المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فاعلية برنامج تدريبي في تنمية بعض مهارات حماية الذات لدى ذوي التخلف العقلي البسيط


معلم متقاعد
10-12-2009, 08:08 PM
فاعلية برنامج تدريبي في تنمية بعض مهارات حماية الذات
لدى ذوي التخلف العقلي البسيط

دكتـــور
محمد محمد السيد عبد الرحيم
أستاذ التربية الخاصة المشارك
ورئيس قسم التربية الخاصة
كلية التربية والآداب-جامعة تبوك

بيانات النشر
مجلة كلية التربية، جامعة بنها، مجلد 15، ا لعدد 63، 2005


لا شك أن ذوي التخلف العقلي يواجهون كثيراً من الصعوبات في سبيلهم لتحقيق التكيف النفسي والاجتماعي والأسري والمهني والصحي. فالتخلف العقلي يجعل صاحبه يبدو غير ناضج في نظر الغير. ونتيجة لما يعانيه من حرمان، وضعف التقبل والقبول الاجتماعي، فإن ذلك ينعكس لديه في صورة حاجة عالية للقبول والتقبل مقارنة بالأشخاص غير المتخلفين، تلك الحاجة التي قد تعرضه لمشكلات ومخاطر يصعب حصرها.
فالذين لديهم تخلف عقلي معرضون لمشكلة ضعف قدرتهم على حماية أنفسهم من أن يقعوا فريسة للغواية من جانب غرباء، قد ينجم عنها كافة أشكال الإساءة، والتي ترجع لعديد من الأسباب التي تُعَرض الأطفال العاديين للإساءة، هذا بالإضافة إلى أسبابترجع إلى خصائص ذوي التخلف العقلي ومنها: اعتمادهم على الآخرين في إشباع حاجاتهم الأساسية، وإذعانهم وسلبيتهم، ونقص المهارات الاجتماعية والقدرة على الحكم لديهم، ونقص المهارات المتعلقة بإجراءات الوقاية الأساسية من الإساءة. وانطلاقاً من هذا، يحاول البحث الحالي الاقتراب من هذه المشكلة، موضحاً أبعادها، ومحاولاً أن يقدم جهداً في سبيل المساهمة في حلها.
ويهدف البحث إلى التحقق من فعالية برنامج تدريبي في تنمية مهارات حماية الذات من الغرباء لدى ذوي التخلف العقلي البسيط، يركز على مدى إمكانية إكساب مهارات – أكثر من إكساب المعرفة وحدها.
ويقصد بمهارات حماية الذات، قدرة ذو التخلف العقلي البسيط على تجنب الوقوع ضحية للاختطاف وللإساءة المحتملة من جانب الغرباء، وذلك في موقفين للغواية المفترضة، وبحيث تظهر تلك القدرة في ثلاث استجابات محتملة وهي: القـول، أي يقدم استجابة لفظية ملائمة وجازمة برفض الغواية، والفـعل، أي الابتعاد عن موقف الغواية، والإبلاغ، أي إخبار القائم بالرعاية بموقف الغواية، وذلك كما تقاس باختبار مهارات حماية الذات من الغرباء المستخدم في البحث.
أما عن البرنامج التدريبي فهو مجموعة من الإجراءات العلمية المنظمة، المقدمة لمراهقين ذوي تخلف عقلي بسيط من الجنسين، وقائمة على بعض فنيات تعديل السلوك وهي: التعزيز الإيجابي (استخدام الأطعمة والحلوى، والتغذية الراجعة، والاستحسان الاجتماعي)، والنمذجة، والتكرار، ولعب الدور. وذلك من خلال ثلاث مراحل، الأولى: مرحلة التدريب على ترسيخ المفاهيم (مفهوم الخطر، مفهوم الشخص الغريب، مفهومي نعم ولا)، والثانية: مرحلة التدريب على مهارة اتخاذ القرار، والثالثة: مرحلة التدريب على مهارات حماية الذات (القول لا، والابتعاد، والإخبار) بهدف تنمية مهارات حماية الذات من الغرباء لذوي التخلف العقلي البسيط.
وقد حاول الباحث في الإطار النظري الربط بين مفهوم مهارات حماية الذات، ومهارات السلوك التكيفي خاصة وأن التعريف الأخير للجمعية الأمريكية للتخلف العقلي عام 2002 ، قد سلط الضوء على مجموعة من مهارات السلوك التكيفي، والتي لم يوجه إليها الاهتمام في التعريفات السابقة، منها مهارات إيجابية كالتوجه الذاتي، والمسؤلية، وتجنب أن يصبح ضحية، وجوانب سلبية مثل سهولة الانخداع، والسذاجة، وهي جوانب يفهم منها ضمناً أن بعض ذوي التخلف العقلي قد يسهل خداعهم، لما يتسمون به من سذاجة، وبالتالي يمكن أن يصبحوا ضحايا للإساءة المحتملة من جانب الغرباء الذين يمكن أن يغرروا بهم. كما تبين أن مقاييس السلوك التكيفي المتاحة في البيئة العربية قد تناولت سلوك إيذاء الذات، وغيرها من السلوكيات الشاذة بشكل مباشر، ولم تتناول سلوك حماية الذات من الغرباء بأية صورة من الصور. ويعد توجه التركيز على أوجه القصور هو التوجه السائد في النظر لذوي الإعاقة بشكل عام، وذوي التخلف العقلي بشكل خاص. كما تم استعراض بعض الدراسات السابقة ذات الصلة بموضوع البحث وهي الدراسات التي هدفت إلى رصد المعارف المرتبطة بالحماية، ووضع برامج صممت خصيصاً لتحسين كفاءة ذوي التخلف العقلي في حماية أنفسهم من الإساءة.
وقد افترض البحث الفروض التالية:
1- توجد فروق دالة إحصائياً بين رتب درجات أفراد المجموعة التجريبية في القياسين القبلي والبعدي على اختبار مهارات حماية الذات، لصالح القياس البعدي.
2- توجد فروق دالة إحصائياً بين رتب درجات أفراد المجموعة التجريبية، والمجموعة الضابطة في القياس البعدي على اختبار مهارات حماية الذات، لصالح أفراد المجموعة التجريبية.
3- لا توجد فروق دالة إحصائياً بين رتب درجات أفراد المجموعة الضابطة في القياسين القبلي والبعدي على اختبار مهارات حماية الذات.
4- لا توجد فروق دالة إحصائياً بين رتب درجات أفراد المجموعة التجريبية في القياسين البعدي والتتبعي على اختبار مهارات حماية الذات.
وتكونت عينة الدراسة من 29 من ذوي التخلف العقلي البسيط من الجنسين (18 ذكور و 11 إناث)، تراوحت أعمارهم بين 12 عاماً وشهرين، و18 عاماً وشهراً واحداً، كما تراوحت نسبة ذكائهم بين 55-67، وجميعهم ممن يتمتعون بالقدرة على التنقل، وبقدرة لغوية تعبيرية واستقبالية جيدة، من تلاميذ مدارس وفصول التربية الفكرية بمحافظة بني سويف.. وقد تم اختيار أفراد الدراسة التجريبية من هذه العينة ممن افتقروا لمهارة أو أكثر من مهارات حماية الذات، وقد قسموا إلى مجموعتين متساويتين أحداهما تجريبية بلغت 9 أفراد (5 ذكور، و4 إناث)، والأخرى ضابطة بلغت 9 أفراد (5 ذكور، و4 إناث). وقد تم استبعاد حالتين من التصميم التجريبي لعدم الانتظام في الحضور للمدرسة.
وتم استخدام مجموعة من الأدوات منها، اختبار ستانفورد بينيه للذكاء، واختبار مهارات حماية الذات من الغرباء إعداد الباحث، هذا بالإضافة لبرنامج تدريبي لتنمية مهارات حماية الذات من الغرباء (إعداد الباحث).
وتوصلت نتائج الدراسة إلى فاعلية البرنامج المستخدم في تحسين مهارات حماية الذات من الغرباء لدى ذوي التخلف العقلي البسيط بشكل عام.
أما عن احتفاظ أفراد المجموعة التجريبية بأثر التدريب بعد فترة من انتهاء البرنامج، فإن النتائج تشير إلى وجود فروق دالة إحصائياً بين رتب درجات أفراد المجموعة التجريبية في القياسين البعدي والتتبعي، لصالح القياس البعدي. ويمكن تفسير النتيجة السابقة في ضوء ما لاحظه الباحث في استجابات أفراد المجموعة التجريبية في القياس التتبعي، حيث لم تظهر مهارة الإخبار لدي ثلاثة من الذكور، واثنتين من الإناث، وقد يكون مرجع ذلك إما إلى شعورهم بالملل، حيث طبق نفس الاختبار أكثر من مرة في موقفين متشابهين، وبالتالي كان يفضل أن تكون هناك صورة مكافئة للاختبار، أو إلى شعورهم بأنهم ليسو في حاجة للإخبار، أو إلى قصور الذاكرة، والذي يعد من الخصائص العقلية لذوي التخلف العقلي، أو إلى قصور في التدريب على هذه المهارة، حيث تم التركيز على مهارتي الرفض، والابتعاد، ويبدو أن هناك حاجة لمزيد من تنوع الأنشطة التدريبية، وتعدد الأشخاص الذين يمكن إخبارهم بموقف الغواية.
كما تم التوصل لمجموعة من التوصيات منها: أن مهارات حماية الذات من الإساءة المحتملة من الغرباء لدى ذوي التخلف العقلي البسيط، تمثل جانباً واحداً لمهارات الحماية من الإساءة، ورغم أهمية هذا الجانب، فإن الجانب الأخر الهام، هو تنمية مهارات حماية الذات من الإساءة من القائم بالرعاية في البيت والمؤسسة. ويفضل عند قياس مهارة ما لدى ذوي التخلف العقلي، أن يكون ذلك القياس في مواقف فعلية (قدر الإمكان)، وذلك بدلاً من سؤال القائم بالرعاية، لأن المواقف الفعلية تعبر تعبيراً صادقاً عن وجود المهارة، ومقدار وجودها، من عدمه. ضرورة التركيز على مهارة الإخبار في التدريب على مهارات حماية الذات من الغرباء، حيث اتضح من نتائج البحث الحالي ضعف قدرة ذوي التخلف العقلي البسيط على الاحتفاظ بهذه المهارة في القياس التتبعي. كما تم التوصية بمزيد من البحوث ذات الصلة بالبحث الحالي.