حيثما نستعمل الدراسات الإحصائية للدلالة على سبب وراثي معين فأنما لكي تشير ألينا هذه الإحصاءات إلى نوع المرض الوراثي الذي نلمسه أولاً عبرها ثم نبدأ بالبحث عن الجينات المسئولة عن أحداثه أي أن الإحصاء يقف عند حدود تأثير الظاهرة المرضية المشتركة عبر الوراثة أما تحديد الجين المسئول عنها فهي مهمة الكيمياء العضوية أو البيلوجية الجزئية بشكل خاص ، ومن هنا فقد بدأت دراسات إحصائية عن العوامل الوراثية الشاهدة في التأثير على الإدمان أو ظاهرة الكحولية بشكل عام ، فقد أشارت الدراسات التي نشرت عام 1980 في المجلة الطبية البريطانية إلى أن إدمان الكحول ومضاعفته يزيدان في أسر المدمنين بصورة خاصة حيث أتضح أن ما بين 25-50% من آباء مدمني الخمر و20% من أمهاتهم يدمنون الخمر ، وهي بلغة الإحصاء نسب أعلى من نسبة الإدمان في المجموع الكلي للسكان بحوالي 5-10 مرات . ( ص 36 الإدمان مظاهره وعلاجه ) أن هذه الاستنتاجات الإحصائية بنيت على استخدام مناهج تعتمد على ما يلي 1-الدراسات التي أجريت على الحيوانات في المختبر 2-نسبة حدوث الإدمان في أسر المدمنين 3-دراسة التوائم 4-دراسة التبني 5-ارتباط إدمان الخمر والعقاقير بأمراض أو صفات ثبت أنها موروثة
ففي التجارب على فئران المختبر تبين أن جزءاً من سلالة الفئران المدمنة تدمن على هذه المواد بدون أن تتدرب على تعاطيها وغلى الرغم من أن الفئران بتكوينها الوراثي لا تميل إلى تعاطي الخمر والمخدرات إلا أن الدراسات المختبرية أثبتت وجود سلالة معينة تميل إلى استهلاك كميات كبيرة من الكحول بالإضافة إلى أن سلوكها أكثر عدوانية وأكثر نشاطً من سلالة الفئران التي لا تميل إلى شرب الكحول . أما المنهج الإحصائي لنسبة حدوث الإدمان في أسر المدمنين فقد ثبت كما تقول الدراسة المذكورة - أن هذه النسبة أعلى من أن تفسر بأنها مجرد صدفة، وقد بلغت هذه النسبة لأعضاء أسرة المدمن كما يلي o الآباء كانت نسبة إدمان الخمر في أقارب مدمنه 17-53% o الأمهات 2-12% o الأشقاء 21-30% o الشقيقات 1-4%
أما دراسة التوائم فقد أضهرت في التوائم المتطابقة - من بويضة واحدة ، وغير المتطابقة -من بويضتين - في السويد مثلاً أن معدل التطابق في الإدمان يساوي 54% في التوائم المتطابقة في حين بلغ 35% في غير المتطابقة وفي دراسة التبني قام باحثون بمتابعة أطفال لأبويين أحدهما أو كلاهما مدمن على الخمر وتبنتهم أسر لاتشرب الخمر منذ سن 6 سنوات وقارنوهم بأطفال من أسر لاتشرب الخمر ولكنها تعاني من أضطراب نفسي ، وكان الفرق بين المجموعتين ارتفاع نسبة الطلاق ودخول مستشفيات الطب النفسي والعلاج بسبب إدمان الخمر في المجموعة التي كان الأب في الأسرة الأصلية يدمن على الخمر . أي خلاصة هذه الإحصائيات والدراسات تقول أن إدمان الخمر أكثر انتشارا بين أقارب مدمني الخمر سواء نشأوا في نفس البيئة أو في بيئة مختلفة ، أن نظرة خارجية وصفية غير إحصائية للعلاقة بين الجينات والكحول كما يتحدث عند علماء الوراثة والهندسة الوراثية تقول ( يظهر وجود روابط بين الجينات ودرجة الاستجابة للكحول في شتى أنواع المجموعات التي تتميز وراثياً ، فحينما يشرب اليابانيون التايوانيون والكوريون مقادير من الكحول ليس لها أي أثر منظور في القوقازيين ، تتورد وجوههم بوضوح وتظهر عليه علامات سكر خفيفة أو متوسطة وهذا الاختلاف يمكن أختياره في سن مبكرة ص 215 التنبؤ الوراثي ) لقد أثبتت الإحصائيات للتوائم المتطابقة أنه إذا أدمن أحد التوائم الكحول فأن فرصة أن يصبح الآخر كحولياً تصل إلى 55% بينما يصل معدل التوافق بين التوائم الأخوية إلى 28% فقط . أن هذه الدراسات لاتعني أن كل طفل من أب كحولي سيصبح أيضاً كحولياً ، فهناك ما يدل أيضاً على أهمية دور العوامل البيئية والمرض ، فالنسبة 55% تجعل أن هناك 45% لاتصبح كحولية رغم الوراثة كما أن النساء أقل عرضة كثيراً للأصابة بالكحوليات ربما كان ذلك لأنهن أقل اتصالا يسرفون في الشراب . وفي الدراسات المختبرية قام طبيبان نفسيان هما( مارك شوكيت وفيدامنتاس رايزس ) من جامعة واشنطن باختبار أفراد مختلفين بحثاً عن الاختلافات الفطرية المحتملة بالنسبة لردود فعلهم للكحول ، حيث قاما باختبار مسحي أولاً على 304 أفراد من الرجال الأصحاء بالجامعة اختارا عشرين فرداً لهم آباء أو أقارب كحوليين ، ثم قارناهم بمجموعة حاكمة ليس لها أي خلفية كحولية ، ولكنها تماثلت في العمر والجنس والحالة = وتاريخ تعاطي الشراب ، وأعطيت لهاتين المجموعتين جرعات من الكحول الأثيلي بحسب أوزان أجسامهم ، ثم أختبرت عينات من دمائهم لظهور ( الأسيتالوهيد ) وهو مادة تنتج عن محاولات الجسم لتكسير الكحول الأثيلي ، والأسيتالدهين نفسه مادة سامة لها دورها في بعض التأثيرات الكحولية الأكثر أصنافاً للجسم وظهر فرق واضح بين المجموعتين ، فقد بلغ تركيز الأسيتالدهين في دماء الأفراد ذوي التاريخ العائلي للكحولية ضعفه في أفراد المجموعة الحاكمة وهذا يغير كما أستنتج الباحثان أن تركيز الأسيتالدهين المرتفع قد يغير بالفعل من الطريقة التي يجعل بها الكحول الأفراد المستهدفين يحسون بما يحسونه أثناء شربهم - وهذا التركيز المرتفع قد يكون فيه أمكان وجود رابطة فيزيائية بالنواحي السيكولوجية للأدمان ، كما أن هذه التركيزات العالية التي تنجم عن عوامل وراثية قد تكون هي أيضاً التي تجعل المستهفين للكحولية أكثر قابلية للإصابة بالأضرار الداخلية بسبب النواتج الجانبية لأيض الكحول . ( ص 217 التنبؤ الوراثي )
على كل حال فأن الأمراض من نوع الكحولية هي عموماً أقل أذعاناً للتنبؤ الوراثي ذلك أنها قد تكون ناجمة عن مجموعة من العوامل البيئية والوراثية وعن تفاعل الجينات مع البيئة ، فعلى الرغم من دليل الإحصائيات المذكورة وبعض التجارب المختبرية إلا أنه لم يتم معرفة الجين الخاص بالأدمان ولكن بعض الدراسات وجدت A1 خاص allele للجين الذي يؤثر للدوبامين حيث وجد أنه أكثر انتشارا في الأشخاص الذين يدمنون على الخمر من الذين لم يدمنوا وهذه A llele أيضاً موجود عند المدمنين على الكوكايين ، كما أن هناك أيضاً بعض العوامل الوراثية التي تؤدي إلى قلة الاستعداد للإدمان وليس للزيادة منه .