|
110526743 زائر
من 1 محرم 1425
هـ
|
|
|
الدراسات والبحوث
|
الشيزوفرينيا |
الكاتب : . |
القراء :
7449 |
الشيزوفرينيا لاشك أن الغموض والأختلاطات والاجتهادات تلعب دوراً كبيراً في الأمراض النفسية والعقلية أكثر من أي نوع آخر ، ففي الوقت الذي يبحث علماء والطب وبايلوجيون عن القاعدة المادية لهذه الأمراض في الدماغ وفي الجينات وفي مختلف المجالات التي تعبر عنها هذه الأمراض في الجسم الإنساني عموماً والجهاز العصبي خصوصاً ، نجد أن هناك من لازال يمارس علاج بعض هذه الأمراض على أساس من الأرواح الشريرة وتسليط ألالهة على المصابين لعناتهم عبر هذه الإمراض وهو ما كان يتعامل به الإنسان القديم عبر الحضارات القديمة لعلاج ظواهر مختلفة من هذه الأمراض عند الإنسان والتي قد يكون للإيحاء دور كبير في علاجها . هذا الغموض وعدم وجود حدود ظاهرة بين تشخيصات كل مرض على حدة كما هي الحال في الأمراض العضوية ، جعل الثقافة الطبية البسيطة تتعامل مع المعتقدات الشعبية فتعكس مسائل أبعد ما تكون عن الطب والأطباء والعلم والعلماء وإذا كانت هذه الحقيقة واضحة أمام كل المختصين في هذا المجال عن الأمراض النفسية والعقلية عموماً ألا إنها أكثر ما تظهر وبشكل لا يمكن تجاهله عند التعامل مع مرض الشيزوفرينيا ، هذا المصطلح الذي بدأ دخوله إلى الاستعمال الطبي في بداية هذا القرن فقط في حين كان القدماء يطلقون عليه أسماء مختلفة مثل الجنون والخبال والعتة والمنخوليا والسوداء وأخيراً الخرف المبكر ، وقد تداخل هذا المصطلح مع مصطلح ازدواج الشخصية وتعدد الشخصية التي تعني حالات تصدع الوعي أكثر مما تعني شيزوفرينيا علماً أن تعريفات المرض نفسها التي حاولت أن تميز طبيعته وحدوده وظواهره تعددت أيضاً وزادت المرض غموضاً لغوياً مقابل الغموض الإكلينيكي والنفسي الذي يعكسه يقول أحد العلماء من هو في هذا الصدد ( لقد حاول الكثيرون تعريف مرض الشيزوفرينيا ومن الطبيعي أن تقصر هذه التعاريف كلها عن التوصل إلى تعريف شامل محدد لهذه الحالة المرضية ما دام المرض غير واضح من حيث أسبابه وأعراضه ومسيرته ونتائجه ، وفي مثل هذه الحالة من عدم الوضوح فأن معظم التعاريف المعطاة لهذا المرض قد تركزت على الأعراض المرضية الأكثر ظهوراً في المرض وفي بعض الحالات أتسع التعريف ليصف العمليات النفسية التي تكمن وراء المريض ( ص23 فصام العقل ) . على أن الإجماع في هذا التعريف وتحليله يقود إلى صفتين أساسيتين هما : أولاً : الانقسام والتجزئة (شيزو) في المقومات المكونة للعقل ( فرينيا ) والشخصية وهي الفكر والعاطفة والسلوك ثانياً : فقدان التوازن في العمليات النفسية الداخلية . أما ما يصاحب المريض من هلوسات سمعية ولمسية ونقص في الانتباه إلى العالم الخارجي والنقص في حب الاستطلاع واضطراب الفكر مع وجود ارتباطات فكرية تعصى على الفهم …الخ كل هذه ظواهر المرض التي تعرض نفسها أمام الطبيب .
إن هذا التخبط في تعريف المرض وحدوده والذي بلغ أبعد مدى في أمريكا والاتحاد السوفيتي الذين أدخلوا فيه حتى قواعد السلوك الخارجة عن قواعد المجتمع بل وحتى أمراض مزاجية كالكآبة مثلاً قد قاد العلماء إلى توسيع مفهوم هذا المرض ليشمل حالات حدودية من الاضطراب الفكري والسلوكي ثم أخذت تتعدد المصطلحات الفرعية للشيزوفرينيا كالشيزوفرينيا النووية أو الشيزوفرينا الصافية ( وهي الشيزوفرينيا ألتي يتوفر فيها عامل وراثي ويبدأ المرض فيها في سن مبكرة وبصورة تدريجية غير متقطعة ، وعلى خلفية من الشخصية الشيزية شديدة الانطواء والحساسية . ص25 ن م ). وأخيراً وجد من العلماء من يدعي أن هناك أمراض عدة شيزوفرينية وليس مرضاً واحداً بعينه ثم وجد بعض العلماء لكل هذه الأختلاطات أنه ليس هناك شيء أسمه مرض شيزوفريني مطلقاً وكلها اعتبارات اجتماعية وبقدر تعدد الاجتهادات في تعريف الشيزوفرينيا وحدودها وظواهرها فقد تعددت الاجتهادات في تحديد أسباب المرض بين مرض وراثي أو بيئي أو مشاركة بينهما …الخ . فهل يمكن الحديث عن هذا المرض باعتباره مرضاً وراثياً حقاً أو أنه أبن البيئة فقط ؟ لقد بدأ توجه العلماء إلى البحث عن الأسباب الوراثية للمرض في الجينات وكان من أوائل العلماء الذين اهتموا بهذا الجانب هو مانفرد بلولر بن بلولر الذي كان قد عرف المرض إلى وجود مظاهر عدم الترابط في شخصية المريض أو كما سماه ( عدم ترابط أو تفكك الشخصية ) الذي يؤدي إلى تجزئتها إلى مكوناتها التي بتجمعها فيها بشكل غير متوافق هو الذي يجعل الشخصية شيزوفرينية ، لقد كان من رأي مانفرد بلولر ( أن الجينات المسببة للمرض ليست جينات مريضة في حد ذاتها وإنما بتجمعها بشكل معين وغير متوازن هو الذي يكون الحالة المرضية ، وذلك عن طريق أحداث حالة غير متوازنة من الشخصية تكون فيها عناصر الشخصية غير متوافقة وفي صراع مع بعضها البعض غير أن مانفرد وجد مكاناً للعوامل النفسية في تكوين المرض فكان من رأيه بأن الضغوط النفسية وخاصة تلك التي تنجم عن العلائق في مجال العائلة والأقارب لها أن تدفع بعدم توازن مقومات الشخصية إلى حالة الانهيار الشيزوفريني (ص 27 ن م ) . أن فرضية تفسير المرض على أساس وراثي بنيت لدى العلماء على أساس أن هناك جين واحد أو أكثر يرثها الأولاد عن الآباء والأقرباء تخلق استعدادا لوجود المرض وقد يظهر هذا الاستعداد على شكل نقص في الشخصية أو اضطراب فكري أو خطأ في الجهاز العصبي الذاتي أو نقص في تكامل الخلايا واندماجها أو توقف أو انحراف في دور ما من عمليات الأستغلاب ( الميتابولزم ) في الدماغ ، وهكذا جرى البحث ويجري بعد اكتشاف خريطة الجينيوم البشري لتحديد مثل هذه الجينات الخاصة بمثل هذه الأمراض وليس هذا المرض وحده فقط ؟ سبب المرض أن خلاصة البحوث قد قادت العلماء إلى الخلاصة التدلية في تحديد سبب المرض 1-إن مرض الشيزوفرينيا مرض معقد ومتعدد الأنواع ومن غير المحتمل أن يكون هناك سبب واحد يكمن وراء جميع هذه الأنواع . 2-أن البيانات المتوفرة تشير إلى أن الوراثة تلعب دوراً هاماً في تكوين الاستعداد للإصابة بالمرض وأن من المشكوك فيه أن تكون هناك أي تجربة حياتية كافية لتكوين المرض في فرد لا يحمل هذا الاستعداد الوراثي ، هذا ولم يعرف حتى الآن نهاية - ثمانينات القرن- على وجه التحديد لا طبيعة العامل الوراثي أو كيفية انتقاله أو الطريقة التي يظهر عليه في الفرد المستلم له 3-ينظر إلى المحيط كعامل هام يساعد على أظهار الاستعداد الوراثي في المرض غي أنه لا يكفي وحده لتكوين المرض بدون الاستعداد الوراثي . كما أنه لا توجد حتى الآن أية عوامل محيطية معينة مخصصة الفعل في تسيب المرض الشيزوفريني ويبدو أن لكل مريض تجربته المحيطية الخاصة به والتي يتفاعل بها بطريقته الخاصة مع الاستعداد الوراثي الذي يكمن فيه للإصابة بالمرض - ( ص 113 فصام العقل ) . كيف نستطيع أن نفهم حجم التعامل السببي بين الجينات والأمراض النفسية عموماً والشيزوفرينيا خصوصاً ؟وكيف تمت الدراسات الإحصائية والتجريبية عليها ؟ لاشك أن خطورة الأمراض النفسية والعقلية لا يقل أن لم نقل يزيد على خطورة الأمراض العضوية ولاشك أن الوراثة الجينية تلعب دوراً كبيراً في المجالين معاً . ومن الإحصائيات نعرف حجم هذه الخطورة حيث تقول أنه في بريطانيا مثلاً يدخل ما يقرب من ….17 مريض إلى المستشفيات كل سنة لشتى الأمراض العقلية وما يقرب من …,16 آخرين للمعوقين عقلياً ، أي أن في المملكة المتحدة يوجد رجل واحد من كل أثني عشر رجلاً وامرأة واحدة من كل ثماني نساء يذهبن إلى المستشفى في وقت ما من حياتهن ليعالجن من مرض عقلي نفسي أكثر واقعية ( ص 275 علم الحياء والأيدلوجيا والطبيعة البشرية ) وتقول المعلومات الطبية الأولية أن مرض الشيزوفرينيا مثلاً هو مرض عقلي بذل فيه من البحث الوراثي والبيوكيميائي أكثر مما بذل في أي مرض آخر ، وتقول المعلومات أنه بحث على أساس وجوده عن جين معين هو الذي يحدثه وراثياً ويكفي أن نقول أن 1% من سكان بريطانيا يعانون من الشيزوفرينيا وأن …,28 حالة أي 16% من حالات الأمراض العقلية ألتي أدخلت المستشفيات عام 1978 شخصت على أنها شيزوفرينيا أو مقارباتها ، وكذلك الحال في أمريكا والاتحاد السوفيتي ؟ وتقول الإحصائيات أيضاً أن عقار الكلوربرومازين الذي أدخل استخدامه عام 1952 بالتحكم في مرض الشيزوفرينيا يقدر أنه أعطي لخمسين مليون فرد في العالم كله خلال الأعوام العشرة الأولى من استخدامه وتقول نظرية وراثة الشيزوفرينيا أنه إذا كانت بيوكيميا المخ تتغير في الشيزوفرينيا فأنه لابد أن يمكن تحت هذا التغير البيوكيميائي نوع من الاستعداد الوراثي للمرض ، وعام 1981 زعم علماء النفس أنه يمكنهم الكشف عمن يحتمل إصابتهم بالشيزوفرينيا وهم في عمر ثلاثة سنوات هل أن المرض يظهر في عمر 53 سنة ؟ أي قبل أن يظهر المرض بخمسين عاماً ، ويقول علماء الهندسة الوراثية أنه لو كانت هناك جينات تنتج منها الشيزوفرينيا فأن ثمة وسائل لاستئصال هذه الجينات من المجال الوراثي للأفراد المصابين ولوضع تشكيلاتها السرية البديلة مكانهاى وهكذا يمنع ظهور المرض ، وهناك برامج بحث جدية تجري في معامل عديدة للعمل على تكديس جينات مرض الشيزوفرينيا ولعزل الجينات الشيزوفرينية وزراعتها على أن يدرس أمكان أستبدالها وتشير الدراسات التي طبقت على احتمال وجود مريض آخر بانفصام الشخصيات الشيزوفرينات بين أقرباء أحد المصابين بالمرض في المجتمعات الغربية كما يلي : العلاقة بالمصاب احتمال إصابة نسبة مئوية والد أو والدة 5, 1 أخ أو أخت 8,7 توأم مشابه 47 أبن أحد الأبوين مصاب 12 أبن كلا الأبوين مصاب 39 عم أو خال 2 أبن عم أو أبن خال 2,9 لا علاقة عائلية 9% ( ص 132 الوراثة والإنسان ) فمن يلاحظ على هذا الجدول الاحتمال العالي لإصابة توأم متشابه عندما يكون أخوه التوأم مصاباً ، وبالرقم 47% الامعدل ما توصله اليه دراسات مختلفة تراوحت نتائجها ما بين 15 إلى 85% وهو يدل على حجم الدور الذي تلعب الوراثة خصوصاً أذا ما قورن بدرجة التوافق عند التوأم غير المتشابه وألتي بلغت من 2 إلى 10 % فقط ، لقد وجد الباحثون أن نسبة المرض انفصام الشخصية الشيزوفرينيا بين أطفال الإباء أو الأمهات المصابين بهذا المرض أو المتبين من قبل عوائل أخرى يبلغ ثلاثة أضعاف نسبة المرض بين أطفال الآباء أو الأمهات الطبيعيين . وتشير بعض الجداول البيانية إلى أن الأمراض الوراثية وخاصة بين التوائم المتشابهة وغير المتشابهة ، وهي خير دليل على ذلك ألا أن نسبة مرض انفصام الشخصية الشيزوفرينيا ، بين التوائم المتشابهة يصل إلى حدود 80% بينما التوائم غير المتشابهة لا تتجاوز النسبة 30% فقط ( 168 الوراثة والإنسان ) في حين أن مرض السكر مثلاً تدور النسبة بين 65% للتوائم المتشابهة و18% لغير المتشابهة وكذلك الصرع بين نسبة 72% في التوائم المتشابهة إلى 15% لغير المتشابهة أما لون العيون وهو أكبر دليل وراثي نجده يبلغ 99,6% في التوائم المتشابهة و28% في غير المتشابهة . ومن الدراسات الجدية في هذا المجال علاقة الجينات بالإمراض النفسية - هي الدراسات التي جرت في الدانمرك حيث يقول أحد الباحثين عنها ( أصبح العلماء الذين يبحثون العلاقة بين الجينات والأمراض النفسية على علاقة حب جنوني بالدانمرك ، فالتخطيط الاجتماعي قد أنشأ بمحض الصدفة نظاماً يهيئ الفرصة لأجراء أي مسح على مشاكل الأمراض النفسية هي من أكثر الأبحاث كشفاً للمعلومات ص 209 التنبؤ الوراثي ) . وقد تمت الدراسة على أساس علمي دقيق وهو لتحديد أي العاملين يلعب دوراً أكبر في مرض الشيزوفرينيا الجينات أو البيئة فإذا كانت الشيزوفرينيا تنجم عن عوامل وراثية فأن ظهورها يكون أكثر إلى حد ذي دلالة بين أفراد العائلات ذات قرابة الدم أما إذا كانت نتائج عوامل بيئية فسوف تتركز الحالات بين أفراد عائلات التبني . ولقد تبين فعلاُ أن حالات الاختلال الشيزوفريني تتركز في أقارب الدم لمرض الشيزوفرينيا .
لقد تأكدت هذه الحقائق بعد دراسات عدة أكدت على أنه إذا أصبح أحد التوأمين المتطابقين مريضاً بالشيزوفرينيا فأن التوأم الآخر يكون في المتوسط معرضاً بالإصابة بها هو الآخر بما يقرب من 50% ، أما التوائم الأخوية فأن المعدل أكثر كثيراً مما هو عليه بين عامة السكان وعلى كل فهم يتشاركون بالفعل فيما يقرب من نصف عدد جيناتهم أما بالنسبة لدراسات الاكتئاب الهوسي التي أجريت على المتبنين المصابين به فقد أظهرت أن من يكون له تاريخ عائلي لهذا المرض تكون فرصة أصابته بالأكتئاب أكثر بثلاثة أضعاف كما بين السكان عامة على أن الدراسات التي ركزت على علاقة المخ بالجينات وانعكاسها المرضي قد أكدت حقائق جديدة على مستوى الأمراض النفسية والعقلية حيث أشارت بعض هذه البحوث إلى أن أنواع المرض العقلي شيوعاً ( الاكتئاب ألهوسي ، والاكتئاب ، والشيزوفرينيا ) كلها تتأثر إلى حد له مغزاه بمدى تركيز واحد أو أكثر من المرسلات العصبية في أجزاء المخ المختلفة وقد أكدت هذه الحقائق استخدام العقاقير ذات التأثير النفسي ، أما كيف تؤثر الجينات في السلوك عبر المخ فيقول العلماء ( يبدو أن الجينات تلعب دورين أساسيين بالنسبة لخاصة المخ ولوظائفه والدور الأول هو أن الجينات تشكل البرنامج المخطط الذي تستقي منه لبنات البرتين التي يبنى بها المخ وبهذا فأن للجينات أهميتها في المساعدة على تحديد طبيعة تنظير المخ ، الطريقة التي تنظم بها في كل فرد مراكز الأنواع المختلفة في الأنماط المعقدة للسلوك ، ويعتقد الباحثون أن الجينات ربما تهيء فائضاً من الخلايا العصبية أكثر كثيراً مما يحتاجه المخ فعلاً ، ثم تختار البيئة بعد ذلك من بين هذه المسالك المتاحة لتشكل المخ العامل محددة أي العصبات تتصل بالأخرى ، ومن الأسئلة الخطيرة التي لم تتم الإجابة عنها بعد الأسئلة التالية :
ما هي الخطة التي تحدد طريقة ترجمة التعليمات الجينية الوراثية إلى شبكة أسلاك المخ ؟ وكيف تتمكن البيئة من توجيه مسالك الاتصالات ما بين العصبات ؟ وأي كم من قابلية عصبة واحدة للعصبات الأخرى ينتج عن البرنامج المخطط الوراثي ؟ وما هو الكم المتبقي القابل للتشكل المرن ؟ والدور الثاني هو أن الجينات تساعد أيضاً على تحديد تركيزات المرسلات العصبية والكيمياويات الأخرى المتاحة في مناطق معينة من المخ ، وقد عرفت الرابطة الجينية هنا كنتيجة لدراسات عديدة تناولت الكيمياء العصبية للفئران 0 وقد بينت هذه الدراسات أن تأثير الجينات متنوع فربما يتم توجيه مستوى تركيز بعض المرسلات عن طريق جين واحد مما يدل على أن ألإسهام الجيني هنا هو نسبياً إسهام مباشر أما بالنسبة لبعض المرسلات الأخرى فأن التوجيه بلا شك يتم جزئياً عن طريق مجموعات من الجينات 0 (ص 223 -224 التنبؤ الوراثي) 0
أن دراسة جينات المخ يمكنها فعلآ أن تحدثنا عبر بروتيناتها التي تنتج عن كثير من الإمراض العقلية والنفسية , وهذا ما قام به أحد العلماء دافيد كمنجز في المركز الطبي القومي لسيتي هوب في دورات بكالفورنيا , فقد كان كمنجز يهتم على وجه خاص بمخ المرضى المصابين بمرض هنتنجتون d isease Huntingtons وهو علة تنتقل وراثياً وتتغلل متسللة لتسبب تدهوراً وجدانياً وذهنياً سريعاً يحدث عادة عبد حوالي الأربعين من العمر , ويتفجر مرض هنتنجتون نتيجة جين سائل ويكفي وراثة نسخة جين واحدة من أحد الوالدين ليحدث المرض وفي المتوسط فأ ن طفلاً من كل طفلين للوالد المصاب بهذا المرض يصبح مريضاً أيضاً ولما كان جين مرض هنتنجتون ينتج بروتيناً يؤثر على المخ فقد أحس كمنجز أحساساً أكيداً بأن مخ ضحايا هنتنجتون يحتوي على علامة لو أمكن عزلها فأنه سوف يستطيع التنبؤ بمن سيقعون ضحية للمرض في النهاية 0 وفعلاً قام بعملية كيمياوية دقيقة وعزل بروتينات المخ هذه فأصبح لديه خريطة لبروتينات المخ لمرض هنتنجتون 0 فعلاً وأستمر كمنجز في تجاربه على جينات المخ وبروتيناته وأخذ يبحث عن ظهور البروتين المحدد في مخ الافراد الذين يعانون من تصلب الأنسجة العصبية وهو مرض عصبي وفي مخ المنتحرين الذين يظهرون علامات أمراض ألاكتئاب 0 فقام بفحص مجموعة تتكون كلها من 267 مخاً منها 152 كمجموعة حاكمة و52 من أفراد يعانون أمراضاً مثل التليف التعددي 72 من مرض الأكتئآب ألهوسي والأكتئآب الشيزوفريني والكحولية ، ( الأدمان ) وقد أعطت النتائج بعض المفاتيح المغرية عن طبيعة الأمراض العقلية فقد البروتين الذي سماه بروتين (pci duarte ) في كل المجموعات ولكن ظهوره كان أكثر كثيراً بين أفراد المجموعات التجريبية ، وقد وجد كمنجز أن 2,5 % من أفراد المجموعة الحاكمة كان تركيبهم الوراثي متجانساً ( لديه نسختان من الجين نفسه الذي يتحكم بالبروتين ) أما المجموعة المصابة بالأكتئآب والشيزوفرينيا والكحولية فهي من الناحية الأخرى تحوي 12% من متجانسي التركيب و64% من خليطي التركيب ( لديهم فقط نسخة واحدة من الجين ) أما المصابون بتصلب الأنسجة العصبية المتعددة فقد كان بينهم على القل ما يزيد على النصف أو 55% من ذوي النسخة الواحدة من الجين ، ص 218 التنبؤ الوراثي ) .
لقد قدمت أكتشافات كمنجز دليلاً قوياً على أنه يوجد على الأقل عامل وراثي خاص واحد وإذا تأكدت نتائجه أو بمعنى آخر إذا وخد أن بروتين ( دوارث) هو عامل أستهداف للأكتئآب أو على أرتباط بعامل كهذا فربما العلماء قد توصلوا إلى آلية بالمرض . أن الأكتئآب هو أكثر الحالات العقلية أنشاراً ويقدر المعهد القومي للصحة العقلية أن ما يصل إلى 15% من الأمريكيين الباغين يعانون من أمراض الاكتئاب في سن بعينها . والرابط ما بين بروتين ( دوارت) وتصلب الأنسجة المتعددة الأكتئآب ما زالت روابط تجريبية وإحصائية ولكن الأدلة على تلازمها تظهر أيضاً في مجالات أخرى ، ولكن حتى لو تبين أن بروتين ( دوارت) مرتبط بالاكتئاب فستظهر لدينا مشكلة طريقة اختبار وجوده وأي علاقة وراثية لاتوجد إلا في المخ هي بالذات مما يصعب فصله فحتى الآن لاتوجد طريقة لذلك إلا بأخذ شرائح من المادة السنجابية للمخ وتحليلها وهي عملية لن يوافق عليها أي حالة عقلية سليمة ، وربما أمكن حل هذه المشكلة بعد تقدم التكنلوجيا الحيوية التي تؤكد أمكانية استكشاف صميم البرنامج الوراثي المخطط للمخ أي الجينات نفسها دون أي اعتداء على حرم المخ نفسه أي على الجمجمة ، على أن إعلان خريطة الجينيوم البشري يفتح أمام العلماء الباب واسعاً لدراسة الجينات مباشرة حتى قبل أن تنتج بروتيناتها الخاصة ، فالمعلومات أصبحت متاحة أمام العلماء كلهم . |
أطبع
الموضوع |
أرسل الموضوع لصديق
|
|
|
|
|