الصحفي الطائر
10-29-2009, 07:20 PM
هل بتنا معاقين أمام الإعاقة؟
مقال للأستاذ عبدالعزيز العريفي
يتبادر إلى الذهن عند ذكر الإعاقة والمعوقين مفردات كثيرة تغلب عليها سمة القساوة والإجحاف وبعيدة عن الإنصاف في حق تلك الشريحة المهمة من مجتمعنا خصوصا مع انتشار التعليم والانفتاح الفضائي مثل الضعف، التذمر، الحساسية المفرطة، التعب النفسي، قلة الإنتاجية، الإحراج، ويندرج في سياقها مفردات عامية أخرى مثل (مشكلة، علة، بلشة، دبلة كبد، وو... وما إلى ذلك من المفردات التي تقع غالبا وقع الرماح على قلب المعوق أو المعوقة وتكون أشد مضاضة على القلب إذا كانت من ذوي القربى، وليس هناك ما يدعو إلى استعمال تلك المفردات الجارحة سوى الجهل بأبسط أسس التعامل الأمثل في بنية مجتمعنا الذي لا شك يعاني الإعاقة أمام تلك الشريحة الكبيرة من ذوي الاحتياجات الخاصة، فهم في الغالب يقومون بأغلب احتياجاتهم الأساسية بأنفسهم دون الحاجة إلى معونة أحد, وقد تشرفت أخيرا بزيارة لجمعية الإعاقة الحركية بعد تلقي دعوة من أحد منسوبيها وهو الشاب النشط يحيى الزهراني في إحدى الاستراحات في مدينة الرياض, وفوجئت بالحفاوة والكرم والأريحية منقطعة النظير من تلك المجموعة المتميزة من الشباب والرجال الذين يدهشونك بذكائهم ونشاطهم وعزائمهم الوثابة الطماحة وإنتاجيتهم العالية وإبداعاتهم الفذة في شتى المجالات، التي لا شك تثري المجتمع برمته ما يجعل المرء يتساءل بإعجاب مفعم بالحيرة هل هؤلاء حقا معاقون؟ وهل فقد بعض الأطراف أو حتى جميعها يفقد الإنسان مواهبه وانطلاقته الفكرية وإسهاماته المتميزة في المحيط الإنساني ما دام الأذى الإعاقي لم يصل إلى ذهنه ويحطم مداركه؟ بالطبع لا، وقد ضربنا لذلك مثلا (شروداً) في الأسبوع الماضي عندما أتينا على ذكر العالم الكبير ستيفن هوجن، ثم ألم يكن طه حسين عميد الأدب العربي كفيفا وكان محفزا لإبداعاته؟ ألم يكن توماس أديسون الأصم أعظم مخترع عرفته البشرية؟ وألم يصنع باسكال أعظم نظرياته وهو يعاني جملة من الأمراض المستعصية؟ وكذا بتهوفن الموسيقار الأعظم ألم يكن أصم؟ وليس مناط هذا المقال أن يكون سردا للعظماء المعوقين بقدر ما هو تنبيه للغافلين عن كون تلك الفئة من البشر لا تختلف عنا إلا باختيار المولى لها لتكون لنا عبرة في أن قيمة الإنسان ليست في جسده وصورته بقدر ما هي في عقله وذاته وتداخلاته الاجتماعية، مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم "إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" أي إلى ما تتضمنه ذواتكم من خير أو شر تجاه المعبود سبحانه وتعالى وهو هدف وجودنا في هذه الحياة وجماع مضامينه، كما أن كلمة معوق لا يجب أن تحمل أكثر مما تحتمله كمفردة مهذبة في اللغة، ومجمل القول إن اجتماعي بتلك الفئة الغالية أحدث في نفسي أثرا إيجابيا وزاد من قناعاتي الشخصية أن الإعاقة الحركية لا يمكن أن تكون حجر عثرة في طريق النشاط والإبداع إن لم تكن أصلا قادحا ومحفزا لهما، وكما قيل في المثل العربي المشهور "كل ذي عاهة جبار" أي أنه يأتي بما (يبز) به الآخرون ويفوقهم فيه، فمتى يأتي اليوم الذي نرى فيه جملة من هؤلاء الأفذاذ تناط بهم أعمال ومسؤوليات كبيرة في الدولة كوزراء وأعضاء مجلس شورى ومديرين لشركات كبرى، ومحاضرين ومحاضرات وما إلى ذلك من الوظائف والمسؤوليات الكبرى.
جريدة الاقتصادية
http://www.aleqt.com/news.php?do=show&id=76978 (http://www.aleqt.com/news.php?do=show&id=76978)
مقال للأستاذ عبدالعزيز العريفي
يتبادر إلى الذهن عند ذكر الإعاقة والمعوقين مفردات كثيرة تغلب عليها سمة القساوة والإجحاف وبعيدة عن الإنصاف في حق تلك الشريحة المهمة من مجتمعنا خصوصا مع انتشار التعليم والانفتاح الفضائي مثل الضعف، التذمر، الحساسية المفرطة، التعب النفسي، قلة الإنتاجية، الإحراج، ويندرج في سياقها مفردات عامية أخرى مثل (مشكلة، علة، بلشة، دبلة كبد، وو... وما إلى ذلك من المفردات التي تقع غالبا وقع الرماح على قلب المعوق أو المعوقة وتكون أشد مضاضة على القلب إذا كانت من ذوي القربى، وليس هناك ما يدعو إلى استعمال تلك المفردات الجارحة سوى الجهل بأبسط أسس التعامل الأمثل في بنية مجتمعنا الذي لا شك يعاني الإعاقة أمام تلك الشريحة الكبيرة من ذوي الاحتياجات الخاصة، فهم في الغالب يقومون بأغلب احتياجاتهم الأساسية بأنفسهم دون الحاجة إلى معونة أحد, وقد تشرفت أخيرا بزيارة لجمعية الإعاقة الحركية بعد تلقي دعوة من أحد منسوبيها وهو الشاب النشط يحيى الزهراني في إحدى الاستراحات في مدينة الرياض, وفوجئت بالحفاوة والكرم والأريحية منقطعة النظير من تلك المجموعة المتميزة من الشباب والرجال الذين يدهشونك بذكائهم ونشاطهم وعزائمهم الوثابة الطماحة وإنتاجيتهم العالية وإبداعاتهم الفذة في شتى المجالات، التي لا شك تثري المجتمع برمته ما يجعل المرء يتساءل بإعجاب مفعم بالحيرة هل هؤلاء حقا معاقون؟ وهل فقد بعض الأطراف أو حتى جميعها يفقد الإنسان مواهبه وانطلاقته الفكرية وإسهاماته المتميزة في المحيط الإنساني ما دام الأذى الإعاقي لم يصل إلى ذهنه ويحطم مداركه؟ بالطبع لا، وقد ضربنا لذلك مثلا (شروداً) في الأسبوع الماضي عندما أتينا على ذكر العالم الكبير ستيفن هوجن، ثم ألم يكن طه حسين عميد الأدب العربي كفيفا وكان محفزا لإبداعاته؟ ألم يكن توماس أديسون الأصم أعظم مخترع عرفته البشرية؟ وألم يصنع باسكال أعظم نظرياته وهو يعاني جملة من الأمراض المستعصية؟ وكذا بتهوفن الموسيقار الأعظم ألم يكن أصم؟ وليس مناط هذا المقال أن يكون سردا للعظماء المعوقين بقدر ما هو تنبيه للغافلين عن كون تلك الفئة من البشر لا تختلف عنا إلا باختيار المولى لها لتكون لنا عبرة في أن قيمة الإنسان ليست في جسده وصورته بقدر ما هي في عقله وذاته وتداخلاته الاجتماعية، مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم "إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" أي إلى ما تتضمنه ذواتكم من خير أو شر تجاه المعبود سبحانه وتعالى وهو هدف وجودنا في هذه الحياة وجماع مضامينه، كما أن كلمة معوق لا يجب أن تحمل أكثر مما تحتمله كمفردة مهذبة في اللغة، ومجمل القول إن اجتماعي بتلك الفئة الغالية أحدث في نفسي أثرا إيجابيا وزاد من قناعاتي الشخصية أن الإعاقة الحركية لا يمكن أن تكون حجر عثرة في طريق النشاط والإبداع إن لم تكن أصلا قادحا ومحفزا لهما، وكما قيل في المثل العربي المشهور "كل ذي عاهة جبار" أي أنه يأتي بما (يبز) به الآخرون ويفوقهم فيه، فمتى يأتي اليوم الذي نرى فيه جملة من هؤلاء الأفذاذ تناط بهم أعمال ومسؤوليات كبيرة في الدولة كوزراء وأعضاء مجلس شورى ومديرين لشركات كبرى، ومحاضرين ومحاضرات وما إلى ذلك من الوظائف والمسؤوليات الكبرى.
جريدة الاقتصادية
http://www.aleqt.com/news.php?do=show&id=76978 (http://www.aleqt.com/news.php?do=show&id=76978)