المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ذوو الاحتياجات الخاصة أبرياء في سجون الأنانية


مريم الأشقر
03-14-2009, 09:02 PM
ذوو الاحتياجات الخاصة أبرياء في سجون الأنانية

أمينة عبدالله

تصدمنا الحياة أحياناً بقسوتها لأنها تجعلنا في مواجهة مع ضعفنا الذي ومهما أنكرناه لابد أن يكون في جانب ما من دواخلنا ، يلامسنا بشكل مباشر وغير مباشر يرتبط بنا وبغيرنا ، جانب يهزنا من الداخل ويجعلنا أمامه عاجزين في ظل الصدمة والألم ، هناك منا من يستسلم لضعفه لأنه لا يستطيع مواجهة الواقع ولا تحديه وهناك من يقبل التحدي وينطلق ليجابه الحياة انطلاقاً من ضعفه، الذي حوله في لحظات انكسار إلى قوة عكسية. وفي كلتا الحالتين يبقى الإنسان تحت الاختبار أمام الله.

لقد قدر الله على بعضنا أن يرزق بأبناء غير أسوياء جسدياً أو عقلياً لحكمة من عنده هو أعلم بها منا ، البعض يتقبل الأمر بعد تحدي الذات والبعض يرفض ذلك فيعيش في عذاب طويل مع نفسه ومع طفله المغلوب على أمره.

لا أعرف مدى صعوبة هذا الموضوع على هؤلاء ولكني أدرك أنه شعور قاسٍ وصعب ويتطّلب شجاعة لتقبل الأمر ومعايشته ، فليس سهلاً أن تتحمل الحقيقة المرة ومسؤولية ما تحمله معها.

لقد عرفت شخصياً عائلات تقبلت الأمر من منطلق إيمانها بالله وتعاملت بكل واقعية وعقلانية و الأهم بكل إنسانية واستطاعت أن تقدم مثالاً رائعاً للأسرة الحقيقية لأنها احتضنت ابنها (من ذوي الاحتياجات الخاصة) بحب وحنان وأهلته ليعيش حياة طبيعية بكل ما يملك من قدرات بسيطة ، هذه الأسر تستحق نياشين التقدير والاحترام فما فعلته بتحديها لكل الصعوبات النفسية والاجتماعية قوة لا يملكها كثير من البشر ولو اعتقدوا أنهم أقوياء ، فهذا تحدٍ صعب يصفع الأحلام الوردية لتستيقظ من غفلتها لتواجه الذات البشرية الضعيفة.

طبعاً هناك أمثلة عديدة لهذه الأسر في مجتمعنا التي أخرجت للمجتمع نماذج يتشرف بها الوطن وقد أخذ البعض منهم مكانه في قطاعات الدولة وأصبح عضواً فعّالاً يستحق الاحترام والاهتمام.

ولكن وعلى النقيض تماماً هناك أسر هزمها الضعف والجهل وربما الحزن والألم والأنانية فانطوت على نفسها خجلى وآثرت أن تخبئ مصابها خشية الناس اعتقادا منها أنهم سيسخرون أو سيشفقون عليها أو سيحذرونهم في أمور الزواج وغيره بينما هو العكس أن هذا التصرف هو دليل قوي على الضعف والجبن وقلة الوعي ، هناك أسر فتحت السجون الصغيرة لترمي خلفها أبرياء لا حول لهم ولا قوة وهناك الأسوأ من يعاملهم بقسوة ويسيء إلى إنسانيتهم ويحرمهم حق العيش بما يملكونه من القليل ، إن هذه الأنانية ليست إلا من الجهل والتخلف التي تعيش فيها بعض العقول. ولكن من يحاسب هؤلاء ومن يستطيع أن يجبرهم على أن يخرجوا أبناءهم من ذوي الاحتياجات الخاصة من خلف الأسوار؟ ومن يعلم بأحزانهم وهمومهم الصغيرة ؟ لا أحد.

آخر الجرعة..

إن مسؤولية هؤلاء لا تقع فقط على الأسر التي تحتضنهم بل على المجتمع أيضاً الذي يحيط بهم الذي يرى ويسمع عن هذه الحالات فلا يبالي ويعتبر أن ذلك ليس من شأنه ، لم لا نحاول أن نسهم في توعيتهم وفي إخراجهم للحياة بكل الطرق التي نستطيعها ، فلو كل شخص منا عرف مثل هذه النوعيات من البشر وحاول ولو لمجرد المحاولة أن يفعل شيئاً لربما أنقذ روحاً بريئة من العيش في قبور التخلف والألم. إن هؤلاء ليسوا مسؤولية ذويهم و لا الدولة فقط بل مسؤوليتنا جميعاً وأخشى أن يسألنا الله عنهم ذات يوم.

http://www.al-watan.com/data/2009030...?val=local12_3 (http://www.al-watan.com/data/20090309/innercontent.asp?val=local12_3)