فوزيه الخليوي
11-18-2008, 10:02 PM
على صفحات مجلة «سيدتي» لفت نظري الغلاف الذي «وعد بتزويج أخواتي لمن يساعدني في خلعهن من أزواجهن»!
بلهفة كبيرة أخذت أبحث عن السبب الساكن خلف هذا الوعد غير المنطقي... وقرأت القصة التي تناولها شاب تولى هو بمفرده مسؤولية أخواته بعد وفاة والديهم، وزوج الأولى والثانية وبعد شهور من الزواج تطاول أحد الأزواج بالضرب المبرح «من دون سبب» على زوجته التي سارعت إلى منزل أخيها والاستغراب يملؤها من رجل لا يتحدث إلا بيديه، وطالبوه بالطلاق فرفض، فرفعت دعوى خلع منذ ثماني سنوات وحتى الآن لم يبت فيها، أما الأسباب فبعضها عدم حضور الزوج، وبعضها عدم حضور القاضي، وبعضها جلسات متباعدة للنظر. لحقت بها أختها الثانية بعد اكتشافها أن زوجها متزوج بأكثر من زوجة من دون أن يخبرها، وأنه بدأ يسيء معاملتها ويطالبها بالسكن مع زوجاته الثلاث. طالبته بالطلاق للضرر «أولها لأنها لم تكن تعلم بوضعه الاجتماعي السري، ولم يخبرها بأن منزل الزوجية سيكون مشتركاً، فرفض أيضاً فطالبته بالخلع، وقضيتها معلقة أيضاً مثل أختها، منذ ثماني سنوات».
الرجل استنفدته مواعيد الجلسات المتباعدة التي استمرت على مدى ثماني سنوات، صرف أمواله في تكليف محامين لتولي القضايا، فخسر الكثير من أمواله من دون فائدة... مهدد بالفصل من عمله بسبب كثرة استئذانه لمتابعة قضايا أخواته، وأخيراً وضع إعلاناً وعد بتزويج أخواته لمن يتمكن من خلعهن، سواء بالتفاهم مع الزوج أو بأي حل آخر! ماذا يفعل شاب بمفرده يرفض أن يتزوج حتى يحل قضايا أخواته من أشخاص يرفضون طلاقهن، ويرفضون الحضور في الجلسات المقررة؟
ماذا يفعل وأخواته لا يستطعن العمل ولا التسجيل في الضمان الاجتماعي؟ ماذا يفعل بعد الأموال الكثيرة التي دفعها أملاً في فك أسرهن من أزواج لم يقدموا دليلاً واحداً على تمسكهم بهن؟ أزواج استباحوا لأنفسهم أن يعلقوا امرأتين من دون سبب إلا الرغبة في السيطرة والتحكم والإذلال.
دائماً ما أتذكر بعد قراءتي لهذه الأنواع من القضايا التي تكون أشبه بمسلسل مكسيكي طويل الأجل، السيدة التي ذهبت بمفردها إلى رسول الله «صلى الله عليه وسلم» لتخبره أنها لا تريد العيش مع زوجها، وأنها تخشى ألا تقيم حقوقه. لم يجادلها ولم يطلب شهوداً «لأن هناك أسراراً زوجية قد لا تستطيع المرأة الإفصاح عنها بسهولة»، واكتفى أنها أبدت رغبتها بأنها لا تريده، فطلب منها بكل رقي بأن ترد عليه حديقته «هكذا فقط» في احترام طاغٍ لرغبتها وقرارها الصريح.
المرأة في العادة، خصوصاً لو كانت أماً ولديها أطفال، لا تطلب الطلاق إلا لو استحالت العشرة، وبعد تفكير عميق وصبر، لأنها تعلم أن الجهود المبذولة من الحكمين أو القضاة أنفسهم ستثمر عن إصلاح بعض الخلل... ولكن اللجوء إلى «الخلع» دليل أكيد بأنها لا تريد زوجها، ولديها استعداد كامل لرد مهره وذهبه وكل شيء. راسلتني إحدى السيدات مؤكدة بأنها «خلعت» من الجلسة الثانية، وان الخلع برمته لم يستغرق ثلاثة أسابيع فقط، وأنها تزوجت بعد خلعها وأنها سعيدة لأن قضيتها نظرت من أحد القضاة الذين يحترمون مشاعر المرأة، ويفهمون أنها لن تُقدم على طلب الخلع إلا لضرر أصابها.
هل يعقل أن تظل قضية معلقة في المحكمة لأكثر من ثماني سنوات، وهي «لا قضية أموال ولا إرث يصعب إثباته»، إنما امرأة تصرخ بأعلى صوتها «أريد خلع هذا الرجل»، ويُخنق صوتها وتؤجل حياتها لسنوات طويلة.
سوزان المشهدي الحياة - 18/11/08//
بلهفة كبيرة أخذت أبحث عن السبب الساكن خلف هذا الوعد غير المنطقي... وقرأت القصة التي تناولها شاب تولى هو بمفرده مسؤولية أخواته بعد وفاة والديهم، وزوج الأولى والثانية وبعد شهور من الزواج تطاول أحد الأزواج بالضرب المبرح «من دون سبب» على زوجته التي سارعت إلى منزل أخيها والاستغراب يملؤها من رجل لا يتحدث إلا بيديه، وطالبوه بالطلاق فرفض، فرفعت دعوى خلع منذ ثماني سنوات وحتى الآن لم يبت فيها، أما الأسباب فبعضها عدم حضور الزوج، وبعضها عدم حضور القاضي، وبعضها جلسات متباعدة للنظر. لحقت بها أختها الثانية بعد اكتشافها أن زوجها متزوج بأكثر من زوجة من دون أن يخبرها، وأنه بدأ يسيء معاملتها ويطالبها بالسكن مع زوجاته الثلاث. طالبته بالطلاق للضرر «أولها لأنها لم تكن تعلم بوضعه الاجتماعي السري، ولم يخبرها بأن منزل الزوجية سيكون مشتركاً، فرفض أيضاً فطالبته بالخلع، وقضيتها معلقة أيضاً مثل أختها، منذ ثماني سنوات».
الرجل استنفدته مواعيد الجلسات المتباعدة التي استمرت على مدى ثماني سنوات، صرف أمواله في تكليف محامين لتولي القضايا، فخسر الكثير من أمواله من دون فائدة... مهدد بالفصل من عمله بسبب كثرة استئذانه لمتابعة قضايا أخواته، وأخيراً وضع إعلاناً وعد بتزويج أخواته لمن يتمكن من خلعهن، سواء بالتفاهم مع الزوج أو بأي حل آخر! ماذا يفعل شاب بمفرده يرفض أن يتزوج حتى يحل قضايا أخواته من أشخاص يرفضون طلاقهن، ويرفضون الحضور في الجلسات المقررة؟
ماذا يفعل وأخواته لا يستطعن العمل ولا التسجيل في الضمان الاجتماعي؟ ماذا يفعل بعد الأموال الكثيرة التي دفعها أملاً في فك أسرهن من أزواج لم يقدموا دليلاً واحداً على تمسكهم بهن؟ أزواج استباحوا لأنفسهم أن يعلقوا امرأتين من دون سبب إلا الرغبة في السيطرة والتحكم والإذلال.
دائماً ما أتذكر بعد قراءتي لهذه الأنواع من القضايا التي تكون أشبه بمسلسل مكسيكي طويل الأجل، السيدة التي ذهبت بمفردها إلى رسول الله «صلى الله عليه وسلم» لتخبره أنها لا تريد العيش مع زوجها، وأنها تخشى ألا تقيم حقوقه. لم يجادلها ولم يطلب شهوداً «لأن هناك أسراراً زوجية قد لا تستطيع المرأة الإفصاح عنها بسهولة»، واكتفى أنها أبدت رغبتها بأنها لا تريده، فطلب منها بكل رقي بأن ترد عليه حديقته «هكذا فقط» في احترام طاغٍ لرغبتها وقرارها الصريح.
المرأة في العادة، خصوصاً لو كانت أماً ولديها أطفال، لا تطلب الطلاق إلا لو استحالت العشرة، وبعد تفكير عميق وصبر، لأنها تعلم أن الجهود المبذولة من الحكمين أو القضاة أنفسهم ستثمر عن إصلاح بعض الخلل... ولكن اللجوء إلى «الخلع» دليل أكيد بأنها لا تريد زوجها، ولديها استعداد كامل لرد مهره وذهبه وكل شيء. راسلتني إحدى السيدات مؤكدة بأنها «خلعت» من الجلسة الثانية، وان الخلع برمته لم يستغرق ثلاثة أسابيع فقط، وأنها تزوجت بعد خلعها وأنها سعيدة لأن قضيتها نظرت من أحد القضاة الذين يحترمون مشاعر المرأة، ويفهمون أنها لن تُقدم على طلب الخلع إلا لضرر أصابها.
هل يعقل أن تظل قضية معلقة في المحكمة لأكثر من ثماني سنوات، وهي «لا قضية أموال ولا إرث يصعب إثباته»، إنما امرأة تصرخ بأعلى صوتها «أريد خلع هذا الرجل»، ويُخنق صوتها وتؤجل حياتها لسنوات طويلة.
سوزان المشهدي الحياة - 18/11/08//