 |
111187919 زائر
من 1 محرم 1425
هـ
|
|
|
مذاق الصبر
|
ود مطر |
الكاتب : محمد عيد العريمي |
القراء :
4640 |
ود مطر
في البرزة ختم ود مطر حديثه بعد أن نقل لمجموعة البرزة تفصيل الحادث، وهو لا يخفي سروره من موقف الشمروخ واذلالها لمقيطعية الصيد لغاية في نفسه:
• والله ما يجيبها إلا نسوانها.
يعزى موقف ود مطر من "مقيطعية الصيد إلى خلاف دائم بين الصيادين وباعة السمك في المسباخ. فأهل البحر يسهرون الليالي يصارعون اسماك القرش والجيدر؛ بينما تنحصر مهنة باعة السمك على شراء الصيد من المزاد وبيعه بالقطيعي دون مشقة أو تعب و"تكديس الغوازي" كما يقول عنهم ود مطر، أو شيخ الصيادين كما يحلو له أن ينعت: وهو عجوز طويل القامة، نحيل الجسد، منحني الظهر، وفي رجله عرج ـ يفاخر به ـ من عضة قديمة من "ذيبة".
كان ترك البحر بعد أن أمضى جل سنوات عمره صياداً.. فصحته لم تعد تتحمل مكابدة البحر. جلس فترة في البيت. ازداد عصبية واحتد مزاجه وعلا صوته.. يسمعه الجيران يسب زوجته. واطلق العنان للسانه فلا يسلم منه احد حين لا يجد في بيته من "يفش ضيمه فيه".
آثر الذهاب إلى السوق. يمضي معظم ساعات الصباح متنقلاً بين تبريزة الغربي وصواني بائعات الحلويات والتبغ. يشم اعواد التنباك ويفند جودته ويرشد الزبائن على الطيب منه.
ويتجول طويلاً بين باعة السمك رغم الود المقطوع معهم! لكنه، رغم ذلك، كان يمضي بينهم متفحصاً قطع السمك يحذر الزبائن من الفاسد منها، وان كان يفعل بصوت خافت حتى لا يتعرض لعداوتهم المباشرة.
وقبل الظهر يعود إلى بيته، وتحت ابطه عود تبغ وبيده ربطة برسيم، وخلفه قطيع من أغنام سائبة تتزاحم على سحب اعواد البرسيم واحدا تلو الآخر دون اكتراث منه!
وكان إذا خرج من صلاة العشاء جلس وسط الحوش يدخن الرشبة. يمسك قصبتها. يأخذ النفس الأول. ثم الثاني والثالث. تنتابه موجة سعال. تكتم نفسه فترة. تريح جسده من الهواء الفاسد، فيسقط مغشيا عليه! يخيل لغير أهل بيته انه فارق الحياة، لكنه يعود كما كان يفعل دائما حين يغوص في البحر لفك شباك الصيد إذا علقت بالصخور أو مخلفات سفن "الإنجليز".
قال لزوجته، إذ سألته أن يكف عن تدخين الرشبة أو يقلل منها على الأقل رأفة بصحته:
• إذا توقفت أنت عن مضغ التنباك!
صمتت ولم تأت على تلك السيرة مرة أخرى.
وحين طلب منه ولده أن يكتفي بالبوري ـ الأخف ضرراً ـ عن الرشبة، رد بحدة وهو في نوبة السعال تلك:
• على شرط أن تستبدل زوجتك الثرثارة هذه ـ وهو يشير إليها بقصبة الرشبة ـ بواحدة أخرى بكماء إذ أنت حقا تروم راحتي!
ـــ
الجيدر: سمك التونا. غوازي: مال. ذيبه: نوع من اسمك القرش. رشبه: ارجيلة التدخين
|
أطبع
الموضوع |
أرسل الموضوع لصديق
|
|
|
|
|