الصحفي الطائر
02-16-2013, 07:29 PM
الذكاء والسلوك التوافقى
إعـــداد
د. خالد عوض البلاح - كلية التربية - جامعة الملك فيصل
د. إيمان السيد منجود - كلية التربية - جامعة الخرج
مقدمة:
كانت النظرة قديما إلى الذكاء العام أو القدرة العقلية العامة التى تقاس من خلال مقاييس الذكاء مثل: بينيه ووكسلر وغيرها، ومع تطور حركة القياس النفسى تغيرت نظرة الباحثين والعلماء إلى معنى درجة الذكاء كرقم وكان من الضرورى ترجمة هذا الرقم إلى مهارات وقدرات ذات معنى تفصيلى وشامل، ومع تغير مفهوم الإعاقة العقلية من قبل هيبر وجروسمان 1973 والذى أشار فيه إلى مظاهر القصور التى تبدو على الفرد فى الذكاء والسلوك التكيفى والذى تبنته الجمعية الأمريكية ودخول مفاهيم مثل: السلوك التكيفى ومقاييس النضج الاجتماعى لإدجار دول ومقياس الكفاية الاجتماعية لكين ولفين، تشكلت من حينها النظرة الكلية لعملية التشخيص وأصبحت النظرة الأحادية غير معبره بحق عن مستوى الأطفال من حيث القدرات والمهارات ومدى أحقية هؤلاء الأطفال لخدمات وبرامج التربية الخاصة. ومن هذا المنطلق يعرض الباحثان لورقة عمل تتناول الذكاء والسلوك التوافقى لدى فئات مختلفة من الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة.
الذكاء والسلوك التوافقى
لقد أدرك إدجار دول Edgar Doll,1935 أن تقييم الأفراد المعوقين عقلياً لا يكتمل دون تقييم النضج الاجتماعي Social maturity وكان مفهومه حول النضج الاجتماعى يشمل قدرة الفرد على التدريب على الاستقلال الشخصى، والمسئولية الاجتماعية، وكان التركيز المبدئى على الأفراد ذوى الإعاقة العقلية من حيث قدرتهم على المحافظة على أنفسهم، وقد وضع دول آداة لقياس الكفاية الاجتماعية تعبر عامة عن تقدم النضج الاجتماعى وشملت الأبعاد الفرعية للمقياس: مساعدة الذات، التنقل، التواصل، العمل أو المهنة، التوجيه الذاتى، والتطبيع الاجتماعى.
ويعتمد الفاحصون على السلوك التوافقى فى تقييم الأفراد الذين يوجد بشأنهم شك أن لديهم إعاقة عقلية، وتركزت معظم البحوث الأولى على السلوك التوافقى حول قياس الصدق فى استخدامه مع تلك الفئات، أو مقارنة الأفراد المعوقين عقليا مع أقرانهم من العاديين. ومع نمو الاهتمام بالقياس النفسى على عينات أوسع كان هناك اطمئنان وثقة لاستخدام مقياس السلوك التوافقى على عينات من ذوى الاضطراب النمائى الشامل Pervasive development disorders وذوى الإعاقة العقلية وخصوصا المتلازمات مثل: متلازمة كروموزوم إكس الهش Fragile-X ومتلازمة أعراض داونDownsyndromeوالتأخر النمائى فى الطفولة المبكرة وكذلك صعوبات التعلم.
وقد حاول كثير من الباحثين تناول العلاقة الإيجابية بين درجات اختبار الذكاء ودرجات السلوك التوافقى، وقد رأى هاريسون وبون Harrison&Boan,2000 أن الاثنين منفصلين لكن العلاقة متداخلة لأن:
1- الذكاء كمفهوم يتم من خلال عمليات، بينما السلوك التوافقى يتأكد من خلال السلوك اليومى.
2- مقاييس الذكاء تقيس الأداء الأقصى بينما مقاييس السلوك التوافقى تقيس الآداء النمطى Typical performance.
3- مقاييس الذكاء تفترض الثبات فى الدرجات بينما مقاييس السلوك التوافقى تفترض التغير المستمر فى الآداء وقابليته للتعديل والتحسن.
وقد أشارت معظم النتائج إلى وجود درجات متوسطة ما بين40 ,0-60 ,0والتى تتفق مع الفروض التى ترى أن كلا من الذكاء والسلوك التوافقى منفصلين، ولكن العلاقة متداخلة، فعلى سبيل المثال قام كيث فيهرمان وآخرون Keith,Fehrmann,et al ,1987 باستخدام التحليل العاملى لبحث نماذج الارتباط المتداخل لدى عينات معيارية من خلال بطارية كوفمان للأطفالKaufman assessmentbattery for children (K-ABC) والسلوك التوافقى لفاينلاند وأشارت النتائج إلى أن العلاقة الارتباطية بين السلوك التوافقي والقدرة العقلية ارتباط متوسط.
وقام بلات كامفوس وسميث Platt,Kamphaus&Smith,1991ببحث العلاقة بين السلوك التوافقى لفاينلاند ومقياس استانفورد - بينيه الطبعة الرابعة ومقياس وكسر لذكاء الأطفال الطبعة المعدلة WISC-R لدى عينة مرجعية، وبينت النتائج ارتباطات وصلت إلى (37, .– 39, .) بين مقاييس الذكاء والسلوك التوافقى. كما توصلوا إلى أن النتائج السابقة تدعم فكرة أن السلوك التوافقى والذكاء منفصلين لكن بينهما علاقة متداخلة. وقد وجد آخرون أن المتغيرات فى تلك العلاقة المتوسطة بين السلوك التوافقى والذكاء هى (الوظائف العقلية) فعلى سبيل المثال فقد وجد Roszkowski(1980) علاقات بين الذكاء والسلوك التوافقى بدرجة مرتفعة. وذلك لدى عينات من مؤسسات الأطفال المعوقين عقليا والبالغين، وسوف نرى مرة أخرى الميل نحو الارتباطات المرتفعة بين السلوك التوافقى ونسبة الذكاء AB&IQ كدليل واضح لدى الأفراد ذوى الإعاقة الشديدةSeverelydisabled .
وقد قام هايس وفانهيل Hayes&Farnhill,2003باستخدام اختبار كوفمان المختصر للذكاء (KBIT) ومقياس السلوك التوافقى لمقارنة نسبة الذكاء والسلوك التوافقى لدى عينة من المراهقين والبالغين، وأظهرت النتائج ارتباطات دالة بين الدرجات الكلية بنسبة بلغت (86 ,0) والاختبارات الفرعية فى الاختبارين تلك النتيجة مكررة عندما يكون الارتباط الجزئي دالا. وباستخدام التحليل العاملى، فإن النتائج قد توصلت إلى أن درجات نسبة الذكاء أفضل فى التنبؤ بدرجات السلوك التوافقى أكثر من العكس (أى لا تساعد درجات السلوك التوافقى فى التنبؤ بنسبة الذكاء). وقد افترض الباحثان أن تلك النتائج ربما تعكس تنوعاً كبيراً فى المهارات التوافقية عن مهارات نسبة الذكاء، ووجدت فروق دالة بين الدرجات الكلية فى كلا الاختبارين والمقاييس الفرعية بهما، وأشارت إلى أن كل اختبار فرعى يساهم كوحدة معرفية فى التقييم الكلى للفرد. وخلص الباحثان إلى أن تقييم كلاً من السلوك التوافقى والوظائف المعرفية تعد معلومات هامة فى عملية التشخيص على الرغم أن تلك الدرجات على الاختبارين دالة ارتباطيا .
وساهمت دراسة فيج وجدريسك Vig&Jedrysek,1995 على عينة من الأطفال صغار السن ذوى الإعاقات النمائية لتحديد ما إذا كانت هناك علاقة بين الذكاء والسلوك التوافقى، كذلك درس الباحثان ما إذا كانت هناك فروق فى أنماط السلوك التوافقى لدى الأطفال المعوقين التى لم تتضح من خلال الذكاء. وقد شملت العينة أطفال ما قبل المدرسة الذين تم تشخيصهم ذوى إعاقات نمائية بعد استخدام بطارية تشخيص تضمنت جوانب (معرفية، نمائية، سلوك توافقى) العلاقة الدالة عند 75 ,0 تبين الارتباط بين السلوك التوافقى مقابل الدرجة الكلية لنسبة الذكاء، والتى تشير إلى قوة العلاقة الايجابية بين المجالين. هناك ارتباطات أخرى تم الحصول عليها من خلال الاعتماد على IQ وأبعاد مقياس فاينلاند للسلوك التوافقى لكل مجموعة من الأطفال المعوقين. العلاقة بين أبعاد السلوك التوافقى والذكاء كانت قوية بالنسبة للطلاب ذوى الإعاقة الشديدة مثل التوحد عن الأطفال ذوى الإعاقات المتوسطة مثل: العجز المعرفى المتوسط، وذوى التأخر النمائى غير المحدد، وفى حالة الأطفال الأوتيزم فإن الارتباط الأعلى بين السلوك التوافقي والذكاء تمثل فى أبعاد: (التواصل، مهارات الحياة اليومية، والمهارات الحركية، التطبيع الاجتماعى) كخصائص أعلى لدى المجموعات التشخيصية الأخرى. لأن مجموعة التوحد كانت الأقل فى القدرة المعرفية فى مجموعات المعوقين، هذه النتائج ربما تعرض الظواهر الأقل فارقية للسلوك التوافقى والذكاء.
وقد اقترح رينولدس Rynoldes,1987 لو أن السلوك التوافقى والذكاء ارتبطا أكثر من (50 , 0 – 60 ,0) فإن ذلك ربما يجيب عن سؤال مدى الصدق لمقاييس السلوك التوافقى. وكما سبق ذكره، هناك كما يبدو ميل نحو تأييد الارتباطات المرتفعة بين السلوك التوافقى والذكاء لدى عينات ذات الإعاقات الشديدة . وقد وجد بعض الباحثون أنه ليس هناك علاقة تداخل بين الذكاء والسلوك التوافقى منهم أوكلاند وتيراسى Terrasi,1989)؛ (Ookland,1983وقد استخدموا التحليل العاملى فى دراسة العلاقة بين السلوك التوافقى والذكاء وهناك عاملين نتجا عن التحليل أحدهما واضح فى عرض أبعاد السلوك التوافقى والآخر يعرض أبعاد الذكاء، وكانت العلاقة بين هذين العاملين منخفضة، ومما يؤكد مزاعم التباعدات بين الذكاء والسلوك التوافقى لدى أفراد العينة. وتم وصف المظاهر التى تميز بين السلوك التوافقى والذكاء، فيما يلى:
1- فالسلوك التوافقى يؤكد على السلوك اليومى، بينما الذكاء يؤكد على (عمليات التفكير) Thought processes
2-السلوك التوافقى يؤكد على السلوك الشائع أو النمطى بينما الذكاء يركز على الحد الأقصى للآداء Maximum performance
3- السلوك التوافقى يركز على غير المجرد والمظاهر غير الأكاديمية عن الحياة، بينما الذكاء يؤكد على هذه المظاهر المجردة والأكاديمية.
4- درجات السلوك التوافقى تؤكد ضمنياً على الوظائف المعرفية أو ما يرتبط بالوظائف المدرسية (نمطياً تلك التى تكون مرتفعة فى التواصل أو مفردات اللغة) تنتج ارتباطات مرتفعة مع درجات الذكاء عن المقاييس التى تركز إجمالا على المهارات التوافقية خارج نطاق المدرسة.
5- وهناك أبعاد فارقة عديدة فى السلوك التوافقى مرتبطة بدرجات الذكاء، خصوصا فى المهارات المعرفية والتواصل، فهى أبعاد تميل إلى الارتباط بشكل أكثر قوة، بينما التوافق الاجتماعى ارتبط بدرجات أقل.
الواقع أن السلوك التكيفى يمثل آداة لتشخيص قدرات المعوقين عقليا ومستوى مهاراتهم وبالتالى تحديد نواحى القوة والضعف. وكما هو الحال بالنسبة للذكاء فالسلوك التكيفى أيضا غير ثابت فى بنائه أو تركيبه، إذ يختلف تبعاً للهدف والغرض من قياسه وفلسفته ومفاهيم بيئة الفرد، حيث يتكون السلوك التكيفى من مهارات متعددة يكتسبها الفرد من بيئته ومحيطه الأسرى والاجتماعى خلال الفترة النمائية وعملية الاكتساب هذه تحتاج إلى قدرات عقلية معينة كالانتباه والفهم والتذكر بحيث تمكن الفرد من اكتساب مهارات السلوك التكيفى، وقد لا يحتاج الفرد فى هذه الحالة إلى تلك القدرات العليا كالاستنباط والاستبصار لكنه بحاجة إلى حد أدنى من القدرات العقلية التى تمكنه من اكتساب المهارات والخبرات الخاصة بالسلوك التكيفى.(العتيبى، 2004)
وفى إطار العلاقة بين الذكاء والسلوك التكيفى فإن القدرة العقلية العالية لا تعمى قدرة عالية على التكيف الاجتماعى والعكس صحيح، كذلك يرى العتيبى (1991) وجود علاقة واضحة بين السلوك التكيفى والذكاء، فالأفراد الذين يتمتعون بمستويات عالية من الذكاء يتعلمون إنجاز وتأدية المهارات بصورة أسرع، ويكونون قادرين على إظهار مسئولية شخصية أكبر، ولديهم قدرة وقابلية للتوافق الاجتماعى، وعلى الرغم من ذلك هناك أفراد معاقون نمائياً وقدرتهم العقلية محدودة تجدهم يحققون قدرا مقبولا من السلوك التكيفى.
إعـــداد
د. خالد عوض البلاح - كلية التربية - جامعة الملك فيصل
د. إيمان السيد منجود - كلية التربية - جامعة الخرج
مقدمة:
كانت النظرة قديما إلى الذكاء العام أو القدرة العقلية العامة التى تقاس من خلال مقاييس الذكاء مثل: بينيه ووكسلر وغيرها، ومع تطور حركة القياس النفسى تغيرت نظرة الباحثين والعلماء إلى معنى درجة الذكاء كرقم وكان من الضرورى ترجمة هذا الرقم إلى مهارات وقدرات ذات معنى تفصيلى وشامل، ومع تغير مفهوم الإعاقة العقلية من قبل هيبر وجروسمان 1973 والذى أشار فيه إلى مظاهر القصور التى تبدو على الفرد فى الذكاء والسلوك التكيفى والذى تبنته الجمعية الأمريكية ودخول مفاهيم مثل: السلوك التكيفى ومقاييس النضج الاجتماعى لإدجار دول ومقياس الكفاية الاجتماعية لكين ولفين، تشكلت من حينها النظرة الكلية لعملية التشخيص وأصبحت النظرة الأحادية غير معبره بحق عن مستوى الأطفال من حيث القدرات والمهارات ومدى أحقية هؤلاء الأطفال لخدمات وبرامج التربية الخاصة. ومن هذا المنطلق يعرض الباحثان لورقة عمل تتناول الذكاء والسلوك التوافقى لدى فئات مختلفة من الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة.
الذكاء والسلوك التوافقى
لقد أدرك إدجار دول Edgar Doll,1935 أن تقييم الأفراد المعوقين عقلياً لا يكتمل دون تقييم النضج الاجتماعي Social maturity وكان مفهومه حول النضج الاجتماعى يشمل قدرة الفرد على التدريب على الاستقلال الشخصى، والمسئولية الاجتماعية، وكان التركيز المبدئى على الأفراد ذوى الإعاقة العقلية من حيث قدرتهم على المحافظة على أنفسهم، وقد وضع دول آداة لقياس الكفاية الاجتماعية تعبر عامة عن تقدم النضج الاجتماعى وشملت الأبعاد الفرعية للمقياس: مساعدة الذات، التنقل، التواصل، العمل أو المهنة، التوجيه الذاتى، والتطبيع الاجتماعى.
ويعتمد الفاحصون على السلوك التوافقى فى تقييم الأفراد الذين يوجد بشأنهم شك أن لديهم إعاقة عقلية، وتركزت معظم البحوث الأولى على السلوك التوافقى حول قياس الصدق فى استخدامه مع تلك الفئات، أو مقارنة الأفراد المعوقين عقليا مع أقرانهم من العاديين. ومع نمو الاهتمام بالقياس النفسى على عينات أوسع كان هناك اطمئنان وثقة لاستخدام مقياس السلوك التوافقى على عينات من ذوى الاضطراب النمائى الشامل Pervasive development disorders وذوى الإعاقة العقلية وخصوصا المتلازمات مثل: متلازمة كروموزوم إكس الهش Fragile-X ومتلازمة أعراض داونDownsyndromeوالتأخر النمائى فى الطفولة المبكرة وكذلك صعوبات التعلم.
وقد حاول كثير من الباحثين تناول العلاقة الإيجابية بين درجات اختبار الذكاء ودرجات السلوك التوافقى، وقد رأى هاريسون وبون Harrison&Boan,2000 أن الاثنين منفصلين لكن العلاقة متداخلة لأن:
1- الذكاء كمفهوم يتم من خلال عمليات، بينما السلوك التوافقى يتأكد من خلال السلوك اليومى.
2- مقاييس الذكاء تقيس الأداء الأقصى بينما مقاييس السلوك التوافقى تقيس الآداء النمطى Typical performance.
3- مقاييس الذكاء تفترض الثبات فى الدرجات بينما مقاييس السلوك التوافقى تفترض التغير المستمر فى الآداء وقابليته للتعديل والتحسن.
وقد أشارت معظم النتائج إلى وجود درجات متوسطة ما بين40 ,0-60 ,0والتى تتفق مع الفروض التى ترى أن كلا من الذكاء والسلوك التوافقى منفصلين، ولكن العلاقة متداخلة، فعلى سبيل المثال قام كيث فيهرمان وآخرون Keith,Fehrmann,et al ,1987 باستخدام التحليل العاملى لبحث نماذج الارتباط المتداخل لدى عينات معيارية من خلال بطارية كوفمان للأطفالKaufman assessmentbattery for children (K-ABC) والسلوك التوافقى لفاينلاند وأشارت النتائج إلى أن العلاقة الارتباطية بين السلوك التوافقي والقدرة العقلية ارتباط متوسط.
وقام بلات كامفوس وسميث Platt,Kamphaus&Smith,1991ببحث العلاقة بين السلوك التوافقى لفاينلاند ومقياس استانفورد - بينيه الطبعة الرابعة ومقياس وكسر لذكاء الأطفال الطبعة المعدلة WISC-R لدى عينة مرجعية، وبينت النتائج ارتباطات وصلت إلى (37, .– 39, .) بين مقاييس الذكاء والسلوك التوافقى. كما توصلوا إلى أن النتائج السابقة تدعم فكرة أن السلوك التوافقى والذكاء منفصلين لكن بينهما علاقة متداخلة. وقد وجد آخرون أن المتغيرات فى تلك العلاقة المتوسطة بين السلوك التوافقى والذكاء هى (الوظائف العقلية) فعلى سبيل المثال فقد وجد Roszkowski(1980) علاقات بين الذكاء والسلوك التوافقى بدرجة مرتفعة. وذلك لدى عينات من مؤسسات الأطفال المعوقين عقليا والبالغين، وسوف نرى مرة أخرى الميل نحو الارتباطات المرتفعة بين السلوك التوافقى ونسبة الذكاء AB&IQ كدليل واضح لدى الأفراد ذوى الإعاقة الشديدةSeverelydisabled .
وقد قام هايس وفانهيل Hayes&Farnhill,2003باستخدام اختبار كوفمان المختصر للذكاء (KBIT) ومقياس السلوك التوافقى لمقارنة نسبة الذكاء والسلوك التوافقى لدى عينة من المراهقين والبالغين، وأظهرت النتائج ارتباطات دالة بين الدرجات الكلية بنسبة بلغت (86 ,0) والاختبارات الفرعية فى الاختبارين تلك النتيجة مكررة عندما يكون الارتباط الجزئي دالا. وباستخدام التحليل العاملى، فإن النتائج قد توصلت إلى أن درجات نسبة الذكاء أفضل فى التنبؤ بدرجات السلوك التوافقى أكثر من العكس (أى لا تساعد درجات السلوك التوافقى فى التنبؤ بنسبة الذكاء). وقد افترض الباحثان أن تلك النتائج ربما تعكس تنوعاً كبيراً فى المهارات التوافقية عن مهارات نسبة الذكاء، ووجدت فروق دالة بين الدرجات الكلية فى كلا الاختبارين والمقاييس الفرعية بهما، وأشارت إلى أن كل اختبار فرعى يساهم كوحدة معرفية فى التقييم الكلى للفرد. وخلص الباحثان إلى أن تقييم كلاً من السلوك التوافقى والوظائف المعرفية تعد معلومات هامة فى عملية التشخيص على الرغم أن تلك الدرجات على الاختبارين دالة ارتباطيا .
وساهمت دراسة فيج وجدريسك Vig&Jedrysek,1995 على عينة من الأطفال صغار السن ذوى الإعاقات النمائية لتحديد ما إذا كانت هناك علاقة بين الذكاء والسلوك التوافقى، كذلك درس الباحثان ما إذا كانت هناك فروق فى أنماط السلوك التوافقى لدى الأطفال المعوقين التى لم تتضح من خلال الذكاء. وقد شملت العينة أطفال ما قبل المدرسة الذين تم تشخيصهم ذوى إعاقات نمائية بعد استخدام بطارية تشخيص تضمنت جوانب (معرفية، نمائية، سلوك توافقى) العلاقة الدالة عند 75 ,0 تبين الارتباط بين السلوك التوافقى مقابل الدرجة الكلية لنسبة الذكاء، والتى تشير إلى قوة العلاقة الايجابية بين المجالين. هناك ارتباطات أخرى تم الحصول عليها من خلال الاعتماد على IQ وأبعاد مقياس فاينلاند للسلوك التوافقى لكل مجموعة من الأطفال المعوقين. العلاقة بين أبعاد السلوك التوافقى والذكاء كانت قوية بالنسبة للطلاب ذوى الإعاقة الشديدة مثل التوحد عن الأطفال ذوى الإعاقات المتوسطة مثل: العجز المعرفى المتوسط، وذوى التأخر النمائى غير المحدد، وفى حالة الأطفال الأوتيزم فإن الارتباط الأعلى بين السلوك التوافقي والذكاء تمثل فى أبعاد: (التواصل، مهارات الحياة اليومية، والمهارات الحركية، التطبيع الاجتماعى) كخصائص أعلى لدى المجموعات التشخيصية الأخرى. لأن مجموعة التوحد كانت الأقل فى القدرة المعرفية فى مجموعات المعوقين، هذه النتائج ربما تعرض الظواهر الأقل فارقية للسلوك التوافقى والذكاء.
وقد اقترح رينولدس Rynoldes,1987 لو أن السلوك التوافقى والذكاء ارتبطا أكثر من (50 , 0 – 60 ,0) فإن ذلك ربما يجيب عن سؤال مدى الصدق لمقاييس السلوك التوافقى. وكما سبق ذكره، هناك كما يبدو ميل نحو تأييد الارتباطات المرتفعة بين السلوك التوافقى والذكاء لدى عينات ذات الإعاقات الشديدة . وقد وجد بعض الباحثون أنه ليس هناك علاقة تداخل بين الذكاء والسلوك التوافقى منهم أوكلاند وتيراسى Terrasi,1989)؛ (Ookland,1983وقد استخدموا التحليل العاملى فى دراسة العلاقة بين السلوك التوافقى والذكاء وهناك عاملين نتجا عن التحليل أحدهما واضح فى عرض أبعاد السلوك التوافقى والآخر يعرض أبعاد الذكاء، وكانت العلاقة بين هذين العاملين منخفضة، ومما يؤكد مزاعم التباعدات بين الذكاء والسلوك التوافقى لدى أفراد العينة. وتم وصف المظاهر التى تميز بين السلوك التوافقى والذكاء، فيما يلى:
1- فالسلوك التوافقى يؤكد على السلوك اليومى، بينما الذكاء يؤكد على (عمليات التفكير) Thought processes
2-السلوك التوافقى يؤكد على السلوك الشائع أو النمطى بينما الذكاء يركز على الحد الأقصى للآداء Maximum performance
3- السلوك التوافقى يركز على غير المجرد والمظاهر غير الأكاديمية عن الحياة، بينما الذكاء يؤكد على هذه المظاهر المجردة والأكاديمية.
4- درجات السلوك التوافقى تؤكد ضمنياً على الوظائف المعرفية أو ما يرتبط بالوظائف المدرسية (نمطياً تلك التى تكون مرتفعة فى التواصل أو مفردات اللغة) تنتج ارتباطات مرتفعة مع درجات الذكاء عن المقاييس التى تركز إجمالا على المهارات التوافقية خارج نطاق المدرسة.
5- وهناك أبعاد فارقة عديدة فى السلوك التوافقى مرتبطة بدرجات الذكاء، خصوصا فى المهارات المعرفية والتواصل، فهى أبعاد تميل إلى الارتباط بشكل أكثر قوة، بينما التوافق الاجتماعى ارتبط بدرجات أقل.
الواقع أن السلوك التكيفى يمثل آداة لتشخيص قدرات المعوقين عقليا ومستوى مهاراتهم وبالتالى تحديد نواحى القوة والضعف. وكما هو الحال بالنسبة للذكاء فالسلوك التكيفى أيضا غير ثابت فى بنائه أو تركيبه، إذ يختلف تبعاً للهدف والغرض من قياسه وفلسفته ومفاهيم بيئة الفرد، حيث يتكون السلوك التكيفى من مهارات متعددة يكتسبها الفرد من بيئته ومحيطه الأسرى والاجتماعى خلال الفترة النمائية وعملية الاكتساب هذه تحتاج إلى قدرات عقلية معينة كالانتباه والفهم والتذكر بحيث تمكن الفرد من اكتساب مهارات السلوك التكيفى، وقد لا يحتاج الفرد فى هذه الحالة إلى تلك القدرات العليا كالاستنباط والاستبصار لكنه بحاجة إلى حد أدنى من القدرات العقلية التى تمكنه من اكتساب المهارات والخبرات الخاصة بالسلوك التكيفى.(العتيبى، 2004)
وفى إطار العلاقة بين الذكاء والسلوك التكيفى فإن القدرة العقلية العالية لا تعمى قدرة عالية على التكيف الاجتماعى والعكس صحيح، كذلك يرى العتيبى (1991) وجود علاقة واضحة بين السلوك التكيفى والذكاء، فالأفراد الذين يتمتعون بمستويات عالية من الذكاء يتعلمون إنجاز وتأدية المهارات بصورة أسرع، ويكونون قادرين على إظهار مسئولية شخصية أكبر، ولديهم قدرة وقابلية للتوافق الاجتماعى، وعلى الرغم من ذلك هناك أفراد معاقون نمائياً وقدرتهم العقلية محدودة تجدهم يحققون قدرا مقبولا من السلوك التكيفى.