى النساء في المراحل المختلفة من أعمارهن؛ فإذا وجدت فيه، سيدتي، ولو بعض الإجابات التي كنت تبحثين عنها، وإذا أسهم ولو قليلاً في مساعدتك على مزيد من الفهم لما يدور حولك وفي داخلك، وعلى التحكم في مجريات حياتك، فإن ذلك يكفينا دليلاً على الحاجة الى هذا الكتاب وعلى أنه حقق بعضاً من الهدف منه.
نظراً لكل ما تقدم، قرّرنا في "نور - جمعية المرأة العربية" إصدار هذا الكتاب.
الفهرس
الفصل الأول: الشخصية
الفصل الثاني: عوامل تؤثر في صحة النساء النفسية
الفصل الثالث: مراحل مهمة في حياة النساء
الفصل الرابع: الضغط النفسي
الفصل الخامس: الوظائف والأعراض النفسية
الفصل السادس: الأمراض والاضطرابات النفسية
الفصل السابع: الاضرابات النفسجسدية : النفس تعاني والجسد يشكو
الفصل الثامن: العنف وآثاره في صحة النساء النفسية
الفصل التاسع: من حقك ألاّ تكوني وحدك... من حقك أن تطلبي المساعدة
الفصل الأول
الشخصية
مقدمة
ما هي الشخصية؟
مما تتكون الشخصية؟
أولاً : العوامل البيولوجية / النفسية المؤثرة في تكوين الشخصية
1 - الصفات والأمراض الوراثية
2 - العوامل البيولوجية
ثانيا: العوامل النفسية المؤثرة في تكوين الشخصية ( بحسب المدارس المختلفة)
1 - الشخصية بحسب الصفات الجسدية والنفسية
2 - الشخصية بحسب مدرسة التحليل النفسي
3 - الشخصية بحسب المدارس الاجتماعية
4 - الشخصية بحسب المدارس الانسانية
صفات الشخصية
أولا: الصفات الخارجة عن المألوف
1 - الصفات البارانويدية
2 - الصفات الانطوائية
3 - الصفات شبه الفصامية
ثانيا: الصفات الانفعالية
1 - الصفات الهستيرية
2 - الصفات النرجسية
3 - الصفات المعادية للمجتمع
4 - الصفات الحدية
ثالثا: الصفات القلقة
1 - الصفات التجنبية
2 - الصفات الاعتمادية
3 - الصفات القهرية
4 - الصفات السلبية العدوانية
الفصل الثاني
عوامل تؤثر في صحة النساء النفسية
مقدمة
ما هي العوامل التي تؤثر في صحة النساء النفسية؟
أولاً : العوامل الاقتصادية
1 - الفقر
2 - سياسات العولمة
3 - هجرة الرجال للعمل
4 - ظروف العمل
ثانياً: العوامل السياسية
1 - الكوارث والحروب
2 - الهجرة، والتهجير، والنزوح
ثالثاً : العوامل الاجتماعية والثقافية
1 - العادات والتقاليد
2 - الدين
3 - الأدوار الاجتماعية
4 - القوانين والتشريعات
كيف تؤثر هذه العوامل في صحة النساء النفسية ؟
خلاصة
الفصل الثالث
مراحل مهمة في حياة النساء
مقدمة
أولاً: الطفولة
1 - التمييز بين الصبي والفتاة
2 - استكشاف الطفل لجسمه
3 - ختان الفتيات
ثانياً : فترة المراهقة والبلوغ
1 - التغيرات النفسية والجسدية
2 - مسألة عذرية الفتاة
3 - الدورة الشهرية
4 - كيفية التعامل مع هذه المرحلة
ثالثاً : سنّ الرشد
1 - الارتباط والزواج
2 - العلاقة بالرجل
3 - تعدد الزوجات
4 - عدم الزواج
5 - الطلاق
6 - العمل والأدوار الاجتماعية المتعددة والمسؤوليات المزدوجة
7 - الصحة الانجابية
رابعاً : سن الأمان ( التغيرات البيولوجية والاجتماعية حول فترة انقطاع الدورة الشهرية)
الفصل الرابع
الضغط النفسي
مقدمة
ماذا يحدث حين نتوتر؟
كيف يؤثر الضغط النفسي فينا؟
عوامل الضغط النفسي والنساء
كيف نتأثر بتلك العوامل؟
كيف يؤثر الضغط النفسي في صحة الانسان النفسية والجسدية؟
أولاً : الآثار الجسدية للضغط النفسي
ثانياً : الآثار النفسية للضغط النفسي
تقنية إسترخاء
الفصل الخامس
الوظائف والأعراض النفسية
مقدمة
الوظائف النفسية
الأعراض النفسية
أولاً : الأعراض السلوكية
ثانياً : المشاعر
1 - الحزن
2 - القلق
ثالثاً : الإدراك
رابعاً : التفكير
خامساً : الوسوسة
سادساً : التذكّر والنسيان
الفصل السادس
الأمراض والاضطرابات النفسية
متى تتحول الأعراض الى أمراض؟
أولاً : الاضطرابات الناتجة بشكل مباشر عن التعرض لضغوط خارجية
1 - الاضطرابات النفسية الحادة الناجمة عن التعرض لضغوط خارجية
(ردة فعل حادة للضغط النفسي)
2 - الاضطرابات النفسية المزمنة الناجمة عن التعرض لضغوط خارجية
ثانياً : إضطرابات الاكتئاب
ثالثاً : إضطرابات القلق
1 - إضطراب القلق العام
2 - إضطراب الهلع
3 - إضطرابات المخاوف
4 - إضطراب الوسواس القهري
رابعا: الاضطرابات الفزيولوجية
1 - إضطرابات النوم
2 - الأحلام والكوابيس
3 - إضطرابات الأكل
4 - الإضطرابات الجنسية
لغة الشكوى
الخلاصة : متى نستشير متخصصاً ؟
الفصل السابع
الاضرابات النفسجسدية :
النفس تعاني والجسد يشكو
مقدمة
ما معنى الاضطرابات النفسجسدية؟
أمثلة عن الإضطرابات النفسجسدية
إضطرابات نفسية أخرى تتنكر في شكل اضطرابات جسدية
أولاً : الاضطرابات التحولية
1 - التحول الحركي
2 - التحول الحسّي
ثانياً : إضطراب الجسدنة
ثالثاً : إضطراب توهم المرض
لماذا يشكو الجسد؟
سوء استخدام الأدوية والعقاقير للعلاج
الإدمان
الآثار الجانبية للأدوية
والعكس ... الجسد يعاني والنفس تشكو
الفصل الثامن
العنف وآثاره في صحة النساء النفسية
مقدمة
النساء يرفضن العنف
متى تتعرض النساء للعنف؟ (العنف ومراحل حياة المرأة)
أنواع العنف
أولاً: العنف الجسدي والجنسي في الأسرة
ثانياً : العنف النفسي في الأسرة
لماذا الصمت؟
لماذا ترضى النساء بالعنف؟
أولاً : لأن العنف لا يستمر عادة طوال الوقت
ثانياً : لأننا تعلمنا أن نكون مسؤولات عن سلوكنا وعن سلوك الآخرين أيضاً
ثالثاً : لأن الزوج يكون شديد الهدوء مع الناس
لماذا لا تترك المرأة المعنفة المنزل الزوجي؟
العنف خارج المنزل
تأثير العنف في صحة النساء النفسية
كيف نقلّل من ممارسة العنف؟
أشكال التدخل لمواجهة العنف ضد النساء
أولاً: على المستوى الاجتماعي
ثانياً : على المستوى الشخصي
خلاصة
الفصل التاسع
من حقك ألاّ تكوني وحدك... من حقك أن تطلبي المساعدة
مقدمة
الى من نلجأ طلباً للعون؟
أولاً: الأصدقاء والأقارب موضع الثقة
ثانياً: المعالجون الشعبيون
ثالثاً: الطبيب العام أو طبيب العائلة
رابعاً: الممرضة المختصة بالأمراض النفسية
خامساً: الاختصاصي النفسي
سادساً: الطبيب النفسي
أنواع العلاجات النفسية
أولاً: العلاج النفسي
ثانياً: العلاج البيئي والاجتماعي
ثالثاً: العلاج بالعقاقير
رابعاً: العلاج الكهربائي
حقوقك في العيادة النفسية
أولاً: المرأة في نظر مهنة الطب
ثانياً: المشاركة في اتخاذ القرار
ثالثاُ: الحق في السرية والخصوصية
رابعاً: إلتزام حدود التعامل المهني
خامساً: حق المعرفة المدعومة بالمعلومات
- إعلان مدريد
- ملخص قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة بشأن حماية الأفراد الذين يعانون اضطرابات نفسية وتحسين مستوى رعاية الصحة النفسية
فريق العمل
اللجنة الاستشارية ( لبنان )
عزّة شرارة بيضون
بريجيت خوري
مونيك شعيا
ليلى فرهود
المجموعة القارئة
ندى العلي ( سوريا )
احلام بلحاح ( تونس )
منى حمزة ( الأردن )
هند خطاب ( مصر )
نازك عثمان ( السودان )
رفيعة غباش ( الإمارات العربية المتحدة)
ماجدة شعور ( تونس )
هيام قاعي ( لبنان )
الإشراف على الكتاب
بشرى جبر
هدى زريق
ميادة كنج
تنسيق أعمال التنفيذ
هند المصري
مارتين نجم كتيلي
ميادة كنج
مراجعة اللغة
سمير شيخاني
تصميم الغلاف
مها نصرالله
تصميم الكتاب
وسيم قيس
الدكتورة عايدة عصمت سيف الدولة
http://www.mrkzy.com/uploads/f90897dff2.jpg
المؤلفة :
الدكتورة عايدة عصمت سيف الدولة ، دكتوراه في الطب النفسي وأستاذة الطب النفسي في جامعة عين شمس في جمهورية مصر العربية. عضو ناشط ومؤسس في جمعيات ومنظمات غير حكومية عديدة نذكر منها:
- مركز دراسات المرأة الجديدة ( 1984 )
- جمعية التنمية الصحية والبيئية ( 1986 )
- مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف ( 1992 )
- قوة العمل المناهضة لختان الإناث ( 1994 )
وقد نالت الدكتورة عايدة سيف الدولة مؤخراً تكريماً خاصاً من مؤسسة "هيومان رايتس ووتش".
مقدمة
النفس تشكو والجسد يعاني
يشكل كتاب "النفس تشكو والجسد يعاني، دليل المرأة العربية في الصحة النفسية" ثاني إصدار " نور - جمعية المرأة العربية". وتسعى الجمعية، عبر هذه السلسلة، للمساهمة في تعزيز وضع المرأة العربية ضمن أسرتها ومجتمعها من خلال مدّها بالمعلومات الحياتية الأساسية المستندة على الأبحاث والدراسات العلمية. وتتوجه " نور - جمعية المرأة العربية" للمرأة في مختلف بلدان العالم العربي ومن مختلف الفئات، ومن خلالها للرجل العربي، بصفته شريك للمرأة في القضايا التي تمس رفاهية الأسرة والمجتمع.
وقد قامت " نور - جمعية المرأة العربية" باختيار موضوع الصحة النفسية لما يشكل هذا الموضوع من أهمية لصحة المرأة والأسرة العربية ورفاهيتها، واستكمالاً لنقص في المعلومات العلمية المتوفرة حولها للفرد في عالمنا العربي، ونظراً للمواقف المتكتمة التي تحيط بهذا الموضوع الحياتي الهام. إن المعرفة هي أولى الخطوات على طريق إزالة القلق والمخاوف: ونأمل من توفير هذه المعلومات الأساسية تبديد المخاوف والتعتيم الذي لا يزال يحيط بالتعامل مع العوارض النفسية. ومتى بدأنا فهم مشاعرنا نكون قد خطونا أول خطوة في مسار الاستفادة من الخدمات المتوفرة في مجتمعاتنا. وفي تطوير هذا الكتاب اعتمدنا في نور نفس الأسلوب الذي اعتمدناه في تطوير الكتاب الأول في هذه السلسلة " بالصحة والهنا، دليل المرأة العربية للتغذية " من حيث اتباع الأسلوب العلمي والمشارك. فقد شارك باعداد هذا الكتاب عدد من النساء العربيات المتخصصات في علوم الصحة النفسية والصحة العامة والاجتماع والإعلام من مختلف البلدان العربية.
هذا واستغرق إعداد الكتاب سنوات ثلاث امتدت من أيار (مايو) العام 2000، تاريخ تشكيل الهيئة الاستشارية وتكليف الدكتورة عائدة سيف الدولة بتأليفه، وحتى أيلول (سبتمبر) العام 2003، تاريخ تسليمه للطباعة. وقد توالت الاجتماعات في المرحلة الأولى بين المؤلفة وبين الهيئة، وفي مسار منتظم، استهدف مناقشة المخطط المقترح للكتاب، ومن ثم مناقشة مسودّات فصوله، وذلك في الفترة الزمنية الواقعة بين أيلول (سبتمبر) 2000 وتشرين الأول (أكتوبر) 2001. في نيسان (إبريل) 2002 أنجزت الكاتبة المسودّة الثانية للكتاب، وقدر أرسلت هذه المسودة الى مجموعة من القارئات في مختلف البلدان العربية، وذلك من أجل أن يقرأنها وأن يبدين الملاحظات عليها. وعلى امتداد أيار (مايو) 2002 خضعت المسودة الثانية للكتاب لاختبارين ميدانيين على مجموعتين من النساء، إحداهما لبنانية والثانية أردنية ممثلتين لفئة النساء العربيات المستهدفات بالكتاب. وذلك لاختبار مدى ملائمة محتوى الكتاب وطريقة تقديمه لهن. وتلا ذلك مباشرة، وفي الشهر نفسه، انعقاد ورشة عمل إقليمية في بيروت حضرتها المجموعة القارئة التي قامت باستعراض نتائج الاختبار الميداني المذكور، ومناقشة فصول الكتاب ( المسودة الثانية)، وتقديم اقتراحات بالتعديلات عليها. في كانون الثاني (يناير) 2003 أنجزت د. عايدة سيف الدولة مراجعة الكتاب على ضؤ المقترحات المذكورة، وقدمته في صيغته النهائية للمراجعة اللغوية والتصميم الفني. وقد أنجزت هاتان المهمتان في الفترة الواقعة بين شباط (فبراير) وتموز (يوليو) 2003 فبات جاهزاً للطباعة النهائية أوائل سبتمبر 2003، بعد إخضاعه للتدقيق النهائي من قبل الهيئة الاستشارية.
تتقدم " نور - جمعية المرأة العربية " بالشكر الجزيل للدكتورة عايدة سيف الدولة التي كان تعاونها مثاليا مع المجموعات المشرفة والاستشارية والقارئة في إعداد هذا الكتاب، كما نود شكر اللجنة الاستشارية للوقت والجهد الذي اعطته للقراءة المسهبة للمسودات المختلفة فصلاً فصلاً، وللملاحظات القيمة التي قدمتها للمؤلفة، كما نود التقدم بالشكر الجزيل للمجموعة القارئة للاقتراحات القيمة التي أمددننا بها، وللنساء اللواتي اشتركن بالاختبار الميداني للكتاب في لبنان والأردن، ولكل من أسهم في تنفيذ هذا الكتاب.
نأمل ان يساهم هذا الكتاب في توعية أخواتنا النساء في جميع البلدان العربية حول موضوع حياتي في غاية الأهمية هو صحتها النفسية، ونتطلع لآرائكن وملاحظاتكن للاستفادة منها في أعمالنا القادمة.
لماذا هذا الكتاب؟
ليس هذا كتابا طبيا للمتخصصين، كما انه ليس كتابا طبيا مبسّطا للجمهور. انه ليس كتابا في الطب، ولكنه كتاب عن الصحة، والصحة النفسية، على وجه الخصوص. والصحة ليست تخصّصاً مقصوراً على المتخصصين والمهنيين، لكنها أمر يهم كل انسان، ولكل انسان دور أساسي في أن يسعى الى أن يعيش في أفضل صحة جسدية ونفسية ممكنة!
لماذا الصحة النفسية؟
يخشى البشر عادة التعب النفسي أكثر مما يخشون التعب الجسدي. صحيح أننا جميعاً نتفق على أن الصحة هي سلامة الجسد والعقل، لكننا حين نتحدث عن الصحة فإننا عادة ما نعني صحة أجسادنا. وجرت العادة ان نسرع الى الطبيب حين تعتلّ أجسادنا في حين أننا نفكر ألف مرة قبل إستشارة طبيب نفسي إذا اعتلّت نفوسنا؛ بل إننا قد نشكو هذا الاعتلال ونفسر الأمر بأننا مرهقات أو مرهقون.
كثيرات منا يعتبرن أن معاناة حالة نفسية ما يعني في حقيقة الأمر معاناة أمر لا شفاء منه. وكم من واحدة منا استشارت الطبيب في بعض أعراضها وشعرت بخيبة أمل حين قال لها: "لست تعانين شيئا وإنما هذه حالة نفسية". وليس غريبا أن يتجنب الناس الكلام على الصحة النفسية، فالأمور النفسية غالباً ما ترتبط في أذهان الناس بالتصوير الاعلامي للمرض العقلي والأطباء النفسيين ومستشفيات الأمراض العقلية، كلها أمور ذات سمعة سيئة، إذ إن الأفلام والمسلسلات التليفزيونية تصورها إما بشكل مضحك يستدعي السخرية أو بشكل شديد الكآبة يجعلنا نخشى أن نكون ضحية هذا "الأمر المخيف غير المفهوم". إنها أمور يفضل الجميع أن يبتعدوا عن طريقها أو أن تبتعد هي عن طريقهم. إنها أمور ارتبطت بتلك الكلمة التي تخيف الكثيرين والكثيرات – الجنون. ونتيجة هذا التصوير المشوه للمرض النفسي، ظلت الصحة النفسية في أغلب الأحيان أمراً مقصوراً على المتخصصين من الأطباء والمتخصصين النفسيين، وظلت المعرفة بالأمور النفسية مرتبطة بأن يمرض شخص ما فيضطر الى اللجوء الى الطبيب النفسي في المصحة أو العيادة النفسية، وكأننا لا نستطيع التعرف الى تكويننا النفسي إلا من خلال المرض.
لكن حقيقة الأمر هي أنه بين الصحة النفسية والمرض النفسي مساحة واسعة جداً. وكما أن للمرض النفسي أشكالاً مختلفة وكثيرة، فإن للصحة النفسية أيضاً أشكالاً مختلفة وكثيرة. فعقولنا تتفاعل في كل لحظات حياتنا ومراحلها بأشكال مختلفة مع الظروف المحيطة بنا والبيئة التي نشأنا فيها، كما تتأثر أيضاً بما نتوقعه من الحياة وما نعيشه فعلياً، وكذلك بما قد نعاني من أمراض جسدية وما نتناوله من أدوية لعلاج تلك الأمراض، وبعوامل أخرى كثيرة سوف نحاول أن نتناول أغلبها في هذا الكتاب.
ما هي الصحة النفسية؟
ينص دستور منظمة الصحة العالمية على أن "الصحة هي حالة من الرفاهة الجسدية والعقلية والاجتماعية وليست مجرد غياب المرض أو العجز. والصحة النفسية هي جزء أساسي ومتكامل من الصحة. وكما أن الصحة ليست مجرد غياب المرض، فإن الصحة النفسية ليست مجرد غياب المرض النفسي أو العقلي، وانما هي حالة إيجابية من الراحة النفسية. ويمكن تفسير الصحة النفسية على أنها التوازن الكامل في تكوين الفرد بجوانبه البيولوجية والاجتماعية والنفسية".
ليست الصحة إذاً مجرد غياب المرض، وانما هي حالة أفضل من ذلك بكثير. فالصحة كما عرّفتها منظمة الصحة العالمية هي حالة من السلامة الجسدية والتوازن النفسي في محيط يوفر للإنسان كل ما يحتاج اليه لتحقيق افضل أداء على المستوى الجسدي والنفسي والروحي. صحيح أن الانسان قد لا يصل الى تحقيق تلك الصورة بشكل كامل، لكنه يسعى طوال الوقت الى تحقيقها، ويكون أكثر صحة وتوازناً كلما اقترب منها.
وإذا كان من السهل أن نتصور معايير الصحة الجسدية، فإن الأمر بالنسبة الى الصحة النفسية أكثر صعوبة، فنحن عادة ما نصف الصحة الجسدية بمعطيات وأرقام محددة: فذلك هو العدد الطبيعي لضربات القلب، وذلك هو المستوى الطبيعي لضغط الدم، وذلك هو المستوى الطبيعي للسكر في الدم، وتلك هي التغذية اللازمة الخ...، لكن الأمر ليس بهذا الوضوح بالنسبة الى الصحة النفسية.
لماذا يختلف الأمر بالنسبة الى الصحة النفسية؟
يختلف الأمر بالنسبة الى الصحة النفسية لأنه ليس ثمة حد فاصل وواضح بين ما هو طبيعي وما هو غير طبيعي في مجال النفس. ذلك أن تعريف ما هو طبيعي واسع، يتضمن اختلافات كثيرة بعدد اختلاف الاشخاص، والمرحلة العمرية، والبلدان، والثقافات، والأعراف، والتقاليد، الخ... كما أنه ليس هناك وصفة واحدة للمرء السليم نفسيا، بل إن أشكال الصحة النفسية الطبيعية تكاد تتساوى مع عدد البشر في العالم. فكل امرئ هو وضفة نفسية خاصة وفريدة في نوعها لها أحلامها وأفكارها وأحزانها ولا يتطابق فيها مع امرئ آخر، وما يسعد امرأً أو يريحه قد لا يسعد امرأً آخر أو يريحه.
كذلك هناك فارق كبير بين أن يشعر المرء بعارض نفسي وبين أن يكون مريضاً نفسياً. ليس هناك شخص على وجه الأرض لا يشعر بأعراض نفسية بين حين وآخر، بل ان هناك من يشعرون بعدد من الأعراض والمعاناة النفسية لفترات طويلة، ومع ذلك فهم ليسوا مرضى نفسيين. كذلك ليس هناك شخص على وجه الأرض لا يتميز بخصال تختلف لدرجات تزيد أو تقل عن الآخر فتجعله متميزاً أو مختلفاً عن الآخرين جميعاً. لكن هذه الأعراض المختلفة وهذه الخصائص المختلفة لا تشكل مرضاً حتى لو كانت في بعض الأحيان مصدر إزعاج وخوف للشخص نفسه أو للآخرين.
إن تعريف الصحة النفسية هو، إذا، تعريف واسع، يتضمن:
- قدرة الانسان على التوازن النفسي
- تعامل الانسان بايجابية مع متطلبات الحياة اليومية سواء الاجتماعية أو العملية
- ثقة الانسان بنفسه وفي نفس الوقت نفسه استعداده لأن يطور تفكيره بما يستجد من معلومات ومعرفة.
- تقبّل الانسان لما هو قائم والبحث طوال الوقت عن طرق يطور بها معرفته فيستطيع أن يطوّر ذلك الواقع، الخ...
- قدرة الانسان على الموازنة بين تلبية رغباته وبين ما يمليه عقله من ضرورة تأجيل بعض تلك الرغبات أو تجاوزها من غير أن يرتب ذلك ألماً نفسياً كبيراً.
كذلك فإن التمييز ما بين الحقيقة والخيال هو من سمات الصحة النفسية، فلا مانع من أن نحلم وأن نسرح بخيالنا شرط ألا يصرفنا ذلك عما هو حقيقة، وشرط ألا يتحول الخيال الى بديل عما هو واقع. من حقنا أن نحلم بواقع مختلف، وأن نسعى الى تغييره شرط أن نستطيع في أثناء ذلك أن نتعايش مع الواقع الذي نعيشه الى أن يتغير.
في كل الأحوال، إن العامل المشترك بين كل هذه السمات هو وجود درجات مختلفة من التوازن الداخلي، والراحة مع النفس، وقبول الذات، وتجاوز الأزمات سواء مع النفس أو مع الآخرين بأسلوب بنّاء وبأقل قدر ممكن من المعاناة النفسية.
وبقدر ما نكون قادرات على التحكم في مجريات أمورنا مع الحياة والآخرين، وقادرات على الحلم دون أن نفقد اتصالنا بالواقع، وقادرات على تقدير الأمور واتخاذ القرارات في توازن بين ما نرغب فيه وبين ما هو ممكن، وقادرات على الحفاظ على التوازن بين ما نأخذ وما نعطي... باختصار، بقدر ما نكون قادرات على التحكم في توازننا الداخلي وتوازن علاقتنا مع من هم حولنا بقدر ما نكون في حالة أعلى من الراحة النفسية.
لكننا في هذه الرحلة التي تستمر العمر كله لسنا وحدنا، فنحن نؤثر في من هم حولنا ونتأثر بهم، ونتفاعل مع الأحداث حسب ما تعوّدنا وتعلمنا واخترنا.
لماذا الاختلاف في التفاعل مع العالم من حولنا؟
نتفق ونختلف في تفاعلنا مع العالم من حولنا لأن هناك عوامل عديدة تؤثر فينا، بعضها بيولوجي والبعض الآخر اجتماعي ونفسي، وأغلبها يبدأ بعد أن نولد، لكن بعضاً منها قد يبدأ قبل ذلك. فهناك أولاً ما ورثناه عن آبائنا وأمهاتنا من صفات وراثية أو أمراض تنتقل عن طريق الوراثة؛ ثم إن هناك العوامل البيولوجية والأمراض التي قد تنتقل إلينا ونحن أجنة في أرحام امهاتنا، أو التي قد نتعرض لها بعد أن نولد؛ كما أن هناك أيضاً الأحداث التي نمر بها في طفولتنا وقد تؤثر فينا في مراحل تالية من عمرنا، مثل تجربة ما مررنا بها ونحن صغار، أو خبرة ما عشناها وتصورنا أنها تافهة لكنها تركت فينا أثراً عميقاً دون أن نشعر، مثل شخص أحببناه بشدة أو كرهناه بشدة في طفولتنا، فأصبح ذلك الشعور نحوه يشكل مشاعرنا ويلونها بالنسبة الى كل ما يذكرنا به. قد نتذكر بعض تلك الأحداث، وقد يبدو لنا أننا قد نسينا البعض الآخر، لكنها تبقى راقدة في ركن ما من ذاكرتنا، تؤثر فينا دون أن نكون مدركات لها تماماً، وتؤثر في مشاعرنا وتصرفاتنا إزاء ظروف وأشخاص لا علاقة لهم بظروف الماضي واشخاصه.
وقبل ان نبدأ بعرض تلك العوامل في الفصول التالية، نود ان نلفت الانتباه الى عدد من النقاط:
- نحن لا نعيش في فراغ، ولسنا الأطراف الوحيدة التي تحدد حالتنا النفسية. فإن ما نشعر به ونفكر فيه ونعيشه في كل لحظة هو نتيجة خبرتنا في الماضي، نتفاعل بها مع الحاضر، ونهدف منها الى مستقبل أكثر راحةً وانسجاماً.
- اذا أردنا أن نفهم السياق الذي نعيش فيه نحن النساء العربيات، والذي يؤثر في إدراكنا لأنفسنا والعالم المحيط بنا، فإنه لا يجوز أن نكتفي بدراسة العوامل البيولوجية التي تؤثر فينا، وإنما يتعين علينا أيضاً أن نتناول العوامل الثقافية المحيطة بنا، فهي التي تشكل الوعي العام لدى البشر، فتحدد الصواب والخطأ، وما يجوز وما لا يجوز، وما هو طبيعي وما هو غير طبيعي، كما تحدد لنا الإطار العام الذي نتحرك فيه.
- ليست العوامل السابقة منفصلة بعضها عن البعض الآخر. فإن كلاّ منها يؤثر في الآخر ويتأثر به، وليس ذلك التقسيم سوى محاولة لتوضيح الأمور وتبسيطها. فالحامل التي لا تحصل على تغذية كافية قد تلد طفلاً معتلاً جسدياً ونفسياً. ورغم أن سؤ التغذية هو عامل بيولوجي إلا أننا إذا بحثنا في أسباب سوء التغذية فقد نجد أنها قد تكون نتيجة الفقر، أو قلة الوعي بالتغذية اللازمة، أو الإجهاد الشديد، وهي جميعاً أسباب بيئية أو اجتماعية.
- كذلك قد تؤثر الثقافة في بعض النواحي البيولوجية في حياة النساء، فالدور الانجابي للمرأة، على سبيل المثال، قد يبدو أنه دور بيولوجي بحت تشترك فيه كل نساء العالم، لكن الحقيقة أن هذا الدور تختلف أهميته في حياة النساء ونظرة المجتمع إليه من ثقافة الى أخرى، ويترتب عليه الكثير من الأدوار الاجتماعية التي تحدد للنساء وضعهن في المجتمع والأدوار والسلوكيات المتوقعة منهن، وسوف نتناول ذلك بالتفصيل في الفصل الثالث من هذا الكتاب.
من باب التبسيط، يمكننا القول إن حالتنا الصحية، الجسدية والنفسية، هي نتيجة لتفاعل عدد من الموامل التي تؤثر فينا في مراحل مختلفة من مراحل حياتنا:
- في مرحلة الطفولة وحتى حوالي سن الثامنة عشرة يتكون لدينا استعداد نفسي ما، بعضه يتأثر بما ورثناه من أبوينا ومن عوامل بيولوجية أخرى، وبعضه يتشكل من خلال البيئة التي نولد فيها ونعيش في السنوات الأولى من العمر، وهو ما نطلق عليه عادة اسم "الشخصية".
- في المرحلة التالية من العمر نتأثر بعدد من العوامل البيولوجية والبيئية التي تتكون في الأساس من المؤثرات الخارجية التي تحيط بنا.
سوف يتعرض هذا الكتاب لمناقشة تلك العوامل منفردة أولاً، ثم في علاقتها بعضها ببعض، فنبدأ بمناقشة السمات التي تكوّن الشخصية، ثم نستعرض العوامل البيئية المحيطة التي تؤثر في المشاعر والأفكار والسلوك في الحياة العملية، ثم نصف الوظائف والأعراض النفسية المختلفة والشروط اللازمة لكي تتحول تلك الأعراض الى اضطرابات نفسية. وفي النهاية سوف نعرض باختصار لمصادر المساعدة التي يمكن أن تلجأ إليها النساء، إضافة الى الحقوق التي يجب أن تكون على دراية بها حين تطلب تلك المساعدة.
لماذا هو كتاب للنساء؟
هذا الكتاب هو كتاب للنساء لأن النساء يشكلن في كل مجتمعات العالم فئة خاصة، لها تكوينها البيولوجي، ودورها الانجابي، وأدوارها الاجتماعية المحددة لها من قبل المجتمع المحيط. وإذا كان الرجال والنساء في مجتمعاتنا وفي كل مجتمعات العالم يتعرضون لعوامل مشتركة تؤثر فيهم إما ايجاباً أو سلباً، إلا أننا نعتقد أن للنساء وضعاً خاصاً بحكم عدد من العوامل التي يمكن أن تكون مصدراً لتميّز النساء وقوتهن في المجتمع، كما يمكن أن تكون مصدراً للحد من حريتهن، فتفرض عليهن شروطاً أشد قسوة من تلك التي تفرضها على الرجال، حتى إن الكثير من الأبحاث الاجتماعية اتجهت الى اعتبار النساء ضمن الفئات المستضعفة في أغلب المجتمعات.
تربيتنا بين " الممنوع والمحرّم "
صحيح ان مجتمعاتنا بدأت تشهد تغييراً في الأدوار التقليدية للرجال والنساء مما يقلّل من الفروق في نمط حياة كل من الجنسين. إلا ان هذا التغيير ما يزال أمراً حديثاً، لم ينجح بعد في تعديل آثار سنوات وسنوات من التقاليد والأعراف التي حكمت السير والسلوك "الطبيعي" لكل من الجنسين. وإذا كان ذلك قد احتاج الى سنوات طويلة من أجل تغيير بعض السلوكيات، فإنه سوف يحتاج الى وقت أطول للتخلص من المشاعر والأفكار التي ولدت نتيجة هذه التقاليد والتربية الاجتماعية لكل من النساء والرجال. إن ما نشأنا عليه يظل يؤثر فينا حتى لو لم نعد مقتنعات به على المستوى الذهني، وحتى لو توقفنا عن ممارسته على المستوى العملي.
ورغم كل ما دار ويدور حولنا من تطور، تظل مجتمعاتنا العربية تحيطنا منذ لحظة الولادة الأولى بالكثير من الممنوع والمحرّم، وتقول لنا أن ذلك الممنوع والمحرّم ليس ممنوعا أو محرماً على الجميع وإنما علينا فحسب لأننا نساء. وإن علينا في الحياة أن نمثل أدواراً معينة ولا نحيد عنها كثراً؛ وإن علينا أن نتصرف بأسلوب معين وأن نحس بمشاعر معينة وأن نقبل بأمور معينة الخ... وإن أي خروج على هذه القواعد يعتبر خطأ وتجاوزاً للحدود. صحيح أن هناك أيضاً معايير وتوضع للرجال كما توضع للنساء، لكن الفرق هو في أن معايير النساء تتميز بفرض القيود ومحاولة التحكم والسيطرة عليهن روحاً وجسداً، في حين أن معايير الرجال تترك لهم مجالات واسعة وفرصاً أكثر ليعبّروا من خلالها عن أنفسهم بحرية.
ونتيجة هذه التنشئة، فإن الكثيرات منا يجدن أنفسهن في مواقف متناقضة بين ما نشعر أنه من حقنا وبين ما يحاول البعض فرضه علينا، سواء على مستوى التصرفات أو حتى أحيانا على مستوى المشاعر. وسوف يحمل هذا الكتاب أمثلة عديدة على هذا التناقض الذي نعيشه نحن النساء في المجتمعات العربية في أكثر من موقف في حياتنا.
سوف يتناول هذا الكتاب أيضاً بعض المشاعر التي قد نشعر بها وبعض الأفكار التي تراودنا أحيانا في فترات متفاوتة من حياتنا، فتؤلمنا أو نشعر أنها غريبة عنا وعمن هم حولنا، فنخاف أو نتردد في الحديث عنها ولا نجد من نستشيره بشأنها.
أسئلة بحاجة الى إجابات
فكّرنا في بعض تلك المخاوف والأسئلة التي قد تتبادر الى أذهاننا نحن النساء في فترات مختلفة من حياتنا. ونتساءل عما إذا كنا على حق أم مخطئات ؟ إذا كنا طبيعات أم إننا على شفا المرض؟ فكّرنا في المحاولات الجاهدة التي نبذلها كنساء لكي نتعامل بصمت وكتمان مع الكثير من المشاعر والأفكار، التي تتصور كل واحدة منا أنها الوحيدة في العالم التي تشعر بها، فتتكتم بشأنها حتى لا تلصق بها صفة "غير الطبيعية". وفكّرنا في مصطلح "الانهيار العصبي" وكثرة استخدامه في وصف النساء وبين النساء، وما يعنيه هذا المصطلح لكل واحدة منا، وكيف أننا نستعمله أحياناً بشكل غير دقيق، وكيف أننا نخشاه أحياناً أكثر مما ينبغي.
إن الشائع عنا نحن النساء أننا نعبّر عن مشاعرنا بسهولة. إلا أننا في الحقيقة كثيراً ما نكبح الكثير من تلك المشاعر والأفكار التي قد تراودنا في فترات مختلفة من عمرنا. قد نتحدث عنها في ما بيننا، ونقدّم فيها النصائح، إحدانا الى الاخرى، بحسب خبراتنا الخاصة وقدرتنا على الانفتاح على الآخرين، لكننا نتردد ألف مرة في أن نستشير بشأنها إختصاصياً أو طبيباً خوفاً من وصمة المرض النفسي. بل إننا قد نتردد في أن نسأل عنها حتى أقرب الصديقات والأصدقاء نظراً لغرابتها، ونخشى أن تكون غرابة تلك الأفكار والمشاعر وخروجها عن المألوف دليلاً على أننا غير سويات، أو أننا شخصيات ضعيفة، وعاطفية، وفوّارة، الى آخر تلك الصفات التي تعودنا ان نوسم بها. وتجنباً لهذا الحكم علينا، قد نعيش مع تلك الأفكار والمشاعر ومع القلق منها، في حين أن معرفة أسبابها قد تزيل الكثير من الألم والخوف المحيطين بها.
أهمية المعرفة
إن تلك المعرفة، مجرد المعرفة، هي أولى الخطوات على طريق إزالة القلق والخوف، وهما أشد العوامل تهديداً للصحة النفسية. فنحن بحاجة الى أن يكون لمشاعرنا منطق نفهمه، وأن تتوازن صورتنا عن أنفسنا مع الصورة التي نرغب في أن نكون عليها، وفي الوقت نفسه أن نكون قادرات على التعامل مع العالم المحيط بنا بأسلوب يميزنا كأفراد دون أن نشعر بالوحدة بين الناس. وهذا ما سوف يحاول هذا الكتاب أن يسهم فيه.
ولكن علينا أن نوضح أن هذا الكتاب ليس وصفة سحرية لراحة البال أو السعادة، إنه يسعى الى نشر المعرفة عن تكويننا النفسي وارتباط ذلك بالمجتمعات التي نعيش فيها، كما يسعى الى كسر جدار الخوف الذي نحيط به الكثير من مشاعرنا وأحاسيسنا.
قلنا في ما سبق إن معرفة أسس الصحة النفسية هي أمر يخصّ كل إنسان، لكن هناك بعض الحالات التي تستدعي أن يطلب الإنسان مشورة متخصص. ولذلك فإن هذا الكتاب سوف يوضح بعض المؤشرات التي قد نحتاج عند ظهورها الى استشارة اختصاصي أو طبيب. إن طلب المشورة والمساعدة من اختصاصي لا تعني أننا قد سلّمنا أمورنا تماماً الى شخص آخر، بل تعني أننا قد أشركنا شخصاً آخر في قراءة المشكلة والبحث عن حلّ لها. كذلك سوف يفرد الكتاب قسماً منه ليوضح لنا حقوقنا في حال احتجنا الى طلب تلك الخدمة من المتخصصين، ومن أهمها حقوقنا في الخصوصية، وفي الاحترام، وفي أن يؤخذ كلامنا على محمل الجد.
صحيح أن كل واحدة منا هي في حد ذاتها قصة متكاملة لها تفاصيلها، وخصوصياتها، وأمورها التي لا تشترك فيها مع إنسان آخر، ولكن ذلك لا يحول دون أن يكون هناك أمور عامة تخصنا جميعاً وتؤثر فينا جميعاً.
أخيراً يجب أن نلفت الانتباه الى أنه ليس المقصود أن تبحث كل واحدة منا عن إطارها النفسي في هذا الكتاب، لكن المقصود أن تجد فيه بعض الاجابات عن الأسئلة التي قد تخطر في بالها في لحظات معينة من حياتها، أو بعض التفسير لخبرات مرّت بها، أو لمشاعر خشيت البوح بها أو التعبير عنها.
إن هذا الكتاب يهدف الى نشر المعرفة بالصحة النفسية واضطراباتها وأمراضها والظروف المحيطة التي تمثل دوراً أساسياً في تشكيلها بالنسبة الى النساء في المراحل المختلفة من أعمارهن؛ فإذا وجدت فيه، سيدتي، ولو بعض الإجابات التي كنت تبحثين عنها، وإذا أسهم ولو قليلاً في مساعدتك على مزيد من الفهم لما يدور حولك وفي داخلك، وعلى التحكم في مجريات حياتك، فإن ذلك يكفينا دليلاً على الحاجة الى هذا الكتاب وعلى أنه حقق بعضاً من الهدف منه.
نظراً لكل ما تقدم، قرّرنا في "نور - جمعية المرأة العربية" إصدار هذا الكتاب.
الفهرس
الفصل الأول: الشخصية
الفصل الثاني: عوامل تؤثر في صحة النساء النفسية
الفصل الثالث: مراحل مهمة في حياة النساء
الفصل الرابع: الضغط النفسي
الفصل الخامس: الوظائف والأعراض النفسية
الفصل السادس: الأمراض والاضطرابات النفسية
الفصل السابع: الاضرابات النفسجسدية : النفس تعاني والجسد يشكو
الفصل الثامن: العنف وآثاره في صحة النساء النفسية
الفصل التاسع: من حقك ألاّ تكوني وحدك... من حقك أن تطلبي المساعدة
الفصل الأول
الشخصية
مقدمة
ما هي الشخصية؟
مما تتكون الشخصية؟
أولاً : العوامل البيولوجية / النفسية المؤثرة في تكوين الشخصية
1 - الصفات والأمراض الوراثية
2 - العوامل البيولوجية
ثانيا: العوامل النفسية المؤثرة في تكوين الشخصية ( بحسب المدارس المختلفة)
1 - الشخصية بحسب الصفات الجسدية والنفسية
2 - الشخصية بحسب مدرسة التحليل النفسي
3 - الشخصية بحسب المدارس الاجتماعية
4 - الشخصية بحسب المدارس الانسانية
صفات الشخصية
أولا: الصفات الخارجة عن المألوف
1 - الصفات البارانويدية
2 - الصفات الانطوائية
3 - الصفات شبه الفصامية
ثانيا: الصفات الانفعالية
1 - الصفات الهستيرية
2 - الصفات النرجسية
3 - الصفات المعادية للمجتمع
4 - الصفات الحدية
ثالثا: الصفات القلقة
1 - الصفات التجنبية
2 - الصفات الاعتمادية
3 - الصفات القهرية
4 - الصفات السلبية العدوانية
الفصل الثاني
عوامل تؤثر في صحة النساء النفسية
مقدمة
ما هي العوامل التي تؤثر في صحة النساء النفسية؟
أولاً : العوامل الاقتصادية
1 - الفقر
2 - سياسات العولمة
3 - هجرة الرجال للعمل
4 - ظروف العمل
ثانياً: العوامل السياسية
1 - الكوارث والحروب
2 - الهجرة، والتهجير، والنزوح
ثالثاً : العوامل الاجتماعية والثقافية
1 - العادات والتقاليد
2 - الدين
3 - الأدوار الاجتماعية
4 - القوانين والتشريعات
كيف تؤثر هذه العوامل في صحة النساء النفسية ؟
خلاصة
الفصل الثالث
مراحل مهمة في حياة النساء
مقدمة
أولاً: الطفولة
1 - التمييز بين الصبي والفتاة
2 - استكشاف الطفل لجسمه
3 - ختان الفتيات
ثانياً : فترة المراهقة والبلوغ
1 - التغيرات النفسية والجسدية
2 - مسألة عذرية الفتاة
3 - الدورة الشهرية
4 - كيفية التعامل مع هذه المرحلة
ثالثاً : سنّ الرشد
1 - الارتباط والزواج
2 - العلاقة بالرجل
3 - تعدد الزوجات
4 - عدم الزواج
5 - الطلاق
6 - العمل والأدوار الاجتماعية المتعددة والمسؤوليات المزدوجة
7 - الصحة الانجابية
رابعاً : سن الأمان ( التغيرات البيولوجية والاجتماعية حول فترة انقطاع الدورة الشهرية)
الفصل الرابع
الضغط النفسي
مقدمة
ماذا يحدث حين نتوتر؟
كيف يؤثر الضغط النفسي فينا؟
عوامل الضغط النفسي والنساء
كيف نتأثر بتلك العوامل؟
كيف يؤثر الضغط النفسي في صحة الانسان النفسية والجسدية؟
أولاً : الآثار الجسدية للضغط النفسي
ثانياً : الآثار النفسية للضغط النفسي
تقنية إسترخاء
الفصل الخامس
الوظائف والأعراض النفسية
مقدمة
الوظائف النفسية
الأعراض النفسية
أولاً : الأعراض السلوكية
ثانياً : المشاعر
1 - الحزن
2 - القلق
ثالثاً : الإدراك
رابعاً : التفكير
خامساً : الوسوسة
سادساً : التذكّر والنسيان
الفصل السادس
الأمراض والاضطرابات النفسية
متى تتحول الأعراض الى أمراض؟
أولاً : الاضطرابات الناتجة بشكل مباشر عن التعرض لضغوط خارجية
1 - الاضطرابات النفسية الحادة الناجمة عن التعرض لضغوط خارجية
(ردة فعل حادة للضغط النفسي)
2 - الاضطرابات النفسية المزمنة الناجمة عن التعرض لضغوط خارجية
ثانياً : إضطرابات الاكتئاب
ثالثاً : إضطرابات القلق
1 - إضطراب القلق العام
2 - إضطراب الهلع
3 - إضطرابات المخاوف
4 - إضطراب الوسواس القهري
رابعا: الاضطرابات الفزيولوجية
1 - إضطرابات النوم
2 - الأحلام والكوابيس
3 - إضطرابات الأكل
4 - الإضطرابات الجنسية
لغة الشكوى
الخلاصة : متى نستشير متخصصاً ؟
الفصل السابع
الاضرابات النفسجسدية :
النفس تعاني والجسد يشكو
مقدمة
ما معنى الاضطرابات النفسجسدية؟
أمثلة عن الإضطرابات النفسجسدية
إضطرابات نفسية أخرى تتنكر في شكل اضطرابات جسدية
أولاً : الاضطرابات التحولية
1 - التحول الحركي
2 - التحول الحسّي
ثانياً : إضطراب الجسدنة
ثالثاً : إضطراب توهم المرض
لماذا يشكو الجسد؟
سوء استخدام الأدوية والعقاقير للعلاج
الإدمان
الآثار الجانبية للأدوية
والعكس ... الجسد يعاني والنفس تشكو
الفصل الثامن
العنف وآثاره في صحة النساء النفسية
مقدمة
النساء يرفضن العنف
متى تتعرض النساء للعنف؟ (العنف ومراحل حياة المرأة)
أنواع العنف
أولاً: العنف الجسدي والجنسي في الأسرة
ثانياً : العنف النفسي في الأسرة
لماذا الصمت؟
لماذا ترضى النساء بالعنف؟
أولاً : لأن العنف لا يستمر عادة طوال الوقت
ثانياً : لأننا تعلمنا أن نكون مسؤولات عن سلوكنا وعن سلوك الآخرين أيضاً
ثالثاً : لأن الزوج يكون شديد الهدوء مع الناس
لماذا لا تترك المرأة المعنفة المنزل الزوجي؟
العنف خارج المنزل
تأثير العنف في صحة النساء النفسية
كيف نقلّل من ممارسة العنف؟
أشكال التدخل لمواجهة العنف ضد النساء
أولاً: على المستوى الاجتماعي
ثانياً : على المستوى الشخصي
خلاصة
الفصل التاسع
من حقك ألاّ تكوني وحدك... من حقك أن تطلبي المساعدة
مقدمة
الى من نلجأ طلباً للعون؟
أولاً: الأصدقاء والأقارب موضع الثقة
ثانياً: المعالجون الشعبيون
ثالثاً: الطبيب العام أو طبيب العائلة
رابعاً: الممرضة المختصة بالأمراض النفسية
خامساً: الاختصاصي النفسي
سادساً: الطبيب النفسي
أنواع العلاجات النفسية
أولاً: العلاج النفسي
ثانياً: العلاج البيئي والاجتماعي
ثالثاً: العلاج بالعقاقير
رابعاً: العلاج الكهربائي
حقوقك في العيادة النفسية
أولاً: المرأة في نظر مهنة الطب
ثانياً: المشاركة في اتخاذ القرار
ثالثاُ: الحق في السرية والخصوصية
رابعاً: إلتزام حدود التعامل المهني
خامساً: حق المعرفة المدعومة بالمعلومات
- إعلان مدريد
- ملخص قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة بشأن حماية الأفراد الذين يعانون اضطرابات نفسية وتحسين مستوى رعاية الصحة النفسية
فريق العمل
اللجنة الاستشارية ( لبنان )
عزّة شرارة بيضون
بريجيت خوري
مونيك شعيا
ليلى فرهود
المجموعة القارئة
ندى العلي ( سوريا )
احلام بلحاح ( تونس )
منى حمزة ( الأردن )
هند خطاب ( مصر )
نازك عثمان ( السودان )
رفيعة غباش ( الإمارات العربية المتحدة)
ماجدة شعور ( تونس )
هيام قاعي ( لبنان )
الإشراف على الكتاب
بشرى جبر
هدى زريق
ميادة كنج
تنسيق أعمال التنفيذ
هند المصري
مارتين نجم كتيلي
ميادة كنج
مراجعة اللغة
سمير شيخاني
تصميم الغلاف
مها نصرالله
تصميم الكتاب
وسيم قيس