|
110524934 زائر
من 1 محرم 1425
هـ
|
|
|
>>
<< |
الكـذب |
الكاتب : دكتور إيهـــاب الببـــــلاوى |
القراء :
3414 |
الكـذب دكتور إيهـــاب الببـــــلاوى في كثير من الأحيان يشكو الآباء والمعلمين من لجوء بعض الأطفال إلى الكذب وذلك باختلاقهم للأعذار أو سرد قصص غير حقيقية أو ذكر حقائق مخالفة للواقع أو التزييف المتعمد بقصد الغش والخداع.. وغيرها. ولكن قد يكون الآباء أو المعلمون من القسوة بأن يوصموا الطفل بهذا السلوك السيئ وخاصة في السنوات الأولى من حياة الطفل إذ أنه خلال هذه الفترة تخلو حياة الطفل من الكذب وإن كانت لا تخلو من الأقوال المحرفة أو غير الصادقة ظاهريا والتي تبدو للكبار على أنها كذب، وذلك لأن الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة الابتدائية يصعب عليه التفرقة بين عالم الواقع المحيط به وبين عالم الخيال الذي ينسجه لنفسه لذلك يصعب أن نصف الطفل في هذه المرحلة بأنه كاذب. ولكن مع بداية سن المدرسة يبدأ الأطفال في اختلاق الأكاذيب لتجنب العقاب أو لكي يجذبوا نظر الآخرين إليهم، أو للانتقام من غريم لهم أو للتفاخر والتباهي بين الآخرين.. أو لغير ذلك من الأسباب التي تدفعهم إلى اللجوء إلى الكذب. ولكن الخطر في الكذب فيما يرتبط به من مشكلات اجتماعية عديدة، منها الخيانة وعدم احترام صفة الصدق. فالكاذب يتعمد اللجوء للكذب أيضا ليغطي الأخطاء والجرائم التي ارتكبها مثل السرقة والغش والهروب من المنزل أو المدرسة. أشكال الكذب : 1 - كذب التفاخر والمبالغة: يقوم فيه الطالب بنسج القصص الكاذبة للحصول على إعجاب وزهو الآخرين به ويلجأ إليه الطفل حينما يجد نفسه وسط مجموعة يحصلون على تقدير الآخرين، فيحاول اختلاق الأكاذيب لأشياء يستحق عليها الذكر والتنويه . 2 - الكذب الخيالي : يعد محاولة من الطفل للهروب من عالم الواقع الذي لا يشبع فيه حاجاته إلى العالم الخيالي الذي يستطيع أن يحقق فيه هذا الإشباع . 3 - كذب الالتباس: أحيانا نجد الطفل تلتبس عليه الحقائق وتعجز ذاكرته على تذكر تفاصيل موقف أو موضوع أو حادثة معينة بكل تفاصيلها فيذكر جزء من الحقيقة ويضيف الباقي من عنده ولا يعتبر هذا النوع كذبا مقصودا إذ أنه مع نمو القدرات العقلية للطفل يستطيع تذكر التفاصيل الدقيقة . 4 - الكذب الدفاعي : هو ذلك النوع من الكذب الذي يلجأ إليه الطفل لحماية نفسه من عقاب الوالدين أو المعلم وذلك باختلاق الأعذار للمعلم لعدم أداء الواجب المنزلي .. وغير ذلك من المواقف الأخرى . 5 - الكذب لجذب الانتباه : يلجأ إليه الطفل للحصول على اهتمام ورعاية الآخرين، فقد يدعي الطفل المرض أو تعرضه لحادثة معينة حتى يجذب انتباه والديه نحوه . 6 - كذب المحاكاة : حيث يقلد الطفل الكبار المحيطين به، فعندما يجد الطفل والده أو أمه أو أحد من أخوته يكذب يسهل عليه بعد ذلك محاكاة ذلك السلوك. 7 - كذب الكراهية والانتقام : يقصد الطفل من وراء الكذب الكيدي أو كذب الانتقام بإلصاق التهمة أو الصفة المشينة بالشخص المكروه والذي قد يكون الأخ أو الزميل وذلك بتدبير المؤامرات وتلفيق الأكاذيب . 8 - الكذب الاجتماعي : يلجأ إليه الطفل لحماية أخيه أو زميله في المدرسة أو لكتمان سر ائتمنه عليه أحد والديه . 9 - الكذب المرضي (الباثولوجي) : وهو كذب متعمد ويرتبط عادة باضطراب سلوك الطفل المتضمن لسمات أخرى مضطربة مثل الهروب من المدرسة أو السرقة، وغيرها من السلوكيات اللاسوية . أسباب الكذب : 1 - تقليد الكبار : غالبا ما يكون كذب الأطفال انعكاسا لكذب الكبار من حوله سواء أكان ذلك في المنزل أو المدرسة فهو تقليد لهم، فالطفل عندما يرد على التليفون ويطلب منه والده أو أخوه أن يقول لمن يتصل بأنه غير موجود، والأم التي تعد طفلتها بالخروج في نزهة ثم لا تفي بوعدها، والمعلم الذي يطلب منه زميله قلما وينكر وجوده أمام الطفل بالرغم من رؤيته للقلم معه، وغيرها من النماذج الأخرى تعطي للطفل القدوة للكذب . 2 - الخوف من العقاب : كثيرا ما يلجأ الأطفال إلى الكذب للهرب من التعرض للعقاب وخاصة في الأسر التي يسود فيها النظام الصارم والقسوة الشديدة، فالطفل الذي يحطم شيئا ما وهو يعرف أنه ستعرض للعقاب لا محالة يتخذ من الكذب ملجأ لحماية نفسه، وخاصة عندما يتحقق من أن الأمانة لن تجدي في تخفيف العقاب عنه. 3 - تمييز الآخرين : يلجأ الطفل أحيانا للكذب نتيجة لأسلوب التفرقة الذي يتعامل به أحد الوالدين أو كلاهما معه وذلك من خلال تمييز أخوته عنه، فيحاول الانتقام من ذلك الأخ باختلاق الأكاذيب عنه والوشاية للوالدين بالكذب عما فعله ليعاقباه . كذلك الحال بالنسبة للمعلم الذي يحابي دائما لأحد التلاميذ لهوى في نفسه على حساب التلاميذ الآخرين، فنجد منهم من يدفعه الحقد على هذا التلميذ إلى تلفيق الأكاذيب التي تجعله عرضة لعقاب المعلم . 4 - الشعور بالنقص والدونية : أحيانا يلجأ الطفل للكذب عندما يشعر أنه أقل ممن حوله سواء من أخوته أو زملائه حيث يجدهم متفوقين ومحل إعجاب الآخرين فيدفعه الإحباط إلى اختلاق نجاحات قام بها في المدرسة حتى يحصل على ثناء وسرور والديه . 5 - تدعيم الكذب : قد نجد تأييدا من الوالدين لكذب طفلهما، فالطفل الذي يختلق الأعذار لمعلميه عن عدم ذهابه إلى المدرسة بأنه كان مريضا ويجد استحسانا من أحد والديه على هذا السلوك، نجد أن الطفل يميل إلى تكرار الكذب في مناسبات أخرى . دور الإخصائي النفسي في مواجهة كذب الأطفال : يجب على الإخصائي النفسي المدرسي بداية تحديد نوع الكذب الذي يقوم به الطفل، فليس كل الأنواع تحتاج إلى إرشاد وعلاج، إذ أن البعض منها يرتبط بمرحلة نمائية عندما يبلغها الطفل يتخلص من تلقاء نفسه من هذا النوع من الكذب كالكذب الخيالي وكذب الالتباس. ثم تأتي المرحلة الثانية وهي تتعلق بتحديد الأسباب الرئيسية لكذب الأطفال، إذ أن كل سبب من الأسباب السابقة يحتاج إلى طريقة معينة لمواجهته وعادة يلجأ الإخصائي النفسي لمشاركة الوالدين في تحديد الأسباب وكذلك في عملية الإرشاد كذلك يمكنه إشراك المعلمين في هذه الأدوار. أما المرحلة الثالثة فتأتي بعد تحديد السبب أو الأسباب التي تؤدي بالطفل إلى اللجوء إلى الكذب، وهنا يتم استخدام الأساليب أو الفنيات التالية لمساعدة الطفل على التخلص من هذه العادة السيئة، وذلك على النحو التالي: 1 - التدعيم : يث يستخدم الإخصائي النفسي كل من التدعيم الإيجابي والسلبي ويطلب من الوالدين استخدامها في المواقف التي يتأكدان من خلالها أن الطفل يقول الحقيقة . ومن أشكال التدعيم الإيجابي : --استخدام المعززات الغذائية : وتستخدم في ذلك الحلوى والشيكولاته والأيس كريم والعصائر، وغيرها . --المعززات الاجتماعية : مثل استخدام كلمات المدح والثناء والتقدير على ذكر الحقيقة وكذلك اللمسات الدالة على الرضا مثل التربيت على الكتف وتعبيرات الوجه مثل الابتسامة والتعبير عن السرور . --المعززات المادية : والتي يمكن استخدامها في المدرسة من المعلم وذلك بإعطاء الطفل بطاقات أو قطع معدنية أو بلاستيكية يمكنه من خلالها استبدالها من مقصف المدرسة بمعززات أخرى كطعام والهدايا .. أو غيرها. أما التدعيم السلبي : فهو يعني حذف شيء غير مرغوب عن الطفل مثل (العقاب أو تخفيف الألم، أو الخوف أو غيرها من الأمور التي يحبها الطفل، فالطفل عندما يقول الحقيقة قد نرفع عنه عقابا كان قد وقع عليه. 2 - إعادة التغذية الحقيقية أو الواقعية : عندما يقوم الطفل بسرد قصة طويلة يدعه الأب أو الأم أو المعلم يشعر بأنه مهتم وأنها قصة جميلة وشيقة . ثم يمكن مساعدة الطفل على التمييز بين الحقيقة والخيال من خلال الاستفسار هل هي حقيقة أم تشبه الحقيقة ؟ وعندما يخبرنا الطفل بأنها غير حقيقية مثلا نتركه يذكر لنا قصة أخرى حقيقية حتى يتعلم أن يفرق بين الخيال والحقيقة . 3 - العقاب : وعادة لا يلجأ إليه إلا في حالات نادرة وذلك لأنه في بعض الأحيان قد يكون سبب كذب الطفل، ولكن يمكن استخدام بعض الفنيات التالية : -- الحرمان أو الاستبعاد لبعض الوقت : حيث يحرم الطفل الكاذب لبعض الوقت من المعززات ومن الأشياء المرغوبة مثل الانضمام لجماعات النشاط أو الاشتراك في الترتيب لحفلة أو الخروج في رحلة. -- ثمن الخطأ : حيث يغرم الطفل من مصروفه بأن يدفع ثمن كذبه، ومثال ذلك ما يتبع في أسلوب الغرامات وإلى جانب الأساليب والفنيات السابقة ينبغي على الإخصائي النفسي توعية الوالدين إلى بعض الأمور التالية التي ينبغي الانتباه لها عند تنشئة أبنائهم، ومنها : البعد عن القسوة عند ارتكاب الطفل لخطأ ما . الوفاء بأي وعد يقطعونه على أنفسهم للطفل أو تبرير عدم الوفاء به . عدم التفرقة بين الأخوة أو إهانة وتحقير الطفل _ الكاذب _ أمام أخوته . أن يكونوا قدوة حسنة لأبنائهم بابتعادهم عن الزج بالطفل في قول ما يخالف الحقيقة . تقديم قصص تدعم قيمة الصدق . عدم السخرية من الطفل أو الاستهزاء به . ومن التوجيهات التي يقدمها الإخصائي النفسي للمعلمين بشأن كذب التلاميذ ما يلي : 1- يجب على المعلمين أن يتجنبوا المواقف التي تعطي الفرصة للكذب كالقسوة والتشدد في طلب الواجبات المدرسية، فإن هذا يضطر التلميذ إلى الكذب تفاديا للعقاب . 2- يجب أن ينمي المعلمين في تلاميذهم الصفات التي تحث على الصدق بأنواعه : فلا كذب ولا غش ولا تجسس، ولا نفاق ولا اختلاق للأعذار . إلى غير ذلك من الصفات . 3- ينبغي على المعلمين تقبل اعتراف التلميذ بخطئه واعتذاره عنه، فلا ينبغي توقيع العقوبة لأن للاعتراف قدسيته وتوقيع العقاب بعد اعترافه بالصدق هو عقاب على الصدق ذاته . 4- يجب أن يتصف الجو المدرسي بالصدق والمحبة بدلا من الشدة والعقاب حتى يشجع ذلك التلاميذ على الصدق. المصدر - التوجيه والإرشاد النفسي المدرسي دكتور إيهـــاب الببـــــلاوى دكتور أشرف محمد عبد الحميد |
أطبع
المقال |
أرسل المقال لصديق
|
|
|