 |
111187866 زائر
من 1 محرم 1425
هـ
|
|
|
مذاق الصبر
|
كلمة اخيرة |
الكاتب : محمد عيد العريمي |
القراء :
4902 |
كلمة اخيرة
كنت في مقدمة هذه المحاولة لتسجيل تجربتي مع الاعاقة سألت: ماذا اكتب؟ ولماذا اكتب؟ ولمن اكتب؟ واظن ان الإجابة الأولى عرفها القارئ.. سواء كانت لصالح المحاولة او ضدها! والقارئ حر في ان يشمها بما يشاء من نعوت، فانا لست ملاما واشرت منذ البداية اني لست كاتبا ولا الكتابة شرفاً أدعيه.
اما الإجابة الثانية فقد تبين لي اثناء الكتابة ان صديقي الاول لم يكن محقا فيما قاله عن كتابة السير الذاتية حين شبهها بـ"فضفضة" تزيل الكرب الذي يثقل صدر صاحبة ومتنفساً لاراحة البال، لأنها لم تكن "فضفضة" ولا اراحت البال، بل كانت كابوساً رزح على صدري طوال اشهر عانيت خلالهما كثيرا وانا اعصر محصلتي الادبية واللغوية لصياغة الجمل وترتيب الفقرات والكلمات في قوالب ترضيني. وكنت في احيان كثيرة اقف عاجزاً عن كتابة موقف او فكرة في جملة تناسب اهمية المضمون الذي اريد ان اعبر عنه.
ومرات قررت ان اتوقف لانه ليست ثمة ما يدعوني لتحمل هذا "الاضطهاد".. خاصة ان حياتي فيها ما يكفي من وجع، لكني اتراجع واعاود الكتابة ليس رغبة بها وانما حسرة ان يذهب كل الجهد الذي بذلته حتى تلك النقطة هباء. وهي تجربة اقنعتني ان الكتابة اذا كانت مهنة فهي متعبة، واذا كانت موهبة وابداعاً فذلك شعور لم اجربه. اما لمن اكتب فاظن ان من يقرأ هذه السطور الآن هو المعني بها ولا يعنيني من يكون، لكن آمل ان يكون مثله كثيرون!
واليوم وانا ابحث عن كلمات مناسبة لكتابة خاتمة تترك انطباعاً جيداً ينسي القارئ بعض القصور في هذا الكتاب، جلت بنظري عبر النافذة فشدني منظر الجبال الراسية وأمواج البحر وهي تتهادى كمقطع شعر طلي والأشجار وهي تتمايل رواءا أخضرا اختلط حفيفها مع قهقهات أطفال في الخارج وثرثرة المارة وصوت مركبة تعبر الطريق فحمدت الله كثيرا على نعمة العقل والسمع والبصر فبهما يمكن ترجمة جمال الكون إلى إيداع يجعل حفيف الشجر لحنا وريقا ومن تلاطم الأمواج لغة تحلق في فضاءات من المرح ومن شموخ الجبال الراسيات آية لترسيخ الإيمان في سويداء الفؤاد.
وقبلها استيقضت على نباح كلب اصبح صوته مألوفاً منذ سنين، ثم تابعت المدينة وهي تستيقظ عارية على دفء اشعة شمس نيسان.. تنفض عن جسدها غبار الفراش.. تغتسل لاستقبال يوم آخر، وعلى الريق ترشف فنجان قهوة او قدح شاي.
محمد عيد
مسقط في نيسان 2001
|
أطبع
الموضوع |
أرسل الموضوع لصديق
|
|
|
|
|