|
110525127 زائر
من 1 محرم 1425
هـ
|
|
|
>>
<< |
زواج ذوي الاعاقات بين الواقع والطموح! |
الكاتب : مفيد سرحان وفاروق بدران |
القراء :
3890 |
زواج ذوي الاعاقات بين الواقع والطموح!
المؤلف مفيد سرحان وفاروق بدران الناشر منشورات جمعية العفاف الخيرية عرض: طارق ديلواني تمتاز المجتمعات المتقدمة بأنها قادرة على تحسّس قضاياها ومشاكلها منعاً لوقوع أزمات اجتماعية مستقبلية لا تُحمد عقباها، والمجتمعات السليمة هي تلك التي تهتم أولاً بمواطنيها من ذوي الإعاقات أو الاحتياجات الخاصة. فثمة فئة مهمشة لكنها مهمة في مجتمعاتنا العربية، وهي فئة ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يحتاجون أولاً وأخيراً أن نلبي احتياجاتهم الغريزية والطبيعية دون أن نركنهم جانباً أو نهملهم أو ننظر إليهم بكلية مطلقة على أنهم غير قادرين ومعاقين. هذا الكتاب هو نتاج ندوات ومحاضرات بُحثت في إحدى هذه الاحتياجات الملحة وهي قضية الزواج، وما نطرحه هنا ليس زواج ذوي الإعاقات بآخرين سليمين فقط، وإنما زواج ذوي الإعاقات بأقرانهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، فهل يمكن أن يُكتب لمثل هذه الزيجات النجاح بعيداً عن نظرات الشفقة والرحمة؟!
إنسانية المعاق! يؤسّس الكتاب مضمونه على أساس أن المعاق إنسان قبل كل شيء، ومن حقه على مجتمعه المعافى أن يساعده في عيش كريم عفيف وتكوين أسرة والمساهمة في الحياة الاجتماعية، ومن الملاحظ أن قوانين الأحوال المدنية في أغلب الدول العربية أعطت مواطنيها بغض النظر عن كونهم معاقين أم لا حق الزواج باستثناء اشتراط أن يكون هذا الفرد عاقلاً، وهو ما يستثني في حدود دنيا المعاقين عقلياً. وعلى هذا الأساس شرعت الكثير من الدول العربية في سن قوانين الفحص الطبي قبل الزواج للتخفيف ما أمكن مما ينتج عن زواج الأقارب من إعاقات. وللأسف تنظر كثير من المجتمعات إلى المعاقين نظرة دونية سلبية أدت إلى حرمان كثير منهم حق الزواج، فحتى وقت قريب كانت كثير من مؤسسات رعاية المعاقين الاجتماعية تقوم بتعقيم الذكور والإناث من المعاقين.
زواج بضوابط! يقول أهل الاختصاص إن زواج المعاق ممكن ولكن بشروط وضوابط، ومن هنا فإنه من الضروري أن يكون أحد الشريكين سليماً وأن تتفاوت درجات الإعاقة بين الطرفين إذا كان كل منهما معاقاً، خاصة إذا كانت الإعاقة ناتجة عن عوامل وراثية وليست مكتسبة. اما المعاق عقلياً من الدرجة المتوسطة والشديدة فإنه غير ممكن؛ لأن صاحبه لا يمكن أن يقوم بمسؤوليات الزواج الاجتماعية والاقتصادية والأسرية. بينما تزداد فرص الزواج لدى أصحاب الإعاقات الحركية غير الوراثية وبطيئي التعلم وغيرهم. وبشكل عام لا ينصح الأطباء بزواج أصحاب الإعاقات التالية: التخلف العقلي، والشلل النصفي مع إصابة المنطقة التناسلية والتشوهات الخلقية كالمنغولي. وعموماً تُصنّف الإعاقات بمجملها على أنها إعاقات عقلية ونفسية وحسية وحركية، ويمكن تلخيص أسباب الإعاقات عموماً بعدة أسباب، من بينها زواج الأقارب والعوامل الوراثية والخلقية وإصابة الأم بأمراض معدية أثناء الحمل، وإدمان الكحول والتدخين والمخدرات، والإصابة بمرض السكري والولادات المبكرة، فضلاً عن الحوادث الطبيعة التي تصيب الإنسان خلال حياته.
حق كفله الدين والشرائع! الإعاقة بمفهومها اللغوي تنطوي على صعوبات في التكيف مع الحياة، فهل يُسمح لذوي الإعاقات بالزواج ومن ثم تكوين أسرة غير متماسكة تماماً؟ والإجابة تكمن أن لكل حالة وضعها، ويجب دراستها على حدة لتقييم مدى القصور الذهني أو العقلي لدى كل شخص، والحقيقة أن هذه القضية-وأقصد زواج ذوي الإعاقات- قضية حديثة نسبياً، ولا تزال مدار بحث حتى في الدول الغربية المتقدمة. إلاّ أننا نعود لنؤكد على حق المعاقين ومكانتهم ودورهم كجزء من المجتمع مصداقاً لقوله تعالى: (عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى) وقول الرسول عليه الصلاة والسلام: "يسلم الكبير على الصغير، والسليم على السقيم، والغني على الفقير" إلى غير ذلك من النصوص الشرعية التي تؤكد على حق المعاقين في ممارسة جوانب حياتهم الطبيعية. غير أن الاهتمام العربي بفئة المعاقين جاء متأخراً عن الاهتمام العالمي، فبينما اهتم العالم بهم عام 1975 تأخر العرب كعادتهم بعد ذلك بسنوات، وتحديداً في 1981. معوّقات! لكن كثيراً من المعوّقات غير الإعاقة تقف في طريق هذه الفئة أمام أحلامها بالزواج وتكوين الأسر، ومن هذه المعوقات البطالة التي يعاني منها أغلب المعوّقين، إضافة إلى عدم اندماج الكثيرين منهم في مجتمعاتهم، فالمطلوب إذاً تخصيص مهن معينة ومناسبة لهذه الفئة، استكمالاً لدمجهم في مجتمعاتهم ولتمكينهم من تحقيق العيش الكريم وبالتالي تكوين الأسر.
ويستحضر الكتاب ما تقوم به بعض الدول العربية، ومن بينها الأردن من تخصيص (كوتا) في الوظائف الحكومية لذوي الإعاقات، وليس فقط تخصيص ممرات وشوارع ومباني ومرافق. وفي المسألة الأخرى ونقصد اندماجهم في المجتمعات فالمسألة تحتاج أولاً إلى جهد من قبل الأسرة نفسها؛ لأن كثيراً منها يفسد حياة المعاق بسبب عقدة التشاؤم أو التدليل الزائد. أما المجتمع بمؤسساته ومرافقه وقوانينه وأنظمته فإنه يحتاج إلى مزيد من الانفتاح في النظام التعليمي، والأنشطة الرياضية، وبرامح التأهيل والتدريب، وتطويع وسائل التكنولوجيا الحديثة. وعوداً على بدء يؤكد الكتاب أن القوانين والتشريعات العالمية حفظت للمعاقين حق الزواج وتكوين الأسرة، لكن بعض الأصوات هنا وهناك بدأت تضيّق الخناق على أصحاب هذا الحق، فنادت بضرورة تزويج المعاقين من بعضهم فقط، وفي هذا عزل آخر لهذه الفئة عن مجتمعاتها ومحاولة لتكوين مجتمع جديد موازٍ للمجتمع الجديد، لكن أبرز ما يميز هذا المجتمع الموازي أنه مجتمع ذوي احيتاجات خالص. |
أطبع
المقال |
أرسل المقال لصديق
|
|
|