|
110620282 زائر
من 1 محرم 1425
هـ
|
|
|
>> مقالات نفسية وسلوكية
<< |
أنماط المعاملة الوالدية وأثرها في تربية المتفوقين |
الكاتب : سبيت سليمان |
القراء :
5536 |
تعدّ الأسرة المؤسسة الاجتماعية الأولى للطفل الذي يتفاعل معها، والوعاء التربوي والثقافي الذي تتشكل ضمنه شخصية الطفل تشكُّلاً فردياً واجتماعياً وأخلاقياً ونفسياً وانفعالياً، ويتجلى دور الأسرة في كونها الأساس الذي يسهم في نمو وتفتح قدراته لإكسابه القيم والاتجاهات والميول بما تبتغيه إزاء تثقيفه ورعايته في المرحلة الأولى من حياته.
فالأسرة بالنسبة للطفل تمثل أول مجتمع إنساني، يتفاعل معها ذلك أن سمات هذه المرحلة قابلة للتشكيل والتكوين بقدر أكبر من قابليتها للتشكيل في مراحل النمو المتقدمة فيتمكن في هذه البيئة الاجتماعية من التعرف على نفسه وتكوين ذاته بالتفاعل بينه وبين أعضاء الأسرة التي يعيش فيها، فيتأثر بأساليب تفكيرها، ويكتسب أسلوب الوالدين في التعبير عن مشاعره ورغباته واهتماماته، وبهذا يتم التشكيل الاجتماعي للطفل وفقاً لثقافة أسرته، وطريقة الحياة السائدة بين أفراده عن طريق توجيهه وتعديل سلوكه وتدريبه وتعليمه لكي يدرك ما هو مرغوب به، وما هو غير مرغوب فيه من قيم وسلوك واتجاهات ومما لا شك فيه أن الوضع الثقافي والتعليمي للأسرة يؤثر في تنشئة الطفل وتربيته تأثيراً مباشراً خاصةً في سلوكه الديني والاجتماعي والثقافي، فالميل إلى القراءة والمشاركة في الأنشطة الثقافية المحلية والوطنية وحضور المحاضرات والندوات الفكرية تسهم في توعيته وإكسابه الشخصية الواعية والمتزنة والقادرة على التحليل والتركيب والنقد الموضوعي.
فالأسرة الواعية من أولوياتها الهامة أن تدرك دورها التربوي في صياغة شخصية إنسانية متوازنة وهذا ما أكده "جان بياجيه بأن الجوانب العقلية يتم نضجها من خلال التفاعل مع البيئة الاجتماعية، ويضيف أن الحياة ضرورة لكي يصبح الفرد مدركاً واعياً لدوره ولمن هم من حوله من الأفراد الآخرين".
وبهذا تعدّ الأسرة هي المؤثر الحاسم في بلورة شخصية الطفل وتنشئته حيث أكد "فرويد على أهمية دور الأسرة في تنمية شخصية الطفل في السنوات الخمس الأولى، ودعمت ذلك "نظرية التعليم الاجتماعي لباندورا في عام 1969 التي تؤيد دور أهمية أساليب المعاملة الوالدية في تنشئة الأبناء وتكوين شخصياتهم من خلال أسلوب الملاحظة والقدوة بالنموذج الملاحظ".
والإنسان عندما يشبع حاجاته النفسية من الأمن والحب والقبول الاجتماعي، وفي حال تعرض الأطفال لسوء المعاملة والإهمال فسوف يتأثر سلوكه سلباً، ومن أهم نتائجه ظهور المشكلات الاجتماعية والنفسية وتدني التحصيل الدراسي، وانخفاض أداء قدراته وطاقاته العقلية الذي يبدو في انحدار نسبة الذكاء وزيادة صعوبات التعليم ويظهرون وظائف عقلية منخفضة، ومن هنا نرى أهمية إدراك الأسرة لدورها في أن تتبع سياسة تربوية ثابتة في تنشئته اجتماعياً بمعني البعد عن التذبذب والتردد بين القسوة والتدليل، إضافة لذلك على الأسرة أن تدرك حق الطفل على الأسرة بأن تعامله بأسلوب واحد من قبل جميع أفراد الأسرة.
فالأسرة عليها أن تهتم بأبنائها المتفوقين وتعمل على تأمين الجو الآمن وتوفير الإمكانات اللازمة لإتمام دراستهم ومعرفة آلية التعامل مع خصائصهم ومشكلاتهم وحاجاتهم، وظروف تنشئتهم تعدّ من الأولويات الهامة في المجتمعات التي تريد أن تنهض بقدرات أبنائها باعتبارهم الفئة الذهبية الرائدة والثروة القومية التي تشكل الأساس في بناء الوطن وتطوره على كافة الصُّعد.
يقول تايلور "إن الأمم التي تستطيع أن تحدد القدرات الإبداعية لدى أبنائها ولا تشجعها، لن تجد نفسها في ركب الحضارة والتقدم".(1)
ومن هذا القول نلاحظ أهمية الأنماط التربوية الحديثة التي وُظِّفَت لتساعدنا في التعامل مع الأبناء والطلاب والاهتمام بهم منذ طفولتهم ورعايتهم في الأسرة والمدرسة والمجتمع لتمكينهم من تفعيل قدراتهم وإبداعاتهم ليصبحوا نخبة من العلماء والمفكرين والقادة الذين تعتمد عليهم الإنسانية في تقدمها الحضاري.
ولهذا لابد من الكشف عن المشكلات التي تواجه الطلاب المتفوقين والموهوبين والعمل على حلها واتباع أفضل أساليب المعاملة الوالدية التي ينتهجها الآباء تجاه أبنائهم وتهيئة البيئة المحيطة بهم لتنمية قدراتهم وتوفير الإمكانات المادية والمعنوية التي تشعرهم بالدفء والحنان والتقدير(2).
يرى لويس وكربولي العالمان في مجال التفوق أن العلاقة الحميمة بين الطفل ووالديه لها دور جوهري في نمو قدراته الإبداعية. وتعد أنماط الرعاية الوالدية ذات أثر بالغ في تكوين شخصية الأبناء من خلال المعاملة التي يتلقاها الطفل من والديه داخل الأسرة، والتي تشكل أثراً بارزاً في بناء شخصيته وسلوكه وتوافقه وقيمه(3).
فتربية الطفل المتفوق ليست بالمهمة السهلة أو اليسيرة على الآباء لذا عليهم أن يقدموا كل إمكانياتهم وخبراتهم من أجل تشكيل نموذج مثالي للتنشئة السليمة لأطفالهم. والأسرة بناء أساسي واجتماعي مهم سواء من حيث مكوناته الشكلية أو مؤثراته الداخلية وله وزنه في عملية التنمية الاجتماعية للمجتمع ولا يمكن الفصل بين الأسرة والمجتمع.
الأسرة هي المؤسسة الأولى المعنية بكشف قدرات أبنائها، هي الجماعة الأساسية التي عليها أن تهتم وترعى هذه القدرات وتطورها وتوفر لها كل الإمكانات التي من شأنها أن تستثمرها بما يفيد التطور والتقدم.
يقول (بلوم 1985) إن الأسرة إذا لم تستطع أن تشجيع طفلها وتقدره حق قدره من توفير المناخ الملائم له في البيت فإن قدراته سوف تضمحل وتتلاشى أو تبقى كامنة في داخله.
وتشتمل عملية التنشئة الاجتماعية على جانب هام من جوانبها المتعددة وهي أساليب المعاملة الوالدية والذي يقصد به تلك الاتجاهات في تنشئة الأبناء أو الأسلوب الذي تتسم به سياسة الوالدين في معاملة الأبناء فكلما اتسم جو البيت بالود والتفاهم والتشجيع كلما ظهرت المواهب وتفاعلت القدرات الابتكارية لدى الأبناء(4).
أولاً- تعريف المتفوق:
المتفوق هو شخص ذكي نابغ متفوق ذو مستوى متميز في الأداء بالنسبة للأطفال الآخرين الذين هم في مثل سنّه، ويتصف بنمو لغوي يفوق المعدل العام، ومثابرة في المهمات العقلية الصعبة، وقدرة على التعميم ورؤية العلاقات، وفضول غير عادي، وتنوع كبير في الميول.
وتتراوح نسبة ذكائه حسب مقياس ستانفورد - بينيه للذكاء 130 فأكثر، وهو كل من يقع ضمن أعلى 5% أو أعلى 50 طالباً من مجتمع المدرسة أو المنطقة التعليمية أو القطر حسب محك القياس أو الاختبار.
ثانياً- الصفات الشخصية للمتفوقين:
يتصف المتفوق بأنه يتمتع بذكاء يفوق المعدل الطبيعي، فمثلما يوجد أشخاص يكون مستوى تفكيرهم أقل من المعدل الطبيعي مما يؤثر على قدراتهم الاستيعابية والانتباه، كذلك يوجد أشخاص لديهم قدرات فائقة في التحصيل والاستيعاب تصل إلى حد لا يتناسب مع سنهم ومع أقرانهم، وهذه القدرة العقلية في التفكير ينتج عنها حالة عقلية وجسدية وعاطفية تتطور وتنمو بشكل فائق خارجَ مسارها الطبيعي. ومن أهم الصفات الخاصة بالأشخاص المتفوقين ما يلي:
1. الأفكار المعقدة والعميقة (عواطف حادة - كثرة الأسئلة - الحساسية الشديدة - حب الفضول- حب التحدي- توافر قدر كبير من الطاقة- الاعتداد بالنفس- البحث عن معنى للحياة).
2. يتصف المتفوق بكفاءة مبكرة في التواصل اللفظي والكتابي.
3. يمتلك المتفوق قدرات عالية على ملاحظة الأشياء وكأنه يرى أكثر مما يرى غيره من الأطفال العاديين.
4. يتميز المتفوق بعدد من المواهب والهوايات والألعاب.
5. يتصف المتفوق بذكاء شديد وطموح وإدراك العلاقات السببية بين الأشياء، وحبه لتكوين علاقات وصداقات مع الآخرين بالإضافة إلى أنه يتصف (غالباً) بشعبية عالية ضمن محيطه.
6. يستطيع المتفوق التكيف والتلاؤم بسرعة أكثر مع محيطه.
7. يتميز بحساسية شديدة ولديه حب الفضول
ثالثاً- السمات المعرفية للمتفوقين:
من البحوث التي توجهت لدراسة السمات المعرفية للطلاب المتفوقين أبحاث التربويين (تيجانو - موران- سوبرز) حيث توصلوا إلى أهم السمات المعرفية التي يتميز بها تفكير المتفوقين.
1- التخيل: وهو مؤشر إيجابي للاستعداد الإبداعي ومعناه انطلاق الأفكار غير التقليدية بحرية دون تقييد أو تقويم، فالأطفال الذين يشتركون في التخيل من المحتمل أن يصبحوا مفكرين خياليين، ونشاط التخيل يزيد من الذخيرة السلوكية وينمي التفكير الإبداعي.
2- التفكير التباعدي:
يعني الخروج بأفكار بارعة ومفاجئة أو إعطاء بدائل لحل مشكلة ما، أو التلاعب المعرفي، ويتمثل على شكل دعابة وتضم الأفكار مفاهيم القبول غير التقويمي والحلول المتعددة، وتشجيع الأطفال عليها يساعدهم قي استنباط العديد من الأفكار الإبداعية.
3- إيقاع المفاهيم: يعني الأسلوب المعرفي الذي يلجأ إليه الفرد عندما يطلب منه مهمة معينة تتطلب تنظيم ما يراه وما يدركه في ذاكرته بشكل يسهل عليه استدعاؤه وتوظيفه في معالجة المعلومات في الموقف الذي يوضع فيه.
4- الفضول والإبداع:يقصد بالفضول المشاركة في المزيد من الاستكشاف الذي يؤدي إلى حل إبداعي للمشاكل، والفضول كالإبداع من الصعب تعريفه وقياسه،وثمة علاقة قوية بين الفضول والإبداع عندما يقاس الإبداع كتفكير أصيل أو طلاقة فكرية أو تخيل.
المجالات الإبداعية: من أهم المجالات التي يتسم بها المتفوقون وتميزهم عن غيرهم أنهم يتسمون بعدد من المجالات نبيّنها في الجدول التالي:
الإبداع
القيادة الدافعية التعلم
محب للاستطلاع ذو كفاءة وينجز بدقة متقن لأعماله حصيلته اللغوية كبيرة
لديه أفكار وحلول للمشكلات ذو ثقة كبيرة بنفسه لا يميل للأعمال الروتينية لديه حصيلة كبيرة من المعلومات
يعبر بجرأة ولا يخشى النقد محبوب من الجميع بحاجة إلى قليل من الحث في عمله سريع البديهة وقوي الذاكرة
حب الاستكشاف يعبر عن رأيه بوضوح يسعى إلى إتمام عمله نافذ البصيرة ويحلل الوقائع
سريع البديهة واسع الخيال يتمتع بالمرونة في تفكيره يفضل العمل بمفرده ملمّ بالأنظمة والقوانين
يتمتع بروح الدعابة اجتماعي يهتم بأمور الكبار حاد الملاحظة
مرهف الحس يدير الأنشطة المشارك بها حازم ومغامر كثير القراءة والمطالعة
ذواق للجمال يشارك في معظم الأنشطة يميز بين الصواب والخطأ
دقيق في كلامه
رابعاً - الخصائص العامة للمتفوقين:
يتصف المتفوقون بمجموعة من الخصائص منها:
أ - الخصائص الجسمية:
* مستوى النمو الجسمي والصحة العامة للمتفوقين أفضل من الأطفال العاديين.
* المتفوقون أكثر حيوية وطولاً.
* المتفوقون باستطاعتهم المشي والتكلم في سن أكبر من الأطفال العاديين.
* المتفوقون أقل عرضة للإصابة بالإعاقة البدنية والعضوية كالسمع والبصر.
ب - الخصائص العقلية:
* الطفل المتفوق أسرع في نموه العقلي عن غيره من الأطفال العاديين، فالعمر العقلي للطفل المتفوق أكبر من عمره الزمني.
* نسبة ذكاء الأطفال المتفوقين فوق 140.(5)
* يتميز المتفوقون بسرعة اكتسابهم اللغة عن الأطفال العاديين.
* المتفوقون يتعلمون القراءة في سن مبكرة.
* ميول المتفوقين غير عادي للقراءة في سن مبكرة.
* قراءة المتفوقين التوسعية في مجالات خاصة.
* قدرات المتفوقين فائقة على التفكير المجرد والمنطقي.
* قدرة المتفوقين الحسابية ممتازة ومتميزون في التفكير الابتكاري.
* المتفوقون يحبون الدروس العلمية ويحبون الاستطلاع.
جـ - الخصائص الانفعالية والاجتماعية:
* يتميز المتفوقون بقدرتهم على تكوين علاقات اجتماعية مع غيرهم والتأقلم مع الجماعات التي يعيشون معها.
* دلت الدراسات على أن المتفوقين هم الأكثر شعبية بين أقرانهم.
* يميل المتفوقون بقوة لضبط النفس وتحمل المسؤولية. * هادئون، مسالمون، وأقل رغبة في السيطرة.* واثقون من أنفسهم، جادون، مثابرون، مكتفون ذاتياً.* أقل رغبة في التباهي، واستعراض المعلومات.* يفضلون أن يكون رفاقهم في اللعب أكبر سناً منهم.
إن المتفوق في تعلمه لا يسير بالضرورة وفق التسلسل المنطقي لخطوات التعلم للوصول إلى نتيجة ما، حيث أن الطفل المتفوق قادر على أن يقفز عن عدد من الخطوات المنطقية وأن يردم الهوة بينها بسرعة ليصل إلى النتيجة، في الوقت الذي لا زال المعلم يسير حسب الخطوات التسلسلية لحل المشكلة.
د ـ الخصائص السلوكية:
1. لديهم الرغبة لفحص الأشياء الغريبة وعندهم ميل وفضول للبحث والتحقيق.
2. تصرفاتهم منظمة ذات هدف وفعالية وخاصة عندما تواجههم بعض المشاكل.
3. لديهم الحافز الداخلي للتعلم والبحث وغالباً ما يكونون مثابرين ومصرين على أداء واجباتهم بأنفسهم.
4. يستمتعون بتعليم كل جديد وعمل الأشياء بطريقة جديدة.
5. لديهم القدرة على الانتباه والتركيز أطول من أقرانهم.
6. أكثر استقلالية وأقل استجابة للضغط من زملائهم.
7. لديهم القدرة على التكيف من عدمه مع الآخرين حسب ما تقتضيه الحاجة.
8. ذوو أخلاق عالية وتذوق للجمال والإحساس به.
9. لديهم القدرة على الجمع بين النزعات المتعارضة كالسلوك الهادم والبناء.
10. عادة ما يظهرون سلوك أحلام اليقظة.
11. يخفون قدراتهم أحياناً حتى لا يبدون شاذين بين أقرانهم.
12. غالباً ما يكون لديهم الإحساس الواضح والحقيقي حول قدراتهم وجهوده.
خامساً - مستويات المتفوقين عقلياً:
لقد استخدم مصطلح المتفوقين ليدل على مستوى عالٍ من القدرة على التفكير والأداء، وقد ظهرت اختلافات بين الباحثين حول الحد الفاصل بين المتفوق والعادي من الأطفال من حيث الذكاء، فقد بلغ هذا الحد عند تيرمان 140 فأكثر، وعند هونجورت 130 فأكثر، في حين نجده عند تراكسلر تدنى إلى 120 فأكثر، وحتى على مستوى المتفوقين أنفسهم قسمت وصنفت إلى مستويات، حددها حسب مقياس الذكاء العقلي عند استانفورد كما يلي:
1 - فئة الممتازين: وهم الذين تتراوح نسبة ذكائهم بين (120 أو 125) إلى (135 أو 140) إذا طبق عليهم اختبار ستانفورد بينيه.
2 - فئة المتفوقين: وهم من تتراوح نسبة ذكائهم بين (135 أو 140) - 170 على نفس المقياس السابق.
3 - فئة المتفوقين جداً (العباقرة): وهم الذين تبلغ نسبة ذكائهم 170 فما فوق.
أما تصنيف كرونشاتك فيقسمه إلى مستويات ثلاثة كما يلي:
أ - الأذكياء المتفوقون: هم الذين نسبة ذكائهم بين 120- 135 ويشكلون ما نسبته 5% - 10%.
ب - المتفوقون:تتراوح نسبة ذكائهم بين 135-140 إلى 170 ويشكلون ما نسبته 1% - 3%.
ج - العباقرة (المتفوقون جداً): تتراوح نسبة ذكائهم 170 فأكثر وهم يشكلون 0.00001% أي ما نسبته واحد من كل مئة ألف، أي نسبة قليلة جداً.
سادساً - مجالات التفوق:
للتفوق مجالات متنوعة ومتعددة في كافة المناحي العلمية والحياتية ولا يقتصر التفوق على العوامل التحصيلية، وإنما يتناول عدداً من المجالات الحياتية المتمثلة بالفنون والتكنيك والرياضة والخياطة والعمارة والزراعة والقيادة الجماعية وبعض المهارات اللغوية كالشعر وكتابة الروايات والقصص وغيرها...إلخ. والذكاء له علاقة وثيقة الصلة بالتحصيل بصورة واضحة في حال توفرت الجهود التربوية كالتدريب والتربية والمران والممارسة المتكررة لإكساب الخبرة والقدرة على أداء العمل ولكي نحقق التفوق لابد من الاهتمام بمجالات التفوق ومن أهم هذه المجالات نذكر منها ما يلي:
1. التفوق في مجال الذكاء العام.
2. التفوق في مجال الرياضيات.
3. التفوق في مجال العلوم.
4. التفوق في مجال الهندسة.
5. التفوق في مجال الفنون البصرية (الرسم - النحت - الخزف - الديكور).
6. التفوق في مجالات عدة منها: (اللغة - الموسيقى - الدراما - الرياضة - القيادة).
سابعاً- تحديد التفوق في ضوء مستوى التحصيل الدراسي:
يعتبر التحصيل الدراسي من المحكات الرئيسة في الكشف عن المتفوقين وذلك باستخدام السجلات المدرسية، لأن التحصيل يعتبر أحد المظاهر الأساسية عن النشاط العقلي الوظيفي عند الفرد ولكن خطورة هذا النوع من التحديد للمتفوقين عقلياً هو أن هناك بعض التلاميذ المتفوقين لا يحققون نجاحاً بارزاً في التحصيل الدراسي وهذه الفئة أصبحت ظاهرة متكررة ومؤكدة في كثير من الدراسات.
وهناك عدة عوامل ترتبط بضعف القدرة على الإنجاز أو التحصيل عند المتفوق وهذه العوامل هي:
1. ضعف الوضوح وقصور في التحديد عند اختيار المواد الدراسية والمهنية.
2. ضعف في ضبط الذات، معاناة من الانطواء والانكفاء الذاتي، وجود ميول عصابية.
3. خضوع في الأسرة، خضوع ذاتي، سيطرة أبوية، إهمال شديد.
4. عدم وجود أهداف، وجود مطالب والدية صعبة التحقيق، رغبات مكبوتة.
5. ضعف وعدم تحمل المسؤولية، الاتكالية، الإحباط، وعدم الثقة بالنفس، فتور الهمة والانسحاب من الحياة.
ثامناً- الذكاء ونظرياته:
أ- مفهوم الذكاء:
يختلف عامة الناس في نظرتهم للذكاء، فبعضهم يصف الذكي بأنه ذو اليقظة والفطنة وحسن الانتباه لما يدور حوله أو ما يقوم به من أعمال، ومنهم من يراه بأنه الشخص الذي يقدر عواقب أعماله ولديه القدرة على التبصر، ومنهم من يراه بأنه الشخص النبيه… ومهما يكن من أمر هذه العبارات، إلا أن عالم النفس ينظر إلى الذكاء بطريقة مختلفة عن تلك التي ينظر بها الآخرون إليه، فالذكاء بالنسبة لعلماء النفس سمة يمتلكها كل الأفراد.
ب- تعريف الذكاء:
كثرت التعريفات العامة للذكاء وقدم علماء النفس شتى أنواع التعريفات فبعضها يتعلق بوظائفه، وبعضها يتعلق بالطريقة التي يعمل بها، وهذا أدى ببعض الباحثين إلى دراسة هذه التعريفات وتصنيفها إلى ثلاث مجموعات:
المجموعة الأولى: تؤكد على الأساس العضوي للذكاء:
وهذه المجموعة تعرف الذكاء بأنه قدرة عضوية فيزيولوجية تلعب العوامل الوراثية دوراً فيها.
المجموعة الثانية: تؤكد على أن الذكاء ينتج من التفاعل بين العوامل والفرد:
فالذكاء في نظرها يعني القدرة على فهم اللغة والقوانين والواجبات السائدة في المجتمع، وهنا تكون العوامل الاجتماعية هي العوامل المؤثرة في الفروق بين الأفراد في الذكاء.
جـ - طبيعة الذكاء:
ينظر إلى الذكاء كقدرة كامنة تعتمد على الوراثة وعلى النمو والتطور السليمين، فالذكاء كقدرة كامنة يمكن تعديلها عن طريق الاستثارة بالمؤثرات البيئية المختلفة، كما يؤكد العلماء على أن الذكاء يقف في عمر معين عند الفرد وإن كان هناك اختلاف بين العلماء حول العمر الذي يقف فيه نمو الذكاء. إن نمو الذكاء قد يتوقف كقدرة كامنة شأنه في ذلك شأن النمو الجسمي ولا يعني ذلك توقف التعلم والإنتاج العقلي واكتساب المهارات والخبرات الجديدة، إن تصنيف الذكاء أسهل من تصنيف الإبداع، حيث قسَّم د.هوارد جاردنر الأستاذ بكلية هارفرد للدراسات العليا الذكاء وفق التصانيف التي تتلخص فيما يلي:
1- الذكاء اللغوي: يتميّز هؤلاء بالكتابة والقراءة وحكاية القصص أو حل الكلمات المتقاطعة.
2- الذكاء المنطقي (الحسابي): يتميّز بحب التعمّق في التفكير، فأصحابه يهتمون بالتصميمات، التقسيمات، علاقة الأشياء بعضها ببعض، الرياضيات والألعاب التي تعتمد على التخطيط والتجارب.
3- الذكاء الجسدي (الحركي): يهتمّ بالألعاب البدنية وحركات الأجسام ودقة القيام بها، يحب أصحابه الرقص أو أحد أنواع الرياضات المختلفة.
4- الذكاء الفنّي: يهتم المتميزون به بالتفكير بالصور فهم يقضون أوقات فراغهم بالرسم أو اللعب بالمكعبات أو ربما أحياناً يستمتعون فقط بأحلام اليقظة وتصميم واقع خاص بهم.
5- الذكاء الموسيقي: إن كل الأطفال يحبون الرقص والموسيقى في أعمارهم المبكرة، إنما أطفال هذا الذكاء يدركون الأصوات التي قد لا يدركها الآخرون وغالباً ما يكونون مستمعين متفحّصين وتكون لديهم القدرة على التميز بين أنواع الموسيقى والنغمات المختلفة.
6- ذكاء التعامل مع الآخرين:يكون أصحابه بارعين في علاقاتهم مع الآخرين، فهم يكونون شخصيات قيادية بالنسبة لزملائهم، يتميّزون بالقدرة على فهم مشاعر ودوافع من يتعاملون معه.
7- ذكاء فهم النفس: يكون أصحاب هذا الذكاء أكثر قدرة على فهم أنفسهم مقارنة بفهم الآخرين لأنفسهم، يتميّزون بالخجل وبالقدرة على المبادرة في نفس الوقت، يكونون على دراية جيدة جداً بمشاعرهم.
د- أهم النظريات التي حاولت تفسير طبيعة الذكاء:
1. نظرية العاملين: يرى "سبيرمان" أن الذكاء ليس عملية عقلية معينة كالإدراك والتفكير، بل هو عامل عام أو قدرة عامة تؤثر في جميع العمليات العقلية بنسب متفاوتة يشترك معه عامل نوعية خاصة.. والعامل العام في رأيه يؤثر في جميع القدرات والعمليات الجيدة من استدلال وابتكار وتصور وتذكر وإدراك حسي ولكنه يؤثر فيها بنسب مختلفة، وبعبارة أخرى فالذكاء جوهر النشاط العقلي كله فهو يظهر في جميع تصرفات الفرد وأوجه نشاطه المختلفة مع وجود استعدادات نوعية إلى جانبه.
2. نظرية العوامل المتعددة:
يرى "ثورندايك" صاحب هذه النظرية أن الذكاء يتكون من مجموعة من العوامل أو القدرات المتعددة وللقيام بعملية عقلية ما لابد من تضافر ووجود عدد من القدرات تعمل مشتركة فيما بينها على اعتبار أن هناك ارتباطاً بين كل عملية وأخرى.. ويرى ثورندايك أن العمليات العقلية هي نتاج لعمل الجهاز العصبي المعقد الذي يؤدي وظيفته على نحو كلي ومتنوع بحيث يصعب وصفه على إنه مجرد امتزاج مقادير معينة من عام عامل وعوامل نوعية.. ويرى "ثورندايك" أن هناك أنواعاً للذكاء حددها كالآتي:
أ- الذكاء المجرد: وهو القدرة على معالجة الألفاظ والرموز والمفاهيم المجردة بكفاءة.
ب- الذكاء الاجتماعي: وهو القدرة على التفاعل بفاعلية مع الآخرين وإقامة علاقات اجتماعية ناجحة.
ج- الذكاء الميكانيكي: أي قدرة الفرد على التعامل مع الأشياء المادية المحسوسة.(6)
3. نظرية العوامل الطائفية:
يرى "ثيرستون" صاحب هذه النظرية أن الذكاء يتكون من عدد من القدرات العقلية الأولية، وهذه القدرات مستقلة عن بعضها بعضاً استقلالاً نسبياً لا مطلقاً، وأن بعض العمليات المعقدة يوجد بينها عامل رئيس مشترك يدخل في عدد من العمليات ولا يدخل في البعض الآخر، فمثلاً حتى نفهم الهندسة أو الجبر لا بد من تضافر القدرة على التصور البصري والقدرة على الاستدلال،وفهمنا لقصيدة شعرية لا بد من تضافر القدرة على فهم المعاني والطلاقة اللفظية والقدرة على التذكر.
هـ - خصائص الذكاء:
وتشمل: 1. نمو الذكاء وتوزيعه: يزداد الذكاء بزيادة العمر، وهذه الزيادة هي السبب الذي جعل بينيه يتخذ من العمر العقلي وحدةً لقياس الذكاء، كما اتخذ من نسبة هذا العمر إلى العمر الزمني دليلاً على تقدم الطفل أو تأخره العقلي.
2. زيادة النمو العقلي: إن النمو العقلي لا يزيد بتقدم الطفل في العمر، وإنما يكون هذا النمو سريعاً في السنوات الخمس الأولى من حياة الطفل ثم يبطئ بالتدريج بعد ذلك.
3. السن التي يقف عندها الذكاء:اختلف علماء النفس في تحديدهم للسن التي يقف عندها الذكاء، فالبعض قال إن الذكاء يصل أقصاه في سن 15 أو /16.
4. بقاء نسبة الذكاء ثابتة: أكدت أغلب اختبارات الذكاء أن نسبته تبقى ثابتة بتقدم العمر.
5. سرعة نمو الذكاء: إن نمو الأذكياء أسرع من نمو الأشخاص العاديين والأغبياء، وهذه النتيجة مترتبة على النتيجة السابقة، وهي نسبة الذكاء تبقى ثابتة بتقدم العمر.
6. توزيع الذكاء: لو طبقنا اختباراً في الذكاء في مجتمع ما على مجموعة عشوائية من أفراد هذا المجتمع، لوجدنا أن نسب الذكاء تتوزع بين الأفراد بحيث تتركز غالبيتهم حول المتوسط، ويتضاءل عدد الأفراد كلما ابتعدنا عنه.
توزع نسب الذكاء
نسبة الذكاء التوزيع (%)
عبقري (أو قريب من العبقري) 140 2
فوق ذكي جداً 120-140 7
ذكي 110-120 13
عادي (متوسط) 90-110 60
غبي (أقل من المتوسط) 80-90 10
غبي جداً 70-80 7
ضعيف العقل أقل من 70 1
هوامش:
(1) سلمان، فاروق. 2002: الموهوبون والمتميزون، كلية التربية، جامعة بغداد. ص76.
(2) خليل، عماد. 2001: ماذا ينتظر منّا الموهوبون؟، كلية التربية، الجامعة المستنصرية. ص65.
(3) صالح، ماهر. 2006: مهارات الموهوبين ووسائل تنمية مهاراتهم الإبداعية، دار أسامة المشرق الثقافي، الأردن.ص13.
(4) شريف، السيد عبد القادر. 2004: التنشئة الاجتماعية للطفل العربي في عصر العولمة، دار الفكر العربي، مصر. ص58.
(5) عدس، محمد عبد الرحيم (1995):الآباء وتربية الأبناء، الطبعة الأولى، دار الفكر للطباعة والنشر، الأردن، ص32.
(6) عبد الشهيد، نجاح (1986): مقارنة بين الاتجاهات الوالدية في التنشئة من حيث علاقتها باستقلالية الطفل، رسالة ماجستير، كلية التربية، جامعة عين شمس، ص81.
المصدر : الباحثون العدد 66 كانون الأول
|
أطبع
المقال |
أرسل المقال لصديق
|
|
|