alnour
12-25-2013, 11:03 AM
لا تترك الصغار بين يدي «أسرة قاسية» وأنت تردد: «عيالهم وهم أبخص»
بلّغ عن إيذاء الأطفال ولا تخشَ قطيعة الرحم!
الضرب ليس حلاً دائماً للمشكلة بل يترك الأطفال في حالة نفسية سيئة
«النظام يحميك» وصمتك قد يؤدي إلى جريمة أكبر والدور الأهم يتوقف على تفاعل الجهات الرسمية
الأحساء، تحقيق - صالح المحيسن
يُعد العنف ضد الأطفال وكذا العنف الأسري من الممارسات الاجتماعية التي لا يعرف عنها في بعض الأحيان سوى الأقارب وربما الجيران، وقد تضغط الأعراف الاجتماعية على من يعلم بتلك الحالات، فتجبره على أن يكم فاه، حتى لا ينتج عن ذلك مشاكل أسرية قد تصل إلى القطيعة، مما يجعل البعض يردد: "عيالهم وهم أبخص"، أو "أنا مالي شغل فيهم"، فيترك الأطفال بين أيدي أب أو أم أو قريب لا يرحم، فيكون بذلك قد خالف فطرته ودينه اللذين يدعوانه للإبلاغ رحمةً ورأفةً بالأطفال.
وعلى الرغم أن المادة الخامسة من نظام (الحماية من الإيذاء) نصت على أنه لا يجوز الإفصاح عن شخصية المبلِّغ عن حالة الاعتداء إلاّ برضاه، حيث أنه يمكن لكل من يُبلِّغ عن موقف عنف أسري أن يطلب إخفاء معلوماته حتى لا يتعرض للأذى، إلاّ أن هناك من يجهل تلك الإجراءات، وبالتالي يقف موقف "المتفرج" لحالات إنسانية تتطلب التدخل السريع ودون تأجيل.
ولكي نُقلّل من حالات العُنف الأُسري يجب علينا تقديم النصح للمعنِّف أولاً، حيث أن لدى غالبية من يرتكبه ضعفا في مفهوم التربية، ويرى أن الضرب جزء منها، أو أنه الطريقة الأفضل، وإذا لم يرتدع بالنصح، هنا يكون التبليغ هو الحل المناسب، فالصمت على الفعل السلبي قد يؤدي إلى جريمة أكبر.
آثار سلبية
وقال "د. يوسف بن عبداللطيف الجبر" -رئيس لجنة المحامين بغرفة الأحساء-: إن التبليغ عن وقائع الإيذاء واجب ولا عذر بتركه، مضيفاً أن الاعتداء على براءة الطفولة جريمة يلزمنا منعها والسعي في عدم انتشارها، حتى لا تتحول إلى ظاهرة تفتت نسيجنا الاجتماعي وتهدد سلامة أفراده، مضيفاً أنه نصت المادة (3/ ١) من نظام الحماية من الإيذاء الذي أقره مجلس الوزراء في شوال ١٤٣٤ه على: "أنه يجب على كل من يطلع على حالة إيذاء الإبلاغ عنها فوراً"، مبيناً أن القناعة العميقة بوجوب التبليغ عن مواقف العنف تكون بقراءة ودراسة الآثار السلبية الناتجة عنها، حيث سنتابع بألم اعتداء لا إنسانيا على مخلوق غير قادر على حماية نفسه، كما أنه لم يفهم أبجدية العنف بعد، مشيراً إلى أن مستقبل هذا الطفل المعنَّف في خطر ما لم نسارع لحمايته وإعادة تأهيله وعلاجه وتعويضه نفسياً وعاطفياً عن مشاهد الرعب التي تعرض لها.
خلية واحدة
وأوضح "د. الجبر" أن المجتمعات لا تستقر إلاّ إذا عملت بنظرية الخلية الواحدة، حيث يؤمن الفرد أن الآخر جزء منه ويستحق تعاطفه وعطاءه، وبذلك يسود مفهوم الروح الواحدة داخل مشاعرنا وأفكارنا، وينعم الجميع بدفء الشمس ونورها، كما تموت في هذه الأجواء المتعاونة مغذيات العنف والجريمة، مضيفاً: "أنا عندما أبلّغ عن حالة عنف فإنما أحمي نفسي ومجتمعي من توالد العنف وتناسله بانتقال جينه المتوحش إلى أفراد جدد"، مبيناً أن مكافحة العنف ضد الأطفال عندما تتحول إلى هم عام ومسؤولية مجتمعية فسوف تكون النتائج مشرقة وسعيدة للضحايا المتوقعين.
وأشار إلى أن مشروع الحماية من الإيذاء الذي يعد خطوة قانونية فسيحة في تنظيم إجراءات التعامل مع قضايا العنف ضد الأطفال، قد وضع خارطة تفصيلية لإرشاد المجتمع الرسمي والشعبي إلى خطوات مكافحة جريمة العنف الأسري، وتوضيح دور الجهات الحكومية المختصة بالتصدي لهذه الجريمة، وكذلك تحديد آلية التبليغ، كما وضّح عقوبات الاعتداء الأسري.
تعامل بحزم
وأكد "د. الجبر" على أنه لا تزال المحاكم الجزائية تتعامل مع قضايا العنف الأسري بحزم، وتعطيها أولوية في الوقت والإنجاز، وتصدر عقوبات صارمة من شأنها زجر المتساهلين في حقوق الطفل وواجب الحفاظ على سلامته، متمنياً أن نهتم بنشر الأحكام القضائية المتعلقة بمعاقبة المعنِفين ممن اعتدوا على براءة الطفولة، وأن يكمل عقد نظام أو قانون الطفل في المملكة، والذي يوضح كامل حقوقه على المجتمع، مبيناً أن المادة الخامسة من نظام (الحماية من الإيذاء) نصت على أنه لا يجوز الإفصاح عن شخصية المبلِّغ عن حالة الاعتداء إل اّ برضاه، حيث أنه يمكن لكل من يحتسب بالتبليغ عن موقف عنف أسري أن يطلب إخفاء معلوماته حتى لا يتعرض لأي ردة فعل من المبلَّغ عنه، لكن لو قدر أن انكشفت شخصية المبلغ وتعرض لتهديد أو عنف فيمكنه اللجوء إلى المحاكم الجزائية لمعاقبة من أساء إليه، مُشدداً على أهمية عقوبة من يقف في طريق المبلغين عن الجرائم، حتى لا يخشى الناس من التعاون مع الجهات المختصة بسبب قلقهم من ردّات فعل المبلغ عنهم.
رفع ولاية
وأوضح "د. الجبر" أن حالات الاعتداء على الأطفال تقع في الخفاء وبعيداً عن أعين الجهات الأمنية، مثلها مثل الكثير من الجرائم التي تعتمد على عنصر التخفي، مبيناً أنه لن يسمع صوت بكاء الطفل عند تعذيبه إلاّ القريبون من مسرح المأساة من الأهل والجيران، فيكون صمتهم عن التبليغ أنانية خاطئة تمنح المعتدي فرصة تكرار جريمته، واغتيال كرامة طفل مسالم، وتعريضه للخطر، متمنياً أن تكون مادة التحذير من العنف الأسري حاضرة بشكل يومي، ولها مساحة بارزة في شاشة إعلامنا وخطابنا المنبري وتجلياتنا الثقافية.
وأضاف أنه لو قبلنا ممانعة المجرم في تدخل المجتمع لحماية ضحاياه لانتشرت رقعة الجريمة وامتد نطاقها، مؤكداً على أنه لا يكافأ المعتدي باحترام حياته الخاصة لو كانت تخالف الشرع أو النظام، أو تهدم مبادئ حقوق الإنسان، فإن كان له حق في القوامة على أسرته فهذه القوامة مشروطة بعدم تحولها إلى وسيلة إضرار بمن يرعى أمورهم، ذاكراً أنه نص نظام المرافعات الشرعية بالمملكة على مشروعية رفع ولاية الأب على أطفاله إذا وجد المقتضي لذلك، ولاشك أن حالات العنف على الأطفال من مقتضيات رفع ولاية الأب على أولاده.
نصح المُعنِّف
وتحدث "د. خالد بن سعود الحليبي" -مستشار أسري ومدير مركز التنمية الأسرية في الأحساء- قائلاً: أعتبر محاولة احتواء مشكلة الإيذاء وتقديم النصح للمعنِّف إذا كان قريباً للذي وقع عليه التعنيف هي أول خطوة يجب أن تتبع قبل التبليغ، مُعللاً ذلك كون أنه غالباً لديه ارتباك في مفهوم التربية، ويرى أن الضرب جزء منها، أو أنه الطريقة الأفضل التي يتربى بها الأطفال، وقد يحتج بما فعله أبوه وجده، داعياً إلى حماية المعنَّف وتقديم العلاج له، ومن ثم ملاحظة نجاح هذه الخطوة وحينها لا حاجة للتبليغ، وإذا ثبت عكس ذلك فعليه أن يبلّغ عن هذه الإساءة للطفولة، حتى يرتدع المجرم، ولو كان من أقرب الناس إليه، مؤكداً على أن الصبر عليها قد يؤدي إلى جريمة أكبر.
وأضاف أن التوعية الأسرية، ونشر ثقافة التربية بالحب إحدى السبل المثلى التي ينبغي أن نفعلها للحد من انتشار هذه الظاهرة، كما أن التعبير القولي والفعلي عنه في أطر الحياة كلها، وتنبيه الوالدين أو من يقوم مقامهما إلى العنف لا يأتي بخير، وأن ديننا الذي نؤمن به قال نبيه صلى الله عليه وسلم: "ما أَعْطَى أهلُ بَيتِ الرِّفْقَ إلاّ نَفَعَهُمْ، ولا منعُوهُ إلاّ ضَرَّهُمْ".
تأتأة ورُهاب
وأوضح "د. الحليبي" أن الدراسات الحديثة تؤكد على أن التربية بالعنف تؤدي إلى ضعف الابتكارية لدى الأولاد، وإلى ضمور الشخصية، بل إلى توريث العدوانية، ونشوء عدد من الاضطرابات اللفظية ك "التأتأة"، والنفسية ك"الرهاب الاجتماعي"، والتربوية ك"الخلل في الأدوار"، مُستعرضاً مصادر العنف في مجتمعنا التي منها إساءة الأزواج للزوجات، وضغوط الحياة المعاصرة، مما يجعل الأم تفرغ تلك الشحنات في الأطفال في شكل ضرب وإساءات لفظية ونفسية وإشارية مهينة، كما أن تمجيد الضرب بوصفه أسلوباً تربوياً يجعل منه أمراً مطلوباً وليس عادياً فقط، مشيراً إلى أننا كمجتمع مسالم إلاّ أن هناك من يستخدم العنف مع أوساطه الداخلية، فالإساءات الجارحة تقل مع من هم خارج المنزل، وتكثر مع من هم في داخله، مُشدداً على أن من بدأ بالنصح ولم يسمع نصحه، فيجب عليه أن يُبلِّغ ليحمي الروح المسلمة من أن تزهق، أو حتى تعذب، حيث لا يرى في ذلك من قطيعة الرحم بل من صلتها، لأن المسلم مطلوب منه أن ينصر أخاه ظالماً أو مظلوماً، بأن يرده عن الظلم، ظلم نفسه أو ولده أو الآخرين.
اهتمام أكبر
وأكد "د. الحليبي" على أنه حين توجد لدينا مؤسسات فاعلة تستقبل البلاغات بجدية كافية، وإجراءات حاسمة، فإن البلاغات سوف تنمو، وإل اّ فسيفقد الناس الثقة فيها، ومن ثم سينكفئون على أنفسهم، ويرون أنهم قد يخسرون حين يبلغون علاقاتهم بأرحامهم دون جدوى، حاثاًّ الجهات التي تتلقى البلاغات على إبداء شيئاً من الاهتمام أكبر بالقضايا التي تردهم، فإنهم مكروبون، تجاوزوا حدود الإحصاء والمطويات والإعلاميات، وتبنوا المشكلة حتى نهايتها،
متوقفاً عند من يعنف أسرته بالقول: "أقول له ما قاله حبيبي صلى الله عليه وسلم: من لا يَرحَم لا يُرحَم"، مبيناً أن خسارته فادحة في الدنيا والآخرة.
قضايا قليلة
وقال العقيد "زياد بن عبدالوهاب الرقيطي" -الناطق الإعلامي لشرطة المنطقة الشرقية-: إن قضايا العنف الأسري قليلة جدا ولله الحمد في مجتمعنا، مضيفاً أنها تظل موجودة، وقد تبدأ بسوء المعاملة والإهمال ومنع الأبناء من التعلم وممارسة حياتهم الطبيعية، وتصل إلى الاعتداء بالضرب المبرح والقتل، مؤكداً على أن المختصين بأقسام الشرطة بضبط البلاغات والتعامل معها يعملون وفق ما يقتضيه الأمر من الإثبات الجنائي ووقف الاعتداء والرفع لجهة الاختصاص لإيقاع العقوبة المناسبة لكل حالة، كما تحرص جهات التحقيق على إشعار المختصين بالشؤون الاجتماعية بمثل تلك الحالات للعمل على دراستها، والعمل على معالجة ما يمكن إصلاحه من وضع الأسرة وأفرادها، مبيناً أنه تقع مثل تلك القضايا نتيجة ضعف الوازع الديني وفقد الترابط الاجتماعي.
إعلام دخيل
وأشار العقيد "الرقيطي" إلى عامل آخر والذي وصفه بالإعلام الدخيل، الذي يلعب دوراً في التغذية الفكرية السلبية وتأثيرها على تفكير البعض، مما قد يدفعه لفعل تلك الأمور، ذاكراً أن الانحراف الأخلاقي وتعاطي الوالدين أو أحدهما للمسكرات أو المخدرات يدفع في الغالب إلى مثل تلك السلوكيات، موضحاً آلية استقبال بلاغات الاعتداءات ومنها العنف الأسري ضد الأبناء في مراكز الشرط، حيث هذا النوع والخاص بالمعتدى عليهم من النساء أو الأطفال من خلال ضبط الشكوى برفقة أي من أقارب المرأة أو الفتاة أو الطفل، وإذا تعذر ذلك يتم الاستعانة بالعُمدة أو عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مؤكداً على أنه يتم التعامل مع البلاغات التي ترد إلى المستشفى بشكل مباشر بحضور ممثل من المستشفى أو إحدى الممرضات، ويتم بعدها استدعاء المدعى عليه وإحالته مرفقاً بملف القضية وأطرافها لهيئة التحقيق والادعاء العام بحكم الاختصاص.
http://www.alriyadh.com/2013/12/25/article895414.html
بلّغ عن إيذاء الأطفال ولا تخشَ قطيعة الرحم!
الضرب ليس حلاً دائماً للمشكلة بل يترك الأطفال في حالة نفسية سيئة
«النظام يحميك» وصمتك قد يؤدي إلى جريمة أكبر والدور الأهم يتوقف على تفاعل الجهات الرسمية
الأحساء، تحقيق - صالح المحيسن
يُعد العنف ضد الأطفال وكذا العنف الأسري من الممارسات الاجتماعية التي لا يعرف عنها في بعض الأحيان سوى الأقارب وربما الجيران، وقد تضغط الأعراف الاجتماعية على من يعلم بتلك الحالات، فتجبره على أن يكم فاه، حتى لا ينتج عن ذلك مشاكل أسرية قد تصل إلى القطيعة، مما يجعل البعض يردد: "عيالهم وهم أبخص"، أو "أنا مالي شغل فيهم"، فيترك الأطفال بين أيدي أب أو أم أو قريب لا يرحم، فيكون بذلك قد خالف فطرته ودينه اللذين يدعوانه للإبلاغ رحمةً ورأفةً بالأطفال.
وعلى الرغم أن المادة الخامسة من نظام (الحماية من الإيذاء) نصت على أنه لا يجوز الإفصاح عن شخصية المبلِّغ عن حالة الاعتداء إلاّ برضاه، حيث أنه يمكن لكل من يُبلِّغ عن موقف عنف أسري أن يطلب إخفاء معلوماته حتى لا يتعرض للأذى، إلاّ أن هناك من يجهل تلك الإجراءات، وبالتالي يقف موقف "المتفرج" لحالات إنسانية تتطلب التدخل السريع ودون تأجيل.
ولكي نُقلّل من حالات العُنف الأُسري يجب علينا تقديم النصح للمعنِّف أولاً، حيث أن لدى غالبية من يرتكبه ضعفا في مفهوم التربية، ويرى أن الضرب جزء منها، أو أنه الطريقة الأفضل، وإذا لم يرتدع بالنصح، هنا يكون التبليغ هو الحل المناسب، فالصمت على الفعل السلبي قد يؤدي إلى جريمة أكبر.
آثار سلبية
وقال "د. يوسف بن عبداللطيف الجبر" -رئيس لجنة المحامين بغرفة الأحساء-: إن التبليغ عن وقائع الإيذاء واجب ولا عذر بتركه، مضيفاً أن الاعتداء على براءة الطفولة جريمة يلزمنا منعها والسعي في عدم انتشارها، حتى لا تتحول إلى ظاهرة تفتت نسيجنا الاجتماعي وتهدد سلامة أفراده، مضيفاً أنه نصت المادة (3/ ١) من نظام الحماية من الإيذاء الذي أقره مجلس الوزراء في شوال ١٤٣٤ه على: "أنه يجب على كل من يطلع على حالة إيذاء الإبلاغ عنها فوراً"، مبيناً أن القناعة العميقة بوجوب التبليغ عن مواقف العنف تكون بقراءة ودراسة الآثار السلبية الناتجة عنها، حيث سنتابع بألم اعتداء لا إنسانيا على مخلوق غير قادر على حماية نفسه، كما أنه لم يفهم أبجدية العنف بعد، مشيراً إلى أن مستقبل هذا الطفل المعنَّف في خطر ما لم نسارع لحمايته وإعادة تأهيله وعلاجه وتعويضه نفسياً وعاطفياً عن مشاهد الرعب التي تعرض لها.
خلية واحدة
وأوضح "د. الجبر" أن المجتمعات لا تستقر إلاّ إذا عملت بنظرية الخلية الواحدة، حيث يؤمن الفرد أن الآخر جزء منه ويستحق تعاطفه وعطاءه، وبذلك يسود مفهوم الروح الواحدة داخل مشاعرنا وأفكارنا، وينعم الجميع بدفء الشمس ونورها، كما تموت في هذه الأجواء المتعاونة مغذيات العنف والجريمة، مضيفاً: "أنا عندما أبلّغ عن حالة عنف فإنما أحمي نفسي ومجتمعي من توالد العنف وتناسله بانتقال جينه المتوحش إلى أفراد جدد"، مبيناً أن مكافحة العنف ضد الأطفال عندما تتحول إلى هم عام ومسؤولية مجتمعية فسوف تكون النتائج مشرقة وسعيدة للضحايا المتوقعين.
وأشار إلى أن مشروع الحماية من الإيذاء الذي يعد خطوة قانونية فسيحة في تنظيم إجراءات التعامل مع قضايا العنف ضد الأطفال، قد وضع خارطة تفصيلية لإرشاد المجتمع الرسمي والشعبي إلى خطوات مكافحة جريمة العنف الأسري، وتوضيح دور الجهات الحكومية المختصة بالتصدي لهذه الجريمة، وكذلك تحديد آلية التبليغ، كما وضّح عقوبات الاعتداء الأسري.
تعامل بحزم
وأكد "د. الجبر" على أنه لا تزال المحاكم الجزائية تتعامل مع قضايا العنف الأسري بحزم، وتعطيها أولوية في الوقت والإنجاز، وتصدر عقوبات صارمة من شأنها زجر المتساهلين في حقوق الطفل وواجب الحفاظ على سلامته، متمنياً أن نهتم بنشر الأحكام القضائية المتعلقة بمعاقبة المعنِفين ممن اعتدوا على براءة الطفولة، وأن يكمل عقد نظام أو قانون الطفل في المملكة، والذي يوضح كامل حقوقه على المجتمع، مبيناً أن المادة الخامسة من نظام (الحماية من الإيذاء) نصت على أنه لا يجوز الإفصاح عن شخصية المبلِّغ عن حالة الاعتداء إل اّ برضاه، حيث أنه يمكن لكل من يحتسب بالتبليغ عن موقف عنف أسري أن يطلب إخفاء معلوماته حتى لا يتعرض لأي ردة فعل من المبلَّغ عنه، لكن لو قدر أن انكشفت شخصية المبلغ وتعرض لتهديد أو عنف فيمكنه اللجوء إلى المحاكم الجزائية لمعاقبة من أساء إليه، مُشدداً على أهمية عقوبة من يقف في طريق المبلغين عن الجرائم، حتى لا يخشى الناس من التعاون مع الجهات المختصة بسبب قلقهم من ردّات فعل المبلغ عنهم.
رفع ولاية
وأوضح "د. الجبر" أن حالات الاعتداء على الأطفال تقع في الخفاء وبعيداً عن أعين الجهات الأمنية، مثلها مثل الكثير من الجرائم التي تعتمد على عنصر التخفي، مبيناً أنه لن يسمع صوت بكاء الطفل عند تعذيبه إلاّ القريبون من مسرح المأساة من الأهل والجيران، فيكون صمتهم عن التبليغ أنانية خاطئة تمنح المعتدي فرصة تكرار جريمته، واغتيال كرامة طفل مسالم، وتعريضه للخطر، متمنياً أن تكون مادة التحذير من العنف الأسري حاضرة بشكل يومي، ولها مساحة بارزة في شاشة إعلامنا وخطابنا المنبري وتجلياتنا الثقافية.
وأضاف أنه لو قبلنا ممانعة المجرم في تدخل المجتمع لحماية ضحاياه لانتشرت رقعة الجريمة وامتد نطاقها، مؤكداً على أنه لا يكافأ المعتدي باحترام حياته الخاصة لو كانت تخالف الشرع أو النظام، أو تهدم مبادئ حقوق الإنسان، فإن كان له حق في القوامة على أسرته فهذه القوامة مشروطة بعدم تحولها إلى وسيلة إضرار بمن يرعى أمورهم، ذاكراً أنه نص نظام المرافعات الشرعية بالمملكة على مشروعية رفع ولاية الأب على أطفاله إذا وجد المقتضي لذلك، ولاشك أن حالات العنف على الأطفال من مقتضيات رفع ولاية الأب على أولاده.
نصح المُعنِّف
وتحدث "د. خالد بن سعود الحليبي" -مستشار أسري ومدير مركز التنمية الأسرية في الأحساء- قائلاً: أعتبر محاولة احتواء مشكلة الإيذاء وتقديم النصح للمعنِّف إذا كان قريباً للذي وقع عليه التعنيف هي أول خطوة يجب أن تتبع قبل التبليغ، مُعللاً ذلك كون أنه غالباً لديه ارتباك في مفهوم التربية، ويرى أن الضرب جزء منها، أو أنه الطريقة الأفضل التي يتربى بها الأطفال، وقد يحتج بما فعله أبوه وجده، داعياً إلى حماية المعنَّف وتقديم العلاج له، ومن ثم ملاحظة نجاح هذه الخطوة وحينها لا حاجة للتبليغ، وإذا ثبت عكس ذلك فعليه أن يبلّغ عن هذه الإساءة للطفولة، حتى يرتدع المجرم، ولو كان من أقرب الناس إليه، مؤكداً على أن الصبر عليها قد يؤدي إلى جريمة أكبر.
وأضاف أن التوعية الأسرية، ونشر ثقافة التربية بالحب إحدى السبل المثلى التي ينبغي أن نفعلها للحد من انتشار هذه الظاهرة، كما أن التعبير القولي والفعلي عنه في أطر الحياة كلها، وتنبيه الوالدين أو من يقوم مقامهما إلى العنف لا يأتي بخير، وأن ديننا الذي نؤمن به قال نبيه صلى الله عليه وسلم: "ما أَعْطَى أهلُ بَيتِ الرِّفْقَ إلاّ نَفَعَهُمْ، ولا منعُوهُ إلاّ ضَرَّهُمْ".
تأتأة ورُهاب
وأوضح "د. الحليبي" أن الدراسات الحديثة تؤكد على أن التربية بالعنف تؤدي إلى ضعف الابتكارية لدى الأولاد، وإلى ضمور الشخصية، بل إلى توريث العدوانية، ونشوء عدد من الاضطرابات اللفظية ك "التأتأة"، والنفسية ك"الرهاب الاجتماعي"، والتربوية ك"الخلل في الأدوار"، مُستعرضاً مصادر العنف في مجتمعنا التي منها إساءة الأزواج للزوجات، وضغوط الحياة المعاصرة، مما يجعل الأم تفرغ تلك الشحنات في الأطفال في شكل ضرب وإساءات لفظية ونفسية وإشارية مهينة، كما أن تمجيد الضرب بوصفه أسلوباً تربوياً يجعل منه أمراً مطلوباً وليس عادياً فقط، مشيراً إلى أننا كمجتمع مسالم إلاّ أن هناك من يستخدم العنف مع أوساطه الداخلية، فالإساءات الجارحة تقل مع من هم خارج المنزل، وتكثر مع من هم في داخله، مُشدداً على أن من بدأ بالنصح ولم يسمع نصحه، فيجب عليه أن يُبلِّغ ليحمي الروح المسلمة من أن تزهق، أو حتى تعذب، حيث لا يرى في ذلك من قطيعة الرحم بل من صلتها، لأن المسلم مطلوب منه أن ينصر أخاه ظالماً أو مظلوماً، بأن يرده عن الظلم، ظلم نفسه أو ولده أو الآخرين.
اهتمام أكبر
وأكد "د. الحليبي" على أنه حين توجد لدينا مؤسسات فاعلة تستقبل البلاغات بجدية كافية، وإجراءات حاسمة، فإن البلاغات سوف تنمو، وإل اّ فسيفقد الناس الثقة فيها، ومن ثم سينكفئون على أنفسهم، ويرون أنهم قد يخسرون حين يبلغون علاقاتهم بأرحامهم دون جدوى، حاثاًّ الجهات التي تتلقى البلاغات على إبداء شيئاً من الاهتمام أكبر بالقضايا التي تردهم، فإنهم مكروبون، تجاوزوا حدود الإحصاء والمطويات والإعلاميات، وتبنوا المشكلة حتى نهايتها،
متوقفاً عند من يعنف أسرته بالقول: "أقول له ما قاله حبيبي صلى الله عليه وسلم: من لا يَرحَم لا يُرحَم"، مبيناً أن خسارته فادحة في الدنيا والآخرة.
قضايا قليلة
وقال العقيد "زياد بن عبدالوهاب الرقيطي" -الناطق الإعلامي لشرطة المنطقة الشرقية-: إن قضايا العنف الأسري قليلة جدا ولله الحمد في مجتمعنا، مضيفاً أنها تظل موجودة، وقد تبدأ بسوء المعاملة والإهمال ومنع الأبناء من التعلم وممارسة حياتهم الطبيعية، وتصل إلى الاعتداء بالضرب المبرح والقتل، مؤكداً على أن المختصين بأقسام الشرطة بضبط البلاغات والتعامل معها يعملون وفق ما يقتضيه الأمر من الإثبات الجنائي ووقف الاعتداء والرفع لجهة الاختصاص لإيقاع العقوبة المناسبة لكل حالة، كما تحرص جهات التحقيق على إشعار المختصين بالشؤون الاجتماعية بمثل تلك الحالات للعمل على دراستها، والعمل على معالجة ما يمكن إصلاحه من وضع الأسرة وأفرادها، مبيناً أنه تقع مثل تلك القضايا نتيجة ضعف الوازع الديني وفقد الترابط الاجتماعي.
إعلام دخيل
وأشار العقيد "الرقيطي" إلى عامل آخر والذي وصفه بالإعلام الدخيل، الذي يلعب دوراً في التغذية الفكرية السلبية وتأثيرها على تفكير البعض، مما قد يدفعه لفعل تلك الأمور، ذاكراً أن الانحراف الأخلاقي وتعاطي الوالدين أو أحدهما للمسكرات أو المخدرات يدفع في الغالب إلى مثل تلك السلوكيات، موضحاً آلية استقبال بلاغات الاعتداءات ومنها العنف الأسري ضد الأبناء في مراكز الشرط، حيث هذا النوع والخاص بالمعتدى عليهم من النساء أو الأطفال من خلال ضبط الشكوى برفقة أي من أقارب المرأة أو الفتاة أو الطفل، وإذا تعذر ذلك يتم الاستعانة بالعُمدة أو عضو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مؤكداً على أنه يتم التعامل مع البلاغات التي ترد إلى المستشفى بشكل مباشر بحضور ممثل من المستشفى أو إحدى الممرضات، ويتم بعدها استدعاء المدعى عليه وإحالته مرفقاً بملف القضية وأطرافها لهيئة التحقيق والادعاء العام بحكم الاختصاص.
http://www.alriyadh.com/2013/12/25/article895414.html