|
110522957 زائر
من 1 محرم 1425
هـ
|
|
|
التوحد
|
تجربة أم عربية |
الكاتب : ام بلال |
القراء :
32413 |
تجربة أم عربية ولدي ........... لن أتركك وحيداً لقد قمت بأختيار هذه الرسالة --- التجربة-- من أم عربية عبرت فيها عن ما تلاقيه الأسرة العربية في محاولتها لمساعدة طفلها ذي الأحتياجات الخاصة ، وهي رسالة بسيطة كتبت بطريقة مبسطة وسهلة ، ولكنها تنبض بالإحساس والعفوية ، وقد أستأذنت أم بلال في نشرها ( شفوياً). من عجائب هذه الدنيا أن تلك التجربة تحدث بشكل متكرر!!!!!!!! في البلاد العربية وخصوصاً في حالات التوحد......... ومن العجب كذلك أن تتكرر تلك التجارب بدون أن نتعلم منها ..... وقد يكون الجواب أن التوحد تجربة مثيرة .... صعبة التشخيص والمتابعة والعلاج، وتجربة أم بلال كما قلنا هي معاناة الأم العربية في كل مكان ........ ولم تكن تجربتها هي الأولى .... ولن تكون الأخيرة .... ولنا في تجربة السيدة / سميرة السعد خير دليل على ذلك، فلقد بدأتها بصرخة في مدينة جدة على شاطيء البحر الأحمر، وبعد معاناة ظهر إلى الوجود عام 1993م " مركز جدة للتوحد" برعاية الجمعية الفيصلية النسائية الخيرية، ليكون أول مركز للتوحد في الدول العربية، ثم صرخة أخرى في الكويت وبدعم من هيئة الأوقاف خرج إلى النور " مركز الكويت للتوحد" ، ومن خلال دراستها ومعاناتها أدركت أهمية التدريب فجعلت منه منارة للتعليم والتدريب لكل أبناء الخليج . في ما يلي تلك التجربة مع وضع بعض النقاط للتوضيح.
تجربة شخصية السيدة. سميرة سالم دور أولياء الأمور في دعم خدمات المعاقين قدمت هذه التجربة خلال اللملتقى الثاني للجمعية الخليجية للإعاقة - الشارقة -9 فبراير 2001 مقدمة : قال تعالى : (( المال والبنون زينة الحياة الدنيا ………….)) صدق الله العظيم أجل البنون زينة الحياة ، وثمرتها الشهية ، وهم مصدر بهجة وسعادة غامرة للأبوين ولكن بقدر ذلك نجدهم أيضاً مصدر هم وخوف ، وامتحاناً صعباً للأبوين في صبرهما ومدى تحملهما رسالة الحياة ومسئوليتها ، يشكران ويحتسبان أو يجحدان ويعترضان على بلاء الله وامتحانه . واليوم أروي لكم تجربتي الأسرية التي عشتها لسنوات خلت مع التعب والسعادة ، اليأس والأمل المرض والتقدم نحو الشفاء . تجربتي مع ولدي "بلال" مريض التوحد وعن فتح فصول التوحد ثم مركز أبوظبي للتوحد . نبـذة مختصرة عن تاريخ حالة بلال أنا أم لخمسة أطفال ، الرابع منهم هو " بلال " عمره الآن 7سنوات . ولد موفور الصحة والعافية جميلاً مشرق الوجه ، كان طفلاً رقيقاً متفاعلاً مع الجميع ، تطوره كان طبيعياً بل ويبشر بطفل ذكي ، ولكن كان لنا موعد مع القدر ، فعندما اصبح لبلال قرابة السنة والنصف من العمر سقط عن الكرسي وشج رأسه من الخلف . ( ملاحظة: أصابة الرأس ليست من الأسباب المعروفة لحدوث التوحد) أخذناه للمستشفى وكان واعياً تكلم مع الطبيب ويده على رأسه ، وقال للطبيب : وقعت ، عمل الطبيب اللازم وطمأننا أن كل شيء طبيعي ، ولكن بعد ذلك بأسبوع ، لاحظنا ابتعاد بلال عنا وعزوفه عن اللعب معنا وعن طلب مشاهدة الرسوم المحببه له، اختفت ابتسامته الحلوة وحل محلها الخوف والصراخ طوال الليل والشرود طوال النهار، اختفت كلماته الحلوة فيما عدا كلمة (وقع) ، أصبحت افتقده طوال النهار ، ابحث عنه في أركان البيت ، فأجده جالساً وحيداً في الصالة غير مبال، وفي الليل لا أعرف ماذا أفعل كي أهدئ من روعه، استمر الحال هكذا نحو 6أشهر واصبح لديه ضعف واضح في اللغة والتواصل وضعف في مقدرته على مسك الملعقة ليأكل وحمل كأس الماء ليشرب، توجهنا للأطباء بكل التخصصات وعملنا كل الفحوصات الطبية اللازمة، الجميع أكد لنا أنه سليم، وخلال 6أشهر إلى سنة سيعود إلى حالته الطبيعية وعللوا ذلك أنه نتيجة الصدمة التي حدثت له من جراء سقوطه للخلف . ومرت سنة ونصف ونحن نعاني، وولدنا الحبيب لا يشعر بنا، داخلي يتمزق عملت كل ما بوسعي كأم لأستعيده، ركزت أن يبقى بيننا دائماً، أخذت أدربه على دخول الحمام واستخدام الملعقة وحمل الكأس، والحمد لله كم كانت سعادتي عظيمة بإستجابة " بلال " بحيث نظف تماماً وعمره 3 سنوات ولم أعد بحاجة لاستخدام البامبرز ولكن ما زلت في صراعي مع صمت ولدي وخوفه وبعده عنا وشعوري بأنه سرق مني، أبحث عنه، أبحث عنه وهو معي في نفس البيت بجسده لا بروحه، مرت علينا الأيام والشهور ثقيلة بطيئة كلها انتظار وكلها أمل بشفاء ولدي كما وعدنا الأطباء، لكن ولدي ليس طبيعياً وهو ليس كسابق عهدي به والجميع حولي يطمئنونني ويقولون لي: إنه طبيعي، لا يشكو من شيء، عنده تأخر في الكلام فقط . شعور الأب والأم والاخوة كان والد بلال مقتنعاً بكلام الأطباء والأهل وكلما حدثته عن تغير بلال واختلاف سلوكه كان يرد علي : هذا وهم، لا تلصقي بالولد شيئاً ليس فيه وهو مازال طفلاً، كان يعتبر أنني أعطي الموضوع أكثر من حجمه، ولكون طبيعة عمله تتطلب بقاءه خارج البيت طوال النهار لم يكن يلاحظ ما ألاحظه . أما إخوانه فكانوا ينظرون له حائرين لا يعرفون ماذا حل بأخيهم سوى أن ذلك نتيجة سقوطه، وأنه مريض وسوف يشفى، أما أنا فكان شعوري وبصدق أنني أتكلم وسط أناس لا يرون ولا يسمعون، فكيف ألاحظ وهم لا يلاحظون ؟؟ ظل بداخلي شلال من الأسئلة أريد لها جواباً، ماذا حدث لطفلي؟ وأين هو؟ ما شعوره؟ لماذا يبتعد عنا ؟ وكان الجواب بعد سنة ونصف السنة من معاناة لا توصف أنه.............................. التوحد . سمعت هذه الكلمة لأول مرة في حياتي في آخر أيام إجازتنا في فلسطين ومن محلل نفسي، أترون مدى المعاناة عندما لا نعرف ما بولدنا إلا بعد سنة ونصف ؟؟ رجعنا إلى أبوظبي فدخلنا في دوامة جديدة حيث عارض الأطباء الفكرة وقالوا : لا يمكن أن يكون مرض بلال هو التوحد، بعضهم قال : سلوك انتقائي وبعضهم قال تأخر في الكلام وبعضهم له آراء أخرى، وتم تحويلنا إلى مركز التأهيل الطبي لعمل جلسات تخاطـب لبلال، وهناك اتفقوا في التشخيص مع المحلل النفسي بفلسطين أن بلالاً يعاني من التوحد ، أصبحت أمام أكثر من تشخيص وفي داخلي نار تشتعل أريد أن أعرف ماذا افعل لولدي لأسترده ؟ عندها قلت للأطباء : لا يعنيني أن أعرف اسماً لما يعانيه ولدي ، ما يعنيني هو ماذا افعل ؟ ولدي بحاجة للمساعدة ، أرشدوني من أين أبدأ ؟ وكانت البداية لرحلة طويلة مع التوحد . رحلتنا مع المجهول ( التوحد ) الأبواب التي تم اللجوء اليها هنا اصبح همنا الوحيد أن نعرف ماهية التوحد ؟ ومن أين نبدأ ؟ فأخذنا نسأل الأطباء ونستعين بالإنترنت ومراجعة مركز التأهيل حيث تم عمل برنامج تعديل سلوك وليس جلسات تخاطب لحاجة بلال لتعديل السلوك أولاً والتركيز والتواصل معنا . بحثنا عن مركز نضع فيه بلال فلم نجد ما يناسب فقمنا بإلحاقه لفترة بروضة استفاد منها بلال اجتماعياً، وتقبل الآخرين حوله . ولكن هذا لا يكفي ، فقمنا بعمل جلسات تخاطب وجلسات نفسية مع متخصصين ، حرصنا على حضور كل محاضرة أو ندوة أو اجتماع يخص التوحد للتعرف والتدرب على البرامج المختصة لنعرف كيف نتعامل مع ولدنا بلال . وجدت نفسي في دوامة بين مسؤوليتي عن بلال ومسؤولياتي تجاه باقي الأسرة ، عندها قررنا أن نحضر له مدرساً متخصصاً وكان هذا هو الصواب بعينه ، فبوجود المدرس قمنا بتقسيم الوقت بيننا أنا أهتم به صباحاً أدربه على البرنامج المتفق عليه وآخذه للجلسات ثم يأتي المدرس من الساعة الرابعة وحتى الثامنة ليكمل تدريبه وأتفرغ أنا لباقي أولادي لمساعدتهم في الدراسة ومتابعة أحوالهم، والحمد لله بدأ التحسن بطيئاً وبدأ بلال يعطينا تجاوباً ولو بسيطاً فبعد أن كان لا ينظر لأحد ولا يلتفت إذا نادى عليه أحد بدأ يتجاوب وينظر ويتعلم أساسيات الاعتماد على النفس . الأدوية التي اخذها بلال : وخلال تلك الفترة كنا نتابع أخبار الأدوية التي تفيد في حالة التوحد وفعلاً تم إعطاء بلال العديد من الأدوية تحت إشراف الأطباء وهذه الأدوية هي : · كورس كورتيزون · كورس سكريترين · تحاميل الموصلات العصبية · فيتامينات · ريتالين ( ملاحظة : لا يوجد أدوية ثبت نجاحها في علاج التوحد ) ولا ننكر أن بلال كان يبدي بعض التحسن الطفيف في نظرة العين والتركيز مع كل دواء كان يتناوله وكنا سعداء بأي تحسن مهما كان ضيئلاً ، ولكن بكل صدق كان الدواء عاملاً مساعداً فقط ، بينما رحمة الله الواسعة والصبر والتدريب المكثف حسب برنامج يناسب الطفل هو الذي أعطى تحسناً وعلى مدى طويل وليس قصيراً . دور الأسرة والاخوة في هذه الرحلة : ولا يفوتني هنا أن أؤكد على أهمية دور الأخوة وتعاونهم في تحسن حالة طفل التوحد بصفة خاصة والأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بصفة عامة . فلقد كان هناك دور كبير لإخوان بلال في شد انتباهه وجذبه لعالمنا وتقبله للجميع والتغيير. فمنذ أن عرفنا أن بلال يعاني من التوحد وتعرفنا على ماهية التوحد قمنا بشرح حالة بلال لإخوانه وأفهمناهم أن هذه الحالة ستأخذ وقتاً طويلاً قد يمتد لسنين طويلة وانه بحاجة لمساعدتهم وحبهم وتقبلهم له . أوضحنا لهم أن تكثيف تدريبه والاهتمام به سيخرجه من حالته بوقت أسرع، لذلك علينا أن نعمل معاً حتى يستطيع بلال أن يعتمد على نفسه مستقبلاً ولا يكون عالة على أحد وقت يكون كل فرد منكم مستقلاً في حياته . كنا كلما تعلمنا برنامجاً جديداً أو معلومة مهما كانت بسيطة نخبرهم بها ونطلب منهم اتباع نفس الطريقة . ثم التأكيد عليهم أن الخادمة لن تفيد أخيهم لذلك يجب عدم تركه معها ، وان نتعاون ونقسم أوقاتنا بحيث يكون معظم الوقت معنا ليستفيد بلال لغوياً وسلوكياً . والحمد لله كان لتعاونهم معنا وتقبلهم الأمر وحبهم لأخيهم أثر واضح ، فبلال الآن يستمتع باللعب معهم نناديه فينتبه ويتجاوب معنا ، ابتسامته العذبة رجعت لشفتيه ، أصبح يشعر بالحب والحزن والفرح والغضب ويعبر عنه سواء بالضحك أو بالبكاء أو حتى بالتقرب منا إن شعر أننا غاضبون منه لتصرف خاطئ قام به. دور أولياء الأمور وفتح فصول التوحد إن كل ما سبق كان مجهود أب وأم لاستعادة طفلهم من بين فكي ذلك المجهول ، ولكن هذا لا يكفي، كان هناك هاتف في أعماقي يقول ابحثي عن الأفضل هناك شيء يجب أن تجديه لتنقذي ولدك من الضياع ، وقتها كنا لا نعرف أحداً من أهالي أطفال التوحد ولم نر طفلاً بحالة بلال ولكن خلال ترددي على مركز التأهيل الطبي لعمل جلستين أو ثلاث أسبوعياً تعرفت على بعض الأمهات ، أصبحنا نتبادل الأحاديث عما نقوم به لأطفالنا ونستفيد من تجارب بعضنا ، ومع تعرفنا أكثر على ما يحتاج أطفالنا أصبحنا نطالب بعدد أكثر من الجلسات فيومان أو ثلاثة في الأسبوع لمدة ساعة في اليوم لا تكفي ولكن جدول الجلسات في المركز مزدحم ولا مجال للزيادة ، ونحن بحاجة ماسة لبرنامج متكامل لكل طفل بما يناسب حالته . وكانت إحدى الأمهات قد سمعت بمركز الكويت للتوحد وقامت بزيارته وروت لنا ما شاهدته من اهتمام ورعاية وتدريب لأطفال التوحد هناك ، فأصبحنا نتمنى أن يكون لأولادنا مثل هذا المركز ولكن كما قال الشاعر : وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا قررنا وقتها أنه لابد أن نجتمع لنناقش وضع أولادنا فجلوسهم في البيت مهما قدمنا لهم لن يفيدهم بقدر ما يفيدهم مركز متخصص يقدم لهم خدمات نفسية واجتماعية وتعليمية مدروسة ، وفعلاً طلبنا من أخصائية التخاطب نقل اقتراحنا لجميع أمهات أطفال التوحد اللواتي يترددن على المركز وتم تحديد موعد للاجتماع في بيت إحدى الأمهات ، تم خلاله تبادل الآراء حول ما يتعلق بالتوحد والخدمات التي يحتاجها أطفالنا وما يقدم لأطفال التوحد في الخارج من خدمات ورعاية ، واتفقنا في هذا الاجتماع على أن نعمل سوياً لمساعدة أولادنا وكلنا عزم وتصميم على أن لا نترك أطفالنا يعانون من الضياع بأي ثمن . بعد هذا الاجتماع تكررت اللقاءات كنا تسع أسر ، بدأنا نبحث عن حل واتفقنا على أن لا أحد غيرنا سيجد هذا الحل ، رغم أن هناك العديد من الصعوبات تواجهنا ولكن كان أهمها في البداية عقبتان : · الأولى : توفير المكان والمال . · الثانية : أن المجتمع حولنا لا يعرف ما هو التوحد . بعد مناقشة طويلة قررنا البحث عن مدرسة خاصة تعطينا فصل أو فصلين ونقوم نحن بتحمل التكلفة وبالفعل توجهنا للعديد من المدارس وقامت السيدة / سلوى صيام (أخصائية تعديل السلوك في مركز التأهيل) مشكورة بالذهاب معنا وشرح حاله الأولاد ومدى حاجتهم للخروج إلى المجتمع، ولكننا ووجهنا بالرفض من البعض وبطلب رسوم عالية من البعض الآخر . أصابتنا خيبة أمل ولكن وجودنا كمجموعة وفر لنا الدعم وساعدنا على الاستمرار فتوجهنا لمنطقة أبو ظبي التعليمية حيث قام أحد الأباء بشرح حالة الأولاد ومدى حاجتهم للمساعدة ومد يد العون لهم وتدريبهم فكان رد المنطقة كريماً ورائعاً وفورياً ، حيث أعطونا فصلين في مدرسة الأمين وليس هذا فقط بل قاموا بتجهيزهم ولاتتخيلون كم كان لكرمهم هذا من فضل وأثر فلقد رفعوا عنا عبئاً مادياً كبيرأ ، وأتاحوا لنا نقطة الانطلاق ، فلهم جزيل الشكر والعرفان بالجميل ما حيينا فلولا هذان الفصلان لما استطعنا توصيل صوتنا وحاجة أولادنا لمركز متخصص بحالتهم . وكان كرم الله واسعاً علينا أن كان هذان الفصلان في مدرسة الأمين وليس في غيرها ، لما لقيناه من المديرة والوكيلة والمدرسات من تعاون وترحيب وتشجيع فلقد بذلوا ما بوسعهم لمساعدتنا ، فلهم جزيل الشكر. هنا اصبح لدينا فصلان مجهزان في مدرسة رائعة ، كانت فرحتنا نحن الأهالي لا توصف وبدأنا مباشرة بالإتفاق مع ثلاث مدرسات قديرات وأخصائي تخاطب وحسبنـا التكلفـة مـن (رواتب مدرسات ، مستلزمات فصول ، وسائل تعليمية ، خادمة) ووزعناها علينا نحن الأهالي بالتساوي بهذا تخطينا العقبة الأولى وهي المكان والمال ، وبقي علينا تعريف المجتمع على التوحد وعلى الفصول فقمنا بعمل نشرة تعريفية شرحنا فيها ما هو التوحد ؟ ولماذا كانت الفصول وأهداف الفصول ؟ اخترنا شعاراً للفصول " ولدي لن اتركك وحيداً ". قمنا بعمل مكتبة صغيرة بحيث أحضرت كل أم ما لديها من كتب أو أشرطة فيديو أو مقالات وحددنا رسم استعاره رمزي ، وكانت هذه الرسوم تساعد في مصاريف الفصول، وأيضا كانت هذه المكتبة عبارة عن فرصة لكل أم للتعرف أكثر على كيفية التعامل مع طفلها. أما بالنسبة لإدارة الفصول فقمنا بتكوين مجلس إدارة من الأمهات بحيث تم تقسيم العمل بيننا فإمكانياتنا لا تسمح بتوفير مديرة أو سكرتيرة . كما استعد مركز أبوظبي للتأهيل الطبي مشكوراً لتقديم الإشراف والمتابعة الطبية وعمل التقارير للأطفال . بدأنا العمل الدؤوب في الفصول والكل منا يقدم ما لديـه وما يستطيـع من مساعـده والكل سعيد فلقد اصبح أطفالنا يخرجون للمدرسة كباقي الأطفال ويتلقون تدريب على النطق وتعديل السلوك لمدة خمس ساعات يومياً . وفي أحد الأيام بينما كانت السيدة سعاد السويدي تقوم بزيارة لمدرسة الأمين بصفتها موجهة تربية خاصة علمت بوجود الفصول وقامت بزيارتنا فأعجبت بالفصول وأبدت استعدادها للمساعدة ونصحتنا بالتوجه للمنطقة فلدى المنطقة وسائل تعليمية وإمكانيات يمكن أن نستفيد منها وفعلاً توجهنا للمنطقة مرة أخرى وطلبنا منهم مزيد من المساعدة فوعدونا بتقديم ما يمكنهم . ولكن طموحنا لم يقف عند هذا الحد فنحن بحاجة إلى : · خبراء متخصصين لوضع برامج متخصصة للأطفال . · دورات تدريبية للمدرسات والأهالي . · وسائل تعليمية وانشطة رياضية متخصصة . · توفير حافلة لنقل الأطفال . لذلك قمنا بعمل دراسة لمركز توحد ، شملت هذه الدراسة أهمية المركز واحتياجاته والهيكل التنظيمي ومهماته وبدأنا بالبحث عن جهة أو جهات يتم التنسيق معها لفتح هذا المركز . فتوجهنا لمؤسسة زايد للأعمال الخيرية وشرحنا لهم ما هو التوحد ومدى حاجة أطفالنا لمركز متخصص فقاموا بزيارة الفصول ووعدوا بالمساعدة ونصحونا بأنه يجب أن يكون لنا صفة قانونية حتى يستطيعوا مساعدتنا . توجهنا للصحافة فقامت جريدة الخليج بعمل تحقيق عن التوحد وحول الفصـول وأخـذ آراء المختصين من المنطقة والصحة وأراء الأهالي حول هذا الموضوع وتم نشر التحقيق في 25/ مارس/2000 ولقد كان لهذا دور كبير في تعريف المجتمع بالتوحد وبوجود الفصول وحاجة أولادنا لمركز متخصص . حرصنا على حضور كل اجتماع أو دوره لنقف عند كل جديد حول التوحد وأيضا كنا نقوم بشرح مشروعنا الصغير للمختصين ونطلب منهم النصيحة وندعوهم لزيارة فصولنا. ولله الحمد كان الجميع يشجعنا ويلبي دعوتنا ولا يبخلون علينا بالنصيحة والآراء المفيدة وكانوا يفاجئون عند زيارتهم للفصول لأنهم كانوا يظنون أننا مجرد أمهات نريد توفير مكان لأولادنا صباحاً لنرتاح من عناء الاهتمام بهم ولكنهم وجدوا أننا نعمل ببداية سليمة ومنظمة ، ومهما كانت بدايتنا فهي افضل من ترك أطفالنا يعانون من العزلة . وفي نهاية العام الدراسي 1999 - 2000 أقمنا حفلاً بمناسبة انتهاء نشاطات فصول التوحد لهذا العام ووجهنا الدعوة للمسؤولين في المنطقة ومركز التأهيل والجمعيات الخيرية والصحف لشكرهم على دعمهم لنا ، وقمنا بإلقاء محاضرة عن التوحد وعرض أشرطة فيديو عن مركز الكويت للتوحد يوضح به ما يقدمه المركز للأطفال من خدمات ، وشريط يلقي الضوء على الجدل حول التطعيم الثلاثي وعلاقته بالإصابة بالتوحد وشرحنا لهم حاجة أطفالنا لمركز . في هذه الأثناء ونحن في أشد الحيرة نلتمس العون والدعم مهما كان بسيطاً من أي جهة جاء الفرج بعد الشدة ، فلقد وصل إلى مسامع سمو الشيخة ( شمسة بنت حمدان آل نهيان ) خبر الفصول وما نحن فيه من حيـرة فطلبت مقابلة إحدى الأمهـات لتوضح لها حقيقة ( مشروعنا ) وفعلاً قدمنا لها دراسة المشروع ومجموعة صور للأطفال أثناء تدريبهم في الفصول ولقد أبدت سموها تأثرها بحالة أطفالنا واستعدادها الكامل لدعم هذا المشروع وفتح المركز . وتحت رعاية سمو الشيخة فاطمة حرم صاحب السمو الشيخ زايد حفظهم الله أصدرت سمو الشيخة شمسة توجيهاتها للجهات المعنية بالعمل فوراً على فتح مركز أبوظبي للتوحد وتجهيزه بحيث ينتظم فيه الأطفال مع بداية العام الدراسي الجديد 2000 - 2001 ، ولقد تم التعاون بين كل من جمعية الهلال الأحمر ومنطقة أبوظبي التعليمية لتنفيذ توجيهات سمو الشيخة ( شمسة ) وتم افتتاح المركز في موعده ، لقد كان بالنسبة لنا ولأطفالنا يوم عيد لا تتخيلون فرحتنا بذلك فأخيراً سيحصل أولادنا على الرعاية والدعم والمؤازرة من الجميع . جزى الله سمو الشيخة شمسة عنا وعن أطفالنا كل خير ونسأل الله العلي القدير أن يجعله في ميزان حسناتها يوم الدين ، ودامت مشاريع الخير عالية زاهية في ظل عهد " رئيس الدولة صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان " أطال الله في عمره . أهمية التعاون بين المراكز المتخصصة والأهالي هناك عدة عوامل لنجاح أي برنامج تدريبي للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة هي : وضع برنامج تدريب فردي لكل طفل على حدة بناء على تقييم شامل بما يتناسب مع قدراته . تطبيق البرنامج في بيئة مشابهة للبيئة الطبيعية للطفل . مشاركة الأسرة في وضع البرنامج الخاص بطفلهم وتدريبهم على كيفية تنفيذه وليس معرفة البرنامج فقط حتى يتم اتباع أسلوب موحد ومنظم في التدريب . تدريب العاملين على هذا البرنامج مع ضرورة أن يتوافر لديهم الأساس العلمي والعملي في التعامل مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة . هذا يعني أن نجاح البرامج التدريبية المعدة خصيصاً للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة هي مسؤولية مشتركة بين الأخصائيين والأسرة، ولقد أثبتت الحالات العملية أن للجهود المشتركة والتعاون بين الجميع ابعد الأثر في الوصول إلى نتائج مذهلة وتقدم واضح وسريع في حالة الأطفال، ولكن مع الأسف رغم هذه الأهمية إلا أن كثيراً من الأهالي لا يعون ذلك وكثير من الأخصائيين لا ينفذون ذلك، لذلك نحن في أمس الحاجة إلى عقد مثل هذا الملتقي لإلقاء الضوء على أهمية هذا التعاون وإرشاد الطرفين إلى الطرق والأساليب التي تساعدهم للعمل معاً،ولقد لمست أهمية هذا التعاون من خلال تجربتنا مع ولدنا ، فإن اهتمامنا بالتعرف إلى حالة بلال والحصول على برامج خاصة به وقيامنا بأخذ دورات تدريبية على هذه البرامج ليس كافياً إن لم بتم تنفيذ البرامج بالتعاون مع المركز ففي البداية كنا نقوم بتدريب بلال بدون تحقيق التعاون المطلوب نتيجة لاختلاف في وجهات النظر بيننا كأهل وبين المدرب القائم على تدريب بلال لذلك كان " بلال " متوتراً قلقاً لعدم اتباعنا اسلوباً موحداً مما خلق لدى بلال نوعاً من التشويش فتوجهنا للسيدة / سعاد السويدي ( مديرة المركز ) وشرحنا لها الوضع فأبدت استعدادا كاملا للتعاون بل وأكدت على ضرورة هذا التعاون . فقامت بتحديد اجتماع بيننا كأهل وبين مدرس بلال بحضورها ، وتم الاتفاق على توحيد العمل على نفس البرنامج وطريقة التطبيق والاتفاق على وجود دفتر تواصل يومي ثم والأهم هو الالتزام بما تم الاتفاق عليه ، وفعلاً بدأنا العمل لنكمل مشوارنا الذي بدأناه منذ سنين مع بلال ولكن بصورة منظمة وسليمة ، فكانت النتائج رائعة إلى أبعد حد فالجميع لاحظ تقدم بلال وتحسنه نفسياً واجتماعياً . اصبح هادئاً غير متوتر يتقبل العمل مع الجميع وهذا ما يؤكده التقرير الشهري الذي أقوم بعمله للمقارنة بين مستوى بلال في المركز ومستواه في البيت على نفس البرامج حيث النتيجة متفقة بنسبة أكبر من 95% ولله الحمد . أثر هذا التعاون على الجميع هذا التعاون كان له اثر كبير علينا جميعاً ، فنحن كأسرة أكثر راحة نفسية لوجود طرف آخر يدعمنا ويساعدنا ولما ظهر على بلال من تحسن وتجاوب وهدوء،وأيضاً كان له أثر على الأهالي فلقد أظهر بعضهم تعاون أفضل مع المركز بعد أن لاحظوا تحسن بلال . أما بالنسبة للمدرس نفسه فإن مشاركة الأهل له ومساعدتهم له في تنفيذ البرامج الموضوعة يعطيه حافز ويشجعه للعمل أكثر مع هذا الطفل ثم إن شعور المختص بتقدير الأهل له وأهمية دوره في حياة الطفل له بالغ الأثر في التعامل مع الطفل . وإن دورنا لا يقتصر على إلحاق أطفالنا في مراكز متخصصة بل علينا ان نشارك في تدريبهم حتى نحقق افضل النتائج لأطفالنا وعلينا أيضاً المساهمة بقدر ما نستطيع من جمع تبرعات وتقديم المقترحات والأفكار والمعلومات التي من شأنها أن تساهم في دعم المركز ورفع مستواه وتقدمه . وكذلك أتوجه للعاملين في هذا المجال وبالتحديد المدربين برجاء خاص أن لا يقللوا من شأن قدرات الأهالي ومقترحاتهم لأن هذا سيؤدي إلى إحباط الأهل وشعورهم بالعجز عن القيام بأداء أدوارهم في تنفيذ برامج طفلهم وبالتالي الاعتماد على المدربين . فالرجاء الحرص على تشجيع الأهالي مهما كانت مشاركتهم بسيطة،فإن أردنا جميعاً مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة علينا عدم النظر لإعاقتهم فقط بل ننظر لإمكانياتهم الأخرى التي علينا ان نستغلها لتحسين مستواهم وقدراتهم . وفي الختام فإننا نتوجه بخالص الشكر والتقدير لصاحب السمو الشيخ الدكتور / سلطان بن محمد القاسمي " عضو المجلس الأعلى حاكم إمارة الشارقة " على رعايته الكريمة لهذا الملتقى كما نتوجه بكل الشكر والتقدير لجمعية أولياء أمور المعاقين بالإمارات وللجمعية الخليجية للإعاقة بدولة البحرين وجميع القائمين والمشاركين بهذا الملتقى . وفقكم الله وسدد خطاكم . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . السيدة. سميرة سالم (دور أولياء الأمور في دعم خدمات المعاقين - تجربة شخصية ) |
أطبع
الموضوع |
أرسل الموضوع لصديق
|
|
|
|
|