المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معاقون لـ "سبق": المجتمع أنكر حقنا في الزواج.. ونظرات الشفقة تقتلنا


الصحفي الطائر
05-23-2013, 02:01 PM
معاقون لـ "سبق": المجتمع أنكر حقنا في الزواج.. ونظرات الشفقة تقتلنا
فتاة اعتبرها أبوها غير صالحة لتكوين أسرة.. وشاب يتساءل: ما ذنبي ؟

دعاء بهاء الدين، ريم سليمان- سبق- جدة: تحتل قضية الزواج حيزاً هاماً في حياة ذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أنه أحياناً ما يقف المجتمع عائقاً أمام تحقيق ذلك الهدف، حيث يلاقي المعاق العديد من الصعوبات بسبب رفض المجتمع له واعتباره غير كامل، فيما تجد المعاقة العديد من علامات الاستفهام حول إمكانية زواجها وكيفية إقامتها لعلاقة زوجية ينتج عنها تربية أطفال فيما بعد، حتى صار "زواج المعاقين" مشكلة تؤرق كل منزل به معاق أو معاقة.
"سبق" تحاول أن تلفت النظر لفئة منسية داخل المجتمع.. والعقبات التي تواجهها عند الزواج.

نظرات مسمومة
في البداية أعربت إحدى المعاقات عن معاناتها قائلة: أشعر بالظلم داخل أسرتي، دائماً يعاملونني بجفاء ويرفضون ذهابي معهم في المناسبات الاجتماعية، مبدية أسفها لنظرة أقاربها لها. وقالت: في إحدى المرات ذهبت لحفل زفاف إحدى قريباتي، وأصابتني نظراتهن بسهام مسمومة أدمت قلبي، وفي هذه الليلة انهمرت دموعي، وفقدت معنى الحياة.
وتابعت حديثها: في أحد الأيام علمت من أمي أن أبي رفض شاباً تقدم لخطبتي، بسبب إعاقتي، لأنني غير صالحة للزواج من وجهة نظره، مبدية تشاؤمها من المستقبل، وقالت: أخشى أن أظل وحيدة طيلة عمري، وتساءلت في استنكار: ما ذنبي في إعاقتي هل أنا لست بشراً؟

اغتالوا فرحتي
فيما أعربت إحدى الفتيات عن صدمتها قائلة: تقدم لخطبتي شاب معاق، يتمتع بخلق طيب، ومثقف، مشيدة بترحيب أبيها به، وقالت: اقتنع أبي بالشاب ووافق عليه، بيد أن أقاربي للأسف لم يحضروا الفرح، وتساءلت في استنكار: لماذا اغتال أقاربي فرحتي، أليس من حقي اختيار شريك الحياة؟

حياة سوية
وأعرب أحد الشباب عن أسفه لرفض معظم الفتيات الزواج منه قائلاً: تقدمت للزواج من بعض قريباتي، بيد أنهن جميعاً رفضن الارتباط بي، متسائلاً: ما ذنبي في إعاقتي، أليس من حقي أن أعيش حياة سوية؟ وواضح أنه تزوج من فتاة أجنبية وافقت عليه رغم إعاقته، بعد معاناته في البحث عن بنت وطنه، معرباً عن سعادته معها، وقال: زوجتي تعاملني بحنان ورفق، وتسعدني دائماً، وأنا أبذل قصارى جهدي لإسعادها في كل وقت.

دموع الفرحة
وتحدث أحد الشباب المعاقين عن تجربة زواجه الناجحة، وقال: عوضني الله خيراً بزوجة صالحة، تسعى دائماً لإسعادي وتحتوى مشاعري، مشيداً بمساعدتها له، وتلبية احتياجاته بنفس راضية ومحبة راقية، وأعرب عن سعادته قائلاً: ننتظر أنا وزوجتي مولودنا الأول، فقد اجتاحتني دموع الفرحة عندما علمت بحملها، متمنياً أن يكحل عيونه برؤية مولوده بصحة جيدة.

تزويج المعاقات
وأطلق رجل الأعمال خالد اليحيا مبادرة مشروع "تزويج المعاقات"، وتحدث لـ "سبق" عن تجربته الشخصية قائلاً: أصيبت ابنة أخي بشلل الأطفال وظلت حبيسة "الكرسي المتحرك" طيلة حياتها، ولمست معاناتها الشخصية عن قرب، معرباً عن سعادته بزواجه من معاقة، واستقراره معها، وأبدى تعاطفه مع الفتاة المعاقة، قائلاً: للأسف هي تدور بين فكي رحى قسوة المجتمع عليها، ورفض الشباب الزواج بها، ولفت أن بعض الشباب يتزوج المعاقة بدافع الشفقة أو العطف، وهذا يدمرها نفسياً.

وبسؤاله عن المبادرة أجاب اليحيا: إنها تشجع الشاب على الزواج من الفتاة المعاقة، من خلال تقديم تيسيرات، كتوظيفه، وتوفير سكن للزواج، ومنحه الجنسية السعودية إذا كان أجنبياً، ولم ينس حق الفتاة، واقترح كتابة منزل الزوجية باسمها، فلا يحق لها التصرف فيه، ويحق للورثة بعد وفاتها بيعه، لافتاً أنه يتم سحب الجنسية من الشاب إذا طلقها.

ورأى أن الجمعيات الخيرية وحدها عاجزة عن تزويج المعاقين، مطالباً الدولة بدعم هذا المشروع، وقال: قدمت فكرة المشروع لوزارة الشؤون الاجتماعية، وللأسف لم أجد صدى من قبل الجهات المعنية، وأكد في ختام حديثه أن تطبيق هذا الاقتراح سوف ينهي معاناة المعاقة مع الزواج.

تصحيح المفاهيم الخاطئة
ولفت الإعلامي يحيي الزهراني أن أكبر مشكلة تواجه المعاق هي عدم تقبل المجتمع له كطرف في العلاقة الزوجية، مبدياً أسفه لرفض كثير من الأسر تزويج أبنائها من معاقين، وقال: يعتقد البعض أن من تتزوج معاقاً تنجب طفلاً معاقاً، ولفت إلى معاناة المعاقة مع الزواج قائلاً: قد تقدم تنازلات عند الزواج، فتقبل أن تصبح زوجة ثانية، أو ترتبط بمن يكبرها في السن.
وقال الزهراني: من خلال خبرتي الشخصية فإن نسبة نجاح زيجات المعاقين قد تصل إلى 98%، مقترحا وجود لجان استشارية في المراكز الأسرية ومراكز المعاقين لتصحيح المفاهيم الخاطئة عند البعض عن زواج المعاقين، وتوضيح قدرة المعاق على الزواج والإنجاب، وتكوين أسرة سليمة، كما اقترح تقديم محاضرات ضمن برنامج تأهيل المقبلين على الزواج تتناول أهمية الزواج للمعاق.

وأبدى أسفه لتجاهل المناهج التعليمية لدور المعاق في الأسرة، مطالبا المؤسسات الدينية بمخاطبة أولياء الأمور بمميزات الزواج من معاق إذا حسنت أخلاقة، رغبة في ستر ابنتهم، ورأى أن هذا يخفف من مشكلة العنوسة، كما طالب المؤسسات الصحية بنشر التثقيف الصحي للمعاق ومساواته بالسليم، وطالب في ختام حديثه الشؤون الاجتماعية أن تتكفل بزواج المعاقين، وتوفير السكن المناسب لهم، ومساعدتهم في الإنجاب.

إعاقة فكر وليس جسد
فيما تحدث الاستشاري الأسري والنفسي الدكتور خالد الصغير عن كيفية تأهيل الفتاة للزواج من معاق والعكس، قائلاً: في البداية لا بد التذكير بنعم الله علينا وأن من يحرمه الله نعمة قد يعوضه بأضعاف كثيرة ومتعددة أكثر منها، مؤكداً أنه ليست الإعاقة هي إعاقة الجسد وإنما هي إعاقة الفكر والثقافة والتربية والدين.

وأوضح أن الزوج المعاق يستطيع عمل أشياء قد لا يستطيع عملها الأصحاء، وذلك لما لديه من همة وقوة بأس وصبر وتحمل اكتسبها من خلال الإعاقة التي دربته على تحمل كل ما هو صعب وشاق في هذه الحياة، مما يجعل صبره على الحياة الزوجية وعلى تحمل زوجته وأولاده والناس الذين يتعامل بشكل أفضل.

وتابع حديثه: ينبغي على الفتاة أن لا تنظر لمثل هذه الأمور لأن ما يهمها في الرجل هي الرجولة والاحترام والتقدير وليست الإعاقة فإذا وجدت هذه الصفات أغنتها، وكذلك الرجل الذي يتزوج من معاقة فهو تنازل برغبته عن الشكل والكمال فيها ووجد ما يعوضه عن هذا كله من روح الجمال وهو الباقي الحقيقي والذي يعكس قيمة النفس وجمالها.

نظرات الشفقة والدونية
ولفت أن فئة المعاقين من أكثر الفئات التي تعاني من الضغوط النفسية، وذلك لأن أنظار الناس دائماً متجه نحوهم إما بالشفقة أو بالدونية، مما يزيد من معاناتهم، مطالباً بعدم جرح مشاعرهم وأن تتحول النظرة إلى اتجاه سليم يرتقي بالتعامل مع ذلك المعاق، مما يرفع من همته ويتجاوز به حدود الإعاقة وألمها، وعلينا أن نتذكر أنه لو كان الخيار له، لما اختار أن يكون معاقاً بل سوف يختار لنفسه أن يكون على أعلى قدر من الكمال، وما هو فيه ليس من اختياره ولا من صنع يده.

ورأى الصغير أن لمراكز الإرشاد دوراً كبيراً في التفاعل مع المعاق أو المعاقة، ويجب عليهم بذل الجهد لتخطي كل الموروثات الماضية والنظرات السلبية السابقة لهذه الفئة، حتى لا تحدث لهم صدمات وإخفاقات لا تحمد عقباها في حياتهم وأقلها هو الانسحاب من المجتمع، ومن ثم الدخول في عالم الأمراض النفسية، كما أن عليها واجب في ترسيخ حق المعاق في الزواج والإنجاب والعيش الكريم، ناصحا بضرورة التقريب بين ما يعتقده المجتمع ويتصوره عن المعاق وبين ما هو في المعاق فعلاً من القدرة والاستطاعة على فعله، والعمل على تصحيح تلك الرؤية المشوهة عن المعاق.

وختم حديثه برسالة يوجهها إلى المجتمع قائلاً: ليس هناك أمان من مفاجآت الحياة، كما أن الحياة دين ترده لك في أيامها، فتعاملك الحسن وإضفاء على الحب مع زوجتك المعاقة أو مع زوجك المعاق اهو بالتالي دين، إضافة إلى أن له أجر عظيم تستحق عليه من الله المكافأة العظيمة، وعلينا أن نعلم أن المعاقين أكثر حساسية من غيرهم، ولذا علينا جميعا مراعاتهم وعدم معاملتهم كالعاجزين.

رفض المجتمع للمعاق
فيما أكدت عضو مجلس إدارة جمعية الأطفال المعاقين الدكتورة فوزية أخضر أن قضية زواج الأشخاص ذوى الإعاقة تحتل حيزاً كبيراً في حياة الأشخاص ذوي الإعاقة وحقهم في الحياة الكريمة التي كفلتها لهم معظم التشريعات والقوانين المعمول بها في البلدان المختلفة، والحق في تكوين أسرة وإنجاب الأطفال هي من جملة هذه الحقوق، كما أنها تعد من القضايا المهمة التي فرضت نفسها في أجندة عمل المهتمين بهذه الفئة من أفراد المجتمع في الآونة الأخيرة.

وأعربت عن أسفها لكون المجتمع لم يهيأ الفرص بالصورة المطلوبة لهم لا نفسياً ولا اجتماعياً، ما جعل المعوقات تضيف لهم إعاقة إضافة لإعاقتهن، خاصة عند الزواج وتكوين أسرة فقد يرفض المجتمع تزويج أو الزواج من ذوي الإعاقة خاصة المرأة ذات الإعاقة، حيث أنها لم تدرب على أن تكون أم وزوجة وربة منزل، في ظل عدم توفير الأجهزة التقنية التي تساعدها في حياتها العملية وبأسعار مناسبة وفي متناول الجميع.

وقالت: لا تزال بعض مجتمعاتنا متغيبة عن ذلك الشطر الحضاري الذي يوفر لهذه الشريحة فرصا للعلاج والتدريب والتأهيل الكافية، حتى يتمكنوا من للتعايش مع أقرانهم بأسلوب حضاري وإنساني مهذب وراقي.

وطالبت بضرورة الدفاع عن حقوق المعاقين والعمل على تحقيق مطالبهم وتحسين واقع الخدمات المقدمة لهم، وتعريف المجتمع بأهمية ذوي الإعاقة كعنصر بشري قادر على الإنتاج والعمل.