عبقرينو
07-09-2009, 08:12 PM
اللاتزامن : الأوقات خارج نطاق الربط
Dyssynchrony[1] (http://gulfkids.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn1) :"The times are out of joint."
د. محمد السعيد أبو حلاوة
مدرس الصحة النفسية وعلم نفس الأطفال غير العاديين
كلية التربية بدمنهور، جامعة الإسكندرية
في خطابه العام الذي ألقاه البروفيسور تيراسيير في افتتاح المؤتمر العالمي الثاني للأطفال الموهوبين الذي عقد في مدينة سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة الأمريكية 1977 قدم مصطلحًا استخدم لأول مرة لوصف ما يعرف بظاهرة عدم الاتساق أو التباين بين النضج العقلي للطفل الموهوب، ونضجه الاجتماعي، الانفعالي، والبدني. وهو مصطلح اللاتزامن أو اللاتواقت Dyssynchrony. ومعلوم أن مسار النمو النفسي بأبعاده المختلفة لدي الأطفال يتخذ صيغ طبيعية أو عامة تحدث في مراحل عمرية متواترة مثل الطول والوزن. ويوجد تقديرات لمتوسط الأعمار التي يمكن أن يتوقع فيها نمو أنماط معينة من النضج الاجتماعي والنضج الانفعالي. ويوجد بنفس الطريقة نمط للنمو أو التطور العقلي يرتبط بالعمر الزمني ويمكن توقعه عادة.
وتنمو مظاهر أو أبعاد الارتقاء النفسي المختلفة وفق مسارات نمائية متوازنة أو متناغمة مع بعضها وعليه نتوقع مثلاً أن يستطيع الطفل المشي في الشهر الرابع عشر من عمره، أن تصدر عنه كلمات معينه في هذا العمر، أن يبلغ طوله ووزنه مقدارًا معينًا (وفق متوسط الطول والأعمار لجماعته العمرية). ويمكن في هذه الحالة أن يقال أن الساعة النمائية لهذا الطفل متسقة متواقتة أو متزامنة synchronized.
والأمر فيما يخص الأطفال الموهوبين على نحو مغاير إذ أن الساعات النمائية لديهم غالبًا غير متسقة، غير متوازنة، غير متزامنة، أو غير متواقتة Developmental Clocks وبالتالي فإن من خصائص النمو النفسي لدي الأطفال الموهوبين ما يشار إليه هنا بخاصية اللاتزامن أو اللاتواقت وعليه ربما يكون لدينا طفلاً موهوبًا يتساوى عمره العقلي مع طفل العاشرة من العمر، بينما عمره الزمني، البدني، الانفعالي والاجتماعي خمس سنوات. ويمكن أن يفضي اللاتزامن أو اللاتواقت هذا إلي صعوبات بل مشكلات كثيرة للطفل الموهوب. فقد يكون بخير إذا لم يكن المجتمع واعيًا أو مدركًا لهذا التباين الظاهر وأصر على توقع سلوك متسق ـ من هذا الطفل بطبيعة الحال ـ ليس مع من هم أصغر منه سنًا بل مع الأكبر سنًا اعتقدًا بأن القدرة العقلية العالية لمثل هذا الطفل تمكنه تلقائيًا لأن يكون نضجه البدني، الاجتماعي، والانفعالي متساويًا مع من هم أكبر منه في السن.
وكتبت ليتا هولينجورث في وصف ولد موهوب بصورة غير عادية ويبلغ من العمر سبع سنوات ومعامل ذكاؤه 191 ما يلي " يوجد فجوة نمائية واسعة جدًا بين السيطرة الحركية لهذا الطفل وتفكيره المجرد الراقي، فكتابته بطيئة ومليئة بالأخطاء وواهية جدًا، بينما لديه سرعة وطلاقة واضحة في القراءة؛ لديه قصور دال في الأعمال اليدوية بينما هو شديد التميز في العمليات الحسابية؛ يمكنه أن يتفوق على الأطفال الذين تبلغ أعمارهم الثامنة والتاسعة ـ حتى ذوي الذكاء المرتفع منهم ـ في فصله ولكن عند لعبه معهم لا يستطيع القبض على الكرة وعادة ما يركن على الرف أثناء اللعب نتيجة فشلة في أي منافسات لعب حركي حر" Hollingworth,1958)).
وتخلقُ مشكلة عدم الاتساق هذه تعدد الهيئات أو الصيغ التي يظهر بها الطفل الموهوب في المنزل، المدرسة، المعلب، وتقريبًا في معظم الأماكن. على سبيل المثال من الصعب أن يقبل المعلمون حقيقية أن الطفل الموهوب الذي يبلغ من العمر خمس سنوات يستطيع أن يقرأ كتاب عادة ما يستخدم في التدريس للأطفال الذين تبلغ أعمارهم عشر سنوات مع كونه غير قادر في الوقت على الكتابة أو حتى تكوين الحروف التي تشكل اسمه.
ويوجد أطفال صغار موهوبون يقرءون بصورة متقنة منذ أعمار مبكرة. وقد تبلغ أعمارهم الأربع أو الخمس سنوات فقط. حيث لا تنمو أجسادهم بما يمكنهم من التآزر البصري اليدوي المطلوب للسيطرة على الحركات الراقية للكتابة. وقد لا تنمو مهارات الكتابة لدي بعض الأطفال الموهوبين لمدة طويلة. وقد يتفهم المعلمون المؤهلون هذه الظاهرة ولكن غالبية المعلمون لا يدركون هذا التباين.
ويوجد مشكلة أخرى مرتبطة بالاحتياجات الانفعالية للطفل الموهوب. فطفل الخامسة من العمر لم يتعلم أو لم يكتسب بعد الضوابط أو الكوابح أو الموانع الاجتماعية التي يمكن بموجبها إخفاء دموعه أو مخاوفه. فهو ـ الطفل الموهوب ـ يبكي ويستاء ويشمئز ويكشر مثل كل الأطفال بغض النظر عن قدرته العقلية المتميزة. فإذا جرحت مشاعره أو تعرض للمواقف المخيفة ستكون ردود أفعاله في هذه الحالة متسقة مع عمره الزمنى. وهنا يتعرض مثل هذا الطفل من المجتمع لتحقير قاسٍ في واقع الأمر نتيجة سيطرة السؤال التالي على عقل المحيطين بالطفل الموهوب " كيف يبكى هذا الطفل اللامع بهذه الطريقة لهذا السبب التافه؟" وربما لكون الطفل الموهوب قادرًا على تقدير ما يتعرض له من صور التحقير غير المبررة هذه بأنها تمثل ظلم لا قبل له به هنا يدرك أن العالم والمجتمع من حوله عدائي، مخيف، بل غبي. وعليه يتطلب أمر التعامل الإيجابي مع الأطفال الموهوبين فهم/تفهم احتياجاتهم الانفعالية ومنحهم حب وتقدير غير مشروط والتسليم قبل كل ذلك بأن القدرات العقلية العالية لا تؤهل مثل هؤلاء الأطفال تلقائيًا بالضرورة للتميز في كل المجالات.
[1] (http://gulfkids.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftnref1) عادة ما يترجم مصطلح Dyssynchrony إلي اللاتزامن (خلل الترتيب الزمني لوقوع أو تسلسل الأحداث) وهو مصطلح مكون من مقطعين الأول: Dys ويفيد النفي والثاني: Synchrony التزامن أو تطابق أو تساوي الترتيب الزمني للأحداث. وفيما يتعلق بدلالة المصطلح بصفة عامة في مجال دراسات وبحوث الأطفال الموهوبين نجده يفيد عدم التوازن في النمو بين مختلف أبعاد ومظاهر النمو النفسي لديهم بمعني أن النمو العقلي لديهم يحدث بصورة سريعة جدًا تفضي إلي أن تصبح هناك فجوة واضحة في النضج العقلي من جهة ، وكل من النضج الانفعالي والاجتماعي على وجه الخصوص من الجهة الأخرى.
Dyssynchrony[1] (http://gulfkids.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftn1) :"The times are out of joint."
د. محمد السعيد أبو حلاوة
مدرس الصحة النفسية وعلم نفس الأطفال غير العاديين
كلية التربية بدمنهور، جامعة الإسكندرية
في خطابه العام الذي ألقاه البروفيسور تيراسيير في افتتاح المؤتمر العالمي الثاني للأطفال الموهوبين الذي عقد في مدينة سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة الأمريكية 1977 قدم مصطلحًا استخدم لأول مرة لوصف ما يعرف بظاهرة عدم الاتساق أو التباين بين النضج العقلي للطفل الموهوب، ونضجه الاجتماعي، الانفعالي، والبدني. وهو مصطلح اللاتزامن أو اللاتواقت Dyssynchrony. ومعلوم أن مسار النمو النفسي بأبعاده المختلفة لدي الأطفال يتخذ صيغ طبيعية أو عامة تحدث في مراحل عمرية متواترة مثل الطول والوزن. ويوجد تقديرات لمتوسط الأعمار التي يمكن أن يتوقع فيها نمو أنماط معينة من النضج الاجتماعي والنضج الانفعالي. ويوجد بنفس الطريقة نمط للنمو أو التطور العقلي يرتبط بالعمر الزمني ويمكن توقعه عادة.
وتنمو مظاهر أو أبعاد الارتقاء النفسي المختلفة وفق مسارات نمائية متوازنة أو متناغمة مع بعضها وعليه نتوقع مثلاً أن يستطيع الطفل المشي في الشهر الرابع عشر من عمره، أن تصدر عنه كلمات معينه في هذا العمر، أن يبلغ طوله ووزنه مقدارًا معينًا (وفق متوسط الطول والأعمار لجماعته العمرية). ويمكن في هذه الحالة أن يقال أن الساعة النمائية لهذا الطفل متسقة متواقتة أو متزامنة synchronized.
والأمر فيما يخص الأطفال الموهوبين على نحو مغاير إذ أن الساعات النمائية لديهم غالبًا غير متسقة، غير متوازنة، غير متزامنة، أو غير متواقتة Developmental Clocks وبالتالي فإن من خصائص النمو النفسي لدي الأطفال الموهوبين ما يشار إليه هنا بخاصية اللاتزامن أو اللاتواقت وعليه ربما يكون لدينا طفلاً موهوبًا يتساوى عمره العقلي مع طفل العاشرة من العمر، بينما عمره الزمني، البدني، الانفعالي والاجتماعي خمس سنوات. ويمكن أن يفضي اللاتزامن أو اللاتواقت هذا إلي صعوبات بل مشكلات كثيرة للطفل الموهوب. فقد يكون بخير إذا لم يكن المجتمع واعيًا أو مدركًا لهذا التباين الظاهر وأصر على توقع سلوك متسق ـ من هذا الطفل بطبيعة الحال ـ ليس مع من هم أصغر منه سنًا بل مع الأكبر سنًا اعتقدًا بأن القدرة العقلية العالية لمثل هذا الطفل تمكنه تلقائيًا لأن يكون نضجه البدني، الاجتماعي، والانفعالي متساويًا مع من هم أكبر منه في السن.
وكتبت ليتا هولينجورث في وصف ولد موهوب بصورة غير عادية ويبلغ من العمر سبع سنوات ومعامل ذكاؤه 191 ما يلي " يوجد فجوة نمائية واسعة جدًا بين السيطرة الحركية لهذا الطفل وتفكيره المجرد الراقي، فكتابته بطيئة ومليئة بالأخطاء وواهية جدًا، بينما لديه سرعة وطلاقة واضحة في القراءة؛ لديه قصور دال في الأعمال اليدوية بينما هو شديد التميز في العمليات الحسابية؛ يمكنه أن يتفوق على الأطفال الذين تبلغ أعمارهم الثامنة والتاسعة ـ حتى ذوي الذكاء المرتفع منهم ـ في فصله ولكن عند لعبه معهم لا يستطيع القبض على الكرة وعادة ما يركن على الرف أثناء اللعب نتيجة فشلة في أي منافسات لعب حركي حر" Hollingworth,1958)).
وتخلقُ مشكلة عدم الاتساق هذه تعدد الهيئات أو الصيغ التي يظهر بها الطفل الموهوب في المنزل، المدرسة، المعلب، وتقريبًا في معظم الأماكن. على سبيل المثال من الصعب أن يقبل المعلمون حقيقية أن الطفل الموهوب الذي يبلغ من العمر خمس سنوات يستطيع أن يقرأ كتاب عادة ما يستخدم في التدريس للأطفال الذين تبلغ أعمارهم عشر سنوات مع كونه غير قادر في الوقت على الكتابة أو حتى تكوين الحروف التي تشكل اسمه.
ويوجد أطفال صغار موهوبون يقرءون بصورة متقنة منذ أعمار مبكرة. وقد تبلغ أعمارهم الأربع أو الخمس سنوات فقط. حيث لا تنمو أجسادهم بما يمكنهم من التآزر البصري اليدوي المطلوب للسيطرة على الحركات الراقية للكتابة. وقد لا تنمو مهارات الكتابة لدي بعض الأطفال الموهوبين لمدة طويلة. وقد يتفهم المعلمون المؤهلون هذه الظاهرة ولكن غالبية المعلمون لا يدركون هذا التباين.
ويوجد مشكلة أخرى مرتبطة بالاحتياجات الانفعالية للطفل الموهوب. فطفل الخامسة من العمر لم يتعلم أو لم يكتسب بعد الضوابط أو الكوابح أو الموانع الاجتماعية التي يمكن بموجبها إخفاء دموعه أو مخاوفه. فهو ـ الطفل الموهوب ـ يبكي ويستاء ويشمئز ويكشر مثل كل الأطفال بغض النظر عن قدرته العقلية المتميزة. فإذا جرحت مشاعره أو تعرض للمواقف المخيفة ستكون ردود أفعاله في هذه الحالة متسقة مع عمره الزمنى. وهنا يتعرض مثل هذا الطفل من المجتمع لتحقير قاسٍ في واقع الأمر نتيجة سيطرة السؤال التالي على عقل المحيطين بالطفل الموهوب " كيف يبكى هذا الطفل اللامع بهذه الطريقة لهذا السبب التافه؟" وربما لكون الطفل الموهوب قادرًا على تقدير ما يتعرض له من صور التحقير غير المبررة هذه بأنها تمثل ظلم لا قبل له به هنا يدرك أن العالم والمجتمع من حوله عدائي، مخيف، بل غبي. وعليه يتطلب أمر التعامل الإيجابي مع الأطفال الموهوبين فهم/تفهم احتياجاتهم الانفعالية ومنحهم حب وتقدير غير مشروط والتسليم قبل كل ذلك بأن القدرات العقلية العالية لا تؤهل مثل هؤلاء الأطفال تلقائيًا بالضرورة للتميز في كل المجالات.
[1] (http://gulfkids.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=26#_ftnref1) عادة ما يترجم مصطلح Dyssynchrony إلي اللاتزامن (خلل الترتيب الزمني لوقوع أو تسلسل الأحداث) وهو مصطلح مكون من مقطعين الأول: Dys ويفيد النفي والثاني: Synchrony التزامن أو تطابق أو تساوي الترتيب الزمني للأحداث. وفيما يتعلق بدلالة المصطلح بصفة عامة في مجال دراسات وبحوث الأطفال الموهوبين نجده يفيد عدم التوازن في النمو بين مختلف أبعاد ومظاهر النمو النفسي لديهم بمعني أن النمو العقلي لديهم يحدث بصورة سريعة جدًا تفضي إلي أن تصبح هناك فجوة واضحة في النضج العقلي من جهة ، وكل من النضج الانفعالي والاجتماعي على وجه الخصوص من الجهة الأخرى.