|
110615882 زائر
من 1 محرم 1425
هـ
|
|
|
الدراسات والبحوث
|
1. المبحث الأول: في ماهية البصمة الوراثية |
الكاتب : عمر بن محمد السبيل |
القراء :
11438 |
المبحث الأول في ماهية البصمة الوراثية أولاً : التعريف اللغوي للفظ ( البصمة ) البصمة مشتقة من البُصْم وهو : فوت ما بين طرف الخنصر إلي طرف البنصر يقال ما فارقتك شبراً ، ولا فتراً ، ولا عتباً ، ولا رتباً ، ولا بصماً . ورجل ذو بصم أي غليظ البصم ( 1 ) وبصم بصماً : إذا ختم بطرف إصبعه . والبصمة أثر الختم بالإصبع (2) فالبصمة عند الإطلاق ينصرف مدلولها غلي بصمات الأصابع وهي : الانطباعات التي تتركها الأصابع عند ملامستها سطحها مصقولاً ، وهي طبق الأصل لأشكال الخطوط الحلمية التي تكسو جلد الأصابع وهي لا تتشابه إطلاقاً حتى في أصابع الشخص الواحد . ثانياً : ماهية البصمة الوراثية : - مما تقدم في بيان التعريف اللغوي للفظ البصمة يتضح أن من أهم فوائد معرفة بصمات الأصابع الاستدلال بها علي مرتكبي الجرائم من خلال ما ينطبع من بصماتهم علي الأجسام المصقولة في محل الجريمة ، فهي قرينة قوية في التعرف علي الجناة ، ولقد تجاوزت الاكتشافات الطبية الحديثة معرفة هذه الخاصية من جسم الإنسان إلي اكتشاف خواص كثيرة فيه وإدراك مدي تأثير تلك الخواص في الوراثة عن طريق أجزاء من جسم الإنسان من دم أو شعر أو مني ، أو بول أو غير ذلك . وقد دلت الاكتشافات الطبية أنه يوجد في داخل النواة التي تستقر في خلية الإنسان ( 46 ) من الصبغيات ( الكروموسومات ) وهذه الكروموسومات تتكون من المادة الوراثية - الحمض النووي الريبوري اللأكسجيني - والذي يرمز إليه بـ (دنا ) أي الجينات الوراثية ، وكل واحد من الكروموسومات يحتوي علي عدد كبير من الجينات الوراثية قد تبلغ في الخلية البشرية الواحدة إلي مائة ألف مورثة جينية تقريباً وهذه المورثات الجينية هي التي تتحكم في صفات الإنسان ، والطريقة التي يعمل بها ، بالإضافة إلي وظائف أخرى تنظيمية للجينات .
وقد أثبتت التجارب الطبية الحديثة بواسطة وسائل تقنية في غاية التطور والدقة : أن لكل إنسان جينوماً بشرياً يختص به دون سواه ، لا يمكن أن يتشابه فيه مع غيره أشبه ما يكون ببصمة الأصابع في خصائصها بحيث لا يمكن تطابق الصفات الجينية بين شخص وآخر حتى وإن كانا توأمين . ولهذا جري إطلاق عبارة ( بصمة وراثية ) للدلالة علي تثبيت هوية الشخص أخذاً من عينة الحمض النووي المعروف بـ ( دنا ) الذي يحمله الإنسان بالوراثة عن أبيه وأمه ، إذ أن كل شخص يحمل في خليته الجينية ( 46 ) من صبغيات الكروموسومات ، يرث نصفها وهي ( 23 ) كروموسوماً عن أبيه بواسطة الحيوان المنوي ، والنصف الأخر وهي ( 23) كروموسوماً يرثها عن أمه بواسطة البويضة وكل واحد من هذه الكروموسومات والتي هي عبارة عن جينات الأحماض النووية المعروف باسم ( دنا ) ذات شقين ويرث الشخص شقاً منها عن أبيه والشق الأخر عن أمه فينتج عن ذلك كروموسومات خاصة به لا تتطابق مع كروموسومات أبيه من كل وجه ن ولا مع كروموسومات أمه من كل وجه وإنما جاءت خليطاً منهما (3) وبهذا الاختلاط أكتسب صفة الاستقلالية عن كروموسومات أي من والديه مع بقاء التشابه معهما في بعض الوجوه ، لكنه مع ذلك لا يتطابق مع أي من كروموسومات والديه ، فضلاً عن غيرهما . قال الدكتور محمد باخطمة: ( وتتكون كل بصمة من وحدات كيماوية ذات شقين ، محمولة في المورثات وموزعة بطريقة مميزة تفرق بدقة بارعة كل فرد من الناس عن الآخر ، وتتكون البصمة منذ فترة الانقسام في البويضة الملقحة وتبقي كما هي حتي بعد الموت ، ويرث كل فرد أحد شقي البصمة من الأب والأخر من الأم بحيث يكون الشقان بصمة جديدة ، ينقل الفرد أحد شقيها إلي أبنائه ، وهكذا ..... ) (4) وقال الدكتور عبد الهادي مصباح : ( الحامض النووي عبارة عن بصمة جينية لا تتكرر من إنسان إلي آخر بنفس التطابق ، وهي تحمل كل ما سوف يكون عليه هذا الإنسان من صفات وخصائص ، وأمراض وشيخوخة ، وعمر ، منذ التقاء الحيوان المنوي للأب ببويضة الأم وحدوث الحمل ) (5) وعلماء الطب الحديث يرون أنهم يستطيعون إثبات الأبوة ، أو البنوة لشخص ما أو نفيه عنه من خلال إجراءات الفحص علي جيناته الوراثية حيث قد دلت الأبحاث الطبية التجريبية علي أن نسبة النجاح في إثبات النسب أو نفيه عن طريق معرفة البصمات الوراثية يصل في حالة النفي إلي حد القطع أي بنسبة 100 %أما في حالة الإثبات فإنه فأنه يصل إلي قريب من القطع وذلك بنسبة 99 % تقريباً . وطريقة معرفة ذلك : أن يؤخذ عينة من أجزاء الإنسان بمقدار رأس الدبوس من البول ، أو الدم ، أو الشعر ، أو المني ، أو العظم أو اللعاب أو خلايا الكلية ، أو غير ذلك من أجزاء جسم الإنسان وبعد أخذ هذه العينة يتم تحليلها ، وفحص ما تحتوي عليه من كروموسومات - أي صبغيات - تحمل الصفات الوراثية ، وهي الجينات ، فبعد معرفة هذه الصفات الوراثية الخاصة بالابن وبوالديه يمكن بعد ذلك أن يثبت بعض هذه الصفات الوراثية في الابن موروثة له عن أبيه لاتفاقهما في بعض هذه الجينات الوراثية فيحكم عندئذ بأبوته له ، أو يقطع بنفي أبوته له ، وكذلك الحال بالنسبة للأم ، وذلك لأن الابن - كما تقدم - يرث عن أبيه نصف مورثاته الجينية ، بينما يرث عن أمه النصف الآخر ، فإذا أثبتت التجارب الطبية والفحصوات المخبرية وجود التشابه في الجينات بين الابن وأبويه ، ثبت طبياً بنوته لهما . وقد تثبت بنوته لأحد والديه بناء علي التشابه الحاصل بينهما في المورثات الجينية بينما ينفي عن الآخر منهما ، بناء علي انتقاء التشابه بينهما في شتي المورثات الجينية (6) ثالثاً : مجالات العمل بالبصمة الوراثية : يري المختصون في المجال الطبي وخبراء البصمات أنه يمكن استخدام البصمات الوراثية في مجالات كثيرة ، ترجع في مجملها إلي مجالين رئيسين هما : 1- المجال الجنائي : وهو مجال واسع يدخل ضمنه : الكشف عن هوية المجرمين في حالة ارتكاب جناية قتل ، أو اعتداء ، وفي حالات الاختطاف بأنواعها ، وفي حالة انتحال شخصيات الآخرين ونحو هذه المجالات الجنائية . 2- مجال النسب : وذلك في حالة الحاجة إلي إثبات البنوة أو الأبوة لشخص ، أو نفيه عنه ، وفي حالة اتهام المرآة بالحمل من وطء شبة ، أو زنا (7 ) 1 - لسان العرب ، 12 ، 50 . 2 - المعجم الوسيط ، 1 ، 60 . 3 - ويدل علي ذلك قول اله تعالي (( أنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج )) والأمثال هي الاختلاط وأنظر الآية في صورة الإنسان ، رقم ( 2 ) 4 -مناقشات جلسة المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي عن البصمة الوراثية في دورته ( 15 ) ، ص ،25 . 5 - الاستنساخ بين العلم والدين ، ص ، 105 . 6 - انظر : بصمة الوراثة ( بصمة الدنا ) للدكتور / سفيان العسولي . 7 - انظر : البصمة الوراثية وتأثيرها علي النسب إثباتاً ونفياً ، ص ، 13 ، إثبات النسب بالبصمة الوراثية ، ضمن ثبت أعمال الوراثة والهندسة الوراثية ( 1/454 ) ملخص أعمال الحلقة النقاشية حول حجية البصمة الوراثية في إثبات النسب ، ص 19، الموسوعة العربية العالمية ( 3/2- 334 )
|
أطبع
الموضوع |
أرسل الموضوع لصديق
|
|
|
|
|