Dr.Amr
11-08-2008, 07:15 PM
ادارة الصف
لا تتوقف عملية إدارة الصف عن حفظ النظام والانضباط ، بل تتعدى إلى مهام وأعمال أخرى كثيرة ، ولعل موضوعنا الآن هو مناقشة تلك المهام والأعمال بإستفاضة حتى نلم مفهوم إدارة الصف بشكل جيد ، وتشمل إدارة الصف الآتي :
· حفظ النظام .
· توفير المناخ العاطفي والاجتماعي.
· تنظيم البيئة الفيزيقية.
· توفير الخبرات التعليمية.
· ملاحظة التلاميذ ومتابعتهم وتقويمهم.
· تقديم تقارير عن سير العمل.
وعلى ظهر الصفحات التالية ستناول كل من هذه البنود على حدة بشيء من التفصيل والإسهاب بما في ذلك أساليب المقارنة والمحاكاة التي تمكن المعلم من تطبيق هذه البنود بشكل عملي ينعكس إيجابياً على سير العملية التربوية والتعليمية ورفع كفاءة العملية التدريسية من ناحية وإثراء الوعي الطلابي من جهة أخرى.
يحتاج المعلم والتلاميذ إلى جو يتسم بالهدؤ حتى يتم التفاعل المثمر بين المعلم والتلاميذ من ناحية ، وبين التلاميذ أنفسهم من ناحية أخرى ، ذلك التفاعل الذي يكون نتاجه التعلم – الهدف الرئيسي للمدرسة.
ولا نعني بالهدوء ذلك الصمت التام الذي يكون مصدره الخوف من المعلم ، بل الهدوء والنظام الذي ينبع من رغبة التلاميذ أنفسهم بأن يتعلموا وأن يستغلوا كل فرصة تتاح لهم للتقدم والنمو. وخير نظام ذلك الذي يقوم على أساس الاحترام المتبادل بين المعلم والتلاميذ وبين التلاميذ أنفسهم.
ومن أكثر الظواهر التي تبهر طالب أو معلم المدرسة القديمة التي تؤمن بالنظام من أجل النظام أن يرى تلاميذ يعملون في هدوء بمفردهم أو بالتعاون مع زملاء لهم دونما رقيب يرصد حركاتهم ويعد عليهم همساتهم. وإذا تشجع أحدهم وسأل المعلم عن "الوصفة" السحرية التي توصل إليها للمحافظة على هدوء الفصل دون زجر أو نهر أو تهديد بالعقاب ، فإنه يقابل بنظرة لا تخلو من التعجب وربما الاستهزاء ، فما حاجة المعلم لمعاقبة التلاميذ حتى ينصرفوا إلى أعمالهم ، ألم يحضروا للمدرسة من أجل التعلم؟
حتى لا نظلم معلمنا ونحمله وحده مسئولية هذه الظاهرة التي تحير زائرينا ودارسينا من المربين الغربيين ، علينا أن نعود إلى أساليب التنشئة في الطفولة المبكرة. فمن المعروف أن العادات سوءا كانت عادات في العمل أو الدراسة أو التفكير ، إنما تتكون في الصغر وتزداد ثباتاً وترسيخاً مع الأيام. وبوصول الطفل إلى المدرسة الابتدائية تكون قد تكونت لديه الكثير من العادات التي يصعب تغييرها ، وإن كان بالإمكان مع الوقت والجهد الموجه والمكثف التأثير فيها.
ومن هذه العادات احترام النظام الذي هو جزء لا يتجزأ من احترام الغير. فلكل فرد الحق في العمل بهدوء دون إزعاج الآخرين له ، وبالمقابل عليه واجب احترام رغبة الآخرين هذه. فمن نشأ في بيت لم يتعلم فيه أبسط هذه المبادئ ، ولا يكف عن الصراخ وإزعاج الغير إلا إذا زجره الأب أو نهرته الأم ، أو إذا حضر ضيف ونبهه ذووه أن عليه أن يظهر أمامه على غير حقيقته ، هادئ الطبع مطيعاً لأوامرهم ، ليس من المعقول أن نتوقع مه أن يكون غير ذلك في المدرسة. فما يحدث فيم المدرسة إنما هو استمرار وانعكاس لما يحدث في البيت. أضف إلى ذلك أن المعلمين أنفسهم نتاج مثل هذه التربية ولهذا فهم ، وبفعل متواصل ، يسلكون نفس الأسلوب مع تلاميذهم ، ولا يخطر ببال الكثيرين منهم أنه يمكن أن تكون هناك وسيلة أخرى ومفهوم آخر للنظام غير مفهومهم ، حتى ولا تحدثت جميع كتب التربية عن المفهوم الحديث للضبط والنظام النابع من الذات (Self Discipline).
ويرتبط بموضوع النظام الحركة التي يسمح بها المعلم لتلاميذه داخل الفصل. ويتوقف ذلك على أمرين. أولهما : فلسفة النظام التعليمي وأهدافه ، وثانيهما: سن التلميذ. ففي مدرسة جون ديوي التقدمية يقوم التعلم على النشاط والنشاط معناه الحركة. ويقوم جيروم برونر ، ومن قبله جان بياجيه : الطفل يتحرك إذن هو يتعلم. والحركة ليست دائماً جسدية بل يمكن أن تكون عقلية ، ولكن يجب أن يكون هناك حركة حتى يتم التعلم.
وخلاصة القول أن النظام قيمة أساسية على التلاميذ اكتسابها والاقتناع بأهميتها لسير العمل ، أي عمل . وأبرز ما يقوم به المعلم في هذا الخصوص وضع حدود يعرف كل تلميذ أنه لا يجوز تجاوزها. ويفضل أن يتم الاتفاق على هذه الحدود بمشاركة التلاميذ أنفسهم. فالتلاميذ يحترمون القوانين التي يشاركون في صنعها أكثر من تلك التي تفرض عليهم فرضاً دون أن يتفهموا جدواها. بالإضافة إلى أن التلاميذ في هذه الحالة من الذين يشرفون على تطبيقها. فإذا تجاوز أحد التلاميذ حدوده يقوم زملاؤه بتبيهه إلى ذلك بدلاً من أن تترك هذه المهمة باستمرار للمعلم فلا يرى فيه التلاميذ إلا شخص الآمر الناهي ، وهذا لا شك يؤثر على العلاقات الإنسانية بين المعلم وتلاميذه.
من الصعب على المعلم أن يدير صفاً دراسياً لا تسوده علاقات إنسانية سوية ومناخ نفسي واجتماعي يتسم بالمودة والتراحم والوئام . والمناخ العاطفي شئ يصعب وصفه ولكن يمكن الإحساس به بمجرد دخول الفصل. ولكما تقدم التلاميذ في السن وفي المرحلة الدراسية كلما أصبح بالإمكان تكوين جماعات صداقة وعمل ، وينبغي ألا يزعج ذلك المعلم بل على العكس أن يسعى إليه ويشجعه. فالمعلم ليس في معركة ضد التلاميذ ، يساعد بعضهم البعض ويتكلمون كل حسب قدراته وإمكاناته. وهذا لا يعني أن يلغي المعلم التنافس من أجل النجاح والإنجاز ولكن التنافس سلاح ذو حدين، وقد تؤدي المغالاة فيه إلى خلق جو من الغيرة والإنقسام والتربص للأخطاء يكون ضحيته المتوسطون والضعاف من تلاميذ الفصل. وحتى المتفوقون منهم يكون تنافسهم من أجل تخطي الغي والتفوق عليهم أكثر من التنافس في سبيل تحقيق الذات ، وهذا يقلل من القيمة التربوية للنجاح ويضفي على هذا الفصل جواً من التوتر والصراع ، البعض من مدرسينا للألف يشجعه دون أن يدرك حقيقة أبعاده وأثره على المدى البعيد.
والمناخ التربوي الذي يشجع على التعلم جو ودي غير انتقامي ، يشعر معه التلميذ بأنه يستطيع أن يجرب ويخطئ ويصحح أخطاءه ويتعلم منه ، بعكس الجو الذي لا يتوافر فيه مثل هذا الأمان ويخشى معه التلميذ من وقوع عقاب المعلم عليه بين لحظة وأخرى لأقل خطأ أو سهو أو تقصير.
لا شك أن تلاميذ الفصل هم العنصر الأهم في العملية التعليمية ، ولكن البيئة الفيزيقية – والتي تشكل الإطار الذي يتم فيه التعلم – من الأمور الهامة في زيادة الفاعلية والإنتاجية. وقد خضع هذا البعد من أبعاد العملية التعليمية للكثير من الدراسات التي تدخل ضمن قياس وتقويم أداء المعلم.
ولا يتطلب تنظيم بيئة التعلم الكثير من الجهد أو التكلفة ولكن يحتاج إلى فهم طبيعة المتعلمين واحتياجاتهم النفسية والاجتماعية وأساليبهم في العمل ، بالإضافة إلى حسن التخطيط بحيث يتم استغلال كل جزء وركن من أركان الغرفة دون زحمها بأشياء لا ضرورة لها ، وتوزيع الأثاث والتجهيزات والموارد والوسائل التعليمية بما يتناسب مع طبيعة الأنشطة والخبرات التعليمية، ويسمح بتنقل التلاميذ بسهولة بين الأركان المختلفة.
يعرف كل من عمل في سلك التدريس أن عبارة "هذا الفصل جيد" تعني أن الفصل المشار إليه يتم فيه تعلم جيد ولا يقصد منها في الغالب أن غرفة الفصل واسعة أو جميلة ، أو أن التلاميذ شكلهم لطيف ومهذبون. فمهما كان المعلم لطيفاً مع تلاميذه ، قريباً منهم ، ووفر لهم غرفة حسنة التنظيم ، لا يستطيع أن يكون مديراً جيداً للفصل ما لم يشعر تلاميذه بأنهم يتعلمون في كل يوم وحصة ولحظة أشياء جديدة. وهذا لن يتأتى إلا بتوفير العديد من الخبرات التعليمية المتنوعة وحسن التخطيط لها ، ومتابعة التلاميذ وتوجيه أدائهم ، ومراعاة الفروق الفردية ، فلا يعمل البعض وينتج بينما البعض الآخر قد أنهى عمله ، أو أنه لا يحسن أداء المطلوب منه. فأفضل إدارة تلك التي في ظلها يعمل الجميع كل وفق سرعته واهتماماته.
إن معرفة المعلم لتلاميذه من حيث الخلفية العلمية والاجتماعية ومستويات النضج والتهيؤ التي حققوها ، وإلمامه بمدى تقدمهم في المجالات التي يدرسونها والمهارات التي يتدربون عليها ، من أساسيات ومقومات الإدارة الناجحة للفصل. وهناك طرق ووسائل عديدة لقياس مستوى الاستعداد أو النمو أو التحصيل في إطار التعليم النظامي.
تتضمن جميع الأعمال مهما كانت طبيعتها جزءاً إدارياً لا غنى عنه. ففي مهنة التدريس والتي يغلب عليها الطابع الفني ، يحتاج المعلم إلى عمل كشوف بأسماء التلاميذ ويرصد غيابهم وحضورهم ويسجل الدرجات والتقديرات التي يحصلون عليها ، ويقدم تقارير عن تقدمهم لإدارة المدرسة أو المنطقة التعليمية أو الوزارة .
ولهذا الغرض يحتاج المعلم إلى سجلات وملفات يحفظ فيها هذه المعلومات بطريقة منظمة بشكل يجعل من السهل الوصول إليها.
ويحتاج المعلم إلى سجل خاص يدون فيه ملاحظاته عن نمو قدرات التلاميذ ومهاراتهم في المجالات المختلفة ، بالإضافة إلى الصعوبات أو المشكلات التي يواجهونها في مجال الدراسة والتحصيل أو التكيف لجو المدرسة أو في النواحي الصحية أو الأسرية أو غيرها من المشكلات الشخصية. ولا ينتهي عمل المعلم بتسجيل البيانات والملاحظات الخاصة بالتلاميذ ، بل عليه الرجوع إليها بإستمرار إذا ما أراد أن يساعد تلاميذه على التكيف لمتطلبات الحياة المدرسية. ومعظم المعلمين يفضلون استخدام سجل واحد مرتب ترتيباً أبجدياً بدلاً من الملفات الشخصية.
بالإضافة إلى السجلات الخاصة بالدارسين ، يحتفظ المعلم بسجل متابعة لسير العملية التربوية يضع فيه الخطط والوحدات الدراسية وملاحظاته حول طريقة تنفيذها وتقديمه لها. كما يحتفظ في هذا السجل بخططه المستقبلية ، قصيرة وبعيدة المدى ، بحيث يصبح عمله سلسلة متصلة تكفل التدرج والاستمرارية والتقدم.
وتعتبر هذه السجلات وسيلة أساسية من وسائل التقويم الذاتي ومصدر للمعلومات والتغذية الراجعة بالنسبة للمعلم والتلاميذ والقائمين على التعليم من موجهين وأخصائيي المناهج والكتب المدرسية.
لا تتوقف عملية إدارة الصف عن حفظ النظام والانضباط ، بل تتعدى إلى مهام وأعمال أخرى كثيرة ، ولعل موضوعنا الآن هو مناقشة تلك المهام والأعمال بإستفاضة حتى نلم مفهوم إدارة الصف بشكل جيد ، وتشمل إدارة الصف الآتي :
· حفظ النظام .
· توفير المناخ العاطفي والاجتماعي.
· تنظيم البيئة الفيزيقية.
· توفير الخبرات التعليمية.
· ملاحظة التلاميذ ومتابعتهم وتقويمهم.
· تقديم تقارير عن سير العمل.
وعلى ظهر الصفحات التالية ستناول كل من هذه البنود على حدة بشيء من التفصيل والإسهاب بما في ذلك أساليب المقارنة والمحاكاة التي تمكن المعلم من تطبيق هذه البنود بشكل عملي ينعكس إيجابياً على سير العملية التربوية والتعليمية ورفع كفاءة العملية التدريسية من ناحية وإثراء الوعي الطلابي من جهة أخرى.
يحتاج المعلم والتلاميذ إلى جو يتسم بالهدؤ حتى يتم التفاعل المثمر بين المعلم والتلاميذ من ناحية ، وبين التلاميذ أنفسهم من ناحية أخرى ، ذلك التفاعل الذي يكون نتاجه التعلم – الهدف الرئيسي للمدرسة.
ولا نعني بالهدوء ذلك الصمت التام الذي يكون مصدره الخوف من المعلم ، بل الهدوء والنظام الذي ينبع من رغبة التلاميذ أنفسهم بأن يتعلموا وأن يستغلوا كل فرصة تتاح لهم للتقدم والنمو. وخير نظام ذلك الذي يقوم على أساس الاحترام المتبادل بين المعلم والتلاميذ وبين التلاميذ أنفسهم.
ومن أكثر الظواهر التي تبهر طالب أو معلم المدرسة القديمة التي تؤمن بالنظام من أجل النظام أن يرى تلاميذ يعملون في هدوء بمفردهم أو بالتعاون مع زملاء لهم دونما رقيب يرصد حركاتهم ويعد عليهم همساتهم. وإذا تشجع أحدهم وسأل المعلم عن "الوصفة" السحرية التي توصل إليها للمحافظة على هدوء الفصل دون زجر أو نهر أو تهديد بالعقاب ، فإنه يقابل بنظرة لا تخلو من التعجب وربما الاستهزاء ، فما حاجة المعلم لمعاقبة التلاميذ حتى ينصرفوا إلى أعمالهم ، ألم يحضروا للمدرسة من أجل التعلم؟
حتى لا نظلم معلمنا ونحمله وحده مسئولية هذه الظاهرة التي تحير زائرينا ودارسينا من المربين الغربيين ، علينا أن نعود إلى أساليب التنشئة في الطفولة المبكرة. فمن المعروف أن العادات سوءا كانت عادات في العمل أو الدراسة أو التفكير ، إنما تتكون في الصغر وتزداد ثباتاً وترسيخاً مع الأيام. وبوصول الطفل إلى المدرسة الابتدائية تكون قد تكونت لديه الكثير من العادات التي يصعب تغييرها ، وإن كان بالإمكان مع الوقت والجهد الموجه والمكثف التأثير فيها.
ومن هذه العادات احترام النظام الذي هو جزء لا يتجزأ من احترام الغير. فلكل فرد الحق في العمل بهدوء دون إزعاج الآخرين له ، وبالمقابل عليه واجب احترام رغبة الآخرين هذه. فمن نشأ في بيت لم يتعلم فيه أبسط هذه المبادئ ، ولا يكف عن الصراخ وإزعاج الغير إلا إذا زجره الأب أو نهرته الأم ، أو إذا حضر ضيف ونبهه ذووه أن عليه أن يظهر أمامه على غير حقيقته ، هادئ الطبع مطيعاً لأوامرهم ، ليس من المعقول أن نتوقع مه أن يكون غير ذلك في المدرسة. فما يحدث فيم المدرسة إنما هو استمرار وانعكاس لما يحدث في البيت. أضف إلى ذلك أن المعلمين أنفسهم نتاج مثل هذه التربية ولهذا فهم ، وبفعل متواصل ، يسلكون نفس الأسلوب مع تلاميذهم ، ولا يخطر ببال الكثيرين منهم أنه يمكن أن تكون هناك وسيلة أخرى ومفهوم آخر للنظام غير مفهومهم ، حتى ولا تحدثت جميع كتب التربية عن المفهوم الحديث للضبط والنظام النابع من الذات (Self Discipline).
ويرتبط بموضوع النظام الحركة التي يسمح بها المعلم لتلاميذه داخل الفصل. ويتوقف ذلك على أمرين. أولهما : فلسفة النظام التعليمي وأهدافه ، وثانيهما: سن التلميذ. ففي مدرسة جون ديوي التقدمية يقوم التعلم على النشاط والنشاط معناه الحركة. ويقوم جيروم برونر ، ومن قبله جان بياجيه : الطفل يتحرك إذن هو يتعلم. والحركة ليست دائماً جسدية بل يمكن أن تكون عقلية ، ولكن يجب أن يكون هناك حركة حتى يتم التعلم.
وخلاصة القول أن النظام قيمة أساسية على التلاميذ اكتسابها والاقتناع بأهميتها لسير العمل ، أي عمل . وأبرز ما يقوم به المعلم في هذا الخصوص وضع حدود يعرف كل تلميذ أنه لا يجوز تجاوزها. ويفضل أن يتم الاتفاق على هذه الحدود بمشاركة التلاميذ أنفسهم. فالتلاميذ يحترمون القوانين التي يشاركون في صنعها أكثر من تلك التي تفرض عليهم فرضاً دون أن يتفهموا جدواها. بالإضافة إلى أن التلاميذ في هذه الحالة من الذين يشرفون على تطبيقها. فإذا تجاوز أحد التلاميذ حدوده يقوم زملاؤه بتبيهه إلى ذلك بدلاً من أن تترك هذه المهمة باستمرار للمعلم فلا يرى فيه التلاميذ إلا شخص الآمر الناهي ، وهذا لا شك يؤثر على العلاقات الإنسانية بين المعلم وتلاميذه.
من الصعب على المعلم أن يدير صفاً دراسياً لا تسوده علاقات إنسانية سوية ومناخ نفسي واجتماعي يتسم بالمودة والتراحم والوئام . والمناخ العاطفي شئ يصعب وصفه ولكن يمكن الإحساس به بمجرد دخول الفصل. ولكما تقدم التلاميذ في السن وفي المرحلة الدراسية كلما أصبح بالإمكان تكوين جماعات صداقة وعمل ، وينبغي ألا يزعج ذلك المعلم بل على العكس أن يسعى إليه ويشجعه. فالمعلم ليس في معركة ضد التلاميذ ، يساعد بعضهم البعض ويتكلمون كل حسب قدراته وإمكاناته. وهذا لا يعني أن يلغي المعلم التنافس من أجل النجاح والإنجاز ولكن التنافس سلاح ذو حدين، وقد تؤدي المغالاة فيه إلى خلق جو من الغيرة والإنقسام والتربص للأخطاء يكون ضحيته المتوسطون والضعاف من تلاميذ الفصل. وحتى المتفوقون منهم يكون تنافسهم من أجل تخطي الغي والتفوق عليهم أكثر من التنافس في سبيل تحقيق الذات ، وهذا يقلل من القيمة التربوية للنجاح ويضفي على هذا الفصل جواً من التوتر والصراع ، البعض من مدرسينا للألف يشجعه دون أن يدرك حقيقة أبعاده وأثره على المدى البعيد.
والمناخ التربوي الذي يشجع على التعلم جو ودي غير انتقامي ، يشعر معه التلميذ بأنه يستطيع أن يجرب ويخطئ ويصحح أخطاءه ويتعلم منه ، بعكس الجو الذي لا يتوافر فيه مثل هذا الأمان ويخشى معه التلميذ من وقوع عقاب المعلم عليه بين لحظة وأخرى لأقل خطأ أو سهو أو تقصير.
لا شك أن تلاميذ الفصل هم العنصر الأهم في العملية التعليمية ، ولكن البيئة الفيزيقية – والتي تشكل الإطار الذي يتم فيه التعلم – من الأمور الهامة في زيادة الفاعلية والإنتاجية. وقد خضع هذا البعد من أبعاد العملية التعليمية للكثير من الدراسات التي تدخل ضمن قياس وتقويم أداء المعلم.
ولا يتطلب تنظيم بيئة التعلم الكثير من الجهد أو التكلفة ولكن يحتاج إلى فهم طبيعة المتعلمين واحتياجاتهم النفسية والاجتماعية وأساليبهم في العمل ، بالإضافة إلى حسن التخطيط بحيث يتم استغلال كل جزء وركن من أركان الغرفة دون زحمها بأشياء لا ضرورة لها ، وتوزيع الأثاث والتجهيزات والموارد والوسائل التعليمية بما يتناسب مع طبيعة الأنشطة والخبرات التعليمية، ويسمح بتنقل التلاميذ بسهولة بين الأركان المختلفة.
يعرف كل من عمل في سلك التدريس أن عبارة "هذا الفصل جيد" تعني أن الفصل المشار إليه يتم فيه تعلم جيد ولا يقصد منها في الغالب أن غرفة الفصل واسعة أو جميلة ، أو أن التلاميذ شكلهم لطيف ومهذبون. فمهما كان المعلم لطيفاً مع تلاميذه ، قريباً منهم ، ووفر لهم غرفة حسنة التنظيم ، لا يستطيع أن يكون مديراً جيداً للفصل ما لم يشعر تلاميذه بأنهم يتعلمون في كل يوم وحصة ولحظة أشياء جديدة. وهذا لن يتأتى إلا بتوفير العديد من الخبرات التعليمية المتنوعة وحسن التخطيط لها ، ومتابعة التلاميذ وتوجيه أدائهم ، ومراعاة الفروق الفردية ، فلا يعمل البعض وينتج بينما البعض الآخر قد أنهى عمله ، أو أنه لا يحسن أداء المطلوب منه. فأفضل إدارة تلك التي في ظلها يعمل الجميع كل وفق سرعته واهتماماته.
إن معرفة المعلم لتلاميذه من حيث الخلفية العلمية والاجتماعية ومستويات النضج والتهيؤ التي حققوها ، وإلمامه بمدى تقدمهم في المجالات التي يدرسونها والمهارات التي يتدربون عليها ، من أساسيات ومقومات الإدارة الناجحة للفصل. وهناك طرق ووسائل عديدة لقياس مستوى الاستعداد أو النمو أو التحصيل في إطار التعليم النظامي.
تتضمن جميع الأعمال مهما كانت طبيعتها جزءاً إدارياً لا غنى عنه. ففي مهنة التدريس والتي يغلب عليها الطابع الفني ، يحتاج المعلم إلى عمل كشوف بأسماء التلاميذ ويرصد غيابهم وحضورهم ويسجل الدرجات والتقديرات التي يحصلون عليها ، ويقدم تقارير عن تقدمهم لإدارة المدرسة أو المنطقة التعليمية أو الوزارة .
ولهذا الغرض يحتاج المعلم إلى سجلات وملفات يحفظ فيها هذه المعلومات بطريقة منظمة بشكل يجعل من السهل الوصول إليها.
ويحتاج المعلم إلى سجل خاص يدون فيه ملاحظاته عن نمو قدرات التلاميذ ومهاراتهم في المجالات المختلفة ، بالإضافة إلى الصعوبات أو المشكلات التي يواجهونها في مجال الدراسة والتحصيل أو التكيف لجو المدرسة أو في النواحي الصحية أو الأسرية أو غيرها من المشكلات الشخصية. ولا ينتهي عمل المعلم بتسجيل البيانات والملاحظات الخاصة بالتلاميذ ، بل عليه الرجوع إليها بإستمرار إذا ما أراد أن يساعد تلاميذه على التكيف لمتطلبات الحياة المدرسية. ومعظم المعلمين يفضلون استخدام سجل واحد مرتب ترتيباً أبجدياً بدلاً من الملفات الشخصية.
بالإضافة إلى السجلات الخاصة بالدارسين ، يحتفظ المعلم بسجل متابعة لسير العملية التربوية يضع فيه الخطط والوحدات الدراسية وملاحظاته حول طريقة تنفيذها وتقديمه لها. كما يحتفظ في هذا السجل بخططه المستقبلية ، قصيرة وبعيدة المدى ، بحيث يصبح عمله سلسلة متصلة تكفل التدرج والاستمرارية والتقدم.
وتعتبر هذه السجلات وسيلة أساسية من وسائل التقويم الذاتي ومصدر للمعلومات والتغذية الراجعة بالنسبة للمعلم والتلاميذ والقائمين على التعليم من موجهين وأخصائيي المناهج والكتب المدرسية.