ملخص يعرف التعلق على أنه ارتباط انفعالي عاطفي ينش ًا بين شخص وآخ ر، أو بين الناس وبعضهم البعض، تحت ظروف التواجد في إطار مكاني واحد، شريطة أن يتدعم هذا الارتباط عبر الزمن . لذا تعرف سلوكيات التعلق في الطفولة على أنها تلك الأفعال التي يأتيها الطفل نتيجة لما يكتسبه من خلال التصاقه بمن يتولى رعايته وحضانته. ونظرًا لأهمية ا لتعلق كمظهر مؤثر وفعال من مظاهر النمو النفسي، لكونه مصدر حيوي من مصادر تكوين شخصية الفرد في المستقبل، لذا أثار التعلق اهتمام العديد من نظريات علم النفس، ومن بينها التيارات الرئيسة في علم النفس المعاصر، وإن تباينت اتجاهاتها في تفسير نشأته، ومن ثم تحديد جذور ه كمظهر مهم من مظاهر النمو الانفعالي والاجتماعي للفرد. من هنا تتجلى أهمية مراجعة نتائج أحدث البحوث العملية والدراسات النظرية التي أجريت في هذا الميدان حديثًا، لتلمس جوانب الفائدة المرجوة منها، واستقراء ما يفيد مجتمعنا العربي في مجالات تنشئة الطفل وتكوين بذور شخصيته في المراهقة، وانعكاسات هذه وتلك على جوانب حياته مستقب ً لا . وقد تمكنت الدراسة من خلال استقرائها لأحدث بحوث التعلق في السنوات العشر الأخيرة من تقسيم اتجاهات البحوث في مجال التعلق اليوم إلى أربعة محاور رئيسة : يمثل المحور الأول منه ا المرحلة التقليدية لبحوث التعلق، التي اقتصر ت ف يها دراسات التعلق -منذ بزوغ الاهتمام به في الخمسينات من القرن الماضي -، على الرضع، و مرحلة الرضاعة ، ومظاهر التعلق بين الحاضن والحضين، وسلوكيات الأمومة ودوره ا في تدعيم ظاهرة التعلق حتى مرحلة الطفولة المبكر ة. حيث تركز اهتمام هذ ه الطائفة من البحوث على ظروف التنشئة الأسرية ، ودور الرعاية الأسرية والتكوين الأسري على أسلوب ، ومعدل، ونوعية التعلق عند الطفل . كما مثلت مراحل المراهقة المحور الثاني في ذلك السياق ، إذ اهتمت البحوث هنا بآثار أسلوب ومعدل التعلق في المراهقة، على تكوين شخصية المراه ق و مستوى توافقها، وجوانب انحرافها وجنوحها. وفي المحور الثالث اهتمت البحوث بالتعلق وعلاقته بعناصر تكوين الأسر ة، ودوره في التوافق الزواجي، بل تعدى الأمر ذلك إلى الاهتمام بدراسة دور التعلق في العلاج الأسري . وأخيرًا اهتمت البحوث في المحور الرابع بالعلاقة بين التعلق وقلق الانفصال في مراحل الطفولة والمراهقة . من هنا يمكن استشعار مدى تنوع دراسات وبحوث التعلق، وهو ما يعكس أهمية دوره في مسيرة النمو النفسي للفرد وبنية شخصيته في المستقبل . هذا على الرغم من عدم وجود الاهتمام الواجب به في الأدبيات النفسية العربية، لذا تفتقد المكتبة العربية اليوم للبحوث الكافية في هذا المجال.