معلم متقاعد
09-06-2009, 06:51 PM
الحاجات الإرشادية للطلبة المتأخرين دراسياً وفق سماتهم الشخصية
الباحث: أ/ لطف الله علي لطف الله الاحزم
الدرجة العلمية: ماجستير
تاريخ الإقرار: 2004
نوع الدراسة: رسالة جامعية
الملخص:
إن ظاهرة تأخر الطلاب دراسياً تعد مشكلة إنسانية لا تقتصر على بيئة أو مجتمع بعينه، وإنما تنتشر في جميع المجتمعات، وذلك بحكم الفروق الفردية بين الطلاب ولإختلاف الظروف والإمكانيات والقدرات والاستعدادات والدوافع من فرد لأخر ومن بيئة لأخرى، ولأدراك الشعوب بأضرار هذه الشريحة من الطلاب على بلدانهم، حيث يشكلون ما يقارب نسبة 20% من المجتمع الطلابي، وإستشعاراً بأهمية القوى البشرية في تنمية الأوطان، فإن المجتمعات المعاصرة تسعى إلى معالجة هذه الظاهرة، والحيلولة دون تسرب تلك الفئة من الطلاب، الأمر الذي ينعكس سلباً على الناتج الوطني من القوى البشرية، التي تمثل العمود الفقري في بناء الشعوب. (الشرعبي1989ص7)
وتأكيداً لمدى الاهتمام بهذه المشكلة وبأضرارها، وضرورة السعي الحثيث إلى التوصل إلى حلول مناسبة فقد تناولت العديد من الدراسات هذه الظاهرة من جوانب متعددة ((دراسة سالم 1979، دراسة علوان 1984، بارتال وكناني 1984، وعبد اللطيف وزكريا والشرعبي 1989، دراسة فطيم 1989 ، الدراسة الكيال وحسن 1995)).
كما أثبتت العديد من الدراسات وجود علاقة إرتباطية بين الحاجات والعوامل النفسية والتأخر الدراسي لدى بعض الطلبه، فأنه بمعالجة وإزالة العوائق ذات الجانب النفسي تم رفع مستوى تحصيل الطلبة المتأخرين دراسياً وإنتقالهم إلى مستوى دراسي أعلى. (الشرعبي 1989، الوارفي 2000)
كما أن هناك دراسات كدراسة حبش 1977، ودراسة عبد الرحمن 1989، ودراسة دغيش 1991م ، ودراسات أخرى أثبتت وجود سمات وخصائص تقتصر على الطلبة المتأخرين دراسياً دون غيرهم من المستويات التعليمية الأخرى معظمها سمات غير سوية ، قد تكون من الأسباب المؤودية إلى تأخر الطلاب دراسياً ، الأمر الذي يتطلب معالجة خاصة واعتماد الأرشاد النفسي التربوي في معالجة تأخر الطلاب دراسياً ، وهذا ما تم بالفعل في معظم البلدان ولاسيما الدول المتقدمة، كما أشار لذلك شهلا وأخرون 1972، "أن الإرشاد التربوي أصبح من أهم الأساليب العلمية الحديثة في مواجهة ظاهرة التأخر الدراسي ، حيث ثبت بالتجربة أن التعلم المقترن بالأرشاد أفضل بكثير من التعلم بدونه ، بل أن الرغبة في التعلم قد لا تؤدي إلى الغرض المنشود من دون ارشاد،ذلك لأن المتعلم يحتاج إلى من يدله على أفضل الطرق والأساليب الدراسية الإيجابية لاكتسابها ، فإن ترك الطالب من دون توجيه وإرشاد، قد يدفعه لاستخدام طرق وأساليب عقيمه لا تجدى نفعاً، بل تضيع عليه جهوده وأوقاته سدى". (شهلا وأخرون 1972: ص ـ 155)
والبحث الذي بين أيدينا محاولة جادة لدراسة ظاهرة التأخر الدراسي لدى طلبة (امانة العاصمة) الجمهورية اليمنية لإستعراض الحاجات الإرشادية لهذه الفئة من الطلبة وفقاً لسماتهم الشخصية لتقديم الحلول اللازمة لعلاج مشكلاتهم ومساعدتهم على التوافق الدراسي بإشباع حاجاتهم الإرشادية. بما يحقق تطوير قدراتهم في خدمة المجتمع
مشكلة البحث
في مجتمعنا اليمني، لاشك أن هناك جهود تبذل لرفع مستوى الطلبة المتأخرين دراسياً في كل مراحل التعليم ، إلا أن ما نود الإشارة إليه، هو أن معظم تلك الجهود والمعالجات التي تبذل تفتقر نسبياً إلى الأخذ بالعوامل النفسية الخاصة لدى هذه الشريحة من الطلاب يعود ذلك إلى تجاهل العوامل والمشاكل الخاصة بالطلاب المتأخرين دراسياً، وإلى عدم وجود مرشدين متخصصين في المؤسسات التعليمية، والاقتصار على الأخصائيين الاجتماعيين في بعض المدارس لقيامهم بدور المرشدين التربويين ، يشير (الورافي 2000) في هذا الصدد :-
لا زالت بعض النظم التربوية التي لم تتبن الإرشاد في برامجها تعالج ظاهرة التأخر الدراسي بإتخاذ الإجراءات الإدارية كما هو واقع اليمن.
(الورافي 2000 : 3)
وتبرز أهمية المرحلة الأساسية من بين مراحل التعليم الأخرى ، كونها مرحلة إنتقال من مرحلة التعليم الاساسية إلى مرحلة الإعدادية بفروعها وتخصصاتها المتنوعة. ( أحمد 1975 : ص 34)
وإذا كانت عملية النمو عملية مستمرة ، فإن مساره بأخذ من حوالي سن 12-13 سنه من العمر معدلات أسرع وتغيرات أعمق .. مما يأخذ الأتزان الجسمي والنفسي الذي كان قبل هذا السن من الأختلال النفسي وتبرز اهتمامات وميول جديدة، ورغبة في توسيع أفق الحياة، الذي كان يقتصر من قبل في أغلب الأحيان على نطاق الأسرة والمدرسة ، فتتسع تطلعاته إلى الحد الذي قد تصبح فيه عائقاً لتكيفه النفسي والمدرسي وتودي إلى ظهور مشكلات وحاجات جديدة أو تتغير مسارات حاجاته النفسية والاجتماعية السابقة . (الأشول 1989، ص47).
و حسب أراء علماء النفس تمثل سمة الشخصية الصفة أو الخاصية التي يمكننا أن نفرق على أساسها بين شخص وآخر، وعلى أنها إستعداد عام ، أو نزعه عامة تطبع سلوك الفرد بطابع خاص وتشكله، وتلون وتعين نوعه وكيفيته، وهذه الاستعدادات تعتبر من أهم مكونات الشخصية. (القرشي 1997 ، ص 28).
في ضوء ما سبق يظهر الحاجة الماسة لدراسة هذه الشريحة من الطلاب من خلال سماتهم الشخصية لكونها تشكل نسبة هامة في المجتمع الانساني، ولانهم بحاجة ماسة إلى نوع خاص من الرعاية والاهتمام ، ويحتاجوا إلى توجيه وإرشاد مستمر، لكي يأخذوا دورهم في الحياة ... ويتطلب من القائمين على تربية هذه الشرحية آلالمام بالحاجات الأرشادية اللازمة لرعايتهم، ونظراً لعدم وجود دراسة على حد علم الباحث قد تناولت هذه الشريحة في المجتمع اليمني من هذا الجانب، وكون هذا الموضوع يتطلب الدراسة .. جاءت هذه الدراسة الحالية تتناول هذه الشريحة وفق سماتهم الشخصية.
حيث أكد الكثير من علماء النفس "أن السمات هي تحدد السلوك لدى الأفراد وإحتياجاتهم المختلفة" (القرشي 1997 ، ص 31)
أهمية البحث والحاجة له:-
نظراً لما تولى معظم دول العالم المتقدمة منها والنامية العملية التربوية والتعليمية إهتماماً متزايداً، وذلك لما لها من أهمية في حركة تقدم المجتمع وتحقيق الأهداف التنموية، وكونها أداة فاعله في بناء الأنسان وتطوير شخصيته ، وتفجير طاقاته وقدراته الابداعية (الحبيب 1981)
فأن الجمهورية اليمنية تولي قطاع التعليم جل الاهتمام والرعاية بمختلف مراحله.
والباحث يرى أن من الطبيعي مساهمة العملية التربوية والتعليمية بشكل فاعل في إعداد الجيل ، بما يتناسب وحجم المهمات الملقاه على عاتقها، كونها من أكثر الوسائل تأثيراً في إعداد الجيل إعداد وطنيا وإنسانياً وعلميا.
" فضلاً عن دورها في بناء الشخصية المتوازنة المتكامله في إبعادها وخصائصها، من خلال المنهج الدراسي والأنشطة المدرسية وفعالياتها، وما يرافقها من إرشاد وتوجيه ورعايه لمتطلبات النمو وحاجاته الانسانية ، ومما يحقق للطلبه الصحة النفسية التي تعد غاية الانسان ووسيلته في حياة سليمة قادره على الابداع والتفاعل الاجتماعي ، إذ أن وظيفة المدرسة هي التأثير في سلوك الناشئة مما يحقق لديهم تغيرات سلوكيه تتفق ومطالب المجتمع وتحقق أهدافه، وفي الوقت ذاته تتفق مع مطالب نموهم وحاجاتهم." (خضير 1993ص 10)
والمرحلة العمرية 12-15 عاماً تعد ميلاداً نفسياً جديداً للفرد، كذات متفردة، تسعى إلى الانتقال من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرشد في حالات آخرى. (الفخري 1981 ص 200)
لذا فإن مثل هذه الأوضاع غير المألوفه في حياته السابقة تسبب له أزمات وتوترات وتؤدي إلى ظهور حاجات جديدة عنده تتطلب إشباعها.
(الاشول 1989م ص 418)
ويعد بياجيه Piaget مرحله المراهقه المبكره ، مرحلة جديده من مراحل التطوير المعرفي ، التي سماها مرحلة العمليات الشكلية أو الصورية formaloperations ، التي تمتد بين سن الحادية عشرة والخامسة عشره في العمر تقريباً ، فيتسم بها التفكير بالرمزيه وإستخدام العمليات المنطقية ، نتيجة تطورات جديدة في البناء المعرفي ، ويرى بياجيه أن التطور المعرفي الجديد يجعل منه متفرداً في شخصيته . (وول .و. 1952 ص 101-102)
غير أن هذه التطور المعرفي الذي يميز الشخصية، لا يتأتى من عوامل نضجية فقط، إذ كما يشير (بياجيه) أن هناك عوامل تربوية وإجتماعية وثقافية أخرى يمكن أن تساهم في تطور البنى المعرفية في هذه المرحلة العمرية.
(ربرزه وهاكيت 1961 ص 130)
لذلك تعد هذه المرحلة مرحلة حرجة تتطلب اهتمام ورعاية خاصة، أما إذا صاحب هذه المرحلة تأخر دراسي فإن الوضع يزداد تأزماً.
إن المجتمع حينما يدفع بأبنائه إلى التعلم يعول على المؤسسات التربوية ، أن تقوم بالتربية قبل التعليم ، تربية بمعنى الإعداد الكامل لما بعد الدراسة ، ولذا كان على القائمين بالعملية التعليمية أن يزودوهم إلى جانب المعارف العلمية بالكثير من المهارات اللازمة التي تعينهم على التعلم الذاتي وفي كيفية التعامل مع المشاكل التي تواجههم في المدرسة وخارجها وذلك من خلال تقديم الخدمات الإرشادية منذ بداية كل عام دراسي وبالذات كلما تقدم التلاميذ في دراستهم.
(الورافي 2000 ص 9)
حيث يحتاج كل طالب إلى خدمات الإرشاد التربوي ويهتم به ويشارك فيه العاملين في ميدان التربية والتعليم، لذا يحضى الإرشاد التربوي بإهتمام خاص في كتب الإرشاد النفسي التي تركز على الإرشاد في المؤسسات التعليمية ، وهناك الكثير من المشكلات التربوية ، التي يتناولها الأرشاد ، كمشكلات المتفوقين ، الضعف العقلي ، التأخر الدراسي .... (زهران 1980 ص 377)
أن البرامج الإرشادية أصبحت تمثل نوعاً من التربية تكاد تكون موازية للعملية التربوية في الكثير من الأنظمة التربوية المتقدمة منها والنامية، بل قد أصبح الأرشاد في العديد من الجامعات على سبيل المثال تخصصاً له مراكز خاصة لتقديم الخدمات الإرشادية. (Sharma, 1982)
إن ظاهرة التأخر الدراسي أوتدنى مستوى التحصيل ظاهرة تسود كثيراً من النظم التربوية من دول العالم النامي ، مع الفارق أن بعض النظم التربوية في تلك الدول قد أهتمت بتشخيص الأسباب الكامنة وراء تلك الظاهرة والحد من تفاقمها من خلال إستخدامها لبرامج الإرشاد التربوي في مدارسها ، فقد يرى البعض أن ظاهرة التأخر الدراسي ظاهرة عالمية فرضتها ظروف الحياة الجديدة والمتسارعة وأنه ليس من السهل معالجتها . (الورافي 2000 ص 2)
ويرى الألوسي (1993) تجاه هذا الرأي :-
إنه إذا كانت الحياة الجديدة وخطوات حضارتها المتسارعة قد أفرزت بعض العوامل السلبية، فأنها في الوقت نفسه زودتنا بإمكانات مادية هائلة وتقنيات علمية متطوره ، وأساليب معرفية دقيقه، فإذا إستطعنا توظيفها في معرفة طبيعة المتعلمين ودوافعهم، وإنتاج الاساليب المناسبة للتعامل معهم ، نكون قد قلبنا الموازين من اليأس إلى التفاؤل. (الالوسي 1993 ص 6)
وتنشئه الأجيال وفقاً لمتطلبات العصر أصبحت مهمة ملحة لابد من الوفاء بمستلزماتها إذا أراد المجتمع لأبنائه مواكبة التقدم الإنساني. (فطيم 1989 : ص 114)
وظاهرة التأخر الدراسي تعد مشكلة نفسية تربوية ، إجتماعية تواجه الطلاب والمربين ومن لهم صلة بالعملية التعليمية ، والطالب المتأخر يعاني كثيراً من هذه المشكلة ، إن شعوره بالفشل قد ينعكس على فقد ثقته بنفسه، وإحساسه بأنه غير قادر على مواجهة متطلبات الحياة الدراسية ، كما ينزعج الأب والأم عندما يروا إبنهما يعاني من الفشل الدراسي ، والمعلم عندما يرى طلابه لا يفهموا الدرس يؤثر ذلك على ثقته بنفسه ويشعره بعدم القدرة والكفاءة العالية في توصيل المعلومات ، أما نتائج هذه الظاهرة على إدارة المدرسة فهي تمثل عائق تعرقل الدراسة في ضوء المدرسة ، ويسيئون إلى نتائج جهود العاملين بالمدرسة.
(الكاشف1995 ص 150)
إن التأخر الدراسي أو تدني التحصيل في مرحلة التعليم الأساسي تشكل ظاهرة تقلق كل المهتمين بقضايا التعليم في اليمن، بل وتهدد النظام التربوي من جراء انعكاسات هذه الظاهرة على الطلاب وأسرهم والمجتمع والقائمين على العملية التربوية، من حيث هدر الامكانات الموظفة للعملية التعليمية ، وتدني نوعية مخرجات التعليم كيفأ. (الورافي 2000 ص 9)
كما إن مشكلة التأخر الدراسي تؤدي إلى الأهدار في الجهد والمال من الدولة ومن العائلة، وتحقق مآسي كبيرة للفرد والعائلة ـ وكون مخرجات التعليم التي نسعى إليها من الطاقة العملية والمعرفية تكون بمستوى خطط التنمية الرائدة، إلا أنه إذا بقى الطالب على حالة الرسوب فإننا سوف نخرج طلاباً فاشلين نزجهم في المجتمع ، فبدل الخدمة يقومون بإرباك المجتمع ويضرون بالثروة الاقتصادية والبشرية ، ومن هنا تأتي ضرورة إرشاد وتوجيه هذه الشرائح من الطلاب توجيهاً مناسباً ، وإزالة العوائق التي تحيل تقدمهم . (الحياني 1981 ص 37)
وبناء على ماسبق فإن أهمية الدراسة تتمثل في :-
1-الكشف عن السمات الشخصية الطلبة المتأخرين دراسياً والتي بموجبها يمكن وضع الخطط المناسبة لمعالجة مشاكل تعلمهم والتي تمثل احد العوائق لتحصيل الطلاب الدراسي.
2-الكشف عن الحاجات الأرشادية للطلبة المتأخرين دراسياً في ضوء معرفة سمائهم الشخصية، والتي بموجبها يمكن وضع خطط تنفيذية لتقديم خدمات إرشادية تتوافق مع حاجات الطلاب لها.
3-الكشف عن السمات الشخصية التي لدى الطلبة المتأخرين دراسياً حسب متغير الجنس ذكور، إناث.
أهداف البحث :-
يهدف البحث الحالي إلى:-
أولاً :- الكشف عن السمات الشخصية لدى الطلبة المتأخرين دراسياً من طلبة الصف السابع اساسي بأمانة العاصمة.
ثانياً :- تحديد الحاجات الإرشادية لدى الطلبه المتأخرين دراسياً من خلال معرفة تلك السمات.
ويمكن تحقيق ذلك من خلال الإجابة على التساؤلات التالية :-
س1:ما السمات الشخصية السائدة لدى الطلبة المتأخرين دراسياً في الصف السابع أساسي؟
س2: هل هناك فروق ذات دلاله إحصائية في السمات الشخصية لدى الطلبة المتأخرين دراسياً تبعاً لمتغير الجنس (ذكور ـ إناث )؟
س3:ما الحاجات الإرشادية للطلبة المتأخرين دراسياً في ضوء سماتهم الشخصية؟
حدود البحث :-
تقتصر الدراسة الحالية على الطلبة المتأخرين دراسياً في الصف السابع أساسي من الجنسين (بنين ـ بنات) في المدارس الحكومية بأمانة العاصمة صنعاء للعام الدراسي 2002-2003م.
..
الباحث: أ/ لطف الله علي لطف الله الاحزم
الدرجة العلمية: ماجستير
تاريخ الإقرار: 2004
نوع الدراسة: رسالة جامعية
الملخص:
إن ظاهرة تأخر الطلاب دراسياً تعد مشكلة إنسانية لا تقتصر على بيئة أو مجتمع بعينه، وإنما تنتشر في جميع المجتمعات، وذلك بحكم الفروق الفردية بين الطلاب ولإختلاف الظروف والإمكانيات والقدرات والاستعدادات والدوافع من فرد لأخر ومن بيئة لأخرى، ولأدراك الشعوب بأضرار هذه الشريحة من الطلاب على بلدانهم، حيث يشكلون ما يقارب نسبة 20% من المجتمع الطلابي، وإستشعاراً بأهمية القوى البشرية في تنمية الأوطان، فإن المجتمعات المعاصرة تسعى إلى معالجة هذه الظاهرة، والحيلولة دون تسرب تلك الفئة من الطلاب، الأمر الذي ينعكس سلباً على الناتج الوطني من القوى البشرية، التي تمثل العمود الفقري في بناء الشعوب. (الشرعبي1989ص7)
وتأكيداً لمدى الاهتمام بهذه المشكلة وبأضرارها، وضرورة السعي الحثيث إلى التوصل إلى حلول مناسبة فقد تناولت العديد من الدراسات هذه الظاهرة من جوانب متعددة ((دراسة سالم 1979، دراسة علوان 1984، بارتال وكناني 1984، وعبد اللطيف وزكريا والشرعبي 1989، دراسة فطيم 1989 ، الدراسة الكيال وحسن 1995)).
كما أثبتت العديد من الدراسات وجود علاقة إرتباطية بين الحاجات والعوامل النفسية والتأخر الدراسي لدى بعض الطلبه، فأنه بمعالجة وإزالة العوائق ذات الجانب النفسي تم رفع مستوى تحصيل الطلبة المتأخرين دراسياً وإنتقالهم إلى مستوى دراسي أعلى. (الشرعبي 1989، الوارفي 2000)
كما أن هناك دراسات كدراسة حبش 1977، ودراسة عبد الرحمن 1989، ودراسة دغيش 1991م ، ودراسات أخرى أثبتت وجود سمات وخصائص تقتصر على الطلبة المتأخرين دراسياً دون غيرهم من المستويات التعليمية الأخرى معظمها سمات غير سوية ، قد تكون من الأسباب المؤودية إلى تأخر الطلاب دراسياً ، الأمر الذي يتطلب معالجة خاصة واعتماد الأرشاد النفسي التربوي في معالجة تأخر الطلاب دراسياً ، وهذا ما تم بالفعل في معظم البلدان ولاسيما الدول المتقدمة، كما أشار لذلك شهلا وأخرون 1972، "أن الإرشاد التربوي أصبح من أهم الأساليب العلمية الحديثة في مواجهة ظاهرة التأخر الدراسي ، حيث ثبت بالتجربة أن التعلم المقترن بالأرشاد أفضل بكثير من التعلم بدونه ، بل أن الرغبة في التعلم قد لا تؤدي إلى الغرض المنشود من دون ارشاد،ذلك لأن المتعلم يحتاج إلى من يدله على أفضل الطرق والأساليب الدراسية الإيجابية لاكتسابها ، فإن ترك الطالب من دون توجيه وإرشاد، قد يدفعه لاستخدام طرق وأساليب عقيمه لا تجدى نفعاً، بل تضيع عليه جهوده وأوقاته سدى". (شهلا وأخرون 1972: ص ـ 155)
والبحث الذي بين أيدينا محاولة جادة لدراسة ظاهرة التأخر الدراسي لدى طلبة (امانة العاصمة) الجمهورية اليمنية لإستعراض الحاجات الإرشادية لهذه الفئة من الطلبة وفقاً لسماتهم الشخصية لتقديم الحلول اللازمة لعلاج مشكلاتهم ومساعدتهم على التوافق الدراسي بإشباع حاجاتهم الإرشادية. بما يحقق تطوير قدراتهم في خدمة المجتمع
مشكلة البحث
في مجتمعنا اليمني، لاشك أن هناك جهود تبذل لرفع مستوى الطلبة المتأخرين دراسياً في كل مراحل التعليم ، إلا أن ما نود الإشارة إليه، هو أن معظم تلك الجهود والمعالجات التي تبذل تفتقر نسبياً إلى الأخذ بالعوامل النفسية الخاصة لدى هذه الشريحة من الطلاب يعود ذلك إلى تجاهل العوامل والمشاكل الخاصة بالطلاب المتأخرين دراسياً، وإلى عدم وجود مرشدين متخصصين في المؤسسات التعليمية، والاقتصار على الأخصائيين الاجتماعيين في بعض المدارس لقيامهم بدور المرشدين التربويين ، يشير (الورافي 2000) في هذا الصدد :-
لا زالت بعض النظم التربوية التي لم تتبن الإرشاد في برامجها تعالج ظاهرة التأخر الدراسي بإتخاذ الإجراءات الإدارية كما هو واقع اليمن.
(الورافي 2000 : 3)
وتبرز أهمية المرحلة الأساسية من بين مراحل التعليم الأخرى ، كونها مرحلة إنتقال من مرحلة التعليم الاساسية إلى مرحلة الإعدادية بفروعها وتخصصاتها المتنوعة. ( أحمد 1975 : ص 34)
وإذا كانت عملية النمو عملية مستمرة ، فإن مساره بأخذ من حوالي سن 12-13 سنه من العمر معدلات أسرع وتغيرات أعمق .. مما يأخذ الأتزان الجسمي والنفسي الذي كان قبل هذا السن من الأختلال النفسي وتبرز اهتمامات وميول جديدة، ورغبة في توسيع أفق الحياة، الذي كان يقتصر من قبل في أغلب الأحيان على نطاق الأسرة والمدرسة ، فتتسع تطلعاته إلى الحد الذي قد تصبح فيه عائقاً لتكيفه النفسي والمدرسي وتودي إلى ظهور مشكلات وحاجات جديدة أو تتغير مسارات حاجاته النفسية والاجتماعية السابقة . (الأشول 1989، ص47).
و حسب أراء علماء النفس تمثل سمة الشخصية الصفة أو الخاصية التي يمكننا أن نفرق على أساسها بين شخص وآخر، وعلى أنها إستعداد عام ، أو نزعه عامة تطبع سلوك الفرد بطابع خاص وتشكله، وتلون وتعين نوعه وكيفيته، وهذه الاستعدادات تعتبر من أهم مكونات الشخصية. (القرشي 1997 ، ص 28).
في ضوء ما سبق يظهر الحاجة الماسة لدراسة هذه الشريحة من الطلاب من خلال سماتهم الشخصية لكونها تشكل نسبة هامة في المجتمع الانساني، ولانهم بحاجة ماسة إلى نوع خاص من الرعاية والاهتمام ، ويحتاجوا إلى توجيه وإرشاد مستمر، لكي يأخذوا دورهم في الحياة ... ويتطلب من القائمين على تربية هذه الشرحية آلالمام بالحاجات الأرشادية اللازمة لرعايتهم، ونظراً لعدم وجود دراسة على حد علم الباحث قد تناولت هذه الشريحة في المجتمع اليمني من هذا الجانب، وكون هذا الموضوع يتطلب الدراسة .. جاءت هذه الدراسة الحالية تتناول هذه الشريحة وفق سماتهم الشخصية.
حيث أكد الكثير من علماء النفس "أن السمات هي تحدد السلوك لدى الأفراد وإحتياجاتهم المختلفة" (القرشي 1997 ، ص 31)
أهمية البحث والحاجة له:-
نظراً لما تولى معظم دول العالم المتقدمة منها والنامية العملية التربوية والتعليمية إهتماماً متزايداً، وذلك لما لها من أهمية في حركة تقدم المجتمع وتحقيق الأهداف التنموية، وكونها أداة فاعله في بناء الأنسان وتطوير شخصيته ، وتفجير طاقاته وقدراته الابداعية (الحبيب 1981)
فأن الجمهورية اليمنية تولي قطاع التعليم جل الاهتمام والرعاية بمختلف مراحله.
والباحث يرى أن من الطبيعي مساهمة العملية التربوية والتعليمية بشكل فاعل في إعداد الجيل ، بما يتناسب وحجم المهمات الملقاه على عاتقها، كونها من أكثر الوسائل تأثيراً في إعداد الجيل إعداد وطنيا وإنسانياً وعلميا.
" فضلاً عن دورها في بناء الشخصية المتوازنة المتكامله في إبعادها وخصائصها، من خلال المنهج الدراسي والأنشطة المدرسية وفعالياتها، وما يرافقها من إرشاد وتوجيه ورعايه لمتطلبات النمو وحاجاته الانسانية ، ومما يحقق للطلبه الصحة النفسية التي تعد غاية الانسان ووسيلته في حياة سليمة قادره على الابداع والتفاعل الاجتماعي ، إذ أن وظيفة المدرسة هي التأثير في سلوك الناشئة مما يحقق لديهم تغيرات سلوكيه تتفق ومطالب المجتمع وتحقق أهدافه، وفي الوقت ذاته تتفق مع مطالب نموهم وحاجاتهم." (خضير 1993ص 10)
والمرحلة العمرية 12-15 عاماً تعد ميلاداً نفسياً جديداً للفرد، كذات متفردة، تسعى إلى الانتقال من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرشد في حالات آخرى. (الفخري 1981 ص 200)
لذا فإن مثل هذه الأوضاع غير المألوفه في حياته السابقة تسبب له أزمات وتوترات وتؤدي إلى ظهور حاجات جديدة عنده تتطلب إشباعها.
(الاشول 1989م ص 418)
ويعد بياجيه Piaget مرحله المراهقه المبكره ، مرحلة جديده من مراحل التطوير المعرفي ، التي سماها مرحلة العمليات الشكلية أو الصورية formaloperations ، التي تمتد بين سن الحادية عشرة والخامسة عشره في العمر تقريباً ، فيتسم بها التفكير بالرمزيه وإستخدام العمليات المنطقية ، نتيجة تطورات جديدة في البناء المعرفي ، ويرى بياجيه أن التطور المعرفي الجديد يجعل منه متفرداً في شخصيته . (وول .و. 1952 ص 101-102)
غير أن هذه التطور المعرفي الذي يميز الشخصية، لا يتأتى من عوامل نضجية فقط، إذ كما يشير (بياجيه) أن هناك عوامل تربوية وإجتماعية وثقافية أخرى يمكن أن تساهم في تطور البنى المعرفية في هذه المرحلة العمرية.
(ربرزه وهاكيت 1961 ص 130)
لذلك تعد هذه المرحلة مرحلة حرجة تتطلب اهتمام ورعاية خاصة، أما إذا صاحب هذه المرحلة تأخر دراسي فإن الوضع يزداد تأزماً.
إن المجتمع حينما يدفع بأبنائه إلى التعلم يعول على المؤسسات التربوية ، أن تقوم بالتربية قبل التعليم ، تربية بمعنى الإعداد الكامل لما بعد الدراسة ، ولذا كان على القائمين بالعملية التعليمية أن يزودوهم إلى جانب المعارف العلمية بالكثير من المهارات اللازمة التي تعينهم على التعلم الذاتي وفي كيفية التعامل مع المشاكل التي تواجههم في المدرسة وخارجها وذلك من خلال تقديم الخدمات الإرشادية منذ بداية كل عام دراسي وبالذات كلما تقدم التلاميذ في دراستهم.
(الورافي 2000 ص 9)
حيث يحتاج كل طالب إلى خدمات الإرشاد التربوي ويهتم به ويشارك فيه العاملين في ميدان التربية والتعليم، لذا يحضى الإرشاد التربوي بإهتمام خاص في كتب الإرشاد النفسي التي تركز على الإرشاد في المؤسسات التعليمية ، وهناك الكثير من المشكلات التربوية ، التي يتناولها الأرشاد ، كمشكلات المتفوقين ، الضعف العقلي ، التأخر الدراسي .... (زهران 1980 ص 377)
أن البرامج الإرشادية أصبحت تمثل نوعاً من التربية تكاد تكون موازية للعملية التربوية في الكثير من الأنظمة التربوية المتقدمة منها والنامية، بل قد أصبح الأرشاد في العديد من الجامعات على سبيل المثال تخصصاً له مراكز خاصة لتقديم الخدمات الإرشادية. (Sharma, 1982)
إن ظاهرة التأخر الدراسي أوتدنى مستوى التحصيل ظاهرة تسود كثيراً من النظم التربوية من دول العالم النامي ، مع الفارق أن بعض النظم التربوية في تلك الدول قد أهتمت بتشخيص الأسباب الكامنة وراء تلك الظاهرة والحد من تفاقمها من خلال إستخدامها لبرامج الإرشاد التربوي في مدارسها ، فقد يرى البعض أن ظاهرة التأخر الدراسي ظاهرة عالمية فرضتها ظروف الحياة الجديدة والمتسارعة وأنه ليس من السهل معالجتها . (الورافي 2000 ص 2)
ويرى الألوسي (1993) تجاه هذا الرأي :-
إنه إذا كانت الحياة الجديدة وخطوات حضارتها المتسارعة قد أفرزت بعض العوامل السلبية، فأنها في الوقت نفسه زودتنا بإمكانات مادية هائلة وتقنيات علمية متطوره ، وأساليب معرفية دقيقه، فإذا إستطعنا توظيفها في معرفة طبيعة المتعلمين ودوافعهم، وإنتاج الاساليب المناسبة للتعامل معهم ، نكون قد قلبنا الموازين من اليأس إلى التفاؤل. (الالوسي 1993 ص 6)
وتنشئه الأجيال وفقاً لمتطلبات العصر أصبحت مهمة ملحة لابد من الوفاء بمستلزماتها إذا أراد المجتمع لأبنائه مواكبة التقدم الإنساني. (فطيم 1989 : ص 114)
وظاهرة التأخر الدراسي تعد مشكلة نفسية تربوية ، إجتماعية تواجه الطلاب والمربين ومن لهم صلة بالعملية التعليمية ، والطالب المتأخر يعاني كثيراً من هذه المشكلة ، إن شعوره بالفشل قد ينعكس على فقد ثقته بنفسه، وإحساسه بأنه غير قادر على مواجهة متطلبات الحياة الدراسية ، كما ينزعج الأب والأم عندما يروا إبنهما يعاني من الفشل الدراسي ، والمعلم عندما يرى طلابه لا يفهموا الدرس يؤثر ذلك على ثقته بنفسه ويشعره بعدم القدرة والكفاءة العالية في توصيل المعلومات ، أما نتائج هذه الظاهرة على إدارة المدرسة فهي تمثل عائق تعرقل الدراسة في ضوء المدرسة ، ويسيئون إلى نتائج جهود العاملين بالمدرسة.
(الكاشف1995 ص 150)
إن التأخر الدراسي أو تدني التحصيل في مرحلة التعليم الأساسي تشكل ظاهرة تقلق كل المهتمين بقضايا التعليم في اليمن، بل وتهدد النظام التربوي من جراء انعكاسات هذه الظاهرة على الطلاب وأسرهم والمجتمع والقائمين على العملية التربوية، من حيث هدر الامكانات الموظفة للعملية التعليمية ، وتدني نوعية مخرجات التعليم كيفأ. (الورافي 2000 ص 9)
كما إن مشكلة التأخر الدراسي تؤدي إلى الأهدار في الجهد والمال من الدولة ومن العائلة، وتحقق مآسي كبيرة للفرد والعائلة ـ وكون مخرجات التعليم التي نسعى إليها من الطاقة العملية والمعرفية تكون بمستوى خطط التنمية الرائدة، إلا أنه إذا بقى الطالب على حالة الرسوب فإننا سوف نخرج طلاباً فاشلين نزجهم في المجتمع ، فبدل الخدمة يقومون بإرباك المجتمع ويضرون بالثروة الاقتصادية والبشرية ، ومن هنا تأتي ضرورة إرشاد وتوجيه هذه الشرائح من الطلاب توجيهاً مناسباً ، وإزالة العوائق التي تحيل تقدمهم . (الحياني 1981 ص 37)
وبناء على ماسبق فإن أهمية الدراسة تتمثل في :-
1-الكشف عن السمات الشخصية الطلبة المتأخرين دراسياً والتي بموجبها يمكن وضع الخطط المناسبة لمعالجة مشاكل تعلمهم والتي تمثل احد العوائق لتحصيل الطلاب الدراسي.
2-الكشف عن الحاجات الأرشادية للطلبة المتأخرين دراسياً في ضوء معرفة سمائهم الشخصية، والتي بموجبها يمكن وضع خطط تنفيذية لتقديم خدمات إرشادية تتوافق مع حاجات الطلاب لها.
3-الكشف عن السمات الشخصية التي لدى الطلبة المتأخرين دراسياً حسب متغير الجنس ذكور، إناث.
أهداف البحث :-
يهدف البحث الحالي إلى:-
أولاً :- الكشف عن السمات الشخصية لدى الطلبة المتأخرين دراسياً من طلبة الصف السابع اساسي بأمانة العاصمة.
ثانياً :- تحديد الحاجات الإرشادية لدى الطلبه المتأخرين دراسياً من خلال معرفة تلك السمات.
ويمكن تحقيق ذلك من خلال الإجابة على التساؤلات التالية :-
س1:ما السمات الشخصية السائدة لدى الطلبة المتأخرين دراسياً في الصف السابع أساسي؟
س2: هل هناك فروق ذات دلاله إحصائية في السمات الشخصية لدى الطلبة المتأخرين دراسياً تبعاً لمتغير الجنس (ذكور ـ إناث )؟
س3:ما الحاجات الإرشادية للطلبة المتأخرين دراسياً في ضوء سماتهم الشخصية؟
حدود البحث :-
تقتصر الدراسة الحالية على الطلبة المتأخرين دراسياً في الصف السابع أساسي من الجنسين (بنين ـ بنات) في المدارس الحكومية بأمانة العاصمة صنعاء للعام الدراسي 2002-2003م.
..