|
110620390 زائر
من 1 محرم 1425
هـ
|
|
|
>> مقالات نفسية وسلوكية
<< |
الأسئلة الجنسية المحرجة.. وكيف نتعامل معها؟؟ |
الكاتب : الدكتور حسان المالح |
القراء :
2652 |
يتضمن النمو الطبيعي للأطفال حب الاستطلاع وحب السؤال وحب التعرف على الأشياء المحيطة، باللمس والفك والتركيب والتكسير أيضاً.. ثم يتعلم الطفل بالمثال العملي والنموذج، ثم يتعلم من خلال القيم والأفكار المجردة مثل العيب والحرام والمسموح والممنوع والجميل والقبيح والخير والشر والعدل والظلم.. ويبدأ عالم الطفل عيانياً ملموساً محسوساً ثم تنمو القدرات التجريدية والخيالية والذهنية وبعدها القدرات الخلقية والقيم والتفكير المجرد ومن ثم التفكير المنطقي والواقعي.. وكل ذلك يمر بمراحل متداخلة ومترابطة.
وهناك عدد من الأسئلة المحرجة التي يوجهها الأبناء والبنات إلى أهلهم مثل: من أين يأتي الطفل؟ وكيف يحدث الحمل؟ ولماذا الاختلاف بين أعضاء الذكر والأنثى؟ وغير ذلك.. وهذه الأسئلة طبيعية عموماً وهي أسئلة بريئة ولا تخفي أموراً خطيرة ولا تستدعي القلق والخوف من المربين.. وهي تتطلب إجابات عنها ترضي الطفل وتناسب سنه. ومن المفهوم أن يشعر المربي بالحرج والقلق في مجتمعاتنا حيث ترتبط الأمور الجنسية بالجهل والخرافة ونقص المعلومات وبالتكتم الشديد حولها.. وهذا جزء من تخلف الوعي الصحي العام وتخلف الوعي الجنسي بشكل خاص. وكثير من المربين يتجاهلون الأسئلة ويغيرون الموضوع أو يعطون إجابات مقتضبة أو خاطئة أو غير مرضية للطفل.. وفي الثقافة الشعبية أن تكون الإجابة على سؤال من أين يأتي الطفل مثلاً: إن الطفل قد جاء به طائر كبير، أو أن الحمل نتج عن نفخة هواء أدت إلى انتفاخ البطن وغير ذلك.. وبعض المربين يعنّفون الطفل ويسكتونه ويوحون له أن مثل هذه الأسئلة دليل على الانحراف ودليل على العيب والحرام..
والحقيقة أن الجهل والتخويف يمكن أن يؤدي إلى مشكلات متنوعة جنسية واجتماعية وأخلاقية، كما يؤدي إلى البحث عن مصادر للمعلومات قد تكون خاطئة وسيئة ومنحرفة. ومما لاشك فيه أن العلم نور وأن المعرفة تخفف من القلق وتساعد على الضبط وفهم الطفل لنفسه وأعضائه ويمكن أن تجنبه أمراضاً ومشكلات كثيرة..
ويختلف علماء التربية في تحديد السن المناسبة للثقافة الجنسية المبسطة، وبعضهم يحدد سناً مبكرة (ما قبل المرحلة الابتدائية أو خلالها) وبعضهم يؤخر ذلك.. ولكن الجميع يتفقون على أهمية إعطاء المعلومات المناسبة البسيطة والصحيحة في جو عائلي هادئ دون إثارة أو تخويف وبلهجة محايدة منطقية..
ويفضل أن يتحدث الأب إلى ابنه والأم إلى ابنتها وذلك أسهل للجميع.. ومن الممكن استعمال لغة تشريح الجسم المبسطة ووظائف الأعضاء، ومن الشائع استعمال أمثلة من عالم الحيوانات الأليفة مثل القطط والعصافير.. وفي الثقافة البريطانية لايزال يستعمل مصطلح «النحل وتلقيح الزهور» كتعبير عن حقائق الحياة الجنسية عند البشر. وفي الثقافة الريفية والبدوية يشاهد الأطفال الحيوانات المتنوعة أثناء تلاقحها وولادتها..
ومن المهم تفهّم عقلية الطفل واستعمال إجابات مفيدة على قدر السؤال.. ولايمكن إعطاء كل المعلومات دفعة واحدة، ويمكن أن يحدث ذلك على مراحل وفي الوقت المناسب والجو المناسب.
ومن المتفق عليه الابتعاد عن تشجيع الإثارة الجنسية عند الأطفال أو التعرف عليها مباشرة من خلال مشاهدتها واقعياً أو من خلال الصور.. والطفل لا يمكنه أن يفهم ما الذي يحدث أمامه ويعتبره مشهداً مخيفاً ومؤلماً وصدمة نفسية تسبب القلق والعقد المختلفة وتبقى آثارها مدة طويلة.. وقد يحدث عرضاً دخول الطفل إلى غرفة والديه أو اقترابه منهما أثناء علاقتهما ولابد من التنبه وأخذ الاحتياطات العادية لمنع حصول ذلك، وأيضاً إلى محاولة تخفيف وقع الصدمة في حال حصولها بأساليب بسيطة ومريحة ومقتضبة.
ومن الأخطاء الشائعة في التعامل مع جسد الطفل الإفراط في تنظيفه ودلكه ورش المواد المطهرة و» البودرة « في المناطق الجنسية. ولابد من الاعتناء والنظافة بالأعضاء الجنسية وبشكل صحي دون إفراط أو تفريط..
ولابد من إعطاء المعلومات المناسبة حول النظافة والطهارة وكيفية الاغتسال وغير ذلك من القضايا الفقهية المتعلقة بالجنس دون حرج أو خوف مبالغ فيه ولاسيما فيما يتعلق بمرحلة البلوغ ومظاهرها وأعراضها والتغيرات الجسمية والفيزيولوجية المرتبطة بها مثل الدورة الشهرية والاحتلام عند البنات وعند الذكور.
ومن الموضوعات الهامة التي تسبب الإحراج والقلق والتكتم ما يتعلق « بالإثارة الجنسية ومراحلها» «والعادة السرية» و»لعب الأطفال أو الإخوة» فيما بينهم.. ولابد من القول إن الطفل يكتشف نفسه وأعضاءه بشكل طبيعي.. وبعضهم يكتشف نفسه مبكراً ولأسباب متعددة.. وفي العموم يمكن اعتبار ذلك مرحلة طبيعية ولكنها تحتاج للتوجيه والمعلومات الصحيحة والمبسطة ولاتستدعي قلقاً كبيراً إلا في بعض الحالات أو الظروف الخاصة.. ولابد من وضع الحدود للسلوك المقبول وغير المقبول ولابد من انتباه الأهل إلى توضيح السلوك الخاطئ ووضع الخطة المناسبة لمنع تكراره، مثل إيذاء الطفل لأخته أو أخيه وغير ذلك.
وهناك موضوعات أكثر صعوبة وتساؤلات أكثر إحراجاً تتعلق «بالإيذاء الجنسي للأطفال» وتنتشر كثير من المخاوف والصور المرعبة حيث يخوف الأطفال من الغرباء وأنهم يسرقونهم ويشقون بطونهم ويضعون فيها النفايات.. وغير ذلك. وهذا لا يفي بالغرض ولابد من توجيه الطفل وتحذيره من اللمسات والتصرفات والمقدمات التي تؤدي إلى إيذاء الطفل جنسياً، ولابد من توضيح بعض المعلومات المبسطة حول ذلك وتعليم الطفل أن يتصرف وأن يحمي نفسه وأن يتحدث عن أية محاولة قد يتعرض لها كي يستطيع الأهل حمايته ومعاونته.. من الغرباء ومن الأقرباء أيضاً.
وأخيراً.. لابد للأهل من مساعدة الطفل على نموه الجسمي والعقلي بشكل صحيح وعلى توجيهه في الأمور الجنسية بما يتناسب مع هويته الجنسية ونموها وتطورها بدءاً من تسميته الاسم المناسب للذكر أو للأنثى مروراً بتشجيع صفاته الذكورية أو الأنثوية دون الخلط فيها مما يساعده على النمو الجنسي الصحيح، ولابد لهم من حماية أطفالهم من الجهل ومن الأذى.. ولابد للمجتمع من تحسين ثقافته الجنسية الطبية وترسيخها ومواجهة الموضوعات الحرجة تربوياً واجتماعياً دون أن نغمض أعيننا عما يجري حولنا أو في بيوتنا مما يضمن حياة أفضل للجميع.
المصدر : الباحثون العدد 58 نيسان 2012
|
أطبع
المقال |
أرسل المقال لصديق
|
|
|