الصحفي الطائر
01-26-2014, 01:54 PM
التحرش الجنسي بالأطفال
دكتور محمد مرسى محمد مرسى (http://www.almanalmagazine.com/profile/57)
وان هذا المصطلح بثقله على مسامع مجتمعاتنا العربية والإسلامية ذات الطبيعة المحافظة، يدفعها (المجتمعات) للتعامل معها بإحدى طريقتين، التهويل أو التهوين وفي الحالتين تتعامل الأسرة بجهل تام مع الظاهرة ويفقد الآباء القدرة على تقديم النصح والإرشاد إلى الأبناء، أو حتى التعامل المفترض مع أي حادثة تحرش جنسي قد يتعرض لها أطفالهم.
والتحرش الجنسي بالأطفال شكل من أشكال الإساءة للأطفال والتي تنقسم إلى:
أ
الإساءة الجسمية Physicl Abuse
هي إيقاع أثر مؤلم على الجسد، تحس به الوصلات العصبية عن طريق الشعيرات الدموية المنتشرة في أجزاء الجسم، وتنقله إلى الذهن، ويرتبط به ألم نفسي إلى جانب الألم الحسي المباشر، ولذلك يتضاعف أثره، ويقوى تأثيره وأن إصابة الطفل إصابة شديدة غير عرضية ـ متعمدة ـ قد تنتج عن أي اعتداء من أى نوع يتعرض له الطفل مثل الضرب بالسياط وحشو في فمه لخنق الصوت، ولكم وضرب الوجه. كذلك الدفع بعنف والرجرجة الشديدة، والركل بالرجل، كذلك القرص، والعض، والخنق، وشد الشعر، والحرق بواسطة السجائر، والماء المغلي، أو أشياء أخرى ساخنة.
وتأخذ الإساءة الجسمية أشكالاً متنوعة، ولكنها دوماً تتشابه في نواتجها هذه الأشكال هي:
1
الآثار الظاهرة على الجلد: وتكون على شكل حروق أو كدمات أو آثار تقييد وتسلخات في أجزاء الجسم المختلفة أبرزها في الوجه آثار اللطمات واللكمات..
2
الآثار غير الظاهرة: وأبرزها الكسور، حيث توجد أجزاء غضروفية في عظام الأطفال تسمى بدايات التعظم وهى سهلة الكسر... كما يسهل ملاحظة حالات التمزق، والالتواء، وخلع مفاصل الكتف، والكوع، والرسغ نتيجة تعرض الطفل للجذب بعنف. وهذا النوع من الإساءة عرف قديماً ففي أمريكا مثلاً وجدت حالات مسجلة اتخذت شكل الظاهرة الملفتة للنظر منذ عام 6491 حينما لاحظ أحد أطباء الأشعة الأمريكيين واسمه كافي (Caffey) زيادة أعداد الأطفال الذين يصورهم بالأشعة السينية ويشخصون بأن لديهم كسور متعددة وضربات بالرأس.. وفي عام 2691م أطلق كمب (Kempe) على هذه الحالات اسم (متلازمة الطفل المضروب).
ب
الإساءة النفسية العاطفية Emotional Abuse
هي كل ما يحدث ضرراً على الوظائف السلوكية والوجدانية والذهنية والجسدية للمؤذى مثل: رفض وعدم قبول الفرد، إهانة، تخويف، تهديد، عزلة، استغلال، برود عاطفي، صراخ، سلوكيات غير واضحة. وأشكالها هى على النحو التالي: رفض الطفل وعدم تقبيله أو احتضانه ـ نقص مكافأة الطفل أو حتى التعليقات الإيجابية على ما يصدر منه من سلوك جيد. تهديد الطفل وإخافته، ومقارنته السالبة مع الآخرين والتقليل من شأنه أمامهم، شتم الطفل ووصفه بأنه شيء، ودائماً ما يخطىء، وتسميته ووصفه بأسماء مشينة، لوم الطفل باستمرار ووضعه ككبش فداء في أي مشكلة قد تحدث، وهذا النوع من الإساءة دائماً ما يكون مصاحباً لنوع آخر من سوء معاملة الأطفال مثل الإيذاء الجسمي أو الجنسي.
والإساءة النفسية لا تقتصر على الازدراء والاستهزاء أو السباب فحسب، بل تأخذ أشكالاً أخرى من شأنها قهر الطفل ومهاجمة نموه العاطفي ومن ذلك التفريق في المعاملة بين الطفل وإخوته أو الآخرين ممن يشاركون المكان وكذلك النبذ واغتصاب حقوقه من الدفاع عن نفسه مما يحفز ظهوره روح العداء والانتقام لديه ضد الآخرين.
ج
الإساءة الجنسية Sexual Abuse
هي عمل جنسي بين إنسان ناضج وطفل، ويتضمن الأشكال التالية:
1
دعارة الأطفال، ومداعبة ولمس وتقبيل الأعضاء التناسلية للطفل.
2
إجبار الطفل على مداعبة الأعضاء التناسلية للإنسان الناضج
3
تعريض الطفل للمارسات الجنسية بين البالغين.
4
التلصص على الطفل للتلذذ بمشاهدته وهو عار أو إجباره على خلع ملابسه (تعريته).
5
تشجيع الأطفال على الاشتراك في الأفلام والمجلات والمواقع الإباحية في (الإنترنت).
وتعد الإساءة الجنسية من أخطر أنواع الإساءة التي يتعرض لها الطفل وتكمن خطورتها في بقاء أثرها حتى البلوغ إذ يظل يذكرها ذلك الطفل المعتدى عليه جنسياً فتسيطر عليه مشاعر الكآبة والمحرجة التي يتعرض لها في صغره، وحاله أهون بقليل ممن لو كان المعتدى عليها جنسيا (طفلة) لأن ذلك يؤثر مستقبلا وبدرجة أكبر في اتجاهها نحو الزواج والحمل وفكرة الارتباط بالرجل وربما أثر ذلك حتى على مدى إقبالها على الحياة.
د
إهمال الطفل Child Neglect
رغم الصعوبة التي تواجه المهتمين بموضوع الإهمال من باحثين وغيرهم في تعريف الإهمال، إلا أنه في الغالب يقصد به التقصير في القيام بما يجب من سلوك كاستجابة تلبى احتياجات الطفل الضرورية ومن ذلك إهمال طعامه وشرابه ولباسه والعناية بصحته العامة، كذلك إهمال حاجته للاحتواء العاطفي، ومنح الحب والدفء والتدعيم الإيجابي ـ وحاجته للتعليم. وتعزى صعوبة تعريف الإهمال إلى تداخل السلوكيات التي تعبر عن درجته، مع السلوكيات التي تنتمي تحت أنواع أخرى من الإساءة كالإساءة النفسية والوجدانية.
وتعريف إهمال الطفل هو أنه: هو الفشل في إمداد الطفل باحتياجاته الأساسية الجسمانية أو التعليمية أو العاطفية ومن ذلك عدم الإمداد الكافي بالطعام أو توفير المأوى المناسب أو الملابس أو الطرد من المنزل أو رفض تقديم الرعاية الطبية أو تأخيرها أو إهمال تسجيل الطفل في المرحلة الدراسية المناسبة لسن الطفل أو السماح للطفل بالهروب المتكرر من المدرسة أو التشاجر والنزاع مع الكبار في المنزل أمام الطفل. لهذا فإنه لا يمكن للطفل أن ينمو بشكل سليم في كافة مظاهر نموه المختلفة كالنمو الجسمي، والنمو العقلي، والنمو الاجتماعي، والنمو الانفعالي، وغيرها من مظاهر النمو المختلفة دون ان يتوفر له الاحتياجات الأساسية المشبعة لكل مرحلة، والمتمثلة بالمأكل والرعاية الطبية والحماية من الأخطار، ومنح الفرصة الكافية للتعليم والإمداد بالحب العاطفي، غيرها من الاحتياجات الضرورية.
ومن خلال التعريفات والتصنيفات السابقة لأشكال أو أنماط الإساءة يتضح أنها متداخلة ومتشابكة وإلى حد كبير. فحين يتعرض الطفل لضرب ـ إساءة جسمية ـ فإن أثرها ليس جسدياً فحسب بل إنها ستترك أثراً نفسياً، قد يكون وقعة أشد من مجرد التألم جسدياً.
أسباب إساءة معاملة الأطفال
يمكن تفسير أسباب إساءة معاملة الأطفال من خلال أربعة أبعاد أو مناح وهي: بعد طبي نفسي وبعد نفسي اجتماعي، وبعد اجتماعي موقفي، وأخيراً بعد بيئي تكاملي. والتي يرى الباحث أنها الأكثر شيوعاً من خلال ما هو متاح من أبعاد ومناح ووجهات نظر أخرى متعددة، توفرت للباحث خلال بحثه.
أولاً: البعد الطبي النفسي Psychiatric Approach
يعد البعد أو المنحى التفسيري من أكثر المناحي والأبعاد تفسيراً لإساءة معاملة الطفل، كما يعرف هذا البعد التفسيري بالبعد النفسي المرضي. واشتق هذا البعد من تحليل الطب النفسي للوالد المسئ، ويفترض أن الوالد المسيء لديه مجموعة من خصائص الشخصية تميزه عن غيره وأنه غير سوي. ويمكن أن يصنف في إحدى الفئات التشخيصية الطبية النفسية، مثل الفصام، أو ذهان الهوس، والاكتئاب. كما تضمن هذا المنحى الإشارة إلى أهمية تاريخ طفولة الوالد المسيء من جيل لآخر فلم يقدم أصحاب هذا البعد ذكر (روس وكولمر) تفسيراً واضحاً عن كيفية انتقال إساءة معاملة الطفل من ذرية إلى أخرى وربما يقصد هؤلاء أن للابن البالغ الذي أسيئت معاملته وهو طفل كان لديه راشدين مسيئين كنماذج يحاكيها، والأطفال يمتصون معاييرهم ودروسهم التربوية بعمق، وفي سن مبكرة كثير من الأطفال الذين أسيئت معاملتهم يطبقون تلك الدروس على أطفالهم تلقائية وبنفس الأسلوب عندما يكبرون ويصحبون آباء.
أما المواصفات المميزة والتي تعكس شخصية الوالدين المسيئة لأطفالهم فهناك أربع مجموعات للآباء صنفها (Merril) في مجموعات كالآتي:
1
مجموعة الآباء الذين تمت مواجهتهم واتضح في شخصيتهم العداء عموماً، واستنتج (ميريل) أن هذا الغضب الناتج من التعارضات والتناقضات في الطفولة ومرحلة النضج المبكر، امتدت جذوره وخبراته إلى مرحلة الشباب.
2
مجموعة تعاني من الصرامة الإجبارية في نقص الدفء ونقص الأسباب المنطقية (البلاهة) ونقص التفكير المنطقي، واعتقاد هؤلاء الآباء أنهم يدافعون عن مبادئهم، وانهم على صواب في كل ما يفعلونه.
3
مجموعة لديها اعتقاد قوي وإحساس بالسلبية والاعتمادية على الآخرين، وظهر عليهم هذا الإحساس الشديد بالاعتماد على الآخرين عند اتخاذ القرارات، وبدا على العديد من هؤلاء عدم النضج.
4
مجموعة من الآباء أساءوا معاملة أطفالهم، ويبدو أنهم كانوا صغاراً، أو كانت لديهم إعاقة جسدية، جعلتهم غير قادرين على رعاية وتدعيم أسرهم.
وهكذا يؤكد هذا البعد على أن شخصية كل من الأب والأم مرتكبي الإساءة تتميز عن غيرها بخصائص تعبر عن عدم السواء (شخصيات مضطربة)، كذلك وجود أعرض ذهانية (شخصيات فصامية) هى جميعها اضطرابات تعد عوامل مسببة ومهيئة بدرجة كبيرة للأقدام على إساءة معاملة الطفل الذي يتعذر عليهما إدارة شؤون الأسرة ومواجهة مشكلاتها كما ينبغي.
ثانياً: البعد الاجتماعي Social Approach
ويرتكز هذا البعد على العوامل الاجتماعية البيئية والتي تقف وراء إقدام بعض الآباء أو الأمهات أو المربيين على ممارسة الإساءة ضد الأطفال. فالبيئة الاجتماعية بما تحتويه من متغيرات واعتبارات ثقافية سائدة تمارس في حقيقتها ضغوط نفسية تعد سبب من أسباب إساءة معاملة الأطفال التي لا يمكن إغفالها أو التقليل من شأنها كمنحى تفسير، هذه الضغوط الاجتماعية تزداد عندما يشعر الوالدان بالعجز عن مسايرة الآخرين اجتماعياً لضعف مستواهم الاقتصادي. وإلى أن العوامل الاجتماعية البيئية مثل الوضع الاجتماعي الاقتصادي، والبطالة المادية، وظروف السكن والمعيشة، وحجم الأسرة، والآباء المراهقين، والعزلة الاجتماعية تعد من عوامل مفاجأة للضغط الذي يؤدي إلى سوء المعاملة.
وقد قدم هذا البعد بعض الدراسات التي تؤيد ما ذهب إليه وهو أن مستويات العنف في المجتمع تنعكس على العلاقات الأسرية وعلى طبيعة التفاعل بين أفرادها فهي تستخدم العدوان اللفظي، والبدني كوسيلة لحل الخلافات والمشكلات الأسرية بما فيها التعامل مع ما يصدر من الأطفال من سلوكيات، وبالتالي فهي تميل إلى استخدام أنماط متشابهة في تربية أطفالها، وأن السلوك المسيء هو نتاج المشقة والانعصابات والإحباط، وترتبط المشقة بالوضع الاجتماعي للفرد.
ثالثاً: البعد الاجتماعي الموقفي Social Approach Situational
ما يميز هذا البعد التفسيري عن غيره من الأبعاد والمناحي التفسيرية الأخرى هو تركيزه المباشر على العوامل الاجتماعية الموقفية التي يرى أنها تسهم في حدوث إساءة معاملة الأطفال، ومنها ما يتعلق بطبيعة التفاعل الاجتماعي الذي ينشأ بين الطفل ووالديه أو القائمين على رعايته، أو ذلك ا لتفاعل الذي ينشأ تحديداً بين الوالدين داخل نطاق الأسرة، والتي هي في مجملها متغيرات تسهم في حدوث الإساءة. ويعطى هذا المنحى أهمية لدور الطفل في عملية الإساءة.
ومن هنا برزت فكرة انتقائية الإساءة Selectivity Abuse التي ترى أن ليس كل الأطفال يساء معاملتهم، ولكن عادة يتم انتقاء طفل معين داخل الأسرة للمعاملة السيئة وذلك بعدة طرق منها: أن الطفل قد يكون لديه بعض الخصائص المزاجية ومشكلاته الارتقائية أي أن عدم نضج التصرفات السلوكية هي أهم ما يتسم به الأطفال الذين يتعرضون للإساءة.
ومن هذه التصرفات كثرة بكاء الطفل وصراخه المستمر وهناك مجموعة من الدراسات التي تبنت هذا البعد التفسيري والتي تؤكد على أهمية المواقف الاجتماعية المهيئة لحدوث العقاب الجسمي والإساءة للطفل عموماً.
من هذه الدراسات ما أوردها (إسماعيل، وتوفيق، 1996) وهى (دراسة كادوشين ومارتين Martin Kadushin) ومن إحدى نتائج هذه الدراسات أن سلوك الأطفال والمراهقين يسهم في ترسيب الإساءة وأحياناً يكون سبباً للإساءة.
وفي سلسلة التفاعلات التي تبلغ ذروتها بإساءة معاملة جسدية للطفل تبدأ ببعض مظاهر سلوكية يدركها الوالدين على أنها تبلغ ذروتها بإساءة معاملة جسدية للطفل تبدأ بعض مظاهر سلوكية من الطفل يدركها الوالدين على أنها بغيضة وسيئة، فالإساءة وفقاً لنتيجة هذه الدراسة مرتبطة بسلوكيات الطفل.
رابعاً: البعد التكاملي التفاعلي Approach Integrativw
أصحاب هذا البعد التفسيري يفسرون أسباب إساءة معاملة الطفل إلى مجموعة عوامل متعددة ومتفاعلة، فلا يعتمدون في تفسيرهم لإساءة معاملة الطفل على عامل واحد مهما كانت درجة قوته، فإساءة معاملة الطفل من منطلق هذا البعد ممكن أن تحدث سمات شخصية معينة، ولا تحدث الإساءة بسبب عامل واحد فقط كالعامل الاجتماعي أو الاقتصادي أو المرضي ولكن يمكن أن تحدث بسبب تداخل وتفاعل تلك العوامل مجتمعة وبشكل تبادلي، وذلك في موقف واحد من مواقف التفاعل الذي ينشأ بين الوالدين والطفل أو القائمين على رعايته، فإنه عندما يبدأ الوالدان اللذان يمارسان الإساءة واللذان قد دخلا في تكوين الأسرة، ومرا في حياتهما التطورية بخبرات أليمة في مرحلة التنشئة قد تجعلهما مهيئين لمعاملة الطفل بأسلوب تعسفي أو بشكل مهمل. بالإضافة إلى عوامل زيادة الضغط سواء الداخلية ضمن نطاق الأسرة أو الخارجية ضمن نطاق المجتمع الكبير قد تزيد من إحتمال حدوث الخلاف بين الأبوين والطفل.
حجم مشكلة التحرش الجنسي بالأطفال
تواجه العديد من المجتمعات الإسلامية ظاهرة التحرش الجنسي بالأطفال منها:
1
مصر:
تعد قضية التحرش الجنسي بالأطفال في مصر واحدة من أهم القضايا التي طرحت نفسها على أجندة العاملين بمجالات حقوق الإنسان، وبخاصة المتهمين بحقوق الطفل بداية من الرصد والاشتباك مع الانتهاكات الواقعة على الأطفال وبخاصة الاعتداءات الجنسية.
وفي الغالب تسود ثقافة مجتمعية ترفض الاعتراف بالأمر كظاهرة، كما لا تتوافر أي بيانات حكومية إحصائية وبخاصة بعد منع إعلان تقرير الأمن العام، برغم وجود عدد كبير من المؤسسات الحكومية معنية بالرصد والتدخل في مثل هذه الانتهاكات، وعلى سبيل المثال شرطة الأحداث ونياباتها، وأقسام وزارة الشؤون الاجتماعية المختصة بالتأهيل النفسي لضحايا العنف الجسدي.
/وتشير أو لدراسة عن حوادث التحرش بالأطفال في مصر أعدتها الدكتورة فاتن عبد الرحمن الطنباري أستاذ الإعلام المساعد في معهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس إلى أن الاعتداء الجنسي على الأطفال يمثل 18٪ من إجمالي الحوادث المتعلقة بالطفل، وفيما يتعلق بصلة مرتكب الحادث بالطفل الضحية أشارت الدراسة إلى أن النسبة هي 53٪ من الحوادث يكون الجاني له صلة قرابة بالطفل الضحية، وفي 65٪ من الحالات لا توجد بينهم صلة قرابة.
والإحصائيات التي نشرها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في المؤتمر السنوي الرابع تحت عنوان (الأبعاد الاجتماعية والجنائية للعنف في المجتمع المصري) والذي أشار إلى أن إحصائيات الإدارة العامة للأحداث تظهر تزايد الجرائم الماسة بالشرف بصفة عامة في الفترة من عام 1997 حتى عام 2000، والتي تضم الفعل الفاضح وهتك العرض وممارسة الدعارة والتعرض للأنثى والمعدة من الجنح، حيث بلغت (5909) منها (5427) جنحة تعرض للأنثى.
وبلغت جنايات هتك العرض والاغتصاب 92 جناية عام 1997 32 جناية عام 2001 ومن بين 2143 طفلاً مودعين بدار أحداث المرج خلال عام 2001 بلغت نسبة المتهمين في قضايا هتك العرض والخطف المقترن بهتك العرض والاغتصاب 30٪ وهو الأمر الذي يدعونا للتوقف ومراجعة مواقفنا تجاه هذه الظاهرة، والتي أصبحت تحتاج إلى المكاشفة والصراحة في التعامل، حتى نتمكن من توفير الحماية الحقوقية، ومن قبلها الإنسانية لهؤلاء الأطفال، وبخاصة في ظل مجتمع يرفض البوح بتلك الجريمة محملاً المسؤولية على الضحايا وبخاصة إذا كانت أنثى.
الخطير في الأمر ما رصده مركز حقوق الطفل المصري من تحول الاستغلال الجنسي والجسدي للأطفال من ظاهرة وقتية مرتبة بعوامل محددة، إلى ظاهرة قائمة على مؤسسات غير شرعية تعمل بشكل منظم على استغلال الأطفال جنسيا؛ لتحقيق أرباحها على حساب براءة الطفولة وإنسانيتها (الأمر الذي أظهرته ملفات شبكات الدعارة في مباحث الآداب القبض على مخرجة تليفزيونية سابقة تم فصلها من العمل لسلوكها المنحرف؛ لإدارتها شبكة لممارسة الدعارة مستخدمة الصغيرات، وتضم الشبكة 11 فتاة أقل من 15 سنة، تقدمهن إلى الزبائن وبخاصة الأثرياء بأسعار أغلى من الأخريات الأكبر سناً).
وفي منطقة روض الفرج تم الكشف عن شبكة تديرها ربة منزل تتكون من 15 فتاة بينهن 7 أقل من سن 15 سنة، وشبكة أخرى تديرها راقصة وممثلة مغمورة ضمت 14 فتاة.
أما الإدارة العامة لمباحث الأحداث فقد ألقت القبض على أحد الأشخاص يقوم باختطاف أطفال دون سن الحادية عشرة من مناطق مختلفة من القاهرة والجيزة ويجبرهم على التسول، ويقدم الصبية للراغبين في متعة الشذوذ الجنسي.
وهناك أيضا قضية (القنصل الفرنسي) المتهم بممارسة الشذوذ الجنسي مع أربعة من الأطفال الذكور وقيامه باصطحاب مراهق من الإسكندرية إلى شقة بباريس ليمارس معه الشذوذ، كما شهد عام 2002 الكشف عن قضية أستاذ جراحة اللثة بكلية طب الأسنان كان يهوى استغلال الأطفال جنسيا، وجاءت اعترافات الفتيات (الضحايا) الأربع مثيرة لقدراته في ابتداع كل أشكال التعذيب، وقيامه بتسجيل أشرطة فيديو لعملية الاغتصاب وهتك عرض الفتيات.
كما تدخل فئات اجتماعية جديدة مثل الأطباء والمدرسين، سوق الاستغلال الجنسي للأطفال، وهو ما ينذر بخطورة الظاهرة، وبخاصة إذا كانوا من المسؤولين عن عملية الرعاية والتنشئة.
وعلى سبيل المثال وليس الحصر، قضية قيام مدرس بهتك عرض تلميذة عمرها تسع سنوات بالمدرسة بعد انتهاء اليوم الدراسي، واعتداء طبيب مزيف لمدة سنتين على مرضاه، وهتك عرض بعض المترددات على العيادة.
ثم حالات أخرى أبرزها قيام خمسة من العاطلين بخطف فتاة (16 سنة) معاقة عقلياً وقاموا بهتك عرضها، وقيام آخر باعتداء جنسي على طفلة (6 سنوات) وقتلها وسرق قرطها الذهبي، انتقاماً من أسرتها التي اتهمته بالاعتداء الجنسي على شقيقتها الكبرى.
واتهام شاب بالخطف والاغتصاب بالإكراه لفتاة عمرها 11 عاماً، والقبض على 6 ذئاب بشرية قاموا بخطف فتاة عمرها 16 سنة مستخدمين السلاح الأبيض لتهديد المجني عليها واغتصابها وإلقائها في الشارع في حالة إعياء شديد، وقيام أحد الأشخاص باختطاف فتاة عمرها ست سنوات إلى منطقة المقابر بغرض اغتصابها، ولما حاولت الاستنجاد بالمارة قتلها وفر هارباً، وقد أوضحت التحقيقات أن المتهم الذي يبلغ من العمر 51 عاماً سبق أن اتهم في قضية هتك.
ورغم صعوبة الحصول على أرقام حقيقية حول مسألة التحرش الجنسي الأطفال، فإن بعض الدول قد أعلنت عن إحصاءات وما استطعت الحصول عليه من أرقام يعطى دلالة واضحة على انتشار ظاهرة التحرش الجنسي بالأطفال في مصر.
2
التحرش الجنسي بالأطفال في الأردن:
تبين سجلات عيادة الطب الشرعي في وحدة حماية الأسرة بالأردن أن عدد الحالات التي تمت معاينتها خلال عام 1998 قد بلغ 437 حالة، شملت 174 حالة إساءة جنسية على الأطفال، وكانت مصنفة حسب ما يلي: 48 حالة إساءة جنسية كان المعتدى فيها من داخل العائلة، 79 حالة إساءة جنسية كان المعتدى فيها معروفاً للضحية ـ قريباً أو جاراً أو غيره ـ و 47 حالة كان الاعتداء على الطفل فيها من قبل شخص غريب.
3
التحرش الجنسي بالأطفال في لبنان:
ذكر الدكتور (برنار جرباقة) عام 0002م أن المؤتمر الرابع اللبناني لحماية الأحداث أشار إلى ارتفاع عدد الاعتداءات الجنسية على القاصرين خاصة الذكور منهم على يد أقرباء لهم أو معتدين قاصرين.
4
إيذاء الأطفال في السعودية:
أكدت إحدى الدراسات التي قامت بها اللجنة القومية لمنع إيذاء الأطفال كما ذكرت جريدة الوطن السعودية أن هناك عشرات الآلاف من الأطفال الضحايا الذين يعانون من الصدمات النفسية الشديدة مدى الحياة نتيجة إيذائهم.
وقد تبين أن هناك 77 من هؤلاء المعتدين (آباء) للأطفال الضحايا، و 11 من أقاربهم، وإن أكثر من 75 من المعتدين هم أشخاص معروفين للضحية تربطهم بالطفل علاقة قربى أو معرفة، والتحرش الجنسي أحد أنواع هذا الإيذاء.
5
التحرش بالمعتقلين الفلسطينيين:
في دراسة أعدها نادي الأسير الفلسطيني تبين أن أسلوب التحرش الجنسي بالمعتقلين والتهديد بالاغتصاب تصاعد بشكل يبين أنه اعتمد كنهج في الآونة الأخيرة من قبل المحققين داخل حجرة التحقيق.
وأشارت الدراسة أن هذا الأسلوب يستخدم بشكل كبير مع الأطفال القاصرين (أقل من 18 سنة) بهدف ترويعهم وبث الفزع في صفوفهم من أجل اعترافات منهم، ولم يقتصر الأمر على التهديد بل دخل في حيز التطبيق ضد المعتقلين الفلسطينيين.
وأشارت تقارير (نادى الأسير الفلسطيني) إلى أن هذا الأسلوب اللاأخلاقي أصبح جزءاً من أساليب التعذيب والمعاملة القاسية التي يلقاها الأسرى أثناء التحقيق معهم، وهو يتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان التي تحرم التعامل مع الأسير بأساليب تمس الكرامة أو تعتمد توجيه الإهانات والأذى له. وأظهرت الحالات التي تابعها (نادى الأسير) أن هذه الظاهرة تنتشر داخل السجون الإسرائيلية، وتمارس ضد معتقلين فلسطينيين، ولاسيما الأطفال منهم.
لذلك لا تملك الدوائر الرسمية الإسرائيلية أي إحصاءات رسمية حول ظاهرة التحرش؛ لأنه يتم الحديث عنها بشكل قليل جدا، وخاصة إذا كان الحديث يدور حول وقوعها من الحاخامات باعتبارهم مقدسين، وإذا قام بها أصحاب السلطة والنفوذ من وزراء ومسؤولين.
6
التحرش الجنسي في إسرائيل:
إن عشرات الفتيات المتدينات يتعرضن يومياً لحالات الاغتصاب والتحرش الجنسي من قبل رجال الدين أو العاملين في المؤسسات الدينية الإسرائيلية، هذا ما تؤكده وثائق إحدى الجمعيات الإسرائيلية التي تعالج ضحايا الاعتداءات الجنسية، والتي تؤكد أن هذه الاعتداءات بين المتدينين اليهود أكثر عددا ونسبة وأقسى وحشية من غيرها.
وتشير هذه الجمعيات إلى أن ما يزيد الأمر سواء هو أن المستهدفين هم الأطفال، وأيضاً صمت المجتمع تجاه ذلك؛ ما يدفع المتعدى عليهم إلى عدم تقديم شكوى ضد المعتدين خوفاً من مقابلة ذلك باستهزاء من قبل المجتمع، لما يتمتع به رجال الدين من مكانة محترمة في المجتمع.
وأكثر الجرائم التي تقع من قبل رجال الدين في إسرائيل بالإضافة إلى جرائم التحرش الجنسي والاغتصاب هى تجارة المخدرات وتهريب المجوهرات، فمنذ فترة أقامت 5 سيدات من جنوب إسرائيل دعوى قضائية ضد أحد الحاخامات يتهمنه بالتحرش بهن جنسياً، وكشفت أن الحاخام يخدع أنصاره ومريديه بأنه صاحب خوارق وقوى غير طبيعية.
وقد تلقت الشرطة الإسرائيلية شكوى أخرى من إحدى الفتيات تتهم فيها حاخاما من مدينة حيفا باغتصابها بعد أن لجأت إليه كى يساعدها على التوبة والإقلاع عن ذنوبها، فما كان منه إلا أن قام باغتصابها بدعوى منحها البركة!! وبعد القبض على هذا الحاخام تبين أنه متورط في عدة قضايا مماثلة.
ولا يتورع الحاخامات في إسرائيل عن اغتصاب الأطفال والمراهقين، والسنوات الأخيرة شهدت ثورة عارمة داخل المجتمع الإسرائيلي تطالب بإلغاء التعليم الديني في إسرائيل في أعقاب اتهام رئيس إحدى المدارس الدينية في إسرائيل وهو الحاخام (زئيف كوبلوفيبتش) بأنه خلال السنوات العشر الأخيرة قام بالاعتداء جنسياً على المئات من تلاميذ مدرسته، ومن خلال التحقيقات تبين أن هناك عدداً كبيراً من الحاخامات كانوا على علم بما يجرى داخل جدران المدرسة، إلا أنهم فضلوا الصمت وتجاهل ما يجرى.
وفي بداية شهر فبراير العام الماضي (2002) تقدمت تلميذة بإحدى المدارس الدينية وتبلغ من العمر 15 سنة ببلاغ ضد الحاخام (إيلان مور) الذي يتولى وظيفة الجابي في المعبد اليهودي تتهمه فيه باغتصابها داخل المطبخ الملحق بالمعبد، وتم الإعلان قبل فترة عن إحالة (شموئيل هولاندر) المدرس بإحدى المدارس التكنولوجية الدينية إلى التحقيق بعد اتهامه بممارسة الشذوذ مع 4 من تلاميذه.
كل ذلك يتم في المجتمع الإسرائيلي الذي يعتبر منغلقاً على ذاته، مما يمثل أرضية خصبة لوقوع جرائم الاعتداءات الجنسية وعدم وصولها إلى المؤسسات العاملة في الدفاع عن الضحايا.
فخلال عام 2002 وصلت 65 فتاة فقط لا تتجاوز 18 عاما (وهو سن الطفولة) وصلن للعلاج من آثار الاعتداءات الجنسية بعد تعرضهن للاغتصاب.
نشر في نهاية عام 2003 استطلاع حول التحرشات الجنسية بين الطلاب، حيث يستدل من المعطيات أن 6,9٪ من طلبة المدارس الإعدادية و 3,9٪ من طلبة المدارس الثانوية ثبت أنهم تعرضوا إلى التحرش الجنسي .
وقال 4,8٪ من طلبة المراحل الإعدادية و 3.10٪ من المدارس الثانوية، إن الآخرين حاولوا مضايقتهم جنسيا، أو أسمعوهم ملاحظات جنسية.
ويبلغ عدد الأولاد في «إسرائيل» (وهم من لم يتجاوزوا سن 18 عام 2002) ما يقارب 656 ألف ولد.
ويشترك الأطفال أنفسهم في ممارسة أعمال جنائية، منها الاعتداءات الجنسية، ومنها التحرش الجنسي، وتبين إحصاءات حديثة أن 1,42٪ من القاصرين المشبوهين بارتكاب أعمال جنائية هم من المهاجرين اليهود الجدد إلى «إسرائيل» وذلك بالرغم من أنهم يشكلون 9,21٪ من السكان في إسرائيل.
واتضح أن عدد الأحداث المشبوهين بارتكاب أعمال جنائية ارتفع 3 مرات منذ العام 1993، وخلال عام 2002 قدمت 2887 شكوى إلى الشرطة حول أحداث عنف وقعت في المدارس ويشار إلى أن هناك 5 تصرفات بارزة تعتبر تحرشا جنسيا وهى اللمس، ملاحظات فظة، أي تصرف جنسي محرج، الضم، والنظرات.
ويعاني الجيش الإسرائيلي من أزمة تعتبر خانقة بسبب الاعتداءات الجنسية وظاهرة التحرش الجنسي التي تقع من قبل الجنود ضد المجندات، وخاصة صغيرات السن اللاتي يخدمن في الجيش في سن 17 و 18 وفقاً لقوانين إسرائيل.
7
في الغرب الذي انتشرت عنده الإباحية الجنسية، والذي يريد البعض من مجتمعاتنا العربية والإسلامية أن يتبنى أفكار وأخلاقيات تلك الدول، فإن إحدى الدراسات صدرت في الولايات المتحدة عن الجمعية الأمريكية للتعليم الجامعي للنساء قالت: «إن نحو 80٪ من طلاب المدارس الأمريكية ذكورا وإناثا قد تعرضوا إلى نوع من أنواع التحرش الجنسي في حياتهم المدرسية».
التحرش الجنسي بالأطفال
الأسباب ـ التأثيرات ـ الوقاية
التحرش الجنسي على الطفل هو استخدام الطفل لإشباع الرغبات الجنسية لبالغ أو مراهق، وهو يشمل تعريض الطفل لأي نشاط أو سلوك جنسي ويتضمن غالبا التحرش الجنسي بالطفل من قبيل ملامسته أو حمله على ملامسة المتحرش جنسيا. ومن الأشكال الأخرى للاعتداء الجنسي على الطفل المجامعة وبغاء الأطفال والاستغلال الجنسي للطفل عبر الصور الخلاعية والمواقع الإباحية. وللاعتداء الجنسي آثار عاطفية مدمرة بحد ذاته، ناهيك عما يصحبه غالبا من أشكال سوء المعاملة. وهو ينطوي أيضا على خذلان البالغ للطفل وخيانة ثقته واستغلاله لسلطته عليه.
ما مدى شيوع هذه المشكلة ؟
إن التحرش الجنسي على الطفل هو مشكلة مستترة، وذلك هو سبب الصعوبة في تقدير عدد الأشخاص الذين تعرضوا لشكل من أشكال الاعتداء الجنسي في طفولتهم، فالأطفال والكبار على حد سواء يبدون الكثير من التردد في الإفادة بتعرضهم للاعتداء الجنسي ولأسباب عديدة قد يكون أهمها السرية التقليدية النابعة عن الشعور بالخزي اللازم عادة لمثل هذه التجارب الأليمة، ومن الأسباب الأخرى صلة النسب التي قد تربط المعتدى جنسياً بالضحية، ومن ثم الرغبة في حمايته من الملاحقة القضائية أو الفضيحة التي قد تستتبع الإفادة بجرمه، وأخيرا فإن حقيقة كون معظم الضحايا صغارا ومعتمدين على ذويهم مادياً تلعب دوراً كبيراً أيضاً في السرية التي تكتنف هذه المشكلة، ويعتقد معظم الخبراء أن الاعتداء الجنسي هو أقل أنواع الاعتداء أو سوء المعاملة انكشافاً بسبب السرية أو (مؤامرة الصمت) التي تغلب على هذا النوع من القضايا.
ولكل هذه الأسباب وغيرها أظهرت الدراسات دائماً أن معظم الضحايا الأطفال لا يفشون سر تعرضهم إلى الاعتداء الجنسي، وحتى عندما يفعلون فإنهم قد يواجهون عقبات إضافية، ونفس الأسباب التي تجعل الأطفال يخفون نكبتهم هي التي تجعل معظم الأسر لا تسعى للحصول على دعم خارجي لحل هذه المشكلة، وحتى عندما تفعل فإنها قد تواجه بدورها مصاعب إضافية في الحصول على الدعم الملائم.
كيف يقع التحرش الجنسي؟
هناك عادة عدة مراحل لعلمية تحويل الطفل إلى ضحية جنسية:
1
المنحى:
إن الاعتداء الجنسي على الطفل عمل مقصود مع سبق الترصد، وأول شروطه أن يتخلى المعتدى بالطفل، ولتحقيق هذه الخلوة عادة ما يغرى المعتدى الطفل بدعوته إلى ممارسة نشاط معين كالمشاركة في لعبة مثلا، ويجب الأخذ بالاعتبار أن معظم المتحرشين جنسياً بالأطفال هم أشخاص ذو صلة بهم، وحتى في حالات التحرش الجنسي من أجانب (أي من خارج نطاق العائلة) فإن المعتدى عادة ما يسعى إلى إنشاء صلة بأم الطفل أو أحد ذويه قبل أن يعرض الاعتداء بالطفل أو مرافقته إلى مكان ظاهرة برئ للغاية كساحة لعب أو متنزه عام مثلا. أما إذا صدرت المحاولة الأولى من بالغ قريب، كالأب أو زوج الأم أو أي قريب آخر، وصحبتها تطمينات مباشرة للطفل بأن الأمر لا بأس به ولا عيب فيه، فإنها عادة ما تقابل بالاستجابة لها وذلك لأن الأطفال يميلون إلى الرضوخ لسلطة البالغين، خصوصا البالغين المقربين لهم، وفي مثل هذه الحالات فإن التحذير من الحديث مع الأجانب يغدو بلا جدوى ولكن هذه الثقة العمياء من قبل الطفل تنحسر عند المحاولة الثانية وقد يحاول الانسحاب والتقهقر ولكن مؤامرة السرية والتحذيرات المرافقة لها ستكون قد عملت عملها واستقرت في نفس الطفل وسيحول المتحرش الأمر إلى لعبة زسرنا الصغيرس الذي يجب أن يبقى بينا، وتبدأ محاولات التحرش عادة بمداعبة المتحرش للطفل أو أن يطلب منه لمس أعضائه الخاصة محاولا إقناعه بأن الأمر مجرد لعبة مسلية وإنهما سيشتريان بعض الحلوى التي يفضلها مثلا حالما تنتهي اللعبة.
وهناك للأسف منحى آخر لا ينطوي على أي نوع من الرقة، فالمتحرشون الأعنف والأقسى والأبعد انحرافاً يميلون لاستخدام أساليب العنف والتهديد والخشونة لإخضاع الطفل جنسياً لنزواتهم، وفي هذه الحالات، قد يحمل الطفل تهديداتهم محمل الجد لاسيما إذا كان قد شهد مظاهر عنفهم ضد أمه أو أحد أفراد الأسرة الآخرين، ورغم أن للاعتداء الجنسي بكل أشكاله آثاراً عميقة ومريعة، إلا أن التحرش القسري يخلف صدمة عميقة في نفس الطفل بسبب عنصر الخوف والعجز الإضافي.
2
التفاعل الجنسي :
إن التحرش الجنسي بالأطفال، شأن كل سلوك إدماني آخر، له طابع تصاعدي مطرد، فهو قد يبدأ بمداعبة الطفل أو ملامسته ولكنه سرعان ما يتحول إلى ممارسات جنسية أعمق.
3
السرية:
إن المحافظة على السر هو أمر بالغ الأهمية بالنسبة للمتحرش لتلافي العواقب من جهة ولضمان استمرار السطو على ضحيته من جهة أخرى، فكلما ظل السر في طي الكتمان، كلما أمكنه مواصلة سلوكه المنحرف إزاء الضحية؛ ولأن المعتدى يعلم أن سلوكه مخالف للقانون فإنه يبذل كل ما في وسعه لإقناع الطفل بالعواقب الوخيمة التي ستقع إذا انكشف السر. وقد يستخدم المعتدون الأكثر عنفاً تهديدات شخصية ضد الطفل أو يهددونه بإلحاق الضرر بمن يحب كشقيقه أو شقيقته أو صديقة أو حتى أمه إذا أفشى السر ولا غرابة أن يؤثر الطفل الصمت بعد كل هذا التهديد والترويع، والطفل عادة يحتفظ بالسر دفينا داخله إلا حين يبلغ الحيرة والألم درجة لا يطيق احتمالها أو إذا انكشف السر إتفاقاً لا عمداً. والكثير من الأطفال لا يفشون السر طيلة حياتهم أو بعد سنين طويلة جدا، بل إن التجربة بالنسبة لبعضهم تبلغ من الخزي والألم درجة تدفع الطفل إلى نسيانها ولا تنكشف المشكلة إلا بعد أعوام طويلة عندما يكبر هذا الطفل المعتدى عليه ويكتشف طبيبه النفساني مثلا أن تلك التجارب الطفولية الأليمة هي أصل المشاكل النفسية العديدة التي يعانيها في كبره.
أعراض الاعتداء الجنسي ومؤشراته:
1
هذه بعض المؤشرات التي قد تنم عن احتمال تعرض الطفل للاعتداء الجنسي. من المهم التنبه أنه قد لا تكون هذه الأعراض بالضرورة ناتجة عن اعتداء جنسي ولكن وجود عامل أو أكثر ينم إما عن اعتداء جنسي أو عن مشكلة بحاجة إلى انتباه ومعالجة.
2
قلما يفصح الأطفال للكبار بالكلمات عن تعرضهم للاعتداء الجنسي أو مقاومتهم لمثل هذا الاعتداء ولذلك فإنهم عادة يبقون في حيرة واضطراب إزاء ما ينبغي عليهم فعله في هذه المواقف، ولتردد الأطفال أو خوفهم من إخبار الكبار بما جرى معهم أسباب كثيرة تشمل علاقتهم بالمعتدى والخوف من النتائج إذا تحدثوا عن الأمر والخوف من انتقام المعتدى والقلق من ألا يصدقهم الكبار.
3
وإذا لوحظ أي من المؤشرات التالية لدى الطفل فإنها تشير بوضوح إما إلى تعرضه لاعتداء جنسي أو إلى مشكلة أخرى ينبغي الالتفات لها ومعالجتها أيا تكن.
4
إبداء الانزعاج أو التخوف أو رفض الذهاب إلى مكان معين أو البقاء مع شخص معين.
5
إظهار العواطف بشكل مبالغ فيه أو غير طبيعي.
6
التصرفات الجنسية أو التولع الجنسي المبكر.
7
الاستخدام المفاجيء لكلمات جنسية أو لأسماء جديدة لأعضاء الجسم الخاصة.
8
الشعور بعدم الارتياح أو رفض العواطف الأبوية التقليدية.
9
مشاكل النوم على اختلافها: القلق، الكوابيس، رفض النوم وحيداً أو الإصرار المفاجيء على إبقاء النور مضاء.
10
التصرفات التي تنم عن نكوص: مثلاً مص الإصبع، التبول الليلي، التصرفات الطفولية وغيرها من مؤشرات التبعية.
11
التعلق الشديد أو غيرها من مؤشرات الخوف والقلق.
12
تغير مفاجئ في شخصية الطفل.
13
المشاكل الدراسية والمفاجئة والسرحان.
14
الهروب من المنزل.
15
الاهتمام المفاجيء أو غير الطبيعي بالمسائل الجنسية سواء من ناحية الكلام أو التصرفات.
16
إبلاغ الطفل بتعرضه لاعتداء جنسي من أحد الأشخاص.
17
العجز عن الثقة في الآخرين أو محبتهم.
18
السلوك العدواني أو المنحرف أو حتى غير الشرعي أحيانا.
19
ثورات الغضب والانفعال الغير مبررة.
20
سلوكيات تدمير الذات.
21
تعمد جرح النفس.
22
السلوك السلبي أو الانسحابي.
23
مشاعر الحزن والإحباط أو غيرها من أعراض الاكتئاب.
24
تعاطى المخدرات أو الكحول.
25
فيما يلي بعض المؤشرات الجسدية على تعرض الطفل للاعتداء الجنسي، وبعضها ليس ناتج بالضرورة عن هذا السبب، مثلا صعوبة الجلوس أو المشي ولكنها في كل الحالات لا يجب أن تهمل:
26
صعوبة المشي أو القعود.
27
ملابس ممزقة.
28
ملابس داخلية مبقعة أو ملطخة بالدم.
29
الإحساس بالألم أو الرغبة في هرش الأعضاء التناسلية.
30
الأمراض التناسلية، خصوصا قبل سن المراهقة.
ومن أهم أسباب تفشى التحرش الجنسي لدى الأبناء قد يعود إلى:
1
ضعف الوازع الديني لدى الأسرة والأبناء وقلة الوعي الاجتماعي والأسرى.
2
انعدام التربية المنزلية الصحيحة.
3
القسوة والغلظة عند الأبوين والخوف منهما.
4
فساد الأبوين أو أحدهما.
5
انشغال الأم عن أبنائها عامة وخاصة في وقت المناسبات والزيارات.
6
وجود الخدم المنحرفين أخلاقياً من سائقين وخادمات.
7
تعرض أحد الأبناء للاغتصاب قد ينقله بكل بساطة إلى باقي الأسرة أو في الأقارب.
8
وجود القنوات الجنسية وأفلام الجنس والصور الجنسية في متناوله.
9
إتاحة الفرصة للأبناء بأن يمشون مع من هم أكبر منهم سنا.
10
إدمان المخدرات والمسكرات.
11
نوم الأبناء مع الضيوف لضيق البيت وغيره خاصة في الأجازات والمناسبات.
12
نوم الزوجين وممارسة حياتهم مع أبنائهم في الغرفة بدعوى أنهم مازالوا صغارا.
13
قضية الإعجاب وتطوراتها السلبية.
14
الخلوة للغرباء مع الأبناء.
15
عدم الرقابة المدرسية في جميع المراحل.
16
عدم التفريق في المضاجع حتى بين الأخوان والأخوات.
17
الإهمال فيمن اكتشف الأمرة وعدم المسارعة في علاجه وتقويم سلوكه.
18
التهاون في لبس الضيق والشفاف والقصير للأبناء.
19
التهاون في عدم تقويم الميوعة لدى الأبناء.
20
التهاون في الاختلاط وعدم مراقبته ومنعه.
21
عدم السماح بخلوة الشباب مع الشابات المحارم وخاصة المحارم.
آثار التحرش الجنسي على الأطفال:
إن للتحرش الجنسي على الطفل له آثاراً وخيمة جسدياً وعاطفياً واجتماعياً نوضحها فيما يلي:
1
التأثيرات الجسدية:
يشمل الاعتداء الجسدي على الأطفال واحد أو أكثر من الممارسات التالية: الضرب، الخض، الهز بعنف، العض، الرفس، اللكم، الحرق، التسميم والخوف بأنواعه كغمر الرأس في الماء أو الخنف بوسادة أو باليد وغيرها، وتشمل الإصابات البدنية الناجمة عن مثل هذه الاعتداءات الخدوش والجروح والكسور والقطوع والحروق والرضوض والجروح الداخلية والنزف وفي أسوأ الحالات وأقصاها الموت، الأثر المباشر الأول على الطفل المعتدى عليه جسديا هو الألم والمعاناة والمشاكل الصحية الناجمة عن الإصابة البدنية، بيد أن هذا الألم سيمكث داخله طويلا بعد أن تندمل جراحه الظاهرة، وكلما طال وتكرر الاعتداء الجسدي على الطفل، عمقت آثاره النفسية واستفحلت، وإذا تكرر الاعتداء البدني على الطفل بشكل منتظم فقد يتمخض عن عاهات مزمنة منها إلحاق ضرر بالدماغ أو فقدان حاسة السمع أو البصر. ولعمر الطفل المعتدى عليه دور هام في مدى وعمق هذا التأثير، فالرضع الذين يتعرضون لاعتداء بدني هم أقرب للإصابة بأمراض جسدية وتغيرات عصبية مزمنة وفي بعض الحالات القصوى والتي يتسم فيها الاعتداء على الرضيع بالعنف أو بالتكرار لمدة طويلة، فقد تصاب الضحية بالعمى أو الصمم الدائم أو بالتخلف العقلي أو تأخر النمو أو الشلل أو الغيبوبة الدائمة بل وقد يفضى الأمر في حالات كثيرة إلى الموت. وقد أطلق على هذه الأعراض مؤخرا اسم (مرض الوليد المخضوض) لأنها عادة ما تتمخض عن هز الطفل أو خضه بعنف.
2
التأثيرات العاطفية:
هناك عواقب وخيمة أخرى للاعتداء الجسدي غير المشاكل الجسدية التي يخلفها لدى ضحاياه الأطفال. فقد أظهرت الدراسات التي أجريت على الأطفال المعتدى عليهم وأسرهم أن عدداً كبيراً من المشاكل النفسية التي يعاني منها هؤلاء الأطفال لها صلة مباشرة بالاعتداء الجسدي الذي تكابدوه، فمقارنة بغيرهم يعانى الأطفال المعتدى عليهم مصاعب أكبر في التحصيل الدراسي والسيطرة على الذات وبناء الشخصية وتكوين العلاقات الاجتماعية. وقد برهنت دراسة أمريكية حديثة قارنت بين الأطفال المعتدى عليهم والأطفال الآخرين على النتائج السلبية المزمنة للاعتداء الجسدي، فالأطفال المعتدى عليهم ـ حسب الدراسة ـ يعانون مشاكل أكبر في المنزل والمدرسة ومع أقرانهم وفي المجتمع ككل. فنفسية الطفل المعتدى عليه غالبا ما تكون مرتعا للاضطرابات العاطفية، فهو عادة ما يشعر بنقص الثقة في النفس والإحباط وربما انعكس ذلك في مظاهر نشاط مفرط أو قلق زائد. والكثير من هؤلاء الأطفال الضحايا يبدون سلوكاً عدوانياً تجاه أشقائهم أو الأطفال الآخرين. ومن المشاكل العاطفية الأخرى التي قد يعانيها هؤلاء الأطفال الغضب والعدوانية والخوف والذل والعجز عن التعبير والإفصاح عن مشاعرهم. أما النتائج العاطفية طويلة الأمد فقد تكون مدمرة لشخصية الضحية، فهذا الطفل حين يكبر عادة ما يكون قليل الثقة بذاته، ميالا للكآبة والإحباط، وربما انجرف في تعاطى الكحول أو المخدرات، فضلاً عن تعاظم احتمالية اعتدائه الجسدي على أطفاله في المستقبل.
3
التأثيرات الاجتماعية:
ربما كانت التأثيرات الاجتماعية على الأطفال المعتدى عليهم جسداً هى الأقل وضوحاً، وإن كانت لا تقل عمقا أو أهمية. وقد تشمل التأثيرات الاجتماعية المباشرة عجز الطفل عن إنشاء صداقات مع أقرانه وضعف مهاراته الاجتماعية والمعرفية واللغوية وتدهور ثقته في الآخرين أو خنوعه المفرد للشخصيات التي تمثل سلطة لديه أو ميله لحل مشاكله مع الآخرين بالعنف والعدوانية، وبعد أن يكبر هذا الطفل ترتسم التأثيرات الاجتماعية لتجارب الاعتداء المريرة التي تعرض لها في طفولته على علاقاته مع أسرته من جهة ومع المجتمع ككل من جهة أخرى. فقد أظهرت الدراسات أن فرص المعتدى عليهم صغارا أوفر في متاهات الأمراض العقلية والتشرد والإجرام والبطالة كبارا ولكل ذلك بالتالي آثاره المادية على المجتمع ككل لما يقضيه من تمويل وإنشاء برامج الرعاية الصحية والتأهيل والضمان الاجتماعي لاستيعاب هؤلاء، فذلك هو الثمن الباهظ الذي يدفعه المجتمع لتقاعسه عن التصدي للشذوذ الجنسي هو سرطان العصر الجيد، اخترق مجتمعاتنا العربية المحافظة وأصبح وجوده أمراً واقعاً يستلزم تضافر الجهود من أجل مواجهته واقتلاعه من جذوره، وألا ندفن رؤوسنا في الرمال مثل النعام ونلجأ إلى المسكنات والحلول الوقتية التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
4
الإسلام والتحرش الجنسي بالأطفال
إن أطفالنا في الأعم الأغلب يبدءون في قراءة وحفظ القرآن الكريم أو جزء منه وهم في سن صغيرة، ولقد تحدث القرآن الكريم بوضوح عن النطفة من أين أتت وكيف تتكون في رحم المرأة، وتحدث عن خلق الإنسان من أخلاط النطفتين من الرجل والمرأة، وتحدث عن الجماع زالرفثس ليلة الصيام، وتحدث عن المحيض واعتزال النساء فيه، وتحدث عن حمل الولد في بطن أمه ومدة إرضاعه، وعن الزنا، وعن إتيان الرجال شهوة من دون النساء، وغير ذلك، قال تعالى:
*{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ*} (البقرة: 187)
*{وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين*} (البقرة: 222)
*{وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِين. إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ*} (لأعراف: 80 ـ 81)/
*{وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً*} (الإسراء: 32)
*{ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِين*} (المؤمنون: 31)
*{وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِين*} (الأحقاف:51)
*{إِنَّا خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً*} (الإنسان: 2)
لقد تحدث القرآن الكريم عن ذلك وأكثر منه، فكيف يمكن للولد أن يفهم معنى هذه الآيات إذا لم توضح له وتشرح من قبل الوالدين والمربين ؟؟
أما في السيرة النبوية نجد أنها عالجت قضية التحرش الجنسي: عن عمرو بن شعيب إن جده رضى الله عنهم قال: قال: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع» (رواه أحمد وأبو داود بإسناد حسن).
5
هذا الحديث من الإبداع بمكان، بل هو مدرسة تربوية كاملة، ولى فيه هذه الوقفات السريعة:
عرف هذا الحديث الأطفال من أول الأمر أن هناك حلالا، وأن هناك حراما، فربى الطفل على التربية الإسلامية منذ نعومة أظفاره.
6
مسألة التفريق في منامات الأطفال هذه هي من باب سد ذرائع الشر، وفي ذلك إشعار بأهمية صيانة أبنائنا، وإغلاق الطريق التي يمكن أن تفضي بهم إلى الوقوع في المحرم، فإن تشارك الأولاد في فراش واحد يمكن أن يؤدي بطريق غير متعمد أو بدافع الفضول إلى محاذير يحسن تجنبها، ومن مقاصد الشريعة سد أبواب الشر، ومنع ما يفضي إلى الحرام.
7
جمع هذا الحديث بين تربية الإيمان والسلوك وإغلاق باب الشر في وقت واحد، إذ أمر أن نربي أبناءنا على الصلاة ونحثهم عليها، والصلاة هنا الفريضة، كما أنها النهي عن الفحشاء والمنكر، كما قال تعالى: *{اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ*} (العنكبوت: 54)
8
هذه هي تربية الإيمان والسلوك، والتفريق في المضاجع هو سد باب الشر، وهذان الجناحان هما أكثر ما يحتاجه أبناؤنا في مثل هذه السن.
(سُدّ باب الشرِّ، واربط بالله تعالى، وربِّ على الإسلام).. هذه رسالة المربين والوالدين.
9
جعل الحديث مسألة التفريق هذه من الضرورة بحيث ربطها بالصلاة، وهو ما يؤكد أهميتها ومكانتها.
10
هذا الحديث يبث في الأطفال إحساسهم بقيمتهم، ويبين لهم أن لهم قدراً ومنزلة عند بلوغهم هذه السنَّ، وهو ما يحقق كياناتهم وثقتهم بنفسهم منذ الصغر.
11
أخيرا.. مسألة التفريق هذه هي حق من حقوق الأبناء على أبنائهم، فواجب على الآباء التفريق بين أبنائهم في مضاجعهم، لغرس العفة والاحتشام والآداب والالتزام في نفوسهم منذ الصغر.
12
على الآباء والمربين ألا تغفل عيونهم عن مراقبة أولادهم وملاحظتهم، لا نقول أن تحرمهم حرية الحركة والتعبير عن الذات، لكنها عين الحارس والمتابع، والملاحظ لكل ما يحدث معه أبنائه، سواء من اختلاطهم بمن حولهم، أو من تغيرات تظهر على الأبناء، فإن بدا من ذلك شيء وجب علاجه قبل أن يكبر ويستفحل ويستشري، وهذه هي المسئولية التي كلف الله تعالى بها كل أب ومرب، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله يقول: «كلكم راع ومسئول عن رعيته، فالإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل في أهله راع ومسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسئول عن رعيته» (رواه البخاري ومسلم).
وأي رعاية أوجب من هذه؟؟
إن الاعتداء الجنسي على الأطفال خطر محدق، وإذا كان هذا الاعتداء من قريب فإنه عادة ما يصاحبه تهديد ووعيد حتى لا يفشي الصغير السر، كما أن الاعتداء غالباً ما يكون متكرراً، نظراً لسهولة تواجد هذا القريب في محيط الطفل، وبذلك قد يستمر الخطأ ربما لوقت طويل، وتظهر آثاره على حالة الطفل النفسية، من اضطرابات سلوكية، وكوابيس، وضعف شهية، وميل للعزلة، وضعف وتراجع دراسي، وأكثر من ذلك تتشوه شخصيته تشويها قد يلازمه طوال حياته، ويصعب علاجه والتخلص تماما من مفاسده، وقد يستمر الطفل في ممارسة الخطأ حتى يكبر بل ويشيخ.
لقد قال الله تعالى: *{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون*} (التحريم: 6)
يقول الإمام الطبري في تفسير هذه الآية:
«يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله [قوا أنفسكم] يقول: علموا بعضكم بعضا ما تقون به من تعلمونه النار، وتدفعونها عنه إذا عمل به من طاعة الله، واعملوا بطاعة الله.
وقوله: [وأهليكم نارا] يقول: وعملوا أهليكم من العمل بطاعة الله ما يقون به أنفسهم من النار».
ويقول الإمام القرطبي:
«قال مقاتل: ذلك حق عليه في نفسه وولده وأهله وعبيده وإمائه، فعلينا تعليم أولادنا وأهلينا الدين والخير، وما لا يستغني عنه من الأدب، وهو قوله تعالى: *{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى*}.
إن التحرش الجنسي سببه الأول الوالدين والمربون، وهم المسئولون الأوائل في أن يقوا أنفسهم أولاً نارا سبيها تقصيرهم في حق أطفالهم، وذلك عبر أن ينشئوا أطفالهم وفق منهجية الإسلام وإيمانياته وأخلاقه، فيدخلوهم الجنة، ويدخلوا بسببهم الجنة.
هم أطفال في ربيع العمر، لا يفقهون شيئاً في الحياة، ولا يفكرون إلا في شيئين اللعب والحلوى. تلمس البراءة في كل سكناتهم وحركاتهم، ورغم كل هذا فهناك أياد تنتهك تلك البراءة وتتعدى على أجساد ومشاعر أولئك الأطفال دون أي شعور بالألم النفسي أو حتى تأنيب الضمير.
نحو وقاية الأطفال من ظاهرة التحرش الجنسي
إذا وقع التحرش الجنسي بالأطفال يجب على الآباء اتباع الخطوات التالية:
1
ينبغي فحص المعتدى عليه طبيا للتأكد من سلامته من الالتهابات ومعالجتها إن وجدت في أسرع وقت ممكن.
2
مساعدته من الناحية النفسية وذلك بعرضه على طبيب نفسي أو معالج نفسي.
3
فحص الفتاة التي تعرضت للاعتداء للتأكد من عفتها ومساعدتها على تخطي الأزمة وتهيئتها للزواج بشكل اعتيادي.
4
تجنب الاستهزاء بمن وقع الاعتداء عليه.
5
تجنب إطلاق الصفات على من وقع عليه الاعتداء كالجبان والضعيف... الخ من الصفات التي تعمل على تحطيمه.
6
مساعدة الضحية على توضيح ما حدث له والاستماع له بكل هدوء وضبط أعصاب كي يطمئن الطفل ويتحدث بحرية تامة.
7
تجنب التشهير بمن وقع عليه الاعتداء.
8
علاج الموقف بالمنطق والحكمة والروية إن وقع اعتداء على الأبناء لا سمح الله بعيداً عن الاندفاع والتهور.
9
توفير النشاطات المختلفة لمن وقع عليه الاعتداء وذلك لإبعاده عن التفكير واجترار الحادث.
10
حمايته من التعرض للإصابة بالكآبة والخوف والوسواس وكره الحياة وغيرها من الأمراض النفسية وذلك عن طريق تخفيف الصدمة عنه.
11
ينبغي التأكد من ادعاء الطفل في هذا المجال قد يكون خياله الواسع هو الذي يدفعه لسرد تلك الأحداث.
12
يمكن تبديل مكان سكن العائلة إن أمكن وذلك للتخلص من أقاويل الآخرين وحماية الطفل من الصراعات النفسية التي تسببها له تلك الأقوايل.
13
تدريب الطفل على ممارسة تمارين الاسترخاء وتمارين التنفس للتخلص من التوتر الذي يعاني منه.
14
معاقبة المعتدي بشكل قانوني كي لا يتكرر ذلك السلوك المشين.
كما يجب عليك اتباع بعض التعليمات التي تحمى الأبناء من التحرش الجنسي مثل:
1
تعليم الأطفال ما الفرق بين التعامل والتفاعل العاطفي مع (الأب والأم والأخوات) والأغراب.
2
يجب عدم ترك الطفل مع الأغراب أو الأقارب بدون رقابة ومتابعة يومية تفصيلية عما تم في الوقت الذي قضاه مع الأغراب والأقارب وذلك عن طريق فتح حوار مع الطفل.
3
تجب طمأنة الأطفال بأن الوالدين موجودان دائما لحمايته من أي تهديد من أي شخص أيا كان نوع هذا التهديد.
4
يجب أن يتعلم الطفل أنه لا يوجد شيء يفرض عليه أن يتفاعل عاطفياً مع أي شخص حتى ولو كان من الأقارب أو الأصدقاء للعائلة، ونقصد به التفاعل العاطفي الحسي، مثل الاستجابة إلى التقبيل، الاحتضان، أو المداعبة بطريقة لا تريح الطفل.
5
يجب أن نرفع من ثقة الطفل بنفسه وأنه عنده القدرة دائماً للرفض والهروب وطلب المساعدة بصوت عال وواضح، حينما يتعرض لأي محاولة للتحرش به.
ومن الطبيعي أن الوقاية خير من العلاج وتتم وقاية الأبناء وحمايتهم من شرور الوقوع بهذه المخاطر بعدة وسائل سأذكر منها ما يلي:
1
ينبغي توعية الأطفال منذ الصغر بشتى الطرق والوسائل المتاحة والممكنة.
2
مراقبة الكبار اللصيقة للأطفال أثناء لعبهم بعيدا عن التسلط.
3
ينبغي التأكد من نوعية علاقة الكبار بالأطفال وسلامة نيتهم مهما كانت قرابتهم للطفل.
4
ينبغي على الأمهات أخذ الحيطة وحماية أطفالهن من المنحرفين وإن كانوا من أفراد العائلة.
5
مراقبة سلوك الخدم وعلاقتهم مع الأطفال.
6
مراقبة مراكز الإنترنت العامة من قبل الجميع إن كانوا مربين أو سلطات أمن أو غيرها كي لا يستغل الأطفال بتدريبهم على ممارسات إباحية أو استدراجهم لها.
7
ينبغي إحاطة الطفل بالحب والحنان وبأجواء التعاون والاطمئنان وإتاحة الفرصة لهم للإفصاح عما يعانون منه.
8
حماية أطفال المدارس من الممارسات السلبية وذلك بعدم تركهم في المرافق مدة طويلة أو في الغرف المهملة والفارغة كي لا يجدوا فرصة لممارسة تلك السلوكيات.
9
مراقبة الأطفال في ذهابهم وإيابهم إن كان للمدرسة أو إلى أماكن أخرى.
10
منع الأطفال وتحذيرهم من الذهاب إلى أماكن مهجورة كي لا يجد المنحرفون فرصتهم للاعتداء عليهم.
11
التفريق بين الأطفال أثناء النوم قدر الإمكان وإن كان لابد منه ينبغي مراقبتهم.
12
الحذر من ممارسة الوالدين العلاقة الجنسية قريبا من الأطفال أو حيث يكون بإمكانهم سماع ما يدور بين الوالدين أثناء ذلك.
13
تشجيع الأبناء على الالتزام بتعاليم دينهم وأخلاق مجتمعهم معنوياً ومادياً وذلك بوضع جوائز لمن يلتزم بتلك الأخلاق الراقية وحسن التصرف والسلوك.
14
ينبغي على وسائل الإعلام الحد من الوسائل التي تساعد على الانحراف من أفلام ومسلسلات وصحف وكتب و أقراص مضغوطة.
15
توفير الشروط المطلوبة للموظفين العاملين في مراكز حماية الناشئة كي لا يقع عليهم الضرر من المنحرفين المتربصين بهم.
16
ينبغي تعاون المؤسسات المسئولة في مراكز الصحة النفسية والخدمة الاجتماعية لنشر ثقافة وتوعية تساعد على حماية الناشئة.
17
تطوير ورفع مستويات العاملين في المؤسسات التعليمية لتقديم التوجيه والإرشاد المناسب للناشئة بشكل عام.
18
افتتاح مراكز مختلفة للتوعية ورعاية الناشئة وتوجيه نشاطاتهم بالشكل الصحي وذلك لحمايتهم من ممارسة السلوكيات المنحرفة والمختلفة.
19
توزيع كتيبات على الأسر تتناول الأمور الجنسية بشكل علمي وأسلوب مقبول لغرض التوعية وحماية الأطفال من هذه المخاطر.
20
توصيات لمواجهة ظاهرة التحرش الجنسى بالأطفال
لمواجهة ظاهرة التحرش الجنسي بالأطفال وفي ضوء هذا البحث أوصي بما يلي:
1
إجراء مزيد من الدراسات والبحوث حول ظاهرة العنف والإيذاء في كافة المجتمعات الإسلامية وحصر الحالات ومدى تفشيها في المجتمع.
2
إقامة اللقاءات التربوية مع مديري المدارس على مستوى إدارات التعليم بكيفية التعامل مع الحالات التي ترد إليهم واتخاذ الإجراءات السليمة حيالها.
3
الاستفادة من المراكز الاجتماعية بالأحياء لتوعية الأسس لحالات الإيذاء وكيفية مواجهتها.
4
التوعية بدور ومهام المؤسسات الاجتماعية المتخصصة التي تتعامل مع حالات العنف.
5
تفعيل دور الإعلام التربوي المرئي لزيادة الوعي لدى أفراد المجتمع (تجاه حالات العنف والإيذاء).
6
تشكيل لجنة متخصصة ومؤهلة على مستوى إدارات التعليم لاكتشاف ومتابعة حالات الإيذاء والتواصل مع الجهات ذات الاختصاص.
7
التأكيد على أن القرآن الكريم والنهج النبوي هو الأصل في تربية الأطفال وطرق التعامل معهم.
8
فتح حوار مفتوح بين الأهل والأطفال وتعويدهم على المصارحة.
9
تثقيف الأطفال للخطر القادم من الخارج وعدم السماح لهم بالخروج بمفردهم.
10
توعية الأسرة بمؤشرات تعرض الطفل للإيذاء حتى يمكن ملاحظتها على الطفل في حالة تعرضه لذلك.
11
توعية وتثقيف الأسرة بتجنيب إهمال الطفل سواء في الغذاء أو العلاج أو التعليم أو سبل رعاية الطفل المختلفة وتوضيح أهمية الاهتمام به ورعايته الرعاية السليمة.
12
تفعيل دور الأخصائي الاجتماعي وتأهيله للتعامل مع حالات الإيذاء.
13
إيجاد مفهوم محلى لثقافة العنف يتناسب مع ثقافتنا وعاداتنا.
14
توعية المجتمع بأن الإسلام ينادي بمآزرة الضعيف ولابد أن لا نقف صامتين أمام العنف وبخاصة في السن المدرسية مهما كانت صلة المعتدي عليه.
15
أهمية تفعيل الأنظمة التي أعدت حالياً لحماية الأسرة في أسرع وقت ممكن لما للنظام من دور قوي في توضيح آليات التعامل مع هذه الحالات.
16
التشجيع على إنشاء مكاتب للإستشارات الأسرية على مستوى الأحياء تتولى الرد على الحالات المحتاجة على مدار 42 ساعة.
17
تأهيل العاملات في الميدان التربوي لإلتقاط الحالات التي يقع عليها العنف المدرسي واكتشافها بشكل مبكر.
18
التأكيد على أهمية الدور الوقائي من خلال تفعيل برامج التوعية والإرشاد للتعريف بهذه الظاهرة وبآثارها المدمرة والعمل على الحد منها.
19
تشكيل فريق بحث ميداني يتكون من طبيب عام ونفسي وباحث اجتماعي لعمل زيارات للمدارس واكتشاف حالات الإيذاء ومعالجتها.
20
الإعلان عن الهيئات الحكومية المتخصصة في مجال حقوق الأفراد وحمايتهم والتعريف بدورها ومدى صلاحيتها.
المراجع
1
سمر عبده، العنف والاعتداء على الأطفال، دار الشروق للنشر، بيروت، 2005.
2
إسماعيل خليل الدسوقي، توفيق أحمد حجازي، سلوك الأطفال الجانحين، دار الفكر العربي، 1996.
3
فاتن عبد الرحمن الطنباري، التحرش الجنسي وتأثيره على الأطفال، معهد الدراسات العليا للطفولة، جامعة عين شمس، 2003.
4
عادل بدر، الاستغلال الجنسي والجسدي للأطفال، المؤتمر السنوى الرابع، المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، 2001.
5
سامية محمد الساعاتي، وقاية الأطفال من سوء المعاملة، دار الجامعات العربية للنشر، بيروت، 2005.
6
إيمان السيد، التحرش الجنسي بالأطفال، دار القلم للنشر، بيروت، 2005.
7
فتحية رشدي صادق، اغتصاب الأطفال جريمة فى تزايد، دار الكتاب العربي، القاهرة، 2007.
8
أحمد جمال أبو العزايم، العنف الجنسي ضد الأطفال، مجلة النفس المطمئنة، العدد 62، أبريل 2002.
9
ـ إدريس ولد القابلة، اغتصاب الأطفال، مجلة الحوار المتمدن، العدد 743، يوم 2004.
10
من مواقع الإنترنت، مركز الدراسات للمركز العربي للمصادر والمعلومات حول العنف ضد الأسرة، 2007.
دكتور محمد مرسى محمد مرسى (http://www.almanalmagazine.com/profile/57)
وان هذا المصطلح بثقله على مسامع مجتمعاتنا العربية والإسلامية ذات الطبيعة المحافظة، يدفعها (المجتمعات) للتعامل معها بإحدى طريقتين، التهويل أو التهوين وفي الحالتين تتعامل الأسرة بجهل تام مع الظاهرة ويفقد الآباء القدرة على تقديم النصح والإرشاد إلى الأبناء، أو حتى التعامل المفترض مع أي حادثة تحرش جنسي قد يتعرض لها أطفالهم.
والتحرش الجنسي بالأطفال شكل من أشكال الإساءة للأطفال والتي تنقسم إلى:
أ
الإساءة الجسمية Physicl Abuse
هي إيقاع أثر مؤلم على الجسد، تحس به الوصلات العصبية عن طريق الشعيرات الدموية المنتشرة في أجزاء الجسم، وتنقله إلى الذهن، ويرتبط به ألم نفسي إلى جانب الألم الحسي المباشر، ولذلك يتضاعف أثره، ويقوى تأثيره وأن إصابة الطفل إصابة شديدة غير عرضية ـ متعمدة ـ قد تنتج عن أي اعتداء من أى نوع يتعرض له الطفل مثل الضرب بالسياط وحشو في فمه لخنق الصوت، ولكم وضرب الوجه. كذلك الدفع بعنف والرجرجة الشديدة، والركل بالرجل، كذلك القرص، والعض، والخنق، وشد الشعر، والحرق بواسطة السجائر، والماء المغلي، أو أشياء أخرى ساخنة.
وتأخذ الإساءة الجسمية أشكالاً متنوعة، ولكنها دوماً تتشابه في نواتجها هذه الأشكال هي:
1
الآثار الظاهرة على الجلد: وتكون على شكل حروق أو كدمات أو آثار تقييد وتسلخات في أجزاء الجسم المختلفة أبرزها في الوجه آثار اللطمات واللكمات..
2
الآثار غير الظاهرة: وأبرزها الكسور، حيث توجد أجزاء غضروفية في عظام الأطفال تسمى بدايات التعظم وهى سهلة الكسر... كما يسهل ملاحظة حالات التمزق، والالتواء، وخلع مفاصل الكتف، والكوع، والرسغ نتيجة تعرض الطفل للجذب بعنف. وهذا النوع من الإساءة عرف قديماً ففي أمريكا مثلاً وجدت حالات مسجلة اتخذت شكل الظاهرة الملفتة للنظر منذ عام 6491 حينما لاحظ أحد أطباء الأشعة الأمريكيين واسمه كافي (Caffey) زيادة أعداد الأطفال الذين يصورهم بالأشعة السينية ويشخصون بأن لديهم كسور متعددة وضربات بالرأس.. وفي عام 2691م أطلق كمب (Kempe) على هذه الحالات اسم (متلازمة الطفل المضروب).
ب
الإساءة النفسية العاطفية Emotional Abuse
هي كل ما يحدث ضرراً على الوظائف السلوكية والوجدانية والذهنية والجسدية للمؤذى مثل: رفض وعدم قبول الفرد، إهانة، تخويف، تهديد، عزلة، استغلال، برود عاطفي، صراخ، سلوكيات غير واضحة. وأشكالها هى على النحو التالي: رفض الطفل وعدم تقبيله أو احتضانه ـ نقص مكافأة الطفل أو حتى التعليقات الإيجابية على ما يصدر منه من سلوك جيد. تهديد الطفل وإخافته، ومقارنته السالبة مع الآخرين والتقليل من شأنه أمامهم، شتم الطفل ووصفه بأنه شيء، ودائماً ما يخطىء، وتسميته ووصفه بأسماء مشينة، لوم الطفل باستمرار ووضعه ككبش فداء في أي مشكلة قد تحدث، وهذا النوع من الإساءة دائماً ما يكون مصاحباً لنوع آخر من سوء معاملة الأطفال مثل الإيذاء الجسمي أو الجنسي.
والإساءة النفسية لا تقتصر على الازدراء والاستهزاء أو السباب فحسب، بل تأخذ أشكالاً أخرى من شأنها قهر الطفل ومهاجمة نموه العاطفي ومن ذلك التفريق في المعاملة بين الطفل وإخوته أو الآخرين ممن يشاركون المكان وكذلك النبذ واغتصاب حقوقه من الدفاع عن نفسه مما يحفز ظهوره روح العداء والانتقام لديه ضد الآخرين.
ج
الإساءة الجنسية Sexual Abuse
هي عمل جنسي بين إنسان ناضج وطفل، ويتضمن الأشكال التالية:
1
دعارة الأطفال، ومداعبة ولمس وتقبيل الأعضاء التناسلية للطفل.
2
إجبار الطفل على مداعبة الأعضاء التناسلية للإنسان الناضج
3
تعريض الطفل للمارسات الجنسية بين البالغين.
4
التلصص على الطفل للتلذذ بمشاهدته وهو عار أو إجباره على خلع ملابسه (تعريته).
5
تشجيع الأطفال على الاشتراك في الأفلام والمجلات والمواقع الإباحية في (الإنترنت).
وتعد الإساءة الجنسية من أخطر أنواع الإساءة التي يتعرض لها الطفل وتكمن خطورتها في بقاء أثرها حتى البلوغ إذ يظل يذكرها ذلك الطفل المعتدى عليه جنسياً فتسيطر عليه مشاعر الكآبة والمحرجة التي يتعرض لها في صغره، وحاله أهون بقليل ممن لو كان المعتدى عليها جنسيا (طفلة) لأن ذلك يؤثر مستقبلا وبدرجة أكبر في اتجاهها نحو الزواج والحمل وفكرة الارتباط بالرجل وربما أثر ذلك حتى على مدى إقبالها على الحياة.
د
إهمال الطفل Child Neglect
رغم الصعوبة التي تواجه المهتمين بموضوع الإهمال من باحثين وغيرهم في تعريف الإهمال، إلا أنه في الغالب يقصد به التقصير في القيام بما يجب من سلوك كاستجابة تلبى احتياجات الطفل الضرورية ومن ذلك إهمال طعامه وشرابه ولباسه والعناية بصحته العامة، كذلك إهمال حاجته للاحتواء العاطفي، ومنح الحب والدفء والتدعيم الإيجابي ـ وحاجته للتعليم. وتعزى صعوبة تعريف الإهمال إلى تداخل السلوكيات التي تعبر عن درجته، مع السلوكيات التي تنتمي تحت أنواع أخرى من الإساءة كالإساءة النفسية والوجدانية.
وتعريف إهمال الطفل هو أنه: هو الفشل في إمداد الطفل باحتياجاته الأساسية الجسمانية أو التعليمية أو العاطفية ومن ذلك عدم الإمداد الكافي بالطعام أو توفير المأوى المناسب أو الملابس أو الطرد من المنزل أو رفض تقديم الرعاية الطبية أو تأخيرها أو إهمال تسجيل الطفل في المرحلة الدراسية المناسبة لسن الطفل أو السماح للطفل بالهروب المتكرر من المدرسة أو التشاجر والنزاع مع الكبار في المنزل أمام الطفل. لهذا فإنه لا يمكن للطفل أن ينمو بشكل سليم في كافة مظاهر نموه المختلفة كالنمو الجسمي، والنمو العقلي، والنمو الاجتماعي، والنمو الانفعالي، وغيرها من مظاهر النمو المختلفة دون ان يتوفر له الاحتياجات الأساسية المشبعة لكل مرحلة، والمتمثلة بالمأكل والرعاية الطبية والحماية من الأخطار، ومنح الفرصة الكافية للتعليم والإمداد بالحب العاطفي، غيرها من الاحتياجات الضرورية.
ومن خلال التعريفات والتصنيفات السابقة لأشكال أو أنماط الإساءة يتضح أنها متداخلة ومتشابكة وإلى حد كبير. فحين يتعرض الطفل لضرب ـ إساءة جسمية ـ فإن أثرها ليس جسدياً فحسب بل إنها ستترك أثراً نفسياً، قد يكون وقعة أشد من مجرد التألم جسدياً.
أسباب إساءة معاملة الأطفال
يمكن تفسير أسباب إساءة معاملة الأطفال من خلال أربعة أبعاد أو مناح وهي: بعد طبي نفسي وبعد نفسي اجتماعي، وبعد اجتماعي موقفي، وأخيراً بعد بيئي تكاملي. والتي يرى الباحث أنها الأكثر شيوعاً من خلال ما هو متاح من أبعاد ومناح ووجهات نظر أخرى متعددة، توفرت للباحث خلال بحثه.
أولاً: البعد الطبي النفسي Psychiatric Approach
يعد البعد أو المنحى التفسيري من أكثر المناحي والأبعاد تفسيراً لإساءة معاملة الطفل، كما يعرف هذا البعد التفسيري بالبعد النفسي المرضي. واشتق هذا البعد من تحليل الطب النفسي للوالد المسئ، ويفترض أن الوالد المسيء لديه مجموعة من خصائص الشخصية تميزه عن غيره وأنه غير سوي. ويمكن أن يصنف في إحدى الفئات التشخيصية الطبية النفسية، مثل الفصام، أو ذهان الهوس، والاكتئاب. كما تضمن هذا المنحى الإشارة إلى أهمية تاريخ طفولة الوالد المسيء من جيل لآخر فلم يقدم أصحاب هذا البعد ذكر (روس وكولمر) تفسيراً واضحاً عن كيفية انتقال إساءة معاملة الطفل من ذرية إلى أخرى وربما يقصد هؤلاء أن للابن البالغ الذي أسيئت معاملته وهو طفل كان لديه راشدين مسيئين كنماذج يحاكيها، والأطفال يمتصون معاييرهم ودروسهم التربوية بعمق، وفي سن مبكرة كثير من الأطفال الذين أسيئت معاملتهم يطبقون تلك الدروس على أطفالهم تلقائية وبنفس الأسلوب عندما يكبرون ويصحبون آباء.
أما المواصفات المميزة والتي تعكس شخصية الوالدين المسيئة لأطفالهم فهناك أربع مجموعات للآباء صنفها (Merril) في مجموعات كالآتي:
1
مجموعة الآباء الذين تمت مواجهتهم واتضح في شخصيتهم العداء عموماً، واستنتج (ميريل) أن هذا الغضب الناتج من التعارضات والتناقضات في الطفولة ومرحلة النضج المبكر، امتدت جذوره وخبراته إلى مرحلة الشباب.
2
مجموعة تعاني من الصرامة الإجبارية في نقص الدفء ونقص الأسباب المنطقية (البلاهة) ونقص التفكير المنطقي، واعتقاد هؤلاء الآباء أنهم يدافعون عن مبادئهم، وانهم على صواب في كل ما يفعلونه.
3
مجموعة لديها اعتقاد قوي وإحساس بالسلبية والاعتمادية على الآخرين، وظهر عليهم هذا الإحساس الشديد بالاعتماد على الآخرين عند اتخاذ القرارات، وبدا على العديد من هؤلاء عدم النضج.
4
مجموعة من الآباء أساءوا معاملة أطفالهم، ويبدو أنهم كانوا صغاراً، أو كانت لديهم إعاقة جسدية، جعلتهم غير قادرين على رعاية وتدعيم أسرهم.
وهكذا يؤكد هذا البعد على أن شخصية كل من الأب والأم مرتكبي الإساءة تتميز عن غيرها بخصائص تعبر عن عدم السواء (شخصيات مضطربة)، كذلك وجود أعرض ذهانية (شخصيات فصامية) هى جميعها اضطرابات تعد عوامل مسببة ومهيئة بدرجة كبيرة للأقدام على إساءة معاملة الطفل الذي يتعذر عليهما إدارة شؤون الأسرة ومواجهة مشكلاتها كما ينبغي.
ثانياً: البعد الاجتماعي Social Approach
ويرتكز هذا البعد على العوامل الاجتماعية البيئية والتي تقف وراء إقدام بعض الآباء أو الأمهات أو المربيين على ممارسة الإساءة ضد الأطفال. فالبيئة الاجتماعية بما تحتويه من متغيرات واعتبارات ثقافية سائدة تمارس في حقيقتها ضغوط نفسية تعد سبب من أسباب إساءة معاملة الأطفال التي لا يمكن إغفالها أو التقليل من شأنها كمنحى تفسير، هذه الضغوط الاجتماعية تزداد عندما يشعر الوالدان بالعجز عن مسايرة الآخرين اجتماعياً لضعف مستواهم الاقتصادي. وإلى أن العوامل الاجتماعية البيئية مثل الوضع الاجتماعي الاقتصادي، والبطالة المادية، وظروف السكن والمعيشة، وحجم الأسرة، والآباء المراهقين، والعزلة الاجتماعية تعد من عوامل مفاجأة للضغط الذي يؤدي إلى سوء المعاملة.
وقد قدم هذا البعد بعض الدراسات التي تؤيد ما ذهب إليه وهو أن مستويات العنف في المجتمع تنعكس على العلاقات الأسرية وعلى طبيعة التفاعل بين أفرادها فهي تستخدم العدوان اللفظي، والبدني كوسيلة لحل الخلافات والمشكلات الأسرية بما فيها التعامل مع ما يصدر من الأطفال من سلوكيات، وبالتالي فهي تميل إلى استخدام أنماط متشابهة في تربية أطفالها، وأن السلوك المسيء هو نتاج المشقة والانعصابات والإحباط، وترتبط المشقة بالوضع الاجتماعي للفرد.
ثالثاً: البعد الاجتماعي الموقفي Social Approach Situational
ما يميز هذا البعد التفسيري عن غيره من الأبعاد والمناحي التفسيرية الأخرى هو تركيزه المباشر على العوامل الاجتماعية الموقفية التي يرى أنها تسهم في حدوث إساءة معاملة الأطفال، ومنها ما يتعلق بطبيعة التفاعل الاجتماعي الذي ينشأ بين الطفل ووالديه أو القائمين على رعايته، أو ذلك ا لتفاعل الذي ينشأ تحديداً بين الوالدين داخل نطاق الأسرة، والتي هي في مجملها متغيرات تسهم في حدوث الإساءة. ويعطى هذا المنحى أهمية لدور الطفل في عملية الإساءة.
ومن هنا برزت فكرة انتقائية الإساءة Selectivity Abuse التي ترى أن ليس كل الأطفال يساء معاملتهم، ولكن عادة يتم انتقاء طفل معين داخل الأسرة للمعاملة السيئة وذلك بعدة طرق منها: أن الطفل قد يكون لديه بعض الخصائص المزاجية ومشكلاته الارتقائية أي أن عدم نضج التصرفات السلوكية هي أهم ما يتسم به الأطفال الذين يتعرضون للإساءة.
ومن هذه التصرفات كثرة بكاء الطفل وصراخه المستمر وهناك مجموعة من الدراسات التي تبنت هذا البعد التفسيري والتي تؤكد على أهمية المواقف الاجتماعية المهيئة لحدوث العقاب الجسمي والإساءة للطفل عموماً.
من هذه الدراسات ما أوردها (إسماعيل، وتوفيق، 1996) وهى (دراسة كادوشين ومارتين Martin Kadushin) ومن إحدى نتائج هذه الدراسات أن سلوك الأطفال والمراهقين يسهم في ترسيب الإساءة وأحياناً يكون سبباً للإساءة.
وفي سلسلة التفاعلات التي تبلغ ذروتها بإساءة معاملة جسدية للطفل تبدأ ببعض مظاهر سلوكية يدركها الوالدين على أنها تبلغ ذروتها بإساءة معاملة جسدية للطفل تبدأ بعض مظاهر سلوكية من الطفل يدركها الوالدين على أنها بغيضة وسيئة، فالإساءة وفقاً لنتيجة هذه الدراسة مرتبطة بسلوكيات الطفل.
رابعاً: البعد التكاملي التفاعلي Approach Integrativw
أصحاب هذا البعد التفسيري يفسرون أسباب إساءة معاملة الطفل إلى مجموعة عوامل متعددة ومتفاعلة، فلا يعتمدون في تفسيرهم لإساءة معاملة الطفل على عامل واحد مهما كانت درجة قوته، فإساءة معاملة الطفل من منطلق هذا البعد ممكن أن تحدث سمات شخصية معينة، ولا تحدث الإساءة بسبب عامل واحد فقط كالعامل الاجتماعي أو الاقتصادي أو المرضي ولكن يمكن أن تحدث بسبب تداخل وتفاعل تلك العوامل مجتمعة وبشكل تبادلي، وذلك في موقف واحد من مواقف التفاعل الذي ينشأ بين الوالدين والطفل أو القائمين على رعايته، فإنه عندما يبدأ الوالدان اللذان يمارسان الإساءة واللذان قد دخلا في تكوين الأسرة، ومرا في حياتهما التطورية بخبرات أليمة في مرحلة التنشئة قد تجعلهما مهيئين لمعاملة الطفل بأسلوب تعسفي أو بشكل مهمل. بالإضافة إلى عوامل زيادة الضغط سواء الداخلية ضمن نطاق الأسرة أو الخارجية ضمن نطاق المجتمع الكبير قد تزيد من إحتمال حدوث الخلاف بين الأبوين والطفل.
حجم مشكلة التحرش الجنسي بالأطفال
تواجه العديد من المجتمعات الإسلامية ظاهرة التحرش الجنسي بالأطفال منها:
1
مصر:
تعد قضية التحرش الجنسي بالأطفال في مصر واحدة من أهم القضايا التي طرحت نفسها على أجندة العاملين بمجالات حقوق الإنسان، وبخاصة المتهمين بحقوق الطفل بداية من الرصد والاشتباك مع الانتهاكات الواقعة على الأطفال وبخاصة الاعتداءات الجنسية.
وفي الغالب تسود ثقافة مجتمعية ترفض الاعتراف بالأمر كظاهرة، كما لا تتوافر أي بيانات حكومية إحصائية وبخاصة بعد منع إعلان تقرير الأمن العام، برغم وجود عدد كبير من المؤسسات الحكومية معنية بالرصد والتدخل في مثل هذه الانتهاكات، وعلى سبيل المثال شرطة الأحداث ونياباتها، وأقسام وزارة الشؤون الاجتماعية المختصة بالتأهيل النفسي لضحايا العنف الجسدي.
/وتشير أو لدراسة عن حوادث التحرش بالأطفال في مصر أعدتها الدكتورة فاتن عبد الرحمن الطنباري أستاذ الإعلام المساعد في معهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس إلى أن الاعتداء الجنسي على الأطفال يمثل 18٪ من إجمالي الحوادث المتعلقة بالطفل، وفيما يتعلق بصلة مرتكب الحادث بالطفل الضحية أشارت الدراسة إلى أن النسبة هي 53٪ من الحوادث يكون الجاني له صلة قرابة بالطفل الضحية، وفي 65٪ من الحالات لا توجد بينهم صلة قرابة.
والإحصائيات التي نشرها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في المؤتمر السنوي الرابع تحت عنوان (الأبعاد الاجتماعية والجنائية للعنف في المجتمع المصري) والذي أشار إلى أن إحصائيات الإدارة العامة للأحداث تظهر تزايد الجرائم الماسة بالشرف بصفة عامة في الفترة من عام 1997 حتى عام 2000، والتي تضم الفعل الفاضح وهتك العرض وممارسة الدعارة والتعرض للأنثى والمعدة من الجنح، حيث بلغت (5909) منها (5427) جنحة تعرض للأنثى.
وبلغت جنايات هتك العرض والاغتصاب 92 جناية عام 1997 32 جناية عام 2001 ومن بين 2143 طفلاً مودعين بدار أحداث المرج خلال عام 2001 بلغت نسبة المتهمين في قضايا هتك العرض والخطف المقترن بهتك العرض والاغتصاب 30٪ وهو الأمر الذي يدعونا للتوقف ومراجعة مواقفنا تجاه هذه الظاهرة، والتي أصبحت تحتاج إلى المكاشفة والصراحة في التعامل، حتى نتمكن من توفير الحماية الحقوقية، ومن قبلها الإنسانية لهؤلاء الأطفال، وبخاصة في ظل مجتمع يرفض البوح بتلك الجريمة محملاً المسؤولية على الضحايا وبخاصة إذا كانت أنثى.
الخطير في الأمر ما رصده مركز حقوق الطفل المصري من تحول الاستغلال الجنسي والجسدي للأطفال من ظاهرة وقتية مرتبة بعوامل محددة، إلى ظاهرة قائمة على مؤسسات غير شرعية تعمل بشكل منظم على استغلال الأطفال جنسيا؛ لتحقيق أرباحها على حساب براءة الطفولة وإنسانيتها (الأمر الذي أظهرته ملفات شبكات الدعارة في مباحث الآداب القبض على مخرجة تليفزيونية سابقة تم فصلها من العمل لسلوكها المنحرف؛ لإدارتها شبكة لممارسة الدعارة مستخدمة الصغيرات، وتضم الشبكة 11 فتاة أقل من 15 سنة، تقدمهن إلى الزبائن وبخاصة الأثرياء بأسعار أغلى من الأخريات الأكبر سناً).
وفي منطقة روض الفرج تم الكشف عن شبكة تديرها ربة منزل تتكون من 15 فتاة بينهن 7 أقل من سن 15 سنة، وشبكة أخرى تديرها راقصة وممثلة مغمورة ضمت 14 فتاة.
أما الإدارة العامة لمباحث الأحداث فقد ألقت القبض على أحد الأشخاص يقوم باختطاف أطفال دون سن الحادية عشرة من مناطق مختلفة من القاهرة والجيزة ويجبرهم على التسول، ويقدم الصبية للراغبين في متعة الشذوذ الجنسي.
وهناك أيضا قضية (القنصل الفرنسي) المتهم بممارسة الشذوذ الجنسي مع أربعة من الأطفال الذكور وقيامه باصطحاب مراهق من الإسكندرية إلى شقة بباريس ليمارس معه الشذوذ، كما شهد عام 2002 الكشف عن قضية أستاذ جراحة اللثة بكلية طب الأسنان كان يهوى استغلال الأطفال جنسيا، وجاءت اعترافات الفتيات (الضحايا) الأربع مثيرة لقدراته في ابتداع كل أشكال التعذيب، وقيامه بتسجيل أشرطة فيديو لعملية الاغتصاب وهتك عرض الفتيات.
كما تدخل فئات اجتماعية جديدة مثل الأطباء والمدرسين، سوق الاستغلال الجنسي للأطفال، وهو ما ينذر بخطورة الظاهرة، وبخاصة إذا كانوا من المسؤولين عن عملية الرعاية والتنشئة.
وعلى سبيل المثال وليس الحصر، قضية قيام مدرس بهتك عرض تلميذة عمرها تسع سنوات بالمدرسة بعد انتهاء اليوم الدراسي، واعتداء طبيب مزيف لمدة سنتين على مرضاه، وهتك عرض بعض المترددات على العيادة.
ثم حالات أخرى أبرزها قيام خمسة من العاطلين بخطف فتاة (16 سنة) معاقة عقلياً وقاموا بهتك عرضها، وقيام آخر باعتداء جنسي على طفلة (6 سنوات) وقتلها وسرق قرطها الذهبي، انتقاماً من أسرتها التي اتهمته بالاعتداء الجنسي على شقيقتها الكبرى.
واتهام شاب بالخطف والاغتصاب بالإكراه لفتاة عمرها 11 عاماً، والقبض على 6 ذئاب بشرية قاموا بخطف فتاة عمرها 16 سنة مستخدمين السلاح الأبيض لتهديد المجني عليها واغتصابها وإلقائها في الشارع في حالة إعياء شديد، وقيام أحد الأشخاص باختطاف فتاة عمرها ست سنوات إلى منطقة المقابر بغرض اغتصابها، ولما حاولت الاستنجاد بالمارة قتلها وفر هارباً، وقد أوضحت التحقيقات أن المتهم الذي يبلغ من العمر 51 عاماً سبق أن اتهم في قضية هتك.
ورغم صعوبة الحصول على أرقام حقيقية حول مسألة التحرش الجنسي الأطفال، فإن بعض الدول قد أعلنت عن إحصاءات وما استطعت الحصول عليه من أرقام يعطى دلالة واضحة على انتشار ظاهرة التحرش الجنسي بالأطفال في مصر.
2
التحرش الجنسي بالأطفال في الأردن:
تبين سجلات عيادة الطب الشرعي في وحدة حماية الأسرة بالأردن أن عدد الحالات التي تمت معاينتها خلال عام 1998 قد بلغ 437 حالة، شملت 174 حالة إساءة جنسية على الأطفال، وكانت مصنفة حسب ما يلي: 48 حالة إساءة جنسية كان المعتدى فيها من داخل العائلة، 79 حالة إساءة جنسية كان المعتدى فيها معروفاً للضحية ـ قريباً أو جاراً أو غيره ـ و 47 حالة كان الاعتداء على الطفل فيها من قبل شخص غريب.
3
التحرش الجنسي بالأطفال في لبنان:
ذكر الدكتور (برنار جرباقة) عام 0002م أن المؤتمر الرابع اللبناني لحماية الأحداث أشار إلى ارتفاع عدد الاعتداءات الجنسية على القاصرين خاصة الذكور منهم على يد أقرباء لهم أو معتدين قاصرين.
4
إيذاء الأطفال في السعودية:
أكدت إحدى الدراسات التي قامت بها اللجنة القومية لمنع إيذاء الأطفال كما ذكرت جريدة الوطن السعودية أن هناك عشرات الآلاف من الأطفال الضحايا الذين يعانون من الصدمات النفسية الشديدة مدى الحياة نتيجة إيذائهم.
وقد تبين أن هناك 77 من هؤلاء المعتدين (آباء) للأطفال الضحايا، و 11 من أقاربهم، وإن أكثر من 75 من المعتدين هم أشخاص معروفين للضحية تربطهم بالطفل علاقة قربى أو معرفة، والتحرش الجنسي أحد أنواع هذا الإيذاء.
5
التحرش بالمعتقلين الفلسطينيين:
في دراسة أعدها نادي الأسير الفلسطيني تبين أن أسلوب التحرش الجنسي بالمعتقلين والتهديد بالاغتصاب تصاعد بشكل يبين أنه اعتمد كنهج في الآونة الأخيرة من قبل المحققين داخل حجرة التحقيق.
وأشارت الدراسة أن هذا الأسلوب يستخدم بشكل كبير مع الأطفال القاصرين (أقل من 18 سنة) بهدف ترويعهم وبث الفزع في صفوفهم من أجل اعترافات منهم، ولم يقتصر الأمر على التهديد بل دخل في حيز التطبيق ضد المعتقلين الفلسطينيين.
وأشارت تقارير (نادى الأسير الفلسطيني) إلى أن هذا الأسلوب اللاأخلاقي أصبح جزءاً من أساليب التعذيب والمعاملة القاسية التي يلقاها الأسرى أثناء التحقيق معهم، وهو يتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان التي تحرم التعامل مع الأسير بأساليب تمس الكرامة أو تعتمد توجيه الإهانات والأذى له. وأظهرت الحالات التي تابعها (نادى الأسير) أن هذه الظاهرة تنتشر داخل السجون الإسرائيلية، وتمارس ضد معتقلين فلسطينيين، ولاسيما الأطفال منهم.
لذلك لا تملك الدوائر الرسمية الإسرائيلية أي إحصاءات رسمية حول ظاهرة التحرش؛ لأنه يتم الحديث عنها بشكل قليل جدا، وخاصة إذا كان الحديث يدور حول وقوعها من الحاخامات باعتبارهم مقدسين، وإذا قام بها أصحاب السلطة والنفوذ من وزراء ومسؤولين.
6
التحرش الجنسي في إسرائيل:
إن عشرات الفتيات المتدينات يتعرضن يومياً لحالات الاغتصاب والتحرش الجنسي من قبل رجال الدين أو العاملين في المؤسسات الدينية الإسرائيلية، هذا ما تؤكده وثائق إحدى الجمعيات الإسرائيلية التي تعالج ضحايا الاعتداءات الجنسية، والتي تؤكد أن هذه الاعتداءات بين المتدينين اليهود أكثر عددا ونسبة وأقسى وحشية من غيرها.
وتشير هذه الجمعيات إلى أن ما يزيد الأمر سواء هو أن المستهدفين هم الأطفال، وأيضاً صمت المجتمع تجاه ذلك؛ ما يدفع المتعدى عليهم إلى عدم تقديم شكوى ضد المعتدين خوفاً من مقابلة ذلك باستهزاء من قبل المجتمع، لما يتمتع به رجال الدين من مكانة محترمة في المجتمع.
وأكثر الجرائم التي تقع من قبل رجال الدين في إسرائيل بالإضافة إلى جرائم التحرش الجنسي والاغتصاب هى تجارة المخدرات وتهريب المجوهرات، فمنذ فترة أقامت 5 سيدات من جنوب إسرائيل دعوى قضائية ضد أحد الحاخامات يتهمنه بالتحرش بهن جنسياً، وكشفت أن الحاخام يخدع أنصاره ومريديه بأنه صاحب خوارق وقوى غير طبيعية.
وقد تلقت الشرطة الإسرائيلية شكوى أخرى من إحدى الفتيات تتهم فيها حاخاما من مدينة حيفا باغتصابها بعد أن لجأت إليه كى يساعدها على التوبة والإقلاع عن ذنوبها، فما كان منه إلا أن قام باغتصابها بدعوى منحها البركة!! وبعد القبض على هذا الحاخام تبين أنه متورط في عدة قضايا مماثلة.
ولا يتورع الحاخامات في إسرائيل عن اغتصاب الأطفال والمراهقين، والسنوات الأخيرة شهدت ثورة عارمة داخل المجتمع الإسرائيلي تطالب بإلغاء التعليم الديني في إسرائيل في أعقاب اتهام رئيس إحدى المدارس الدينية في إسرائيل وهو الحاخام (زئيف كوبلوفيبتش) بأنه خلال السنوات العشر الأخيرة قام بالاعتداء جنسياً على المئات من تلاميذ مدرسته، ومن خلال التحقيقات تبين أن هناك عدداً كبيراً من الحاخامات كانوا على علم بما يجرى داخل جدران المدرسة، إلا أنهم فضلوا الصمت وتجاهل ما يجرى.
وفي بداية شهر فبراير العام الماضي (2002) تقدمت تلميذة بإحدى المدارس الدينية وتبلغ من العمر 15 سنة ببلاغ ضد الحاخام (إيلان مور) الذي يتولى وظيفة الجابي في المعبد اليهودي تتهمه فيه باغتصابها داخل المطبخ الملحق بالمعبد، وتم الإعلان قبل فترة عن إحالة (شموئيل هولاندر) المدرس بإحدى المدارس التكنولوجية الدينية إلى التحقيق بعد اتهامه بممارسة الشذوذ مع 4 من تلاميذه.
كل ذلك يتم في المجتمع الإسرائيلي الذي يعتبر منغلقاً على ذاته، مما يمثل أرضية خصبة لوقوع جرائم الاعتداءات الجنسية وعدم وصولها إلى المؤسسات العاملة في الدفاع عن الضحايا.
فخلال عام 2002 وصلت 65 فتاة فقط لا تتجاوز 18 عاما (وهو سن الطفولة) وصلن للعلاج من آثار الاعتداءات الجنسية بعد تعرضهن للاغتصاب.
نشر في نهاية عام 2003 استطلاع حول التحرشات الجنسية بين الطلاب، حيث يستدل من المعطيات أن 6,9٪ من طلبة المدارس الإعدادية و 3,9٪ من طلبة المدارس الثانوية ثبت أنهم تعرضوا إلى التحرش الجنسي .
وقال 4,8٪ من طلبة المراحل الإعدادية و 3.10٪ من المدارس الثانوية، إن الآخرين حاولوا مضايقتهم جنسيا، أو أسمعوهم ملاحظات جنسية.
ويبلغ عدد الأولاد في «إسرائيل» (وهم من لم يتجاوزوا سن 18 عام 2002) ما يقارب 656 ألف ولد.
ويشترك الأطفال أنفسهم في ممارسة أعمال جنائية، منها الاعتداءات الجنسية، ومنها التحرش الجنسي، وتبين إحصاءات حديثة أن 1,42٪ من القاصرين المشبوهين بارتكاب أعمال جنائية هم من المهاجرين اليهود الجدد إلى «إسرائيل» وذلك بالرغم من أنهم يشكلون 9,21٪ من السكان في إسرائيل.
واتضح أن عدد الأحداث المشبوهين بارتكاب أعمال جنائية ارتفع 3 مرات منذ العام 1993، وخلال عام 2002 قدمت 2887 شكوى إلى الشرطة حول أحداث عنف وقعت في المدارس ويشار إلى أن هناك 5 تصرفات بارزة تعتبر تحرشا جنسيا وهى اللمس، ملاحظات فظة، أي تصرف جنسي محرج، الضم، والنظرات.
ويعاني الجيش الإسرائيلي من أزمة تعتبر خانقة بسبب الاعتداءات الجنسية وظاهرة التحرش الجنسي التي تقع من قبل الجنود ضد المجندات، وخاصة صغيرات السن اللاتي يخدمن في الجيش في سن 17 و 18 وفقاً لقوانين إسرائيل.
7
في الغرب الذي انتشرت عنده الإباحية الجنسية، والذي يريد البعض من مجتمعاتنا العربية والإسلامية أن يتبنى أفكار وأخلاقيات تلك الدول، فإن إحدى الدراسات صدرت في الولايات المتحدة عن الجمعية الأمريكية للتعليم الجامعي للنساء قالت: «إن نحو 80٪ من طلاب المدارس الأمريكية ذكورا وإناثا قد تعرضوا إلى نوع من أنواع التحرش الجنسي في حياتهم المدرسية».
التحرش الجنسي بالأطفال
الأسباب ـ التأثيرات ـ الوقاية
التحرش الجنسي على الطفل هو استخدام الطفل لإشباع الرغبات الجنسية لبالغ أو مراهق، وهو يشمل تعريض الطفل لأي نشاط أو سلوك جنسي ويتضمن غالبا التحرش الجنسي بالطفل من قبيل ملامسته أو حمله على ملامسة المتحرش جنسيا. ومن الأشكال الأخرى للاعتداء الجنسي على الطفل المجامعة وبغاء الأطفال والاستغلال الجنسي للطفل عبر الصور الخلاعية والمواقع الإباحية. وللاعتداء الجنسي آثار عاطفية مدمرة بحد ذاته، ناهيك عما يصحبه غالبا من أشكال سوء المعاملة. وهو ينطوي أيضا على خذلان البالغ للطفل وخيانة ثقته واستغلاله لسلطته عليه.
ما مدى شيوع هذه المشكلة ؟
إن التحرش الجنسي على الطفل هو مشكلة مستترة، وذلك هو سبب الصعوبة في تقدير عدد الأشخاص الذين تعرضوا لشكل من أشكال الاعتداء الجنسي في طفولتهم، فالأطفال والكبار على حد سواء يبدون الكثير من التردد في الإفادة بتعرضهم للاعتداء الجنسي ولأسباب عديدة قد يكون أهمها السرية التقليدية النابعة عن الشعور بالخزي اللازم عادة لمثل هذه التجارب الأليمة، ومن الأسباب الأخرى صلة النسب التي قد تربط المعتدى جنسياً بالضحية، ومن ثم الرغبة في حمايته من الملاحقة القضائية أو الفضيحة التي قد تستتبع الإفادة بجرمه، وأخيرا فإن حقيقة كون معظم الضحايا صغارا ومعتمدين على ذويهم مادياً تلعب دوراً كبيراً أيضاً في السرية التي تكتنف هذه المشكلة، ويعتقد معظم الخبراء أن الاعتداء الجنسي هو أقل أنواع الاعتداء أو سوء المعاملة انكشافاً بسبب السرية أو (مؤامرة الصمت) التي تغلب على هذا النوع من القضايا.
ولكل هذه الأسباب وغيرها أظهرت الدراسات دائماً أن معظم الضحايا الأطفال لا يفشون سر تعرضهم إلى الاعتداء الجنسي، وحتى عندما يفعلون فإنهم قد يواجهون عقبات إضافية، ونفس الأسباب التي تجعل الأطفال يخفون نكبتهم هي التي تجعل معظم الأسر لا تسعى للحصول على دعم خارجي لحل هذه المشكلة، وحتى عندما تفعل فإنها قد تواجه بدورها مصاعب إضافية في الحصول على الدعم الملائم.
كيف يقع التحرش الجنسي؟
هناك عادة عدة مراحل لعلمية تحويل الطفل إلى ضحية جنسية:
1
المنحى:
إن الاعتداء الجنسي على الطفل عمل مقصود مع سبق الترصد، وأول شروطه أن يتخلى المعتدى بالطفل، ولتحقيق هذه الخلوة عادة ما يغرى المعتدى الطفل بدعوته إلى ممارسة نشاط معين كالمشاركة في لعبة مثلا، ويجب الأخذ بالاعتبار أن معظم المتحرشين جنسياً بالأطفال هم أشخاص ذو صلة بهم، وحتى في حالات التحرش الجنسي من أجانب (أي من خارج نطاق العائلة) فإن المعتدى عادة ما يسعى إلى إنشاء صلة بأم الطفل أو أحد ذويه قبل أن يعرض الاعتداء بالطفل أو مرافقته إلى مكان ظاهرة برئ للغاية كساحة لعب أو متنزه عام مثلا. أما إذا صدرت المحاولة الأولى من بالغ قريب، كالأب أو زوج الأم أو أي قريب آخر، وصحبتها تطمينات مباشرة للطفل بأن الأمر لا بأس به ولا عيب فيه، فإنها عادة ما تقابل بالاستجابة لها وذلك لأن الأطفال يميلون إلى الرضوخ لسلطة البالغين، خصوصا البالغين المقربين لهم، وفي مثل هذه الحالات فإن التحذير من الحديث مع الأجانب يغدو بلا جدوى ولكن هذه الثقة العمياء من قبل الطفل تنحسر عند المحاولة الثانية وقد يحاول الانسحاب والتقهقر ولكن مؤامرة السرية والتحذيرات المرافقة لها ستكون قد عملت عملها واستقرت في نفس الطفل وسيحول المتحرش الأمر إلى لعبة زسرنا الصغيرس الذي يجب أن يبقى بينا، وتبدأ محاولات التحرش عادة بمداعبة المتحرش للطفل أو أن يطلب منه لمس أعضائه الخاصة محاولا إقناعه بأن الأمر مجرد لعبة مسلية وإنهما سيشتريان بعض الحلوى التي يفضلها مثلا حالما تنتهي اللعبة.
وهناك للأسف منحى آخر لا ينطوي على أي نوع من الرقة، فالمتحرشون الأعنف والأقسى والأبعد انحرافاً يميلون لاستخدام أساليب العنف والتهديد والخشونة لإخضاع الطفل جنسياً لنزواتهم، وفي هذه الحالات، قد يحمل الطفل تهديداتهم محمل الجد لاسيما إذا كان قد شهد مظاهر عنفهم ضد أمه أو أحد أفراد الأسرة الآخرين، ورغم أن للاعتداء الجنسي بكل أشكاله آثاراً عميقة ومريعة، إلا أن التحرش القسري يخلف صدمة عميقة في نفس الطفل بسبب عنصر الخوف والعجز الإضافي.
2
التفاعل الجنسي :
إن التحرش الجنسي بالأطفال، شأن كل سلوك إدماني آخر، له طابع تصاعدي مطرد، فهو قد يبدأ بمداعبة الطفل أو ملامسته ولكنه سرعان ما يتحول إلى ممارسات جنسية أعمق.
3
السرية:
إن المحافظة على السر هو أمر بالغ الأهمية بالنسبة للمتحرش لتلافي العواقب من جهة ولضمان استمرار السطو على ضحيته من جهة أخرى، فكلما ظل السر في طي الكتمان، كلما أمكنه مواصلة سلوكه المنحرف إزاء الضحية؛ ولأن المعتدى يعلم أن سلوكه مخالف للقانون فإنه يبذل كل ما في وسعه لإقناع الطفل بالعواقب الوخيمة التي ستقع إذا انكشف السر. وقد يستخدم المعتدون الأكثر عنفاً تهديدات شخصية ضد الطفل أو يهددونه بإلحاق الضرر بمن يحب كشقيقه أو شقيقته أو صديقة أو حتى أمه إذا أفشى السر ولا غرابة أن يؤثر الطفل الصمت بعد كل هذا التهديد والترويع، والطفل عادة يحتفظ بالسر دفينا داخله إلا حين يبلغ الحيرة والألم درجة لا يطيق احتمالها أو إذا انكشف السر إتفاقاً لا عمداً. والكثير من الأطفال لا يفشون السر طيلة حياتهم أو بعد سنين طويلة جدا، بل إن التجربة بالنسبة لبعضهم تبلغ من الخزي والألم درجة تدفع الطفل إلى نسيانها ولا تنكشف المشكلة إلا بعد أعوام طويلة عندما يكبر هذا الطفل المعتدى عليه ويكتشف طبيبه النفساني مثلا أن تلك التجارب الطفولية الأليمة هي أصل المشاكل النفسية العديدة التي يعانيها في كبره.
أعراض الاعتداء الجنسي ومؤشراته:
1
هذه بعض المؤشرات التي قد تنم عن احتمال تعرض الطفل للاعتداء الجنسي. من المهم التنبه أنه قد لا تكون هذه الأعراض بالضرورة ناتجة عن اعتداء جنسي ولكن وجود عامل أو أكثر ينم إما عن اعتداء جنسي أو عن مشكلة بحاجة إلى انتباه ومعالجة.
2
قلما يفصح الأطفال للكبار بالكلمات عن تعرضهم للاعتداء الجنسي أو مقاومتهم لمثل هذا الاعتداء ولذلك فإنهم عادة يبقون في حيرة واضطراب إزاء ما ينبغي عليهم فعله في هذه المواقف، ولتردد الأطفال أو خوفهم من إخبار الكبار بما جرى معهم أسباب كثيرة تشمل علاقتهم بالمعتدى والخوف من النتائج إذا تحدثوا عن الأمر والخوف من انتقام المعتدى والقلق من ألا يصدقهم الكبار.
3
وإذا لوحظ أي من المؤشرات التالية لدى الطفل فإنها تشير بوضوح إما إلى تعرضه لاعتداء جنسي أو إلى مشكلة أخرى ينبغي الالتفات لها ومعالجتها أيا تكن.
4
إبداء الانزعاج أو التخوف أو رفض الذهاب إلى مكان معين أو البقاء مع شخص معين.
5
إظهار العواطف بشكل مبالغ فيه أو غير طبيعي.
6
التصرفات الجنسية أو التولع الجنسي المبكر.
7
الاستخدام المفاجيء لكلمات جنسية أو لأسماء جديدة لأعضاء الجسم الخاصة.
8
الشعور بعدم الارتياح أو رفض العواطف الأبوية التقليدية.
9
مشاكل النوم على اختلافها: القلق، الكوابيس، رفض النوم وحيداً أو الإصرار المفاجيء على إبقاء النور مضاء.
10
التصرفات التي تنم عن نكوص: مثلاً مص الإصبع، التبول الليلي، التصرفات الطفولية وغيرها من مؤشرات التبعية.
11
التعلق الشديد أو غيرها من مؤشرات الخوف والقلق.
12
تغير مفاجئ في شخصية الطفل.
13
المشاكل الدراسية والمفاجئة والسرحان.
14
الهروب من المنزل.
15
الاهتمام المفاجيء أو غير الطبيعي بالمسائل الجنسية سواء من ناحية الكلام أو التصرفات.
16
إبلاغ الطفل بتعرضه لاعتداء جنسي من أحد الأشخاص.
17
العجز عن الثقة في الآخرين أو محبتهم.
18
السلوك العدواني أو المنحرف أو حتى غير الشرعي أحيانا.
19
ثورات الغضب والانفعال الغير مبررة.
20
سلوكيات تدمير الذات.
21
تعمد جرح النفس.
22
السلوك السلبي أو الانسحابي.
23
مشاعر الحزن والإحباط أو غيرها من أعراض الاكتئاب.
24
تعاطى المخدرات أو الكحول.
25
فيما يلي بعض المؤشرات الجسدية على تعرض الطفل للاعتداء الجنسي، وبعضها ليس ناتج بالضرورة عن هذا السبب، مثلا صعوبة الجلوس أو المشي ولكنها في كل الحالات لا يجب أن تهمل:
26
صعوبة المشي أو القعود.
27
ملابس ممزقة.
28
ملابس داخلية مبقعة أو ملطخة بالدم.
29
الإحساس بالألم أو الرغبة في هرش الأعضاء التناسلية.
30
الأمراض التناسلية، خصوصا قبل سن المراهقة.
ومن أهم أسباب تفشى التحرش الجنسي لدى الأبناء قد يعود إلى:
1
ضعف الوازع الديني لدى الأسرة والأبناء وقلة الوعي الاجتماعي والأسرى.
2
انعدام التربية المنزلية الصحيحة.
3
القسوة والغلظة عند الأبوين والخوف منهما.
4
فساد الأبوين أو أحدهما.
5
انشغال الأم عن أبنائها عامة وخاصة في وقت المناسبات والزيارات.
6
وجود الخدم المنحرفين أخلاقياً من سائقين وخادمات.
7
تعرض أحد الأبناء للاغتصاب قد ينقله بكل بساطة إلى باقي الأسرة أو في الأقارب.
8
وجود القنوات الجنسية وأفلام الجنس والصور الجنسية في متناوله.
9
إتاحة الفرصة للأبناء بأن يمشون مع من هم أكبر منهم سنا.
10
إدمان المخدرات والمسكرات.
11
نوم الأبناء مع الضيوف لضيق البيت وغيره خاصة في الأجازات والمناسبات.
12
نوم الزوجين وممارسة حياتهم مع أبنائهم في الغرفة بدعوى أنهم مازالوا صغارا.
13
قضية الإعجاب وتطوراتها السلبية.
14
الخلوة للغرباء مع الأبناء.
15
عدم الرقابة المدرسية في جميع المراحل.
16
عدم التفريق في المضاجع حتى بين الأخوان والأخوات.
17
الإهمال فيمن اكتشف الأمرة وعدم المسارعة في علاجه وتقويم سلوكه.
18
التهاون في لبس الضيق والشفاف والقصير للأبناء.
19
التهاون في عدم تقويم الميوعة لدى الأبناء.
20
التهاون في الاختلاط وعدم مراقبته ومنعه.
21
عدم السماح بخلوة الشباب مع الشابات المحارم وخاصة المحارم.
آثار التحرش الجنسي على الأطفال:
إن للتحرش الجنسي على الطفل له آثاراً وخيمة جسدياً وعاطفياً واجتماعياً نوضحها فيما يلي:
1
التأثيرات الجسدية:
يشمل الاعتداء الجسدي على الأطفال واحد أو أكثر من الممارسات التالية: الضرب، الخض، الهز بعنف، العض، الرفس، اللكم، الحرق، التسميم والخوف بأنواعه كغمر الرأس في الماء أو الخنف بوسادة أو باليد وغيرها، وتشمل الإصابات البدنية الناجمة عن مثل هذه الاعتداءات الخدوش والجروح والكسور والقطوع والحروق والرضوض والجروح الداخلية والنزف وفي أسوأ الحالات وأقصاها الموت، الأثر المباشر الأول على الطفل المعتدى عليه جسديا هو الألم والمعاناة والمشاكل الصحية الناجمة عن الإصابة البدنية، بيد أن هذا الألم سيمكث داخله طويلا بعد أن تندمل جراحه الظاهرة، وكلما طال وتكرر الاعتداء الجسدي على الطفل، عمقت آثاره النفسية واستفحلت، وإذا تكرر الاعتداء البدني على الطفل بشكل منتظم فقد يتمخض عن عاهات مزمنة منها إلحاق ضرر بالدماغ أو فقدان حاسة السمع أو البصر. ولعمر الطفل المعتدى عليه دور هام في مدى وعمق هذا التأثير، فالرضع الذين يتعرضون لاعتداء بدني هم أقرب للإصابة بأمراض جسدية وتغيرات عصبية مزمنة وفي بعض الحالات القصوى والتي يتسم فيها الاعتداء على الرضيع بالعنف أو بالتكرار لمدة طويلة، فقد تصاب الضحية بالعمى أو الصمم الدائم أو بالتخلف العقلي أو تأخر النمو أو الشلل أو الغيبوبة الدائمة بل وقد يفضى الأمر في حالات كثيرة إلى الموت. وقد أطلق على هذه الأعراض مؤخرا اسم (مرض الوليد المخضوض) لأنها عادة ما تتمخض عن هز الطفل أو خضه بعنف.
2
التأثيرات العاطفية:
هناك عواقب وخيمة أخرى للاعتداء الجسدي غير المشاكل الجسدية التي يخلفها لدى ضحاياه الأطفال. فقد أظهرت الدراسات التي أجريت على الأطفال المعتدى عليهم وأسرهم أن عدداً كبيراً من المشاكل النفسية التي يعاني منها هؤلاء الأطفال لها صلة مباشرة بالاعتداء الجسدي الذي تكابدوه، فمقارنة بغيرهم يعانى الأطفال المعتدى عليهم مصاعب أكبر في التحصيل الدراسي والسيطرة على الذات وبناء الشخصية وتكوين العلاقات الاجتماعية. وقد برهنت دراسة أمريكية حديثة قارنت بين الأطفال المعتدى عليهم والأطفال الآخرين على النتائج السلبية المزمنة للاعتداء الجسدي، فالأطفال المعتدى عليهم ـ حسب الدراسة ـ يعانون مشاكل أكبر في المنزل والمدرسة ومع أقرانهم وفي المجتمع ككل. فنفسية الطفل المعتدى عليه غالبا ما تكون مرتعا للاضطرابات العاطفية، فهو عادة ما يشعر بنقص الثقة في النفس والإحباط وربما انعكس ذلك في مظاهر نشاط مفرط أو قلق زائد. والكثير من هؤلاء الأطفال الضحايا يبدون سلوكاً عدوانياً تجاه أشقائهم أو الأطفال الآخرين. ومن المشاكل العاطفية الأخرى التي قد يعانيها هؤلاء الأطفال الغضب والعدوانية والخوف والذل والعجز عن التعبير والإفصاح عن مشاعرهم. أما النتائج العاطفية طويلة الأمد فقد تكون مدمرة لشخصية الضحية، فهذا الطفل حين يكبر عادة ما يكون قليل الثقة بذاته، ميالا للكآبة والإحباط، وربما انجرف في تعاطى الكحول أو المخدرات، فضلاً عن تعاظم احتمالية اعتدائه الجسدي على أطفاله في المستقبل.
3
التأثيرات الاجتماعية:
ربما كانت التأثيرات الاجتماعية على الأطفال المعتدى عليهم جسداً هى الأقل وضوحاً، وإن كانت لا تقل عمقا أو أهمية. وقد تشمل التأثيرات الاجتماعية المباشرة عجز الطفل عن إنشاء صداقات مع أقرانه وضعف مهاراته الاجتماعية والمعرفية واللغوية وتدهور ثقته في الآخرين أو خنوعه المفرد للشخصيات التي تمثل سلطة لديه أو ميله لحل مشاكله مع الآخرين بالعنف والعدوانية، وبعد أن يكبر هذا الطفل ترتسم التأثيرات الاجتماعية لتجارب الاعتداء المريرة التي تعرض لها في طفولته على علاقاته مع أسرته من جهة ومع المجتمع ككل من جهة أخرى. فقد أظهرت الدراسات أن فرص المعتدى عليهم صغارا أوفر في متاهات الأمراض العقلية والتشرد والإجرام والبطالة كبارا ولكل ذلك بالتالي آثاره المادية على المجتمع ككل لما يقضيه من تمويل وإنشاء برامج الرعاية الصحية والتأهيل والضمان الاجتماعي لاستيعاب هؤلاء، فذلك هو الثمن الباهظ الذي يدفعه المجتمع لتقاعسه عن التصدي للشذوذ الجنسي هو سرطان العصر الجيد، اخترق مجتمعاتنا العربية المحافظة وأصبح وجوده أمراً واقعاً يستلزم تضافر الجهود من أجل مواجهته واقتلاعه من جذوره، وألا ندفن رؤوسنا في الرمال مثل النعام ونلجأ إلى المسكنات والحلول الوقتية التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
4
الإسلام والتحرش الجنسي بالأطفال
إن أطفالنا في الأعم الأغلب يبدءون في قراءة وحفظ القرآن الكريم أو جزء منه وهم في سن صغيرة، ولقد تحدث القرآن الكريم بوضوح عن النطفة من أين أتت وكيف تتكون في رحم المرأة، وتحدث عن خلق الإنسان من أخلاط النطفتين من الرجل والمرأة، وتحدث عن الجماع زالرفثس ليلة الصيام، وتحدث عن المحيض واعتزال النساء فيه، وتحدث عن حمل الولد في بطن أمه ومدة إرضاعه، وعن الزنا، وعن إتيان الرجال شهوة من دون النساء، وغير ذلك، قال تعالى:
*{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ*} (البقرة: 187)
*{وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين*} (البقرة: 222)
*{وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِين. إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ*} (لأعراف: 80 ـ 81)/
*{وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً*} (الإسراء: 32)
*{ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِين*} (المؤمنون: 31)
*{وَوَصَّيْنَا الإنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِين*} (الأحقاف:51)
*{إِنَّا خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً*} (الإنسان: 2)
لقد تحدث القرآن الكريم عن ذلك وأكثر منه، فكيف يمكن للولد أن يفهم معنى هذه الآيات إذا لم توضح له وتشرح من قبل الوالدين والمربين ؟؟
أما في السيرة النبوية نجد أنها عالجت قضية التحرش الجنسي: عن عمرو بن شعيب إن جده رضى الله عنهم قال: قال: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع» (رواه أحمد وأبو داود بإسناد حسن).
5
هذا الحديث من الإبداع بمكان، بل هو مدرسة تربوية كاملة، ولى فيه هذه الوقفات السريعة:
عرف هذا الحديث الأطفال من أول الأمر أن هناك حلالا، وأن هناك حراما، فربى الطفل على التربية الإسلامية منذ نعومة أظفاره.
6
مسألة التفريق في منامات الأطفال هذه هي من باب سد ذرائع الشر، وفي ذلك إشعار بأهمية صيانة أبنائنا، وإغلاق الطريق التي يمكن أن تفضي بهم إلى الوقوع في المحرم، فإن تشارك الأولاد في فراش واحد يمكن أن يؤدي بطريق غير متعمد أو بدافع الفضول إلى محاذير يحسن تجنبها، ومن مقاصد الشريعة سد أبواب الشر، ومنع ما يفضي إلى الحرام.
7
جمع هذا الحديث بين تربية الإيمان والسلوك وإغلاق باب الشر في وقت واحد، إذ أمر أن نربي أبناءنا على الصلاة ونحثهم عليها، والصلاة هنا الفريضة، كما أنها النهي عن الفحشاء والمنكر، كما قال تعالى: *{اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ*} (العنكبوت: 54)
8
هذه هي تربية الإيمان والسلوك، والتفريق في المضاجع هو سد باب الشر، وهذان الجناحان هما أكثر ما يحتاجه أبناؤنا في مثل هذه السن.
(سُدّ باب الشرِّ، واربط بالله تعالى، وربِّ على الإسلام).. هذه رسالة المربين والوالدين.
9
جعل الحديث مسألة التفريق هذه من الضرورة بحيث ربطها بالصلاة، وهو ما يؤكد أهميتها ومكانتها.
10
هذا الحديث يبث في الأطفال إحساسهم بقيمتهم، ويبين لهم أن لهم قدراً ومنزلة عند بلوغهم هذه السنَّ، وهو ما يحقق كياناتهم وثقتهم بنفسهم منذ الصغر.
11
أخيرا.. مسألة التفريق هذه هي حق من حقوق الأبناء على أبنائهم، فواجب على الآباء التفريق بين أبنائهم في مضاجعهم، لغرس العفة والاحتشام والآداب والالتزام في نفوسهم منذ الصغر.
12
على الآباء والمربين ألا تغفل عيونهم عن مراقبة أولادهم وملاحظتهم، لا نقول أن تحرمهم حرية الحركة والتعبير عن الذات، لكنها عين الحارس والمتابع، والملاحظ لكل ما يحدث معه أبنائه، سواء من اختلاطهم بمن حولهم، أو من تغيرات تظهر على الأبناء، فإن بدا من ذلك شيء وجب علاجه قبل أن يكبر ويستفحل ويستشري، وهذه هي المسئولية التي كلف الله تعالى بها كل أب ومرب، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله يقول: «كلكم راع ومسئول عن رعيته، فالإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل في أهله راع ومسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسئول عن رعيته» (رواه البخاري ومسلم).
وأي رعاية أوجب من هذه؟؟
إن الاعتداء الجنسي على الأطفال خطر محدق، وإذا كان هذا الاعتداء من قريب فإنه عادة ما يصاحبه تهديد ووعيد حتى لا يفشي الصغير السر، كما أن الاعتداء غالباً ما يكون متكرراً، نظراً لسهولة تواجد هذا القريب في محيط الطفل، وبذلك قد يستمر الخطأ ربما لوقت طويل، وتظهر آثاره على حالة الطفل النفسية، من اضطرابات سلوكية، وكوابيس، وضعف شهية، وميل للعزلة، وضعف وتراجع دراسي، وأكثر من ذلك تتشوه شخصيته تشويها قد يلازمه طوال حياته، ويصعب علاجه والتخلص تماما من مفاسده، وقد يستمر الطفل في ممارسة الخطأ حتى يكبر بل ويشيخ.
لقد قال الله تعالى: *{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون*} (التحريم: 6)
يقول الإمام الطبري في تفسير هذه الآية:
«يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله [قوا أنفسكم] يقول: علموا بعضكم بعضا ما تقون به من تعلمونه النار، وتدفعونها عنه إذا عمل به من طاعة الله، واعملوا بطاعة الله.
وقوله: [وأهليكم نارا] يقول: وعملوا أهليكم من العمل بطاعة الله ما يقون به أنفسهم من النار».
ويقول الإمام القرطبي:
«قال مقاتل: ذلك حق عليه في نفسه وولده وأهله وعبيده وإمائه، فعلينا تعليم أولادنا وأهلينا الدين والخير، وما لا يستغني عنه من الأدب، وهو قوله تعالى: *{وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى*}.
إن التحرش الجنسي سببه الأول الوالدين والمربون، وهم المسئولون الأوائل في أن يقوا أنفسهم أولاً نارا سبيها تقصيرهم في حق أطفالهم، وذلك عبر أن ينشئوا أطفالهم وفق منهجية الإسلام وإيمانياته وأخلاقه، فيدخلوهم الجنة، ويدخلوا بسببهم الجنة.
هم أطفال في ربيع العمر، لا يفقهون شيئاً في الحياة، ولا يفكرون إلا في شيئين اللعب والحلوى. تلمس البراءة في كل سكناتهم وحركاتهم، ورغم كل هذا فهناك أياد تنتهك تلك البراءة وتتعدى على أجساد ومشاعر أولئك الأطفال دون أي شعور بالألم النفسي أو حتى تأنيب الضمير.
نحو وقاية الأطفال من ظاهرة التحرش الجنسي
إذا وقع التحرش الجنسي بالأطفال يجب على الآباء اتباع الخطوات التالية:
1
ينبغي فحص المعتدى عليه طبيا للتأكد من سلامته من الالتهابات ومعالجتها إن وجدت في أسرع وقت ممكن.
2
مساعدته من الناحية النفسية وذلك بعرضه على طبيب نفسي أو معالج نفسي.
3
فحص الفتاة التي تعرضت للاعتداء للتأكد من عفتها ومساعدتها على تخطي الأزمة وتهيئتها للزواج بشكل اعتيادي.
4
تجنب الاستهزاء بمن وقع الاعتداء عليه.
5
تجنب إطلاق الصفات على من وقع عليه الاعتداء كالجبان والضعيف... الخ من الصفات التي تعمل على تحطيمه.
6
مساعدة الضحية على توضيح ما حدث له والاستماع له بكل هدوء وضبط أعصاب كي يطمئن الطفل ويتحدث بحرية تامة.
7
تجنب التشهير بمن وقع عليه الاعتداء.
8
علاج الموقف بالمنطق والحكمة والروية إن وقع اعتداء على الأبناء لا سمح الله بعيداً عن الاندفاع والتهور.
9
توفير النشاطات المختلفة لمن وقع عليه الاعتداء وذلك لإبعاده عن التفكير واجترار الحادث.
10
حمايته من التعرض للإصابة بالكآبة والخوف والوسواس وكره الحياة وغيرها من الأمراض النفسية وذلك عن طريق تخفيف الصدمة عنه.
11
ينبغي التأكد من ادعاء الطفل في هذا المجال قد يكون خياله الواسع هو الذي يدفعه لسرد تلك الأحداث.
12
يمكن تبديل مكان سكن العائلة إن أمكن وذلك للتخلص من أقاويل الآخرين وحماية الطفل من الصراعات النفسية التي تسببها له تلك الأقوايل.
13
تدريب الطفل على ممارسة تمارين الاسترخاء وتمارين التنفس للتخلص من التوتر الذي يعاني منه.
14
معاقبة المعتدي بشكل قانوني كي لا يتكرر ذلك السلوك المشين.
كما يجب عليك اتباع بعض التعليمات التي تحمى الأبناء من التحرش الجنسي مثل:
1
تعليم الأطفال ما الفرق بين التعامل والتفاعل العاطفي مع (الأب والأم والأخوات) والأغراب.
2
يجب عدم ترك الطفل مع الأغراب أو الأقارب بدون رقابة ومتابعة يومية تفصيلية عما تم في الوقت الذي قضاه مع الأغراب والأقارب وذلك عن طريق فتح حوار مع الطفل.
3
تجب طمأنة الأطفال بأن الوالدين موجودان دائما لحمايته من أي تهديد من أي شخص أيا كان نوع هذا التهديد.
4
يجب أن يتعلم الطفل أنه لا يوجد شيء يفرض عليه أن يتفاعل عاطفياً مع أي شخص حتى ولو كان من الأقارب أو الأصدقاء للعائلة، ونقصد به التفاعل العاطفي الحسي، مثل الاستجابة إلى التقبيل، الاحتضان، أو المداعبة بطريقة لا تريح الطفل.
5
يجب أن نرفع من ثقة الطفل بنفسه وأنه عنده القدرة دائماً للرفض والهروب وطلب المساعدة بصوت عال وواضح، حينما يتعرض لأي محاولة للتحرش به.
ومن الطبيعي أن الوقاية خير من العلاج وتتم وقاية الأبناء وحمايتهم من شرور الوقوع بهذه المخاطر بعدة وسائل سأذكر منها ما يلي:
1
ينبغي توعية الأطفال منذ الصغر بشتى الطرق والوسائل المتاحة والممكنة.
2
مراقبة الكبار اللصيقة للأطفال أثناء لعبهم بعيدا عن التسلط.
3
ينبغي التأكد من نوعية علاقة الكبار بالأطفال وسلامة نيتهم مهما كانت قرابتهم للطفل.
4
ينبغي على الأمهات أخذ الحيطة وحماية أطفالهن من المنحرفين وإن كانوا من أفراد العائلة.
5
مراقبة سلوك الخدم وعلاقتهم مع الأطفال.
6
مراقبة مراكز الإنترنت العامة من قبل الجميع إن كانوا مربين أو سلطات أمن أو غيرها كي لا يستغل الأطفال بتدريبهم على ممارسات إباحية أو استدراجهم لها.
7
ينبغي إحاطة الطفل بالحب والحنان وبأجواء التعاون والاطمئنان وإتاحة الفرصة لهم للإفصاح عما يعانون منه.
8
حماية أطفال المدارس من الممارسات السلبية وذلك بعدم تركهم في المرافق مدة طويلة أو في الغرف المهملة والفارغة كي لا يجدوا فرصة لممارسة تلك السلوكيات.
9
مراقبة الأطفال في ذهابهم وإيابهم إن كان للمدرسة أو إلى أماكن أخرى.
10
منع الأطفال وتحذيرهم من الذهاب إلى أماكن مهجورة كي لا يجد المنحرفون فرصتهم للاعتداء عليهم.
11
التفريق بين الأطفال أثناء النوم قدر الإمكان وإن كان لابد منه ينبغي مراقبتهم.
12
الحذر من ممارسة الوالدين العلاقة الجنسية قريبا من الأطفال أو حيث يكون بإمكانهم سماع ما يدور بين الوالدين أثناء ذلك.
13
تشجيع الأبناء على الالتزام بتعاليم دينهم وأخلاق مجتمعهم معنوياً ومادياً وذلك بوضع جوائز لمن يلتزم بتلك الأخلاق الراقية وحسن التصرف والسلوك.
14
ينبغي على وسائل الإعلام الحد من الوسائل التي تساعد على الانحراف من أفلام ومسلسلات وصحف وكتب و أقراص مضغوطة.
15
توفير الشروط المطلوبة للموظفين العاملين في مراكز حماية الناشئة كي لا يقع عليهم الضرر من المنحرفين المتربصين بهم.
16
ينبغي تعاون المؤسسات المسئولة في مراكز الصحة النفسية والخدمة الاجتماعية لنشر ثقافة وتوعية تساعد على حماية الناشئة.
17
تطوير ورفع مستويات العاملين في المؤسسات التعليمية لتقديم التوجيه والإرشاد المناسب للناشئة بشكل عام.
18
افتتاح مراكز مختلفة للتوعية ورعاية الناشئة وتوجيه نشاطاتهم بالشكل الصحي وذلك لحمايتهم من ممارسة السلوكيات المنحرفة والمختلفة.
19
توزيع كتيبات على الأسر تتناول الأمور الجنسية بشكل علمي وأسلوب مقبول لغرض التوعية وحماية الأطفال من هذه المخاطر.
20
توصيات لمواجهة ظاهرة التحرش الجنسى بالأطفال
لمواجهة ظاهرة التحرش الجنسي بالأطفال وفي ضوء هذا البحث أوصي بما يلي:
1
إجراء مزيد من الدراسات والبحوث حول ظاهرة العنف والإيذاء في كافة المجتمعات الإسلامية وحصر الحالات ومدى تفشيها في المجتمع.
2
إقامة اللقاءات التربوية مع مديري المدارس على مستوى إدارات التعليم بكيفية التعامل مع الحالات التي ترد إليهم واتخاذ الإجراءات السليمة حيالها.
3
الاستفادة من المراكز الاجتماعية بالأحياء لتوعية الأسس لحالات الإيذاء وكيفية مواجهتها.
4
التوعية بدور ومهام المؤسسات الاجتماعية المتخصصة التي تتعامل مع حالات العنف.
5
تفعيل دور الإعلام التربوي المرئي لزيادة الوعي لدى أفراد المجتمع (تجاه حالات العنف والإيذاء).
6
تشكيل لجنة متخصصة ومؤهلة على مستوى إدارات التعليم لاكتشاف ومتابعة حالات الإيذاء والتواصل مع الجهات ذات الاختصاص.
7
التأكيد على أن القرآن الكريم والنهج النبوي هو الأصل في تربية الأطفال وطرق التعامل معهم.
8
فتح حوار مفتوح بين الأهل والأطفال وتعويدهم على المصارحة.
9
تثقيف الأطفال للخطر القادم من الخارج وعدم السماح لهم بالخروج بمفردهم.
10
توعية الأسرة بمؤشرات تعرض الطفل للإيذاء حتى يمكن ملاحظتها على الطفل في حالة تعرضه لذلك.
11
توعية وتثقيف الأسرة بتجنيب إهمال الطفل سواء في الغذاء أو العلاج أو التعليم أو سبل رعاية الطفل المختلفة وتوضيح أهمية الاهتمام به ورعايته الرعاية السليمة.
12
تفعيل دور الأخصائي الاجتماعي وتأهيله للتعامل مع حالات الإيذاء.
13
إيجاد مفهوم محلى لثقافة العنف يتناسب مع ثقافتنا وعاداتنا.
14
توعية المجتمع بأن الإسلام ينادي بمآزرة الضعيف ولابد أن لا نقف صامتين أمام العنف وبخاصة في السن المدرسية مهما كانت صلة المعتدي عليه.
15
أهمية تفعيل الأنظمة التي أعدت حالياً لحماية الأسرة في أسرع وقت ممكن لما للنظام من دور قوي في توضيح آليات التعامل مع هذه الحالات.
16
التشجيع على إنشاء مكاتب للإستشارات الأسرية على مستوى الأحياء تتولى الرد على الحالات المحتاجة على مدار 42 ساعة.
17
تأهيل العاملات في الميدان التربوي لإلتقاط الحالات التي يقع عليها العنف المدرسي واكتشافها بشكل مبكر.
18
التأكيد على أهمية الدور الوقائي من خلال تفعيل برامج التوعية والإرشاد للتعريف بهذه الظاهرة وبآثارها المدمرة والعمل على الحد منها.
19
تشكيل فريق بحث ميداني يتكون من طبيب عام ونفسي وباحث اجتماعي لعمل زيارات للمدارس واكتشاف حالات الإيذاء ومعالجتها.
20
الإعلان عن الهيئات الحكومية المتخصصة في مجال حقوق الأفراد وحمايتهم والتعريف بدورها ومدى صلاحيتها.
المراجع
1
سمر عبده، العنف والاعتداء على الأطفال، دار الشروق للنشر، بيروت، 2005.
2
إسماعيل خليل الدسوقي، توفيق أحمد حجازي، سلوك الأطفال الجانحين، دار الفكر العربي، 1996.
3
فاتن عبد الرحمن الطنباري، التحرش الجنسي وتأثيره على الأطفال، معهد الدراسات العليا للطفولة، جامعة عين شمس، 2003.
4
عادل بدر، الاستغلال الجنسي والجسدي للأطفال، المؤتمر السنوى الرابع، المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، 2001.
5
سامية محمد الساعاتي، وقاية الأطفال من سوء المعاملة، دار الجامعات العربية للنشر، بيروت، 2005.
6
إيمان السيد، التحرش الجنسي بالأطفال، دار القلم للنشر، بيروت، 2005.
7
فتحية رشدي صادق، اغتصاب الأطفال جريمة فى تزايد، دار الكتاب العربي، القاهرة، 2007.
8
أحمد جمال أبو العزايم، العنف الجنسي ضد الأطفال، مجلة النفس المطمئنة، العدد 62، أبريل 2002.
9
ـ إدريس ولد القابلة، اغتصاب الأطفال، مجلة الحوار المتمدن، العدد 743، يوم 2004.
10
من مواقع الإنترنت، مركز الدراسات للمركز العربي للمصادر والمعلومات حول العنف ضد الأسرة، 2007.