|
110616053 زائر
من 1 محرم 1425
هـ
|
|
|
الدراسات والبحوث
|
ضوابــــــط إجراء تحليل البصمة الوراثية |
الكاتب : عمر بن محمد السبيل |
القراء :
10151 |
ضوابــــــط إجراء تحليل البصمة الوراثية من أجل ضمان صحة نتائج البصمة الوراثية فقد ذكر بعض الفقهاء والأطباء المختصين بالبصمة الوراثية ضوابط لابد من تحققها كي يمكن الأخذ بنتائج البصمة الوراثية وهذه الضوابط تتعلق بخبراء البصمة الوراثية وبطريقة إجراء التحاليل ، والمختبرات والمعامل الخاصة بالبصمة الوراثية وأهم هذه الضوابط ما يأتي : 1- أن تكون مختبرات الفحص للبصمة الوراثية تابعة للدولة أو تشرف عليها إشرافاً مباشراً ، مع توفر جميع الضوابط العلمية والمعملية المعتبرة محلياً وعالمياً في هذا المجال . 2- أن يكون جميع القائمين علي العمل في المختبرات الخاصة بتحليل البصمة الوراثية سواء كانوا من خبراء البصمة الوراثية أو من المساندين لهم في أعمالهم المخبرية ممن توفر فيهم أهلية قبول الشهادة كما في القائف ، إضافة إلي معرفته وخبرته في مجال تخصصه الدقيق في المختبر ( 1) 3- توثيق كل خطوة من خطوات تحليل البصمة الوراثية بدءاً من نقل العينات إل بظهور النتائج حرصاً علي سلامة تلك العينات وضماناً لصحة نتائجها ، مع حفظ هذه الوثائق للرجوع إليها عند الحاجة . 4- عمل التحاليل الخاصة بالبصمة بطرق متعددة ، وبعدد أكبر من الأحماض الأمينية ، ضماناً لصحة النتائج قدر الإمكان ( 2) فإذا توفرت هذه الشروط والضوابط في خبراء البصمة الوراثية وفي المعامل ومختبرات تحليل البصمة ، فإنه لا مجال للتردد فيما يظهر في مشروعية العمل بالبصمة الوراثية واعتبارها طريقاً من الطرق المعتبرة لإثبات النسب كالقيافة إن لم تكن أولي ، كما تقدم بيانه . والعلم عند الله تعالي . مسائل لا يجوز إثبات النسب فيها بالبصمة الوراثية : نص بعض الفقهاء علي مسائل لا مجال للقيافة في إثبات النسب بها ، وبالتالي فإنه لا مجال للبصمة الوراثية في إثبات النسب بها ومن هذه المسائل ما يأتي : الأولي : إذا أقر رجل بنسب مجهول النسب ، وتوفرت شروط الإقرار بالنسب فإنه يلتحق به ، للإجماع علي ثبوت النسب وتوفرت شروط الإقرار بالنسب فإنه يلتحق به ، للإجماع علي ثبوت النسب بمجرد الإستلحاق مع الإمكان ، فلا يجوز عندئذ عرضة علي القافة لعدم المنازع فكذا البصمة الوراثية كالقافة في الحكم هنا ( 3) الثانية : إقرار بعض الإخوة بأخوة النسب لا يكون حجة علي باقي الإخوة ، ولا يثبت به نسب ،وإنما تقتصر آثاره علي المقر في خصوص نصيبه من الميراث ( 4) ولا يعتد بالبصمة الوراثية هنا ، لأنه لا مجال للقيافة فيها (5 ) الثالثة : إلحاق مجهول النسب بأحد المدعيين بناء علي قول القافة ، ثم أقام الآخر بينة علي أنه ولده فإنه يحكم له به ، ويسقط قول القافة ، لأنه بدل علي البينة ، فيسقط بوجودها ، لأنها الأصل كالتيمم مع الماء ( 6) فهكذا البصمة الوراثية في الحكم هنا .
تنبيه علي مسائل هامة وأود هنا ذكر عدد من المسائل المتعلقة بالبصمة والقيافة وإيضاح ما ظهر لي فيها من حكم شرعي علي النحو التالي : الأولى: أن الأخذ بالبصمة الوراثية في مجال إثبات النسب ، لا يوجب بطلان العمل بالقيافة ، لأنها طريق شرعي لإثبات النسب عند التنازع ، ثابت بالنص ، فلا يجوز إلغاؤه وإبطاله بأي حال من الأحوال ، ولكن يظل الطريقان - أعني القيافة والبصمة - محلا ً للعمل بهما في مجال إثبات النسب في الأحوال المنصوص عليها ، أما القيافة فبالنص ، وأما البصمة فبقياس الأولي علي القيافة . وأري أن الحاكم الشرعي يحكم بأي الطريقين ترجح عنده أنه الحق ، وأن المصلحة تتحقق بالأخذ به حسب ما يظهر له من قرائن وأحوال ، فقد يترجح لديه في بعض القضايا والحالات الأخذ بأحد الطريقين دون الآخر ، أو العكس ، إما لتيسيره وإمكانيته ، وأما لمزيد حذق وإتقان فيه دون الآخر . والثانية : لو تعرض قول القافة ، وخبراء البصمة الوراثية في حالة عرض مجهول النسب عليهما فأيهما أولي بالأخذ به ؟ أري أن الأمر في هذه الحالة راجع إلي اجتهاد الحاكم الشرعي ، فيأخذ بما يري أنه أولي بالأخذ به ، والحكم بمقتضاه حسب ما يظهر له من قرائن وأحوال تستدعي ترجيح أحد القولين علي الآخر الثالثة : إذا اختلفت أقوال خبراء البصمة الوراثية في إلحاق مجهول النسب بالمتنازعين له ، في حالة عرض علي أكثر من خبير فالحكم في هذه الحالة كالحكم في اختلاف القافة علي ما سبق بيانه .
الرابعة : إذا ألحق مجهول النسب بأحد المتنازعين بناء علي قول خبير البصمة الوراثية ، وحكم بثبوت ذلك حاكم ، ثم ألحقه خبير بصمة آخر ، فإنه لا يلتفت إلي قول المتأخر منهما ، لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف . ومثل هذا أيضاً لو رجع خبير البصمة ، أو خبراء البصمة عن قولهم بإلحاق نسب المجهول بأحد المتنازعين بعد حكم الحاكم بثبوته وألحقوه بغيره ، فإنه لا يلتفت إلي رجوعهم ، لثبوت نسب المجهول بمن ألحق به أولاً ، لحكم الحاكم به ، كالقافة في هذا الخامسة : إذا لم يؤخذ بقول خبراء البصمة الوراثية لاختلاف أقوالهم أو لإشكال الأمر عليهم ، وعدم تمكنهم من إلحاق مجهول النسب بأحد المدعيين نسبه أو لم يوجد خبراء البصمة الوراثية ولم توجد قافة أيضاً فإن نسبه يضيع . فالحكم في هذه المسائل الثلاثة الأخيرة كالحكم في القيافة علي ما سبق بيانه .
السادسة : إذا تعارضت أقوال خبراء البصمة الوراثية ، ولم يمكن ترجيح قول بعضها علي بعض بكثرة عدد ونحو ذلك ، فإنه يصار إلي القرعة عند من يقول بالحكم بها في إثبات النسب من أهل العلم فمن خرجت له القرعة من المتداعين ألحق به النسب حفاظاً علي النسب عن الضياع وقطعاً للخصومة والنزاع ، كما سبق بيانه .
شبهة ، والإجابة عنها ربما أعترض معترض علي مشروعية الأخذ بالبصمة الوراثية في مجال إثبات النسب بأن نتائج البصمة قد لا تكون دقيقة ، لما قد يحصل أثناء الفحص من أخطاء بشرية ، ومعملية كاختلاط العينات المأخوذة من شخص بعينات لشخص آخر ، أو بسبب أخطاء خبير البصمة أو غيره من العاملين في مختبرات الفحص الو راثي في أي إجراء من الإجراءات ، أو بسبب عدم العناية التامة بتعقيم ونظافة ألآت الفحص ، وغير ذلك من أخطاء بشرية أو معملية قد تؤثر علي نتيجة البصمة ، وقد أكد احتمال حصول ذلك بعض الأطباء المختصين بقوله ( فإن هناك كثير من الأخطاء المعملية سواء كانت في الإضافات ، أو في طريقة الفحص ، أو في طريقة العمل أو في الشخص نفسه أو في السلوكيات التي يسلكها الباحث أو مساعد الباحث ، فهناك محاذير يجب أن تؤخذ في الاعتبار (7 ) وقال آخر : لو حصل نقطة صغيرة ولو غبار في المعمل أتي علي هذا الدم لخبط النتيجة كلها ، ولذلك فإن مكمن خطورة البصمة في دقتها ، فأي تلوث بسيط يعطي نتيجة معاكسة ) ( 8) فهذه الاحتمالات الواردة ، وأمثالها تستوجب تطرق الشك إلي نتائج الفحص ، وبالتالي فإن ذلك قد يجعل الحكم بمشروعية الأخذ بالبصمة الوراثية محل نظر ، درءاً لهذه الأخطاء والمخاطر الناجمة عنها ، إذ من الممكن أن يحصل بسبب ذلك قلب للحقائق ، فيثبت النسب للأجنبي وينفي عن القريب . فالجواب عن هذه الشبهة : أنه تلافياً لحصول هذه الأخطاء المحتملة فإن مشروعية الأخذ بالبصمة الوراثية مقيد بالشروط والإحتياطات السابق ذكرها درءاً عن هذه الأخطاء المحتملة ، هذا من جهة . ومن جهة أخري فإنه ما من طريق من طرق إثبات النسب غلا وهو مظنة لحصول خطأ فيه ، لأن الحكم بثبوت النسب في جميع الطرق المشروعة مبني علي الظن الغالب ، واحتمال الخطأ في أي منها وارد ،ومع ذلك فقد دلت الأدلة الشرعية علي إثبات النسب بالطرق المشروعة حتى مع وجود قرائن وعلامات قد تشكك في صحة تلك الطرق المشروعة في حالة من الحالات ، كما جاء في الصحيحين ( 9) عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( اختصم سعد بن أبي وقاص ، وعبد بن زمعة في غلام ، فقال سعد : يا رسول الله هذا ابن أخي عتبة بن أبي وقاص عهد إلي أنه إبنه ، أنظر إلي شبهه . وقال عبد بن زمعة : هذا أخي يا رسول الله ، ولد علي فراش أبي من وليدته ، فنظر رسول الله r فرأي شبهاً بيناً بعتبة ، فقال : هو لك يا عبد بن زمعة ، الولد للفراش ، وللعاهر الحجر ، واحتجبي منه يا سودة . فلم يري سودة قط ) فقد دل هذا الحديث بمنطوقه الصريح علي إثبات النسب بالفراش مع وجود ما يخالف ذلك ، وهو شبه الغلام بغير صاحب الفراش لكن النبي r لم يعتد بذلك ، بل أثبت النسب لصاحب الفراش إعمالاً للأصل . ( 10) كما أشار القرآن الكريم إلي ذلك في قوله عز وجل : ) والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلي المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف ( ( 11) فقد نسب الحق عز وجل الأولاد للأمهات للقطع بوالديتهن لهم ، بخلاف الآباء فقد عبر عنهم بقوله .. ( المولودة ) لأن المولود له قد لا يكون هو الأب الحقيقي ، لكنه لما ولد علي فراشه نسب إليه إعمالاً للأصل ، وإطراحاً لما سواه (12 ) وللعلامة بن القيم كلام نفيس في إيضاح هذا المعني والتأكيد عليه حيث قال رحمه الله : ( وجواز التخلف عن الدليل والعلامة الظاهرة في النادر لا يخرجه عن أن يكون دليلاً عند عدم معارضة ما يقاومه . ألا تري أن الفراش دليل علي النسب والولادة ، وأنه أبنه ، ويجوز ، - بل يقع كثيراً - تخلف دلالته ، وتخلق الولد من غير ماء صاحب الفراش ولا يبطل ذلك كون الفراش دليلاً ، وكذلك أمارات الخرص والقسمة والتقويم وغيرها قد تتخلف عنها أحكامها ومدلولاتها ، ولا يمنع ذلك اعتبارها ، وكذلك شهادة الشاهدين وغيرهما وكذلك الإقراء ، والقرء الواحد في الدلالة علي براءة الرحم فإنها دليل ظاهر مع جواز تخلف دلالتها ، ووقوع ذلك ، وأمثال ذلك كثير ( 13) المراجع : 1. انظر ملخص أعمال الحلقة النقاشية حول البصمة الوراثية ، ص 48 ، مناقشات المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي في دورته ( 15 ) ص 21 . 2. - انظر البصمة الوراثية وتأثيرها علي النسب إثباتاً أو نفياً للدكتور / نجم عبد الواحد ، ص 16 . 3. - انظر ملخص الحلقة النقاشية حول حجية البصمة الوراثية ، ص 47 ، البصمة الوراثية وأثرها في إثبات النسب ضمن ثبت أعمال ندوة الوراثة والهندسة الوراثية 1/497 . 4. - الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية ، ص 103 - 104 . 5. - ملخص أعمال الحلقة النقاشية حول حجية البصمة الوراثية ، ص 47 . 6. - أنظر المغني 5/770-771 . 7. - مناقشات مجلس المجمع الفقهي في دورته (15) ص 8 . 8. - مناقشات مجلس المجمع الفقهي في دورته (15) ص 11-12 . 9. - صحيح البخاري ( 4/168) وصحيح مسلم 4/171 . 10. - انظر : الطرق الحكمية ، ص 201 . 11. - سورة البقرة آية 233. 12. - مع تعليق للشيخ ، محمد سالم عبد الودود في مناقشات مجلس المجمع الفقهي في دورته ( 15 ) ص 12 13. - الطرق الحكمية ص 209 .
|
أطبع
الموضوع |
أرسل الموضوع لصديق
|
|
|
|
|