ملخص البحث المجتمعات الإنسانية بصورة عامة بتحولات ضخمة ومتسارعة ذات تأثير عميق في بنى الوعي وأنماط التفكير وأنساق المعرفة ومناهج التثاقف وطرائق التعليم وأساليب الاتصال والتفاعل والتعامل. وبسبب التأثيرات المتزايدة للمنجزات التقنية والتكنولوجية والعلمية والإلكترونية والتنظيمية والمؤسسية وغيرها تواجه الأنظمة التعليمية والتربوية وأنساقها المعرفية وأطرها الفكرية وفلسفاتها التوجيهية تحديات ضخمة وعميقة. والعولمة كتحدي من التحديات التي تواجهها الأمة تضع بمدها المتعاظم النظم التربوية العربية والإسلامية في عمق التحدي الصارم. والعولمة الإيديولوجية القائمة ما فتئت تثير التساؤلات الكبرى عن روح النظم التربوية الإسلامية وجوهرها ومقاصدها وقيمها الحضارية الإنسانية. ومن هنا فإن النظم التربوية في البلاد الإسلامية ينبغي أن تضطلع بمهمة التوجيه الحضاري الإنساني للعولمة حتى تتحول إلى كسب حضاري إنساني لفائدة الإنسان عموما. وبحكم الدور الحضاري المنوط بالمنطقة العربية والإسلامية، فإن مسألة التعليم والمعلم والتربية تقف في مقدمة أولويات المرحلة الحالية لتطورنا. ولكي نستوعب ونتجاوز وضع الاختلال والفوضى والارتباك الذي يمكن أن تحدثه المعلوماتية والعولمة -غير الموجهة- في مسار وعينا وتحضرنا ونظمنا التربوية والتعليمية والتثقيفية ينبغي أن ندرك أن رسالة المعلم أو الأستاذ أصبحت اليوم أكثر من أي وقت مضى ذات أبعاد حضارية مصيرية شاملة. وبالتالي فإعادة النظر في الأدوار الحضارية للمعلم أمسى من الواجبات الكبرى للقيادات التعليمية والتربوية والاجتماعية والسياسية بصورة عامة. ولما كان الأمر بهذه الصورة والتعقيد، ولما كان للعولمة والمعلوماتية أبعاد حضارية وكونية تطلب الأمر إعادة النظر في فلسفة التعليم ومراجعتها بصورة نعيد فيها تأكيد الأصالة الذاتية لأمتنا وثقافتنا، كما نستوعب فيها المنجزات الضخمة في مناهج وأساليب وتقنيات التعليم والتربية والاتصال والإدارة والتوجيه والتسيير الحديثة. ولكي نناقش إشكالية الأدوار الحضارية الجديدة للمعلم ودواعي التجديد في فلسفة التعليم قسمنا البحث إلى: مدخل عام يتضمن: الإطار المنهجي العام لدراسة دور المعلم وفلسفة التعليم في ضوء العولمة والمعلوماتية الحديثة. أولا: من دواعي تجديد فلسفة التعليم والدور الحضاري للمعلم . ثانيا: الأدوار الحضارية للمعلم: الشروط والآفاق.