|
110525414 زائر
من 1 محرم 1425
هـ
|
|
|
>> ذوي الاحتياجات
<< |
رؤية إسلامية لرعاية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة |
الكاتب : ...... |
القراء :
10512 |
رؤية إسلامية لرعاية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة
- رعاية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في السنة النبوية:
لا شك أن منـزلة ذوي الاحتياجات الخاصة من مبادئ الإسلام كسائر ما ينـزل بساحة الفرد أو الجماعة من المسلمين من ابتلاء، وبمقتضى العقيدة الإسلامية ينبغي استقباله على أنه قدر الله عز وجل المكتوب في الأزل لا رادّ له إلا هو، قال تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ (157) (البقرة:155-157).
لكن هل يُفهم من هذا وقوف مبادئ الإسلام وأحكامه، كما وردت بها أدلة القرآن الكريم والسنة النبوية، على الخصوص، عند حدود التسليم الذي يُمليه المعتقد على صاحبه؟ أم أن تلك المبادئ هي نفسها تنفتح بالمبتلى بالإعاقة ومحيطه الاجتماعي على مسالك وأبواب تُحقق العلاج والشفاء منها إذا أمكن، أو التعامل معها بإيجابية على المستويات النفسية وفي المحيط الاجتماعي وحتى السياسي؟ وهل توفّر تلك المبادئ لذوي الاحتياجات الخاصة أساليب التربية العلاجية، وسبل الوقاية منها قبل ذلك؟
ويمكننا طرح هذه الأسئلة بصيغة أخرى، على سبيل الإجمال:
هل في مبادئ الإسلام وتجربته الحضارية التاريخية ما يكفل رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة؟
وهل في التجربة التاريخية ما يؤكد عملية وفعالية تلك المبادئ؟
وما مدى تجسيدها للقيم الحضارية السامقة كما تتجلى في السنة النبوية الشريفة في هذا الميدان الإنساني الاجتماعي الحساس والمهم؟
وهـل يمكننا اعتبارها تجسيداً لمعالم الرحمة النبوية تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة؟
وسـوف نحاول الإجـابة عن هـذه الأسئلة من خـلال المسائل الآتي ذكرها:
أولاً: أسس معاملة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في الإسلام كما تتجلى في السنة النبوية خصوصاً.
ثانياً: التربية العلاجية وسبلها في السنة النبوية.
ثالثاً: سبل الوقاية من الإعاقة في السنة النبوية.
أولاً: أسس معاملة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في السنة النبوية:
ينبغي في البدء إقرار المبدأ الإسلامي العظيم، الذي تحددت به مكانة النوع دون النظر إلى أي اعتبار عداه ألا وهو تكريم الإنسان، فقد تقرّر في محكم التنـزيل غير المتشابه القطعي الثبوت والدلالة أن الأصل في النوع التكريم، قال تعالى: ولقد كرمنا بني ءادم وحملناهم في البر والبحر (الإسراء:70)، وعـلى هذا فكل تنقّص من جهة أصل الخلقة الإنسانية موضـوعٌ في الإسـلام، وتجاوزٌ في حق الخالق الذي منح الإنسان هذه المكانة المميزة.
كما تمثل هذه الآية الكريمة منطلق كل تكريم للإنسان في القرآن والسنة النبوية، وإذا كان البحث قد استفاض في تناول التكريم الإنساني من جهة القرآن الكريم، فنرى السياق هاهنا يوجهنا نحو التماس بعض ذلك في السنة النبوية الشريفة، فقد ترجمت عن مظاهر كثيرة لهذا التكريم؛ من ذلك ما رواه أبو هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: « إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ، فَإِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ»( )، فالضمير في صورته هنا -كما نقـل النووي في شرحـه للحديث عن طائفة- يعود إلى الله تعـالى، ويكون المراد إضـافة تشريف واختصاص، وعليه فالحديث يخبر عن منـزلة رفع إليها المولى تبارك وتعالى الإنسان لم يخبرنا عن رفع مخلوق آخر إليها.
ومن مظاهر هذا التكريم في السنة الشريفة احترام النفس الإنسانية وإن كان صاحبها على غير ملة الإسلام، بل ومن الفئة التي عرفت الحق وتنكرت إليه وناصبت النبي صلى الله عليه وسلم والإسلام والمسلمين العداء، وكادت له ولدينه وللمسلمين وأعانت عليهم وغدرت بهم، نعنى اليهود؛ فقد أخرج الشيخان في الصحيحين أن «سَهْل بْن حُنَيْفٍ وَقَيْس بْن سَعْدٍ قَاعِدَيْنِ بِالْقَادِسِيَّةِ فَمَرُّوا عَلَيْهِمَا بِجَنَازَةٍ فَقَامَا، فَقِيلَ لَهُمَا: إِنَّهَا مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، أَيْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَقَالا: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ فَقَامَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ، فَقَالَ: أَلَيْسَتْ نَفْسًا»( ).
وتتأكد صور هذا التكريم الإنساني لدى نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم من خلال احترام الكيان الإنساني الجسماني، حياً وميتاً؛ فعن عائشة، رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا»( ).
كما يُلتمس تكريم النفس الإنسانية في البيان النبوي لقول الله تعالى تعقيباً على النهـاية المأساوية لقصة ابني آدم: مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً (المائدة:32) من تحميل ابن آدم القاتل أوزار المجرمين الذين يزهقون الأرواح بغير حق منذ اقتراف جريمته في حق أخيه إلى يوم القيامة؛ فعن عبد الله، رضي الله عنـه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا، وَذَلِكَ لأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ»( )،
وهذا المبدأ الإسلامي العظيم في تكريم الإنسان يتيح لنا إمكانية أن نفهم كيف اتسمت معاملة ذوي الاحتياجات الخاصة بالصفة الخُلُقية السامية، والأدلة على ذلك كثيرة منها:
- على المستوى النفسي:
من وجوه حفـظ هذا الاعتبـار الأدبي لذوي الاحتيـاجـات الخاصة في أحـكام الإسلام ما ورد من النهي عن السخرية من الآخرين والتنـابز بالألقـاب؛ قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (الحجرات:11)، فعن التنابز بالألقاب في الآية يقول الإمام الطبري: «إن الله تعالى ذكره نهى المؤمنين أن يتنابزوا بالألقاب، والتنابز بالألقاب هو دعاء المرء صاحبه بما يكرهه من اسم أو صفة، وعمّ الله بنهيه ذلك، ولم يخصص به بعض الألقاب دون بعض، فغير جائز لأحد من المسلمين أن ينبز أخاه باسم يكرهه أو صفة يكرهها»( )؛ ولا شك أن مناداة صاحب الاحتياجات الخاصة بها من أكره الأشياء إلى قلبه، فالتحريم في الآية كفٌ لعامل من عوامل زيادة الأسى النفسي إلى أسى العاهة، ولا عجب أن نرى - بعدئذ- من يُنادى بعاهته في حالة يُرثى لها من الصراع النفسي، والحقد الاجتماعي، والنظرة المتشائمة للحياة( ).
وتجاوز الأمر إلى اتخاذ العاهة موضوعاً للسخرية، التي قد تأتي على سبيل التلهي الفارغ، يستـحق أن يقع تحت طائلة الوعيد، الذي تضمنـه حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لا يُلْقِي لَهَا بَالاً يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لا يُلْقِي لَهَا بَالاً يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ»( ).
لهذا ينبغي أن «يقوم المربون بواجب النصح والتحذير لكل من كان حول المُصاب من خلطاء سواء أكانوا أقارب أم أباعد، حيث يحذرونهم مغبة التحقير والإهانة، ونتائج الاستهزاء والسخرية وما تتركه من أثر سيئ في نفوسهم، وما تحدثه من مضاعفات أليمة في أعماق أحاسيسهم ومشاعرهم»( ).
فتحريم السخرية من الآخرين تُمثل في هذا المقام ضماناً نفسياً للمعاق فيتكيف مع إعاقته، واجتماعياً فلا يضيف للمجتمع عبء كراهيته إلى جانب عبء إعاقته.
كما يندرج في هذا السياق نهي الله تعالى عن النجوى بالإثم والعدوان أو بغيرهما في أحوال معينة، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (المجادلة:9)، والحديث المتفق عليه، الذي رواه ابن مسعود، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا كُنْتُمْ ثَلاثَةً فَلا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الآخَرِ حَتَّى تَخْتَلِطُوا بِالنَّاسِ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُحْزِنَهُ»( )، في أحوال الناس الاعتيادية، أما إذا كان من يُتناجى دونه من ذوي الاحتياجات الخاصة المبتلين بنقص أو إعاقة فالظرف يُصبح مُشدّداً؛ إذ قد يتوهم في النجوى دونه ما يقع في إعاقته، فيزداد شعوره بالنقص، ويتأزم نفسياً.
لقد وضع الإسلام عن ذوي الاحتياجات الخاصة كثيراً من التكاليف، وخفف عنهم في أخرى؛ كما دلت على ذلك أحكام كثيرة وشواهد عديدة كسبـب نزول قوله تعالى: غير أولي الضرر (النساء:95)، فقد أخرج البخـاري في صحيحـه عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَأَخْبَرَنَا أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمْلَى عَلَيْهِ: لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير اولي الضرر قَالَ: فَجَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُـومٍ وَهُوَ يُمِلُّهَا عَلَيَّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَسْتَطِيعُ الْجِهَادَ لَجَاهَدْتُ، وَكَانَ رَجُلاً أَعْمَى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم ، وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي، فَثَقُلَتْ عَلَيَّ حَتَّى خِفْتُ أَنَّ تَرُضَّ فَخِذِي، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ( )، لكن مـع هـذا فإنه يقبـل ما يصـدر من ذوي الاحتياجات الخاصة إذا بذل ما يفـوق جهـده تحدياً للإعاقة( )، وقـد ضرب لنا الصحابي الجليل عمرو بن الجموح، رضي الله عنه، المثل الأعلى في هذا المعنى.
أَتَى عَمْـرُو بْنُ الْجَمُـوحِ، رضي الله عنه، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُـولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى أُقْتَلَ أَمْشِي بِرِجْلِي هَـذِهِ صَحِيحَةً فِي الْجَنَّةِ؟ -وَكَانَتْ رِجْلُهُ عَرْجَاءَ- قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : نَعَمْ، فَقُتِلُوا يَوْمَ أُحُدٍ: هُوَ وَابْنُ أَخِيهِ وَمَوْلًى لَهُمْ، فَمَرَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْكَ تَمْشِي بِرِجْلِكَ هَذِهِ صَحِيحَةً فِي الْجَنَّةِ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِهِمَا وَبِمَوْلاهُمَا فَجُعِلُوا فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ( )، فصرف طاقته الزائدة هنا يتحـول إلى رصيـد اجتمـاعي في إنجازات المجتمع الحضارية، خاصة إذا ارتبط الإنجاز بمعاني البطولة في سبيل الله.
وفي الوقت الذي يعتقد فيه الناس أن هذه الفئة الاجتماعية هي التي في حاجة للفئات الاجتماعية السوية، تأتي مبادئ الإسلام الخلقية السامية لتجعل المجتمع برمته هو الذي في أشد الحاجة للفئة الضعيفة فيه أثناء أصعب الفترات والظروف التي يمكن أن يمر بها، بل هو مـدين لهـا حتى في استمرار وجوده؛ فعَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، رضي الله عنه، قَالَ: رَأَى سَعْدٌ، رَضِي اللَّه عَنْه، أَنَّ لَهُ فَضْلاً عَلَى مَنْ دُونَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : «هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلا بِضُعَفَائِكُمْ»( )؛ فالضعفاء -بهذا- هم سبب استمرار الوجود المادي للمجتمع وسر قوته ومنعته وعزته في التصور الإسلامي، وبالتالي تصبح رعاية ومعاملة هذه الفئة -كسائر الضعفاء- قاعدة ذهبية وغاية اجتماعية يجند المجتمع برمته لتحقيقها، فترتفع معنويات ذوي الاحتياجات الخاصة، ويشعرون بمكانتهم المميزة في مجتمعهم.
- على المستوى الاجتماعي:
1- قد يكون من المناسب في هذا المقام تبيان المكانة الاجتماعية لذوي الاحتياجات الخاصة من خلال حدث مهم سجله القرآن الكريم، قال تعالى: عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4) أَمَّا مَنْ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10) (عبس:1-10)، نزلت هذه الآيات في الصحابي الضرير عبد الله بن أم مكتوم، رضي الله عنه، فقد روى الإمام الطبري في تفسيره أن ابن مكتوم جاء النبي صلى الله عليه وسلم يستقرئه وهو يناجي أمية بن خلف وغيره فـأعرض عنه نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله فيه ما تسمعون ... ، وذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلفه بعد ذلك مرتين على المدينة في غزوتين غزاهما يصلي بأهلها. وقال أنس بن مالك، رضي الله عنه، أنه رآه يوم القادسية معه راية سوداء وعليه درع له( )؛ وكذلك روى الترمذي في سننه عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها، قَالَتْ: «أُنْزِلَ فِي ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الأَعْمَى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْشِدْنِي، وَعِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعْـرِضُ عَنْهُ وَيُقْبِـلُ عَلَى الآخَرِ، وَيَقُـولُ: أَتَرَى بِمَا أَقُولُ بَأْسًا؟ فَيَقُولُ: لا، فَفِي هَذَا أُنْزِلَ »( )، فكان النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يكرمه ويقول: إذا رآه «مرحباً بمن عاتبني فيه ربي، ويقول: له هل لك من حاجـة»( )، وأصبـح بذلك من خيرة الصحابة، شارك في الحكم زمن النبي صلى الله عليه وسلم وحمل الراية في القادسية ففتح الله على بصيرته عوضاً عن بصره، فكان يحس بالأعداء ويقاتلهم، وبقي يحارب الفرس حتى قُطعت يده اليمنى التي يحمل فيها الراية وسقط شهيداً، وهذا يدل على عمق التشريع الإسلامي وإدراك الصحابة لذلك.
ويمكن للمحلل أن يستنتج ضرورة دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في مجتمعه وتقوية قدراته ليتغلب على عجزه بقوة تعويضية يملكها الكائن الحي( )؛ وتتحدّد مكانة ذوي الاحتياجات الخاصة في النظام الاجتماعي الإسلامي من خلال اعتبار الإسلام للإعاقة جزءاً من الحياة، والمعـوق (ذوي الاحتياجات الخاصة) جزءاً من المجتمع، له حقوق وعليه واجبات، وأن الإنسان ينال حاجاته الأسـاس حسب عمله، فإن عجز فتتولى أسرته أو مجتمعه أو دولته ذلك، فلا يجوز أن يظل محتاجاً أو متسولاً( )؛ وينظر إلى مكانته -أيضاً- من زاوية دور الخدمة الاجتماعية في الإسلام التي هدفها إقامة الضروريات الخمس من مقاصد الشريعة الإسلامية (الدين، النفس، النسل، العقل، المال) وتثبيت قواعدها، وتقوم بالدور العلاجي درءاً لاختلال الواقع الاجتماعي( ).
2- الدمج والانسجام الاجتماعي: وحرصاً من الإسلام على الانسجام الاجتماعي من جهة ودمج ذوي الاحتياجات الخاصة في النسيج الاجتماعي نقرأ قوله تعالى: لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (النور:61)، وقد نزلت هذه الآية «ترخيصاً للمسلمين في الأكل مع العميان والعُرجان والمرضى وأهل الزمانة (العاجزين بسبب أمراض مزمنة) من طعامهم من أجل أنهم كانوا قد امتنعوا من أن يأكلوا معهم خشية أن يكونوا قد أتوا بأكلهم معهم من طعامهم شيئاً مما نهاهم الله عنه بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً
يُلاحـظ هنا الحس الحضـاري الذي كان يتمتع به الصحابة، رضي الله عنهم، تجاه إخوانـهم الزمنى، ذوي الاحتياجات الخاصة؛ إذ كانوا يخشون إذا أكلوا معهم أن يأكلوا من نصيبهم فيكونوا بذلك قد أكلوا أموالهم بالباطل. لكن الله تعالى غلّب النـزعة الإنسانية الاجتماعية في دمج ذوي الاحتياجات الخاصة اجتماعياً، فنفى عنهم الحرج في ذلك ودعاهم للالتئام فيما بينهم على موائد الطعام أُلفة وتمازجاً. وقيل أيضاً في سبب نزول الآية - وهو ملمح آخر في التمازج الاجتماعي بين الأصحاء وذوي الاحتياجات الخاصة في مجتمع الصحابة - إن المسـلمين كانوا إذا غزوا خلّفوا زمناهم وكانوا يدفعون إليهم مفـاتيح أبوابهم يقولون: قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما في بيوتنا، وكانوا (أي الزمنى) يتحرجون من ذلك، يقولون: لا ندخلها وهم غُيّب، فأنزلت هذه الآية رخصة لهم( )، هكذا يُشعر المسلمون هذه الفئة منهم أنهم أهل لكل التقدير ورفعة المنـزلة والقرب الاجتماعي منهم.
3- الأهلية والرعاية الاجتماعية: أما ما يعرض لذوي الاحتياجات الخاصة من انتقاص أهلية أدائهم بسبب الإعاقة وما يترتب عنها من عوارض الأهلية، فلا يمس بأهلية الوجوب لهم، وعليه فالإرث والعطايا تستحق لأشد أنواع ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين تُصبح إرادتهم غير معتبرة، وينوب عنهم في حيازتها وحمايتها وتثميرها من يقوم على ولايتهم، ولا يجوز لهؤلاء التصرف في أموال من تحت ولايتهم إلا بما فيه مصلحتهم( )، وتندرج الولاية على النفس -كما هو ملاحظ- هنا ضمن الرعاية لحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة المادية.
والولاية على النفس باب كبير من أبواب الشريعة الغراء تبرز فيه أسمى معاني رعاية بعض ذوي الاحتياجات الخاصة، يقول الإمام محمد أبو زهرة: «تثبت الولاية على النفس حيث يتحقق... العجز عن وقوف الشخص وحده في الحياة واحتياجه إلى من يحميه ويقوم على شؤونه، لأنه لا يستطيع القيام بها وحده، ولا يستطيع حماية نفسـه في مضطرب المجتمع، وإن ذلك بلا ريب يتحقـق في الصغر والأنوثة، كما يتحقق في المجنون والمعتوه»( )، ثـم يقرر أن كلاً من الجنون والعته يوجبان -بالاتفـاق- الحجر والحاجة إلى ولي على النفس يرعاها ويعاونها، وإلى ولي على المال يدير له أمواله، ويدبر أمره( ).
وعمـل الولي عـلى النفس في هذا الصـدد يتجلى في حفظ المجنون أو المعتوه وصيانتـه، والمحافظة على ماله، ولا يتركه في الطرقات بحيث يتعرض الناس لأذاه، أو يؤذونـه، ويكون مظـهره معلناً فَقْد كرامته، والمطـالبة بعقـوبة من يؤذونه، والضمـان من ماله إذا أتلف مال غيره، أو جـنى جناية؛ إذ تُعـد أعماله من قبيل الخطأ، فلا تكليف عليه بفقد مناط التكليف( ).
وللمحافظة على الآخرين من أذاه تقرر الشريعة: «إما حجزه في مكان يأوي إليه غير مضيق عليه، وتُهيأ وسائل الرياضة المختلفة له، أو يكون المكان الذي يحجز فيه فسيحاً لا يشعر معه بضيق حتى لا يُعد حبيساً، بحيث يستطيع أن يستريض، ويزاول ما يسليه، وما لا يقطعه عن الحياة. وإما أن يُوضع في إحدى المصاح التي تكرم مثواه الإكرام المناسب لمن هو في مثل حاله»( ) وهو ما يتناسب مع حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة التي نادت بها المواثيق الدولية من ضرورة توفير الأماكن الملائمة للعلاج والمعاملة الكريمة، التي يحث عليها الإسلام في الرحمة بالضعفاء، فتمهد لهم السبيل ليكونوا بين الأسرة والمجتمع بدلاً من عزلهم، إذ يُسهم إدماجهم في تأهيلهم للعودة إلى الحياة والمجتمع( ).
كما منعت الشريعة –بالإجماع- تعزير ذوي الاحتيـاجات الخاصة ولو على وجه التأديب؛ لأنه ليس أهلاً للعقاب، ولا رجاء في تأديبه، فهو مريض يعالج بالرفق، ولا يعالج بالعنف( )، وهكذا تمثل الولاية على النفس أساساً متيناً من أُسس رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة في الإسلام على المستوى المادي والاجتماعي والخلقي والعلاجي.
4- الرعاية المالية: وقد تضمنت الأحكام المالية في الإسلام، خاصة منها النفقات والزكاة، رعاية مالية عالية المستوى، فقررت الضمان الاجتماعي للضعفاء والعاجزين؛ فلهم في أموال القادرين حق معلوم، يحقق لهم تمام كفايتهم، فيكفل لهم مستوى العيش الكريم، بتوفير الغذاء والكساء والمسكن والدواء؛ قال تعالى: والذين في أموالهم حق معلوم (المعارج:24-25)، وهذا ما يُعبر عنه في عصرنا باسم الضمان الاجتماعي، وهو مما ابتكره الإسلام منذ خمسة عشر قرناً( ).
وتحقيق هـذا التكافـل من مسؤوليات الدولة الإسلامية؛ ذلك أن: «من ترك مالاً فـلورثته، ومن ترك كلاّ (عاجزاً) ومن ترك عيالاً لا عائل لهـم، فإن محمدّ باعتبـاره رئيس الدولة عليه أن يعـوله، وكذلك يكون هذا الوجوب على كل رئيس دولة» ( ) وهذا مادلّ عليه الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قَـالَ: «مَـنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ، وَمَنْ تَرَكَ كَلاً فَإِلَيْنَا»( )، «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلا وَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ تَرَكَ مَالاً فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ مَنْ كَانُوا، فَإِنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَلْيَأْتِنِي فَأَنَا مَوْلاهُ»( )، ولا أشك أن ذوي الاحتياجات الخاصة يندرجون ضمن المعنى الذي وردت به السنة في هذين الحديثين بخـاصة، ومما يـؤكد ذلك ما نقله الإمام ابن حجر في فتح البارئ عن الخطابي في شرحه للفظ «ضياع» أنه جُعل اسماً لكل ما هو بصدد أن يضيع من ولد أو خدم.
وهذه النفقات واجبة الإنفاذ من المسؤولين عنها حتى بالقضاء؛ «إن الإنفاق على العاجز من بيت المال بفرض أرزاق تُجرى على العاجزين، ونفقات الأقارب ينفذهما القضاء، بحيث إذا امتنع ولي الأمر عن إعطاء العاجز حقـه، فإن له أن يلجأ إلى القضاء ليلزم ولي الأمر بالإنفاق، وكذلك الأمر بالنسبة لنفقـات الأقارب فيما بينهم، فإنّ القضاء يلزم جبراً، إن لم ينفذها طوعاً» ( ).
وتنـظيـماً لهـذا التـكافل وأداءً لفئـات العـاجزيـن، ومنهم ذوي الاحتياجات الخاصة، ينبغـي إجراء رواتب على العاجزين كالزمنى والأعمى والشيخ الهرم والأرملة والطفل ونحوهم، لا بأس بإعطاء الواحد منهم كفاية السنة، أي راتباً دورياً، أو توزيعه على أشهر السنة إن خيف من المستحق الانحراف وبعثرة المال في غير حاجة ماسة، مثلما هو الحال في عصرنا( )، ولا ينبغي أن تظل هذه الرواتب في حدود سدّ الرمق وحد الكفاف بل ينبغي أن تحقق الكفـاية المـالية أي كفـالة مستـوى للمعيشة لائقاً به، يحقق المطالب أو الحاجات المادية والنفسية، يسد حاجة العاجز بصفة دائمة. والكفاية تشمل المأكل والمشرب والملبس والمسكن وغـيرها مـن كل مـا لابدّ منه، على ما يليق بحاله، من غير إسـراف ولا تقتير، لنفس الشخص ولمن يعوله. وقد ذكر الفقهاء أن من تمام كفاية المرء، كتب العلم إن كان من أهله، وأثاث البيت المناسب، والفرس الذي يركبه، وحتى الزواج( ).
وهـذا الـذي ذهب إليه الفقهاء المسـلمون منسجم مع مذهب عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، في قوله عن توزيع الزكاة على مستحقيها: «إذا أعطيتم فأغنوا»، كما يُستخلص منه أيضاً كيف راعى الحاجات الأساس لذوي الاحتياجات الخاصة (المأكل، المشرب، الملبس، المسكن، العلاج، الذي يعوله)؛ والكماليات (كتب العلم، المركب المناسب لحاله، الزواج، وغيرها)، وراعى التكفل بنفقة من يقوم على خدمة ذوي الاحتياجات الخاصـة، كما يمكن للدارس المحايد أن يلاحظ السبق التشريعي الإسـلامي لأرقى النظـم في ديمقراطيتها الاجتماعية خاصة في هذا المضمار.
ومن الآراء الفقهية المميزة في هذا الصدد ما ذهب إليه بعض الفقهاء المعـاصرين من إمكان إقامة الدولة المؤسسات الاقتصادية؛ مصانع وعقارات ومؤسسات تجارية ونحوها للعاجزين؛ من أموال الزكاة، وتُملّكها لهم، كلها أو بعضها؛ لتُدرّ عليهم دخلاً يقوم بكفايتهم كاملة، ولا تجعل لهم الحق في بيعها ونقل ملكيتها، لتظل شبه موقوفة عليهم( ) وبذلك يكون النظام التشريعي الإسلامي قد بلغ غايته في الرعاية الاجتماعية لذوي الاحتياجات الخاصة.
ثانياً: التربية العلاجية وسبلها:
نشـير بين يدي هذا المطـلب إلى دراسة أُجريت بالسعودية حول الآثار النفسية للإعاقة، فقد أكدت ضـرورة اعتماد التأهيل الشامل في تحقيق الاستقرار والتوازن في شخصية ذوي الاحتيـاجات الخاصة وجسده، إذ تبين من نتائجها أن الغالبية العظـمى من أفراد العينة (130فرداً) التي تُؤهل فنياً فقـط يعانون من الاكتئاب النفسي، بلغت النسبة إلى 80.33%؛ وأن 75% تعاني من القلق النفسي، ونسبة مماثلة تعاني من الانطواء الاجتماعي والاضطراب في الشخصية، الأمر الذي دعا الدكتور الطريقي إلى الدعوة لضرورة الأخذ بالتصور الإسلامي للإنسان باعتباره جسداً وروحاً، فـإذا ما أُصيب بإعاقة جسـدية أو نفسية فهـو مدعو باسم الإسـلام للنظر إلى بقية ما فيـه من قيم ومعان وقدرات، وهذه دعوة للمسـؤولين لمسـاندة ذوي الاحتياجات الخاصة ودعمهم وحسن التعامل معهم( ).
والتربية العلاجية لذوي الاحتياجات الخاصة يتقاسمها طرفان: المعني والمجتمع، وهو ما يُستفاد من المبادئ والتوجيهات الإسلامية:
1- بالنسبة للمعني (ذوي الاحتياجات الخاصة):
نجد كثيراً من الآيات والأحاديث النبوية تعمل على تقويم المشاعر الذاتية، وتدفع بها للتسامي ككظم الغيظ، كما في قوله تعالى: ْ تُرْحَمُونَ (132) وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) (آل عمران:133-134)، وأخرج الترمذي في سننه عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنَفِّذَهُ دَعَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ فِي أَيِّ الْحُورِ شَاءَ»( ).
وما العفو عن الإساءة إلا عز في الهدي المحمدي، وما أحوج صاحب الحاجات الخاصة إلى الشعور بهذا الإحساس الذي يرتفع به عن إحباط مشاعر النقص التي تخـلفها الإعاقة، فعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلا رَفَعَهُ اللَّهُ»( )، ترفعٌ عن رد إساءة الجاهلين بالقول سلاماً وعباد الرحمان الذين يمشون على الأرض هونا (الفرقان:63).
وطاعة الله ورسـوله كما دل الحـديث المتفق عليه، فعن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسـول الله صلى الله عليه وسلم قـال: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلا تَحَسَّسُوا، وَلا تَجَسَّسُوا، وَلا تَحَاسَدُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَلا تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا»( ).
وكذلك التنـزه عن حسـد الآخـرين على ما آتاهم الله تعالى: أم يحسدون الناس على ما ءاتاهم الله من فضله (النساء:54)؛ ولما للحسد من آثار نفسية مدمرة على الكيان النفسي والجسماني للإنسان نهى المصطفى صلى الله عليه وسلم عن الحسد، وشبَّه المشاعر المشتعلة التي تعتلج في فؤاد الحاسد بالنار التي تأتي على الحسنات؛ روى أبو هريرة، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِيَّاكُمْ وَالْحَسَدَ فَإِنَّ الْحَسَدَ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ»( ).
ومن التسـامي والترفع بالمشـاعر عـدم الأسى على ما مضى وعلى ما أصاب لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم (آل عمران:153) فالمؤمن عند نزول المصيبة به من عجز مقدور -مثلاً- مطـالب شرعاً بالتسـليم بقدر الله تعالى فيه، ثـم عـدم الأسى على أنه لم يفعل كذا وكذا مما لا يرد قضـاء الله تعـالى ولا يحقق له نفعاً يُزيل عنه ما وقع به. فيكون من التربية النفسية الناجعة توجيـه مشاعره إلى عـدم الأسى وتمنـى ما فـات؛ وهـذا ما يمكن استلهامه من الحديث الذي رواه أبو هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ؛ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتـَعِنْ بِاللَّهِ وَلا تَعْجَـزْ، وَإِنْ أَصَـابَكَ شَـيْءٌ فَلا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ»( ).
كما يوجه النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن في مثل هذه الأحوال إلى النظر إلى أحوال من هم أكثر ضرراً وأفدح مصاباً، فعن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ إِلَى مَنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ وَالْخَلْقِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ» ( ).
وقد تستبد بذوي الاحتياجات الخاصة مشاعر الضيق واليأس وكراهية الحياة وتمني الموت تخلصاً مما هو فيه من عجز. فمراعاة لهذه الحال النفسية المتردية نجد في التوجيهات النبوية الحكيمة ما ينأى بالمسلم المصاب ببلاء الإعاقة عن تلك المشـاعر؛ من ذلك حديث أنس، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لا بُدَّ مُتَمَنِّيًا فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي»( )، فتربية فئات من ذوي الاحتياجات الخاصة على هذه المعاني تساعدهم كثيراً على التغلب على العقد النفسية التي قد تُصيبهم جرّاء إعاقتهم، ومتابعتهم لما يتمتع به الأسوياء غيرهم من صحة ونشاط.
ويمثل خُلقا الصبر على الابتلاء والرضى بما قسم الله تعالى وكتب( ) في هذه الأحوال أكثر المبادئ الإسلامية فعالية في العلاج النفسي الإسلامي المتميز بعدة خصائص( )، وتظهر آثاره في تحمل الشدائد والكوارث والمصائب. وهنا يظهر الفرق جلياً بين الإنسان المؤمن وما يمنحه له إيمانه من قدرة على تحمل ما يحل به من نوائب الدهر، وبين الإنسان الملحد أو قليل الإيمان، حيث يستطيع المؤمن تحمل هذه الصعاب بقلب المؤمن وإيمان العاقل الذي يؤمن بقضاء الله وقدره( ).
ولهذا حظي الصبر بنصيب وافر من الآيات والأحاديث النبوية كقوله تعالى: ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين* الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون (البقرة:155-156)، وقوله: إنما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب (الزمر:10)؛ وعن أبي يحي صهيب بن سنان، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ -وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ- إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ »( ).
ويكافأ الصابر من ذوي الاحتياجات الخاصة تحديداً بالجنة؛ فعن أنس، رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّ اللَّهَ قَالَ: إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بِحَبِيبَتَيْهِ فَصَبَرَ عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الْجَنَّةَ، يُرِيدُ عَيْنَيْهِ»( )، وجزاؤه على الصبر على الابتلاء في الجسـد الغفران؛ فعـن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبـي صلى الله عليه وسلم قال: « مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ وَلا هَمٍّ وَلا حُزْنٍ وَلا أَذًى وَلا غَـمٍّ حَتَّى الشَّـوْكَةِ يُشَـاكُهَا إِلا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ»( ).
كما يكافأ كذلك باستمرار حسبان أجره مما كان يعمله وهو سليم؛ ورد في الحديث: «إِذَا ابْتَلَى اللَّهُ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ بِبَلاءٍ فِي جَسَدِهِ قَالَ لِلْمَلَكِ: اكْتُبْ لَهُ صَالِحَ عَمَلِهِ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ، فَإِنْ شَفَاهُ غَسَلَهُ وَطَهَّرَهُ، وَإِنْ قَبَضَهُ غَفَرَ لَهُ وَرَحِمَهُ»( )، بل في ذلك دليل على رفعة المنـزلة عند الله تعالى، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو هريرة، رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ»( )، ولا يقدح في ذلك أن ذا الحاجة الخاصة والمبتلى قد يشعر بالألم ويبدو عليه ذلك الشعور والإحساس، فالإسلام دين الواقعية والفطرة.
يقول ابن القيم، رحمه الله: «وليس في استكراه النفوس لألم ما تصبر عليه، وإحساسها به، ما يقدح في محبتها وتوحيدها، فإن إحساسها بالألم، ونفرتها منه، أمر طبعي لها، كاقتضائها للغذاء من الطعام والشراب، وتألمها بفقده. فلوازم النفس لاسبيل إلى إعدامها أو تعطيلها بالكلية، وإلا لم تكن نفساً إنسانية، ولارتفعت المحنة وكانت عالماً آخر»( ).
أما الرضى بما قسم الله تعالى وكتب فمن ثمراته -في هذا السياق- حصول السعادة التي لا سبيل إليها، للذين أُبتلوا، غيره؛ يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: «إن الرضى بالمقدور من سعادة ابن آدم، وسخطه من شقاوته»( ) وهذا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في حديث سعد أبي وقاص، رضي الله عنه، قال: قال رسـول الله صلى الله عليه وسلم : « مِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ: اسْتِخَارَتُهُ اللَّهَ، وَمِنْ سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ: رِضَاهُ بِمَا قَضَاهُ اللَّهُ، وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ: تَرْكُهُ اسْتِخَارَةَ اللَّهِ، وَمِنْ شِقْوَةِ ابْنِ آدَمَ سَخَطُهُ بِمَا قَضَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ»( ).
ومن الآثار النفسية العالية المردود على الكيان النفسي للمسلم الراضي بقضاء الله تعالى عموماً والمبتلى من ذوي الاحتياجات الخاصة، خاصة إذا تلقى التربية العلاجية المناسبة «أن الرضى يثمر سرور القلب بالمقدور في جميع الأمور، وطيب النفس وسكونها في كل حال، وطمأنينة القلب عند كل مفزع مُهلع من أمور الدنيا، وبرد القناعة، واغتباط العبد بقسمة من ربه، وفرحه بقيام مولاه عليه، واستسلامه لمولاه في كل شيء، ورضاه منه بما يجريه عليه، وتسلمه له الأحكام والقضايا، واعتقاده حسن تدبيره، وكمال حكمته. ويذهب عنه شكوى ربه إلى غيره وتبرمه بأقضيته»( ). فهذا العلاج النفسي الذي يثمره حسن التخلق مع الله تعالى بهذا الخلق وغيره من أجدى الأساليب التربوية لحصول الصحة النفسية، التي هي غاية علم النفس ومدارسه المعاصرة على تنوعها واختلافها.
2- بالنسبة للمجتمع:
ونظراً للدور الإيجـابي، أو السلبي، الذي يضطلع به المجتمع في حياة ذوي الاحتياجـات الخاصة، وجب تربيته وتوجيهه هو بدوره لأساليب تربوية سليمة في تعامله وواجبه تجاهه؛ منها: تقبل ذوي الاحتياجات الخاصة (خاصة الطفل من أهـله) على علاته؛ مراعاة قدراتهم وإمكاناتهم أثناء تربيتهم وتعليمهم؛ العمل على تربية ذوي الاحتياجات الخاصة على الأمل والبعد عن اليأس؛ ضرورة الاندماج والمشاركة في بيئة ذوي الاحتياجات الخاصة، فيحق لهم استخدام مؤسـسات المجتمع وإمكاناته كغيرهم، وتمكينهم من الخروج إلى المجتمع والمشاركة في مناسباته، وتكوين العلاقات الاجتماعية الشخصية( ). فضلاً عما سبق الإشارة إليه من أن الأسوياء والأصحاء في المجتمع هم الذين في حاجة حقيقية لذوي الاحتياجات الخاصة المبتلـين والمعاقين، خاصة في أصعـب الظروف التي يحتـاجون فيها إلى المنعة والعزة والنصر.
ثالثاً: سبل الوقاية:
«الوقاية خير من العلاج»، في ضوء هذه القاعدة الصحية الثمينة نستخـلص من المبادئ الإسـلامية قـواعد الوقـاية من الإعاقة على النحو الآتي:
1- توقي الأسباب الوراثية، ونعني بذلك دعوة الإسلام إلى التّخيّر للنطف، والابتعاد عن الزواج بين الأقارب، وهذا المبدأ منسجم مع نتائج الدراسات العلمية الحديثة؛ فقد بيّنت دراسة استغرقت 4سنوات وأُجريت على 100 حالة إعاقة ذهنية، من محافظات مصر، أن 76% منها ترجع إلى زواج الأقارب، الذي يُعد السبب الرئيس في ظهور الإعاقة الذهنية والتخلف العقلي في مصر( ). وقد ورد في السنة الشريفة ما يستأنس بمعناه في هذا الصدد كحديث «الناس معادن»، و«العرق دساس»، و«أدب السوء كعرق السوء» ( ).
2- تحريم الموبقات والآفات، كالزنا واللواط، وهي من كبائر المعاصي في الإسلام؛ وقد ثبت أنها «تؤدي إلى فساد الروح والطبع من جهة، وإلى انتشار الأمراض الجنسية المميتة... والحقد على المجتمع، وعدم القدرة على التركيز والاضـطراب النفسـي والروحي والتشـوهات الخـلقية من جهـة أخرى»( ). وجميعها مما يُعرض الإنسان للإعاقات، أو هي ذاتها إعاقات نفسية.
3- الأمر والإرشاد إلى الأخلاق القويمة: كالعفة والاحتشام وغض البصر، فعن جرير بن عبد الله، رضي الله عنه، قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجاءة، فأمرني أن أصرف بصري» ( ), والمحافظة على النفس باجتناب المسـكرات والمخـدرات، وعدم التعرض للآخرين بالاعتداء عليهـم في أنفسـهم وأموالـهم وأعراضـهم، قد يُفضي بعضها إلى إعاقات وعاهات، إن تكن مستحقـة شرعاً وعقلاً، فإنـها تضيف للمجتمـع أعبـاء بازدياد عـدد المعاقين فيه. وهي جملة المبادئ التي تستـغرقها مقاصد الشريعة الإسلامية سواء أكانت ضرورات أو كماليات أو تحسينيات.
ويُلحق بهذا تشجيع النبي صلى الله عليه وسلم الشباب على الزواج مما يحفظ على النفس استقامتها، ويصرف صاحبها عن الوقوع في الموبقات واستغراق فكره وأخيلته في التخيلات والتمنيات التي تؤثر في جهازه النفسي والعقلي سلباً، وتصرف طاقاته المعنوية والجسمانية إلى غير سبيل الخير والمنفعة والفعالية؛ فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ عَلْقَمَةَ وَالأَسْوَدِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَبَابًا لا نَجِدُ شَيْئًا، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ»( )، كذلك سنة الإسلام الحكيمة في تيسـير الزواج، كما في حديث زواج من لا مال له بما يحفظ من القرآن في البخاري ( ).
4- عدم التمييز بين الأبناء في المعـاملة، فعن النعمان بن بشير، رضي الله عنه، أنه قال: إن أباه أتى به رسول الله فقال: إِنِّي نَحَلْتُ (وهبت) ابْنِي هَذَا غُلامًا كَانَ لِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا؟ فَقَالَ: لا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : فَارْجِعْهُ» وفي رواية: قال: «اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلادِكُمْ»( ).
5- الرفق والرحمـة بين الأبناء في المعـاملة؛ فعن أُسامة بن زيد، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأخذه فيقعده على فخذه، ويقعد الحسن على فخذه الأخرى ثم يقول: «اللَّهُمَّ ارْحَمْهُمَا فَإِنِّي أَرْحَمُهُمَا»( ).
6- الرضاع الطبيعي: فللرضاعة «من ثدي الأم دور أساسي في صحة الطفل ونموه، فهو: يقوي المناعة المضـادة للشلل والسعال الديكي، يقلل من احتمال الإصابة بسرطان الثدي لدى الأم المرضعة وينشط أجهزتها الهضمـية والعصبيـة، ويقي الرضيـع من إمكانية حـدوث سرطان الدم أو احتمال الإصابة بالسكري، كما يعالج الإسهالات والتعقيدات الهضمية لدى الرضيع، ويوازن نسبة الصوديوم والكالسيوم في جسمه، وحليب الثدي بعد ذلك يحتوي على مادة الكازين التي تحمي ميناء الأسنان من التسوس... وقد وُجد أن الرضاعة الطبيعية تنظم عودة الرحم إلى حجمه الطبيعي بعد الولادة، وتساعد على إيقاف النـزف وعلى التقليل من مخاطر الإصابة بسرطان الثدي، وأخيراً يساعد حليب الأم على الوقاية من الإصابة من فيروس الإيدز» ( ).
كما تبين «أن أول رضعة يستقبلها الرضيع من ثدي أمه أثناء اليومين الأولين بعد ولادته تحتوي على تركيزات عالية من بروتينات خاصة مضادة لنمو الميكروبات التي تسبب الأمراض وهي ما يطلق عليها اسم الأجسام المضادة، وهذه الأجسام أو البروتينات من العوامل المهمة التي تقف بجوار الوليد وهو لا يزال في أشد حالات ضعفه... أضف إلى ذلك أنه قد وفد إلى عالم يختلف اختلافاً جذرياً عن عالمه الذي عاش فيه وهو لا يزال جنيناً في رحم أمه، وطبيعي أن خروجه إلى عالمنا الذي يزخر بميكروبات شتى قد تنال منه وتمرضه خاصة وأنه لا حـول له ولا قـوة، كما أن أجهـزته الدفاعية لم تتعامل بعد مع هذا العالم المعادي، ومن أجل ذلك جاءت الرضعات الأولى -التي تشبه لون الليمون- مكدسة بأسلحة بروتينية جهزتها كل مرضعة (الأصح جهزها الله) بحسب البيئة التي تعيش فيها وما يناسبها، ويناسب وليدها، فبيئتهما التي يعيشان فيها واحدة»( ).
لقد استلهم الفقهاء ما يوجب على الأم رضاع الابن من الكتاب الكريم، من قول الله تعالى وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (البقرة:233)، فاتفقوا على «أن الرضاع واجب على الأم ديانة، تسأل عنه أمام الله تعالى حفاظاً على حياة الولد، سواء أكانت متزوجة بأبي الرضيع، أم مطلقة منه وانتهت عدتها، واختلفوا في وجوبه عليها قضاء، أيستطيع القاضي إجبارها عليه أم لا؟»( ).
7- نهيُ الإسلام عن بعض السلوكيات، التي قد لا يقصد منها أصحابها الإضرار، كنهيه عن الإشارة بالسلاح؛ فعن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن رسـول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يُشِيرُ أَحَدُكُمْ إِلَى أَخِيهِ بِالسِّلاحِ فَإِنَّهُ لا يَدْرِي أَحَدُكُمْ لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِي يَدِهِ فَيَقَعُ فِي حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ»( )، وعن أبي موسى الأشعري، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا مَرَّ أَحَدُكُمْ فِي مَسْجِدِنَا، أَوْ فِي سُوقِنَا، وَمَعَهُ نَبْلٌ فَلْيُمْسِكْ عَلَى نِصَالِهَا بِكَفِّهِ أَنْ يُصِيبَ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا بِشَيْءٍ» أَوْ قَالَ: «لِيَقْبِضَ عَلَى نِصَالِهَا»( )؛ وكذلك النهي عن الخذف؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ، رضي الله عنه، قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخَذْفِ، وَقَالَ: «إِنَّهُ لا يَقْتُلُ الصَّيْدَ، وَلا يَنْكَأُ الْعَدُوَّ، وَإِنَّهُ يَفْقَأُ الْعَيْنَ وَيَكْسِرُ السِّنَّ»( ).
ويمكننا أن ندرج في هذا الصدد مبادئ الإسلام حول النظافة؛ ففضلاً عن أحاديث الغسل والوضوء وأحكامهما الشرعية؛ فقد خصها الترمذي بباب في سننه سماه «باب ما جاء في النظافة»، وروى فيه عن ابن المسيب قوله: «إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ، نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ، كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ، جَوَادٌ يُحِبُّ الْجُودَ، فَنَظِّفُوا -أُرَاهُ قَالَ: أَفْنِيَتَكُمْ- وَلا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ، قَالَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُهَـاجِرِ بْنِ مِسْمَـارٍ، فَقَـالَ: حَدَّثَنِيهِ عَامِرُ ابْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ إِلا أَنَّهُ قَالَ: نَظِّفُوا أَفْنِيَتَكُمْ»( )؛ كذلك أحاديث الفطرة، كالذي رواه الإمام النسائي في سننه، فعن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: الْخِتَانُ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَنَتْفُ الضَّبْعِ، وَتَقْلِيمُ الظُّفْرِ، وَتَقْصِيرُ الشَّارِبِ»( ) والمحافظة على البيئة والنهي عن وجوه الفساد في الأرض.
ولا شـك أن نظـافة البيئة من أهم ما حرص الإسلام على تجسيدها في منظومة أحكامه وقيمه الحضـارية مما حفلت به السنة الشريفة: من ذلك ما رواه أبو هريرة، رضي الله عنه، فيما أخرجه مسلم، قول الرسول صلى الله عليه وسلم : «اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ، قَالُوا: وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ»( ).
ولأهمية هـذا الأثر في مراعاة نظـافة البيئة والمحيـط ذهب الشيخ عبد الحميد بن باديس (1889-1940م) إلى تعميم الحكم ليشمل «الطرق إلى البيوت، والأسواق، والقرى، وموارد الماء، والطرقات كلها. ومثل المكان الذي اتخذه الناس للجلوس في ظله. كل مكان اتخذوه للجلوس فيه لمنفعة من منافعهم فيدخل في ذلك الأسواق والمتنـزهات وغيرها. فكل ذلك مما يحرم التخلي فيه. ويلحق بالتخلي وضع القذر والوسخ، والزبل، والشوك، وكل ما فيه مضرة، لما في الجميع من التعدي والإذاية»( ).
فوفقاً لهذا يمكن اعتبار الحديث النبوي أصلاً في مراعاة نظافة البيئة والمحيط والسلوك الحضاري الراقي، وقد نبه ابن باديس إلى هذا بقوله: «وضع الإسلام بذلك (مصلحة التنظيف) أصل هذه المصـلحة قبل أن يعرفها تمدن اليوم. فعلى المسـلم أن يلتزم ذلك كأمر ديني يُثاب عليه عند ربه، ليكون دافعـه إلى القيام به من نفسـه، ورقيبه في تنفيذه ضميره الديني وإيمانه»( ).
ومن البيّن اليـوم ما لقواعـد النظافة والصحـة العامـة والعناية بالبيئة ونظافتـها من آثار إيجـابية على الصحة العمومية، وعكس ذلك يؤدي إلى انتشـار الأمراض والأوبئة، مما يرفع من نسب الإصابات بالعاهات والإعاقات.
وفي ضوء ذلك يمكننا أن نستوعب بصورة أوضح جانباً من دلالة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي أخبر فيها عن أعظم الجزاء لمن يهتم بأمر نقاء طرق المسلمين وإزالة ما يعرض لهم من أذى بها، فعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهْرِ طَرِيقٍ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لأُنَحِّيَنَّ هَذَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ لا يُؤْذِيهِمْ فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ»( )؛ وعنه أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلاً يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ فِي شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ كَانَتْ تُؤْذِي النَّاسَ»( ).
والحق أن عناية الإسلام بالنظافة -كما تدل نصوص الكتاب والسنة- من معالـم هـذا الدين، التي لا نظير لها في موروث الحضارات والديانات على النحو الذي كانت تسود العالـم يوم ظهوره. كما يمكن عدها من السبق الإسـلامي المبكر في تاريخ البشرية، فقد وضع بها أسساً بينة للوقاية من الجراثيم والميـكروبات، التي قد يسهم بعضها في إصابة الإنسان بالأمراض والإعاقات( ) .
وتأكيداً منا واقعية مبادئ الإسلام وقابلتها للتحقق، نرى أن نقدم، جوانب من التجربة التاريخية للحضارة الإسلامية في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة. فعمر بن الخطاب، رضي الله عنه، يعتبر «أول مؤسس لأول مؤسسة لرعاية المعوقين في الإسلام، إن لم نقل في تاريخ البشرية جمعاء فهو أول من سنّ النظام الاجتماعي لحماية المستضعفين والطفولة، وذلك بإنشائه للديوان المنظم لحياة هذين الفريقين ضمن ما سنه الإسلام للإنسان من كرامة وعزة وحقوق. ويفرض هذا الديوان للمفطوم والمسن والمريض والمعاق فريضة إضافية من بيت المال، وهذا يحتم إحصاءهم، ومعرفة حاجاتهم ومناطق وجودهم، والأسباب المؤثرة في ضعفهم وقوتهم، مما يعني أن عمر بن الخطاب قد أنشأ منذ أكثر من خمسة عشر قرناً من الزمان وزارة للإعاقة والتأهيل»( ).
وقد استـمر هذا النهج بعده على أيدي كثير من الخلفاء؛ إذ أنشأ عمر بن عبد العزيز ديواناً للقضاء على التسول والمسكنة، وفرض بعده الخـليفة المهدي راتباً للمجـذومين والعـاجزين، وأنشأ الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان أول مؤسسة في التاريخ لرعاية العجزة والمصابين بالأمراض المعدية في دمشق، وتبعه في ذلك أولاده( )، فولده الوليد أنشأ البيمارستان سنة 706م- 88هـ وجعل فيها الأطباء، وأجرى لهم الأرزاق، وأمر بحبس المجذومين لئلا يخرجوا وأجرى عليهم وعلى العميان الأرزاق، وذكر الطبري في تاريخه، أنه قال لهم: لا تسألوا الناس، وأنه أعطى لكل مُقعد خادماً ولكل ضرير قائداً( ).
وقد وصف أحد رجال حملة نابليون على مصر بيمارستان القاهرة بقوله: «ومارستان القاهرة هذا لا يزال أكثر شهرة من ماريستان دمشق... صرف عليه سلاطين مصر مالاً وفيراً، لكل مرض قاعة وطبيب خاص، ويقال: إن كل مريض كانت نفقاته في كل يوم ديناراً، وكان المُؤرقون من المرضى يُعزلون في قاعة منفردة يشنفون فيها آذانهم بسماع ألحان الموسيقى الشجية أو يتسلون بسماع القصص يلقيها عليهم القُصاص، وكان المرضى تُمثل أمامهم الروايات المضحكة، وكان يعطى لكل مريض حين خروجه من الماريستان خمس قطع من الذهب حتى لا يضطر للالتجاء إلى العمل الشاق في الحال( )، وكان المؤذنون في المسجد الملاصق له يؤذنون في السحر قبل ميعاد الفجر بساعتين، وينشدون الأناشيد بأصوات ندية تخفيفاً لآلام المرضى الذين يضجرهم السهر وطول الوقت»( ).
ويذكر الدكتور السباعي، رحمه الله، وقفاً عجيباً، يقول: «سمعت في مدينة طرابلس (لبنان) عن وقف غريب مخصص ريعه لتوظيف اثنين يمران بالمستشفيـات يومياً، فيتحدثان بجانب المرضى حديثاً خافتاً ليسمعه المريض بما يوحي له بتحسن حالته واحمرار وجهه وبريق عينيه»( )، مما يؤكد إدراك المسلمين لدور البعد النفسي في الشفاء.
نخلص مما سبق إلى أن المبادئ الإسلامية في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، كما رسمتها إجمالاً وتفصيلاً السنة النبوية الشريفة، تُعد سبقاً حضارياً مميزاً غير مسبوق، وتضاهي أرقى النظم الاجتماعية المعاصرة التي ينعم الإنسان المعاصر بامتيازاتها، بل وتتفوق عليها من جهة كونها مبادئ واقعية قابلة للتجسيد والتكيف حسب مقتضيات الزمان والمكان، إلى جانب اعتبارها ذات خاصية روحية إيمانية تصل ذوي الاحتياجات الخاصة بالبعد الأخروي، وبالخالق عز وجل مما يصرف مشاعرهم إلى وجهة إيجابية، ويخفف من وطأة الإصابة عليهم.
كما يتضح لنا مما سبق أن تعامل المسلمين مع الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة ليس بالأمر الجديد، فقد كان للمبادئ دور الدافع للتفكير في ابتكار الوسائل ووضع القواعد للقيام بهذا الواجب الإنساني. وعليه فكل تشريع يصدر أو ممارسة تحدث في بلاد الإسلام ينبغي أن تَعتبر بهذا الماضي التاريخي المتميز، وتهتدي بهديه، وتعُد ما تقوم به استئنافاً لدور حضاري في هذا المجال الاجتماعي الكبير.كما يمكن تأكيد أن المبادئ الإسلامية في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة تمثل قاعدة وإضافة في استشراف البحث العلمي في مجال الإعاقة والتأهيل، على المستويات المذكورة، فتقدم باسم الإسلام، عقيدة وشريعة، طريقة مثلى في العناية بهذه الفئة، وتؤكد الرحمة المهداة من الله تعالى للبشرية من خلال الهدي النبوي في العناية بذوي الاحتياجات الخاصة.
|
أطبع
المقال |
أرسل المقال لصديق
|
|
|