المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إرشاد الموهوبين وفق نظرية دابروسكي


عبقرينو
05-14-2009, 01:55 PM
إرشاد الموهوبين وفق نظرية دابروسكي (http://tarbawya.maktoobblog.com/1238081/%d8%a5%d8%b1%d8%b4%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%88%d9%87%d9%88%d8%a8%d9%8a%d 9%86-%d9%88%d9%81%d9%82-%d9%86%d8%b8%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%af%d8%a7%d8%a8%d8%b1%d9%88%d8%b3%d9%83%d9%8a/)

عدنان القاضي


تُعتبر خِدْمة الإرشاد إحدى خِدْمات الرعاية والمتابعة الضرورية للطلبة الموهوبين، إذ ينبغي أنْ تسير معهم طيلة مراحل حياتهم بدءاً منْ لحظة التعرُّف والاكتشاف وتقديم البرامج والمشاريع، وقد تعاقد العلماء والمختصون على تفريعها إلى ثلاثة أشكال، وهي: خدمات إرشاد وقائية؛ خدمات إرشاد علاجية؛ وخدمات إرشاد بنائية، لا تفاضل بينها إذ توفَّر كلٌّ بحسب دوره وظروفه التي تحتِّم تواجده كبرنامج عملي متكامل.


إنَّ دور الإرشاد بمفهومه الصحيح يتعدَّى إيجال الحلول للمشكلات التي قد يتعرَّض لها أو يقع فيها الموهوبون، وكمُسلَّمة هناكَ أدوار أوسع وأشمل تتجاوز ما هو مُتعارفٌ عليه، وبالتالي نحنُ مطالبون لفهم أعمق لقضايا الموهوبين (العاطفية؛ العقلية؛ الجسمية؛ والاجتماعية)، وملتزمون لدراسة النظريات العالمية المشهورة في مجال إرشاد الموهوبين، والتي منها نظرية دابروسكي؛ كي تكون الرعاية والمُتابعة لهم مبنيَّة على أسس صحيحة؛ وتكون نوافذ الاستثمار سليمة.


دابروسكي هو طبيب نفسي بولندي، شارك في الحربين العالميتيْن، وقد انقدحت شرارة نظريته منْ خلال معايشته للشباب المبدعين والمتوقدين حماسة ودافعية والمضحين بأرواحهم لإسعاد غيرهم في تلك الحربيْن.


إنَّ مسألة الإرشاد في نظرية دابروسكي تذهبُ أبعد منَ حتمية التوافق الاجتماعي والتخطيط المهني إلى التوافق النفسي وإلى الطاقة القوية (الذات أو الأنا) للصراع الداخلي في نمو وتطوُّر البناءات القيمية.


وقبل الشروع في تبيان الخلفية المهمة منَ النظرية ينبغي أنْ نشير إلى تعريف الدكتور أني ماري ريبير للموهوبين بما ينسجم والنظرة لهم في النظرية، إذ يقول بأنَّ الموهبة: “وعيٌ عظيمٌ، وحساسيةٌ كبيرةٌ، وقدرةٌ فائقةٌ على فهم وإدراك مايتمّ تلقيه عبر الحواس الخمس إلى خبرات عاطفية وعقلية“.


نعود لتناول النظرية التي تتكَّون منْ جُزأيْن رئيسييْن، هما:


أولاً، المُثيرات المُتزايدة (النشاط المفرط أو الحركةالكثيرة):


o الإثارة الزائدة تحملُ معها مؤشرات إيجابية، وقدرات غير عادية في العناية والحرص على التعلم والخيال الواسع، وإمكانات غير محددة المصدر (جسدية؛ حسية؛ إبداعية؛ عقلية؛ وانفعالية).


o الإثارة الزائدة لها قوَّة، خاصة التخيلية والعقلية؛ إذ لهما علاقة إيجابية في نمو العاطفة في سنِّ الرُّشد.


o الإثارة الزائدة يُمكنُ ملاحظتها منذ الطفولة، كما أنَّها غريزة أولية، وافْتُرِضَ وجود خمس مُثيرات عالية أو أشكال وتعابير منَ النشاط الزائد، وهي بشيءٍ منَ التفصيل على النحو الآتي:


1. الجانب النفسحركي: منْ حيثُ السرعة في الكلام، الحماس الزائد الملحوظ، القيام بالألعاب الرياضية السريعة، الميل نحو العمل المُضني، تنفيذ تعبيرات نفس حركة ذات طابع عاطفي متوتر، عادات عصبية، لزمات حركية، قضم الأظافر، الاستغراق في العمل مهما صغُر، والمُنافسة.


2. الجانب الحسي: منْ حيثُ المتعة الحسية في مجالات البصر والشم والتذوق واللمس والسمع، الأكل الزائد، التذوق الفني للأشياء الجميلة، أساليب الكتابة والكلمات والتعابير البلاغية، الميل للفرح والشُّهرة، والوجود في دائرة الضوء.


3. الجانب التخيلي: منْ حيثُ خصوبة الخيال، استخدام الخيال بشكلٍ مُتكرِّر، التشبيه والاستعارة، الميل نحو الخيال والإبداع، الإدراك والإحساس الشِّعري والدراماتيكي، الطاقة الروحية، مزج الخيال بالحقيقة، تذكُّر التفصيلات البصرية، والميل إلى الدراما.


4. الجانب العقلي: منْ حيثُ حبّ الاستطلاع، تركيز الانتباه، القدرة على الجُهد العقلي والاحتفاظ به، التعطُّش للقراءة، التخطيط المُفصَّل، التفكير الناقد، التفكير التحليلي، وتطوُّر هرم القيم.


5. الجانب الانفعالي: منْ حيثُ شدة المشاعر أو حدَّتها، المشاعر الإيجابية والسلبية، العواطف المتطرِّفة والمُعقَّدة، التعرُّف على مشاعر الآخرين، التعبيرات الجسدية كتوتر المعدة واحمرار الوجه والخجل وخفقان القلب، الخوف والخجل، الذاكرة العاطفية القوية، الشعور بالذنب والخوف والقلق، حساسية في العلاقات، التكيُّف بصعوبة مع البيئة الجديدة، تقييم الذات، والشعور بعدم اللياقة والغرابة.


ثانياً، تطوُّر مستويات النمو:


o يتضمَّن هذه الجُزء منْ خمس مستويات منْ نمو الراشدين تبدأ في الصعود والتطوُّر بناءً على عدة متغيرات بيولوجية ونفسية وعقلية واجتماعية، وهي كالتالي:


1. اهتمامات الذات: تسود في هذا المستوى الأنانيةُ، والقدرة على الفهم والتعاطف وفحص الذات. وعندما تسير الأمور بشكلٍ خاطئ فإنَّ الفرد يلوم شخصاً آخر على ما وقع، إذ لا يتحمَّل المسئولية الذاتية، كما لا يوجد ما يُكبحُ طموحه الشخصي.


2. قيم الجماعة: يتأثر في هذا المستوى الفردُ مبدئياً بالزُّمر الاجتماعية، ويدمج القيم أو أخلاق أقاربه مع ما لديه أو مع ما اكتسبه سابقاً، وتظهر لديهم في الغالب أفكار غير متوازنة وغير منتظمة، وسلوكات غير ثابتة؛ لأنَّه لا توجد لديه مجموعة القيم الداخلية المعترف بها ذاتياً، ويكون الصراع عندئذٍ داخلياً.


3. النمو التكويني: يطوِّر في هذا المستوى الفردُ إحساساته وقيمه بشكلٍ هرمي، ويُكافح ليجعل سلوكاته تصل للمعيار العالي، ولا يوجد عند الفرد رضا عمّا هو عليه بسبب تنافُس ما هو لديه مع ماذا يجبُ أنْ يكون لديه، وهذا الأمر قد يُرافقه قلق واكتئاب ومشاعر عدم الرضا عنِ النفس.



4. تخطيط الذات: يسير في هذا المستوى الفردُ نحو تحقيق ذاته، وأنَّه قد وجد الطريق للوصول إلى مُثُلِهِ، أنَّه قائدٌ فاعلٌ في المجتمع ويُظهر مستوى عالٍ منَ المسئولية والحُكم التأمُّلي والتعاطُف مع الآخرين، الاستقلالية في التفكير والعمل الواعي، وسمات أخرى لها علاقة بتحقيق الذات.


5. تحقيق مُثُل الشخصية: يُجاهد في هذا المستوى الفردُ لتحقيق السيادة التي يجبُ أنْ يربحها لحل صراعاته الداخلية؛ منْ أجلِ إشباع الذات والوصول للمُثُل الشخصية، ولديه اهتمام قليل بالآخرين، وغياب الصراع الداخلي عندهم، ويُسقط صراعه مع الآخرين باللوم، وأنَّ أهدافه محددة بالنجاح المادي والمجد والعظمة والتفوق، كما أنَّهُ منافس شديد ورابحٌ على الدوام، ومنَ السَّهل عليه الحصول على المواقع القيادية في مُجتمعٍ مُنافسٍ.


ختاماً، ابتغيتُ منْ عرض الملامح الرئيسة لهذه النظرية المشهورة عالمياً التأكيد على:


1. الدور المهم للمُرشد والمعلم المختص بالطلبة الموهوبين في تطوير دوافعهم نحو النضج.


2. أنَّ عملية تعزيز الموهوبين وتوجيههم شيء مهم منْ أجل تحقيق ذواتهم.


3. أنَّ النمو العاطفي السليم مطلبٌ أساسي كالانجاز الأكاديمي، ويحتاج لأنْ يقيَّم بشكلٍ كافٍ؛ طلباً لخلق بيئة يستطيع المرشدون منْ خلالها تطوير هذا النمو.


4. أنَّ منْ واجب المرشد والمعلم المختص بالطلبة الموهوبين أنْ يُعلمهم كيف يركِّزوا على أنظمة متوازنة لأنفسهم كأشخاص لديهم جوانب قوَّة وأخرى ضعف، وأنَّ لديهم حاجات كالآخرين، وأنَّ مُساعدتهم للآخرين شيء مهم أيضاً كما أنَّ التضحية الزائدة سوف تكون على حساب أهدافهم وطموحاتهم.


5. إعداد وتقديم برامج في التربية العاطفية شبيهة بتلك التي قدَّمتها ليتا هولنجورث، إذ طرحت لطلبتها الموهوبين برنامج مُتكامل منْ أبرز جوانبه: تجميع ثلة منَ الموهوبين منْ نفس المستوى العقلي، إعداد منهج أكاديمي منسجم مع اهتمامات وتطلعات الموهوبين ومتحدٍ لقدراتهم، إقامة مشاريع جماعية مُصغَّرة للحوار والنقاش، وإتاحة مواقف لمناقشة الذات والآخرين بشكلٍ خاص.