المطلب 2- الفرع 3 - حكم استخدام البصمة الوراثية للتأكد من صحة النسب الثابت
الكاتب : عمر بن محمد السبيل
القراء :
4546
المطلب الثاني
الطرق الشرعية لإثبات أو نفي النسب الفرع الثالث
حكم استخدام البصمة الوراثية للتأكد من صحة النسب الثابت
سبقت الإشارات إلي أن النسب إذا ثبت بأحدي الطرق الشرعية ، فإنه لا يجوز نفيه البتة ، إلا عن طريق اللعان للدلالة الدالة علي ذلك ، فقد دلت قواعد الشرع أيضاً علي أنه لا يجوز محاولة التأكد من صحة النسب بعد ثبوته شرعاً ، وذلك لاتفاق الشرائع السماوية علي حفظ الضروريات للحياة الإنسانية ومنها حفظ النسب ، والعرض ، ولما جاءت به هذه الشريعة المباركة من جلب للمصالح ودرء للمفاسد ، وحيث أن محاولة التأكد من صحة الأنساب الثابتة فيه قدح في أغراض الناس وأنسابهم يؤدي إلي مفاسد كثيرة ، ويلحق أنواعاً من الأضرار النفسية والاجتماعية بالأفراد والأسر والمجتمع ، ويفسد العلاقات الزوجية ويقوض بنيان الأسر ، ويزرع العداء بين الأقارب والأرحام ، لهذا كله فإنه لا يجوز محاولة التأكد من صحة النسب عن طريق البصمة الوراثية ولا غيرها من الوسائل كما أنه لو تم إجراء الفحص بالبصمة الوراثية للتأكد من نسب شخص من الأشخاص وأظهرت النتائج خلاف المحكوم به شرعاً من ثبوت النسب ، فإنه لا يجوز الإلتفات إلي تلك النتائج ، ولا بناء علي حكم الشرعي عليها ، لأن النسب إذا ثبت ثبوتاً شرعياً ، فإنه لا يجوز إلغاؤه وإبطاله إلا عن طريق واحد وهو اللعان كما سبق بيانه - ويدل علي ذلك ما رواه البخاري ومسلم( ) عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : ( جاء رجل من بني فزارة إلي رسول الله r فقال : ولدت امرأتي غلاماً أسود وهو حينئذ يعرض بنفيه ، فقال له النبي r فهل لك من إبل ؟ قال نعم ، قال : فما ألوانها ، قال حمر ، قال : هل فيها من أورق ؟ قال : إن فيها لورقاً ، قال : فأني أتاها ذلك ؟ قال عسي أن يكون نزعه عرق ، ولم يرخص له r في الانتفاء منه )
فقد دل هذا الحديث علي أنه لا يجوز نفي النسب بعد ثبوته مهما ظهر من أمارات وعلامات قد تدل عليه . قال العلامة بن القيم تعليقاً علي هذا الحديث : ( إنما لم يعتبر الشبه ها هنا لوجود الفراش الذي هو أقوي منه ، كما في حديث ابن أم زمعة ) ( ) فإذا كان لا يجوز نفي النسب بعد ثبوته - بغير اللعان - فإنه لا يجوز أيضاً استخدام أي وسيلة قد تدل علي انتفاء النسب ونفيه عن صاحبه ، لأن للوسائل حكم الغايات ، فما كان وسيلة لغاية محرمة ، فإن للوسيلة حكم الغاية . ونظراً لحرمة ذلك فإنه يجب علي الجهات المسئولة في البلاد الإسلامية منع ذلك والحيلولة دون حصوله ، وإيقاع العقوبات الرادعة علي المخالفين حماية لأنساب الناس وصيانة لأعراضهم ، ودرءاً للمفاسد والأضرار عنهم .
المراجع : 1. - في صحيحه 4/211 . 2. - الطرق الحكمية ص 202