|
110540411 زائر
من 1 محرم 1425
هـ
|
|
|
>>
<< |
تواصل الأطباء مع أقارب المرضى |
الكاتب : . |
القراء :
4253 |
تواصل الأطباء مع أقارب المرضى - هل يصنع الفرق؟ لو أمضى الطبيب عشرة دقائق أكثر في إنصاته وحديثه مع أقارب مرضى العناية المركزة الذين يواجهون لحظات حرجة بين الحياة والموت، لخفف ذلك بدرجة مهمة في مقدار معاناتهم وحزنهم وإحباطهم النفسي إزاء احتمال فقد ذلك المريض العزيز عليهم. هذا ما توصلت إليه نتائج دراسة فرنسية أميركية تم نشرها في عدد الأول من فبراير الحالي لمجلة نيو أنغلند الطبية. وقال الباحثون الفرنسيون إن الطبيب حينما يقضي وقتاً أطول، لا تتجاوز مدته أكثر من عشر دقائق، عن الوقت المعتاد له في حديثه مع هؤلاء الأقارب لمرضاه، للاستماع إليهم وتزويدهم آنذاك بالمعلومات الواقعية التي تُفيدهم في التعامل النفسي مع اللحظات العصيبة التي يمرون بها أو قد يمرون بها لاحقاً، فإن ذلك الجهد من الطبيب سيكون له مردود إيجابي مضمون في تخفيف معاناة الأقارب من الضغط والتوتر النفسي والقلق والاكتئاب حين حصول الوفاة لذلك القريب المريض. هذا بالإضافة الى تحقيق الطبيب لتعاون أفضل من أولئك الأقارب مع جهود الطبيب في معالجة مريضهم.
تواصل الأطباء مع أقارب مرضى العناية المركزة يُخفف من معاناتهم ( الأبحاث مازالت في بدايتها حول الحالات الحرجة المشرفة على الوفاة) . وتحديداً قال الباحثون إن طريقة تواصل الطبيب مع أقارب المرضى المشرفين على الوفاة تُخفف من أعراض التوتر لديهم بمقدار 24%، والقلق بمقدار 22% والاكتئاب بمقدار 24%. وقال الدكتور إيلي أزولي، المدير المساعد لوحدة العناية الطبية المركزة في مستشفى سانت لويس في باريس والباحث الرئيس في الدراسة، إن الدراسة العشوائية المنضبطة الجديدة بينت أن التعاون الإيجابي وتبني استراتيجية التواصل مع أقارب المرضى فاعلة في تخفيف أعراض المعاناة من القلق والتوتر والاكتئاب التي قد تعتري الأقارب حينما يواجه مريضهم حالات حرجة، يكون فيها عُرضة للوفاة. ويُواجه أقارب المرضى المنومين في أقسام العناية المركزة، الذين قد يكونون في حالات حرجة وخطرة ربما قد تُؤدي الى وفاتهم، أوقاتا عصيبة بين حزنهم وإحباطهم خوفاً من فقد المريض العزيز عليهم، وبين قلقهم من مدى توفير وتقديم الأطباء والطاقم الطبي لأفضل خدماتهم العلاجية للمريض العزيز عليهم. وهذا ما يتطلب بداهة من الأطباء أداء جزء من الواجب الإنساني والمهني نحو المرضى وأقاربهم عبر قضاء وقت في محادثة الأقارب هؤلاء من جوانب مهمة عدة، والإنصات اليهم. وليس مجرد تقديم الإجابات المقتضبة على استفساراتهم أو إبلاغهم بلغة جافة عن ما يُعاني منه مريضهم. وأفراد عائلة المريض المشرف على الوفاة يعيشون تحت ضغوطات كبيرة وتوتر نفسي بالغ، ويعتمدون بشكل مباشر على الطبيب في الحصول على كل المعلومات حول مريضهم العزيز عليهم، وأيضاً يعتمدون على الطبيب في الحصول على الدعم النفسي والمعنوي في مواجهة الظروف تلك. وعقد لقاء بين الأقارب وبين الطبيب في أجواء وظروف هادئة لمناقشة حالة المريض وسبل العناية به يُمكنه أن يُشكل أقوى عناصر التواصل آنذاك. ويُعتبر اليوم لقاء المناقشة بين الطبيب وأقارب المرضى المُشرفين على الوفاة إحدى الممارسات الطبية في العديد من المستشفيات. والذي يشمل عادة الحديث مع اثنين من الأقارب لمدة حوالي 20 دقيقة. يتحدث هؤلاء الأقارب فيها لمدة تقارب 5 دقائق فقط مع الطبيب. لكن تقويم هذا الأمر لم يتم بشكل علمي لمعرفة فائدته على حد قول الباحثين في الدراسة. وقام الباحثون الفرنسيون بمتابعة حالة أفراد أسر أقارب 126 مريضاً مُشرفاً على الوفاة في 22 قسما للعناية المركزة في المستشفيات الفرنسية. وتراوحت أعمار المرضى بين 56 و80 سنة. ممن تتم معالجتهم في أقسام العناية المركزة نتيجة فشل التنفس أو القلب أو الكلى أو الغيبوبة أو حالات الصدمة. وكان معدل متوسط عمر القريب هو 56 سنة، غالبيتهم من الإناث، و80% منهم إما شريك الحياة أو أحد الأبناء.
تخفيف المعاناة وشارك نصف الأقارب في لقاء المناقشة بين الطبيب والأقارب بالطريقة المعتاد ممارستها، والتي لا يتجاوز وقته عادة 20 دقيقة. في حين شارك نصفهم الآخر، دون علم منهم، في لقاء مناقشة استغرق وقتاً أطول، وصل الى أكثر من 30 دقيقة، وضم ثلاثة أفراد من أقارب المريض. وتم حث الأقارب في النوع الأطول من لقاء الأطباء على طرح تساؤلاتهم وما يُثير اهتمامهم من أمور يودون عرضها أو مناقشتها أو الشكوى منها، ما أدى الى إعطائهم فرصة للحديث بمقدار يزيد عن تسع دقائق أكثر من حديثهم في اللقاء المعتاد إجراؤه. وتم بعد تسعين يوماً من وفاة المريض محادثة أقاربه هؤلاء عبر الهاتف، وسؤالهم عن جوانب نفسية عدة قد يُعانون منها جراء وفاة ذلك المريض القريب. واشارت النتائج الى أن المشاركين في النوع الطويل من لقاء المناقشة مع الأطباء كانت لديهم أعراض اضطرابات ما بعد الصدمة بنسبة 45%، وهي نسبة أقل مقارنة مع منْ شاركوا في اللقاء المعتاد القصير الوقت الذين عانوا من تلك الأعراض بنسبة 70%. وعلق البروفيسور كيرغ ليلي، طبيب الباطنية والعناية المركزة في المركز الطبي بجامعة مساتشوسس في وركيستر بالولايات المتحدة والمشارك التحريري في المجلة العلمية التي نشرت الدراسة الفرنسية، إن الأمر ينطبق على مجتمعات أخرى غير فرنسا. والرسالة واضحة من البحث العلمي، وهي أن قضاء عشر دقائق إضافية للاستماع الى أفراد عائلة المريض، وليس فقط الحديث إليهم مدة أطول، يُمكنه أن يُخفف من معاناتهم وقلقهم وتوترهم بشكل واضح. وأضاف، حينما يُعاني أحد أقارب الإنسان من حالة مرضية عصيبة، فإنه من الضروري التواصل مع الطبيب وقضاء الوقت في محادثته حول جوانب إنسانية تتعلق بقيمة ما يعنيه ذلك الشخص له. وهذا الوقت يُحقق العديد من الأهداف، لأن التواصل مع الأطباء يجعل من السهل فهم حدود الإمكانات العلاجية الطبية والخيارات المُتاحة آنذاك وما هي التوقعات المستقبلية. وقالت الدكتورة باتريشا غاردي، مديرة المركز القومي لأبحاث التمريض في الولايات المتحدة، إن التواصل في هذه الأوقات العصيبة ضروري وحيوي لكل من يمسهم الأمر، ويشمل المرضى وأفراد عائلاتهم وأطباء العناية المركزة والطاقم التمريضي فيها. وهذا البحث يزيد من معرفتنا الطبية للدور الذي يُمكن للطبيب فعله مع بقية أفراد العائلة في اتخاذ القرارات الطبية العلاجية وأيضاً في تسهيل تقبل احتمالات فقد المرضى الذين يمرون بحالات طبية حرجة. وتأتي الدراسة هذه ضمن تطورات البحث في جوانب تتعلق بالحالات الحرجة المشرفة على الوفاة. وهو جانب طبي لم يأخذ اهتماماً معتبراً إلا منذ عام 1997، حينما تبنت المؤسسة القومية للصحة في الولايات المتحدة تكليف المركز القومي لأبحاث التمريض التابع لها إجراء الأبحاث والدراسات في هذا المضمار بغية معرفة ما يُفيد الأطباء وأقارب المرضى عن أفضل ما يُمكنه أن يُساهم في تخفيف معاناة المرضى وذويهم والطاقم الطبي من تداعيات الحالات الطبية الحرجة هذه. |
أطبع
المقال |
أرسل المقال لصديق
|
|
|