فوزيه الخليوي
05-05-2008, 11:37 AM
أخ ... وأخ!
سوزان المشهدي الحياة - 05/05/08//
لا استطيع أن أنسى موقفه، ولا أتمكن في كل مرة أراه فيها وهو يقطع كل هذه المسافات البعيدة أن اعبر عن امتناني وتقديري واحترامي الكبير له، على رغم أنني أحاول مخاطبته بلغته الخاصة والوحيدة التي يجيدها، لأنه ببساطة أصم وأبكم!
يأتي من الجنوب بصحبة أخيه المراهق الذي تورط في تعاطي المخدرات ليطمئن عليه، وفي نصف الجلسة العلاجية يقوم بالاتصال بوالدته عن طريق الجوال وباستخدام تقنيه الجيل الثالث ليطمئن قلبها بأن التحاليل جيدة وان ابنها المراهق يستجيب للإرشادات.
جاء من الجنوب يحمل هم أسرته الكبيرة الذي يتحمله بمفرده على رغم ضعف الراتب الذي لا يتعدى ألفي ريال يصرف ثلثه كل شهر على تذاكر الطائرة والإقامة في جدة حيث المركز العلاجي، لا يتعدى عمره الـ24، ولا تراه إلا مبتسماً على رغم صعوبة الحياة والمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه بعد وفاة والده قبل سنوات عدة، وعلى رغم كل ما سبق أجده في كل مرة على استعداد لبذل المزيد من الجهد، وصرف المزيد من النقود في سبيل مساعدة أخيه الأصغر، يتصرف كأب حان يحتضن أخاه بكل حب، شعر بمعاناة المريض وحفزه هذا الشعور على مساعدته للعلاج لحمايته من عاقبة تعاطي المخدرات، وتجاوب أخوه المدمن معه برغبة صادقة في الهرب من المخدرات، ومن رفاق السوء الذين جروه إلى أحد أوكارها.
يلح علي سؤال أوجهه للمريض بالإدمان: لماذا تريد ان تعالج؟ لم يفكر كثيراً، وأسرع في الإجابة وهو ينظر في خجل بالغ إلى أخيه الأصم الأبكم ويقول: حتى أرد له الدين، واكبر بسرعة لأساعده في مصاريف المنزل وأسعد أمي الأرملة.
يحضرني المشهد السابق دائماً وأنا أتابع حالة مريض آخر يقف أخوه الأكبر عقبة في طريق تعافيه، فكلما تحسن قليلاً رماه ذلك الأخ الأكبر بمشكلة تعيده إلى حالته السابقة فقط من أجل أن يكون الأخ الأكبر وحده الابن الصالح المصلي البار بأهله وبوالديه حتى لو تطلب الأمر أن يؤثر في والدته بعدم زيارته وبالمسارعة إلى رفع دعوى عقوق كاذبة وكيدية ليبقى المريض خلف القضبان بتهمة غير مثبتة إلا بشهادة الأخ الخبيث الذي يرى أن من مصلحته تدمير أخيه بكل الطرق الكيدية غير مشروعة حتى لا يتعافى ويدمر حياته!
لا أدري إلى متى يظل بعض أبنائنا وبناتنا يأكلهم الخوف والقلق من مثل هذه الدعاوى الكيدية على رغم أنها في الغالب وفي معظم الأحوال تنتهي بعقوبتي السجن والجلد اللتين تزيدان من تأزم الأمور وتزيدان من مشاعر الغضب والحنق لدى المدعى عليهم بالباطل مع غياب برامج لعقد حوارات بهدف حل المشكلة من جذورها، إنما دعاوى وعقوبات، وكأن المشكلة لا تُحل إلا بإلقاء الضحايا خلف قضبان السجن أو الجلد!
الأسباب كثيرة ومتشابكة ومعقدة، تتداخل فيها عوامل شتى تحتاج إلى الدراسة، فمثلاً زواج الابن النابغ الراشد العاقل من أنثى لا يريدها الأهل يعد عقوقاً، ما يؤدي إلى التحالف ضده بتشويه سمعته وتهديد زوجته وحرمانه من دخول منزل الأسرة، وطرده من المنزل والاستيلاء على أوراقه الثبوتية، لأنه لم يحصل على موافقة كل فرد من أفراد الأسرة الكريمة على الفتاة التي اختارها شريكة لحياته! اعلم أن قلوب بعض الآباء والأمهات ترغب في تقديم المساعدة، ولكن بخداعهم عن طريق بعض الأبناء الكبار، يترددون، أو يمتنعون عن تقديم المساعدة لأبنهم المظلوم من أخيه الأكبر، كيداً، وبكل خبث!
سوزان المشهدي الحياة - 05/05/08//
لا استطيع أن أنسى موقفه، ولا أتمكن في كل مرة أراه فيها وهو يقطع كل هذه المسافات البعيدة أن اعبر عن امتناني وتقديري واحترامي الكبير له، على رغم أنني أحاول مخاطبته بلغته الخاصة والوحيدة التي يجيدها، لأنه ببساطة أصم وأبكم!
يأتي من الجنوب بصحبة أخيه المراهق الذي تورط في تعاطي المخدرات ليطمئن عليه، وفي نصف الجلسة العلاجية يقوم بالاتصال بوالدته عن طريق الجوال وباستخدام تقنيه الجيل الثالث ليطمئن قلبها بأن التحاليل جيدة وان ابنها المراهق يستجيب للإرشادات.
جاء من الجنوب يحمل هم أسرته الكبيرة الذي يتحمله بمفرده على رغم ضعف الراتب الذي لا يتعدى ألفي ريال يصرف ثلثه كل شهر على تذاكر الطائرة والإقامة في جدة حيث المركز العلاجي، لا يتعدى عمره الـ24، ولا تراه إلا مبتسماً على رغم صعوبة الحياة والمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه بعد وفاة والده قبل سنوات عدة، وعلى رغم كل ما سبق أجده في كل مرة على استعداد لبذل المزيد من الجهد، وصرف المزيد من النقود في سبيل مساعدة أخيه الأصغر، يتصرف كأب حان يحتضن أخاه بكل حب، شعر بمعاناة المريض وحفزه هذا الشعور على مساعدته للعلاج لحمايته من عاقبة تعاطي المخدرات، وتجاوب أخوه المدمن معه برغبة صادقة في الهرب من المخدرات، ومن رفاق السوء الذين جروه إلى أحد أوكارها.
يلح علي سؤال أوجهه للمريض بالإدمان: لماذا تريد ان تعالج؟ لم يفكر كثيراً، وأسرع في الإجابة وهو ينظر في خجل بالغ إلى أخيه الأصم الأبكم ويقول: حتى أرد له الدين، واكبر بسرعة لأساعده في مصاريف المنزل وأسعد أمي الأرملة.
يحضرني المشهد السابق دائماً وأنا أتابع حالة مريض آخر يقف أخوه الأكبر عقبة في طريق تعافيه، فكلما تحسن قليلاً رماه ذلك الأخ الأكبر بمشكلة تعيده إلى حالته السابقة فقط من أجل أن يكون الأخ الأكبر وحده الابن الصالح المصلي البار بأهله وبوالديه حتى لو تطلب الأمر أن يؤثر في والدته بعدم زيارته وبالمسارعة إلى رفع دعوى عقوق كاذبة وكيدية ليبقى المريض خلف القضبان بتهمة غير مثبتة إلا بشهادة الأخ الخبيث الذي يرى أن من مصلحته تدمير أخيه بكل الطرق الكيدية غير مشروعة حتى لا يتعافى ويدمر حياته!
لا أدري إلى متى يظل بعض أبنائنا وبناتنا يأكلهم الخوف والقلق من مثل هذه الدعاوى الكيدية على رغم أنها في الغالب وفي معظم الأحوال تنتهي بعقوبتي السجن والجلد اللتين تزيدان من تأزم الأمور وتزيدان من مشاعر الغضب والحنق لدى المدعى عليهم بالباطل مع غياب برامج لعقد حوارات بهدف حل المشكلة من جذورها، إنما دعاوى وعقوبات، وكأن المشكلة لا تُحل إلا بإلقاء الضحايا خلف قضبان السجن أو الجلد!
الأسباب كثيرة ومتشابكة ومعقدة، تتداخل فيها عوامل شتى تحتاج إلى الدراسة، فمثلاً زواج الابن النابغ الراشد العاقل من أنثى لا يريدها الأهل يعد عقوقاً، ما يؤدي إلى التحالف ضده بتشويه سمعته وتهديد زوجته وحرمانه من دخول منزل الأسرة، وطرده من المنزل والاستيلاء على أوراقه الثبوتية، لأنه لم يحصل على موافقة كل فرد من أفراد الأسرة الكريمة على الفتاة التي اختارها شريكة لحياته! اعلم أن قلوب بعض الآباء والأمهات ترغب في تقديم المساعدة، ولكن بخداعهم عن طريق بعض الأبناء الكبار، يترددون، أو يمتنعون عن تقديم المساعدة لأبنهم المظلوم من أخيه الأكبر، كيداً، وبكل خبث!