معلم متقاعد
01-09-2010, 01:26 AM
الحاجات الإرشادية لأطفال الشوارع على ضوء مشكلاتهم
الباحث: أ/ منى محمد مصلح الميري
الدرجة العلمية: ماجستير
تاريخ الإقرار: 2004
نوع الدراسة: رسالة جامعية
الملخص:
أحباب الله ... تلك الهبة من الله سبحانه وتعالى للأم والأب ، فقد ترك لهم حق المسؤولية الكاملة في التصرف بهذه الهبة ؛ قال رسول الله (ص) : " كلكم راع و كلكم مسئول عن رعيته "* (http://www.yemen-nic.info/contents/studies/detail.php?ID=2507#_ftn1) (أمين ، 1979 : 154 )، وقد اهتم الدين الإسلامي بالطفل من قبل أن يولد بحسن اختيار الزوجة فقال "تخيروا لنطفكم" ، وجعله ذا صفات طيعة ، تتشكل بحسب ما يراه أبواه و البيئة التي يختارها له والداه .
فالأسرة هي الوعاء الذي يحتضن الطفل وينشأ فيه ويتربى على هديه ، وهي البيئة التي تفتح حواسه على عناصرها ليتحسس جوانبها ويتذوق قيمها ويتعلم مبادئها ففيها تحدث أول تفاعلات الطفولة مع الحياة وبها يتأثر.(حوامده،1994: 37) ومن خلال مرحلة الطفولة يتشكل جانب كبير من شخصية الفرد ، فهي فترة من الفترات التي يبذل فيها الوالدان جهودا كبيرة لتنشئة أطفالهم ، وتقديم الحماية ، والسلامة العامة ، والرعاية، والتعليم، وعادات الطعام والعادات الاجتماعية ، والأكاديمية الصحيحة ؛ ليتمتعوا بصحة نفسية مستقرة من حيث تكيفهم الاجتماعي ، ونضجهم النفسي، وبقدرتهم على الإنجاز، وتحقيق الذات، وتكوين مفاهيم جيدة عنها تتناسب مع خبراتهم ، وان يدركوا المحيط الذي يعيشون فيه ويحسنوا التعامل مع أقرانهم ، ويبتعدوا عن السلوكيات المضادة للمجتمع . ( العزة ، 2000: 132 ) ، وعلى الطفولة تبني الأمم آمالها، ومستقبلها المنشود فداخل كل طفل " رجل مستقبل " . ( ناجي ، 1999 :7 )
والطفولة تحكي عما تتمتع به هذه الأمة أو تلك من ثقافة ورقي ، أو جهل وانحلال في القيم و الأخلاقيات الإنسانية . فان تغذت الطفولة بكل مقومات الحياة جنت ثمرة طيبة ، وان أسيئت تعاملا وبخلت عطاء خسرت وجنت على جيل بأكمله . (كاعش ، 1996 : 45 )
وشهدت العقود الأخيرة اهتماما دوليا بالموضوعات الخاصة بالطفل وكان التعبير القوي لهذا الاهتمام هو " اتفاقية حقوق الطفل " التي اعتمدتها الأمم المتحدة في 20 نوفمبر 1989 م ، وقد وقعت على هذه الاتفاقية جميع دول العالم ومن بينها الجمهورية اليمنية عام 1991 م ، التي توضح بنودها أن للطفل الحق في الحياة ، العيش في ظل أسرة تهتم بمصالحه ، والحصول على التعليم الأساسي وأن يكون إلزاميا ومجانيا ، والحصول على أوقات الراحة والفراغ ، ومزاولة اللعب ، و الحماية من كافة أشكال العنف والإساءة والاستغلال ومن حقه الإندماج في المجتمع . ( مؤسسة نشطاء ، 2000 : 10-15)
وتنقسم مرحلة الطفولة إلى عدة مراحل لكل مرحلة سماتها ، وخصائصها ، وحاجاتها الخاصة بها والعوامل البيئية ، والأسرية المؤثرة بها حتى ينمو الفرد جسميا ، وانفعاليا ، واجتماعيا " فإذا حرم الطفل من الحصول على هذه الحاجات سواء كانت هذه الحاجات طعاما ، أو خبرة ، أو محبة ، فإن ذلك يعيق عملية نموه " . (سماره ، النمر،الحسني ، 1989 : 67 )
ومن الموضوعات الهامة المتداولة الآن على نطاق دولي ومحلي ، موضوع الفئات المحرومة أو التي تعيش في ظروف صعبة ؛ ويقصد بها تلك الفئات التي لا تحصل على نصيب عادل من عمليات التنمية ، أو أن العائد من عمليات التنمية لا يوجه بالأساس لإشباع حاجاتهم الأساسية بالقدر الكافي الذي يضمن لها حياة آمنة ومستقرة تتمتع فيها بحقوقها الأساسية ، كما تعني " الفئات المحرومة " الفئات التي تعجز عن الرزق أو الحصول على حقوقها أو ممتلكاتها ، وعادة ما تتعرض لهذا الحرمان الفئات المستضعفة في المجتمع ، خاصة فئة الأطفال الذين يعتبرون أكثر الفئات تعرضا للظروف الصعبة ، والحرمان ، وعدم إشباع احتياجاتهم ، و يرجع ذلك لانخفاض مستوى الرعاية المادية ، و المعنوية التي يحصلون عليها سواء من الأسرة، أو المجتمع . ( فهمي ، 2000 : 29 ) ، وأشارت بعض الدراسات* (http://www.yemen-nic.info/contents/studies/detail.php?ID=2507#_ftn2) إلى مجموعة من العوامل التي تؤدي إلى خروج الطفل إلى الشارع - منها مشاكل الطلاق ، الفقر والخلافات الأسرية وغيرها- لتأمين الرزق والمأوى فيختلطون بمجتمعات الشوارع مما يجعلهم عرضة للإنحراف وربما الإجرام ، ويتعرضون لكثير من المشكلات و الأمراض و كافة أنواع الإستغلال . كما اشارت دراسة كل من ( حبيبي وتفاسكا و بلعزميه ، 2000 ) و ( علي ، 2002 )
وتعتبر هذه الدراسة لبنة من أساس الصرح البحثي لهذه الفئة ، حيث تهتم بمعرفة المشكلات التي يعاني منها أطفال الشوارع ، وعلى ضوئها يتم تحديد الحاجات الإرشادية اللازمة لهم .
مشكلة البحث
إن واقع الموارد البشرية في بلادنا يشير إلى اختلالات سكانية و اجتماعية و عمريه ، إذ ينمو السكان بمعدلات مرتفعه تصل إلى (3,7%) ويتصفون بمجتمع فتي ، فالأطفال دون (15 ) سنه يمثلون ( 53% ) من السكان ( مؤسسة نشطاء ،2000: 49 ) ، مما ينجم عن ذلك اختلالا بين السكان و الموارد الاقتصادية المتاحة ، يترتب عليه انخفاض نسبي في مستويات المعيشة. (السنباني والحاضري ، 1997: 15 ) ، أن ( 23% ) من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن (14) سنه يعيشون تحت خط الفقر ، وان ( 36,5% ) من أطفال اليمن لا يدخلون المدارس على الإطلاق خصوصا في الأرياف ، وأن ( 10% ) من حجم قوة العمل هم من الأطفال ، وأن (47% ) من هؤلاء الأطفال يعانون سوء التغذية منهم (27%) يعانون توقف النمو (مؤسسة نشطاء ، 2000 : 49 ) .
وترتبط ظاهرة أطفال الشوارع في اليمن إرتباطا وثيقا بمشكلة الفقر ، وبحسب تقدير البنك الدولي عام 1998 فإن (27% ) من سكان اليمن يعيشون تحت حد الفقر، هذا ما أكدته دراسة كل من (الشرجبي ، 1999م ) و(عثمان ، 2000) و (علي ، 2002 ) بأن العوامل الإقتصادية - و في مقدمتها الفقر - سبب خروج الطفل إلى الشارع ، كما أشارت دراسة (عثمان ،2000) إلى أن( 25% ) من أطفال الشوارع هم من سكان الريف أو المدن الأخرى . وقد أشارت دراسة كل من (الشرجبي ،1999) و (علي ،2002 ) و(الوحيدي ، 2002) إلى أن سبب خروج الطفل للشارع هو التفكك الأسري - لموت أحد الوالدين أو كليهما، أو طلاق وزواج احديهما - مما يجعلهم يعيشون في أسرة ذات العائل الواحد .
كما أشارت دراسة (عثمان ،2000) إلى أن سبب خروج الطفل للشارع هو التماسك وعلاقات التضامن التي تسود جو الأسرة ؛ فيخرج للعمل أو التسول لمساعدة أسرته التي تعاني الفقر لوفاة أو إعاقة أو تعطل الأب ، أو لتوفير مصاريف الدراسة لإخوته الأصغر منه ، حيث أن نسبة (92% ) من الأطفال يقدمون مساعدات لأسرهم . وأكدت دراسة (علي،2002) إلى أن نسبة من يساعدون أسرهم (70,7% ) من أطفال الشوارع ، كما أشار آركوف (1968،Arkoff) إلى أن كثرة عدد أطفال الأسرة بالشكل الذي يفوق قدرتها وإمكانياتها قد يجعل الأسرة عاجزة عن إشباع حاجاتهم ، بل وأحيانا قد تدفع بهم إلى سوق العمل في سن مبكرة جدا ، محاولة منها لزيادة دخلها عن طريق تشغيلهم ، حتى ولو كان ذلك على حساب حرمانهم من الدراسة ، كما يشير المدير العام لمكتب العمل الدولي إلى أن الأطفال الذين يُدفعون إلى سوق العمل في سن مبكرة ، كثيرا ما يتعرضون للإستغلال وظروف غير آمنة ولاحتمال الإصابة بأضرار نفسية وجسمية واجتماعية خطيرة ، يكون لها آثارها السيئة على صحة الطفل ونموه الشخصي والحرمان من التعليم والتدريب ، وأنهم غالباَ ما يأتون من أسر لا تسمح ظروفها الإقتصادية بتلبية احتياجاتهم وتوفير الرعاية اللازمة لهم . (الحواث ، الدويبي ،محسن، 1989: 76 ) .
من الأسباب الأخرى لخروج الطفل إلى الشارع ، ما أشارت إليه دراسة (الوحيدي ، 2002 ) بأن (24% ) من العينة ملتحقون بالتعليم والباقي متشردون بسبب الفشل والرسوب ، وأن هناك علاقة بين الجهل و التسول ، كما يُعد العامل النفسي من العوامل التي تؤدي خروج الطفل إلى الشارع ، حيث أن بعض أطفال الشوارع يعيشون في ظل أسر يشوبها التوتر والإضطراب ، تتسم علاقاتهم الأسرية بطابع عنيف . (عثمان ،2000 )، أما دراسة (اسماعيل،2000) فأشارت إلى أن أطفال الشوارع يعانون من الخوف نتيجة المعاملة القاسية من قبل الأسرة ، وأشارت دراستا ( كالام (Calam و ( فرانشي (Franchiإلى أهم خصائص الآباء المسيئين لأطفالهم وهي :-
إن التاريخ النفسي لمثل هؤلاء الآباء يشير إلى خبرات من الحرمان أو القسوة والإساءة الوالدية ، كما إن مثل هؤلاء الآباء يعانون من ضعف البناء النفسي الذي يتيح للحوافز العدوانية أن تعبر عن نفسها بلا ضوابط تذكر ، وإن العوامل الإجتماعية الإقتصادية تضف عبئا من الضغوط النفسية على مثل هؤلاء الآباء وإلّم تكن هذه الضغوط النفسية - في حد ذاتها- ليست كافية لوقوع سوء المعاملة والإساءة ؛ وأضاف الباحث كيمب أن الآباء المسيئين لأطفالهم يرون طفلهم مخيبا للآمال ولا يستثير المحبة والعطف . (شكور،1998: 77)
كما بينت دراسة (عثمان ،2000) أن وجود الأطفال في الشارع لفترة طويلة بفعل غياب الرعاية الأسرية المسئولة ، يؤدي إلى ممارسات سلوكية منحرفة . وقد أشارت دراسة (علي ،2002) في اليمن أن أطفال الشوارع وبنسبة ( 94,5% ) يتعاطون المكيفات (المخدرات ) . كما أشارت دراسة كل من كندل (1973 Kendell ) ، وثيروك وآخرون (1975 - 1981Thrugh Brodetal : ) ، بأن للأصدقاء تأثير كبير على الأفراد نحو تعاطي الحشيش (الشيخ ، 1992: 160 ) .
ونظرا لظروف هذه الفئة الخاصة ، فقد بذلت جهود كبيرة من قبل عدد من المنظمات الإنسانية والمراكز البحثية - التي ركزت على إجراء الإحصاءات والبحوث - بالتعاون مع الجهات الرسمية في عدد من البلدان لإقامة المؤتمرات ، والحلقات الدراسية ، ودعوة أهل الإختصاص والممارسة العملية من أنحاء العالم إلى حضورها أو بالدعم المالي، و العيني للمنظمات المحلية العاملة في مجالات مرتبطة بموضوع أطفال الشوارع* (http://www.yemen-nic.info/contents/studies/detail.php?ID=2507#_ftn3) .
وقد ركزت الدراسات التي أجريت محليا حول الأسباب الإجتماعية التي تكمن وراء وجود الطفل في الشارع ، كما أنه لم يسبق أن أُعدت دراسة لحصر المشكلات التي تواجه أطفال الشوارع سواء في المجال العائلي ، أو المجال المدرسي ، أو المجال الاقتصادي ، أو المجال الاجتماعي ، أو المجال النفسي ، أو المجال الأخلاقي ، أو المجال الصحي ، على حد علم الباحثة بهدف تقديم الخدمات الإرشادية اللازمة لأطفال الشوارع .
و تتحدد مشكلة البحث في الإجابة عن السؤال الآتي :-
س – ما هي المشكلات التي يعاني منها أطفال الشوارع في اليمن ؟ و ما هي الحاجات الإرشادية التي قد تخفف من حدة هذه المشكلات ؟
أهمية البحث
يكتسب البحث الحالي أهمية لأنه :-
1-يفيد العاملين في مجال الطفولة والجهات التي تهتم بهذه الفئة ومنها مركز الطفولة الآمنة* (http://www.yemen-nic.info/contents/studies/detail.php?ID=2507#_ftn4).
2-يمكن العاملين في المدارس وخاصة معلمي المدارس الحكومية من الإستفادة بالتعرف إلى الحاجات الإرشادية ، لأجل التعامل مع الأطفال على ضوئها منعا لتسربهم من المدرسة وخروجهم إلى الشوارع .
3-يفيد الأسرة - من خلال توعية الوالدين – في إشباع هذه الحاجات لدى ألأبناء ويقيهم سوء التعامل مع أبنائهم ومنعهم من التشرد والانحراف.
4-يفيد العاملين في مجال الشئون الإجتماعية والعمل في معرفة ضرورة تقليل البطالة - التي تؤدي العوز والفقر ، مما يجعل بعض الأسر تدفع أبنائها إلى الشارع من اجل التسول ، أو العمل ، أو الانحراف .
5- يساعد في إعداد البرامج الإرشادية اللازمة لأطفال الشوارع ؛ لأنه يعرض الحاجات الإرشادية لهم .
أهداف البحث
يستهدف البحث الكشف عن : -
1 – المشكلات التي يعاني منها أطفال الشوارع .
2 – الحاجات الإرشادية لأطفال الشوارع على ضوء مشكلاتهم .
حدود البحث
يقتصر البحث على أطفال الشوارع المتواجدين في أمانة العاصمة بالجمهورية اليمنية للفئة العمرية من 6 – 12 سنه .
* (http://www.yemen-nic.info/contents/studies/detail.php?ID=2507#_ftnref1) رواه الشيخان
* (http://www.yemen-nic.info/contents/studies/detail.php?ID=2507#_ftnref2) انظر فصل الدراسات السابقة .
* (http://www.yemen-nic.info/contents/studies/detail.php?ID=2507#_ftnref3) انظر فصل الدراسات السابقة .
* (http://www.yemen-nic.info/contents/studies/detail.php?ID=2507#_ftnref4) انشأ مركز الطفولة الآمنة عام (2001) لاحتضان أطفال الشوارع في أمانة العاصمة صنعاء ( برعاية وزارة الشئون الاجتماعية والعمل )
الباحث: أ/ منى محمد مصلح الميري
الدرجة العلمية: ماجستير
تاريخ الإقرار: 2004
نوع الدراسة: رسالة جامعية
الملخص:
أحباب الله ... تلك الهبة من الله سبحانه وتعالى للأم والأب ، فقد ترك لهم حق المسؤولية الكاملة في التصرف بهذه الهبة ؛ قال رسول الله (ص) : " كلكم راع و كلكم مسئول عن رعيته "* (http://www.yemen-nic.info/contents/studies/detail.php?ID=2507#_ftn1) (أمين ، 1979 : 154 )، وقد اهتم الدين الإسلامي بالطفل من قبل أن يولد بحسن اختيار الزوجة فقال "تخيروا لنطفكم" ، وجعله ذا صفات طيعة ، تتشكل بحسب ما يراه أبواه و البيئة التي يختارها له والداه .
فالأسرة هي الوعاء الذي يحتضن الطفل وينشأ فيه ويتربى على هديه ، وهي البيئة التي تفتح حواسه على عناصرها ليتحسس جوانبها ويتذوق قيمها ويتعلم مبادئها ففيها تحدث أول تفاعلات الطفولة مع الحياة وبها يتأثر.(حوامده،1994: 37) ومن خلال مرحلة الطفولة يتشكل جانب كبير من شخصية الفرد ، فهي فترة من الفترات التي يبذل فيها الوالدان جهودا كبيرة لتنشئة أطفالهم ، وتقديم الحماية ، والسلامة العامة ، والرعاية، والتعليم، وعادات الطعام والعادات الاجتماعية ، والأكاديمية الصحيحة ؛ ليتمتعوا بصحة نفسية مستقرة من حيث تكيفهم الاجتماعي ، ونضجهم النفسي، وبقدرتهم على الإنجاز، وتحقيق الذات، وتكوين مفاهيم جيدة عنها تتناسب مع خبراتهم ، وان يدركوا المحيط الذي يعيشون فيه ويحسنوا التعامل مع أقرانهم ، ويبتعدوا عن السلوكيات المضادة للمجتمع . ( العزة ، 2000: 132 ) ، وعلى الطفولة تبني الأمم آمالها، ومستقبلها المنشود فداخل كل طفل " رجل مستقبل " . ( ناجي ، 1999 :7 )
والطفولة تحكي عما تتمتع به هذه الأمة أو تلك من ثقافة ورقي ، أو جهل وانحلال في القيم و الأخلاقيات الإنسانية . فان تغذت الطفولة بكل مقومات الحياة جنت ثمرة طيبة ، وان أسيئت تعاملا وبخلت عطاء خسرت وجنت على جيل بأكمله . (كاعش ، 1996 : 45 )
وشهدت العقود الأخيرة اهتماما دوليا بالموضوعات الخاصة بالطفل وكان التعبير القوي لهذا الاهتمام هو " اتفاقية حقوق الطفل " التي اعتمدتها الأمم المتحدة في 20 نوفمبر 1989 م ، وقد وقعت على هذه الاتفاقية جميع دول العالم ومن بينها الجمهورية اليمنية عام 1991 م ، التي توضح بنودها أن للطفل الحق في الحياة ، العيش في ظل أسرة تهتم بمصالحه ، والحصول على التعليم الأساسي وأن يكون إلزاميا ومجانيا ، والحصول على أوقات الراحة والفراغ ، ومزاولة اللعب ، و الحماية من كافة أشكال العنف والإساءة والاستغلال ومن حقه الإندماج في المجتمع . ( مؤسسة نشطاء ، 2000 : 10-15)
وتنقسم مرحلة الطفولة إلى عدة مراحل لكل مرحلة سماتها ، وخصائصها ، وحاجاتها الخاصة بها والعوامل البيئية ، والأسرية المؤثرة بها حتى ينمو الفرد جسميا ، وانفعاليا ، واجتماعيا " فإذا حرم الطفل من الحصول على هذه الحاجات سواء كانت هذه الحاجات طعاما ، أو خبرة ، أو محبة ، فإن ذلك يعيق عملية نموه " . (سماره ، النمر،الحسني ، 1989 : 67 )
ومن الموضوعات الهامة المتداولة الآن على نطاق دولي ومحلي ، موضوع الفئات المحرومة أو التي تعيش في ظروف صعبة ؛ ويقصد بها تلك الفئات التي لا تحصل على نصيب عادل من عمليات التنمية ، أو أن العائد من عمليات التنمية لا يوجه بالأساس لإشباع حاجاتهم الأساسية بالقدر الكافي الذي يضمن لها حياة آمنة ومستقرة تتمتع فيها بحقوقها الأساسية ، كما تعني " الفئات المحرومة " الفئات التي تعجز عن الرزق أو الحصول على حقوقها أو ممتلكاتها ، وعادة ما تتعرض لهذا الحرمان الفئات المستضعفة في المجتمع ، خاصة فئة الأطفال الذين يعتبرون أكثر الفئات تعرضا للظروف الصعبة ، والحرمان ، وعدم إشباع احتياجاتهم ، و يرجع ذلك لانخفاض مستوى الرعاية المادية ، و المعنوية التي يحصلون عليها سواء من الأسرة، أو المجتمع . ( فهمي ، 2000 : 29 ) ، وأشارت بعض الدراسات* (http://www.yemen-nic.info/contents/studies/detail.php?ID=2507#_ftn2) إلى مجموعة من العوامل التي تؤدي إلى خروج الطفل إلى الشارع - منها مشاكل الطلاق ، الفقر والخلافات الأسرية وغيرها- لتأمين الرزق والمأوى فيختلطون بمجتمعات الشوارع مما يجعلهم عرضة للإنحراف وربما الإجرام ، ويتعرضون لكثير من المشكلات و الأمراض و كافة أنواع الإستغلال . كما اشارت دراسة كل من ( حبيبي وتفاسكا و بلعزميه ، 2000 ) و ( علي ، 2002 )
وتعتبر هذه الدراسة لبنة من أساس الصرح البحثي لهذه الفئة ، حيث تهتم بمعرفة المشكلات التي يعاني منها أطفال الشوارع ، وعلى ضوئها يتم تحديد الحاجات الإرشادية اللازمة لهم .
مشكلة البحث
إن واقع الموارد البشرية في بلادنا يشير إلى اختلالات سكانية و اجتماعية و عمريه ، إذ ينمو السكان بمعدلات مرتفعه تصل إلى (3,7%) ويتصفون بمجتمع فتي ، فالأطفال دون (15 ) سنه يمثلون ( 53% ) من السكان ( مؤسسة نشطاء ،2000: 49 ) ، مما ينجم عن ذلك اختلالا بين السكان و الموارد الاقتصادية المتاحة ، يترتب عليه انخفاض نسبي في مستويات المعيشة. (السنباني والحاضري ، 1997: 15 ) ، أن ( 23% ) من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن (14) سنه يعيشون تحت خط الفقر ، وان ( 36,5% ) من أطفال اليمن لا يدخلون المدارس على الإطلاق خصوصا في الأرياف ، وأن ( 10% ) من حجم قوة العمل هم من الأطفال ، وأن (47% ) من هؤلاء الأطفال يعانون سوء التغذية منهم (27%) يعانون توقف النمو (مؤسسة نشطاء ، 2000 : 49 ) .
وترتبط ظاهرة أطفال الشوارع في اليمن إرتباطا وثيقا بمشكلة الفقر ، وبحسب تقدير البنك الدولي عام 1998 فإن (27% ) من سكان اليمن يعيشون تحت حد الفقر، هذا ما أكدته دراسة كل من (الشرجبي ، 1999م ) و(عثمان ، 2000) و (علي ، 2002 ) بأن العوامل الإقتصادية - و في مقدمتها الفقر - سبب خروج الطفل إلى الشارع ، كما أشارت دراسة (عثمان ،2000) إلى أن( 25% ) من أطفال الشوارع هم من سكان الريف أو المدن الأخرى . وقد أشارت دراسة كل من (الشرجبي ،1999) و (علي ،2002 ) و(الوحيدي ، 2002) إلى أن سبب خروج الطفل للشارع هو التفكك الأسري - لموت أحد الوالدين أو كليهما، أو طلاق وزواج احديهما - مما يجعلهم يعيشون في أسرة ذات العائل الواحد .
كما أشارت دراسة (عثمان ،2000) إلى أن سبب خروج الطفل للشارع هو التماسك وعلاقات التضامن التي تسود جو الأسرة ؛ فيخرج للعمل أو التسول لمساعدة أسرته التي تعاني الفقر لوفاة أو إعاقة أو تعطل الأب ، أو لتوفير مصاريف الدراسة لإخوته الأصغر منه ، حيث أن نسبة (92% ) من الأطفال يقدمون مساعدات لأسرهم . وأكدت دراسة (علي،2002) إلى أن نسبة من يساعدون أسرهم (70,7% ) من أطفال الشوارع ، كما أشار آركوف (1968،Arkoff) إلى أن كثرة عدد أطفال الأسرة بالشكل الذي يفوق قدرتها وإمكانياتها قد يجعل الأسرة عاجزة عن إشباع حاجاتهم ، بل وأحيانا قد تدفع بهم إلى سوق العمل في سن مبكرة جدا ، محاولة منها لزيادة دخلها عن طريق تشغيلهم ، حتى ولو كان ذلك على حساب حرمانهم من الدراسة ، كما يشير المدير العام لمكتب العمل الدولي إلى أن الأطفال الذين يُدفعون إلى سوق العمل في سن مبكرة ، كثيرا ما يتعرضون للإستغلال وظروف غير آمنة ولاحتمال الإصابة بأضرار نفسية وجسمية واجتماعية خطيرة ، يكون لها آثارها السيئة على صحة الطفل ونموه الشخصي والحرمان من التعليم والتدريب ، وأنهم غالباَ ما يأتون من أسر لا تسمح ظروفها الإقتصادية بتلبية احتياجاتهم وتوفير الرعاية اللازمة لهم . (الحواث ، الدويبي ،محسن، 1989: 76 ) .
من الأسباب الأخرى لخروج الطفل إلى الشارع ، ما أشارت إليه دراسة (الوحيدي ، 2002 ) بأن (24% ) من العينة ملتحقون بالتعليم والباقي متشردون بسبب الفشل والرسوب ، وأن هناك علاقة بين الجهل و التسول ، كما يُعد العامل النفسي من العوامل التي تؤدي خروج الطفل إلى الشارع ، حيث أن بعض أطفال الشوارع يعيشون في ظل أسر يشوبها التوتر والإضطراب ، تتسم علاقاتهم الأسرية بطابع عنيف . (عثمان ،2000 )، أما دراسة (اسماعيل،2000) فأشارت إلى أن أطفال الشوارع يعانون من الخوف نتيجة المعاملة القاسية من قبل الأسرة ، وأشارت دراستا ( كالام (Calam و ( فرانشي (Franchiإلى أهم خصائص الآباء المسيئين لأطفالهم وهي :-
إن التاريخ النفسي لمثل هؤلاء الآباء يشير إلى خبرات من الحرمان أو القسوة والإساءة الوالدية ، كما إن مثل هؤلاء الآباء يعانون من ضعف البناء النفسي الذي يتيح للحوافز العدوانية أن تعبر عن نفسها بلا ضوابط تذكر ، وإن العوامل الإجتماعية الإقتصادية تضف عبئا من الضغوط النفسية على مثل هؤلاء الآباء وإلّم تكن هذه الضغوط النفسية - في حد ذاتها- ليست كافية لوقوع سوء المعاملة والإساءة ؛ وأضاف الباحث كيمب أن الآباء المسيئين لأطفالهم يرون طفلهم مخيبا للآمال ولا يستثير المحبة والعطف . (شكور،1998: 77)
كما بينت دراسة (عثمان ،2000) أن وجود الأطفال في الشارع لفترة طويلة بفعل غياب الرعاية الأسرية المسئولة ، يؤدي إلى ممارسات سلوكية منحرفة . وقد أشارت دراسة (علي ،2002) في اليمن أن أطفال الشوارع وبنسبة ( 94,5% ) يتعاطون المكيفات (المخدرات ) . كما أشارت دراسة كل من كندل (1973 Kendell ) ، وثيروك وآخرون (1975 - 1981Thrugh Brodetal : ) ، بأن للأصدقاء تأثير كبير على الأفراد نحو تعاطي الحشيش (الشيخ ، 1992: 160 ) .
ونظرا لظروف هذه الفئة الخاصة ، فقد بذلت جهود كبيرة من قبل عدد من المنظمات الإنسانية والمراكز البحثية - التي ركزت على إجراء الإحصاءات والبحوث - بالتعاون مع الجهات الرسمية في عدد من البلدان لإقامة المؤتمرات ، والحلقات الدراسية ، ودعوة أهل الإختصاص والممارسة العملية من أنحاء العالم إلى حضورها أو بالدعم المالي، و العيني للمنظمات المحلية العاملة في مجالات مرتبطة بموضوع أطفال الشوارع* (http://www.yemen-nic.info/contents/studies/detail.php?ID=2507#_ftn3) .
وقد ركزت الدراسات التي أجريت محليا حول الأسباب الإجتماعية التي تكمن وراء وجود الطفل في الشارع ، كما أنه لم يسبق أن أُعدت دراسة لحصر المشكلات التي تواجه أطفال الشوارع سواء في المجال العائلي ، أو المجال المدرسي ، أو المجال الاقتصادي ، أو المجال الاجتماعي ، أو المجال النفسي ، أو المجال الأخلاقي ، أو المجال الصحي ، على حد علم الباحثة بهدف تقديم الخدمات الإرشادية اللازمة لأطفال الشوارع .
و تتحدد مشكلة البحث في الإجابة عن السؤال الآتي :-
س – ما هي المشكلات التي يعاني منها أطفال الشوارع في اليمن ؟ و ما هي الحاجات الإرشادية التي قد تخفف من حدة هذه المشكلات ؟
أهمية البحث
يكتسب البحث الحالي أهمية لأنه :-
1-يفيد العاملين في مجال الطفولة والجهات التي تهتم بهذه الفئة ومنها مركز الطفولة الآمنة* (http://www.yemen-nic.info/contents/studies/detail.php?ID=2507#_ftn4).
2-يمكن العاملين في المدارس وخاصة معلمي المدارس الحكومية من الإستفادة بالتعرف إلى الحاجات الإرشادية ، لأجل التعامل مع الأطفال على ضوئها منعا لتسربهم من المدرسة وخروجهم إلى الشوارع .
3-يفيد الأسرة - من خلال توعية الوالدين – في إشباع هذه الحاجات لدى ألأبناء ويقيهم سوء التعامل مع أبنائهم ومنعهم من التشرد والانحراف.
4-يفيد العاملين في مجال الشئون الإجتماعية والعمل في معرفة ضرورة تقليل البطالة - التي تؤدي العوز والفقر ، مما يجعل بعض الأسر تدفع أبنائها إلى الشارع من اجل التسول ، أو العمل ، أو الانحراف .
5- يساعد في إعداد البرامج الإرشادية اللازمة لأطفال الشوارع ؛ لأنه يعرض الحاجات الإرشادية لهم .
أهداف البحث
يستهدف البحث الكشف عن : -
1 – المشكلات التي يعاني منها أطفال الشوارع .
2 – الحاجات الإرشادية لأطفال الشوارع على ضوء مشكلاتهم .
حدود البحث
يقتصر البحث على أطفال الشوارع المتواجدين في أمانة العاصمة بالجمهورية اليمنية للفئة العمرية من 6 – 12 سنه .
* (http://www.yemen-nic.info/contents/studies/detail.php?ID=2507#_ftnref1) رواه الشيخان
* (http://www.yemen-nic.info/contents/studies/detail.php?ID=2507#_ftnref2) انظر فصل الدراسات السابقة .
* (http://www.yemen-nic.info/contents/studies/detail.php?ID=2507#_ftnref3) انظر فصل الدراسات السابقة .
* (http://www.yemen-nic.info/contents/studies/detail.php?ID=2507#_ftnref4) انشأ مركز الطفولة الآمنة عام (2001) لاحتضان أطفال الشوارع في أمانة العاصمة صنعاء ( برعاية وزارة الشئون الاجتماعية والعمل )