المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التدريس المصغر - عثمان آيت مهدي


الصحفي الطائر
02-08-2009, 05:18 PM
التدريس المصغر


عثمان آيت مهدي

مازالت أبواب البحث التربوي عن أنجع السبل لتكوين معلم الغد مفتوحة على مصراعيها، ومازالت الإجراءات التعليمية الكفيلة بتقديم تكوين ناجع ومفيد للطالب المعلم تظهر من حين لآخر.
في كثير من الدول، يتساءل التربويون عن نجاعة نظام تكوين المعلمين وعن الإصلاحات التي يجب مباشرتها. هل تبدأ هذه الإصلاحات من ضرورة إعادة تحديد دور المعلم أو من العلاقة بين التكوين النظري والتكوين التطبيقي لمعلم الغد؟ ومن الأسئلة الهامة المطروحة كذلك على الساحة التربوية:

·كيفية تحديد الكفاءات التي تعمل على تكوين معلم الغد.
·كيفية تحديد أهداف التطور والإبداع بالنسبة لمعلمي ذوي الخبرة الكبيرة.
·كيفية تحويل الخبرات المكتسبة في إطار خاص (المخبر ، العمل المشترك..) إلى خبرات ميدانية حقيقية داخل الأقسام التعليمية ..

للإجابة عن هذه الأسئلة حاول كل من ألانAllen Dwight وريان Ryan Kevin تقديم نموذج للتكوين يتمثل في التدريس المصغر micro-enseignement :
التدريس المصغر هو إجراء تعليمي في وسط محدود. يستعمل في تكوين المعلمين والقيام ببعض التجارب البيداغوجية. يحدد وقت الحصة التعليمية ما بين 5 و10 دقائق، وعدد التلاميذ بخمس، واقتصار الطالب المعلم على توظيف تقنية واحدة من تقنيات التدريس.
تسجل النتائج على جهاز فيديو، ثم يقوم الطالب المعلم بمراجعته وتحليله ومناقشته مع المكوّن. بعدها ينقح هذا الدرس المصغر La micro- leçon ويعاد ثانية لتجاوز الأخطاء المرتكبة، وهكذا.
شرطان أساسيان لنجاح هذا النظام من التعليم، هما: رغبة الطالب المعلم في تنمية خبراته وتصحيحها نحو الأفضل، وتحديد النموذج الأنسب والأمثل للتقليد والاقتداء.
يكون الطالب المعلم ـ ضمن مجموعة من الطلبة المعلمين ـ تلميذا ، أو معلما أو مشرفا، لأن الهدف الأول للتدريس المصغر هو السماح لهذا الطالب باختبار قدراته البيداغوجية. والهدف الثاني هو ملاحظة واختبار طلبة آخرين في هذا الإطار، وبالتالي يكوّن الطالب المعلم نظرة تقدير لإمكاناته وتقييم لإمكانات الآخرين، فتتولد عنده الثقة بالنفس والرغبة في التطور والإبداع.
على الرغم من أنّ عشر دقائق من الوقت غير كافية لتدريس موضوع ما. وتدريس الزملاء من المعلمين ـ رغم علمنا بمعارفهم السابقة ـ ليس بالأمر الهين. والوقوف أمام الكاميرا قد يؤثر على آدائنا.. إلا أنّ التدريس المصغر يعتبر وسيلة للطالب للمحاولة والتحليل والمناقشة ومجابهة الصعاب التي تعترض المعلم في مساره التعليمي. يعمل الفريق كحلقة واحدة مترابطة. إذا قام أحدهم بأداء دور المعلم يقوم الآخرون باستخدام جهاز الفيديو وأداء دور الملاحظين وكذا التلاميذ. ويركز المتدخلون في فترات النقد والمناقشة على المهارات التي وظفها المعلم الطالب وكانت مميزة لسلوكه أثناء التدريس. لذا على الطالب المعلم أن يقدر المهمة ويعمل وفق هذه الخطوات:

أولا: التخطيط والأداء: ويعتبران من أهم العناصر الحيوية لعملية التدريس، يكون التخطيط من خلال تسطير أهداف بيداغوجية (طويلة الأمد) أو أهداف تعليمية ( قصيرة الأمد) يعمل المعلم على تحقيقها.
هذا المخطط يوضح عملية التخطيط والعناصر المكونة له:

1.الأهداف البيداغوجية: مهارات، قيم، مفاهيم...


2.الأهداف التعليمية:

3.الأسلوب وطريقة التدريس.
التفكير المنطقي ـ الإنصات ـ التعبير..
العمل الجماعي ـ التفاني والإخلاص ـ المواطنة.. العقلانية ـ العلمانية ـ الالتزام..
التعرف على أقسام الجملة ـ مساحة المربع ـ التمييز بين الاستعارة والكناية..
إلقائية ـ حوارية...


أما الأداء فيتم بتحليل وتحويل المادة المدرسة إلى مهارات يتحكم فيها الطالب. نكتشف هذه المهارات من خلال إجابات الطالب الشفوية أو الكتابية التي تنم عن استيعاب جيد للدرس.

ثانيا: الملاحظة: وتعتمد على المشاهدة لتوضيح الرؤية في التدريس، وتقوم على سلسلة متصلة تتدرج من البداية النسبية للملاحظة غير المخططة وغير المنظمة إلى النهاية العالية للملاحظة المخططة والمنظمة.
يجلس الملاحظ (المشرف) في نهاية حجرة الدراسة، ويقوم بتسجيل ملاحظاته. هذا التسجيل عادة ما يستخدم في تحليل السمات اللغوية للتدريس، وسلوك المعلم وحركاته..

ثالثا: المتابعة: يجب على المعلم بعد كل درس مصغر أن يسجل آراءه وانطباعاته عن أدائه، وعن مدى استجابة وتتبع التلاميذ لدرسه، وكذلك تقييم الأهداف المحققة.
كل خلل في تعلم التلميذ، أو فشل في تحقيق الأهداف يكون سببه المعلم. ولا يمكن للطالب أن يتحمل فشلا لم يكن سببا أو طرفا في تحديد الأهداف واختيار طريقة التدريس..

رابعا: حيوية المعلم: تعتبر حيوية المعلم داخل القسم هامة وضرورية، فالتلميحات والإيحاءات غير اللفظية أو الشكلية من أهم مقومات هذه الحيوية. إن التلميحات والإيحاءات لغة تحمل معان معينة، يفهمها المتلقي من خلال سلوك مذموم، أو ممدوح قام به داخل القسم. إن تقطيب الحاجبين أو رفعهما، رفع الصوت أو خفضه، السكوت للحظة، الإقبال على التلميذ بسرعة أو ببطء كلها إيماءات تعني شيئا ما للتلميذ.

إنّ التدريس المصغر الذي يجد رواجا كبيرا في موطنه الأول كندا، وكثيرا من الدول المتقدمة، لإمكاناتها الكبيرة وتطورها في مجال التربية والتعليم، قد يمتد إلى أوطاننا التي تعاني الأمرين، التخلف والجهل وقلة الإمكانيات التربوية المتاحة للمعلم.



الأستاذ: عثمان آيت مهدي


السبت: 07/02/2009



المراجع:

1.جورج براون. التدريس المصغر. ترجمة محمد رضا البغدادي. دار الفكر العربي. 1998
2.Marie Cécile Wagner. Pratique du micro-enseignement. De Boeck université 1988.