قد يكون موضوع هذا الفصل من أهم مواضيع هذا البحث ، وذلك لأهمية كشف وتشخيص الإعاقة ، بغض النظر عن نوع هذه الإعاقة وشكلها، لما يبنى على ذلك من أحقية إحالة هذا الطفل لبرامج التربية الخاصة ومدى صواب هذا القرار ، وكذلك للبرامج والخطط التربوية التي توضع لهذا الطفل / الطالب ، ومدى هذه فاعلية هذه البرامج ونجاحها في تحقيق الهدف من وضعها ، يعتمد بشكل كبير على مدى صواب هذا التشخيص وصحته. كيف أعرف أن طفلي / تلميذي لديه صعوبة في التعلم ؟؟؟.... قد يكون هذا السؤال هو الخطوة الأولى والمهمة لأي تشخيص خاص بأي طفل يعاني من مشاكل صعوبات التعلـّم ، وينتمي لهذه الفئة ، ومثال على ذلك حالة هذا الأب الذي يتساءل عن مشاكل يعاني منها ابنه ويطلب المساعدة في التعرف على هذه المشاكل وأسلوب معالجتها--- عزيزي الأخصائي - هذه حالة طفلي : أشعر في أحيان كثيرة أن ابني (5 سنوات)، قليل التركيز مع أنه طفل عادي، وعندما أشرح له الأمور التي يسأل عنها فإنه يفهمها، بل إنه في بعض الأحيان عندما يجلس بجانبي وأنا أعمل على الكومبيوتر فإنه يلحظ بعض الأمور وحده دون أن أشرحها له، ويقوم بتنفيذها على الكومبيوتر---- لكن في أحيان أخرى قد أتحدث إليه فأشعر أنه قد بدأ يسرح مني---- وهو قد بدأ يتعلم القراءة والكتابة منذ حوالي عام،كما أنه بدأ في حفظ القرآن وهو يحفظ بمستوى طبيعي، ولكن عند القراءة قد ينطق ببعض الكلمات قد لا تكون مكتوبة أمامه، كما أنه قد يزيد بعض الحروف أو ينقص بعضها عند نطق الكلمات التي يقرؤها----- كذلك فإنه أثناء الحفظ دائمًا ما يعبث في أي شيء، وهو ما يفقده التركيز في الحفظ والقراءة----- مع العلم أن عملية عدم التركيز والسرحان هذه قد بدأت معه وعمره كان تقريبًا عامين، حتى إن بعض أقربائنا قد لاحظوا ذلك عليه، فعندما كان يحدثه أحدهم نجد أن ابننا قد بدأ يسرح منه أثناء الحديث معه ----- o فهل هو يعانى من مشكلة؟ o وإن كان كذلك فأرجو أن تفيدوني بطريقة حل تلك المشكلة؟ حيث إنه سيلتحق بالصف الأول الابتدائي.. أخشى من مشكلة عدم التركيز والسرحان أثناء الفصل الدراسي.
وغالبا ً ما تدور مثل هذه الأسئلة والاستفسارات في أذهان الآباء والأمهات ، وكذلك المعلمين والمعلمات القائمين على تربية وتعليم الأبناء ، وخاصة في سنوات حياتهم الأولى ، فلابد من البحث الجيد في هذا المجال ، والدراسة المتعمقة في هذا الجانب ، وسيكون هذا الفصل هو مجال بحثنا ودراستنا في هذا الموضوع .
التطور والنمو : يمر الأطفال خلال نموهم في مراحل حياتهم بعلامات مميزة، مثل نطق الكلمة الأولى، أول محاولة للمشي، وغيرها، وعادة ما ينتظر الآباء والأطباء هذه العلامات المميزة للنمو للتأكد من عدم وجود عوائق تؤخر النمو المعتاد للطفل، ولذلك فإنه يمكن الحذر من صعوبات التعلم بطريقة غير مباشرة، عن طريق ملاحظة أي تأخر ملحوظ في نمو مهارات الطفل ----- فمثلاً يعتبر وجود تأخر يعادل مرحلتين دراسيتين اثنين - كأن يكون الطفل في الصف الرابع الابتدائي، لكنه يقرأ مثلاً في مستوى طلاب الصف الثاني الابتدائي في مدرسته- يُعد تأخراً كبيراً. وبينما يمكن اعتبار وسيلة الملاحظة إحدى العلامات المنبهة، بطريقة غير رسمية (غير مهنية)، فإن التشخيص الفعلي لصعوبات التعلم يكون باستخدام الاختبارات القياسية العامة ليتم مقارنه مستوى الطفل بالمستوى المعتاد لأقرانه في العمر والذكاء - وفي الحقيقة يندر وجود هذه الاختبارات القياسية في الدول العربية!- حيث لا تعتمد نتائج الاختبار على مجرد قدرات الطفل الفعلية، بل كذلك على مدى دقة هذه الاختبارات، وقدرة الطفل على الانتباه، وفهم الأسئلة.