أم صالح
05-06-2008, 08:41 PM
تحقيق - نوال الراشد، فاطمة الغامدي:
؟التوحديون أطفال تظهر عليهم إعاقتهم الإنمائية خلال الثلاث السنوات الأولى من أعمارهم، حيث تسبب هذه الإعاقة اضطراباً في النمو العصبي يؤثر ذلك على التطور في التواصل مع المهارات الاجتماعية والتخيل وحتى الآن لا تزال أسباب الإعاقة غير معروفة، ولكن ترجح الأبحاث الطبية بأن للعوامل الجينية دورا في التأثير على بعض القدرات في المخ قبل أو خلال أو بعد الولادة، ويوجد في المملكة (115) ألف طفل توحدي حسب آخر إحصائية صادرة من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية ولا يزال الكثير منهم يعانون من ضعف أو انعدام برامج العلاج والتعليم والأنشطة الخاصة. بالرغم من قيام عدد من المراكز الأهلية لرعاية وتأهيل المعاقين في مدينة الرياض مثل مركز والدة الأمير فيصل بن فهد للتوحد والجمعية السعودية الخيرية للتوحد وغيرها وبالرغم من هذه الخدمات التي تقدمها هذه المراكز إلا أنها بالتأكيد لن تستوعب المزيد من أعداد هؤلاء الأطفال ولا تزال الحاجة ملحة إلى تضافر الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة إلى العمل لخدمة هؤلاء الأطفال. "الرياض" التقت بعدد من الأمهات العضوات في الجمعية السعودية الخيرية للتوحد للتعرف على أهم المشكلات الأسرية والطبية والتعليمية التي يعاني منها أطفالهم.
الجهل بحقيقة المرض
أم ريناد، ريناد البالغ عمرها خمس سنوات لاحظت عليها والدتها رفضها للرضاعة الطبيعية أو لمس والدتها لها منذ شهرها الرابع، هكذا بدأت أم ريناد الحديث ثم أكملت قائلة :صعوبة الكلام زاد شكوكي حول حالة ابنتي الصحية ولم تمض شهور حتى سافرنا خارج المملكة بغرض الدراسة واعتبرتها فرصة لإجراء الفحوصات الشاملة على ريناد وكانت النتيجة أنها طفلة توحدية، وكانت الصدمة بالنسبة لي للأسرة بأكملها فلا اعرف عن التوحديين إلا القليل جدا، ولكن تشجيع الأطباء لي وتوجيهي إلى البرامج اللازمة لابنتي ساعدني كثيرا في تحسنها، وأشارت إلى أن الخطوة الأولى التي قمت بها هي دخولها في مراكز التدخل المبكر وبالفعل تمكنت ريناد من التواصل مع الآخرين وخاصة أفراد الأسرة.
وأكدت أم ريناد أن المشكلة التي أسعى إلى تجاوزها بالتدريب أو التوجيه الحازم هي الاعتماد على النفس فلا تستطيع أن تأكل بمفردها أو تنام إلا بحضوري وغالبا تنام بجانبي فنومها قليل ومتقطع وهذا يجعلني أحاول بقدر الإمكان أن أهيئ لها الجو المناسب حتى تستغرق في النوم، والشق الآخر من مشكلتي هي نظرة المجتمع لابنتي فالأطفال يرقبون تصرفاتها باستغراب والكبار يبتعدون عنها وكأنها قادمة من كوكب آخر رغم أن شكلها الخارجي كالاطفال الآخرين.
معاناة صعبة
أما أم عبدا لله فمعاناتها تعجز الكلمات عن وصفها بدأت قصتها بصوت حزين خافت فعبدالله عمره الآن ستة عشر عاما وهو يعاني من التوحد منذ ولادته تقول والدته : لاحظت على ولدي التأخر في الكلام والمشي وقبل هذا عندما كان عمره شهورا أشبهه بالدمية فهو لا يتفاعل معي عندما ألاعبه ولا يتجاوب مع أخواته، ولا ينظر في وجهي إذا اقتربت منه فلجأت إلى الرقية الشرعية واستمرت لفترة طويلة، ومع هذا لم أهمل الفحوصات الطبية ثم بدأ عبدالله يخطو خطواته الأولى في عمر ثلاث سنوات، وأظهرت نتيجة الفحوصات أن ابني توحدي لم أعرف عن التوحد سوى مسماه بدأت ابحث وأسأل الأطباء عن الطريقة لعلاج ابني ووجهني الأطباء إلى المدارس الفكرية، ولكن رفضوه لأنه يستخدم حفائظ الأطفال وكان عمره وقتها ست سنوات، أما المراكز الخاصة فقبلت به بشرط إحضار له مربية خاصة وبعدها بقي سنة في البيت ثم تم قبوله بمدرسة خاصة وبرسوم باهظة واستمر بها وبدأت تتحسن نوبات الغضب التي كان يعاني منها، فغضبه مستمر وبنوبات من الصراخ ويضرب برأسه بالحائط مرات حتى عند نزول الدم لا يتوقف عن ضرب رأسه. واتبعت أم عبدالله الآن أنهي ولدي دراسته في المركز الخاص وبقي في البيت مما أسهم إسهاما كبيرا في انتكاسته منذ خمس سنوات وبدأ يلزمني في نومه وأكله وحتى عند دخوله الحمام يطالبني بانتظاره وإن لم أقم بتلبية طلباته يثور ويغضب ويبدأ بالصراخ ويضربني أو يدفعني.
ثم أضافت أنه عندما كان في الثانية عشر من عمره انتكس انتكاسة قوية وراجعت عيادة نفسية فوصف له الطبيب نوعا من أدوية الاكتئاب والحمد لله على الأقل استطاع النوم في الليل لساعات قليلة وهدأت حدة الغضب التي ما تلبث أن تعود له من فترة إلى أخرى.
لا توجد مراكز متخصصة
ربما أن نموذج المراهقة للتوحديين الفترة الأصعب والأكثر إيلاما للأسرة وللتوحدي وهذه حالة أخرى وتضيف أم احمد: عندما علمت إن ابني مصاب بالتوحد كان عمره سنة ونصف السنة، وهذا قبل ثمانية عشر عاما وقتها لم اعرف المرض ولم اسمع عنه فالتشخيص تم خارج المملكة وكان بدايات انتشاره في الخارج وتم تشخيصه بالسعودية على انه حالة نفسية، وبعد اكتشاف المرض بدأت برحلة للتثقيف عن هذا المرض أسبابه وطرق علاجه الطبية والسلوكية وكانت صدمتي انه لا يوجد علاج دوائي يمكن الاستفادة منه فتوجهت إلى مراكز التربية الخاصة والتدريبات السلوكية والتعليمية التي تكلفنا الآلاف وأنا كذلك أطيل التدريب عليها البرامج الخاصة بالتوحديين حتى أتمكن من توصيلها بالطريقة الصحيحة وعكفت على تعليمه وتدريبه في المراكز المتخصصة بالإضافة إلى الأدوية المساندة، تناولها وعمره 9سنوات وبعد أن وصل إلى سن المراهقة انتهى دور المراكز الفكرية فهي لا تضم برامج تعليمية لما فوق 16عاما ولا يوجد برامج أو مراكز تدريبية تقدم برامج مناسبة لسنة. وقالت أم احمد بقيت سنة ونصف وأنا في برامج مكثفة للمهارات الاستقلالية والاعتماد على النفس من أكل وشرب وارتداد دورات المياه والحمد لله تمكن منها بعد ما يقارب سنتين من التدريب.
أما عن معاناتها مع احمد قالت : احتاج إلى برامج أو مراكز تقدم البرامج المناسبة لعمر ابني فانا لوحدي لا استطيع أن أقوم بكل الأدوار معه وبسبب بقائه في البيت أصبح مزاجيا وكثير الغضب لأنه يعاني من الفراغ وضعف التواصل مع الآخرين فمهارات التواصل عند التوحدي ضعيفة جدا، والصبر هو الذي أنادي به للأمهات به فنحن الأسر والأم بالأخص نحتاج إلى صبر طويل وتثقيف حتى نتمكن من مساعدة أبنائنا على التحسن. والمشكلة الكبرى عند خروج الطفل التوحدي للمجتمع الخارجي فالمجتمع يرفضهم لخوفهم من الآخرين وكذلك قيامهم بحركات غير إرادية وبشكل روتيني.
أم احمد العازمي عمر احمد تسع سنوات اكتشفت اصابته بالمرض وعمره 3سنوات بعد الفحوصات الشاملة والتي أسرعت إلى عملها بعد ظهور تصرفات غريبة على ابني من الصراخ ورفضه للخروج واللعب الذي يقوم به الكثير من الأطفال يرفضه وبشدة ويتبع هذه التصرفات أنه يرمي نفسه بشدة وكان اكبر الأمور المستغربة لدي انه لا يطلب الأكل ولا الشرب ولا اعرف انه يريد الطعام إلا وقت البكاء ثم أبدأ أناوله أعطيه طعاما أو شربا أو افحصه لا اعرف سبب غضبة وقد استطيع تهدئته في وقت قصير وقد لا استطيع إلا بمرور ساعات وهذا يحدث يوميا.
وتقول أم أحمد وبدأت مع ولدي رحلة من التعليم المستمر والنشاطات المكثفة وسجلته في مركز سوالدة الأمير فيصل بن فهد سوبدورهم وجهوني إلى اخصائيين نفسيين لتعليمي طرق التعامل معه وترددت على ورش العمل حتى أتمكن من كسب المهارات اللازمة للتعامل مع ولدي. وأضافت أم احمد الأعباء النفسية كبيرة على وعلى الأسرة بأكملها والعبء المادي اعتبره الهاجس الأكبر، فالحمد لله على ما كتب لنا، ولكن نحتاج إلى دعم يجعل لنا أملا في المساهمة في تحسين أوضاع أبنائنا التوحديين. وأشارت إلى المشكلة الأكبر والتي تعاني منها كل أسر التوحديين وهي التواصل مع الآخرين.
فصعوبة التواصل مع الآخرين تنبع في عدم تفهم وضعهم ومن ناحية أخرى عدم القدرة على الكلام فاقتنيت فيلمس تحت البيانو سوهي قصة لطفل توحدي سيطر على إعاقته بمساعدة من حوله هذا الفيلم أسهم في تغير توجهات أبنائي نحو أخيهم التوحدي وبدأوا بالانخراط معه بالألعاب ويتناوبون على تدريبه على النشاطات اليومية والتي يقوم بها لمدة ساعات هذا بالإضافة إلى المركز المسجل به صباحا. ثم قالت أم احمد الحمد لله تمكنت من تطوير سريع وجيد لأحمد فاخرج الآن يوميا لمدة ساعة مع احمد للحدائق العامة أو السوبر ماركت لا أعمق مهارات التواصل لديه. وأضافت أم احمد ابني يكبر ولا أريد أن يبقى في البيت فتصبح اصابته بالنكسة بنسبة كبيرة لذا أنادي وزارة التربية والتعليم والشؤون الاجتماعية والجهات المهتمة بالمعاقين بان يقيموا مركزا يكمل ما بدأناه من تعليم وتدريب حتى بعد وصولهم لسن النضج وان تتم الرقابة على العاملين فيها في فترات متفاوتة، فالتوحديون غير مدركين للأخطاء ولا يستطيعون أن يعبروا عن ما حولهم.
اكتشفت المرض صدفة
أحمد طفل توحدي معاناته لا تقل عن معاناة سابقيه من الأسر تقول عرفت بمرض ابني عندما كنت أعالجه من أزمة صدرية لفتت نظري الدكتورة إلى أن ابني يعاني من أعراض غريبة وتأخر في النطق وبعد الاجرءات اكتشفت انه توحدي ثم بدأت أراجع في العيادات السلوكية وعيادات التخاطب وتم الحاقه بمركز للرعاية النهارية وأضافت الحمد لله الآن يعتمد على نفسه بنسبة كبيرة، إلا أن حالات العنف تزيد كلما كبر فهو يضرب الآخرين حتى لو لم يعرفهم وحالات العنف هذه لا تقتصر بالغضب فقط بل هي عادة طوال اليوم.
ضرورة التواصل
الدكتورة لطيفة عبدالله اللهيب أستاذ مشارك بكلية الخدمة الاجتماعية للبنات ذكرت بأنها قامت ببحث علمي حول المشكلات الخاصة بأطفال التوحد ودور خدمة الفرد في مواجهتها من منظور سلوكي والتوصل إلى تصور مقترح لجهود خدمة الفرد في مواجهة المشكلات التي تواجه أطفال التوحد وقالت بان مشكلاتهم تتحدد بعدة نقاط منها النوم التغذية الخوف مقاومة التغير بالإضافة إلى مشكلات السلوك والحركات والتقطيبات الغريبة والسلوك التخريبي والعدواني والصراخ ونوبات الغضب وتذكر إلى أن مفهوم المشكلات الخاصة التي تواجه أطفال التوحد هو عجز قدراتهم عن مواجهتها بفعالية مناسبة بحيث يكونون غير قادرين على التكيف السليم سواء كانت متعلقة بالنوم أو بالتغذية أو الخوف، وقالت اتخذت في بحثي عن هذه الفئة من الأطفال والتي شملت 28طفلا انه تم اكتشاف التوحد لديهم في سن 32سنوات كما ان نسبة إصابة الذكور أعلى منه في الإناث وتؤكد د. لطيفة بأن مشكلات الحركات تعتبر من المشكلات الكبرى التي تواجه الأطفال.
والمشكلات النفسية التي تواجه الطفل التوحدي عندما يشعر بالحزن هي إيذاء الذات فهو لا يتردد في ضرب رأسه بيديه أو في الحائط، ومن أهم المقترحات التي تساعد على علاج أطفال التوحد هو إيجاد مدارس ذات مستوى عال خاصة بهم وضرورة التواصل مع مراكز التوحد بالعالم المتقدم والقيام بنشر المحاضرات والندوات عنهم، كما أن التصور المقترح لدور الفرد يعتمد على التدخل المهني على العلاقة بين الطفل التوحدي وأخصائي الخدمة والممارس والتي تقوم على التفاهم والثقة والاحترام، والاعتماد على استراتيجيات التي تساعد الطفل التوحدي على تعلمه السلوك المرغوب فيه والتخلص من السلوك غير المرغوب من خلال أساليب التعلم واختيار النماذج التي تتناسب مع طبيعة المرحلة العمرية ومواقف التدخل المهني، كما أنه من الضرورة التعاون والتنسيق بين الأم والأخصائي الاجتماعي لتحقيق التكامل في الخدمات المقدمة للطفل ومساعدة الأم داخل الأسرة على الاستفادة من الخدمات ومعاونتها على كيفية تفهم الطفل وحاجاته وأساليب مواجهة وإشباع هذه الحاجات.
http://www.alriyadh.com/2007/11/12/article293527.html
http://www.mrkzy.com/uploads/e672d18c50.gif
؟التوحديون أطفال تظهر عليهم إعاقتهم الإنمائية خلال الثلاث السنوات الأولى من أعمارهم، حيث تسبب هذه الإعاقة اضطراباً في النمو العصبي يؤثر ذلك على التطور في التواصل مع المهارات الاجتماعية والتخيل وحتى الآن لا تزال أسباب الإعاقة غير معروفة، ولكن ترجح الأبحاث الطبية بأن للعوامل الجينية دورا في التأثير على بعض القدرات في المخ قبل أو خلال أو بعد الولادة، ويوجد في المملكة (115) ألف طفل توحدي حسب آخر إحصائية صادرة من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية ولا يزال الكثير منهم يعانون من ضعف أو انعدام برامج العلاج والتعليم والأنشطة الخاصة. بالرغم من قيام عدد من المراكز الأهلية لرعاية وتأهيل المعاقين في مدينة الرياض مثل مركز والدة الأمير فيصل بن فهد للتوحد والجمعية السعودية الخيرية للتوحد وغيرها وبالرغم من هذه الخدمات التي تقدمها هذه المراكز إلا أنها بالتأكيد لن تستوعب المزيد من أعداد هؤلاء الأطفال ولا تزال الحاجة ملحة إلى تضافر الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة إلى العمل لخدمة هؤلاء الأطفال. "الرياض" التقت بعدد من الأمهات العضوات في الجمعية السعودية الخيرية للتوحد للتعرف على أهم المشكلات الأسرية والطبية والتعليمية التي يعاني منها أطفالهم.
الجهل بحقيقة المرض
أم ريناد، ريناد البالغ عمرها خمس سنوات لاحظت عليها والدتها رفضها للرضاعة الطبيعية أو لمس والدتها لها منذ شهرها الرابع، هكذا بدأت أم ريناد الحديث ثم أكملت قائلة :صعوبة الكلام زاد شكوكي حول حالة ابنتي الصحية ولم تمض شهور حتى سافرنا خارج المملكة بغرض الدراسة واعتبرتها فرصة لإجراء الفحوصات الشاملة على ريناد وكانت النتيجة أنها طفلة توحدية، وكانت الصدمة بالنسبة لي للأسرة بأكملها فلا اعرف عن التوحديين إلا القليل جدا، ولكن تشجيع الأطباء لي وتوجيهي إلى البرامج اللازمة لابنتي ساعدني كثيرا في تحسنها، وأشارت إلى أن الخطوة الأولى التي قمت بها هي دخولها في مراكز التدخل المبكر وبالفعل تمكنت ريناد من التواصل مع الآخرين وخاصة أفراد الأسرة.
وأكدت أم ريناد أن المشكلة التي أسعى إلى تجاوزها بالتدريب أو التوجيه الحازم هي الاعتماد على النفس فلا تستطيع أن تأكل بمفردها أو تنام إلا بحضوري وغالبا تنام بجانبي فنومها قليل ومتقطع وهذا يجعلني أحاول بقدر الإمكان أن أهيئ لها الجو المناسب حتى تستغرق في النوم، والشق الآخر من مشكلتي هي نظرة المجتمع لابنتي فالأطفال يرقبون تصرفاتها باستغراب والكبار يبتعدون عنها وكأنها قادمة من كوكب آخر رغم أن شكلها الخارجي كالاطفال الآخرين.
معاناة صعبة
أما أم عبدا لله فمعاناتها تعجز الكلمات عن وصفها بدأت قصتها بصوت حزين خافت فعبدالله عمره الآن ستة عشر عاما وهو يعاني من التوحد منذ ولادته تقول والدته : لاحظت على ولدي التأخر في الكلام والمشي وقبل هذا عندما كان عمره شهورا أشبهه بالدمية فهو لا يتفاعل معي عندما ألاعبه ولا يتجاوب مع أخواته، ولا ينظر في وجهي إذا اقتربت منه فلجأت إلى الرقية الشرعية واستمرت لفترة طويلة، ومع هذا لم أهمل الفحوصات الطبية ثم بدأ عبدالله يخطو خطواته الأولى في عمر ثلاث سنوات، وأظهرت نتيجة الفحوصات أن ابني توحدي لم أعرف عن التوحد سوى مسماه بدأت ابحث وأسأل الأطباء عن الطريقة لعلاج ابني ووجهني الأطباء إلى المدارس الفكرية، ولكن رفضوه لأنه يستخدم حفائظ الأطفال وكان عمره وقتها ست سنوات، أما المراكز الخاصة فقبلت به بشرط إحضار له مربية خاصة وبعدها بقي سنة في البيت ثم تم قبوله بمدرسة خاصة وبرسوم باهظة واستمر بها وبدأت تتحسن نوبات الغضب التي كان يعاني منها، فغضبه مستمر وبنوبات من الصراخ ويضرب برأسه بالحائط مرات حتى عند نزول الدم لا يتوقف عن ضرب رأسه. واتبعت أم عبدالله الآن أنهي ولدي دراسته في المركز الخاص وبقي في البيت مما أسهم إسهاما كبيرا في انتكاسته منذ خمس سنوات وبدأ يلزمني في نومه وأكله وحتى عند دخوله الحمام يطالبني بانتظاره وإن لم أقم بتلبية طلباته يثور ويغضب ويبدأ بالصراخ ويضربني أو يدفعني.
ثم أضافت أنه عندما كان في الثانية عشر من عمره انتكس انتكاسة قوية وراجعت عيادة نفسية فوصف له الطبيب نوعا من أدوية الاكتئاب والحمد لله على الأقل استطاع النوم في الليل لساعات قليلة وهدأت حدة الغضب التي ما تلبث أن تعود له من فترة إلى أخرى.
لا توجد مراكز متخصصة
ربما أن نموذج المراهقة للتوحديين الفترة الأصعب والأكثر إيلاما للأسرة وللتوحدي وهذه حالة أخرى وتضيف أم احمد: عندما علمت إن ابني مصاب بالتوحد كان عمره سنة ونصف السنة، وهذا قبل ثمانية عشر عاما وقتها لم اعرف المرض ولم اسمع عنه فالتشخيص تم خارج المملكة وكان بدايات انتشاره في الخارج وتم تشخيصه بالسعودية على انه حالة نفسية، وبعد اكتشاف المرض بدأت برحلة للتثقيف عن هذا المرض أسبابه وطرق علاجه الطبية والسلوكية وكانت صدمتي انه لا يوجد علاج دوائي يمكن الاستفادة منه فتوجهت إلى مراكز التربية الخاصة والتدريبات السلوكية والتعليمية التي تكلفنا الآلاف وأنا كذلك أطيل التدريب عليها البرامج الخاصة بالتوحديين حتى أتمكن من توصيلها بالطريقة الصحيحة وعكفت على تعليمه وتدريبه في المراكز المتخصصة بالإضافة إلى الأدوية المساندة، تناولها وعمره 9سنوات وبعد أن وصل إلى سن المراهقة انتهى دور المراكز الفكرية فهي لا تضم برامج تعليمية لما فوق 16عاما ولا يوجد برامج أو مراكز تدريبية تقدم برامج مناسبة لسنة. وقالت أم احمد بقيت سنة ونصف وأنا في برامج مكثفة للمهارات الاستقلالية والاعتماد على النفس من أكل وشرب وارتداد دورات المياه والحمد لله تمكن منها بعد ما يقارب سنتين من التدريب.
أما عن معاناتها مع احمد قالت : احتاج إلى برامج أو مراكز تقدم البرامج المناسبة لعمر ابني فانا لوحدي لا استطيع أن أقوم بكل الأدوار معه وبسبب بقائه في البيت أصبح مزاجيا وكثير الغضب لأنه يعاني من الفراغ وضعف التواصل مع الآخرين فمهارات التواصل عند التوحدي ضعيفة جدا، والصبر هو الذي أنادي به للأمهات به فنحن الأسر والأم بالأخص نحتاج إلى صبر طويل وتثقيف حتى نتمكن من مساعدة أبنائنا على التحسن. والمشكلة الكبرى عند خروج الطفل التوحدي للمجتمع الخارجي فالمجتمع يرفضهم لخوفهم من الآخرين وكذلك قيامهم بحركات غير إرادية وبشكل روتيني.
أم احمد العازمي عمر احمد تسع سنوات اكتشفت اصابته بالمرض وعمره 3سنوات بعد الفحوصات الشاملة والتي أسرعت إلى عملها بعد ظهور تصرفات غريبة على ابني من الصراخ ورفضه للخروج واللعب الذي يقوم به الكثير من الأطفال يرفضه وبشدة ويتبع هذه التصرفات أنه يرمي نفسه بشدة وكان اكبر الأمور المستغربة لدي انه لا يطلب الأكل ولا الشرب ولا اعرف انه يريد الطعام إلا وقت البكاء ثم أبدأ أناوله أعطيه طعاما أو شربا أو افحصه لا اعرف سبب غضبة وقد استطيع تهدئته في وقت قصير وقد لا استطيع إلا بمرور ساعات وهذا يحدث يوميا.
وتقول أم أحمد وبدأت مع ولدي رحلة من التعليم المستمر والنشاطات المكثفة وسجلته في مركز سوالدة الأمير فيصل بن فهد سوبدورهم وجهوني إلى اخصائيين نفسيين لتعليمي طرق التعامل معه وترددت على ورش العمل حتى أتمكن من كسب المهارات اللازمة للتعامل مع ولدي. وأضافت أم احمد الأعباء النفسية كبيرة على وعلى الأسرة بأكملها والعبء المادي اعتبره الهاجس الأكبر، فالحمد لله على ما كتب لنا، ولكن نحتاج إلى دعم يجعل لنا أملا في المساهمة في تحسين أوضاع أبنائنا التوحديين. وأشارت إلى المشكلة الأكبر والتي تعاني منها كل أسر التوحديين وهي التواصل مع الآخرين.
فصعوبة التواصل مع الآخرين تنبع في عدم تفهم وضعهم ومن ناحية أخرى عدم القدرة على الكلام فاقتنيت فيلمس تحت البيانو سوهي قصة لطفل توحدي سيطر على إعاقته بمساعدة من حوله هذا الفيلم أسهم في تغير توجهات أبنائي نحو أخيهم التوحدي وبدأوا بالانخراط معه بالألعاب ويتناوبون على تدريبه على النشاطات اليومية والتي يقوم بها لمدة ساعات هذا بالإضافة إلى المركز المسجل به صباحا. ثم قالت أم احمد الحمد لله تمكنت من تطوير سريع وجيد لأحمد فاخرج الآن يوميا لمدة ساعة مع احمد للحدائق العامة أو السوبر ماركت لا أعمق مهارات التواصل لديه. وأضافت أم احمد ابني يكبر ولا أريد أن يبقى في البيت فتصبح اصابته بالنكسة بنسبة كبيرة لذا أنادي وزارة التربية والتعليم والشؤون الاجتماعية والجهات المهتمة بالمعاقين بان يقيموا مركزا يكمل ما بدأناه من تعليم وتدريب حتى بعد وصولهم لسن النضج وان تتم الرقابة على العاملين فيها في فترات متفاوتة، فالتوحديون غير مدركين للأخطاء ولا يستطيعون أن يعبروا عن ما حولهم.
اكتشفت المرض صدفة
أحمد طفل توحدي معاناته لا تقل عن معاناة سابقيه من الأسر تقول عرفت بمرض ابني عندما كنت أعالجه من أزمة صدرية لفتت نظري الدكتورة إلى أن ابني يعاني من أعراض غريبة وتأخر في النطق وبعد الاجرءات اكتشفت انه توحدي ثم بدأت أراجع في العيادات السلوكية وعيادات التخاطب وتم الحاقه بمركز للرعاية النهارية وأضافت الحمد لله الآن يعتمد على نفسه بنسبة كبيرة، إلا أن حالات العنف تزيد كلما كبر فهو يضرب الآخرين حتى لو لم يعرفهم وحالات العنف هذه لا تقتصر بالغضب فقط بل هي عادة طوال اليوم.
ضرورة التواصل
الدكتورة لطيفة عبدالله اللهيب أستاذ مشارك بكلية الخدمة الاجتماعية للبنات ذكرت بأنها قامت ببحث علمي حول المشكلات الخاصة بأطفال التوحد ودور خدمة الفرد في مواجهتها من منظور سلوكي والتوصل إلى تصور مقترح لجهود خدمة الفرد في مواجهة المشكلات التي تواجه أطفال التوحد وقالت بان مشكلاتهم تتحدد بعدة نقاط منها النوم التغذية الخوف مقاومة التغير بالإضافة إلى مشكلات السلوك والحركات والتقطيبات الغريبة والسلوك التخريبي والعدواني والصراخ ونوبات الغضب وتذكر إلى أن مفهوم المشكلات الخاصة التي تواجه أطفال التوحد هو عجز قدراتهم عن مواجهتها بفعالية مناسبة بحيث يكونون غير قادرين على التكيف السليم سواء كانت متعلقة بالنوم أو بالتغذية أو الخوف، وقالت اتخذت في بحثي عن هذه الفئة من الأطفال والتي شملت 28طفلا انه تم اكتشاف التوحد لديهم في سن 32سنوات كما ان نسبة إصابة الذكور أعلى منه في الإناث وتؤكد د. لطيفة بأن مشكلات الحركات تعتبر من المشكلات الكبرى التي تواجه الأطفال.
والمشكلات النفسية التي تواجه الطفل التوحدي عندما يشعر بالحزن هي إيذاء الذات فهو لا يتردد في ضرب رأسه بيديه أو في الحائط، ومن أهم المقترحات التي تساعد على علاج أطفال التوحد هو إيجاد مدارس ذات مستوى عال خاصة بهم وضرورة التواصل مع مراكز التوحد بالعالم المتقدم والقيام بنشر المحاضرات والندوات عنهم، كما أن التصور المقترح لدور الفرد يعتمد على التدخل المهني على العلاقة بين الطفل التوحدي وأخصائي الخدمة والممارس والتي تقوم على التفاهم والثقة والاحترام، والاعتماد على استراتيجيات التي تساعد الطفل التوحدي على تعلمه السلوك المرغوب فيه والتخلص من السلوك غير المرغوب من خلال أساليب التعلم واختيار النماذج التي تتناسب مع طبيعة المرحلة العمرية ومواقف التدخل المهني، كما أنه من الضرورة التعاون والتنسيق بين الأم والأخصائي الاجتماعي لتحقيق التكامل في الخدمات المقدمة للطفل ومساعدة الأم داخل الأسرة على الاستفادة من الخدمات ومعاونتها على كيفية تفهم الطفل وحاجاته وأساليب مواجهة وإشباع هذه الحاجات.
http://www.alriyadh.com/2007/11/12/article293527.html
http://www.mrkzy.com/uploads/e672d18c50.gif