الاتجاهات الأسرية العامة نحو المتخلف عقليا
كثيرا ما يُضايق المتخلف عقليا موقف الأهل منه و موقف المجتمع و موقف المدرسة, ففي كل الأطراف غلبة لموقف من يعطف عليه لضعفه, أو من يريده, أو من ينكره, أو يستغله, و يؤدي ذلك لدى المتخلف عقليا نوع من تعلقه بالآخرين, و يغلب فيه أنه يميل إلى أحد الطرفين: التبعية أو الكره و العدوانية.
إن تصنيف المتخلفين عقليا في فئة خاصة من الناس يعني بشكل منطقي وجود وضع مختلف في حياة هؤلاء عن وضع الناس العاديين, و هذا ما يدفع بالضرورة إلى وجود اتجاهات و تصورات مختلفة لوضع هذه الفئة وسط المجتمع بدءا بالأسرة. و تعتبر الأسرة المؤسسة الاجتماعية الأولى التي تلعب الدور الأساسي في تربية النشء, و تلقينهم الأخلاقيات و المعلومات المتنوعة التي تساعد على تكوينهم و تحديد معاملاتهم مع الآخرين.
و من المعروف أن الطفل المتخلف عقليا لديه قصور جسمي و ثقافي و عقلي, لا يمكنه من تحديد علاقاته و قيمه دون الاعتماد الأكيد على أسرته, التي توجهه بصورة مباشرة و غير مباشرة, حتى يكتسب خلال فترة زمنية معينة الخبرة و القدرة العقلية التي تؤهله للاعتماد على نفسه و التعامل مع الآخرين بإيجابية.
و تتنوع اتجاهات الوالدين و الأسرة نحو الطفل المعاق, إما بالإيجاب أو بالسلب, و التي ظهرت في العديد من الدراسات المختلفة, و قد أوضح " كيرك " و " جلانجر " إلى أن أي شخص من وضع نفسه كأب أو كأم لطفل معاق, فإنه سوف يُقدّر مدى الألم و الضيق و اليأس الذي يمثل جزءا لا يتجزأ من وجود طفل معاق في الأسرة, كما أنه سوف يتحقق من درجة الحاجة للسند الخارجي الواجب تقديمه لوالدي المعاق للاحتفاظ بتوازنهما في هذه الظروف المعيقة لحياة الأسرة, و أضاف أن معظم الآباء الذين لديهم طفل معاق يواجهون أزمتين أساسيتين:
o الأزمة الأولى: و التي يسميها " كيرك ": نمطا من الموت الرمزي. حيث يُبدي الوالدين أو أحدهما شعورا بأن الطفل المعاق قد يكون عدمه أفضل من وجوده, و أن وجود طفل معاق ذهنيا مخيب لآمال الوالدين و محبط لهما في تحقيق هدفهما في العملية الوالدية, و ما يترتب عن ذلك من ظروف محبطة.
o الأزمة الثانية: و تتعلق بمشكلة توفير الرعاية اليومية, حيث يندر أن تكون للأبوين خبرة في تنشئة الأطفال المعاقين ذهنيا, حيث أشار " عادل الأشول "( 1993 ) أن أهم الاستجابات الوالدية و ردود أفعال الأمهات و الآباء الشائعة عندما يظهر عندهم طفل متخلف عقليا:
- القلق،الشعور بالذنب والاٍحباط واليأس والعجز عن مواجهة المواقف.
- التشكك في التشخيص .
- الاٍعتراف بتخلف الطفل دون تبصر باٍعادة الشكلة.
- التبصر بمشكلة الطفل وقبول تخلفه والسعي اٍلى تعليمه وتأهيله.
وأوصى بأنه يجب على المرشد النفسي التعامل مع الميكانيزمات الدفاعية للوالدين،في عملية الاٍرشاد الأسري للأطفال المتخلفين والتي من أهمها:
* مواقف الحيرة والتذبذب.
* اليأس.
* الاٍفراط في الحماية.
* الرفض والتبرير.
* الاٍهمال.
هذا و قد أوضح " كانر"2 وجود ثلاث أنماط من الاستجابة الوالدية نحو التخلف العقلي و هي:
1- الاعتراف بالواقع الفعلي, بتقبل الأسرة لطفلها المتخلف عقليا, و تؤقلم أسلوب حياتها وفق ذلك الظرف الخاص.
2- إنكار الواقع, بحيث تستمر الأسرة في التهرب من حقيقة أن لديها طفلا متخلف, و ذلك باختلاق مبررات ضعيفة تفسر بها حالة طفلها.
3- عجز كامل عن مواجهة الواقع الفعلي, عن طريق الرفض و الإنكار التام عن وجود أية إعاقة ذهنية للطفل, عن طريق الكذب على الذات و على الآخرين.
مبادئ أساسية في اٍرشاد أسرة الطفل المعاق عقليا:
o ان مشكلة الطفل المعاق عقليا هي مشكلة الأسرة كلها ،وعلى المرشد النفسي أن يتبنى اٍتجاهات واقعية نحو الأسرة ،وأن يتفهم مشكلاتها وهمومها ومشاغلها الأخرى.
o التعرف على هموم أسرة الطفل المعاق من وجهة نظرها ،لأن كثير من العلاقات المهنية بين الأخصائيين والأسرة تفشل مبكرا ،لأن المرشد عجز عن التعرف الصحيح على مطالب الأسرة الحقيقية.
|