الصرع مرض عضوي مزمن يصيب الإنسان في مرحلة من مراحل عمره ، وقد يستمر معه لسنوات عديدة ، وكأي مرض مزمن يؤثر على مجرى حياة الطفل اليومية ، والعائلة تتحمل الكثير من الضغوط والمشاكل النفسية والجسمية والاجتماعية للتعايش مع المرض في سبيل تنشئة الطفل بطريقة سليمة، ومن أهم هذه المشاكل : " استمرارية العلاج تضع جهداً يومياً على الوالدين في المتابعة والملاحظة. " المراجعة المستمرة للمستشفى تؤثر على برنامج الحياة اليومي للعائلة " حصول النوبة التشنجية يربك من يهتم بالطفل في المنزل والمدرسة " مفاهيم المجتمع عن الصرع قد تؤدي إلى انعزال العائلة عن المجتمع المحيط بهم " عدم تفهم الوالدين لحالة الطفل قد تؤدي للحماية الزائدة " طريقة تعاملهم مع الطفل قد تنعكس سلباً أو إيجابا على الطفل " تأثيرات المرض النفسية على الطفل والعائلة " من هنا نركز على أهمية معرفة العائلة لحالة طفلهم وكيفية التعامل معه ومع المجتمع من حوله للتقليل من تبعات الحالة المرضية والنفسية.
الصــــــــــــــــــــدمـــــــــة: كم هي مؤلمة تلك اللحظات التي يتلقى فيها الوالدين الخبر بأن طفلهم مصاب بالصرع، ينزل الخبر عليهم كصخرة كبيرة وتأخذهم الصدمة بعيداً، وتتطاير الأفكار هنا وهناك ، جميع العواطف يمكن توقعها وهو رد فعل طبيعي لدى الجميع ، من الغضب إلى الحزن والإحساس بالذنب ، الخجل واليأس ، وحتى عدم تقبل الحقيقة ، تجول الأسئلة في خواطر الوالدين : " لماذا نحن؟ " ما هي الأسباب ؟ " هل كان بالإمكان منع حدوثه ؟ " ما هو مستقبله ؟ " ماذا نستطيع أن نعمله له ؟ " هل من علاج ؟ في لحظة الصدمة قد يسيطر على الوالدين أو أحدهما شعور خاص، شعور سلبي يكون عقبة في الطريق إلى تقبل حالة الطفل أو الطفل نفسه ، ومرحلة الصدمة مرحلة طبيعية تصيب الجميع، ولكن مع وقوف الوالدين كلاً يشد أزر الآخر ، والإيمان بالله ومساعدة الطاقم الطبي المتمرس ، ومعرفة الحالة المرضية للطفل ، كل ذلك سيقلل من شدة الصدمة ومن ثم التقليل من تبعاتها
ما هو دور الطاقم العلاجي ؟ الطاقم العلاجي ( الطبيب، التمريض ، التثقيف الصحي ، المعالج النفسي ) لهم دور كبير في توعية الوالدين عن حالة طفلهم ، وطريقة التعامل معه ، كما وصف الأدوية العلاجية، تلك النقاط نوجزها كما يلي: " نقل الخبر للوالدين بطريقة علمية " تزويد الوالدين بالمنشورات والكتيبات الخاصة عن الصرع " توعية الوالدين لأهمية الرعاية النفسية للطفل. " استخدام الأدوية في مواعيدها. " المتابعة المستمرة مع الطبيب المعالج " التشجيع على قيام الطفل بالنشاطات والألعاب. " قيام العائلة بالنزهات والزيارات وعدم احتساب الطفل عبئاً عليهم. " عدم جعله محور الحديث مع الأصدقاء أو جعله نقطة شفقة. " توعية المجتمع لأهمية رعاية المصابين بالصرع وعدم نبذهم أو اعتبارهم حالة شفقة. " الحث على انخراط الطفل في التعليم العام
العائلة والمجتمع : سيكون للأهل والأقرباء دوراً مهماً في العلاقة بين الطفل ووالديه ، وأسلوب حياتهم اليومية والاجتماعية ، يؤثر سلباً وإيجابا على هذه العلاقة ، فكلمات الرثاء وعندما يقال عنه كلمات غير سوية قد تؤدي إلي إحباط الوالدين وانعزالهم عن الآخرين ، والطريق السليم هو تجاهل ما يقول الآخرين ، وإخبار الأصدقاء بأنه طفل كغيره من الأطفال لديه حالة مرضية غير معدية ، لا تجعلوه مدار الحديث مع الآخرين ولا تبحثوا عن طريقه المواساة من الآخرين . يجب أن تكون حياة العائلة طبيعية ما أمكن بالخروج للمنتزهات والأسواق، ويجب عدم جعله عذراً للتقوقع والانعزال عن الآخرين، حتى لو كان هناك نوبات صرع بين الفينة والأخرى ، كما يجب حث الطفل على المشاركة في جميع النشاطات الترفيهية في البيت والنادي ، مع محاولة رفع الوعي لدى الأصدقاء عن الصرع وطريقة التعامل معه وأنه مرض كغيره من الأمراض يمكن علاجه.
كيف تتعامل العائلة مع الطفل المصاب بالصرع ؟ الصرع ممكن أن يصيب الأطفال في كل مراحلهم العمرية، والعلاج الدوائي يمكن أن يقوم بمنع حدوث النوبات التشنجية، ولكن التأثيرات النفسية وطريقة تعامل العائلة مع الطفل قد تؤدي إلى العديد من المشاكل، وهنا سنقوم بإيضاح العديد من النقاط التي يتوجب على العائلة والمجتمع عملها خلال التعامل مع الطفل المصاب بالتشنج: يجب على الوالدين شرح الحالة للطفل بطريقة مبسطة وأن الحالة ليست خطيرة ، وأن الدواء سوف يمنع الحالة من الظهور عند الانتظام على تناوله يجب الإجابة على جميع الأسئلة التي يقوم بطرحها الطفل عدم تعويد الطفل على الخجل من مرضه حتى لو أصابته النوبة التشنجية داخل المدرسة أو الملعب عدم إخفاء المرض عن الأصدقاء ، بل يجب توضيح الأمر لهم والشرح لهم عن كيفية التصرف عند حدوث النوبة. يجب أن لا يكون المرض عائقاً أمام نشاطات الطفل الرياضية أو الاجتماعية يجب أن لا نعود الطفل على استخدام المرض كعذر للتغيب عن المدرسة يجب على العائلة عدم التعامل مع الطفل المصاب بالتشنج بطريقة تختلف عن أخواته، فقد يستخدم الطفل الحالة كأسلوب لجلب الانتباه أو طريقة لزيادة الاهتمام به من دون أخواته. يجب على العائلة بجميع أفرادها معرفة الحالة من كل جوانبها وخصوصاً كيفية حدوثها وطريقة التعامل معها إذا حدثت لكي لا تحدث حالة رعب وفزع في المنزل مع غياب أحد الوالدين أو كلاهما.
ما هي الحماية الزائدة ؟ منع الطفل من المشاركة في النشاطات الترفيهية واللعب مع أقرانه من الأطفال يتم من قبل الوالدين حماية له وخوفاً عليه أن تصيبه أذية من تلك النشاطات، أو أن تحدث له نوبة التشنج خارج المنزل ، ولكن تلك الحماية تمنع حصوله على التجربة ، كما بناء الثقة بالنفس والاعتماد عليها في المراحل اللاحقة من العمر، فكل شخص في هذه الحياة لديه مواطن الضعف والقوة ، وتجارب الحياة والاتصال مع الآخرين هي الأسلوب الأفضل للتعلم ، ولمعرفة الأشياء وقبولها. من الأهمية أن يعامل الطفل كأقرانه ما أمكن ذلك ، وإعطاءه الفرصة للمشاركة الكاملة في الحياة، والمشاركة في النشاطات الترفيهية والرياضية ، لأن عدم حدوث ذلك سيكون له انعكاسات سلبية على الطفل وطريقة تعامله مع المجتمع حوله.
هل يمكن أن يصاب الطفل بصعوبات نفسية ؟ مع النمو والتقدم في العمر والاحتكاك مع المجتمع الكبير خارج المنزل، فإن الأطفال المصابين بالصرع يحسّون باختلافهم عن أقرانهم من خلال طريقة تعامل الآخرين معهم، كما الحماية الزائدة من العائلة أو المدرسين، وقد لا يستطيعون المشاركة في بعض الأنشطة الرياضية ، مما ينعكس سلباً على علاقة الطفل مع الآخرين ، ومن ثم الصعوبات النفسية ، وقد لا تظهر هذه المشكلة إلاّ عند بداية المرحلة الدراسية
العائلة والطبيب: الصرع مرض يحتاج إلى متابعة تستمر لسنوات، وحتى اليوم لا يوجد علاج يمكن أن يقضي عليه، ولكن الأدوية تمنع حدوث النوبات أو تقوم بتقليلها ، وفي بعض الحالات يمكن إيقاف العلاج والشفاء بعد سنوات، فبناء علاقة وثيقة بين الطبيب والعائلة هي أحد الأسس لنجاح العلاج، لذلك يجب تجنب التنقل من طبيب إلى آخر فليس هناك فائدة من ذلك، فالمتابعة المستمرة يمكن أن تدل على نقاط الضعف في العلاج ، كما أن الطبيب يعرف حالة الطفل من كل جوانبها العضوية والنفسية، كما سيكون مساعداً على توضيح جميع النقاط للوالدين والطفل.
العائلة وأدوية التشنج: هناك العديد من الأدوية التي يمكن أن يستخدمها المريض بالصرع، والطبيب يقوم بتشخيص الحالة ومن ثم العلاج المناسب لها، وفي أحيان قليلة يتم وصف أكثر من دواء في نفس الوقت، وعادة فهذه الأدوية يستمر المريض على تناولها لعدة سنوات وهي قليلة التأثيرات الجانبية، كما أنها لا تؤدي إلى الإدمان، ولكن يجب التنبيه على أهمية الانتظام في تناول تلك الأدوية وعدم تركها بدون استشارة الطبيب ، وهناك بعض الإرشادات التي يجب على الوالدين أتباعها: " اعرف اسم الدواء المستخدم وكميته ( بعدد الحبات أو الملاعق وأيضا بالملليجرامات) " يجب أن يكون هناك كمية كافية من الدواء في المنزل " خذ الدواء معك أثناء زيارتك للطبيب " أحرص على أن يأخذ الطفل الدواء في مواعيده " أجعل مواعيد الدواء تتناسب مع وقت استيقاظ ونوم الطفل " لمنع نسيان الدواء فيجب وضع دواء كل يوم على حده إن أمكن. " خذ الدواء معك في الرحلات والزيارات " اعرف من الطبيب الأعراض الجانبية للدواء " لا توقف العلاج في بأي حال دون استشارة الطبيب " قد تتغير الجرعة العلاجية بعد قيام الطبيب إجراء تحليل مستوى الدواء في الدم " عند أجراء تحليل مستوى العلاج في الدم عادة ما يكون قبل تناول الجرعة الدوائية " كغيرها من الأدوية احفظها بعيدا عن متناول الأطفال " أحفظ الأدوية بعيداً عن الحرارة ( بعض الأدوية لا يحتاج إلى ثلاجة )
ما هي أسباب فشل الأدوية في إيقاف التشنج ؟ استخدام أحد الأدوية قد يساعد على السيطرة على النوبات التشنجية ومن ثم الشفاء بإذن الله، ولكن الدواء لا يعالج الحالة لأن العلاج يحتاج إلى معرفة السبب وإزالته، ولكن في بعض الحالات نرى أن نوبات الصرع تتكرر بالرغم من استخدام الدواء الخاص، وهنا يجب البحث عن أسباب فشل العلاج: " هل تم اختيار الدواء المناسب بالجرعة المناسبة؟ " هل تم أخذ الدواء بالطريقة المناسبة وانتظام ؟ " وهنا يأتي دور الطبيب المعالج في المتابعة.
كيفية التصرف عند حدوث النوبة التشنجية ؟ من المهم معرفة العائلة كيفية التصرف مع الطفل أثناء حدوث نوبة التشنج، فعند بداية النوبة لا شيء يمكن عمله يؤدي إلى إيقافها، لذلك فإن التصرف السليم هو الهدوء وعدم الفزع، فالبعض وفي حالة الفزع والخوف عند رؤيته للتشنج قد يحاول مساعدة الطفل بطريقة خاطئة مما يؤدي إلى مشاكل كثيرة لم تكن لتحدث لو تم التزام الهدوء في التعامل، وإبعاد الطفل عن أي مخاطر من الممكن أن تحدث له، وهنا سنحاول الإيجاز عن بعض النقاط المهمة: " كن هادئا ولا تفزع وتفزع الآخرين معك " ضع الطفل على الأرض إذا كان في مكان عالي " لا تحاول ربط الطفل أو منعه من الحركة أثناء النوبة " لا ترشه بالماء فلن يوقف النوبة أو تفيقه من الغيبوبة " ابعد أي أجسام حادة أو صلبة عن المكان مثل النار والأدوات الزجاجية " ساعده على الاضطجاع على جنبه كي لا يختنق من اللعاب " لا تضع أي شيء صلب ( أو إصبعك ) في الفم فقد يؤذيه ( لن يعض لسانه ) " فك الأزرار حول الرقبة أو الكر فته " لا تحاول إعطائه أي علاج بالفم أثناء النوبة " حاول النظر في الساعة لتسجيل كم مدة النوبة بالدقائق( قد تكون على الوالدين دهراً " سجل وصف النوبة، كيف بدأت؟ ماذا كان يعمل قبل النوبة؟ أي الأعضاء تحرك أولاً ؟ ماذا حدث بعد التشنج ؟ ( قد يكون ذلك صعباً على الوالدين ولكن يجب المحاولة، فتلك تساعد الطبيب المعالج ) " إذا استمرت النوبة ( وليس الإغماء الذي يتبعها ) أكثر من عشر دقائق فعليك بأخذه لأقرب إسعاف " لكن تذكر أن في التأني السلامة ، فالسرعة بالسيارة قد تؤدي للحوادث لا قدر الله. " أستخدم أدوية الطوارئ إذا كان الطبيب قد وصفها للطفل وشرح دواعي استخدامها " قد يصاحب التشنج ازرقاق في الشفتين وهو عرض مؤقت ينتهي مع انتهاء النوبة " قد يتبول الطفل أو يتبرز في ملابسه، وهو أحد أعراض النوبة فلا تلومه أو توبخه " لا يحتاج الأمر للذهاب للمستشفى بعد كل نوبة، على الوالدين استشارة الطبيب المعالج