الإساءة الجنسية للأطفال الصم: استراتيجيات الوقاية. إعداد د. جانيت دوفال Janet L. Duvall, ME Ohio University-Chillicothe 571 W. 5th Street Chillicothe, OH 45601 USA
ترجمة : د. محمد السعيد أبو حلاوة، مدرس الصحة النفسية، كلية التربية بدمنهور، جامعة الإسكندرية.
أولاً مقدمة. ثانيًا معدلات تعرض الأطفال الصم للإساءة الجنسية. ثالثًا أسباب ارتفاع (وتزايد) معدلات تعرض الأطفال الصم وضعاف السمع للإساءة الجنسية. رابعًا استراتيجيات وقاية الأطفال الصم من التعرض لسوء المعاملة الجنسية. (1) استراتيجيات الوقاية التي المرتكزة على الآباء. (2) استراتيجيات الوقاية المرتكزة على المدرسة. خامسًا المراجع. أولاً: مقدمة. تعد الإساءة الجنسية للأطفال الصم ظاهرة واسعة الانتشار ويتعرض لها الأطفال الصم بمعدلات مخيفة في واقع الأمر إذ يمكن التأكيد علي أن هذا المعدل يتجاوز 50% أي أن 50% من الأطفال الصم يتعرضون لصيغة أو أكثر من صيغ الإساءة الجنسية وهذه ظاهرة تحتاج إلي دراسات وبحوث كثيرة لتفهم محدداتها ودلالاتها. وتعد الدراسة الحالية محاولة في هذا الصدد إذ تركز بصورة خاصة علي تقديم بعض المقترحات لوقاية هؤلاء الأطفال من التعرض لمثل هذه الإساءة. ثانيًا: معدلات تعرض الأطفال الصم للإساءة الجنسية. تنذر معدلات تعرض الأطفال الصم للإساءة الجنسية بخطر شديد وعواقب وخيمة. ففي إحدى المدارس في جنوب الولايات المتحدة الأمريكية رفعت ثلاث دعاوى قانونية بسبب تعرض ثلاثة من الأطفال الصم خلال شهر واحد إلي الإساءة الجنسية. بينما فصل ثلاثة من العاملين في إحدى مدارس تعليم الصم في كندا نتيجة إثبات ارتكابهم سلوكيات الإساءة الجنسية في حق 18 تلميذاً من تلاميذ هذه المدرسة.بل وجد أن 50% من تلاميذ الصف التاسع بإحدى مدارس تعليم الصم والمعوقين سمعياً قد تعرضوا لأكثر من صيغة من صيغ الإساءة الجنسية. واتضح من خلال أحد التحقيقات الشرطية التي أجريت في مدرسة أخرى من مدارس تعليم الصم وضعاف السمع في الولايات المتحدة الأمريكية أن 75 طفلاً أصماً من 150 طفلاً هم إجمالي عدد الأطفال في هذه المدرسة أنهم ضحايا للإساءة الجنسية. وبمقارنة مثل هذه الإحصائيات بإحصائيات تعرض الأطفال عادي السمع للإساءة الجنسية نجد أن من 10% من الأولاد و25% من البنات عاديات السمع يتعرضن للإساءة الجنسية قبل وصولهن لسن السادسة عشرة من العمر. بينما نجد أن 54% من الأولاد الصم و50% من البنات فاقدات السمع يتعرضن للإساءة الجنسية قبل وصولهن لسن السادسة عشرة من العمر (Sexual Abuse of Deaf Youth, A.A.D., October 1987).
وتشير سوليفان وفيرنون وسكانلان 1987 إلي مجموعة من النتائج المخيفة فيما يتعلق بإساءة معاملة الأطفال الصم وضعاف السمع إذ كشفت مراجعتهم وتحليلاتهم لنتائج أربع من الدراسات الرائدة في هذا المجال عن النتائج التالية:- (1) يبدو أن معدل تعرض الأطفال الصم للإساءة الجنسية أعلي بكثيرٍ من معدل تعرض الأطفال العاديين لهذه الصيغة من صيغ سوء المعاملة. (2) يبدو أن معدل تعرض الأطفال الصم لسوء المعاملة الجنسية وفق متغير النوع (نوع الطفل ذكر/أنثي) أمراً معكوساً مقارنة بتعرض الأطفال العاديين لهذه الإساءة إذ أن معدل تعرض الأطفال الصم الذكور للإساءة الجنسية أعلي من معدل تعرض الأطفال الصم الإناث لهذه الإساءة. (54% للذكور في مقابل 50% للإناث). (3) يتعرض الأطفال الصم للإساءة الجنسية بصورة متزايدة في أماكن معينة منها المركبات أو الحافلات التي تنقلهم من وإلي المدرسة وفي دورات المياه وفي أماكن الراحة والنوم. (4) غالبية الأطفال الصم الملحقون ببرامج ونظم التعليم المرتكزة علي أسلوب الدمج يتعرضون للإساءة الجنسية في المنزل بينما غالبية حالات الإساءة الجنسية إلي الأطفال الصم الملحقون ببرامج أو نظم تعليم ترتكز علي أسلوب العزل والإقامة الداخلية في المدرسة. (5) يتعرض ما بين 20% إلي 25% من الأطفال الصم إلي الإساءة الجنسية في كل من المنزل والمدرسة .
وتكشف نتائج مسح ميداني أجرته سوليفان وفيرنون وسكانلان 1987 (Sullivan, Vernon,& Scanlan, 1987) أيضاً تكونت عينته من مجموعة كبيرة من الصم الراشدين عن النقاط التالية:- (1) أفادت إحدى النساء الصم أنها قبل وصولها إلي سن السادسة عشر من عمرها تعرضت لكثيرٍ من نوبات أو أحداث الإساءة الجنسية علي يد والدتها، والدها، خالها، جدها، خمسة أصدقاء في منزل أحد أصدقائها. إذ بدأ علي سبيل المثال والدها في تعريضها للأفلام الفاجرة عندما كانت في عمر السادسة وفي حفلة عيد ميلادها رقم ثمانية، قد أخذها خالها ذات مرة إلي دورة المياه وأراها ماذا يعني مفهوم رجل. (2) أفادت امرأة أصمه أنه بدأ من وصولها إلي سن الثامنة من العمر سمحت أمها للرجال بممارسة الجنس معها في مقابل خمسة دولارات ويسمح لهؤلاء الرجال بارتكاب أي فعل مقابل هذه المبلغ من المال. (3) يتراوح العمر الزمني الذي يتعرض فيه الصم أو ضعاف السمع ما بين سن السادسة من العمر إلي سن التاسعة عشر. (4) فيما يتعلق بصفة مرتكب الإساءة الجنسية ضد الأطفال الصم:- (أ) الأصدقاء (33%). (ب أحد أعضاء الأسرة (04و%). (ج) حد أعضاء الأسرة الممتدة (الأقارب) (13و%). (د) زوج الأم أو زوجة الأب (09و%). (هـ) أصدقاء الأسرة (09و%). (و) الغرباء والزملاء (23و%). (ز) قائدي الحافلات أو مركبات النقل (09و%). (المركبات والسيارات التي تقل الأطفال الصم من وإلي المدرسة). (5) فيما يتعلق بالأماكن التي يتعرض فيها الصم للإساءة الجنسية:- (أ) المنزل (17و%). (ب) المركبات أو السيارات (24%). (ج) أماكن أخرى (04و%). (د) أمكن مفتوحة/أماكن مغلقة (10و%). (هـ) منازل الأصدقاء (17و%).
ثالثاً:أسباب ارتفاع (وتزايد) معدلات تعرض الأطفال الصم وضعاف السمع للإساءة الجنسية. يٍُعْزى ارتفاع معدلات تعرض الصم وضعاف السمع إلي الإساءة الجنسية إلي عدة متغيرات منها:- (1) مشكلات التواصل: الطفل الذي يتواصل مع الآخرين بلغة يتعذر عليهم فهمها ضحية مفضلة إذ لدي مرتكبي الإساءة ميل إلي انتقاء ضحاياهم من الأشخاص الذين تتوافر فيهم خصائص معينة أهمها علي الإطلاق مشكلات التواصل لدى الضحايا. إذ يعلم المولعون بإتيان الأطفال على سبيل المثال وغيرهم ممن يفترسون الأطفال أن الأطفال الصم وضعاف السمع يعانون من صعوبات شديدة في التواصل تحول عادة دون إبلاغهم عن وقائع الإساءة التي يتعرضون لها. كما أن هذه الخاصية ـ القصور في التواصل أو صعوبات التواصل.
(2) القضايا المتعلقة بالإثبات والتسجيل والإبلاغ:- (أ) تحاول مدارس الإقامة الداخلية عدم الإبلاغ عن وقائع تعرض بعض الأطفال بداخلها إلي الإساءة الجنسية. ويرفض كل العاملون بمثل هذه المدارس السماح المتخصصين بالاقتراب من مثل هذه الحالات وذلك تحت إلحاح الرغبة في الحفاظ علي سمعة المدرسة مما قد يؤثر بطبيعة الحال علي معدل الالتحاق بها في السنوات التالية. كما أن توجيه اتهام لأي شخص يعمل بهذه المدارس ينظر إليه باعتباره هجوماً علي المدرسة بكاملها (Durkin,1982). (ب) عدم تصديق الضحية بسبب أن الشخص المتهم عادة ما يكون له تقدير ومكانة في المجتمع، المدرسة أو المنطقة السكنية. (ج) مشكلات التواصل المرتبطة بنقص أو قصور تدريب العاملين في مجال دراسة وفحص هذه الحوادث. يوجد عشرة أماكن أو مواقع تضمنت خمس وثلاثون حادثة تعرض للإساءة الجنسية. كما عادة ما يتعرض الصم وضعاف السمع الإساءة الجنسية علي يد أكثر من جاني في نفس الموقع.
(3) المشكلات المتعلقة بمقابلة الضحايا كأسلوب من أساليب جمع البيانات: (أ) انطلاق القائم بالفحص والدراسة من الصورة النمطية التي ترسمها وسائل الإعلام عن الصم وضعاف مما يفضي إلي سوء تفسير الوقائع إضافة إلي أن لدي الصم صورة نمطية تقليدية عن رجال الشرطة تجعلهم يخافون منهم وبالتالي عدم التصريح لهم بتعرضهم لأي حوادث. (ب) لغة الإشارة المستخدمة إذ لا يدرك كثيرون مختلف صيغ أو أنماط لغة الإشارة المستخدمة من قبل الصم وضعاف السمع ومعلوم أن الصمم وضعف السمع أنماطاً متباينة من حيث توقيت الظهور وأسباب الحدوث ودرجة الفقد السمعي وكل هذه متغيرات تؤدي إلي تنوع شديد في وسائل التواصل فهناك من الأطفال الصم من يتواصلون شفوياً وإن اضطروا إلي استخدام لغة الإشارة فإنهم يستخدمون الإشارات المتعارف عليها في اللغة المنطوقة العادية .كما أن الأطفال الصم ذوي القصور الواضح في مهارات اللغة ـ علي الرغم من اعتمادهم علي التواصل الشفوي ـ قد يكونون غير قادرون علي التحدث بصورة واضحة محددة الدلالة (Duvall, 1994). (ج) الخوف من السلطة: عادة ما يتم تعليم الأطفال الصم وضعاف السمع طاعة من هم في مواقع السلطة مثل المعلمون والمرشدون وقائدي المركبات الخاصة بنقلهم من وإلي المدرسة والكبار الموجودون في المدرسة التي يتعلمون فيها. وبالتالي غالباً ما يحترم وينفذ الأطفال الصم وضعاف السمع أوامر وتعليمات الكبار دون تفهم لدلالة ومضمون هذه التعليمات. كما أنه غالباً ما يفرض علي الأطفال الصم وضعاف السمع ضغوطاً وقيوداً شديدة لعدم الاقتراب من/أو التحدث عن الموضوعات الجنسية. (د) الإشارات المنزلية ـ لغة الإشارة المنزلية ـ : الإشارات المنزلية عبارة عن إشارات تصنع للاستخدام في المنزل ومع أعضاء الأسرة. ومن المعتاد أن تلتقي طفلاً أصم لا يعرف إلا مثل هذه الإشارات. وعندما تستخدم لغة الإشارة المنزلية هذه في التواصل تكون ضيقة ومحدودة جداً وقد لا يفهم دلالاتها إلا أعضاء أسرت ذلك الطفل. (هـ) الإشارات الجنسية والإقليمية: للمعرفة بدلالة الإشارات الجنسية والإقليمية المستخدمة من قبل أعضاء مجتمع الصم أهمية قصوى في الكشف عن احتمالات تعرض الأطفال الصم إلي سوء المعاملة الجنسية. فكثير من الإشارات لها الطابع الإقليمي أي تتوقف دلالاتها علي استخدامها في منطقة إقليمية معينة كما هو الحال بالنسبة للهجات الإقليمية داخل المجتمع ومعرفة هذه الاختلافات والفروق يمكن أن تساعد كثيراً في العمل مع الضحايا. (و) الاعتبارات الثقافية: لا شك أن الوعي بالاعتبارات الثقافية المحيطة بالصم وضعاف السمع مهمة جداً في التعامل مع حالات التعرض لسوء المعاملة الجنسية منهم ومن هذه الاعتبارات التوجه الزمني، ردود أفعالهم تجاه المجتمع (رفض المجتمع، الانسحاب من المجتمع، أو الأمن في التواجد فيه)، تحفظ/عدم تحفظ المجتمع تجاه ما يتعلق بقضايا الجنس والإساءة الجنسية. وتمثل هذه الاعتبارات جوانب مهمة تؤثر علي إمكانيات الحصول علي معلومات ذات علاقة بموضوع الإساءة الجنسية. (ز) المستوي التعليمي: لا ترتكب الخطأ الشائع الناتج عن الاعتقاد أن كل الصم غير متعلمون وبالتالي جميعهم متشابهون. كما لا يعني اختلاف تركيب أو بنية اللغة الخاصة بهم بالضرورة أنهم ضعفاء عقلياً أو أن قدرتهم العقلية محدودة. فالشخص الذي تعمل معه قد يكون لديه نقص أو قصور في مهارات اللغة ولكن ربما يكون في نفس الوقت ذكياً أو علي درجة من الذكاء مثلك تماماً. ويؤكد هذا المعني أحد الأشخاص الصم وقل أحد الأشخاص الصم ـ موجهاً كلامه لعادي السمع ـ " يعتقد السامعون فقط بسبب أن أذننا لا تعمل، أن عقولنا لا تعمل أيضاً!! آه كم هذا الاعتقاد سخيف!!! ". (ح) المترجم: يعتقد كثيرون أن وجود المترجم ـ من وإلي لغة الإشارة ـ سيحل كل مشكلاتهم. وهذا الاعتقاد صحيح في بعض الأوقات لكنه أيضاً غير صحيح في أحيان أخرى. إذ أن الحصول علي معلومات ذات صلة بالموضوع ـ موضوع الإساءة الجنسية للطفل الأصم ـ يتوافر لها شرط الدقة والسرعة يتوقف علي (عمر المترجم، تعليم المترجم ومستواه التعليمي، معرفة المترجم بثقافة الصم، المدة الزمنية التي عمل فيها المترجم مع الصم أي متغير سنوات خبرة المترجم في العمل في المجال، معرفة المترجم بالإشارات الإقليمية، وفي بعض الحالات نوع المترجم (ذكر/أنثي)، ودرجة تقبل الضحية للمترجم.
(4) نقص أو قصور التدريب: (أ) بالنسبة للمدارس: من المتغيرات التي تؤدي إلي تزايد الإساءة الجنسية في عددٍ كبيرٍ من المدارس تجريد الأطفال الصم من الشعور بهوية شخصياتهم أو ذواتهم والتعامل معهم باعتباره موضوعات لا أشخاص Depersonslization . ففي إحدى المدارس التي تشيع فيها الإساءة الجنسية للأطفال الصم يشير مديري هذه المدرسة إلي الجنس لدي الأطفال الصم بعبارة " إنهم لا يعرفون الفرق علي الإطلاق" " إنهم مثل الحيوانات عندما يأتون إلينا" " كلهم يفعلونها" 000 الخ. ومن الواضح أنه عندما يجرد الأصم من هويته الشخصية ويتم التعامل معه كموضوع بهذه الطريقة تزداد نوبات تعرضه للإساءة الجنسية. ويمكن أن نقي الأطفال الصم من مثل هذا التجريد ـ تجريدهم من هويتهم الشخصية والتعامل معهم كموضوعات ـ عن طريق وضع محكات صارمة لانتقاء العاملين في مجال رعايتهم وتربيتهم وتدريب هؤلاء العاملين أثناء الخدمة لتسهيل تفهمهم للأطفال الصم(Sullivan,Vernon,Scanlon,1987). (ب) هيئات الحماية القانونية : يجب أن يتم تدريب العاملين بها في ثقافة الصم. فلدي كثيرٍ من الصم طريقة مختلفة في التفكير، الإدراك، والفهم مقارنة بالأطفال العاديين. وبالتالي لابد أن يكون لدي العاملين بهيئات الحماية القانونية للصم دراية تامة بهذه الفروق للتوصل إلي نتائج دقيقة من تحرياتهم وتحقيقاتهم في وقائع أو حودث تعرض الصم للإساءة الجنسية. ويمكن أن تحل مشكلة من خلال تعليم لغة الإشارة. ويجب أن يوجد علي اثنين من العاملين في هذه الهيئات يستطيعون التواصل بفاعلية مع الأطفال الصم بلغة الإشارة كما يجب أن يتوافر لهم دراية بطبيعة وخصائص وثقافة مجتمع الصم. (ج) الأطفال الصم: يجب أن يكون هناك استمراراً في عمليات تدريب الأطفال الصم في كل المراحل العمرية. وتجاوباً مع تنامي الوعي بقضايا الإساءة الجنسية للأطفال الصم أطلق المجتمع الوطني للأطفال الصم في إنجلترا مبادرة (اجعلوا الأطفال الصم أكثر أمناً، اعملوا علي تأمين الأطفال الصم وحمايتهم). وتترأس هيئة إعداد برنامج العمل لهذه المبادرة مارجريت كنيدي أخصائية اجتماعية نشطة في مجال العمل مع حالات تعرض الأطفال الصم لسوء المعاملة. وفي إحدى البحوث الرائدة التي أجراتها مارجريت كنيدي تكونت عينته من 192 حالة يشك في تعرض أصحابها لسوء المعاملة البدنية أثبتت أن 86 منها تعرض بالفعل لسوء المعاملة البدنية . كما ثبت من عينة أخري تتكون من 70 حالة يشك في تعرض أصحابها للإساءة الجنسية ثبت بالفعل تعرض 50 حالة منها إلي هذه الإساءة (Guardian, Manchester, England, 1990). أحد الهيئات أو المؤسسات الأهلية العاملة في مجال رعاية وتعليم الأطفال الصم وضعاف السمع في إنجلترا.
رابعاً :استراتيجيات وقاية الأطفال الصم من التعرض لسوء المعاملة الجنسية. يُعلم غالبية الآباء أطفالهم بأن يكونوا حذرين من الغرباء، لكن تظهر الدراسات أن في 90% من الوقت يعرف ويثق الطفل في مرتكب حادثة أو واقعة الإساءة ضده. مما يدمر الثقة والبراءة أو الطهر الذي غالباً ما يسقط أو يربط بأعضاء الأسرة، وبالأقارب المحبوبون، وبأصدقاء الأسرة موضع الثقة، أو بالأصدقاء من الجيران. وتشير إحصائيات مكتب التحقيقات الفيدرالي في الولايات المتحدة الأمريكية أن جريمة إساءة جنسية واحدة تسجل وتثبت ويكشف النقاب عنها من كل خمسة جرائم ترتكب في الولايات المتحدة الأمريكية (Berry,1985). ويشار إلي الإساءة الجنسية بكونها أقل صيغ الجرائم تسجيلاً أو إثباتاً علي الرغم من أنها تمثل 75% من إجمالي الجرائم التي ترتكب ضد الأطفال. وبناء عليه يجب أن تشمل أو تتضمن الوقاية من الإساءة الجنسية أكثر من مجال وأكثر من مجموعة. ويمكن القول أن استراتيجيات وقاية الأطفال من الإساءة الجنسية تتوزع علي ثلاثة فئات استراتيجيات وقاية تستهدف الآباء، استراتيجيات وقاية تستهدف المدارس، واستراتيجيات وقاية تستهدف هيئات الحماية القانونية.
(1) استراتيجيات الوقاية التي تستهدف الآباء: يجب أن يلعب الآباء دوراً نشطاً في وقاية الأطفال من التعرض لسوء المعاملة الجنسية بكافة صورها. فإذا لم تقم المدارس والهيئات القانونية بتدريب الأطفال فقد يكون هذا أمراً مقبولاً إلي حد ما والسؤال ماذا يعلم الآباء الأطفال في المنزل؟ ولنعلم أن تعليم الآباء للأطفال وسائل ومهارات حماية أو تأمين الذات خط الدفاع الأول في هذا الصدد. ولكي ينجز الآباء هذا الهدف ـ تعليم أطفالهم وسائل ومهارات تأمين أو حماية الذات ـ لا بد أن يتوافر لهم المعلومات الصحيحة المتعلقة بقضية سوء المعاملة بصورة عامة وسوء المعاملة الجنسية بصفة خاصة بكل أبعادها أو مكوناتها خاصة ما يتعلق بالمؤشرات الأولية الدالة علي احتمالات تعرض أطفالهم لها كما يتوجب علي الآباء الدراية التامة بطبيعة وخصائص النمو النفسي للأطفال الصم في كافة مراحل النمو النفسي. ومن هنا يلقي علي الهيئات العاملة في مجال رعاية وتربية الأطفال الصم دوراً هاماً في تثقيف وتدريب الآباء إضافة إلي الدور الرئيسي الذي يمكن أنم تقوم به وسائل الإعلام في نشر ثقافة ومهارات التعامل مع الصم وضعاف السمع. وتجدر الإشارة إلي أن تعليم الأطفال الصم وسائل ومهارات تأمين وحماية الذات يتطلب جهداً ومثابرة ووقتاً طويلاً وانتظاماً وذلك لأن الأطفال الصم يحتاجون إلي وقت طويل لاستيعاب المفاهيم الجديدة وممارسة المهارات الجديدة(Siedman,1998). ويجب علي الآباء عدم محاولة تعليم الأطفال الخوف من كل الراشدين أو الكبار ولكن يجب تعليمهم أن كيف يقولون لا للأحضان والقبل التي يحاول الكبار أخذها منهم. ويجب علي الآباء أن يثقوا في أحكام أطفالهم وأن لا يجبرونهم علي التعامل مع راشدين أو كبار لا يرغبون في التعامل معهم. ثم يجب تعليم الطفل فهم دلالة ومعني الحياة الخاصة الذي تؤصله كلمة شخص أو خاص والتأكيد علي أن هذه الكلمة تعني شيئاً ما يجب الاحتفاظ به لأشخاص وليس من حق الآخرين رؤيته أو الاضطلاع عليه أو لمسه ففي أجسادنا أعضاء خاصة أو سرية لا يجب أن يضطلع أو يلمسها أحد مثل الأعضاء المغطاة بالملابس الداخلية. إضافة إلي تعليم الأطفال أنه ليس من حقهم أيضاً ومحظورُ عليهم الاضطلاع أو لمس الأعضاء الداخلية الخاصة بالأشخاص الآخرين. ويعلن سيديمان 1998 أنه من خلال احترام حق الطفل في خصوصياته أثناء الاستحمام وخلع وارتداء الملابس أو استخدام المرحاض نعلمه أن من حقه أن يقول لا للكبار أو الراشدين وأن يمارس نوعاً من السيطرة والضبط علي جسده وأن دور الآباء في تقديم المساندة والدعم قاصر علي المواقف التي يشعر فيها الطفل بالحرج والارتباك والحاجة إلي المساعدة. كما أن تأكيد معني الخصوصية بصورة مستمرة يساعد الطفل علي معرفة متي يحاول شخصاً استغلاله. ومن هنا وجب علي الآباء تعليم الأطفال الطرق المختلفة لقول (لا) ويعطينا باري وماكبرايد 1985 أمثلة لهذه الطرق: " لا تفعل ذلك!!، لا أريد أن !!!، لا يتعين علي فعل كذا!!!!، سأخبر الآخرين إذا واصلت فعل كذا!!!!!" ويعلن باري وماكبرايد أيضاً أن رفض الأطفال الحاسم الاشتراك في مثل هذه الأفعال وتعبيرهم عن ذلك الرفض بمختلف صور التعبير غالباً ما يمنع تعرضهم لسوء المعاملة الجنسية إذ أن مثل هذه الأقوال غالباً ما تحول دون تمادي الجاني في محاولاته (Berry,& McBride,1985),. ومن الوسائل المفيدة في الوقاية من سوء المعاملة الجنسية أن يبتكر الآباء كلمة سر أو نظام كودي يعلمونه لأطفالهم ويخبرونهم بعدم إبلاغ أي شخص بكلمة السر أو بنظام التفاهم المشترك هذا حتى وإن كانوا يحبون أو يعرفون ذلك الشخص. ويحب علي الأباء شرح وتوضيح الطرق التي غالباً ما يستخدمها جناة الإساءة الجنسية لإغراء أو إغواء الطفل للخروج من المنزل أو المدرسة وذلك بوصف الحيل التي ربما يفتعلونها إضافة إلي ضرورة أن يشرح الآباء للأطفال ما الذي يتعين عليهم فعله إذا استخدم معهم شخصاً القوة أو التهديد. ووفقاً لآراء سيدمان 1998 يحتاج الأطفال إلي معرفة كل أسماء أعضاء جسدهم. وبالتالي علي الآباء تعليم أطفالهم أسماء الأعضاء الداخلية لأجسادهم وذلك بلغة الإشارة وباللغة العادية. ومن هنا يتمكن الطفل إذا حاول أي شخص إساءة معاملته جنسياً الإبلاغ بصورة دقيقة عن سلوكيات ذلك الشخص معه. كما قد يكون من المفيد لمنع تعرض الأطفال الصم لسوء المعاملة الجنسية أن يوضع ما يعرف بقواعد الأمان أو تأمين الذات وتعلق هذه القواعد حول المنزل وعلي جدران المدرسة وعلي الحافلات مثل ممارسة قول (لا) وغيرها ما لعبارات المشار إليها علي أن تكتب هذه العبارات بلغة الإشارة واللغة العادية مثل العبارات البسيطة(اصرخ، اجري، أخبر أحد الكبار) ولكن يجب أن يوضح للأطفال إلي أين يجرون وذلك بوضع قائمة بالأماكن الآمنة التي يمكن اللجوء إليها علي طول طريق المدرسة وحتى في المدرسة ذاتها. (2) استراتيجيات الوقاية التي تستهدف المدرسة: يجب علي المدارس أن تستمر في إعداد وتطبيق برامج لكل الصفوف تدور حول (خطر الغرباء) (التلامس البدني العادي والتلامس البدني الشاذ) ويجب أن تراجع مثل هذه البرامج بصورة دورية. ويجب علي المدرسة كذلك أن تجري تحريات دقيقة عن المعلمين والعاملين الراغبين في الالتحاق للعمل بالمدرسة لضمان أن لا يلتحق للعمل بالمدرسة إلا الأشخاص ذوي التقدير والاحترام والذين يخلوا سجل تاريخ حياتهم من أي تهم أو مشاكل. ويجب أن يعلم الأطفال أن لهم الحق في السيطرة علي الأحداث التي تحدث لهم وأن هناك حدوداً للعلاقات مع الآخرين كما أن هناك موضوعات خاصة لا يجدر ولا يجب أن تكون متاحة للآخرين وأن من حقهم رفض الاستمرار في علاقة تفاعل يشعرون فيها بالضيق أو التألم. صحيح يجب تعليم الأطفال طاعة رموز السلطة ولكن لهذه الطاعة حدود لا يفترض تخطيها ومن هنا وجب تعليم الأطفال كيف ومتي ولماذا يقولون لا. ويجب علي المدارس أن تتجاوب مع وتتابع الطرق الجديدة في طرق تدريب الأطفال في مجال تأمين أو حماية الذات.
إضافة إلي ضرورة تدريب أعضاء هيئة التعليم بالمدارس علي اكتشاف العلامات المنذرة بخطر احتمالات تعرض الطفل للإساءة الجنسية ومنها: (أ) النكوص إلي مرحلة نمائية سابقة. (ب) التبول اللاإرادي أو تبليل الفراش ليلاً. (ج) الأحلام الليلية المزعجة ومشكلات النوم. (ج) الهلع من محاولات الاقتراب منه أو لمسه. (د) التصرف بوقاحة أو بتبجح جنسي واضح. (هـ) العلامات البدنية مثل نزف المستقيم، وجود كدمات أو علامات حمراء حول المنطقة الجنسية.
خامسًا: المراجع.
(1) Berry, Joy & McBride, Kathy. 1985 "A Parents Guide to the Danger Zones", p50. Word Book Publisher: Waco, Texas. (2) Durkin, R. (1982). No one will thank you: First thoughts on reporting Institutional abuse. In Hanson,R (Ed.), Institutional abuse of children and youth. New York: Haworth Press, 109-114. (3) Duvall, Janet L., 1994 Law Enforcement and the Deaf. Ohio: Sharp Image. (4) Seidman, Julie. "Child Sexual Abuse Prevention-Strategies for . Parents of Young Children." Silent News, April, 1998. (5) Sullivan, Vernon, Scanlan, 1987. "Sexual Abuse of Deaf Youth," A.A.D./October1987
|