 |
111187884 زائر
من 1 محرم 1425
هـ
|
|
|
مذاق الصبر
|
دمعة |
الكاتب : محمد عيد العريمي |
القراء :
4360 |
دمعة
دأب عوض وصديقه محمد اذا تأخر احدهما عن المدرسة ان يحجز له الآخر مكاناً بجانبه بمد باكورته عرضا لمنع التلاميذ الآخرين من الجلوس فيه. وجاءت فترة غاب الصديق اياماً عن الحضور الى المدرسة، فأبدى الصبي قلقه من تخلف صديقه ليس الى المدرسة فحسب، بل وعن لقائه في ساعات اللعب ايضا. واذ سأل امه عن سر غياب صديقه بلغته انه مصاب بمرض معدي وسيتغيب لفترة طويلة عن المدرسة والخروج من البيت كذلك!
ورغم انه منع من زيارة صديقه، وقيل له ان محمد سوف يغيب لفترة طويلة قادمة، الا انه لم يقتنع ان ثمة مرض عضالاً يمكن ان يغيب صبياً طويلاً عن اللعب خارج المنزل، وظل طوال الايام التالية يمد باكورته في المدرسة خوفاً ان يظهر صديقه فجأة ولا يجد مكاناً خالياً له.
معلمة الحرف وإن أبدت تعاطفا مع الصبيين الا انها لم تظهره علنا خوفا من ان يكتشف التلاميذ بعضا من جوانب انسانيتها، ولكنها سمحت للصبي بمزاولة لعبة الحجز.
واثناء عودة الصبي يوماً من المدرسة، احس بهدوء مخيف يطبق على الحارة الا من اصوات بكاء خافت يتسلل من نوافذ المنازل القريبة من بيت اسرة صديقه على طريق المدرسة. وعندما دخل المنزل استقبلته العمة بدموع افقدتها النطق، وعرف على نحو ما ان صديقه توفي بعد ان استشرى مرض الجدري في جسمه كله، وعجزت أدوية ومراهم الشايب اسماعيل عن شفائه او وقف استشرائه.
ورغم يقينه بوفاة صديقه، ومن اليوم الاول، الا انه تجاهل حقيقة الموت وعبر عنها باشارات عديدة منها مواصلته مد الباكورة في المدرسة. وكان يسمع من قبل ان فلانا مات وآخر توفي، لكن وقع غياب صديقه وتأثيره على نفسه اعطى للموت معنى آخر لم يعرفه من قبل!
ويذكر اقاربه انه مر بازمة نفسية حفرت اظافرها جرحاً غائراً أبى ان يندمل واستشعرت امه خطر معاناته عندما اخذ يهلوس في نومه وينهض وقطرات العرق تسيل من وجهه! كف عن المدرسة واحجم عن الطعام الا ما يسد الرمق، وعجزت "قراءة " الشيخ سعيد في الماء او"ماء وضوئه" عن شفائه، ولم تفلح تعاويذ معلمة كوكب بنت اسماعيل واحرازها في اعادة الصبي الى سابق عهده. ولم يكن امام امه سوى العودة به الا حيث بدايتة الاولى ـ الوادي!
|
أطبع
الموضوع |
أرسل الموضوع لصديق
|
|
|
|
|