تمتد مرحلة الرضاعة بين الولادة ونهاية السنة تقريباً وتتميز بكونها فترة نمو مرن يشمل جوانب الفرد كلها تساعد نمو الرضيع على إيضاح المبادئ التي تتحكم بالنمو في مختلف المراحل وتتمثل المبادئ المشار إليها في أربعة هي : 1- معدل النمو 2- وجهة النمو 3- التميز والتكامل 4- التلاحق 0
معدل النمو : يتسم النمو العضوي لدى الرضيع بالانتظام الذاتي فيزداد وزن أغلب الأولاد وطولهم باضطراد عادي متناسق ولا يخرج النمو عن معدله المألوف إلا لدى فئة من الأولاد وفي حدود يمكن توقعها في إطار الشذوذ عن القاعدة ولا يزيد أثر الشروط الشاذة على الإعاقة المؤقتة لمعدل النمو إذ سرعان ما يعود النمو إلى معدلاته الطبيعية بزوال الشروط الشاذة المتمثلة بالمرض أو بالحرمان الغذائي وتتجلى أصالة مبدأ الانتظام الذاتي في مبكري الولادة من الأطفال الذين لا يتخطى متوسط وزنهم عند الولادة 2,750 كغ إذ سرعان ما يتساوى وزن هؤلاء الأطفال مع وزن نظرائهم من عاديي الولادة خلال السنة الأولى من الحياة 0 أما مبكرو الولادة الذين يقل وزنهم عن 2,25 كغ فيعانون من نقص يشمل الوزن والطول والذكاء فظاهرة الانتظام الذاتي تعمل إذاً على تلافي ضروب الاضطراب الثانوية لكنها تعجز عن مجابهة الاضطرابات النمائية الشديدة ويخضع النمو الحركي هو الآخر لمعدل نمو خاص بالنوع البشري فعلى الرغم من أن نمو الفرد يسير وفق وتيراته الفردية المميزة له في الجلوس والمشي وتناسق الأصابع بحيث يسبق المعيار المميز لسنه أو يقصر عنه إلا أن نمو الفرد سرعان ما يعود يتماشى والمعيار العام 0
ولا يضطرب المعيار السني إلا في الحالات الخطيرة لاضطراب الشروط المحيطية إذ لا يؤثر نقص الخبرة والتضييق المتشدد للفعالية في المعيار النمائي فيتعلم أطفال القبائل الهندية الأمريكية الذين يشدون طوال يومهم بخشبة المهد المشي والجلوس والزحف كغيرهم من الأطفال العاديين 0 ولا يختلف أمر الإثارة المفرطة والتدريب الخاص عن اثر الإعاقة ونقص التدريب إذ يعجز هو الآخر عن التأثير الدائم بمعدلات النمو الفردية فقد يغدو الأطفال الذين يعطون تدريباً خاصاً على التسلق مهرة في تلك الفعالية لكنهم سرعان ما يتوازون مع أطفال لم يعطوا أي تدريب خاص ويبدو أن الشروط المحيطية الخطيرة جداً هي وحدها التي تستطيع إيقاف معدل النضج الموروث لدى الطفل أو تصعيده 0
وجهة النمو : يتخذ النمو وجهات معينة تميز نوعاً حيوانياً عن آخر فالمألوف أن يمتد النمو من الرأس منحدراً للمركز فالأطراف وينمو الدماغ بصورة أسرع من أي عضو آخر هذا في الحيوانات وكذلك الأمر في الإنسان وصغار الأطفال إن لكل واحد من مجالات النمو فيما يبدو وجهة خاصة فيتعلم الصغار إقامة التنسيق لحركة أذرعهم وسيقانهم الأقرب إلى الجذع قبل تعلمهم إقامة التنسيق الحركي بين أصابع اليدين أو الرجلين ويستطيع الأطفال النهوض وإدارة الرأس قبل أن يستطيعوا الالتفات كلياً ويحركون أذرعهم وسيقانهم قبل أن يتمكنوا من مقابلة سبابتهم بإبهامهم 0
التميز والتكامــل : يتقدم النمو الحركي وفق آليتين مستقلتين متضافرتين هما التميز والتكامل ويتمثل التميز بانقسام الحركة العامة وتوزعها في حركات وظيفية مستقلة ويقوم التكامل في استعانة منظومات حركية مختلفة بعضها بالآخر لأداء فعل أكبر وأشمل من كل فعل صغير على حده وعادة ما يحرك الأطفال الصغار أجسامهم كلها استجابة لمثير ضوئي أو صوتي إلا أن حركة الاستجابة لذات المثير تقتصر عندما يكبر هؤلاء على تحريك الرأس يشير تخصص الحركة هذا إلى التميز ( بايلي 1969 ) 0 ويتضح التكامل الحركي جلياً في تطور سلوك الوصول إلى الأشياء إذ يقذف الصغار أنفسهم على الشيء الذي ينوون إمساكه لكنهم حوالي الشهر السابع أو الثامن من العمر يتعلمون أن يحركوا أجسامهم صوب الشيء ليمسكوا به بأصابعهم وعلى العموم يظهر التميز والتكامل في مستويات النمو كلها وفي مجال الظواهر الاجتماعية والإدراكية والعقلية وغيرها 0
تلاحق النمو : ليست أنواع النمو العضوي لدى الوليد خلال السنتين الأوليين من الحياة عشوائية قط بل إنها تخضع لتلاحق عام لدى الأفراد البشريين كلهم 0 فللقابليات الحركية اللازمة لتعلم المشي تلاحق لدى أطفال غابات أفريقيا مشابه للتلاحق في النمو الحركي لدى أبناء دمشق وعلى الأطفال أن يتعلموا أولاً أن يجلسوا دون دعم ثم أن يزحفوا وهم يمسكون شيئاً ما ثم أن يرفعوا أنفسهم بدعم ثم أن يمشوا مدعومين ثم أن يقفوا بأنفسهم وأخيراً أن يمشوا بأنفسهم وطبيعي أن يبلغ كل طفل المرحلة النهائية من تلك الفعالية بعمر مختلف عن الآخر 0 وعلى الأهل ألا يقلقوا من انحرافات ضئيلة عن المعيار السني للنمو العضوي خلال السنتين الأوليين من الحياة