السمع والتخاطب الصرع والتشنج الشلل الدماغي العوق الفكري التوحد وطيف التوحد متلازمة داون الصلب المشقوق وعيوب العامود الفقري
الاستشارات
الإعاقة دوت نت دليل الخليج لذوي الاحتياجات الخاصة مقالات مجلات ندوات وؤتمرات المكتبة العلمية

صحة الوليد - الأطفال حديثي
الولادة

صحة الطفل

أمراض الأطفال

المشاكل السلوكية

مشاكل النوم

الـربـو

الحساسية

أمراض الدم

التدخل المبـكـــر

الشفة الارنبية وشق الحنك

السكري لدى الأطفال

فرط الحركة وقلة النشاط

التبول الليلي اللاإرادي

صعوبات التعلم

العوق الحركي- الاعاقة الحركية

العوق البصري - الإعاقة البصرية

الدمج التربوي

المتلازمات

الإرشاد الأسري ونقل الخبر

امراض الروماتيزم

أمراض الغدد



اشتراك انسحاب


109572943 زائر
من 1 محرم 1425 هـ

البحث في الموقع
 

المكتبة العلمية
الاستشارات
اتصل بنا

سجل الزوار

مذاق الصبر

المقراع

الكاتب : محمد عيد العريمي

القراء : 7934

المقراع

لم يقتصر رد الفعل الذي تركه هروب الصبي على الجزع الذي يمكن ان يواجهه وهو وحيد في طرق مقطوعة ووعرة وانما آثار لغطاً في دار الاسرة واشترك فيه كل فرد وكاد يتحول في بعض جوانبه الى صدام بين الام والعمة.

الام ادركت انه لا جدوى من قسره على حضور دروس المعلمة الحرف، لكنها عالجت الامر ـ بعد عودته من الوادي ـ من زاوية اخرى علها تنفع في "ترغيبه" لحضور دروس القرآن، فرتبت لتوثيق علاقته بقريب في مثل سنه مشهود له بالمثابرة على دروس القرآن.

وبالفعل تحقق في النهاية ما رمت اليه. اصبح ولدها دون ترهيب او ترغيب تلميذاً منتظماً الى حد كبير لولا تغيبه احياناً دون مبرر عن الذهاب الى المدرسة!

توثقت علاقة عوض بصديقه الجديد محمد. اصبحا يشتركان في كل انشطتهم اليومية.. سواء الذهاب الى المدرسة او اللعب او مرافقة العم عبد الله، والد محمد، الى ميناء الخور لاستقبال سفينة الاسرة التي كان يشترك في ملكيتها والده ويتولى في الوقت نفسة دور النوخذه في اسفارها ـ خاصة الطويلة منها.

وكان الصبيان يمضيان بعض الوقت على ظهر السفينة، يتابعان افراغ حمولتها من المواد الغذائية ومواد البناء والمحروقات حسب الوجهة التي قدمت منها. يقضون الوقت هناك في صيد السمك باستخدام السنارة وخيوط النايلون حيث يساعدهما البحارة في وضع الطعم وترديع السنارة.

وبتشجيع من صديقه بدأ الصبي يقترب اكثر فاكثر من البحر. ويتعلم العاب وتسالي صبيان الحارة.

ولان حياة الناس هنا ترتبط وتدور حول الانشطة البحرية بكافة انواعها، فقد تأثرت ألعاب الصبيان ايضا بالبحر ودار معظمها على الشاطئ او داخله حتى، ومن اهمها المقراع، والسيكل، والتوفة واللكد، واخرى كثيرة.

يتذكر الصبي جيدا تلك الفترة من صباه وخاصة مشاركته في ألعاب صبيان الحارة ومنها المقراع. ولعل ما رسخ ذكرى هذه اللعبة هو ذلك الالم الذي تركته ضربة التوفة على ظهره في اول مشاركة له.

تنظم لعبة المقراع اثناء الجزر على الشاطئ، حيث تتوفر مساحة واسعة من الرمل الرطب.. والميزتان ـ المساحة ورطوبة الرمل.. عنصران ضروريان لمزاولة اللعبة على افضل شكل واسمها مشتق من إحدى أدواتها ـ المقراع: قطعة خشبية تشذب من سعف النخل او من قطعة خشب مستطيلة يبلغ طولها نحو70 سم وعرضها حوالي ست سنتيمترات. اما الاداة الثانية فهي كرة مطاطية تصنع من القماش تشبه كرة التنس الارضي ولكنها اثقل منها قليلا وتسمى بالعامية "التوفة".

يتوزع لاعبو المقراع الى فريقين، وتجرى عملية التوزيع عادة بان يختار اثنان من امهر اللاعبين او اكبرهم سنا اعضاء فريق كل واحد منهما بتسمية اللاعبين بالتناوب بينهما.. حسب تقديره كل منهما لمهارات اللاعب. ويتراوح عدد كل فريق بين ستة لاعبين الى تسعة ـ قد يزد او ينقص حسب عدد الراغبين في اللعب.

يخطط ملعب المقراع على شكل نصف دائرة لها محيط وهمي، ويشكل مركز الدائرة قاعدة القرع/الانطلاق. وعلى بعد نحو 30 مترا على امتداد الشعاع الوهمي من المركز، الذي يفصل الملعب (نصف الدائرة) الى جزءين متناظرين، ترسم دائرة على الارض لا يتجاوز قطرها مترا واحدا تسمى "الهوب".

يبدأ اللعب بتحديد الفريق الذي سيبدأ قرع (ضرب) الكرة، ويصبح الفريق الآخر هو الذي يرميها (الاول يسمى فريق القرع والثاني فريق الجعر). ثم يتجمع فريق القرع عند القاعدة وينتشر فريق الجعر على مساحة الملعب حسب الخطة التي يضعونها وفقا لمهارات فريق الخصم.

ويتناوب اعضاء فريق القرع على ضرب الكرة التي يرميها لاعب من فريق الجعر من مسافة ليست بعيدة وبالطريقة التي تناسب صاحب دور القرع الذي يِعطى ثلاث محاولات يحق له خلالها وحسب قوة الضربة وابتعاد الكرة عن متناول اعضاء فريق الجعر وحساباته الركض الى الهوب والعودة.

وينتظر اللاعب، اذا لم يتمكن من الوصول الى الهوب بعد ان استنفذ القرع فرصة ان يضرب زميله الذي يليه في الدور الكرة الى مكان بعيد يتيح له الركض الى الهوب والعودة اذا استطاع لكسب فرصة جديدة للقرع.

وهناك ثلاث حالات يتحول فيها موقع الفريقين بين القرع والجعر، وهي:
اولا، ان يستنفذ كافة لاعبي فريق القرع فرص ضرب الكرة دون ان يتمكن احدهم من الهوب (العدو الى الهوب والعودة الى القاعدة)؛
وثانيا، ضرب الهائب (اللاعب الذي يركض للوصول الى الهوب والعودة) بالكرة في منطقة الجعر (خارج منطقة القاعدة ودائرة الهوب) الا اذا استطاع هذا اللاعب الامساك بالكرة بعد ضربه بها وملاحقة احد اعضاء فريق الخصم وضربه بها او رميها الى احد زملائه يكون اقرب لعضو من فريق الخصم لا يزال خارج منطقتي القاعدة والهوب حتى يضمن ضرب اللاعب بالكرة ومن ثم تجدد الدور (او كما يقولون اعادة الحياة للفريق) ليس لنفسه بل ولاعضاء فريقه الذين لم يتمكنوا من الهوب بعد ان استنفذوا الفرص الثلاث للقرع؛
وثالثا، اذا لقف (امسك) احد اعضاء فريق الجعر بالكرة المقروعة قبل ان تسقط على الارض. كما ان القارع يخسر حقه فيما تبقى له من القرع اذا ضرب الكرة بالمقراع وخرجت عن خط مساحة الملعب (الحول) ـ امتداد قطر الدائرة.

وشهدت مدينة صور في تلك الفترة ـ منتصف الستينات ـ ألعاباً جديدة ارتبطت الى حد كبير بالمواد الحديثة التي زادت وتيرة استيرادها الى المنطقة، حيث يستغل الفتيان بعض مخلفاتها لصنع العاب تناسب الاماكن والساحات المتوفرة لكل حارة، واتسم بعضها بمستوى عال من المهارة، ومنها لعبت السيكل: تركب من عجلة معدنية ثقيلة تحزم بها براميل الوقود لوقايتها من الانبعاج اثناء شحنها بالسفن ونقلها برا على الدواب.

وكان الفتيان يفصلون هذه العجلات عن البراميل ويدهنونها باصباغ متعددة الالوان ويزينونها بقطع معدنية تعطي اصواتا كالاجراس عند دحرجتها. ويشذبون مقوداً او مدساراً لدفع العجلة وتوجيهها من الخشب يثبت في طرف واحد منه غطاء عبوة معدنية، بعد قعره، لا تزيد مساحته على كف اليد. ويدفع اللاعب العجلة بوضع الوجه المقعر من الغطاء على دائرة العجلة من الخارج ثم يدحرجها.

المثير في "السيكل" ـ وهو الاسم الذي اطلقه من اخترعها ـ هي السرعة والقدرة على التحكم في دفعها بين مسارات وعوائق تتطلب مهارات لا تقل عن المهارات المطلوبة الآن للحصول على اجازة سياقة السيارات، وكانت تقام لها ايضا منافسة لتحديد امهر واقوي اللاعبين ويطلق عليها "المناطحة". اذ يقف لاعبان على بعد مسافة حوالي 50 متر، ثم يتحرك الواحد منهما باتجاه الآخر بالقوة التي يستطيعها مصوباً عجلته نحو عجلة خصمه، وعند نقطة محددة يرفع كل لاعب المقبض ويترك عجلته تصطدم بعجلة اللاعب الثاني.. فاذا اصطدمتا يكون الفوز من نصيب صاحب العجلة التي تسقط بعد غريمتها، وان فشلا تكون الهزيمة والخروج من المنافسة نصيبهما!


ونظرا لوقوع منزل اسرة الصبي على شاطئ البحر فقد تعذر عليه تجاهل واحدة من اهم ألعاب صبيان الحارة: برمة الحواسين. البرمة في اللغة تعني "القدر من الحجر" ولكنها هنا من فخار. اسمه يختلف وحجمه يتفاوت طبقا لنوع الاستخدام والمستفيد من استخدامه. فعليّة الناس يسمونه مغلي ويستخدم في منازلهم لحفظ اللبن، في حين يتمتع في بيوت العامة بمنزلة ارفع، فهو قدر الطبخ ويسمى برمه لكن صبيان المدينة، وفي محاولة غير مقصودة ـ الا في ذهن كاتب هذه السطورـ لتضييق الفوارق الاجتماعية، أوجدوا له غرضا ثالثا عندما حولوه لشرك لصيد الاسماك!

تعلم الصبي كيف يدس الطعم داخل البرمة ويغطى وجهها بقطعة قماش مثقوبة في الوسط، ثم يحفر لها على الرمل في قاع البحر، في مكان لا يبعد كثيرا عن اليابسة، حفرة ويدفنها الى وجهها للايقاع باسماك صغيرة ولذيذة يسمى مفردها حاسون، و كيف يقف على مسافة تتيح له مراقبة حركة الاسماك في المكان المحيط بالبرمة.

وتعلم غناء هزوجة تدعو الحواسين على كافة احجامها ومن كل الجهات للاقتراب من البرمة، وتقول كلماتها "أوه.. أوه حاسون.. أوه باسون، أوه كباريوه.. أوه صغاريوه.. أوه مصانيوه، أوه غربى.. أوه شرقى. أوه.. أوه من رأس الميل الى رأس القاد ادخل من باب واطلع من باب".

وعلى ايقاع هذه الاهزوجة كانت الحواسين تتجمع فوق وجه البرمة المبرقع. تشكل دائرة شعاعية مركزها ثقب الغطاء واشعتها اجسامها. تتحرك نحو الثقب وتبتعد عنه دون ان تلتفت مترددة بين الرغبة في قضم قطعة من الطعم والشك في حسن نوايا الدعوة.. حتى تأتي احدها الجرأة ـ مأخوذا بالكثرة ـ فيدس انفه قبل ايلاج رأسه وجسده ثم يتبعه من خانتهم الشجاعة ـ كحال الناس على الأرض ـ لكنها ولسبب مجهول تعجز عن الخروج من البرمة. وهنا يبدو ان الشجاعة ليست بالضرورة تقترن بقوة الذاكرة ـ وهذا حال البشر ايضا!
ــ
المقراع: مضرب التوفة يشذب من سعف النخيل او الخشب. التوفة: كرة تساوي في حجمها كرة التنس الارضي ولكنها اثقل وزنا. كباريوه: الكبار.اصغاريوه: الصغار. مصانيوه: الاقوياء.



 أطبع الموضوع أرسل الموضوع لصديق

فهرس الموضوعات

المؤلف في سطور

نبذة عن الكتاب

توطئة الجزء الأول

مذاق الصبر

صور لم تبرح ذاكرتي

الكرسي المتحرك

عزومة على الشاي

اليأس والسأم

لم احسن الظن

التصالح مع الإعاقة

الانطباعات المقولبة

لست بطلا ولا اطلب بطولة!

هواجس

عزلة ليست من اختياري

معوًّقون لا معوقين

تكافؤ الفرص

ذوو الاحتياجات الخاصة

المعاشرة الزوجية

كيف يتحول مهندس فجأة إلى مترجم

السيارة

التبعات الصحية للإعاقة

توطئة (الجزء الثاني)

عوض

وطني الأكبر

عبق لا يزول من الذاكرة

الوجه الآخر للشمس

الشعلة التي أضاءت الصحراء

المدينة

الريحان والدخان

البرزة

تجليات الجنون

الشمروخ

ود مطر

الحرف والعصا

المقراع

دمعة

سوق المسباخ

سكة البنايين

صور

كلمة اخيرة


[   من نحن ? |  سياسة الخصوصية | منتدى أطفال الخليج (جديد) | الصفحة الرئيسية ]

خدمة الخلاصات تاريخ آخر تحديث: 1/4/2022

أطفال الخليج ذوي الإحتياجات الخاصة

جميع الحقوق محفوظة