|
110533731 زائر
من 1 محرم 1425
هـ
|
|
|
إبداعات أدبية
|
قلوب تفيض |
الكاتب : سهير عبد الحفيظ |
القراء :
3370 |
قلوب تفيض.. أم محمود ومركز التدخل المبكر بحلوان سهير عبد الحفيظ عمر
حين يشرق الأملُ رغم الألم ... حين تحفر القلوب واديا من العطاء ، و تبذر الحُبّ بكل الوجود ... هل يمكن للحرف أن يثمرَ امتنانا وتقديرا لفيضِ تلك القلوب ؟
حين يعلو صوتُ الأمية ويساندها هدير الفقر ... حيثُ يزدحم الناس ويلتهم العمل اهتمامهم ...وتقل خدمات ذوي الاحتياجات الخاصة أو تنعدم ... حين وحيث يكون ذلك تسمو رسالة التدخل المبكر ، وتكون التوعية نسمة تنفض غبار الجهل بينما تمثل الخدمات المجانية نهرا يغسل الآلام ويروي الحياة . في ضاحية حلوان الصناعية على مشارف القاهرة الكبرى ، وحيث يزيد عدد السكان عن المليون تستمر رحلة القلم مرافقا لسمو الشيخة جميلة القاسمي ضمن زياراتها بمصر ...يتأمل اللافتة ( الإغاثة الإسلامية - مركز التدخل المبكر والتأهيل ) ؛ جزء من مبنى صغير لايعكس حجم خدماته أو تأثيره في بيئته رغم حداثة وجوده نسبيا من عام 2002 كأول مشروعات الإغاثة الإسلامية بمصر كما توضح الاستاذة رقية الجمل مديرة المشروع .. تشرح الاستاذة ريم إخصائية التدريب فلسفة عمل مركز التدخل المبكر من خلال تقييم ارتقائي متكامل وتنفيذ جلسات لتنمية قدرات الطفل واستقلاليته ارتكازا على الأسرة والمجتمع .. يؤكد الدكتور عبد الحميد كابش مدير البرامج بالمركز حرص المركز على حضور الأم أو الأخت الكبرى الجلسات التدريبية ، والاهتمام بالإرشاد الأسري الجماعي، ومساعدة الأسر المنتجة التي تصنع بعض المنتجات من البيئة المحلية ، وتعلم غيرها كيف تنتج أيضا ..يتوقف القلم أمام ( أم محمود ) ?? الشلل الدماغي والتي تصنع لعبا لطفلها وغيره من الكرتون المستعمل ليعود إليها في زيارة خاصة كقلب يفيض ..
هي السيدة كوثر عبد العزيز ..أم لثلاثة أطفال ثالثهم محمود ..عمره ثلاث سنوات ونصف ..لايتكلم ولايمشي ..تروي قصتها : حين كان عمر محمود أربعة أشهر شعرت بوجود شيء أقلقني ..لم أعرف ماهو ..كان ينام كثيرا ..يؤدي حركة غريبة ..( يلم نفسه ويصرخ ) كنا نحسبه خائفا ..مفزوعا أو يعاني مغصا شديدا ..تبدأ رحلة مع الأطباء وفق ماسمحت به ظروفها ..يؤكدون لها ( طبيعي وأعصابه كويسه .. لديه نقص كالسيوم ) ..لا تهدأ ..الأمور تسوء ..تمتد الأيام ..عمره ثمان شهور ..لاتدري إلى أين ترحل ؟ومن يمكنه إسكات صرخة قلق تهز أعماقها؟ .. تنصحها جارتها بالذهاب لمستشفى الأطفال المتخصص بالقاهرة ..لاتدري إلى أى قسم ..بحيرتها تبحث عن قسم الأعصاب ..بالصدفة تدخل قسم الباطنة ، تنصت إليها الطبيبة تفصيلا وهي تحكي رحلة محمود ..تطلب إجراء فحص للمخ ..لاتنتظر دورها في المستشفى الحكومي المجاني ..تحركها أمومتها ولو بإنفاق كل ماتملك لإجراء الفحوصات بمركز خاص ..يخبرها الطبيب بالنتيجة : نسبة كهربا زيادة في المخ ..رحلة علاج لاتتوقف ..لاتستشعر نتيجة ترضيها..العلاج وحده ليس كافيا ..تشارك بجمعية الرعاية المتكاملة ..المسافة بعيدة ..تعلم عن مركز التدخل المبكر ..تشارك وطفلها ..تبدأ بحضور الندوات ..تناقش الإخصائيين ..تستفسر ..تدرك أن تقدم طفلها مرهون بتعاونها ..وحين يرشدها الآخرون ( أحاول مع الوقت أساعد نفسي ) من خلال الواجبات المنزلية تتعلم كيف تقوم ببعض تدريبات العلاج الطبيعي ( علمونا أن تدريب الطفل يكون في مكان نلتزم به ، ونؤشر في استمارة الواجب بعلامة كل مرة أقوم فيها بعمل الواجب ، والألوان ترمز لكل واجب مثلا الأحمر لتحريك رجله ، و4 إشارات تعني أنى قمت بالواجب ثلاث مرات ) يتوقف القلم أمام إمكانية متابعة الأم التي تجهل القراءة والكتابة لواجبات طفلها ..تعود أم محمود لرحلتها ..تشاهد مرة وسائل تعليمية مستوردة تتضمن ألعابا لتنمية قدرات طفلها ..تخبرهم المدربة في جلسة تنمية القدرات عن أشياء بسيطة وألعابا تفيد طفلها ..تسيطر عليها رغبة عارمة في أن تصنع لطفلها لعبا تعينه مثل ماشاهدته ، وقد تعجز عن شرائه ..تعود إلى الكراتين الفارغة ..تنقعها أياما بالماء ..تعجنها بالغسالة ..تصفيها ..تجارب عديدة ..تفشل مرات ..يضحك منها المحيطون ..لا تيأس ..مع بدايات النجاح يتوقف زوجها ..يبدأ بمعاونتها باستخدام منشار ...أخيرا تكلل المحاولات بالنجاح وتشعر بالفخر لنجاحها في عمل وسائل وألعاب لتنمية قدرات طفلها بأقل التكاليف ..سعيدة بما فعلت تعلنه لمدربتها ..ويبدأ المركز في الإعلان عنها ..ترشيحها لدورات تدريبيبة ..تتعلم الكثير ..تمارس دور المدربة لأمهات أخريات ..تقول لكل أم : لابد أن نلاحظ أطفالنا جيدا ..سنعرف مشكلاتهم ونقاط الضعف لديهم ..سننبه الأخصائي ..( انا إللى اكتشفت أن محمود لايرفع يده رغم أنه يحركها ) ..سنسأل غيرنا ..أمهات أخريات سبقتنا بالخبرة أو إخصائيين ..المهم أن نلاحظ ونتحدث ولانقف عند لحظة نبكي فيها ..واقع أم محمود يبشرها بالخير ..يسعدها تقدم محمود في جلسات العلاج الطبيعي والتخاطب ...تسعدها أكثر مشاركتها في العطاء لأخريات ..لاتزال تفكر في إنتاج وتسويق وسائل ولعب طفلها لتساعد آخرين ..تشرد عني لحظة..ترنو لمستقبل تكون فيه وأسرتها قلبا يفيض في حياة محمود وأقرانه بل و أسر تشاركهم المعاناة والظروف
منشور بالمنال : العدد 200 ، ص 35
|
أطبع
الموضوع |
أرسل الموضوع لصديق
|
|
|
|
|