زهرة الشمال
04-29-2009, 09:05 PM
اغتصاب المحارم وأثره على الأطفال
د. نهى عدنان قاطرجي
يستغرب الإنسان عادة عندما يسمع خبراً عن اعتداء أب على إبنته أو أم على إبنها ، لِما في هذا الحدث من الأضرار بالطفل الذي من المفترض بأهله حمايته ورعايته ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) .
إلا أن هذه المسئولية لم يَعِها بعض الأهل وفسّروها تفسيراً خاطئاً ، فاعتبروا أنهم أحق من سواهم بقطف ثمار تربيتهم ، أحدهم " يعقوب ٌ الذي قال : أن ابنته أشبه بشجرة الفواكه ، وهو أحق من غيره بها قبل أن يسمح للآخرين بأكل الفواكه " .
-أ- شخصية المعتدي على المحارم
يتسم الاعتداء على المحارم بأنه متواجد في كل المجتمعات ، فهو ليس محصوراً في الحياة الريفية وحدها أو الحياة المدنية وحدها أو عند الأشخاص الذين يعانون من " ظروف اجتماعية اقتصادية غير ثابتة ، بل هو متواجد في الكوخ والقرية كما هو متواجد في الصالونات الأرستقراطية وفي القصور " .
ومن أغرب الحالات ما ذكره الطبيب النفسي نزار الحلبي عن " رجل دين اغتصب فتياته ابتداء من سن الثامنة ، وبعد الزواج ظلت إحداهن تشعر بالرغبة الجنسية كلما رأت والدها مما استدعى ذهابها إلى الطبيب النفسي " .
ومن الصفات التي يتصف بها المعتدي : الإنطوائية والبرودة في حياته الاجتماعية مع الشريك الآخر ، وتعتبر الخمرة من الأسباب الأساسية وراء اغتصاب المحارم ، ففي كثير من حالات اعتداء الأب السكران على ابنته تستمر هذه العلاقة لفترات طويلة وبمعرفة الأم " وبموافقة ضمنية منها ، حيث تتجنب العنف من زوجها السكران فتتسامح أمام طلباته إلى أن يظهر الحمل أو أثار الضرب وسوء المعاملة فيكون ذلك سبباً للإعلان " .
-ب- أنواع علاقات المحارم
تنقسم العلاقات بين المحارم إلى عدّة أقسام ، والمَحْرَمُ قد يكون مقرباً جداً من الضحية كالأب والأم والأخ ، ومنهم من يكون بعيداً عنه مثل العم والخال والجد ، وسيقتصر الكلام هنا على الأقارب المسئولين عن تربية الطفل ، لخطورة هذه العلاقة على نفسية الضحية التي تتواجد بشكل دائم مع المجرم .
-1- علاقة أب/ بنت
تتنوع الأسباب التي تدفع بالرجل إلى اغتصاب أولاده ، وأهمها : ذهاب الوازع الديني والأخلاقي، وفقدان الأب للوازع الداخلي الذي يمنعه من ارتكاب فعله ، فيفقد في كثير من الحالات السيطرة على انفعالاته ، أما بسبب الغضب أو بسبب السكر ، إلا أنه في بعض الحالات قد تكون هناك أسباب أخرى تساهم في ارتكاب الأب لجريمته ، منها : تشجيع الضحية أو أمها بشكل غير مباشر على ارتكاب الفعل .
أما تشجيع الضحية فيكون بشكل غير مباشر ولا إرادي ، إذ أن بعضاً من هؤلاء الضحايا يعرفون عادة " النضج الكاذب" ، حيث " يمكن أن يكون قد اكتمل نضوجهن في سن الثا نية عشرة أو الثالثة عشرة ، مثل هؤلاء الفتيات يلعبن دوراً هاماً في الاهتمام المنزلي ، يُحَضِّرنَ العشاء ، ويَهْتَمِمْن بالأطفال الصغار... ويشعرن عادة تجاه والدهن بإهتمام خاص".
أما تشجيع الأم فيكون بشكل غير إرادي ، وقد لاحظ AMIR انه في حال اعتداء الأب على ابنته فان الأم تلعب دوراً مشاركاً في الجناية ، فالزوجة التي يكرهها الزوج وتكون ذات شخصية ضعيفة ، تكون عادة مدمنة على الشرب، تعامله باستعلاء ، وترفض أن تقوم بعلاقة جنسية معه ".
وفي كثير من الحالات تلعب الأم دوراً هاماً في تنمية علاقة الأب بابنته عن طريق تغيّبها الدائم عن المنزل ، بحجة العمل أو العلاقات الاجتماعية ، وفي بعض الأحيان قد يكون هذا الغياب عاطفياً ... حيث يستغل الأب الفرصة مبدياً حبّه وعطفه الذي ينتهي بالعلاقة المحرمة .
-ب-علاقة أم / صبي
فرض الإسلام آداباً معينة يجب أن يتعلمها الإنسان منذ صغره ، ومن هذه الآداب الاستئذان على الأهل ، فقال تعالى : ﴿ يَا أّيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لـِيَستَئذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَت أَيمَانُكُم وَالَّذِينَ لَم يَبلُغُواْ الحُلُمَ مِنكُم ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِن قَبلِ صَلاَةِ الـفَجرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعدِ صَلاَةِ العِشَاءِ ثَلاَثُ عَورَاتٍ لَّكُم لَيسَ عَلَيكٌم وَلاَ عَلَيهِم جَنَاحٌ بَعدَ هُنَّ طَّوَّافُونَ عَلَيكُم بَعضُكُم عَلَى بَعضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللـَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ .
وقد جاء تحديد الإسلام لهذه الفترات الثلاث لكونها فترات راحة ، حيث يقوم المرء عادة بتبديل ملابسه والاستراحة خلالها ، إلا أنه في العصر الحالي ذهبت هذه الآداب عند كثير من الناس ، لدرجة أن بعض الأهل يقومون بتبديل ملابسهم أمام أولادهم الذين ينظرون إليهم بحشرية ووقاحة .
وكان من نتائج ذهاب الحياء بين الأهل والأولاد أن أدى الأمر إلى حصول علاقات شاذة بين الأهل وأولادهم ، سواء كانت هذه العلاقات علاقة أب مع ابنته أو أم مع ولدها ، وهذه الأخيرة نادراً ما تحصل وهي إن حصلت فتكون ناتجة عن خلل نفسي .
ومن الأسباب التي قد تؤدي الى حصول علاقة بين الأم وولدها فقد تكون بهدف إبدال الزوج أو إراحة ولد معذب ...وفي بعض الحالات قد يكون اغتصاب الأم لولدها ناتج عن السكر".
-ج- علاقة أخ / أخت
حذر الإسلام من اختلاط الجنسين حتى ولو كانوا إخوة ، فدعا الرسول عليه الصلاة والسلام إلى التفريق بين الأولاد في المضاجع، فقال صلى الله عليه وسلم : ( فرقوا بين أولادكم في المضاجع إذا بلغوا سبع سنين ) .
وقد أكد علماء النفس على أن الأسباب التي تؤدي إلى العلاقة الجنسية بين الإخوة " نوم الأطفال من العمر نفسه ، ومن جنس مختلف ، مع بعضهم البعض ، حيث يحصل بينهم كسر للخجل يعرضهم لخطر العلاقة الجنسية ".
كما أن في " عرض الأعضاء التناسلية ، وغياب الخجل داخل الحمام أو في غرفة النوم وغير ذلك كَسْرٌ للحواجز، يؤدي إلى الاستغلال الجنسي" .
وقد أضاف العلماء أسباباً أخرى لهذه العلاقة المحرمة ، منها لعب الأطفال بألعاب معينة كلعبة " الحكيم والمريض"، ولعبة " الزجاجة " التي تَفْرِض في كثير من الأحيان القيام بأعمال معينة قد تكون أعمال لا أخلاقية .
الأثر النفسي للاغتصاب عند الطفلة
تختلف مشاعر المغتصَبة الصغيرة عن المغتصَبة الكبيرة ، فهي لصغر سنها ولعلاقتها بالمغتصِب ، ينتابها في العادة مشاعر ومخاوف مختلفة عن المرأة الكبيرة في السن ، وأول هذه الاختلافات تكمن في الطريقة التي تستخدم في الاعتداء ، فإذا استخدم العنف والقوة في اغتصاب الكبار فان استغلال مشاعر الأطفال واستخدام العطف هو السلاح في الحصول على الأولاد .
وهذا ما أكده علماء النفس والباحثون الذين قالوا : " إن الاعتداء الأول بين المعتدي والطفلة نادراً ما يكون عنيفاً ، يكفي نقلها إلى مكان هادئ بعيد عن الخطر ... والمعتدي عادة يحصل على الضحايا السهلة ، فهو يهجم عادة على الأطفال الذين يعانون من مشاكل عاطفية لأسباب عائلية ، وهؤلاء الأطفال يميلون إلى سماع أحاديث العطف والحنان " .
وإذا تمّ إلقاء نظرة سريعة على عدد الأطفال الذين يعانون من نقص العطف داخل أسرهم نتيجة إهمال قواعد التربية الصحيحة فيمكن أن يُستنتج عندها الصيد الهائل الذي يمكن أن يحصل عليه المعتدون .
-1- مشاعر الطفلة المغتصَبة
تنتاب الطفلة المغتصَبة مشاعر عديدة وخاصة إذا كان الاغتصاب اغتصاب محارم ، إذ أن هذه الطفلة صغيرة وعاجزة عن مقاومة المعتدي ، أما لإحساسها بالخوف منه وإما لحبها الشديد له ، ويؤدي هذا التضارب في مشاعرها إلى إحساسها بالعجز والاستسلام ، ويمكن ملاحظة عدة علامات تظهر على الفتاة ، منها ما يظهر أثناء الاغتصاب ومنها ما يظهر بعد الاغتصاب ، وقبل الحديث عن هذه العلامات لا بد من ذكر مشاعر الفتاة التي تتعرض للاغتصاب من قبل الأقارب أو المعارف وهي تتلخص بالرفض والعجز، فالفتاة ترفض ما يقوم به المعتدي سواء كان المعتدي والدها أو أحد الأقارب ، وفي الوقت نفسه لا تريد أن تفقده لأنها تحبه ، لذلك فان " مشاعر الرفض والقرف التي تواجه بها الطفلة هذه العلاقة يحل محلها الاستسلام ، إذ تنحدر في أعماق الطفلة مشاعر العجز والقلق، فهي تشعر بالعجز المعنوي والجسدي ولا تقوى على مواجهة الوالد ، فشخصيتها النامية الهشة لا تتجرأ على الاحتجاج بعنف ، خصوصاً أن خطر زنى المحارم لا يكون بعد قد تأصل في أعماقها ، والأب الذي يتوجب عليه أن يغرس هذا الخطر في أعماق ابنته يبرر سلوكه ببساطة " كل الآباء يفعلون ذلك مع بناتهم وهذا أمر عادي جداً " ، ناهيك أن بعض الآباء يلجئون إلى التهديد والوعيد " : إذا تحدثت عما نفعل سأضربك بعنف " ، أو إلى الابتزاز العاطفي: " إذا لم تكوني عاقلة سأزعل منك ولن أحبك أبداً " " .
وتضارب مشاعر الطفلة هو الذي يمنعها في كثير من الأحيان من الإعلان عن الجريمة أو من مقاومة المجرم ، وأقسى ما تشعر به هو الإحساس بالذنب ، وذلك " بسبب مشاعرها العدائية إزاء والدها ، فهي لا تستطيع أن تفهم على الإطلاق لماذا يسلك والدها ( الذي تحبه ) هذا المسلك القاسي والمبتذل ، تجتاحها الحيرة والارتباك كيف يمكن أن تكرهه " .
-2- الأعراض التي تظهر أثناء الاغتصاب
تتنوع المشاعر التي تنتاب الطفل الذي يتعرض للاستغلال الجنسي ، ومن هذه المشاعر : الاكتئاب والرغبة في الانتحار والغضب والخوف والأرق .
-أ- الاكتئاب والانتحار
دلت الأبحاث على أن كل ضحايا الاستغلال الجنسي تقريباً " من الأطفال تظهر عليهم بعض أعراض الاكتئاب بعد الإعلان عن الاستغلال ، وتظهر هذه الأعراض على بعض منهم حتى قبل الإعلان ... وقد يظهر الطفل حزيناً منشغلاً أو منغلقاً على نفسه ، ويمكن للاكتئاب أن يأخذ شكلاً غير مباشر تحت أشكال مختلفة ، مثل كثرة الشكوى ، والإحساس بالضعف أو بالمرض ، وبعض الأطفال يحاول أذية نفسه أو الانتحار " .
-ب- الغضب والعداوة
يشعر الطفل المغتصَب بالظلم ، ولذلك فهو يشعر بالعداوة والغضب ضد كل المحيطين به ، و"على الرغم من أن بعض الأطفال قد يظهرون هادئين ، إلا أن غالبيتهم يشعرون بالغضب تجاه المعتدي الذي اغتصبهم واستغلهم ، وأيضا تجاه الأهل الذين لم ينجحوا في حمايتهم من هذا الاعتداء .
وهذا الغضب قد يكون مكبوتاً وغير ظاهر ومتخذاً أشكالاً مختلفة ، كالاكتئاب أو الأوهام أو التصرفات العدوانية " .
-ج- الخوف
تُلازم الطفل المغتصَب مشاعر الخوف من نتائج الاعتداء الجنسي ، فإذا كان المغتصَب فتاة، فقد تخاف في حال عدم الاستجابة من أذية المعتدي ، أو قد تخاف الحمل ، أو تخاف من المستقبل، وتقول إحدى الضحايا " : في هذه الفترة كان الخوف هو المسيطر ، وفي تحليل الموقف لا أفكر " ما هو جيد " و" ما هو سيئ " ، أفكر فقط ماذا يحصل لي " .
-د- الأرق
من المخاوف التي تنتاب الطفل أيضاً " الخوف من المجرم ، وقد يظهر هذا الخوف بشكل ظاهر ، أو قد يظهر على شكل أرق يتخذ شكل كوابيس " .
وقد تحدثت إحدى الأمهات عن تجربتها الخاصة مع ابنها الذي تعرض للاعتداء ، فوصفت تصرفاته بعد الاعتداء بقولها:
" منذ ذلك الوقت و Gilles جيل كان ضائعاً تماماً ومضطرباً كلياً ، ولا يجلس في مكان واحد ، ويجد صعوبة في التعبير ، وقد تمّ فصله من المدرسة ، ويعاني غالباً من حالات قلق مع أنه كان في الماضي كثير الفرح ، يحب اللعب ، وهو يعيش الآن في خوف دائم من شخص يأتي إليه ليأخذه ، وفي الليل ينام بشكل سيئ ، ويعجز عن النوم ، ويستيقظ صارخاً ، ويعاني من نفس الكوابيس التي تنحصر كلها في الجرائم حول أشخاص يَقْتُلون أو يُقْتَلون ، حول رجال يريدون أن يأخذوه ، خلال النهار يتحدث دائماً عن الموت ... أحياناً يتحدث بصعوبة عما حصل له ، وبالنسبة إليه فهو شيء غير مفهوم ، وهو يتساءل عن السبب الذي دفع الرجل إلي أن يفعل هذا به ؟ وكانت تنتابه نوبات بكاء لا تنتهي ، وكان يصعب علينا مواساته ، كما تصعب علينا محادثته ، وكان يغلق على نفسه الباب ويرفض مقابلتنا ، ويريد أن يكسر كل شيء ، وكانت نظرته إلي العالم نظرة سلبية عنيفة".
هـ- نفسية الضحية بعد النضج
إن أول نتائج اغتصاب الأطفال هو تدمير الشخصية تدميراً كاملاً ، وإحساس الضحية بالدونية ، وبأنه لا حق لها بالحياة وقد أعربت العديد من المغتصَبات عن إحساسهن بالدونية ، وبالعجز عن تخطي المشاكل الاجتماعية وببعض الاضطرابات الجنسية .
-أ-الإحساس بالدونية
من المشاعر التي تنتاب الفتاة بعد تعرضها للاغتصاب هو إحساسها بالدونية وبالذل ، تقول إحداهن : " اليوم ، مضى على افتراقي عن والدي سنة ونصف ، ولا أصدق إلي الآن أني حرة وسعيدة ، سأبلغ التاسعة عشرة من العمر بعد خمسة عشر يوماً ، ولا زلت أخاف من الضحك وأخاف من الفرح ، ويبدو لي أنه لا يحق لي سوى أن استمر في معاناتي من الماضي ، كلما أعطتني الحياة لحظة سعادة ابدأ بالهرب منها ، فكما كنت أهرب من أبي كنت أهرب من نفسي ، ربما خوفاً من اكتشاف نفسي ... لقد قتل الطفلة التي في داخلي ، وقتل المرأة التي يجب أن أكون ، وأنا في وسط ذلك كنت أتراوح بين الطفل والمرأة ، دون أن أتمكن من إيجاد مكاني الخاص " .
-ب- العجز عن تخطي المشاكل الاجتماعية
ينتج عن إحساس الضحايا بالدونية والعزلة البعد عن كل ما يمكن أن يسبب الأذى ، إذ أنهن يعتقدن أنهن تحملن ما يكفي من الأذى ، وأن لا نجاة لهن إلا بالوحدة ، لذلك فإنهن " يعانين كثيراً من المشاكل الاجتماعية ... الضحايا يملن إلى العزلة ، وعلاقاتهن بالأصحاب ناقصة ، وعلاقاتهن الاجتماعية غير مُرْضِية ... العديد منهن كن عدوانيات أو كئيبات ، وبعض منهن تنتابهن أفكار انتحارية ، وبعض آخر يفقدن الثقة بكل الناس " .
-ج- المشاكل الجنسية
من أبرز ما يمكن أن يواجه الطفلة المغتصَبة عند الكبر هو الاضطرابات الجنسية ، من إحساس بالعجز الجنسي ، أو إحساس بالنفور من الجنس بشكل عام .
فالاضطرابات الجنسية إذاً هي من أبرز المشاكل الجنسية التي تواجه الفتاة المغتصبة في المستقبل ، " فقد تصاب المرأة بإعاقة جنسية مستديمة ، فهي تشعر بلامبالاة مطلقة إزاء الرجال ، "جميع الرجال يشبهون والدي " تردد في أعماقها ، إنهن يمارسن الحب ولكن لا يبلغن الذروة الجنسيـــة، وهن يتركن جسدهن للشريك ، ولكنه جسد بلا حياة ، فصورة الجسد عندهن مهشمة ، بل يرغبن أحياناً في التخلص من هذا لاحقاً لشتى أنواع الانحرافات الجنسية وافتقارها للقوى الأخلاقية الضرورية لضبط الغريزة الجنسية ، وكذلك تعرضها للإصابة بالأعصبة النفسية " .
وقد أشار الطبيب النفسي عدنان الشريف إلي " أن سبب مجيء غالبية المغتصَبات إلي عيادته ليس تعرضهن للاعتداء ، ولكن سبب مجيئهن هو المرض العصبي الذي يصبن به بعد فترة من الزمن ، والذي قد يكون من أسبابه حالة الاغتصاب التي تعرضت لها الفتاة في الصِّغَر " .
والاضطرابات الجنسية لا تقتصر على الضحية الفتاة ، إذ أن الضحية الذكر قد يصاب أيضاً بالاضطرابات الجنسية ، حيث أنه قد يميل إلي الشذوذ الجنسي ويشعر بالنفور من المرأة إما لتمتعه بالعلاقات الشاذة السابقة التي مرَّ بها ، وإما لإحساسه بالنقص وبالعجز عن إتيان المرأة
د. نهى عدنان قاطرجي
يستغرب الإنسان عادة عندما يسمع خبراً عن اعتداء أب على إبنته أو أم على إبنها ، لِما في هذا الحدث من الأضرار بالطفل الذي من المفترض بأهله حمايته ورعايته ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) .
إلا أن هذه المسئولية لم يَعِها بعض الأهل وفسّروها تفسيراً خاطئاً ، فاعتبروا أنهم أحق من سواهم بقطف ثمار تربيتهم ، أحدهم " يعقوب ٌ الذي قال : أن ابنته أشبه بشجرة الفواكه ، وهو أحق من غيره بها قبل أن يسمح للآخرين بأكل الفواكه " .
-أ- شخصية المعتدي على المحارم
يتسم الاعتداء على المحارم بأنه متواجد في كل المجتمعات ، فهو ليس محصوراً في الحياة الريفية وحدها أو الحياة المدنية وحدها أو عند الأشخاص الذين يعانون من " ظروف اجتماعية اقتصادية غير ثابتة ، بل هو متواجد في الكوخ والقرية كما هو متواجد في الصالونات الأرستقراطية وفي القصور " .
ومن أغرب الحالات ما ذكره الطبيب النفسي نزار الحلبي عن " رجل دين اغتصب فتياته ابتداء من سن الثامنة ، وبعد الزواج ظلت إحداهن تشعر بالرغبة الجنسية كلما رأت والدها مما استدعى ذهابها إلى الطبيب النفسي " .
ومن الصفات التي يتصف بها المعتدي : الإنطوائية والبرودة في حياته الاجتماعية مع الشريك الآخر ، وتعتبر الخمرة من الأسباب الأساسية وراء اغتصاب المحارم ، ففي كثير من حالات اعتداء الأب السكران على ابنته تستمر هذه العلاقة لفترات طويلة وبمعرفة الأم " وبموافقة ضمنية منها ، حيث تتجنب العنف من زوجها السكران فتتسامح أمام طلباته إلى أن يظهر الحمل أو أثار الضرب وسوء المعاملة فيكون ذلك سبباً للإعلان " .
-ب- أنواع علاقات المحارم
تنقسم العلاقات بين المحارم إلى عدّة أقسام ، والمَحْرَمُ قد يكون مقرباً جداً من الضحية كالأب والأم والأخ ، ومنهم من يكون بعيداً عنه مثل العم والخال والجد ، وسيقتصر الكلام هنا على الأقارب المسئولين عن تربية الطفل ، لخطورة هذه العلاقة على نفسية الضحية التي تتواجد بشكل دائم مع المجرم .
-1- علاقة أب/ بنت
تتنوع الأسباب التي تدفع بالرجل إلى اغتصاب أولاده ، وأهمها : ذهاب الوازع الديني والأخلاقي، وفقدان الأب للوازع الداخلي الذي يمنعه من ارتكاب فعله ، فيفقد في كثير من الحالات السيطرة على انفعالاته ، أما بسبب الغضب أو بسبب السكر ، إلا أنه في بعض الحالات قد تكون هناك أسباب أخرى تساهم في ارتكاب الأب لجريمته ، منها : تشجيع الضحية أو أمها بشكل غير مباشر على ارتكاب الفعل .
أما تشجيع الضحية فيكون بشكل غير مباشر ولا إرادي ، إذ أن بعضاً من هؤلاء الضحايا يعرفون عادة " النضج الكاذب" ، حيث " يمكن أن يكون قد اكتمل نضوجهن في سن الثا نية عشرة أو الثالثة عشرة ، مثل هؤلاء الفتيات يلعبن دوراً هاماً في الاهتمام المنزلي ، يُحَضِّرنَ العشاء ، ويَهْتَمِمْن بالأطفال الصغار... ويشعرن عادة تجاه والدهن بإهتمام خاص".
أما تشجيع الأم فيكون بشكل غير إرادي ، وقد لاحظ AMIR انه في حال اعتداء الأب على ابنته فان الأم تلعب دوراً مشاركاً في الجناية ، فالزوجة التي يكرهها الزوج وتكون ذات شخصية ضعيفة ، تكون عادة مدمنة على الشرب، تعامله باستعلاء ، وترفض أن تقوم بعلاقة جنسية معه ".
وفي كثير من الحالات تلعب الأم دوراً هاماً في تنمية علاقة الأب بابنته عن طريق تغيّبها الدائم عن المنزل ، بحجة العمل أو العلاقات الاجتماعية ، وفي بعض الأحيان قد يكون هذا الغياب عاطفياً ... حيث يستغل الأب الفرصة مبدياً حبّه وعطفه الذي ينتهي بالعلاقة المحرمة .
-ب-علاقة أم / صبي
فرض الإسلام آداباً معينة يجب أن يتعلمها الإنسان منذ صغره ، ومن هذه الآداب الاستئذان على الأهل ، فقال تعالى : ﴿ يَا أّيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لـِيَستَئذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَت أَيمَانُكُم وَالَّذِينَ لَم يَبلُغُواْ الحُلُمَ مِنكُم ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِن قَبلِ صَلاَةِ الـفَجرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعدِ صَلاَةِ العِشَاءِ ثَلاَثُ عَورَاتٍ لَّكُم لَيسَ عَلَيكٌم وَلاَ عَلَيهِم جَنَاحٌ بَعدَ هُنَّ طَّوَّافُونَ عَلَيكُم بَعضُكُم عَلَى بَعضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللـَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ .
وقد جاء تحديد الإسلام لهذه الفترات الثلاث لكونها فترات راحة ، حيث يقوم المرء عادة بتبديل ملابسه والاستراحة خلالها ، إلا أنه في العصر الحالي ذهبت هذه الآداب عند كثير من الناس ، لدرجة أن بعض الأهل يقومون بتبديل ملابسهم أمام أولادهم الذين ينظرون إليهم بحشرية ووقاحة .
وكان من نتائج ذهاب الحياء بين الأهل والأولاد أن أدى الأمر إلى حصول علاقات شاذة بين الأهل وأولادهم ، سواء كانت هذه العلاقات علاقة أب مع ابنته أو أم مع ولدها ، وهذه الأخيرة نادراً ما تحصل وهي إن حصلت فتكون ناتجة عن خلل نفسي .
ومن الأسباب التي قد تؤدي الى حصول علاقة بين الأم وولدها فقد تكون بهدف إبدال الزوج أو إراحة ولد معذب ...وفي بعض الحالات قد يكون اغتصاب الأم لولدها ناتج عن السكر".
-ج- علاقة أخ / أخت
حذر الإسلام من اختلاط الجنسين حتى ولو كانوا إخوة ، فدعا الرسول عليه الصلاة والسلام إلى التفريق بين الأولاد في المضاجع، فقال صلى الله عليه وسلم : ( فرقوا بين أولادكم في المضاجع إذا بلغوا سبع سنين ) .
وقد أكد علماء النفس على أن الأسباب التي تؤدي إلى العلاقة الجنسية بين الإخوة " نوم الأطفال من العمر نفسه ، ومن جنس مختلف ، مع بعضهم البعض ، حيث يحصل بينهم كسر للخجل يعرضهم لخطر العلاقة الجنسية ".
كما أن في " عرض الأعضاء التناسلية ، وغياب الخجل داخل الحمام أو في غرفة النوم وغير ذلك كَسْرٌ للحواجز، يؤدي إلى الاستغلال الجنسي" .
وقد أضاف العلماء أسباباً أخرى لهذه العلاقة المحرمة ، منها لعب الأطفال بألعاب معينة كلعبة " الحكيم والمريض"، ولعبة " الزجاجة " التي تَفْرِض في كثير من الأحيان القيام بأعمال معينة قد تكون أعمال لا أخلاقية .
الأثر النفسي للاغتصاب عند الطفلة
تختلف مشاعر المغتصَبة الصغيرة عن المغتصَبة الكبيرة ، فهي لصغر سنها ولعلاقتها بالمغتصِب ، ينتابها في العادة مشاعر ومخاوف مختلفة عن المرأة الكبيرة في السن ، وأول هذه الاختلافات تكمن في الطريقة التي تستخدم في الاعتداء ، فإذا استخدم العنف والقوة في اغتصاب الكبار فان استغلال مشاعر الأطفال واستخدام العطف هو السلاح في الحصول على الأولاد .
وهذا ما أكده علماء النفس والباحثون الذين قالوا : " إن الاعتداء الأول بين المعتدي والطفلة نادراً ما يكون عنيفاً ، يكفي نقلها إلى مكان هادئ بعيد عن الخطر ... والمعتدي عادة يحصل على الضحايا السهلة ، فهو يهجم عادة على الأطفال الذين يعانون من مشاكل عاطفية لأسباب عائلية ، وهؤلاء الأطفال يميلون إلى سماع أحاديث العطف والحنان " .
وإذا تمّ إلقاء نظرة سريعة على عدد الأطفال الذين يعانون من نقص العطف داخل أسرهم نتيجة إهمال قواعد التربية الصحيحة فيمكن أن يُستنتج عندها الصيد الهائل الذي يمكن أن يحصل عليه المعتدون .
-1- مشاعر الطفلة المغتصَبة
تنتاب الطفلة المغتصَبة مشاعر عديدة وخاصة إذا كان الاغتصاب اغتصاب محارم ، إذ أن هذه الطفلة صغيرة وعاجزة عن مقاومة المعتدي ، أما لإحساسها بالخوف منه وإما لحبها الشديد له ، ويؤدي هذا التضارب في مشاعرها إلى إحساسها بالعجز والاستسلام ، ويمكن ملاحظة عدة علامات تظهر على الفتاة ، منها ما يظهر أثناء الاغتصاب ومنها ما يظهر بعد الاغتصاب ، وقبل الحديث عن هذه العلامات لا بد من ذكر مشاعر الفتاة التي تتعرض للاغتصاب من قبل الأقارب أو المعارف وهي تتلخص بالرفض والعجز، فالفتاة ترفض ما يقوم به المعتدي سواء كان المعتدي والدها أو أحد الأقارب ، وفي الوقت نفسه لا تريد أن تفقده لأنها تحبه ، لذلك فان " مشاعر الرفض والقرف التي تواجه بها الطفلة هذه العلاقة يحل محلها الاستسلام ، إذ تنحدر في أعماق الطفلة مشاعر العجز والقلق، فهي تشعر بالعجز المعنوي والجسدي ولا تقوى على مواجهة الوالد ، فشخصيتها النامية الهشة لا تتجرأ على الاحتجاج بعنف ، خصوصاً أن خطر زنى المحارم لا يكون بعد قد تأصل في أعماقها ، والأب الذي يتوجب عليه أن يغرس هذا الخطر في أعماق ابنته يبرر سلوكه ببساطة " كل الآباء يفعلون ذلك مع بناتهم وهذا أمر عادي جداً " ، ناهيك أن بعض الآباء يلجئون إلى التهديد والوعيد " : إذا تحدثت عما نفعل سأضربك بعنف " ، أو إلى الابتزاز العاطفي: " إذا لم تكوني عاقلة سأزعل منك ولن أحبك أبداً " " .
وتضارب مشاعر الطفلة هو الذي يمنعها في كثير من الأحيان من الإعلان عن الجريمة أو من مقاومة المجرم ، وأقسى ما تشعر به هو الإحساس بالذنب ، وذلك " بسبب مشاعرها العدائية إزاء والدها ، فهي لا تستطيع أن تفهم على الإطلاق لماذا يسلك والدها ( الذي تحبه ) هذا المسلك القاسي والمبتذل ، تجتاحها الحيرة والارتباك كيف يمكن أن تكرهه " .
-2- الأعراض التي تظهر أثناء الاغتصاب
تتنوع المشاعر التي تنتاب الطفل الذي يتعرض للاستغلال الجنسي ، ومن هذه المشاعر : الاكتئاب والرغبة في الانتحار والغضب والخوف والأرق .
-أ- الاكتئاب والانتحار
دلت الأبحاث على أن كل ضحايا الاستغلال الجنسي تقريباً " من الأطفال تظهر عليهم بعض أعراض الاكتئاب بعد الإعلان عن الاستغلال ، وتظهر هذه الأعراض على بعض منهم حتى قبل الإعلان ... وقد يظهر الطفل حزيناً منشغلاً أو منغلقاً على نفسه ، ويمكن للاكتئاب أن يأخذ شكلاً غير مباشر تحت أشكال مختلفة ، مثل كثرة الشكوى ، والإحساس بالضعف أو بالمرض ، وبعض الأطفال يحاول أذية نفسه أو الانتحار " .
-ب- الغضب والعداوة
يشعر الطفل المغتصَب بالظلم ، ولذلك فهو يشعر بالعداوة والغضب ضد كل المحيطين به ، و"على الرغم من أن بعض الأطفال قد يظهرون هادئين ، إلا أن غالبيتهم يشعرون بالغضب تجاه المعتدي الذي اغتصبهم واستغلهم ، وأيضا تجاه الأهل الذين لم ينجحوا في حمايتهم من هذا الاعتداء .
وهذا الغضب قد يكون مكبوتاً وغير ظاهر ومتخذاً أشكالاً مختلفة ، كالاكتئاب أو الأوهام أو التصرفات العدوانية " .
-ج- الخوف
تُلازم الطفل المغتصَب مشاعر الخوف من نتائج الاعتداء الجنسي ، فإذا كان المغتصَب فتاة، فقد تخاف في حال عدم الاستجابة من أذية المعتدي ، أو قد تخاف الحمل ، أو تخاف من المستقبل، وتقول إحدى الضحايا " : في هذه الفترة كان الخوف هو المسيطر ، وفي تحليل الموقف لا أفكر " ما هو جيد " و" ما هو سيئ " ، أفكر فقط ماذا يحصل لي " .
-د- الأرق
من المخاوف التي تنتاب الطفل أيضاً " الخوف من المجرم ، وقد يظهر هذا الخوف بشكل ظاهر ، أو قد يظهر على شكل أرق يتخذ شكل كوابيس " .
وقد تحدثت إحدى الأمهات عن تجربتها الخاصة مع ابنها الذي تعرض للاعتداء ، فوصفت تصرفاته بعد الاعتداء بقولها:
" منذ ذلك الوقت و Gilles جيل كان ضائعاً تماماً ومضطرباً كلياً ، ولا يجلس في مكان واحد ، ويجد صعوبة في التعبير ، وقد تمّ فصله من المدرسة ، ويعاني غالباً من حالات قلق مع أنه كان في الماضي كثير الفرح ، يحب اللعب ، وهو يعيش الآن في خوف دائم من شخص يأتي إليه ليأخذه ، وفي الليل ينام بشكل سيئ ، ويعجز عن النوم ، ويستيقظ صارخاً ، ويعاني من نفس الكوابيس التي تنحصر كلها في الجرائم حول أشخاص يَقْتُلون أو يُقْتَلون ، حول رجال يريدون أن يأخذوه ، خلال النهار يتحدث دائماً عن الموت ... أحياناً يتحدث بصعوبة عما حصل له ، وبالنسبة إليه فهو شيء غير مفهوم ، وهو يتساءل عن السبب الذي دفع الرجل إلي أن يفعل هذا به ؟ وكانت تنتابه نوبات بكاء لا تنتهي ، وكان يصعب علينا مواساته ، كما تصعب علينا محادثته ، وكان يغلق على نفسه الباب ويرفض مقابلتنا ، ويريد أن يكسر كل شيء ، وكانت نظرته إلي العالم نظرة سلبية عنيفة".
هـ- نفسية الضحية بعد النضج
إن أول نتائج اغتصاب الأطفال هو تدمير الشخصية تدميراً كاملاً ، وإحساس الضحية بالدونية ، وبأنه لا حق لها بالحياة وقد أعربت العديد من المغتصَبات عن إحساسهن بالدونية ، وبالعجز عن تخطي المشاكل الاجتماعية وببعض الاضطرابات الجنسية .
-أ-الإحساس بالدونية
من المشاعر التي تنتاب الفتاة بعد تعرضها للاغتصاب هو إحساسها بالدونية وبالذل ، تقول إحداهن : " اليوم ، مضى على افتراقي عن والدي سنة ونصف ، ولا أصدق إلي الآن أني حرة وسعيدة ، سأبلغ التاسعة عشرة من العمر بعد خمسة عشر يوماً ، ولا زلت أخاف من الضحك وأخاف من الفرح ، ويبدو لي أنه لا يحق لي سوى أن استمر في معاناتي من الماضي ، كلما أعطتني الحياة لحظة سعادة ابدأ بالهرب منها ، فكما كنت أهرب من أبي كنت أهرب من نفسي ، ربما خوفاً من اكتشاف نفسي ... لقد قتل الطفلة التي في داخلي ، وقتل المرأة التي يجب أن أكون ، وأنا في وسط ذلك كنت أتراوح بين الطفل والمرأة ، دون أن أتمكن من إيجاد مكاني الخاص " .
-ب- العجز عن تخطي المشاكل الاجتماعية
ينتج عن إحساس الضحايا بالدونية والعزلة البعد عن كل ما يمكن أن يسبب الأذى ، إذ أنهن يعتقدن أنهن تحملن ما يكفي من الأذى ، وأن لا نجاة لهن إلا بالوحدة ، لذلك فإنهن " يعانين كثيراً من المشاكل الاجتماعية ... الضحايا يملن إلى العزلة ، وعلاقاتهن بالأصحاب ناقصة ، وعلاقاتهن الاجتماعية غير مُرْضِية ... العديد منهن كن عدوانيات أو كئيبات ، وبعض منهن تنتابهن أفكار انتحارية ، وبعض آخر يفقدن الثقة بكل الناس " .
-ج- المشاكل الجنسية
من أبرز ما يمكن أن يواجه الطفلة المغتصَبة عند الكبر هو الاضطرابات الجنسية ، من إحساس بالعجز الجنسي ، أو إحساس بالنفور من الجنس بشكل عام .
فالاضطرابات الجنسية إذاً هي من أبرز المشاكل الجنسية التي تواجه الفتاة المغتصبة في المستقبل ، " فقد تصاب المرأة بإعاقة جنسية مستديمة ، فهي تشعر بلامبالاة مطلقة إزاء الرجال ، "جميع الرجال يشبهون والدي " تردد في أعماقها ، إنهن يمارسن الحب ولكن لا يبلغن الذروة الجنسيـــة، وهن يتركن جسدهن للشريك ، ولكنه جسد بلا حياة ، فصورة الجسد عندهن مهشمة ، بل يرغبن أحياناً في التخلص من هذا لاحقاً لشتى أنواع الانحرافات الجنسية وافتقارها للقوى الأخلاقية الضرورية لضبط الغريزة الجنسية ، وكذلك تعرضها للإصابة بالأعصبة النفسية " .
وقد أشار الطبيب النفسي عدنان الشريف إلي " أن سبب مجيء غالبية المغتصَبات إلي عيادته ليس تعرضهن للاعتداء ، ولكن سبب مجيئهن هو المرض العصبي الذي يصبن به بعد فترة من الزمن ، والذي قد يكون من أسبابه حالة الاغتصاب التي تعرضت لها الفتاة في الصِّغَر " .
والاضطرابات الجنسية لا تقتصر على الضحية الفتاة ، إذ أن الضحية الذكر قد يصاب أيضاً بالاضطرابات الجنسية ، حيث أنه قد يميل إلي الشذوذ الجنسي ويشعر بالنفور من المرأة إما لتمتعه بالعلاقات الشاذة السابقة التي مرَّ بها ، وإما لإحساسه بالنقص وبالعجز عن إتيان المرأة