|
110533696 زائر
من 1 محرم 1425
هـ
|
|
|
إبداعات أدبية
|
سارة والكرسي المتحرك |
الكاتب : . |
القراء :
3572 |
سارة والكرسي المتحرك قصة قصيرة المصدر - منتدى الخليج هذه القصة عايشت بدايتها بحكم مجال عملي اثناء سنة الاميتاز كاخصائي علاج طبيعي وتاهيل ، فقد تعرفت على الطفلة سارة وهي في بداية اصابتها وبعد اجراء العمليات الجراحية اللازمة لها ، بدأت معها العلاج الطبيعي. لمست في عينيها الامل والطموح والتحدي بالرغم من صغر سنها، لازمتها مدة شهرين كاملين وكنت اتمنى انهما طالا!! كانت تحكي لي الكثير عن احلامها وانها تريد ان تصبح دكتورة بس ما تعطي ابرة!!! كنت انتظر اشراقة صباح كل يوم لاذهب لها ، كانت برفقة جدتها التي ترافقها بالمستشفى. لم تدوم علاقتي بها وذلك بسبب تغيير (الروتيشن) الفترة بتلك المستشفى وانتقلت الى مستشفى آخر يبعد كثيرا عن سارة. حاولت الاتصال بها وعرفت اخبارها عن طريق بعض الزملاء وحضرت لزيارتها مره واحدة ، وفي المرة الثانية لم تكن موجودة فقد خرجت الى منزلها. لم تفارق خيالي وكانت معي في كل مستشفى وفي كل قسم ، الى ان قمت بكتابة هذه القصة فقد ارتحت كثيراً لما وصلت له ولما حققته بصمودها واصرارها والامل الذي كان يزين عينيها...فربما الان هي على قيد الحياة وقد تقرأ قصتها!! اعذروني للاخطاء اللغوية فقد اجتهدت كثيراً. في قرية هادئة كانت هناك عائلة مكونة من أب و أم وإبنهما الذي تزوج واقام معهما بالمنزل وقد رزقهم الله بطفلة جميلة سميت سارة، عاشت هذه الاسرة المترابطة حياة سعيدة وجميلة خصوصاً مع وجود الحفيدة سارة ، فقد كانت تحب جدها وجدتها حباً كبيراً لما لمست منهم من حنان وعطف. انتقلت سارة مع ابويها إلى البلدة المجاورة لظروف العمل. حزنت سارة وعانت ألم فراق الجدين وصديقتها المقربة نورة، وبينما هي جالسه مع ابويها على مائدة الطعام كعادتها ، بدأت تتحدث عن صديقتها نورة وعن جدها وجدتها وعن القرية ، واتفقت الإسرة على قضاء عطلة نهاية كل اسبوع في القرية ، فكانت سارة تنتظر دائماً وبفارغ الصبر عطلة نهاية الاسبوع كي تذهب لزيارة جدها وجدتها في القرية وهي محملة بالهدايا ، فكانت كلما أتت للزيارة كل مرة تحضر هديه لصديقتها المحبوبة نورة. وذات مرة استعدت الاسرة للذهاب في نهاية الاسبوع كالعادة وجُهزت الامتعة والهدايا وانطلقت السيارة بهم متجهين الى القرية، واثناء الطريق ارتطمت السيارة بصخرة كبيرة جداً جانب الطريق نتيجة إنفجار أحد اطارات السيارة، ثم انقلبت السيارة وهوت الى اسفل الطريق ، توفي والديها في هذا الحادث الاليم وقدر الله -سبحانه وتعالى- الحياة لسارة ذات السنوات الست وقد أصيبت بتهتك في العمود الفقري مما نتج عنه شلل في الأطراف السفلية . انتقلت سارة من المستشفى إلى بيت جدها وجدتها ، وهي لا تعلم أي شيء عن والديها ، وتسأل كثيراً عما حدث لها ؟! ولماذا لا تستطيع تحريك أطرافها السفلية!! ، ودموع جدتها تذرف بغزارة حرقه على ما حدث لها ووالديها رحمهم الله ، ومرت الأيام وتأقلمت سارة مع إصابتها ( إعاقتها ) ونشأت علاقة قوية بينها وبين كرسيها المتحرك الذي تعتبره جزء من كيانها ، وتعلمت استخدامات الكرسي في مختلف انشطتها اليومية، كما تعلمت واتقنت فن الصيانة والمحافظة علية ، فكان لها بمثابة الاخت . وتقدمت في دراستها إلى أن أنهت المرحلة الابتدائية ، فانتقلت إلى المرحلة المتوسطة وهي بكرسيها المتحرك تتحرك بكل براعة وخفة مع أقرانها كأنها الفراشة بين الأزهار . وجدت سارة كل الحب والتقدير من أعضاء المدرسة من مدرسات وطالبات وسلبت قلوب الكثير من الناس في جمالها وأخلاقها . سارة صاحبة الكرسي المتحرك وجدت العناية بفضل من الله تعالى ثم من جدتها وجدها اللذين لم يتأنيا ولم يدخرا كل ما هو نفيس في سبيل سعادتها ، فقدموا لها الدعم النفسي والمادي وألحقوها بمركز للتأهيل الطبي ، فقد حفظت القرآن الكريم على يد جدها وهي في سن 12 عاماً . تقدمت سارة بالدراسة وأصبحت من الطالبات المتفوقات التي لا ترضَ إلا بالمراكز المتقدمة على الفصول وعلى المدرسة جميعها ، فشاركت بجميع المسابقات الثقافية بين المدارس فأصبحت مسؤوله عن لجان المتفوقين في قريتها . كانت تشارك مع زميلاتها جميع المسابقات الثقافية داخل قريتها وخارجها ، ولم تمنعها اعاقتها ولم تحبط نفسيتها بل أصبحت تفكر في بذل الجهد لكي تنهي دراستها الثانوية لتلتحق بالجامعة . وكانت تحافظ على مواصلة العلاج الطبيعي تحت اشراف مجموعة من الاخصائيين والاخصائيات الذين احبوها ووجدوا فيها نموذجاً للطموح والأمل والإنضباط يحتذى به. واستطاعت ان تتعلم الاعتماد على نفسها في كثير من شئونها الخاصة وذلك بمساعدة من الأخصائية المسئولة عنها . وفعلاً مرت السنوات بسرعة وحصلت سارة على الثانوية العامة بتقدير ممتاز وهي في سن السابعة عشرة ، وأكتملت فرحتها عندما حصلت على هذا التقدير العالي هي وزميلتها نورة التي تعتبرها بمثابة أختها وساعدها الأيمن .
أحتفلت الأسرة بهذا النجاح الباهر والمميز وأقامت حفلة كبيرة ودعت جميع زميلاتها بالمدرسة ومدرساتها وجيرانها ، وقد بدأت سارة في تلك الليلة كأنها ( ملاك ) لجمالها الخلاب انتهت الحفلة وغاد الجميع المنزل وبقيت سارة مع جدها وجدتها تتحدث لهم عن طموحها والسبيل إلى تحقيق آمالها في الدراسة الجامعية ، والتي سوف تضطرها للسفر إلى مدينة أخرى للالتحاق بالجامعة عارضت الجدة ذلك وبكت ولكن سرعان ما اقتنعت بكلام سارة فقد اقترحت سارة أن ينتقل جميعهم إلى إلى البلدة المجاورة مع بداية العام الدراسي وقد وافق الجميع على ذلك وكانت فرحة لا توصف .
بدأ الجميع في جمع أمتعتهم الضرورية وانتقلت العائلة إلى البلدة المجاورة وتم استأجار منزل وبدأ التعارف مع الجيران وسرعان ما نشأت المودة والحب والصداقة بين سارة وجيرانها فقد أحبوها كثيراً . تقدمت سارة بطلب القبول إلى الجامعة بكلية الصيدلة لأنها مغرمة جداً بالصيدلة وكانت درجاتها تؤهلها لدخول أي كلية ولكن حبها للصيدلة كان خافياً في قلبها وكان هو دافعها ومحركها أثناء دراستها الأولى . وفعلاً تم قبولها بالجامعة بكلية الصيدلة وأصبحت سارة تنتقل داخل الجامعة بكرسيها المتحرك وقد تعرفت على زميلات جدد وتعرفت إلى الطالبات من ذوي الاحتياجات الخاصة ونشأت علاقة قوية بينهم وتقدمت سارة باقتراح لإنشاء لجنة أو جمعية تضم الطالبات والطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة وسرعان ما انتشرت الفكرة داخل الجامعة وقد تحمس لها الكثير، وتم قيام اللجنة بإشراف سارة تمت عضوية زميلاتها وزملائها وبعض الأساتذة والمهتمين ووضعت السياسات والأنظمة والغرض ( الهدف ) واستمرت اللجنة بأنشطتها تحت إشراف سارة .
ومرت الأيام وسارة تنتقل بكرسيها المتحرك بين أروقة الجامعة الشاسعة ونظرات الإعجاب والغبطة تلاحقها أينما ذهبت . إنتهت السنة الدراسية الأولى الجامعية وكانت سارة من المتفوقات كعادتها ولفتت نظر أساتذتها بالكلية . عادت سارة وجدها وجدتها محملة بالهدايا لقريتها والتقت بأصدقائها خلال المرحلة الثانوية ، وجيرانها فقد أفتقدوها كثيراً . انتهت الإجازة سريعاً وعادت سارة إلى الجامعة وهي تحمل بين طيات قلبها ألم الفراق ، سرعان ما تأقلمت بالجامعة وبدأت الدراسة وبدأت أنشطة اللجنة ومرت الأيام وسارة تنتقل بكرسيها المتحرك بين المعامل المختلفة بالكلية وأصبحت متميزة في الصيدلة الأكلنيكية ومرت السنوات وأصبحت سارة في السنة الأخيرة فلم يتبقى سوى أشهر قلائل لتحصل على بكالوريوس ( علوم الصيدلة ) . وحصلت سارة على تقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى ، ورشحت معيدة بالكلية . فرح الجميع لها ليس لأنها صاحبت كرسي متحرك بل لأنها متميزة في كل شيء في علمها في أخلاقها في جمالها ، كان هناك الكثير من يحسدها على طموحها وإصرارها ولكن سرعان ما يختفي هذا الشعور عندما تلتقي بعينيها .أصبحت سارة رمزاً يقتدى به في الكلية بل في الجامعة . بارك الجميع تخرجها وأقيمت الحفلات بهذه المناسبة .
عادت سارة إلى الجامعة ولكن هذه المرة كأستاذة تدرس الطالبات والطلبة مادة الصيدلة الأكلنيكية كان لديها تخوف لأول مرة في حياتها كيف ستكون أمام الطالبات والطلاب في القاعة كيف ينظر لها الطلاب ؟ ما هي ردة فعل الطلاب والطالبات عندما يرونها على الكرسي المتحرك ؟ وهناك الكثير من التساؤلات التي تدور في مخيلتها ولكن لإيمانها القوي وذكائها الحاد وطبيعتها الهادئة وشخصيتها المؤثرة دوراً كبيراً في إجابة تلك الأسئلة وكسر الحواجز .
بدأت أول محاضرة لها بقاعة تضم أكثر من خمسين طالباً وطالبة وكانت تشرف على المحاضرة العملية في المعمل وسرعان ما تأقلمت الأستاذة أو كما يطلقون عليها الطلاب الدكتورة سارة على إلقاء المحاضرات وتدريب الطلاب والطالبات في المعامل وبدأت بإعداد البحوث وأصبحت قريبة جداً من طلابها وطالباتها فلم يكن هناك صعوبة في أن تدخل الدكتورة سارة قلوب الجميع . أعدت سارة بحثها لرسالة الماجستير وقد استمرت في التدريس وخلال هذه الفترة حصلت على درجة الماجستير بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى وبهذا أصبحت سارة قريبة جداً من تحقيق حلمها الكبير .
بعد حصول سارة على درجة الماجستير تم ابتعاثها الى المملكة المتحدة البريطانية لنيل شهادة الدكتوراة في الصيدلة الاكلينيكية ، ودعت زملائها بالجامعة وطلابها ودموعهم تختنق داخل عيونهم فقد احبوا سارة وأصبحوا لايستطيعون فراقها، وودعدتهم جميعا وألم الفراق في قلبها أخذت سارة أوراقها وملفاتها وذهبت إلى منزلها ، وكانت المفاجأة الكبرى عندما رأت أن الجدين قد أعدوا حقائبهم وامتعتهم استعداداً للسفر معها لبريطانيا، حاولت سارة إقناع الجدين بالبقاء ولكن دون جدوى ، وعندها أيقنت سارة انه لامحاله فابتسمت وقالت: هيا بنا.
استقلت سارة رحلتها الأولى الخارجية برفقة جدها وجدتها واتجهت بهم الى مطار هيثرو الدولي بلندن ، ووصلت الطائرة هناك وقد قُدمت لهم جميع التسهيلات إلى أن استقلوا سيارة الأجرة إلى السكن الذي تم اعداده مسبقاً لها وعائلتها، وصلت سارة والجدين الى السكن وارتموا كلاً في غرفته وراحوا في نوم عميق.
استيقظت سارة في صباح اليوم التالي وذهبت إلى الجامعة وقابلت المسئولين هناك واستكملت اجراءات التسجيل ، لم تكن تشعر بالوحدة حيث طان رفيق عمرها وصديقها الكرسي المتحرك يرافقها ، ثم بدأت سارة الدراسة والبحوث بالمستشفى الجامعي التابع للجامعة . لفتت سارة انتباة الجميع بالجامعة من اساتذة وطلاب كعادتها وسرعان ما اكتسبت ثقة الجميع واحترامهم ، فهي نفسها الطالبة صاحبت الكرسي المتحرك ، صاحبت الشخصية القوية والمرحة واللطيفة ، صاحبت النظرات البريئة والمليئة بالأمل والطموح والحب ، هي بذاتها لم تتغير ولم يغيرها الزمان والمكان . اشتركت في العديد من اللجان داخل الجامعة وخارجها وركزت في الجمعيات واللجان التي تقدم خدمات لذوي الاجتياجات الخاصة فكان لها الدور الكبير والبارز في نجاح مختلف أنشطة هذه اللجان. بذلت سارة جهودها وركزت في بحوثها على تطوير الخدمات العلاجية لذوي الاجتياجات الخاصة وعملت بحوث عن الاعاقات وكيفية تاثير بعض الأدوية عليها ، فكان همها الأول والأخير هو ايجاد بعض العقاقير التي تعمل على منع التأثيرات السلبية التي تصاحب اغلب الاعاقات ، وقد اشترك معها العديد من الاساتذة والعلماء المهتمين بمجال الاعاقة . اعتمدت الجامعة ما توصلت له سارة وفريقها من عقاقير وتم تجربته على بعض حيوانات التجارب وقد لقى النجاح الكبير ، بذلت جهداً أكبر من الاول ونجحت في استخلاص عقار فعّال يستخدم لتخفيف التشنجات العضلية وتم تجربته على الإنسان لأول مره وكانت فرحتها لاتوصف ، فنشرت الجامعة أخباراً عن ذلك الاختراع وانتشر الخبر في جميع المجلات والدوريات العلمية وتسابقت الشركات العالمية على مشروع سارة وأصبحت من العلماء المشاهير ، عقدت العديد من المؤتمرات والندوات وانتشرت صورها واخبارها في جميع الصحف والمجلات العالمية وهي لاتزال عى كرسيها المتحرك.
اكملت مشروع تخرجها و ناقشت رسالة الدكتوراة وحصلت عليها بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى. وبارك جميع زملائها بالجامعة هذا النجاح الكبير ، وقدمت لها العروض الوظيفية من قبل شركات ومستشفيات عالمية ، ولكن هناك سبباً جعلها ترفض كل تلك العروض التي يحلم بها الكثير من الناس، ذلك السبب كان خافياً في قلبها لايعلمه الإ الله . عادت سارة بعدما تركت اثراً لها بالجامعة فقد سمي هناك مختبر باسمها (Sara Lab ) وتعود تلك التسمية إلى أن سارة كانت تقضي معظم وقتها في هذا المختبر بعيده عن الناس وعن كل مايشغلها فكانت تقضي مايقارب العشر ساعات على إجراء التجارب والتركيبات الدوائية.
عادت سارة إلى وطنها واستقبلت من الجميع بكل حفاوة وتكريم ، وقلبها كان على موعد مع مستقبل مشرق فلتحقت بالجامعة التي درست بها وبدأت تطبيق بحوثها وتعاونت مع الكثير من الجامعات والمعاهد العربية والشركات المتخصصة بالادوية فبذلت مجهوداتها في تطوير الأدوية التي تسهم في معالجة الكثير من مشاكل الإعاقة. فقد نجحت نجاحا منقطع النظير واشتهر اسمها والقت العديد من الندوات والمؤتمرات وهي لاتزال على كرسيها المتحرك تتنقل بين المعامل والمختبرات كالفراشة بين الازهار. انتهت. اعداد وتاليف / ابـو عبـدالاله مشرف موقع طبيعي http://www.tabeae.com
|
أطبع
الموضوع |
أرسل الموضوع لصديق
|
|
|
|
|