البدوية
02-01-2009, 08:48 PM
شيخة عبيد .. فتاة هزمت الصمت بالإرادة
الشارقة ـ فاطمة الزحمي
المصدر - منتدى الخليج
مشاهد من المعاناة تجسدت في حياة فتاة طموحة هزمت الصمت بالإرادة وقهرت العجز بالتعبير عما يجول في داخلها بالرسم، وبدأت رحلة معاناتها منذ كان عمرها لا يتعدى الأربعة أشهر حين أصابها شلل الأطفال.
وتضاربت الأقوال بأن إعاقتها نتيجة خطأ طبي أو إهمال، ونتيجة لقلة الوعي الصحي في السابق لم يتم علاجها بالصورة الصحيحة فبدأ بالتدريج فقدانها لحاسة السمع والنطق بالإضافة لعجزها عن المشي.
شيخة عبيد شابة تبلغ من العمر 24 سنة، تعيش في بيت محافظ وبين أسرة تمدها بالعطف والحنان والاهتمام، فلم يتوان والدها يوما من التنقل بها بين الأطباء داخل وخارج الدولة طلباً للعلاج، فمرت برحلة مريرة من العلاج سواء كان بالوخز بالإبر الصينية إلى الصدمات الكهربائية وأخيراً العمليات المتواصلة التي بلغت الخمس عمليات تقريباً وبالرغم من الألم والأمل لم تكن النتيجة إلا محاولات باءت بالفشل.
حالتها جعلتها تنظر لأقرانها بنظرات حزينة لعدم قدرتها على المشي والكلام وكبرت وكبر الهم معها.. لماذا لا تركض؟ لماذا لا تتكلم؟ لماذا لا تستطيع التعبير عما يجول بخاطرها كغيرها من الأطفال.. لماذا؟
ولعدم وجود مراكز لذوي الاحتياجات الخاصة قريبة من المنطقة بها في الشارقة عاشت في حالة نفسية سيئة فهي تجلس معظم وقتها وحيدة تتأمل من حولها وتحلم بأن تكون فتاة سوية لا يعيقها أي شي عن الحركة والتحدث، لكن الوقت ابتسم أخيرا فالتحقت مؤخرا بمركز لذوي الاحتياجات الخاصة الذي كان عوناً لها للنجاة من غرفتها المظلمة التي تقطنها ليل نهار.
فهي الآن سعيدة لانضمامها إلى المركز لأنها رأت حالات أصعب من حالتها فأصبحت تنظر لنفسها بأنها ليست مختلفة عن الأخريات فهي تستطيع العطاء وأن الإعاقة الجسدية ليست نهاية العالم وأن الطريق أمامها، وأقيم لها معرض تضمن رسوماتها وأشغالها حضره عدد من المعلمات، ونال إعجاب الجميع ، ولكنها تحلم بأن يقام لها معرض أكبر وتفتتحه أمها التي ساندتها كثيراً كي يتعطر بدعواتها وروحها الطيبة.
وتقول أختها فاطمة بأنها تجلس لفترة طويلة وهي حزينة فأسألها ما بك فتجيب بالإشارات بأنها ترغب بمعرفة ما يتحدثون به كي تشاركهم الرأي وترغب في الذهاب حيث تشاء دون الاعتماد على أحد فهي تشعر بالحزن لأنها لم تلتحق بالمدرسة كباقي البنات. وتضيف أجلس معها وأتقرب منها بالحديث لكي أفهم ما يجول بداخلها .
وأوضح لها الأمور التي تحدث في المنزل ولكن لا أستطيع إيصال المعلومات كما هي لاعتمادي على الإشارات في التخاطب معها وأخبرها ان المرء باستطاعته التكيف مع ما يحيط به من بيئة وأمور يكون على اتصال بها ويحاول التأقلم والتكيف عليها ويحاول الارتباط بها إما بذاته أو ذويه أو مجتمعه.
فإذا رأى أو لمس ما يتغير عليه من واقع محيط به تجد منه الغرابة والنفور عنده. تمتلك مهارات مميزة لا بل حسا فنيا عاليا تستحق التقدير والعناية الخاصة بموهبتها الفريدة.
فهي لم تدخل المدرسة في حياتها ولم تتلق أي تعليم وأصبحت تبحث من حين لآخر عن مكان تصقل فيه مواهبها وتنمي مهاراتها الفنية في مكان لا تشعر فيه بأنها غريبة، فهي تقضي أوقاتا طويلة في التأمل ورسم ما يعجبها فهي تفضل رسم الطبيعة والأشياء التي لها صلة بالتراث فحين تتنقل من مكان لآخر يعلق المنظر في مخيلتها فتبدع برسمه بدون الرجوع إليه.
بالإضافة إلى هوايات عديدة منها الأعمال اليدوية وتجارب في الخياطة بالإضافة الى تصميم الأزياء وتعلمت ذلك من تلقاء نفسها فمع المحاولات أصبح موهبتها تكبر وتعبر عنها من خلال رسوماتها حيث تمارس الرسم في وقت الفراغ، فالرسم كان هو لسان حالها الناطق عما يدور في نفسها، فجاءت النتيجة أبلغ تعبير.
واجهت العديد من الصعوبات ومنها عدم قدرتها على التخاطب مع الآخرين والتعبير عن مشاعرها ورغباتها، لها طموحات كثيرة ولا تملك الإمكانيات ولا تستطيع التعبير عنها لعدم قدرتها على السمع والكلام والمشي، تفتقد شيخة عند جلوس الأهل وهم يتحدثون على معرفة ما يدور فتحاول أن تفهم أو تعرف عن ماذا يتحدثون وتحاول أن تشاركهم الرأي، وفي نفس الوقت الأهل يحاولون إيصال الفكرة بالإشارات.
وتشير إحدى أخواتها إلى إن إغفال الإعاقة الجسدية أمر بالغ الخطورة إذ أن هناك بعض الأسر التي تغفل الإعاقة الجسدية والضعف أثناء التعامل مع الحالة يؤثر بشكل سلبي على الحالة النفسية، وتمتلك شيخة القدرة على العطاء فهي تقاوم الإعاقة بالمحاولة والصبر والتقرب من الله بالدعاء.
أوضحت رجيه بكر معلمة تربية فنية والتي تبنت شيخة أنه من خلال البحوثات التي أجرتها في نطاق المجتمع المحلي، انتهى بها المطاف إلى اكتشاف حالة مميزة لا بل موهبة فنية عالية، تستحق التقدير والعناية الخاصة بموهبتها الفريدة من قبل الجهات المختصة.
ومن جهتها كمدرسة تربية فنية اجتهدت لمساعدتها على إثبات نفسها في المجتمع عن طريق الرسم والأعمال اليدوية الأخرى التي تقوم بها بشتى الخامات والوسائل.
وكون شيخة لم تدخل المدرسة رحبت المعلمة بفكرة حضورها للمدرسة من حين لآخر كي تشرف على تنمية موهبتها الفنية.
الشارقة ـ فاطمة الزحمي
المصدر - منتدى الخليج
مشاهد من المعاناة تجسدت في حياة فتاة طموحة هزمت الصمت بالإرادة وقهرت العجز بالتعبير عما يجول في داخلها بالرسم، وبدأت رحلة معاناتها منذ كان عمرها لا يتعدى الأربعة أشهر حين أصابها شلل الأطفال.
وتضاربت الأقوال بأن إعاقتها نتيجة خطأ طبي أو إهمال، ونتيجة لقلة الوعي الصحي في السابق لم يتم علاجها بالصورة الصحيحة فبدأ بالتدريج فقدانها لحاسة السمع والنطق بالإضافة لعجزها عن المشي.
شيخة عبيد شابة تبلغ من العمر 24 سنة، تعيش في بيت محافظ وبين أسرة تمدها بالعطف والحنان والاهتمام، فلم يتوان والدها يوما من التنقل بها بين الأطباء داخل وخارج الدولة طلباً للعلاج، فمرت برحلة مريرة من العلاج سواء كان بالوخز بالإبر الصينية إلى الصدمات الكهربائية وأخيراً العمليات المتواصلة التي بلغت الخمس عمليات تقريباً وبالرغم من الألم والأمل لم تكن النتيجة إلا محاولات باءت بالفشل.
حالتها جعلتها تنظر لأقرانها بنظرات حزينة لعدم قدرتها على المشي والكلام وكبرت وكبر الهم معها.. لماذا لا تركض؟ لماذا لا تتكلم؟ لماذا لا تستطيع التعبير عما يجول بخاطرها كغيرها من الأطفال.. لماذا؟
ولعدم وجود مراكز لذوي الاحتياجات الخاصة قريبة من المنطقة بها في الشارقة عاشت في حالة نفسية سيئة فهي تجلس معظم وقتها وحيدة تتأمل من حولها وتحلم بأن تكون فتاة سوية لا يعيقها أي شي عن الحركة والتحدث، لكن الوقت ابتسم أخيرا فالتحقت مؤخرا بمركز لذوي الاحتياجات الخاصة الذي كان عوناً لها للنجاة من غرفتها المظلمة التي تقطنها ليل نهار.
فهي الآن سعيدة لانضمامها إلى المركز لأنها رأت حالات أصعب من حالتها فأصبحت تنظر لنفسها بأنها ليست مختلفة عن الأخريات فهي تستطيع العطاء وأن الإعاقة الجسدية ليست نهاية العالم وأن الطريق أمامها، وأقيم لها معرض تضمن رسوماتها وأشغالها حضره عدد من المعلمات، ونال إعجاب الجميع ، ولكنها تحلم بأن يقام لها معرض أكبر وتفتتحه أمها التي ساندتها كثيراً كي يتعطر بدعواتها وروحها الطيبة.
وتقول أختها فاطمة بأنها تجلس لفترة طويلة وهي حزينة فأسألها ما بك فتجيب بالإشارات بأنها ترغب بمعرفة ما يتحدثون به كي تشاركهم الرأي وترغب في الذهاب حيث تشاء دون الاعتماد على أحد فهي تشعر بالحزن لأنها لم تلتحق بالمدرسة كباقي البنات. وتضيف أجلس معها وأتقرب منها بالحديث لكي أفهم ما يجول بداخلها .
وأوضح لها الأمور التي تحدث في المنزل ولكن لا أستطيع إيصال المعلومات كما هي لاعتمادي على الإشارات في التخاطب معها وأخبرها ان المرء باستطاعته التكيف مع ما يحيط به من بيئة وأمور يكون على اتصال بها ويحاول التأقلم والتكيف عليها ويحاول الارتباط بها إما بذاته أو ذويه أو مجتمعه.
فإذا رأى أو لمس ما يتغير عليه من واقع محيط به تجد منه الغرابة والنفور عنده. تمتلك مهارات مميزة لا بل حسا فنيا عاليا تستحق التقدير والعناية الخاصة بموهبتها الفريدة.
فهي لم تدخل المدرسة في حياتها ولم تتلق أي تعليم وأصبحت تبحث من حين لآخر عن مكان تصقل فيه مواهبها وتنمي مهاراتها الفنية في مكان لا تشعر فيه بأنها غريبة، فهي تقضي أوقاتا طويلة في التأمل ورسم ما يعجبها فهي تفضل رسم الطبيعة والأشياء التي لها صلة بالتراث فحين تتنقل من مكان لآخر يعلق المنظر في مخيلتها فتبدع برسمه بدون الرجوع إليه.
بالإضافة إلى هوايات عديدة منها الأعمال اليدوية وتجارب في الخياطة بالإضافة الى تصميم الأزياء وتعلمت ذلك من تلقاء نفسها فمع المحاولات أصبح موهبتها تكبر وتعبر عنها من خلال رسوماتها حيث تمارس الرسم في وقت الفراغ، فالرسم كان هو لسان حالها الناطق عما يدور في نفسها، فجاءت النتيجة أبلغ تعبير.
واجهت العديد من الصعوبات ومنها عدم قدرتها على التخاطب مع الآخرين والتعبير عن مشاعرها ورغباتها، لها طموحات كثيرة ولا تملك الإمكانيات ولا تستطيع التعبير عنها لعدم قدرتها على السمع والكلام والمشي، تفتقد شيخة عند جلوس الأهل وهم يتحدثون على معرفة ما يدور فتحاول أن تفهم أو تعرف عن ماذا يتحدثون وتحاول أن تشاركهم الرأي، وفي نفس الوقت الأهل يحاولون إيصال الفكرة بالإشارات.
وتشير إحدى أخواتها إلى إن إغفال الإعاقة الجسدية أمر بالغ الخطورة إذ أن هناك بعض الأسر التي تغفل الإعاقة الجسدية والضعف أثناء التعامل مع الحالة يؤثر بشكل سلبي على الحالة النفسية، وتمتلك شيخة القدرة على العطاء فهي تقاوم الإعاقة بالمحاولة والصبر والتقرب من الله بالدعاء.
أوضحت رجيه بكر معلمة تربية فنية والتي تبنت شيخة أنه من خلال البحوثات التي أجرتها في نطاق المجتمع المحلي، انتهى بها المطاف إلى اكتشاف حالة مميزة لا بل موهبة فنية عالية، تستحق التقدير والعناية الخاصة بموهبتها الفريدة من قبل الجهات المختصة.
ومن جهتها كمدرسة تربية فنية اجتهدت لمساعدتها على إثبات نفسها في المجتمع عن طريق الرسم والأعمال اليدوية الأخرى التي تقوم بها بشتى الخامات والوسائل.
وكون شيخة لم تدخل المدرسة رحبت المعلمة بفكرة حضورها للمدرسة من حين لآخر كي تشرف على تنمية موهبتها الفنية.