 |
111187845 زائر
من 1 محرم 1425
هـ
|
|
|
مذاق الصبر
|
ذوو الاحتياجات الخاصة |
الكاتب : محمد عيد العريمي |
القراء :
8073 |
ذوو الاحتياجات الخاصة
أن تغيير المسميات لن يحل المشكلة وانما سيعفي المجتمع وبعض من بيدهم حلها من المسئولية!
شاع مؤخراً استخدام عبارة "ذوي الحاجات الخاصة" بدلا من المفردة "المعوقين" وهو تعبير يربط تعريف المعاق (المصاب بقصور في وظائف جزء أو اكثر من جسمه) بحاجاته للأجهزة التعويضية: كرسي متحرك لتعويض القدمين وأسلوب الكتابة بطريقة "بريل" للمكفوفين.. وسواها.
كانت كلمة "المعاق/المعوق" عندما أطلقت في الستينيات كبديل عن المصطلحات التي كانت تعبر عن التشخيص الطبي اكثر منها عن الحالة الاجتماعية وتتجاهل عيوب البيئة المادية (المعوِّقات المتصلة بالتصاميم الهندسية والمواصفات المعمارية للمباني والمساكن والمرافق العامة التي تحد من حركة المعوقين وتحول دون استمتاعهم بنفس الفرص والحقوق أو الاستفادة من الخدمات التي تقدمها) جاءت لتبرز العلاقة بين هؤلاء الأشخاص وتلك المعوِّقات من ناحية وتركز على مواقف أفراد المجتمع ومدى وعيهم بطبيعة هذه العيوب واستعدادهم لإزالتها من منطلق تحقيق المساواة وإتاحة الفرص لكافة المعوقين من ناحية أخرى.
لا شك أن التسمية الجديدة "ذوي الحاجات الخاصة" لائقة واكرم لـ "المعاق" كما كانت نفس الكلمة (المعاق) قبل خمسين عاما افضل وقعا من مشلول أو اعمي أو ابكم أو معتوه.. أو غيرها من المسميات التي كانت تطلق على المعوقين.
أن التعبير الجديد لوصف المعوق بذي حاجة خاصة وبالتالي ربط طبيعة إعاقته بالأجهزة والتسهيلات والاحتياجات التي تعوض قصور وظائف أجزاء من جسمه لا يمكن تعميمه على كافة المجتمعات التي لا يزال بعضها يفسر الإعاقة ـ أياً كان نوعها ـ على أنها ضرب من العقاب الإلهي على خطايا أو ذنوب اقترفها الأجداد ويحمل وزرها الأحفاد. نعم لـ"ذوو الحاجات الخاصة" بشرط أن تتوفر في شواطئنا منحدرات يستخدمها المعوق حركياً للنزول إلى البحر دون أن ينزل عن الكرسي ويطلب من الجمهور أن يحملوه إلى البحر، وبشرط أن يقف هذا الشخص نفسه في محطة انتظار حافلات النقل العام للصعود إلى الحافلة بواسطة مصعد ركب في الباب الخلفي للحافلة، وبشرط أن لا يتعرض معوق آخر لما تعرضت له أنا في الفندق، وان يدخل مركزا تجاريا دون أن يتوقف دزينة من الناس يحدقون به! وبشرط، وشرط.. وهي شروط المعوق حركيا دع جانباً إخواننا المكفوفين والصم والمعوقين عقليا وآخرين غيرهم من ذوي الإعاقات.
إذا كان الغرب ـ والمسميات سالفة الذكر جاءت كلها من الغرب ولا ضير في ذلك ـ وصل إلى مستوى لم يعد ثمة ما يعوق الشخص المصاب بقصور وظيفي في عضو من جسمه دون ممارسة حياته بكافة ألوانها، ولم تعد للحواجز والمعوِّقات أي اثر في حياته اليومية، فإننا في العالم الثالث لازلنا "معوَقين" ما دامت سلسة "الشروط" التي أشرت إلى بعضها سابقاً قائمة! أن تغيير المسميات لن يحل المشكلة وإنما سيعفي بعض من بيدهم حلها من المسئولية!
واعتقد أن التخلي عن تعريف المصاب بقصور عضوي بـ"المعوق" هي شهادة اعتراف أن مجتمعاتنا حققت الشروط واستوفت كافة الالتزامات وأكملت تكييف بيئاتها والمرافق العامة ووفرت الخدمات المساندة والأجهزة التعويضية وعدلت العوائق الهندسية ولم يعد ثمة وجود لعائق يقف دون تكافؤ الفرص والمساواة الكاملة.. أي أننا انتقلنا من مرحلة تذليل المعوِّقات وتوفير الحاجات إلى مرحلة تطوير كفاءات المعوقين ورفع مهاراتهم وإتاحة كامل الفرصة لكي يمارسوا إنسانيتهم دون عوائق مادية ولا حواجز اجتماعية أو نفسية وعلى قدم المساواة مع المواطنين الآخرين.
بيد أن وضعنا في الواقع لا يعكس ذلك! فإذا كان الغرب قطع مراحل عظيمة تجاه مساواة المعوقين بغير المعوقين وأزالت مجتمعاته معظم مظاهر التمييز السلبي والإيجابي، سواء في العمل أو المرافق العامة والبيئات الاجتماعية الأخرى، فان مجتمعاتنا لا زالت بحاجة إلى تغيير نظرة أفرادها تجاه المعوقين وقبل ذلك وضع قوانين ونظم تأخذ بعين الاعتبار الحاجات الخاصة للمعاقين في كافة المرافق! هذا ليس إجحافا أو تنكرا للجهود المتمثلة في كثير من البرامج والنيات الحسنة التي تعمل على تذليل الصعاب أمام المعوقين وتوفير السبل لهم لكي يعيشوا كغيرهم لا اكثر ولا اقل!
|
أطبع
الموضوع |
أرسل الموضوع لصديق
|
|
|
|
|